المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لا تتبع النظرة النظرة



أحمد أبو زنط
03-17-2009, 09:39 AM
كتابة: إكرام عربيات
المصدر: المركز الثقافي الاسلامي/ الجامعة الاردنية
http://www.ju.edu.jo/Centers/ICC/Pages/Home.aspx


قال تعالى : ( قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم أن الله خبير بما يصنعون) . وقال تعالى )وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ) .

إن الشهوات استعرت , والعورات انكشفت وتجارة الجسد راجت , والحرام أطل برأسه , والحياء صار سلعة نادرة وطرق الحرام بات ممهداً , ووضعت العراقيل في طريق الحلال , وارتدى المنكر ثياب المعروف , وأطفئت النار بمزيد الحطب واختلط الحابل بالنابل , وصارت ظلمات بعضها فوق بعض .لان هيبة الله في القلوب قلت , والجرأة على محارمه زادت , وتكرار النظر إلى الفواحش أورث القلب بلاده في الإحساس واستئناساً بالذنب , وإدماناً له فرحاً عند الظفر به .

لكن ما هو الحل ؟ حتى تستطيع الفتاة أن تكف بصرها والشاب أن يجد شئ أجمل من النظرة ؟ لابد من تدريب النفس على كف الشهوات والهوى وذلك بالخطوات التالية :

استشعار حلاوة الإيمان ولذة المجاهدة وعاقبة الصبر وهذا يحتاج إلى قوة قال عليه الصلاة والسلام " المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف " رواه مسلم واحمد .
نل المؤمن بإمساك نور بصره عن المحرمات أن يطلق الله نور بصيرته وقلبه فيرى ما لم يرى بصره . فمثلاً عثمان بن عفان كان علماً من أعلام الفراسة وكان أشد الناس حياءاً حتى انه سمي حيي الملائكة . دخل عليه رجل فقال له عثمان يدخل على أحدكم والزنا في عينيه فقال أوحي بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال لا ولكن فراسة صادقة .
وقال شاه بن شجاع الكرماني احد الحكماء " من عمر ظاهره بتباع السنة , وباطنه بدوام المراقبة و غض بصره عن المحارم , وكف نفسه عن الشهوات , واعتاد أكل الحلال لم تخطئ له فراسة " ابن القيم وكتابه إغاثة اللهفات من مكائد الشيطان ص59 .

الحذر من نظرة الفجأة وإذا وقع البصر على شئ لا بد من أن يصرف المسلم بصره . سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن نظر الفجأه قال " اصرف بصرك " رواه مسلم .
التأمل والتفكر في قوله تعالى : (قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك ازكي لهم إن الله خبير بما يصنعون " النور (30) . يقول الإمام الغزالي أن في هذه الآية ثلاث معان عزيزة تأديب وتنبيه وتهديد :
أ‌- فأما التأديب " لابد للعبد من امتثال أمر السيد والتأدب بأدبه وإلا كان سئ الأدب فيحجب فلا يؤذن له في حضور المجلس والمثول بالحضرة فافهم هذه النكتة وتأمل ما تحتها فان فيها ما فيها . فنجد الذي يطلق نظره في المحرمات يخشى عليه أن يحرم متعة اسعد السعادات وهي النظر إلى وجه الله تعالى .

ب‌- التنبيه ( ذلك أزكى لهم ) : أزكى لهم وأطهر وذلك أغنى لخيرهم والزكاة أصلاً معناها النمو ومن غض بصره يكون سبباً لنماء عمله وبركة رزقه وسبب لسعادته في الدنيا والآخرة .

ت‌- وأما التهديد " أن الله خبير بما يصنعون " . فالله يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور وليعلم الناس أن إطلاق البصر من أوسع مداخل الشيطان فإن البصر جارحه لا تملئ بخلاف البطن متى امتلاء لم يبق له في الطعام إرادة فأما العين لو تركت لا تفتر أبداً .

معرفة أن قلب الإنسان لا يتسع لشريكين نور أو ظلمة .
معرفة أول الحريق الشر و أول العشق النظر . يقول ابن القيم " من أراد من العمال أن يعرف قدره عند السلطان , فلينظر ماذا يوليه من العمل وبأي شغل يشغله " مثلاً إن أردت أن تعرف قدرك عند الله فلينظر الإنسان عمله وكيف يقضي وقته هل يقضي وقته بما يرضي الله ؟ ثم يحكم على نفسه أين هو من الله .
النظرة ولادة سلسلة : النظرة تولد الخطرة , والخطرة تولد الفكرة , والفكرة تولد الشهوة والشهوة تولد الإرادة , والإرادة تولد العزيمة فإن قويت العزيمة وقع المحظور , وسقطت المعصية .
لابد من أن نستبدل هذه الصفة الذميمة بالذي هو خير لتفكر بملكوت السموات والأرض , الاهتمام بشؤون المسلمين . أو طاعة لله عز وجل يورث الفوز بالجنة . واستخدام هذه العين في النظر في كتاب الله والتمتع بحلاوته والتدبر بآياته ومن ثم تحويل هذه المتعة إلى متعة العمل والتلذذ بما اعد الله للمؤمنات والمؤمنين جزاءً في الجنة .
تذكر خطورة الذنوب وما تجلب لصاحبها من المصائب : قال ابن القيم الجوزي وهو يصف أثار الذنوب :" قلة التوفيق , وفساد الرأي , وخفاء الحق , وفساد القلب , وخمول الذكر , وإضاعة الوقت وسوء الخلق , والوحشة بين العبد وبين ربه , ومنع إجابة الدعاء , وقسوة القلب , ومحق البركة في الرزق والعمر وحرمان العلم , ولباس الذل , واهانة العدو , وضيق الصدر , والابتلاء بقرناء السوء الذين يفسدون القلب ويضيعون الوقت , دخول الهم والغم , وضنك المعيشة , وكسف البال تتولد من المعصية والغفلة عن ذكر الله كما يتولد الزرع عن الماء والإحراق عن النار وأضداد هذه تتولد عن الطاعة : "
الحرص دائماً على تجنب الفراغ : قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : إني لأكره أن أرى أحدكم سبهللاً ـ أي فارغاً في عمل الدنيا ولا في عمل الآخرة .
وفي الختام نسأل الله العظيم أن يمتعنا بحلاوة النظر إلى وجه الكريم آمين .