أحمد أبو زنط
08-22-2010, 09:05 PM
عرف الإنسان منذ القديم التعاقد بين غائبين , فكانت إرادة المتعاقدين تنتقل من مكان إلى آخر من خلال رسول يلعب دور المكوك بين الطرفين حتى يتم التعاقد .
كان يتم عبر شخص ثم أصبح يتم عبر الرسائل البريدية سواء كانت تنقل عبر الحمام الزاجل أو عبر وسائل البريد العادية فيتم.نقل القبول على الإيجاب المرسل مسبقاَ وعندها ينبرم العقد .
وعندما تم اختراع التلغراف (Telegraph) والتلكس (Telex) بدأ الإنسان يتخذ خطوات واسعة في التجارة عبر المخاطبة عن بعد .
وعندما اخترع الفاكس أصبح الإيجاب والقبول يتم نقله بالصيغة التي كتب بها وبخطوط أصحاب الشأن وتفاقمت الأحوال مع ظهور الحاسوب (Computer) في مجال الاتصالات ونشأة ما يسمى بعلوم الاتصال عن بعد (Telecommunications) .
ومع تزايد استخدام أجهزة الحاسوب وتعدد أشكالها وأحجامها أصبحت أداة رئيسية للمعاملات و لم يعد استخدامها محصوراً في المنشآت الكبيرة بل استعملتها المنشآت الصغيرة و المتوسطة (Small and Medium – Sized Enterprises : SMES) وعندها أصبح يطلق عليه عالم التسوق التفاعلي أو السوق الإلكتروني الجديد الذي وصل حجم التعاملات فيه خلال النصف الأول من عام 2002 إلى أكثر من (500) مليار دولار أمريكي من خلال شبكات التسوق الافتراضية (Virtual Malls) ويشهد الوقت الحالي اقتحاماً غير مسبوق للحاسوب في كل جوانب الحياة بما في ذلك الجانب القانوني منها .
وخاصة بعد أن أصبح الحصول على برامج الحاسوب لا يتم فقط عن طريق شراء نسخ مادية منه فحسب بل بات متاحاً شراء نسخ منه عبر مواقع الشبكات (الانترنيت مثلاً) إلى ذاكرة الحاسوب مباشرة , وهذه التكنولوجيا هي نفسها التي أصبح بمقتضاها يتم الشراء عن بعد للدوائر المتكاملة للحاسب باعتبارها من مكوناته المادية (Hardware) وذلك عن طريق حرق الدائرة لنفسها على نحو شبيه بوضع خاتم من الحديد المتوهج على قرص من الشمع أو طباعة ورقة من أوراق " الوشم (Tatou) على الجلد "
وقد بدأ التحول الجذري في مجال المعاملات بالتبادل الإلكتروني للبيانات (EDI : Electronic Data Intwrchange) مع بداية السبعينات واعتبرت هذه الشبكة للتبادل إذا ما كانت سالمة وآمنة تقنياً وقانونياً – موفرة للتكاليف وأسرع في تلبية حاجات التجارة والتسليم في الميعاد , وأكثر يقيناً في مجال المعاملات الجارية من خلال اتفاقات تبادل (Interchange Agreemments) وهو نظام ليس في وسعه تلبية حاجة المعاملات الإلكترونية التي تتم بين "غرباء" لا يعرف أحدهم الآخر أو لا توجد بينهم شراكه تجارية (Trading Partner Agreement TPAS) والفارق بين نظام (EDI) وغيره من صور المعاملات الإلكترونية في أن تبادل البيانات يتم على أساس قانوني متفق عليه بداية مع استخدام معايير محددة في شأن البيانات من حيث البنية والمضمون في حين أن التبادل عن طريق البريد الإلكتروني قد يكون كذلك و قد لا يكون و تطبيقاً لذلك هناك العديد من الشبكات مثل LIMNET)) و (RINET) في مجال التأمين و (ODETTE) في مجال تجارة السيارات
وSWIPNET)) في مجال شحن الحاويات و(FACNET) في مجال التوريدات الحكومية وهذه الشبكات جميعها تعمل من خلال ناد تحكمه قواعد للاشتراك فيه تلزم بإتباع مواصفات ومعايير تقنية عند نقل البيانات والرسائل في إطار عقود يوقعها الأطراف لتحديد مسؤولياتهم .
ومن الوضوح بمكان ٍأن التحول إلى النظام الإلكتروني سيوفر شفافية أكبر بكثير للعمليات التجارية وما من شك أن المعاملات الإلكترونية تلعب دوراً محورياً في التجارة الدولية .
ومع شيوع اللجوء إلى التشفير(Cryptography ) الذي يعتبر بنظر البعض الحدث التكنولوجي الأهم في القرن العشرين بعد القنبلة الذرية وتأكد للجميع حجم التحول المفروض علينا في ظل شبكة Arpanet)) التي أنشئت( في الفترة ما بين عام 1959 إلى 1969 على يد مجموعة من الخبراء الأمريكيين علماً وعملاً وهي الشبكة التي تعرف حالياً باسم (Internet) والتي كانت مخصصة من قبل وكالة المخابرات الأمريكية( CIA) وهي وكالة حكومية أنشئت عام 1947 لأغراض أمنية للمحافظة على استمرار الاتصالات عند حدوث هجوم نووي بحيث لا يؤثر ما عسى أن يدمر من بنية تقنية الاتصالات على عمل الشبكة ككل .
وقد وجدت الوكالة بديلاً أفضل فإتاحتها للجمهور والجدير ذكره أن هذه الشبكة كانت لها أربع مواقع هي :(SRI International) و(UCLA) و(Santa Barbra)(UC) وجامعة (UTAH) انطلقت منها لتحقق سرعة تبادل المعلومات وكانت تعمل باعتبارها شبكة للشبكات عن طريق استخدام تكنولوجيا خاصة هي ( ( IMPS : Interface Message nrocess وهي تكنولوجيا تسمح بالتوصيل بالشبكة عند وجود حاسب واحد موصل بها ثم بحلول عام 1970 أصبح عدد المواقع مائة بعد السماح للجامعات الأمريكية بالتوصيل بالشبكة .وفي عام 1980 وصلت بها شبكتا (Vsenet) و(Bitnet) وعندما أصبحت متاحة للجمهور تم وصل ستة ملايين حاسب تضمن (000ر50 ) خمسون ألف شبكة حول العالم . حتى وصل عدد الحاسبات المتصلة بها في بداية عام 1996 يبلغ ثلاثة عشر مليون حاسب .وعدد الحاسوبات التي توصل بها حالياَ يتجاوز المئة مليون حاسوب في العالم .
وتعتمد شبكة (Internet) حالياً على نقاط شبكية أساسية للدخول (NAPS : Network Access Points) تدار بواسطة (Sprint) و(MFS) و (Pac Bell)وغيرها وموزعة في أنحاء الولايات المتحدة الأمريكية . وتتصل بهذه النقاط شبكات وطنية أخرى وفرها بعض موردي خدمة الاتصالات الشبكية للتخلص من اختناقات الاتصال للدخول على النقاط الشبكية الأساسية .
وبذلك تكون السنة الواحدة في مجال الانترنيت تساوي سبع سنوات عادية وهي مقولة تستهدف التأكيد على أن التطور لن يعرف أي حدود نهائية .
ولم يعد اللجوء إلى الوسائل الالكترونية مقصوراً على العملاء بل دخل الوسطاء أيضاً لييسروا (لغير المتفرغين عملية التسوق وذلك بإيجاد أنسب السلع والخدمات بأفضل الأسعار وهم وسطاء يطلق عليهم (Software Agents) وليست الوساطة في هذا الشأن كغيرها من الوساطة بل هي وساطة ببرامج للحاسوب تفسر نفسها بنفسها وتتولى كل شيء عن العميل باسمه ولحسابه (Self – Learning Programs) .
وإن أي تنظيم للمعاملات الإلكترونية يتطلب ستة عناصر وهي :
1- الالتزام بقواعد التجارة الدولية حسبما أقرتها دورة أو رجواي 1986 -1994 .
2- عدم المغايرة في المعاملة بين الوطني والأجنبي .
3- الحيدة التقنية بحيث تصاغ الأحكام المنظمة للمعاملات الإلكترونية في عبارات عامة لمجاراة التطور التقني .
4- إتباع المرونة في صياغة التشريع لتسيير المعاملات الإلكترونية دون الاكتفاء باحترام ما هو قائم من مبادىء فحسب .
5- تبني أدنى قيود تجارية في التشريعات المعنية بالمعاملات الإلكترونية .
6- الشفافية فيما يصدر من قواعد تنظيمية ولوائح بحيث يتسنى للجمهور الإطلاع عليها وإبداء التعليقات المناسبة خلال مهلة معقولة قبل الإصدار .
وقد نجحت الأمم المتحدة في وضع لبنة أساسية في صرح تنظيم المعاملات الإلكترونية من خلال القانون النموذجي للجنة الأمم المتحدة للتجارة الدولية : : united Nations (UN CITRAL)
Commission on Internationcel Trade Law فأصدرت قانوناً نموذجياً في هذا الصدد وهذا القانون هو المرجع الأساسي لكل مشروع وطني في مجال المعاملات الإلكترونية .
وما يعنينا كرجال قانون في هذا المقام هو الدليل لأن الحق مجرداً من دليله يصح عند المنازعة فيه والعدم سواء .
وقد جاء القران الكريم متوجاً للدليل الكتابي على باقي الأدلة فجاء في سورة البقرة الآية 282 ما يلي (( يا أيها الذين أمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه ...))
وقد كان هذا هو الحال أيضاً لدى الرومان فكانوا يقولون بأن الأقوال تطير والكتابة تبقى .
وإن الإيمان العميق بقيمة الكتابة في الإثبات لا يجعلنا نغض الطرف عن شيوع التعاقدات بوسائل مختلفة بعد أن عرف العالم الآن ثورة صناعية ثالثة هي ثورة المعلوماتية .
وبسبب اقتران المعلوماتية بالاتصالات عن بعد أصبحت العقود المسماة وغير المسماة تبرم عن طريق أجهزة الحاسوب .
إن المشكلة الأساسية في مجال استخدام الطرق المعلوماتية بالمعنى الواسع لإنجاز المعاملات التجارية وغير التجارية الالكترونية هي مشكلة إثبات في المقام الأول .
أما ما يتعلق بتلاقي الإراديتين وتحديد لحظة إبرام العقد فهو أمر يتعلق أساساً بمشكلة قانونية معروفة وهي خاصة بتحديد مجلس العقد وهنا تجب الإحالة إلى الحلول المطروحة فيما يتعلق بالتعاقد بين غائبين ويستوي الحكم في المعاملات الالكترونية بالتعاقد عن طريق الهاتف أو التلغراف وذات الحلول يستفاد منها في تلاقي الإرادات عند إبرام المعاملات الكترونياً وهي ليست موضوع بحثنا .
ما نبحث به حالياً هو الإثبات فلا مشكلة خاصة بمكان انعقاد العقد أو القانون الواجب التطبيق فيما يتعلق بإبرام العقد أو تنفيذه أو على ما ينشأ من منازعات أو حتى أهلية المتعاقدين لأن كل هذه المشكلات مرتبطة أساساً بالتعاقد عن بعد وهي مشكلات تم حلها في القوانين المرعية .
وترتبط المعاملات الالكترونية ارتباطاً عضوياً بمفاهيم ثلاثة هي المحرر والكتابة والتوقيع .
وتعتمد على هذه المفاهيم وهي سائدة في القوانين المعمول بها في الجمهورية العربية السورية ومصر ولبنان والإمارات العربية المتحدة والمملكة الأردنية الهاشمية والكويت .
أما المحرر ( DOCUMENT ) فكل ما يتطلبه المشرع في هذا الصدد هو ثبوت نسبة المحرر إلى صاحبه .
أما مفهوم الكتابة فانه ليس في القانون أو في اللغة ما يلزم بالاعتقاد في أن الكتابة وهي رموز تعبر عن الفكر والقول لا تكون إلا فوق الورق , فمن الجائز أن تكون الكتابة على الورق أو الخشب أو الحجر أو الرمل وقد أيدت هذا الاتجاه الكثير من الاتفاقيات الدولية كاتفاقية الأمم المتحدة الموقعة في فيينا بشأن النقل الدولي للبضائع عام 1981 حيث نصت المادة13 من هذه الاتفاقية على أن ينصرف مصطلح الكتابة على المراسلات الموجهة في شكل برقية أو تلكس .
نخلص من ذلك إلىعدم وجود ارتباط بين فكرة الكتابة والورق فلا يشترط أن تكون الكتابة على ورق موقع بالمفهوم التقليدي وهو ما يفتح الباب أمام قبول كل الدعامات في مجال الإثبات أياً كانت مادة صنعها.
أما مفهوم التوقيع فهو الإمضاء اليدوي أو بالختم أو ببصمة الإصبع ,ومن هذا التوقيع يستمد المحرر سواء كان عرفياً أم رسمياً , حجيته على طرفيه .
وعى الرغم من أن التوقيع باليد هو أفضل طرق التوقيع في نظر العامة والخاصة فان هذا القول ليس صحيحاً بشكل مطلق فقد ظهرت طرق علمية حديثة تفوق التوقيع الخطي أمناً وأماناً من حيث الدلالة على الشخص نقصد بذلك الصوت أو قزحية العين ( الجزء الموجود خلف القرنية والذي يعطي للعين لونها ) .
ويبرمج الحاسوب على أساس أن لا يصدر أوامره بفتح القفل المغلق إلا بعد أن يطابق هذه البصمات المبرمجة أساساً في ذاكرته .
وليست هذه الوسائل أكثر أمناً من التوقيع الخطي لأنها تقبل العبث بها فيمكن تسجيل بصمة الصوت ويتم إعادة بثها حتى بصمة القزحية فيمكن عن طريق بعض أنواع العدسات اللاصقة يمكن صناعتها يدوياً على غرار البصمة الأصلية من حيث اللون وخريطة التكوين .على أي حال إن قابلية الطرق الحديثة للتزوير لا يجب أن تنال من مشروعية المطالبة بالتطوير لان التزوير في النهاية يكون مفضوحاً للخبير .فليس من المقبول رفض التطوير .
ولا يشترط في التوقيع إلا أن يكون دالاً دلالة قاطعة على صدوره من صاحبه . وفي هذه الحالة فقط ينتقل النص المحرر من مرحلة الإعداد إلى مرحلة الإنجاز . بعبارة أخرى إن المحرر الموقع وحده هو الذي يعد أصلاً في نظر القانون وإلا اعتبر مبدأ ثبوت بالكتابة ولا يعتبر سنداً عادياً .
كان يتم عبر شخص ثم أصبح يتم عبر الرسائل البريدية سواء كانت تنقل عبر الحمام الزاجل أو عبر وسائل البريد العادية فيتم.نقل القبول على الإيجاب المرسل مسبقاَ وعندها ينبرم العقد .
وعندما تم اختراع التلغراف (Telegraph) والتلكس (Telex) بدأ الإنسان يتخذ خطوات واسعة في التجارة عبر المخاطبة عن بعد .
وعندما اخترع الفاكس أصبح الإيجاب والقبول يتم نقله بالصيغة التي كتب بها وبخطوط أصحاب الشأن وتفاقمت الأحوال مع ظهور الحاسوب (Computer) في مجال الاتصالات ونشأة ما يسمى بعلوم الاتصال عن بعد (Telecommunications) .
ومع تزايد استخدام أجهزة الحاسوب وتعدد أشكالها وأحجامها أصبحت أداة رئيسية للمعاملات و لم يعد استخدامها محصوراً في المنشآت الكبيرة بل استعملتها المنشآت الصغيرة و المتوسطة (Small and Medium – Sized Enterprises : SMES) وعندها أصبح يطلق عليه عالم التسوق التفاعلي أو السوق الإلكتروني الجديد الذي وصل حجم التعاملات فيه خلال النصف الأول من عام 2002 إلى أكثر من (500) مليار دولار أمريكي من خلال شبكات التسوق الافتراضية (Virtual Malls) ويشهد الوقت الحالي اقتحاماً غير مسبوق للحاسوب في كل جوانب الحياة بما في ذلك الجانب القانوني منها .
وخاصة بعد أن أصبح الحصول على برامج الحاسوب لا يتم فقط عن طريق شراء نسخ مادية منه فحسب بل بات متاحاً شراء نسخ منه عبر مواقع الشبكات (الانترنيت مثلاً) إلى ذاكرة الحاسوب مباشرة , وهذه التكنولوجيا هي نفسها التي أصبح بمقتضاها يتم الشراء عن بعد للدوائر المتكاملة للحاسب باعتبارها من مكوناته المادية (Hardware) وذلك عن طريق حرق الدائرة لنفسها على نحو شبيه بوضع خاتم من الحديد المتوهج على قرص من الشمع أو طباعة ورقة من أوراق " الوشم (Tatou) على الجلد "
وقد بدأ التحول الجذري في مجال المعاملات بالتبادل الإلكتروني للبيانات (EDI : Electronic Data Intwrchange) مع بداية السبعينات واعتبرت هذه الشبكة للتبادل إذا ما كانت سالمة وآمنة تقنياً وقانونياً – موفرة للتكاليف وأسرع في تلبية حاجات التجارة والتسليم في الميعاد , وأكثر يقيناً في مجال المعاملات الجارية من خلال اتفاقات تبادل (Interchange Agreemments) وهو نظام ليس في وسعه تلبية حاجة المعاملات الإلكترونية التي تتم بين "غرباء" لا يعرف أحدهم الآخر أو لا توجد بينهم شراكه تجارية (Trading Partner Agreement TPAS) والفارق بين نظام (EDI) وغيره من صور المعاملات الإلكترونية في أن تبادل البيانات يتم على أساس قانوني متفق عليه بداية مع استخدام معايير محددة في شأن البيانات من حيث البنية والمضمون في حين أن التبادل عن طريق البريد الإلكتروني قد يكون كذلك و قد لا يكون و تطبيقاً لذلك هناك العديد من الشبكات مثل LIMNET)) و (RINET) في مجال التأمين و (ODETTE) في مجال تجارة السيارات
وSWIPNET)) في مجال شحن الحاويات و(FACNET) في مجال التوريدات الحكومية وهذه الشبكات جميعها تعمل من خلال ناد تحكمه قواعد للاشتراك فيه تلزم بإتباع مواصفات ومعايير تقنية عند نقل البيانات والرسائل في إطار عقود يوقعها الأطراف لتحديد مسؤولياتهم .
ومن الوضوح بمكان ٍأن التحول إلى النظام الإلكتروني سيوفر شفافية أكبر بكثير للعمليات التجارية وما من شك أن المعاملات الإلكترونية تلعب دوراً محورياً في التجارة الدولية .
ومع شيوع اللجوء إلى التشفير(Cryptography ) الذي يعتبر بنظر البعض الحدث التكنولوجي الأهم في القرن العشرين بعد القنبلة الذرية وتأكد للجميع حجم التحول المفروض علينا في ظل شبكة Arpanet)) التي أنشئت( في الفترة ما بين عام 1959 إلى 1969 على يد مجموعة من الخبراء الأمريكيين علماً وعملاً وهي الشبكة التي تعرف حالياً باسم (Internet) والتي كانت مخصصة من قبل وكالة المخابرات الأمريكية( CIA) وهي وكالة حكومية أنشئت عام 1947 لأغراض أمنية للمحافظة على استمرار الاتصالات عند حدوث هجوم نووي بحيث لا يؤثر ما عسى أن يدمر من بنية تقنية الاتصالات على عمل الشبكة ككل .
وقد وجدت الوكالة بديلاً أفضل فإتاحتها للجمهور والجدير ذكره أن هذه الشبكة كانت لها أربع مواقع هي :(SRI International) و(UCLA) و(Santa Barbra)(UC) وجامعة (UTAH) انطلقت منها لتحقق سرعة تبادل المعلومات وكانت تعمل باعتبارها شبكة للشبكات عن طريق استخدام تكنولوجيا خاصة هي ( ( IMPS : Interface Message nrocess وهي تكنولوجيا تسمح بالتوصيل بالشبكة عند وجود حاسب واحد موصل بها ثم بحلول عام 1970 أصبح عدد المواقع مائة بعد السماح للجامعات الأمريكية بالتوصيل بالشبكة .وفي عام 1980 وصلت بها شبكتا (Vsenet) و(Bitnet) وعندما أصبحت متاحة للجمهور تم وصل ستة ملايين حاسب تضمن (000ر50 ) خمسون ألف شبكة حول العالم . حتى وصل عدد الحاسبات المتصلة بها في بداية عام 1996 يبلغ ثلاثة عشر مليون حاسب .وعدد الحاسوبات التي توصل بها حالياَ يتجاوز المئة مليون حاسوب في العالم .
وتعتمد شبكة (Internet) حالياً على نقاط شبكية أساسية للدخول (NAPS : Network Access Points) تدار بواسطة (Sprint) و(MFS) و (Pac Bell)وغيرها وموزعة في أنحاء الولايات المتحدة الأمريكية . وتتصل بهذه النقاط شبكات وطنية أخرى وفرها بعض موردي خدمة الاتصالات الشبكية للتخلص من اختناقات الاتصال للدخول على النقاط الشبكية الأساسية .
وبذلك تكون السنة الواحدة في مجال الانترنيت تساوي سبع سنوات عادية وهي مقولة تستهدف التأكيد على أن التطور لن يعرف أي حدود نهائية .
ولم يعد اللجوء إلى الوسائل الالكترونية مقصوراً على العملاء بل دخل الوسطاء أيضاً لييسروا (لغير المتفرغين عملية التسوق وذلك بإيجاد أنسب السلع والخدمات بأفضل الأسعار وهم وسطاء يطلق عليهم (Software Agents) وليست الوساطة في هذا الشأن كغيرها من الوساطة بل هي وساطة ببرامج للحاسوب تفسر نفسها بنفسها وتتولى كل شيء عن العميل باسمه ولحسابه (Self – Learning Programs) .
وإن أي تنظيم للمعاملات الإلكترونية يتطلب ستة عناصر وهي :
1- الالتزام بقواعد التجارة الدولية حسبما أقرتها دورة أو رجواي 1986 -1994 .
2- عدم المغايرة في المعاملة بين الوطني والأجنبي .
3- الحيدة التقنية بحيث تصاغ الأحكام المنظمة للمعاملات الإلكترونية في عبارات عامة لمجاراة التطور التقني .
4- إتباع المرونة في صياغة التشريع لتسيير المعاملات الإلكترونية دون الاكتفاء باحترام ما هو قائم من مبادىء فحسب .
5- تبني أدنى قيود تجارية في التشريعات المعنية بالمعاملات الإلكترونية .
6- الشفافية فيما يصدر من قواعد تنظيمية ولوائح بحيث يتسنى للجمهور الإطلاع عليها وإبداء التعليقات المناسبة خلال مهلة معقولة قبل الإصدار .
وقد نجحت الأمم المتحدة في وضع لبنة أساسية في صرح تنظيم المعاملات الإلكترونية من خلال القانون النموذجي للجنة الأمم المتحدة للتجارة الدولية : : united Nations (UN CITRAL)
Commission on Internationcel Trade Law فأصدرت قانوناً نموذجياً في هذا الصدد وهذا القانون هو المرجع الأساسي لكل مشروع وطني في مجال المعاملات الإلكترونية .
وما يعنينا كرجال قانون في هذا المقام هو الدليل لأن الحق مجرداً من دليله يصح عند المنازعة فيه والعدم سواء .
وقد جاء القران الكريم متوجاً للدليل الكتابي على باقي الأدلة فجاء في سورة البقرة الآية 282 ما يلي (( يا أيها الذين أمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه ...))
وقد كان هذا هو الحال أيضاً لدى الرومان فكانوا يقولون بأن الأقوال تطير والكتابة تبقى .
وإن الإيمان العميق بقيمة الكتابة في الإثبات لا يجعلنا نغض الطرف عن شيوع التعاقدات بوسائل مختلفة بعد أن عرف العالم الآن ثورة صناعية ثالثة هي ثورة المعلوماتية .
وبسبب اقتران المعلوماتية بالاتصالات عن بعد أصبحت العقود المسماة وغير المسماة تبرم عن طريق أجهزة الحاسوب .
إن المشكلة الأساسية في مجال استخدام الطرق المعلوماتية بالمعنى الواسع لإنجاز المعاملات التجارية وغير التجارية الالكترونية هي مشكلة إثبات في المقام الأول .
أما ما يتعلق بتلاقي الإراديتين وتحديد لحظة إبرام العقد فهو أمر يتعلق أساساً بمشكلة قانونية معروفة وهي خاصة بتحديد مجلس العقد وهنا تجب الإحالة إلى الحلول المطروحة فيما يتعلق بالتعاقد بين غائبين ويستوي الحكم في المعاملات الالكترونية بالتعاقد عن طريق الهاتف أو التلغراف وذات الحلول يستفاد منها في تلاقي الإرادات عند إبرام المعاملات الكترونياً وهي ليست موضوع بحثنا .
ما نبحث به حالياً هو الإثبات فلا مشكلة خاصة بمكان انعقاد العقد أو القانون الواجب التطبيق فيما يتعلق بإبرام العقد أو تنفيذه أو على ما ينشأ من منازعات أو حتى أهلية المتعاقدين لأن كل هذه المشكلات مرتبطة أساساً بالتعاقد عن بعد وهي مشكلات تم حلها في القوانين المرعية .
وترتبط المعاملات الالكترونية ارتباطاً عضوياً بمفاهيم ثلاثة هي المحرر والكتابة والتوقيع .
وتعتمد على هذه المفاهيم وهي سائدة في القوانين المعمول بها في الجمهورية العربية السورية ومصر ولبنان والإمارات العربية المتحدة والمملكة الأردنية الهاشمية والكويت .
أما المحرر ( DOCUMENT ) فكل ما يتطلبه المشرع في هذا الصدد هو ثبوت نسبة المحرر إلى صاحبه .
أما مفهوم الكتابة فانه ليس في القانون أو في اللغة ما يلزم بالاعتقاد في أن الكتابة وهي رموز تعبر عن الفكر والقول لا تكون إلا فوق الورق , فمن الجائز أن تكون الكتابة على الورق أو الخشب أو الحجر أو الرمل وقد أيدت هذا الاتجاه الكثير من الاتفاقيات الدولية كاتفاقية الأمم المتحدة الموقعة في فيينا بشأن النقل الدولي للبضائع عام 1981 حيث نصت المادة13 من هذه الاتفاقية على أن ينصرف مصطلح الكتابة على المراسلات الموجهة في شكل برقية أو تلكس .
نخلص من ذلك إلىعدم وجود ارتباط بين فكرة الكتابة والورق فلا يشترط أن تكون الكتابة على ورق موقع بالمفهوم التقليدي وهو ما يفتح الباب أمام قبول كل الدعامات في مجال الإثبات أياً كانت مادة صنعها.
أما مفهوم التوقيع فهو الإمضاء اليدوي أو بالختم أو ببصمة الإصبع ,ومن هذا التوقيع يستمد المحرر سواء كان عرفياً أم رسمياً , حجيته على طرفيه .
وعى الرغم من أن التوقيع باليد هو أفضل طرق التوقيع في نظر العامة والخاصة فان هذا القول ليس صحيحاً بشكل مطلق فقد ظهرت طرق علمية حديثة تفوق التوقيع الخطي أمناً وأماناً من حيث الدلالة على الشخص نقصد بذلك الصوت أو قزحية العين ( الجزء الموجود خلف القرنية والذي يعطي للعين لونها ) .
ويبرمج الحاسوب على أساس أن لا يصدر أوامره بفتح القفل المغلق إلا بعد أن يطابق هذه البصمات المبرمجة أساساً في ذاكرته .
وليست هذه الوسائل أكثر أمناً من التوقيع الخطي لأنها تقبل العبث بها فيمكن تسجيل بصمة الصوت ويتم إعادة بثها حتى بصمة القزحية فيمكن عن طريق بعض أنواع العدسات اللاصقة يمكن صناعتها يدوياً على غرار البصمة الأصلية من حيث اللون وخريطة التكوين .على أي حال إن قابلية الطرق الحديثة للتزوير لا يجب أن تنال من مشروعية المطالبة بالتطوير لان التزوير في النهاية يكون مفضوحاً للخبير .فليس من المقبول رفض التطوير .
ولا يشترط في التوقيع إلا أن يكون دالاً دلالة قاطعة على صدوره من صاحبه . وفي هذه الحالة فقط ينتقل النص المحرر من مرحلة الإعداد إلى مرحلة الإنجاز . بعبارة أخرى إن المحرر الموقع وحده هو الذي يعد أصلاً في نظر القانون وإلا اعتبر مبدأ ثبوت بالكتابة ولا يعتبر سنداً عادياً .