المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ثقافة العبيد



Essa Amawi
12-17-2008, 09:16 PM
ثقافة العبيد

ملاحظة : الموضوع منقول بتصرف عن موقع الشبكة العربية لمعلومات حقوق الانسان.يرجى الاشارة إلى المصدر في حال نقل الموضوع .


1- تحت شعار الشرف يقتل الأب أو الأخ البنت أو الأخت لغسل العار وذلك فى تشريع ما أنزل الله تعالى به من سلطان.
الذكر عندنا يتفاخر بعلاقاته النسائية المحرمة بينما الأنثى وحدها هى التى تدفع فاتورة الشرف دون الذكر الجانى لأننا حصرنا مفهوم الشرف بين ساقى المرأة فقط .
من أجل الشرف العربى تسيل دماء الأنثى الضحية بنتا كانت أوأختا ، أى أقرب الناس للقاتل وأحقهم برعايته وحمايته، بينما ينجو الرجل الجانى .

قتل الانثى بدافع الشرف ليس جريمة عندنا بل هو رفع للعار، لأن العارفى ثقافتنا ليس نفاق الحاكم الظالم وتملقه والخضوع والخنوع له والرضى بالظلم والصبر عليه
كما انه ليس من مفردات الشرف فى ثقافتنا الاجتماعية القيم العليا من الصدق والأمانة والشهامة والرجولة والشجاعة والاخلاص فى العمل والوفاء بالوعد ، لأن هذه القيم لا يمارسها الا شعب ديمقراطى حر أبىّ يحكم نفسه بنفسه، هذه هى مفردات الشرف فى الثقافة الغربية لا العربية .

الاستبداد العربى الشرقى هو الذى انتج هذه الثقافة- ثقافة العبيد.
الاستبداد هو القهرالذى يمارسه الحاكم المستبد على وزرائه ويمارسه الوزراء على نوابهم ووكلاء الوزارات ، وهكذا يبدأ القهر من أعلى ليشمل من دونه شيئا فشيئا متضخما متغولا فى امتداده الى أن يصب جحيمه فوق رأس الرجل العادى.

وفى ثقافة الاستبداد يصول الشخص الأعلى على من هو دونه بينما يتضاءل ويتراقص بين يدى من هو أعلى منه، فاذا وصل الأمر الى الرجل العادى تجده قد انصبت على رأسه كل أنواع القهر فلا يجد متنفسا الا فى المرأة الخاضعة له بحكم الثقافة والتربية فينفس فيها عن كل غضبه واحتجاجه المكتوم.

وحيث لا يستطيع أن يكون شريفا بمعنى قيم الشرف الحقيقية - من الشجاعة والشهامة والجرأة والصدق وحفظ الوعد والعهد .. الخ - فلا بد من أن يدفن شرفه المسلوب بين ساقى الاناث التابعات له ، فاذا فرطت احداهن فى شرفه أسرع يقتلها ليقنع نفسه والآخرين بأن له شرفا. لا يدرى المسكين ان شرفه الحقيقى وعزته الانسانية قد ضاعت من قبل حين ارتضى الخضوع لذل الاستبداد والاستعباد .

هذا المفهوم الخاطىء للشرف عند العرب هو احدى الثمار المرة لثقافة العبيد.فظلم الاستبداد يجعل ظلم الناس بعضهم بعضا عملة سائدة تتعدى أكثر لتصيب من كان غريبا عنك.

2- ثمرة أخرى من ثمار تلك الثقافة - ثقافة العبيد - أننا نرتضى ظلم القريب لنا فاذا تدخل غريب لرفع الظلم عنا اوحتى اذا احسن الينا نقابل احسانه باللؤم ونكران الجميل . نبدأ بالشائع فى ثقافتنا : فالأخ الأكبرغالبا ما يستولى على معظم التركة . ورغم أن الله تعالى جعل حقا منصوصا عليه للمرأة فى الميراث الا ان الشائع فى الريف المصرى حرمان المرأة من كل الميراث أو بعضه .

طبقا للقرآن الكريم فان حرمان وارث من حقه يستوجب الخلود فى النار( النساء 7 و 14 ) وطبقا لأى قانون بشرى عادل فهذه سرقة تستوجب العقاب .
وطبقا للضمير الانسانى والمعايير الخلقية فهذه خسة ونذالة حين يقوم الأخ الأكبر بالاعتداء على حقوق اخوته الصغاروأكل حقوق اخواته البنات بينما الواجب عليه أساسا حمايتهم والدفاع عنهم ، ولكننا نتقبل هذا الظلم باعتياد.

الغريب أن المرأة المهضوم حقها - فى أغلب الأحيان - لا تحتج على أكل حقها، بل تسامح الأخ الأكبر وتغفر له. وهذا ما يفعله غالبا الأخوة الصغارالذين يأخذون مسلك الأخ الأكبر حقا اجتماعيا مسلما به .
الأغرب انه اذا جاء نفس الاعتداء من شخص غريب أو أجنبى ثار الغضب والاحتجاج واتخاذ الاجراءات الكفيلة بعودة الحق الضائع لأصحابه.

طبقا للقرآن الكريم - أيضا - فان العدالة لا مجال فيها للتفرقة أو التمييز بين وارث وآخر بسبب الدين أو الملة، أو بين مجرم ومجرم بسبب القرابة أو الديانة، لذا فالقرآن يتحدث عن المجرم يصفه بنفس الجناية التى ارتكبها بغض النظر اذا كان المجرم أبا أو أخا للضحية .

- طبقا لثقافة العبيد فاننا نرتكب ما يسمى ب" الكيل بمكيالين" الذى نشجبه ونستنكره ونتهم به الآخرين بينما نمارسه فى ثقافتنا وتعبر عنه امثالنا الشعبية وحياتنا الدينية المليئة باكاذيب وطقوس تخالف القرآن وما كان عليه خاتم النبيين عليهم جميعا السلام.

المثل الشعبى المصرى يعبر بصدق عن هذه الحالة فيقول :" حبيبك يبلع لك الزلط وعدوك يتمنى لك الغلط " وليس هذا من التسامح فى شىء، لأنك اذا كنت متسامحا فعليك ابتلاع الزلط من الجميع لا فرق بين عربى وأعجمى فى الزلط ، كما لا تفرق بين زلط كبير وحصى صغير، و لا بين عدو أو صديق. الا ان المثل الشعبى يستطعم ظلم - أو زلط - القريب الحبيب، وفى نفس الوقت يتنمر لمن يعتبره عدوا ؛ يتحامل عليه ويفسر كل أفعاله فى ضوء المؤامرة وسوء النية.

فى المثل الشعبى نقول " ضرب الحبيب زى أكل الزبيب " أما اذا لم يكن حبيبا فالويل له. ويقول المثل الشعبى المصرى فى العصر المملوكى " ضرب الحاكم شرف " والمعنى أنه شرف عظيم لك اذا تفضل الحاكم واهتم بك واختارك لتحظى بالتعذيب دون غيرك من آلاف العوام الذين لا يأبه بهم .

ولذلك تستمر جرائم التعذيب فى بلادنا ونأخذها حقا مكتسبا للحاكم وشرفا لنا، وظل الأمر هكذا حتى هبت علينا أفكار الغرب التحررية وثقافته فى حقوق الانسان ، وجاءت منظماته الى بلادنا تنشر الوعى وتحرض على أن نحترم آدميتنا فتأسست لدينا - بتبرعات الغرب - منظمات تقاوم التعذيب السياسى الذى يقع على النخبة .

ثم اكتشفنا متأخرا - يا عينى - أن التعذيب يقع أيضا فى أقسام الشرطة، وجاء هذا الاكتشاف بالحاح من المنظمات الغربية فارتفعت الدعوة أخيرا ضد التعذيب الذى يقع على الغلابة فى أقسام ومراكز الشرطة.

ولكن - والحق يقال - انه لا يزال بيننا نفر من مدمنى ثقافة العبيد يصممون على وصف تلك المنظمات الحقوقية الغربية المدافعة عن حقوق الانسان بالتآمر علينا والتدخل فى أدق خصوصياتنا ومنها حق الحاكم فى قتل من يشاء وتعذيب من أراد ، لأننا رعية -أى مواشى مملوكة- اذن فلا شأن لنا بحقوق الانسان . هل للمواشى حقوق على مالكها الراعى ؟ ان من حقه أن يذبح ما يشاء ويبيع ما شاء ويعتنى ويسمن ما يشاء الى حين استحقاق الذبح .

على أنه - والحق أيضا يقال - فان ثقافتنا الأصيلة فى تكريس التعذيب قد أثرت على بعض الامريكيين فى العراق حين احتلوا احدى الأكاديميات الكبرى فى فن التعذيب وهى سجن أبو غريب ، وبتشجيع من بعض العراقيين الأفذاذ فى هذا الفن مارس بعض الامريكيين هذه التكنولوجيا العربية ، فكشفتهم الصحافة الامريكية التى لا تفوتها فائته، وتعرضوا لسخط الرأى العام الأمريكى الذى لا يرحم ، وتوالت التحقيقات ثم الاعتذارات من الرئيس بوش الى وزير الحربية - كلها تؤكد ان هذه ليست ثقافتنا حتى لوكانت شيئا مألوفا فى الشرق الأوسط, ووسط هذا الصخب الاعلامى حوكم الجناة وتمت ادانتهم.

ماذا فعلنا نحن ؟ انطلقنا فى سب أمريكا وهمجيتها فى التعذيب ونسينا انفسنا ، أى أننا نحن الذين نكيل بمكيالين.

4- الأقليات الدينية والمذهبية والعرقية عندنا تتعرض لدرجات مختلفة من الاضطهاد ويسرى التعتيم عليها حتى لو وصل الأمر الى ارتكاب المذابح العرقية كما حدث من قبل فى العراق ثم فى دارفور.
اذا فشل التعتيم و تدخل الغرب لاقرار العدل وللدفاع عن المظلوم اتهمناه بالتدخل فى شئوننا الداخلية وبالتآمر على العرب والمسلمين .

حدث هذا حين تدخلت أمريكا والغرب لاغاثة ضحايا دارفورالأفارقة المسلمين من مذابح أرتكبها فى حقهم ( أشقاؤهم العرب المسلمون ).
بل ان التعتيم قد يصل الى تجاهل دور أمريكا والغرب فى حماية مسلمى كوسوفا من الابادة الجماعية على يدى الصرب المسيحيين لأنه لا يصح ان نذكر أى ايجابية لأمريكا والغرب .

مقابل هذا التعتيم والتجاهل تنطلق حناجرنا بالصراخ حين ترسل احدى المنظمات الوهابية الأمريكية شكوى كاذبة الى الصحف العربية تشكو من التمييزالذى تزعم وقوعه فى مجتمع المسلمين الأمريكيين.

5- ان أخلاقيات القرآن الكريم وتشريعاته ترفض ثقافة العبيد وثمارها العفنة.

فالعدل فى الاسلام يعنى ألا تكيل بمكيالين . بل ان تقول الحق حتى لوكا ن ضارا بوالديك وأقرب الناس اليك( النساء 135)( الأنعام 152 ) وأن تقول الحق حتى لو كان فى صالح عدوك ( المائدة 8) وهذا العدل الاسلامى مرتبط بالسلام فمهما كان عداء عدوك لك فلا يصح اطلاقا ان تعتدى عليه طالما لم يعتد هو عليك ( المائدة 2)

أما اذا أحسن اليك أحد فلا بد ان تعترف له بالفضل، واذا حياك بتحية فعليك أن ترد بمثلها أو أحسن منها ( البقرة 237 ) ( النساء 86 )