المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : جرائم الاعتداء على الحرية



Essa Amawi
12-18-2008, 11:26 PM
جرائم الاعتداء على الحرية




الحرية الفردية مصونة وكفلها الدستور الأردني الصادر عام 1952 في المادتين السابعة والثامنة منه، كما كفلها أيضاً قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم 9 لسنة 1961 في المادة 103 منه، فلا يجوز القبض على أي شخص أو حبسه بدون مبرر قانوني يستوجب ذلك. فحق الإنسانق في الحرية من الحقوق المقدسة فيجب أن نكفل حماية هذه الحرية وصيانتها من أي اعتداء يمسها أو يقيدها، وهذا ما نصت عليه هذه الحرية دون وجه حق أو دون مبرر قانوني على النحو التالي:( )

المادة 178: نصعت على ما يلي: ( كل موظف أوقف أو حبس شخصاً في غير الحالات التي نص عليها القانون يعاقب بالحبس من ثلاثة اشهر إلى سنة) أما المادة 179 فنصت على ما يلي: ( إذا قبل مدير وحراس السجون أو المعاهد التأديبية أو الإصلاحيات وكل من اضطلع بصلاحيتهم من الموظفين شخصاً دون مذكرة قضائية أو قرار قضائي أو استبقوه إلى أبعد من الأجل المحدد، يعاقبون بالحبس من شهر إلى سنة، ونصت المادة 180 على ما يلي: ( إن الموظفين السابق ذكرهم وضباط الشرطة والدرك وأفرادهما وأي من الموظفين الإداريين الذين يرفضون أو يؤخرون إحضار شخص موقوف أو سجين أمام المحكمة أو القاضي ذي الصلاحية الذي يطلب إليهم ذلك يعاقبون بالحبس لمدة لا تزيد عن ستة أشهر أو بغرامة لا تزيد على خمسين ديناراً).

أما المادة 346 فقد نصت على جريمة الحرمان من الحرية التي يرتكبها الموظف وغير الموظف العام ( كل من قبض على شخص وحرمه حريته بوجه غير مشروع، يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة أو بغرامة لا تزيد على خمسين ديناراً، وإذا كان قد حجزه بإدعائه زوراً – بأنه يشغل وظيفة رسمية أو بأنه يحمل مذكرة قانونية بالقبض عليه – يعاقب بالحبس مدة ستة أشهر إلى سنتين، وإذا وقعت هذه الأفعال على موظف أثناء وظيفته أو بسبب ما أجراه بحكم وظيفته كانت العقوبة من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات).
جريمة الحرمان من الحرية والقبض غير المشروع:
عودة إلى نص المادة 346 من قانون العقوبات السالفة الذكر يتضح لنا أن جريمة الحرمان من الحرية تتكون من ركننين هما: الركن المادي، والركن المعنوي أو القصد الجرمي.
1. الركن المادي:
وهو السلوك الإجرامي الذي يقوم به الجاني ويتخذ صورة التعرض للمجني عليه بالقبض وتقييد حريته، وأن يكون هذا القبض أو الحجز غير مشروع.

أ. القبض والحجز والحرمان من الحرية:
تمثل هذه الأفعال الإجرامية صور الركن المادي لأنها تمس حق المجني عليه في حرية الحركة والتنقل والتحول داخل المدينة الواحدة أو داخل الحي أو المحافظة فالقبض هو تقييد للحرية حتى لو كان لساعات معدودة أو أيام، وهذا عمل مجرم في القانون. ( )

أما الحبس أو الحجز فهو شل ومنع حركة المجني عليه أو تنقله أو تجواله لفترة زمنية من الوقت، ويعتبر لفظ الجبس أو الحجز مترادفان لدى بعض الفقهاء التقليدين،( ) ولدى الفقهاء الفرنسيين فالحبس هو اعتقال المجني عليه في سجن بينما الحجز يتم في أماكن خاصة، بينما يميز بعض الفقهاء العرب بينهما استناداً إلى نوع الوسيلة أو الطريقة المستعملة في الحرمان من الحرية فهي في حالة الحبس وسيلة مادية كإغلاق باب ونوافذ الغرفة الموجود فيها المجني عليه، أما في حالة الحجز فالوسيلة معنوية تمنع المجني عليه من التجول وحرية الحركة عن طريق التهديد،( ) ويرى المشروع المصري أن كل حجز أو حبس لا بد وأن يسبقه ويقترن به قبض، وقد تبنى هذا الرأي بعض الفقهاء العرب. ( ) ويتم القبض أو الحبس في أي مكان سواء كان عاما أو خاصاً، وهذه من الجرائم المستمرة والتي تبدأ منذ لحظة وقوعها وتنتهي عند حالة إطلاق سراح وحرية المجني عليه.
ب. عدم مشروعية القبض أو الحبس:
وهذا العنصر يعني أن فعل القبض أو الحجز الذي ارتكبه الجاني غير قانوني أي فعلاً مجرماً، أما إن كان مباحاً وإجازة القانون فلا جريمة فيه.

وإذا وقع فعل القبض أو الحجز على حرية أي إنسان دون سبب قانوني يعاقب عليها كل من ارتكبها أو اشترك في ارتكابها او حرض عليها والمشروع الأردني عاقب على هذه الجريمة في المادة 346، سواء ارتكبها أحد الأفراد العاديين أو وقعت من موظف عمومي طالما أن هذا الموظف قد ارتكبها دون علاقة لصفته الوظيفية، لأن المواد 178 و 180 من قانون العقوبات خصصت هذه الجريمة للموظف العام أو من في حكمه وأفرد لها عقوبة خاصة.
2- الركن المعنوي أو القصد الجرمي:
هذه الجريمة من الجرائم العمدية والتي ترتكب قصداً من الجاني أو الجناة وهي تتطلب القصد العام أو النية أي إرادة ارتكاب الجريمة كما عرفها القانون وفق نص المادة 63 من قانون العقوبات الأردني، ويتمثل القصد الجرمي العام باتجاه إرادة الجاني إلى ارتكاب فعل القبض وإلى منع المجني عليه من حرية الحركة والتجول دون مبرر قانوني مع علمه بمخاطر ذلك فيقبل ويحقق النتيجة التي ارادها.

أما إن كانت إرادة الجاني مسلوبة أو منعدمة فلا تقوم هذه الجريمة وخاصة إذا أكره الجاني على فعل القبض أو الحجز سواء عن طريق الإكراه المادي أو المعنوي أو إذا اتجهت ارادته للفعل دون إرادة النتيجة، كمن يغلق الباب على شخص دون أن يعلم بوجود هذا الشخص داخل هذا المكان وهو اعتقاد مخالفاً للواقع.
ومتى تحقق الركن المادي والركن المعنوي اكتملت الجريمة وتعرض مرتكبها للعقوبات المنصوص عليها في المواد 346 و 178 و 179 من قانون العقوبات الأردني وهي العقوبات التالية:
1- الحبس من أسبوع كحد أدنى إلى سنة كحد أقصى أو الغرامة التي تتجاوز خمسين ديناراً وهي عقوبة جنحوية بسيطة، المادة 346 وفي رأينا عقوبة غير رادعة لا تتناسب مع جسامة هذه الجريمة عكس المشرع الفرنسي الذي جعل هذه الجريمة جناية.
2- الحبس من 3 أشهر إلى سنة إذا وقعت من موظف دون أن تكون لوظيفتها أي علاقة أو ارتباط.
3- الحبس من شهر إلى سنة إذا ارتكب الجريمة أحد حراس السجون أو المعاهد التأديبية أو الإصلاحات وفق ما نصت عليه المادة 179 من قانون العقوبات الأردني.
والظروف المشددة لعقوبة القبض أو الحجز نصت عليها المادة 3465 من قانون العقوبات الأردني وهذه الظروف تتعلق ببعض الوسائل والطرق المستعملة سواء اتخذت صورة الاحتيال أو التزوير أو انتحال صفة رسمية أو إبراز مذكرة قانونية بالقبض والسبب في تشديد العقاب هي أن هذه الوسائل توهم المجني عليه وتوهم الناس بوجود أمر لا حقيقة له فيعتقدون بصحة ما يقوم به الجاني فيرفضون للأمر مما يسهل ارتكاب الجريمة ويبعد أو يقلل من احتمال مقاومة أو معارضة المجني عليه.

ومن الظروف المشددة الأخرى التي وردت في المادة 346 ما تتعلق بصفة المجني عليه، أن يكون المجني عليه موظف وقع القبض والحجز عليه أثناء وظيفته أي وهو على رأس عمله أو بحكم ما أجراه من أعمال الوظيفة، إذا توافرت صورة من هذه الظروف فإن العقوبة هي الحبس من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات وهي عقوبة جنحوية.

جرائم التهديد والوعيد:
يعاقب المشرع الجزائي الأردني على التهديد والوعيد باعتبارها جرائم مستقلة وقائمة بذاتها والتي تأخذ صورة التهديد بإشهار السلاح أو استعمله والتهديد عن طريق شخص آخر أو عن طريق الكتابة المقفلة أو التهديد الشفاهي إلخ..
- نصت المادة 349 على ما يلي:
أ. من هدد آخر بشهر السلاح عليه، عوقب بالحبس مدى لاتتجاوز الستة أشهر.
ب. وإذا كان السلاح نارياً واستعمله الفاعل كانت العقوبة بالحبس من شهرين إلى سنة.
وقد نصت المادة 350 على ما يلي:
" من توعد آخر بجناية عقوبتها الإعدام أو الأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة خمس عشرة سنة، سواء بواسطة كتابة مقفلة أو بواسطة شخص ثالث عوقب بالحبس من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات إذا تضمن الوعيد الأمر بإجراء عمل ولو مشروعاً أو بالامتناع عنه).


وقد نصت المادة 351 على أنه: ( إذا لم يتضمن التهديد باحدى الجنايات المذكورة أعلاه أمراً أو تضمن أمراً إلا أنه حصل مشافهة دون واسطة شخص آخر قضي بالحبس من شهر إلى سنتين.

أما المادة 352 فنصت على أنه ( يعاقب بالحبس حتى سنة على التهديد بجناية أخف من الجنايات المذكورة في المادة 350 إذا ارتكب بإحدى الوسائل المبينة في المادة نفسها).
ونصت المادة 353 على ما يلي: ( التهديد بجنحة المتضمن أمراً إذا وقع كتابة أو بواسطة شخص ثالث يعاقب عليه بالحبس مدة لا تتجاوز الستة أشهر).

ونصت المادة 354 على أن ( كل تهديد آخر بانزال ضرر غير محق، إذا حصل بالقول أو باحدى الوسائل المذكورة في المادة 73 وكان من شأنها التأثير في نفس المجني عليه تاثيراً شديداً يعاقب عليه بناء على الشكوى بالحبس حتى أسبوع أو بغرامة لا تتجاوز الخمسة دنانير).

إن الحكمة من تجريم جرائم الوعيد والتهديد تتمثل في خطورتها وأثرها على نفسية المهدد وخاصة إن كانت موجهة ضد حقه في الحياة أو في سلامة جسده أو عرضه أو شرفه أو ماله وما يصاحب ذلك من قلب وخوف مستمر تعكر أمنه واستقراره وطمأنينته.

فعل التهديد والوعيد:
لم يعرف قانون العقوبات الأردني فعل التهديد أو الوعيد تاركاً ذلك للفقهاء وشرح القانوني الجزائي، فالتهديد هو الوعيد بشر يصيب المجني عليه مهما كانت الوسيلة التي توسل بها الجاني سواء كان الشر بالاعتداء على نفسه أو ماله أو عرضه مما يحدث الرعب في نفسه، فكل فعل مادي أو قول يشكل اعتداء على الحرية والأمن للمجني عليه يعتبر تهديد.

فلا يعتبر تهديد ولا يعاقب المهدد عليه أن كان على صورة تعطيل مصالح المجني عليه أو إفساد حياته الزوجية أو التسبب في فسخ خطوبته، أو نقله من وظيفته أو فصله منها أو رفع دعوى تعويض عليه.

كما أنه لا عقاب على الشخص الذي يهدد غيره بأخطار وهمية خيالية كتسليط لجن عليه أو الإضرار به عن طريق السحر والشعوذة لأنه لا يمكن القول بوجود جريمة التهديد أو الوعيد إلا إذا صدر من الجاني أفعال أو أقوال مما ورد في نص المادة 249 و 350 مما تدل على جدية الجاني في توجيه تهديده للمجني عليه، وتقدير ذلك أمر متروك لقاضي الموضوع، ومتى وقع فعل التهديد وتوافر القصد الجرمي تثبت مسائلة الجاني عن الجريمة ودرجة عقوبتها.


التهديد بإشهار السلاح:
لقد عرفت المادة 155 من قانون العقوبات الأردني السلاح بما يلي:
1- تعد الأسلحة النارية وكل أداة أو آلة قاطعة أو ثاقبة أو راضة وكل أداة خطرة على السلامة العامة.
2- أن سكاكين الجيب العادية التي يزيد نصلها عن عشرة سنتيمترات تعتبر سلاحاً.

إن هذا التعريف مقصود لغايات تطبيق الجرائم الواقعة على السلامة العامة في الباب الثاني وفي الفصل الأول من قانون العقوبات الأدني، فلا ينطبق هذا التعريف على جرائم الوعيد والتهديد التي وردت في الفصل الثاني تحت عنوان الجرائم الواقعة على لحرية والشرف، في المواد 349-354 من نفس القانون، وقد عرف الفقهاء السلاح بأنه كل أداة صالحة لاستخدامها في الاعتداء سواء كانت سلاحاً بطبيعته كبنادق والمسدسات والاسلحة النارية الأخرى أو السيوف والخناجر، أو كانت سلاحاً بالتخصيص كالسكاكين والفؤوس والمقصات الحديدية والعصى الخشبية أو المعدنية. ( )

وبالنسبة للأسلحة المقلدة غير الحقيقية التي تكون مشابهة ومطابقة تماماً لمواصفات الأسلحة النارية الحقيقة والتي يمكن أن ينخدع بها المجني عليه وتؤثر على نفسيته فيخضع لتهديد الجاني ويستسلم له، فلم يتطرق المشرع الأردني إليها ولكننا نرى أن العبرة بالأثر الذي يتركه هذا السلاح في نفسية المجني عليه وليس بكون السلاح حقيقياً أو مقلداً فإن طبقنا روح النص والعلة من التجريم عاقبنا الجاني حتى لو كان السلاح على شكل السلاح الحقيقي، فإذا قام المستسلم بتسليم ما لديه فتعتبر جريمة تهديد.

وقد قضت محكمة التمييز الأردنية بأن إشهار الجاني مسدسه ضد المشتكي يشكل جنحة طبقاً للمادة 349/3. ( )

وإذا قام الجاني بإشهار السلاح على المجني عليه بقصد تهديده مما يوقع الذعر والخوف في نفسه يعاقب الجاني لأن الإشهار معناه إظهار وإبراز السلاح في وجه المجني عليه.

القصد الجرمي أو الركن المعنوي:
جريمة الوعيد أو التهديد من الجرائم المقصودة، تشترط توافر القصد الجرمي لدى من ارتكبها أو شارك بارتكابها كوسيطن فتشترط لقيامها توافر إرادة الفعل وإراده النتيجة لدى الجاني، أي أن يثبت لديه القصد الجرمي " النية الجرمية كما عرفها القانون وحددها بالعلم والإرادة وهذا معناه أن يرتكب الجاني تهديده أو وعيده ضد المجني عليه وهو مدركاً وعالماً ومتيقناً أثر هذا التهديد من حيث ايقاع الذعر والقلق والخوف في نفس المجني عليه، ويجب أن يقوم بعبارات التهديد شفاهة أو كتابة أو بأفعال رمزية أو بواسطة شخص ثالث بإرادة حرة سليمة خالية من أي عيب يشوبها كالإكراه أو التهديد أو الخداع .. إلخ وقد انصرفت إرادته إلى إحداث هذا الأثر.

عقوبة جريمة الوعيد والتهديد:
جريمة الوعيد والتهديد من الجرائم الجنحوية تتراوح عقوبتها وفق الوسيلة التي استعملها الجاني في تنفيذه هذه الجريمة على النحو التالي:
1- الحبس من أسبوع كحد أدنى إلى أشهر كحد أقصى إذا توسل المهدد في تهديد المجني عليه بالسلاح وفق نص المادة 349/1.
2- الحبس من شهر كحد أدنى إلى سنة كحد أقصى إذا كان السلاح نارياً واستعمله الفاعل، المادة 349/2.
3- الحبس من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات وفق المادة 350 من قانون العقوبات إذا كان التهديد في صورة ارتكاب جناية عقوبتها الإعدام أو الأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة خمس عشرة سنة سواء كانت الوسيلة كتابة مقفلة أو بواسطة شخص ثالث.
4- الحبس من شهر إلى سنتين إذا حصل التهديد في الفقرة شفاهة.
5- الحبس من أسبوع إلى ستة أشهر إذا حصل التهديد بارتكاب جنحة إذا وقع التهديد كتابة أو بواسطة شخص ثالث.





المراجع:
1- الدكتور محمد زكي أبو عامر، الحماية الجنائية للحريات الشخصية، منشأة المعارف، الاسكندرية 1979،.
2- نقض 9 يونية 1969، س20، رقم 171.
3- أ. جندي عبد الملك، الموسوعة الجنائية، الجزء الخامس.
4- د. فوزية عبد الستار، شرح قانون العقوبات، القسم الخاص.
5- د. أحمد فتحي سرور، شرح قانون العقوبات، القسم الخاص.
6- د. محمود مصطفى، شرح قانون العقوبات، القسم الخاص.
7- تميز جزءا رقم 113/76، مجموعة المبادئ القانونية