المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : إضاءات حول التعديلات الدستورية المطلوبة .. د. نوفان العجارمة



Essa Amawi
05-09-2011, 05:57 PM
* المحامي الدكتور نوفان العجارمة
أستاذ القانون الإداري و الدستوري المساعد
كلية الحقوق – الجامعة الأردنية



شكل جلالة الملك عبدالله الثاني لجنة ملكية، لمراجعة الدستور الحالي "بمنهجية وعمق" للنظر في أية تعديلات دستورية ملائمة لمستقبل الأردن وحاضره ، للعمل على كل ما من شانه النهوض بالحياة السياسية في المملكة.
وعليه،لابد من قول كلمة موجزة بشأن بعض الجوانب المتعلقة بهذه التعديلات، نقدمها من وجهة نظر أكاديمية متخصصة، لعلها تضيف جهدا بسيطا إلى جهود اللجنة الملكية المشكلة لهذه الغاية.

إن مفهوم التعديل الدستوري ينصرف إلى أمرين:

الأول: التعديل على النصوص القائمة بالإضافة أو بالحذف، والثاني: إضافة نصوص جديدة. وسوف نسلط الضوء على هذين الأمرين :


أولا: من حيث التعديل بالإضافة أو الحذف على النصوص القائمة:
1. تعديل المادة (6): وهي المادة المتعلقة بالمساواة، وذلك بإضافة كلمة (والجنس) بحيث يكون النص كالتالي ((الأردنيون أمام القانون سواء لا تمييز بينهم في الحقوق والواجبات وان اختلفوا في العرق أو اللغة أو الدين أو الجنس)). إن إضافة هذه الكلمة ، من شانها طمأنة العنصر النسوي ، و هي تقرير لأمر واقع ، حيث إن المساواة تطبق على الكافة، ودون تمييز بسبب الجنس ، بيمن الرجال و النساء .

2. تعديل الفقرة (3) من المادة (34) من الدستور بحيث تضاف العبارة التالية إلى آخر الفقرة ((بإرادة ملكية تصدر بناء على قرار من مجلس الوزراء.)) بحيث يكون نص الفقرة كالتالي : للملك إن يحل مجلس النواب بإرادة ملكية تصدر بناء على قرار من مجلس الوزراء.و السبب الموجب لهذا التعديل يعود إلى سببين :الأول : إن الملك في النظام البرلماني يحكم بواسطة وزرائه ، وهو مصون من كل تبعة ومسؤولية ، لذلك على الحكومة إن تتحمل كامل مسؤوليتها في هذا الشأن، لان أوامر الملك الشفوية أو الخطية لا تعفي الوزراء من مسؤوليتهم .

الثاني: من اجل اللجوء إلى القضاء ( سواء كان القضاء الإداري أم الدستوري) بخصوص قرار الحل، فيصعب من الناحية القانونية الطعن بقرار الحل إذا كان صادر عن جلالة الملك وحدة ، لان الإحكام القضائية تصدر باسم حضرة صاحب الجلالة ، فكيف نقاضي القرار الصادر بالحل، إذا كان صادر عن جلال الملك ؟؟ لذا لابد من صدور قرار عن مجلس الوزراء وهذا القرار يكون محل الطعن القضائي .

3. تعديل المادة (45/1): وذلك بشطب العبارة الأخيرة ((أو أي تشريع آخر إلى أي شخص أو هيئة أخرى )). لان مجلس الوزراء هو صاحب الولاية العامة في إدارة شؤون البلاد ولا يعقل أن يتنازل عن هذه الولاية بموجب (نظام ) مثلا ؟؟

4. تعديل المادة (53) : بحيث تكون الصياغة كالتالي ((إذا لم تحصل الوزارة على ثقة مجلس النواب بالأكثرية المطلقة من مجموع عدد أعضائه وجب عليها أن تستقيل )) لان النص الحالي يملي – ولكي تستقيل الحكومة – أن يصوت مجلس النواب بالحجب بالأكثرية المطلقة ، أي إن الحكومة تبقى لو حصلت على صوت واحد و امتنع باقي الأعضاء عن التصويت ، كون الامتناع عن التصويت تصويت ايجابي .

5. المادة (66) : إذا حل مجلس النواب يجب أن يحل مجلس الأعيان ، لان النص الحالي مكلف من الناحية الاقتصادية ، حيث تقوم الدولة بالدفع إلى السادة الأعيان ، وهم لا يمارسون عملا، لأنه إذا حل مجلس النواب توقف جلسات مجلس الأعيان .

6. تعديل المادة (71): و هي المادة المتعلقة بالفصل بصحة نيابة عضو البرلمان، يجب أن يمنح القضاء هذه الصلاحية ( واقترح أن تكون المحكمة الدستورية في حال إنشائها ))، لان النص الحالي لا يستقيم مع حالة التقدم التي وصلت إليها البشرية، وذلك للأسباب و المبررات التالية:


• لقد اخذ مشرعنا الدستوري هذا المبدأ عن الدستور البلجيكي و الذي قنن ما كان سائدا في انجلترا آنذاك ، وقد أرسى الانجليز هذا المبدأ في القرن السابع عشر، لان المحاكم لم تكن في ذلك الوقت تتمتع بالاستقلال، لذلك اعترف الملك بحق مجلس العموم في الفصل بالطعون الانتخابية. وعليه فان المبرر التاريخي لمنح مجلس النواب الحق في الفصل في صحة نيابة أعضائه لم يعد موجودا في الوقت الراهن، فالمحاكم مستقلة استقلالا تاما عن السلطة التنفيذية مصونة من التدخل في شؤونها،عملا بأحكام الدستور.


• إن إسناد مهمة الفصل في صحة نيابة عضوية مجلس النواب إلى القضاء ،لا يشكل إخلالا بمبدأ الفصل بين السلطات المنصوص عليه في الدستور، لان هذه المسألة، لا تعدوا أن تكون منازعة قضائية، تحل على أساس من القانون، و القضاء أجدر من غيره في الاضطلاع بهذه المهمة، فالقضاة مستقلون لا سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون، فالقاضي منزه عن الهوى، و لا تحدوه إلا اعتبارات العدالة وحدها.


• إن الفصل في صحة نيابة أعضاء المجلس النيابي، هي مسالة قضائية، ولا تفصل فيها المجالس النيابية بالنزاهة المطلوبة، لان البرلمان يفصل بنزاع قضائي من وجهة نظر سياسية، وإسناد هذا الاختصاص للبرلمان يعني إن المسالة أصبحت سياسية لا قانونية، فالبرلمانات تتحكم بها القيادات الحزبية التي تفسد الحكم في مثل هذه الحالة، من خلال أحزاب الأغلبية و التي توجهها الاعتبارات الحزبية، و المصالح الشخصية، التي تراعي شخص الطاعن أو المرشح الذي أعلن فوزه. و مما لا شك فيه، إن الرقابة القضائية هي الضمان الحقيقي والفعال لتأكيد مشروعية الانتخابات النيابية ، فالسلطة القضائية هي الحامية لحقوق الأفراد وحرياتهم ، و هي التي تعطي للقانون فاعليته و إلزامه، وبغير هذه السلطة لا يعدو القانون أن يكون سوى قواعد نظرية لا يوجد ما يحقق لها الصفة الإلزامية الآمرة.

• إن وقت اكتساب عضوية مجلس النواب هو تاريخ حلف اليمين المنصوص عليها في المادة (80) من الدستور، لان مباشرة النائب لعملة مرتبط بحلف اليمين القانونية، ومن ثم فان الفترة ما بين إعلان نتيجة الانتخاب و حلف اليمين، لا يكتسب فيها المرشح الفائز صفة العضوية، و الطعن في قرار إعلان نتيجة انتخابه لا يعد فصلا في صحة عضويته لأنها لم تتأكد بعد ، بل يعتبر قرارا إداريا منفصلا عن العملية الانتخابية ، ولابد من خضوعه لرقابة القضاء ، وحرمان القضاء من نظر هذه الطعون يمثل مخالفة لمبدأ الفصل بين السلطات، لان المنازعة بطبيعتها منازعة قضائية بين أفراد وهو ما يحتم اختصاص القضاء بنظرها .

• إن معظم الدول التي قطعت شوطا في ميدان الديمقراطية، تسند الفصل في صحة نيابية أعضاء المجلس النيابي إلى القضاء، وأول من أدرك خطورة هذا الأمر هو المشرع الانجليزي ، حيث اسند الفصل في الطعون الانتخابية إلى المحكمة العليا ، بعد أن أدرك انه يستحيل على أعضاء المجلس النيابي، أن يتحولوا إلى قضاة يفصلون بنزاهة وحيدة في الطعون الانتخابية، كما اسند المشرع الفرنسي هذه المهمة إلى المجلس الدستوري و الذي لا يتردد بإبطال الانتخابات إذا ما رافق عملية الاقتراع مخالفات جسيمة .


7. تعديل المادة (73) و المتعلقة بتأجيل الانتخابات : هذا التعديل أملته الظروف التي مر بها الأردن بعد حرب 1967 وخسارة الضفة الغربية ، حيث أصبح جزء كبير من إقليم الدولة تحت الاحتلال ، وكان الانتخاب في ظل هذه الظروف امرأ مستحيلا ، لذلك تم تعديل النص بحيث أصبحت السلطة التنفيذية تملك تأجيل الانتخابات إلى اجل غير مسمى ، و عليه ، لابد من وضع ضوابط موضوعية وإجرائية لغايات تأجيل الانتخابات بحيث لا يتجاوز التأجيل مدة عامين .

8. تعديل المادة (75) و المتعلقة بشروط العين والنائب بحيث:

• ينص صراحة على حرمان مزدوجي الجنسية من الترشح لعضوية مجلس النواب .

• تعديل الفقرة (هـ) بحيث يكون النص من كان محكوما بجناية أو بجنحة مخلة بالشرف ، لان النص الحالي يسمح للأشخاص المحكومين بجرائم مخلة بالشرف بالترشح لعضوية مجلس النواب ، إذا كانت مدة العقوبة اقل من سنة، وهذا أمر مخجل و اعتقد لم يكن بنية المشرع الدستوري أن يقصد هذا الأمر ؟؟


9. تعديل المادة (78) من الدستور و المتعلقة بمدة الدورة العادية: بحيث تصبح مدة الدورة العادية (8) أشهر، لان المدة الحالية (4) شهور غير كافية، نظرا لتعدد و تشعب العمل البرلمان، والأمر الذي أصبح متعذرا قيام المجلس بواجبة في الرقابة والتشريع ؟؟


10. تعديل المادة (91) : وذلك بإضافة فقره جديد بحيث يتم وضع إطار زمني محدد يلزم مجلس الأعيان بنظر القانون المرفوع إليه من مجلس النواب ، لان النص الحالي يجعل المدة مفتوحة إلى اجل غير مسمى ، وهذا لا يستقيم وفيه ، عدم تقدير لمجلس النواب ممثل الشعب .


11. تعديل المادة (94) من الدستور وهي المادة المتعلقة بالقوانين المؤقتة: لابد من الرجوع إلى النص القديم بحيث تمنح الحكومة صلاحية وضع قوانين مؤقتة في حالات محددة حصرا، وهي ((الكوارث العامة، و حالة الحرب والطوارئ، و الحاجة إلى نفقات مستعجلة لا تتحمل التأجيل)). لان الهدف من تعديل النص في عام 1958 هو من اجل تسريع الوحدة مع العراق ، و اندماج الدولتين في دولة واحدة ، أما وقد انتهى هذا الأمر ، فقد آن الأوان لوضع ضوابط صارمة للسلطة التنفيذية في سن القوانين المؤقتة ، لان التجربة العملية أثبتت استغلال الحكومات لنص المادة الحالي ، بحيث أصبح كل قانون أمرا مستعجلا لا يحتمل التأخير، وهذا غير متصور لا عقلا ولا منطقا ؟؟


12. تعديل المادة (120) و المتعلقة بالوظيفة العامة : يجب أن تنظم كافة المسائل المتعلقة بالوظيفة العامة بقانون ، فهو اقرب للديمقراطية ، و أكثر استقرارا للموظف العام و الذي يشكل شريحة واسعة من أبناء هذه الدولة ، على أن تترك المسائل المتغيرة بطبيعتها (مثل الرواتب و العلاوات وغيرها ) إلى السلطة التنفيذية بحيث تقوم بتنظيمها بموجب نظام .


13. شطب المواد (58 وحتى 61) من الدستور و التي تتعلق بمحاكمة الوزراء: كون هذا النص يشكل عقبة قانونية كبيرة أمام محاكمة السادة الوزراء، فهل من مصلحة الأردن منح الوزير الفاسد حصانة ؟؟ وبسبب هذه العقبات و المعضلات القانونية و التي يصعب تجاوزها لم يقدم – إلا حالة واحدة – أي وزير للمحاكمة ؟؟
وقد آن الأوان الرجوع إلى جادة الصواب ( فالرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل)، و اقترح منح أعلى محكمة نظامية وهي محكمة التمييز صلاحية محاكمة السادة الوزراء ، مع توفير جميع ضمانات المحاكمة العادلة لهم .


14. شطب المادة (123) من الدستور و المتعلقة بالديوان الخاص بتفسير القوانين: لان مهمة تفسير القانون هي في الأصل من مهمة القضاء، فحق تفسير القوانين يعود في الدرجة الأولى للمحاكم فإذا فسرت قانوناً بما لها من صلاحية دستورية يصبح تفسيرها بحكم القانون وينبىء بما هو قصد الشارع في النقطة المفسرة، و في بعض الدول يختص القضاء الإداري بتفسير نصوص القانون من خلال (لجان الفتوى ) التابعة لهذا القضاء، وبعض الدول نصت على السماح بالتقدم بدعوى أمام القضاء الإداري تسمى (دعوى التفسير) من خلال هذه الدعوى تبين المحكمة المقصود بالنص القانوني .


ثانيا: من حيث التعديل بإضافة نصوص جديدة:
اعتقد إن هناك نصوص في غاية الأهمية تتعلق بمستقبل الأردن وحاضره، لابد من تضمينها لدستورنا الحالي وهي:
1. النص صراحة في الدستور على (( إن القضاة غير قابلين للعزل و ينظم القانون مساءلتهم تأديبيا ...)).

2. إضافة مادة تنص صراحة على: ( أن القضاة مكلفون بحماية الحقوق و الحريات التي كفلها الدستور و القانون )).

3. من اجل تلافي الفراغ التشريعي الموجود في الدستور الأردني، في الفترة ما بين استقالة الحكومة وتشكيل الحكومة الجديدة، لابد من إضافة مادة تعطي (( رئيس الوزراء المكلف بإصدار الأوامر لتسيير الأمور و لحين تشكيل الحكومة الجديدة...)).

4. إضافة مادة تتعلق بإنشاء محكمة دستورية وهذا يتطلب بالضرورة إعادة النظر في المادة (122) من الدستور. فمن اجل الوصول بالدولة الأردنية إلى مصاف الدولة المتقدمة ديمقراطياً فقد أصبح إنشاء محكمة دستورية ضرورة وطنية ملحة للأسباب والاعتبارات التالية:

• إن الرقابة على الدستورية بوصفها الحالي غير منظمة : وتقوم على جهود فردية للسادة القضاة ، ولا ترقى إلى مستوى الرقابة القضائية على دستورية القوانين من خلال ما يعرف بالدعوى الأصلية، والرقابة الحالية – رقابة الامتناع- لا تحقق الضمانات الكافية للأفراد، لأن الفصل في دستورية النصوص القانونية المخالفة للدستور، لا يشكل أولوية لدى القاضي، والذي ينصب اهتمامه في الأساس على الفصل بالدعاوى المنظورة أمامه من حيث الموضوع، بقطع النظر عن دستورية النص المراد تطبيقه على وقائع الدعوى.

• إن رقابة الدستورية توجب وجود قضاء دستوري متخصص: يتمتع بخبرة واسعة في مجال الدستورية ولديه اطلاع ودراية بأحكام القضاء الدستوري المقارن.

• إن الرقابة على الدستورية غير كافية حيث أن القانون المخالف للدستور لا يملك القضاء إلغائه وإنما يمتنع من تطبيق أحكامه على الدعوى المعروضة, في حين يجري تطبيق أحكامه على وقائع دعوى أخرى, وبذلك يبقى القانون المخالف للدستور نافذاً, أي إن القانون المخالف للدستور سوف يطبق على طائفة من المواطنين دون الطائفة الأخرى، وهذا يشكل هدرا لمبدأ المساواة .

• أن المجلس العالي لتفسير أحكام الدستور: لا يشكل بديلاً للمحكمة الدستورية, لا من حيث التشكيل (الذي يغلب عليه الطابع السياسي لا القانوني) و لا من حيث المهام و الصلاحيات، كون اختصاصه ينحصر بتفسير الدستور، وهذا يشكل أحد اختصاصات المحكمة الدستورية.

• من باب المنطق : إذا كان مقبولا لدى الدولة أن يراقب قاضي الصلح وهو حديث التخرج وحديث الخبرة – مع الاحترام- على دستورية القوانين ، فن باب أولى أن يعطى هذا الاختصاص، إلى قضاة لديهم الخبرة والنضج القانوني الكافيان،تؤهلهم الاضطلاع بهذه المهمة الكبيرة، ويجب أن لا نتعامل مع الدستور ، كما نتعامل مع أي قانون آخر .

• إن المحكمة الدستورية ليست بدعة أردنية: بل إن كثير من دول العالم، تبنوا إنشاء محاكم دستورية، ومن الدول العربية البحرين ومصر، وقد لاقى قضاء هذه المحاكم قبولا لدى الحاكم و المحكوم على حد سواء.

• لقد نصت الأجندة الوطنية : والتي تمثل خطة عمل الدولة وحتى عام 2015 ضرورة إجراء تعديلات دستورية بهدف إنشاء محكمة دستورية وخلق بيئة تشريعية مناسبة من خلال منظومة قانونية متكاملة تهدف إلى حماية الحقوق والحريات العامة.
1. لابد من النص صراحة على إنشاء مجلس دولة أردني يأخذ بمبدأ تعدد درجات التقاضي: ((يكون هذا المجلس صاحب الولاية العامة بنظر كافة المنازعات الإدارية...))،لان محكمة العدل العليا المنصوص عليها في المادة (100 ) من الدستور لا تعتبر بديلا، عن إنشاء هذا المجلس باعتباره حاميا للحقوق و الحريات ، وللأسباب و المبررات التالية:

• لم يأخذ المشرع في قانون محكمة العدل العليا بمبدأ تعدد درجات التقاضي: إن مشرعنا الأردني ومنذ عام 1951 وحتى تاريخه، جعل القضاء الإداري في الأردن على درجة واحدة ، فأحكام المحكمة(العدل العليا) نهائية ، أول درجة وآخر درجة ، غير قابلة للاعتراض أو المراجعة بأي حال من الأحوال وهذا أمر خطير ، و لا يحقق العدالة ، لأنه يحرم الخصوم من ميزات مبدأ تعدد درجات التقاضي ، فالحكم يكون نهائيا حتى لو أخطأت المحكمة كان تستند إلى تشريع ملغي مثلا أو ترد الدعوى لعدم وجود بينة يتضح فيما بعد وجودها في ملف الدعوى ؟؟

• اختصاص محكمة العدل العليا محدد على سبيل الحصر: لم يجعل المشرع محكمة العدل العليا صاحبة الولاية العامة بنظر كافة المنازعات الإدارية ، فما زال اختصاصها محدد على سبيل الحصر ولا نعلم ما هي الحكمة من وراء ذلك ؟؟ يبدو إن إيمان مشرعنا الأردني لم يصل بعد إلى حد اليقين بخصوص وجود قضاء إداري على درجتين ؟ .

• لم يحقق المشرع في قانون محكمة العدل العليا ميزة التخصص لقضاتها : السادة قضاة محكمة العدل العليا غير متخصصين في القانون الإداري،وغير مستقرين في عملهم كقضاة محكمة العدل العليا ، فهم مشبعون بروح القانون الخاص ، لأنهم امضوا أكثر من 25 عاما يطبقون قواعد القانون الخاص على المنازعات التي ينظرونها،وهم ينظرون إلى الإفراد والإدارة نظرة متساوية ، خلافا للقاضي الإداري المتخصص الذي يرى بحكم تكوينه وفلسفته ، إن الإدارة والتي تمثل الصالح العام، لن تتساوى في خصومتها مع الإفراد . لان طرفي النزاع غير متكافئين، و نظرية الإثبات في القانون الإداري تختلف عنها في القانون المدني .

• إن إنشاء قضاء إداري مستقل و متخصص ويأخذ بمبدأ تعدد درجات التقاضي يعتبر ضرورة وطنية ملحة، فالإدارة المؤمنة بدور القضاء الإداري وأهميته، والتي تخشى المساءلة ، سوف تحرص كل الحرص على وضع الفرد المناسب في المكان المناسب ، حتى تأمن عدم إلغاء قراراتها الإدارية غير المشروعية من قبل القضاء الإداري .




وجهة نظر أكاديمية محايدة نقدمها إلى من يهمه الأمر.


Nofan.a@ju.edu.jo