المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مقالة قانونية موثقة : قراءة في التعديلات الدستورية المقترحة (1-3 ) - د.ليث نصراوين



Essa Amawi
08-18-2011, 10:48 AM
المحامي الدكتور ليث كمال نصراوين


بعد فترة عمل استمرت قرابة الأربعة أشهر تقدمت اللجنة الملكية المشكلة لتعديل الدستور بمقترحاتها وتوصياتها حول إجراء العديد من التعديلات على الدستور الحالي وذلك إما بإضافة نصوص دستورية جديدة أو تعديل القائم منها أو إلغاء بعضها. إن الهدف الأساسي الذي سعت اللجنة الملكية إلى تحقيقه من التعديلات المقترحة إعادة التوازن بين السلطتين التشريعية والتنفيذية من خلال التخلص من مظاهر هيمنة السلطة التنفيذية على السلطة التشريعية والتي هي الميزة الأساسية للنصوص الدستورية الحالية.

من هنا تأتي أهمية هذه الدراسة في تحليل مقترحات تعديل الدستور التي تقدمت بها اللجنة الملكية بهدف الوقوف على طبيعتها ومدى تأثيرها في تحقيق التوازن المنشود بين السلطتين التشريعية والتنفيذية في الأردن وفيما إذا كانت هناك قتراحات دستورية أخرى لم تتضمنها التعديلات الأخيرة يمكن لمجلس الأمة أن يُضمنِّها الدستور الحالي أثناء مناقشته التعديلات الدستورية وإقرارها.


أولا: القوانين المؤقتة
يعد موضوع القوانين المؤقتة أهم الموضوعات ذات الصلة الوثيقة بتحقيق التوازن بين السلطتين التشريعية والتنفيذية. فكما كان متوقعا فقد أوصت اللجنة الملكية بتعديل أحكام المادة (94) من الدستور فيما يتعلق بتعريف حالة الضرورة التي تعد شرطا أساسيا لإصدار القوانين المؤقتة. فقد أقترحت اللجنة الملكية إعادة العمل بالنص السابق الذي تضمنه دستور 1952 عند إصداره تم تعديله عام 1958 على ضوء قرار الوحدة مع العراق. فالنص الأصلي في دستور 1952 الذي اقترحت اللجنة الملكية العودة إليه يعطي مجلس الوزراء الحق في إصدار قوانين مؤقتة لمواجهة الطوارئ التالية:

1- الكوارث العامة

2- حالة الحرب والطوارئ

3- الحاجة إلى نفقات مستعجلة لا تتحمل التأخير.

بالتالي فإن التعديل المقترح على المادة (94) قد ألغى التعريف الواسع الفضفاض لحالة الضرورة في النص الحالي والتي تتمثل في اتخاذ تدابير احترازية لا تحتمل التأخير وصرف نفقات مستعجلة لا تحتمل التأجيل حيث سيتم استبداله بحالات محددة على سبيل الحصر تشكل حالة الضرورة اللازمة لإصدار القوانين المؤقتة وهو الأمر الذي من شأنه أن يلغي السلطة المطلقة التي يتمتع بها مجلس الوزراء في تقدير وجود حالة الضرورة من عدمها دون أية رقابة قضائية تذكر.

ورغم أهمية التعديل السابق, إلا أن النص المقترح على المادة (94) قد حرم مجلس الأمة من حقه في تعديل القوانين المؤقتة المقرر بموجب النص الحالي. فالنص الحالي للمادة (94) من الدستور يتضمن أنه

"....ويكون لهذه القوانين المؤقتة التي يجب أن لا تخالف أحكام هذا الدستور قوة القانون على أن تعرض على المجلس في أول اجتماع يعقده وللمجلس أن يقر هذه القوانين أو يعدلها. أما إذا رفضها فيجب على مجلس الوزراء بموافقة الملك أن يعلن بطلانها فورا..."

في حين أن النص المقترح للمادة (94) يعطي مجلس الأمة الحق في قبول أو رفض القوانين المؤقتة فقط من دون تعديلها وذلك بالنص على أنه

"...ويكون لهذه القوانين المؤقتة التي يجب أن لا تخالف أحكام الدستور قوة القانون على أن تعرض على المجلس في أول اجتماع يعقده فإذا لم يقرها وجب على مجلس الوزراء بموافقة الملك أن يعلن بطلان نفاذها فوراً...".

كما عجز النص المقترح للمادة (94) عن معالجة مشكلة بقاء القوانين المؤقتة لفترة زمنية طويلة بين أروقة مجلس الأمة دون إقرارها. حيث كان يجب أن يتضمن التعديل المقترح تحديد فترة زمنية لمجلس الأمة لإقرار القوانين المؤقتة التي صدرت في غيابه.

فهناك قوانين مؤقتة بقيت في أدراج مجلس النواب سنوات عديدة لعدم وجود التزام دستوري على مجلس الأمة بضرورة إقرارها خلال فترة زمنية معينة وأكبر مثال على ذلك القانون المدني الذي بقي قانونا مؤقتا لأكثر من عشرين عاما قبل أن يتم إقراره من مجلس الأمة.

كما أبقى التعديل المقترح على المادة (94) على مظهر أساسي من مظاهر هيمنة السلطة التنفيذية على السلطة التشريعية الذي يتمثل في جعل مصير القانون المؤقت الذي يتم رفضه من مجلس الأمة بيد مجلس الوزراء. فالنص المقترح للمادة (94) يتضمن أنه إذا رفض مجلس الأمة القانون المؤقت فإنه يجب على مجلس الوزراء أن يعلن بطلان ذلك القانون المؤقت فورا وبعد الحصول على موافقة الملك على ذلك البطلان. فالأصل أن يتقرر بطلان القانون المؤقت من تاريخ رفضه من مجلس الأمة من دون تعليق ذلك الأمر على أي قرار من مجلس الوزراء.


ثانيا: حل البرلمان
يعد حل البرلمان من أهم السلطات التي تتمتع بها السلطة التنفيذية في مواجهة السلطة التشريعية. لذا فقد أفرد الدستور مجموعة من الضمانات الإجرائية لضمان عدم تعسف السلطة التنفيذية في حل البرلمان التي قامت اللجنة الملكية بمراجعة بعض نصوصها دون الأخرى وهي:

1- ضرورة تسبيب الإرادة الملكية بحل البرلمان: لم تتضمن التعديلات الدستورية الأخيرة النص صراحة على ضرورة أن تكون الإرادة الملكية السامية بحل البرلمان مسببة, بل بقي حكم التسبيب بحل البرلمان مشار إليه بشكل غير مباشر في المادة (74) من الدستور التي تنص على أنه إذا حل مجلس النواب فلا يجوز حل المجلس الجديد للسبب نفسه.

2- ضرورة أن تستقيل الحكومة التي يحل مجلس النواب في عهدها خلال أسبوع من تاريخ الحل: إن هذا الاقتراح الذي تقدمت به اللجنة الملكية يشكل عودة إلى النص السابق قبل التعديل الذي يفرض على الحكومة التي تقوم بحل مجلس النواب أن تستقيل بحيث تتشكل حكومة انتقالية لإجراء انتخابات تشريعية جديدة على أن يتم تشكيل حكومة جديدة أخرى بعد إجراء تلك الانتخابات. إن التساؤل يثور حول المغزى الدستوري من إجبار الحكومة التي تحل البرلمان على الاستقالة وكيف يمكن أن تشكل استقالة الحكومة خلال أسبوع من تاريخ الحل ضمانة لحل مجلس النواب. كما يثور التساؤل حول مغزى تشكيل حكومة انتقالية لإجراء الانتخابات على أن يتم تشكيل حكومة جديدة بعد انتخاب مجلس نواب جديد. إن حق الملك المطلق في اختيار شخص رئيس الوزراء يمكن أن يؤدي إلى إعادة اختيار رئيس الوزراء الذي تقرر حل البرلمان في عهده رئيسا جديدا للوزراء بعد إجراء الانتخابات.

3- ضرورة إجراء انتخابات تشريعية جديدة خلال أربعة أشهر على الأكثر من تاريخ حل البرلمان وإلا عاد المجلس المنحل بحكم الدستور. ففي هذا السياق يسجل للتعديلات الدستورية الجديدة أنها قد تخلصت من الفقرات (4و5و6) من المادة (73) وبالتالي من حق الملك في تأجيل الانتخاب تأجيلا عاما إذا كانت هناك ظروف طارئة يرى معها مجلس الوزراء أن إجراء الانتخاب يعد أمرا متعذرا. كما تم إلغاء النص الذي يسمح للملك - بناء على قرار من مجلس الوزراء - بأصدار القرار باجراء الانتخاب العام في نصف عدد الدوائر الانتخابية على الأقل على أن يتولى الاعضاء الفائزون فيها انتخاب ما لا يزيد على نصف عدد الاعضاء عن الدوائر الانتخابية الاخرى التي تعذر اجراء الانتخاب فيها. إن النصوص المقترح إلغاؤها قد استنفدت الغاية منها في الوقت الحالي, حيث أنه قد تمت إضافتها إلى الدستور الأردني على ضوء سقوط الضفة الغربية في يد الاحتلال الإسرائيلي عام 1967 والتي كانت جزءا من المملكة الأردنية الهاشمية بموجب قرار الوحدة بين الضفتين وهو الأمر الذي تعذر معه إجراء الانتخابات التشريعية في وقت استحقاقها الدستوري مما دفع الحكومة إلى تعديل الدستور لمعالجة هذا الوضع من خلال تأجيل الانتخابات التشريعية تأجيلا عاما.

4- ألغت التعديلات الدستورية ما كانت تشترطه المادة (74) من الدستور من ضرورة أن يستقيل الوزير الذي ينوي ترشيح نفسه الانتخابات قبل ابتداء الترشيح بمدة خمسة عشر يوما على الأقل. إن الإبقاء على هذا النص له أهمية قصوى في الوقت الحالي خصوصا بعد أن تقرر أن تقوم الحكومة التي تحل البرلمان بالاستقالة خلال أسبوع من تاريخ الحل. فبإلغاء النص السابق لا يوجد هناك ما يمنع الوزراء في الحكومة التي قامت بحل البرلمان من الترشح إلى مجلس النواب الجديد, وهو الأمر الذي كان يجب على اللجنة الملكية أن تتصدى له من خلال الإبقاء على النص السابق.



ثالثا: صلاحيات الملك
إن من أهم التعديلات التي تقدمت بها اللجنة الملكية والمتعلقة بحقوق الملك في الدستور الأردني تعديل المادة (33) من الدستور والخاصة بالمعاهدات والاتفاقيات الدولية. فقد نص التعديل المقترح على المادة (33) أن:

"معاهدات الصلح والتحالف والتجارة والملاحة والمعاهدات الأخرى التي يترتب عليها تعديل في أراضي الدولة أو نقص في حقوق سيادتها أو تحميل خزانتها شيئاً من النفقات أو مساس بحقوق الأردنيين العامة أو الخاصة لا تكون نافذة إلا إذا وافق عليها مجلس الأمة".
إن إعطاء الملك الحق في توقيع المعاهدات التي يترتب عليها تعديل في أراضي الدولة أو نقص في حقوق سيادتها يتعارض مع أحكام المادة (1) من الدستور التي تنص على أن المملكة الأردنية الهاشمية دولة عربية مستقلة ذات سيادة ملكها لا يتجزأ ولا ينزل عن شيء منه.

كما أن النص المقترح لتعديل المادة (33) لم يتضمن معالجة الخلل الذي أثاره المجلس العالي لتفسير الدستور في قراره رقم (1) لسنة 1962 حول تعريف كل من المعاهدات والاتفاقات. فقد عرف المجلس العالي لتفسير الدستور في قراره السابق (المعاهدات) بأنها اتفاق بين دولتين أو أكثر يكون لها طابع سياسي كمعاهدات الصلح ومعاهدات التحالف وما شابهها.

أما (الاتفاقات) فهي التي يكون طرفاها دولتان أو أكثر وتتعلق بغير الشؤون السياسية وبالأخص الشؤون الاقتصادية. إن من شأن هذه التعريفات اخراج اتفاقات القروض التي توقعها الدولة مع أشخاص طبيعيين أو أشخاص معنويين خاصة كالبنوك والشركات الأجنبية من رقابة مجلس الأمة عليها رغم أنها تمس حقوق وحريات الأردنيين وتحمل الخزينة شيئا من النفقات. لذا كان يفترض بالتعديل المقترح على المادة (33) أن ينص صراحة على ضرورة موافقة مجلس الأمة على اتفاقيات القروض مع الأشخاص المعنويين الخاصة والبنوك والشركات الأجنبية.

WALEED ALZAWAHREH
08-18-2011, 09:41 PM
و لا يزال الكثير من المشاكل
ننتظر التعليقات عليها