المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الامارات : قرارات المحكمة العليا بشأن تفسير الدستور 2



YoUSeF MoMaNI
03-03-2012, 09:44 PM
قرار المحكمة الاتحادية العليا
باسم حضرة صاحب السمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رئيس دولة الامارات العربية المتحدة

الدائرة الأولى

صادر بتاريخ 14/4 / 1976 م .

الموافق فيه 15 ربيع الثاني 1396 هـ .

في شأن تفسير المادة 89 من الدستور *
المؤلفة برئاسة السيد / محمد محمد محفوظ رئيس المحكمة الاتحادية العليا ،
وعضوية السادة القضاة / أحمد سميح طلعت ، أحمد سلطان ، أحمد مهدي الديواني وعبد المجيد محمود الغرايبة ،
وحضور السيد ممثل النيابة / محمد أبوعلم - المحامي العام ،
والسيد / محمد بركات مراد - كاتب الجلسة ،
بالجلسة العلنية المنعقدة في يوم الاربعاء 15 ربيع الثاني سنة 1396 هـ . الموافق 14 أبريل 1976م . بمقر المحكمة بمدينة أبو ظبي .
أصدرت القرار الآتي
في طلب التفسير المقيد بجدول المحكمة برقم 2 لسنة 4 قضائية .
المرفوع من المجلس الوطني الاتحادي
الوقائـع
قدم رئيس المجلس الوطني الاتحادي طلبا الى المحكمة الاتحادية العليا ورد بتاريخ 14 يناير سنة 1976م . في شأن تفسير المادة 89 من الدستور المؤقت للاتحاد فيما تضمنته من تخويل المجلس الوطني سلطة في تعديل مشروعات القوانين المحالة اليه ومدى هذه السلطة وهل تشمل الحذف والاضافة الى الأحكام الواردة في تلك المشروعات أم أنها تقف عند حد التعديل اللفظي وتغيير عبارة أو صياغة بأخرى .
ويخلص الموضوع – حسبما ورد في هذا الطلب أن مجلس الوزراء أحال الى المجلس الوطني الاتحادي مشروع قانون بتعديل بعض أحكام القانون رقم 10 لسنة 1974م . بانشاء البنك الوطني للاستثمار والتنمية وعملا بأحكام اللائحة فقد أحيل هذا المشروع الى لجنة الشئون المالية والاقتصادية بالمجلس الوطني لدراسته وتقديم تقرير عنه وعندما اجتمعت اللجنة تبين لها أن المشروع المطروح يتعلق بتبديل بعض أحكام القانون رقم 10 لسنة 1974م . بانشاء البنك المذكور وانه لا يتضمن الا تعديلا في اسم البنك فرأت اللجنة أنه من المناسب اضافة تعديلات أخرى استنادا الى سلطة المجلس في تعديل المشروعات المحالة اليه المقررة بموجب المادة 89 من الدستور وحين عرض على المجلس تقرير اللجنة بالتعديلات المقترحة قدمت وزارة الاقتصاد مذكرة اعترضت فيها على هذه التعديلات على أساس أنه اذا أحيل الى المجلس الوطني الاتحادي مشروع قانون في شأن تعديل مادة من مواد قانون قائم ومصدر فالرأي أن المجلس الوطني الاتحادي ليس له الحق في التصدي لباقي مواد القانون الأخرى ورأى المجلس قبل البت في الموضوع تكليف مستشار المجلس بتقديم تقرير بالرأي الدستوري في هذه المسألة فقدم تقريرا انتهى فيه الى أن مجلس الوزراء هو وحده صاحب الحق في اقتراح القوانين وأن المجلس الوطني يملك رفضها كما يملك تعديلها بالحذف والاضافة وأن الاضافات التي أدخلتها لجنة الشئون المالية والاقتصادية بالمجلس ليست اقتراحا لمشروع جديد وانما هي اضافة الى المشروع المقترح من مجلس الوزراء ترتبط به موضوعا وتدخل في حدود السلطات التي يملكها المجلس الوطني الاتحادي – وقد وافق المجلس على هذا الرأي وأبلغ مجلس الوزراء فأفاد وزير الدولة لشئون مجلس الوزراء أنه رئي استطلاع رأي الخبير الدستوري وحيد رأفت الذي أبدى أن التعديل المقصود الذي يملك المجلس الوطني الاتحادي ممارسته محصور بداهة في نطاق المواد الواردة في مشروع القانون المحال اليه فله أن يقرها أو يرفضها أو يعدلها بحذف بعض عباراتها أو تغيير صياغتها أو اضافة عبارة جديدة اليها أو تجزئة هذه المواد أو ادماجها ولكن ليس له بحال من الأحوال أن يتناول مواد أخرى لم يرد لها ذكر أصلا في مشروع القانون ما لم يكن تعديلها نتيجة لازمة لتعديل المواد المحالة اليه . وان مجلس الوزراء وافق على هذا الرأي – وقد عرض الأمر على المجلس الوطني الاتحادي بجلسته المنعقدة في 6/1 / 1976م . فقرر استعمال سلطاته في عرض الأمر على المحكمة الاتحادية العليا – وأرفق الطالب بطلبه حافظة مستندات بها المكاتبات المتبادلة بين المجلس الوطني الاتحادي وبين مجلس الوزراء في هذا الخصوص وأحيل الطلب الى التحضير وعين القاضي أحمد سميح طلعت عضو الدائرة لتحضير الطلب وتهيئته للمرافعة .
وحضر بجلسات التحضير الدكتور السيد محمد ابراهيم مستشار المجلس الوطني الاتحادي نائبا عن المجلس بموجب قرار الانابة الصادر اليه من المجلس بجلسته المنعقدة في 20/1 / 1976م . وصمم على ما جاء بالطلب كما حضر عن مجلس الوزراء السيد / محمد غنيم المستشار بدائرة الفتوى والتشريع وقدم حافظة بها مشروع القانون والتعديلات التي أدخلتها لجنة الشئون المالية والاقتصادية على مواد القانون الأصلي واشتملت الحافظة كذلك على المكاتبات المتبادلة بين مجلس الوزراء والمجلس الوطني الاتحادي في خصوص هذا الموضوع وفتوى الخبير الدستوري .
وقدمت النيابة مذكرة بالرأي الدستوري في هذا الطلب .
وبعد تحضير الطلب وايداع التقرير حدد لنظره جلسة 4/4 / 1976م . وفيها حضر عن المجلس الوطني الاتحادي المستشار الدكتور السيد محمد ابراهيم كما حضر عن مجلس الوزراء المستشار محمد غنيم الذي قدم مذكرة برأي مجلس الوزراء في هذا الطلب وهو يتلخص في أن سلطة المجلس الوطني في التعديل قاصرة في نطاق مشروع القانون المحال اليه بتعديل بعض مواد قانون قائم ولا يجوز أن يتناول مواد القانون الأصلي التي لم تكن من بين ما هو مطروح على المجلس وقدم المجلس الوطني الاتحادي مذكرة أصر فيها على رأيه السابق وتمسكت النيابة برأيها الثابت بمذكرتها وحددت المحكمة للنطق بالقرار جلسة اليوم .
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وتلاوة تقرير القاضي المقرر وسماع الايضاحات التي أدلى بها الطالب ومجلس وزراء الاتحاد وطلبات النيابة العامة ، وبعد المداولة .
من حيث ان الطلب استوفى الأوضاع المقررة قانونا فهو مقبول شكلا .
ومن حيث ان المجلس الوطني الاتحادي طلب تفسير المادة 89 من الدستور فيما تضمنته من تخويل المجلس الوطني الاتحادي سلطة في تعديل مشروعات القوانين المحالة اليه ومدى هذه السلطة وهل تشمل الحذف والاضافة الى الأحكام الواردة في تلك المشروعات أم أنها تقف عند حد التعديل اللفظي وتغيير عبارة أو صياغة أخرى .
وحيث ان المادة 89 من الدستور المؤقت للاتحاد تنص على أنه " مع عدم الاخلال بأحكام المادة 110 تعرض مشروعات القوانين الاتحادية بما في ذلك مشروعات القوانين المالية على المجلس الوطني الاتحادي قبل رفعها إلى رئيس الاتحاد لعرضها على المجلس الأعلى للتصديق عليها ويناقش المجلس الوطني الاتحادي هذه المشروعات وله أن يوافق عليها أو يعدلها أو يرفضها "، كما تنص المادة 60 من الدستور على الاختصاصات التي يمارسها مجلس الوزراء بوجه خاص ومن بينها " اقتراح مشروعات القوانين الاتحادية واحالتها الى المجلس الوطني الاتحادي قبل رفعها الى رئيس الاتحاد لعرضها على المجلس الأعلى للتصديق عليها "، وعددت المادة 110 الاجراءات التي يمر بها مشروع القانون قبل أن يصبح قانونا وأولى هذه الاجراءات ما ورد في الفقرة 2 / أ وهي " أن يعد مجلس الوزراء مشروع القانون ويعرضه على المجلس الوطني الاتحادي " ويبين من كل ذلك أن مشروعات القوانين التي تحال الى المجلس الوطني الاتحادي وفقا للمادة 89 من الدستور المؤقت هي تلك التي يعدها مجلس الوزراء لأن الأصل ان كل تنظيم دستوري لا يتقرر الا بنص صريح يحدد معالمه ويرسم حدوده وقد نص الدستور على تقرير هذا الاختصاص لمجلس الوزراء ولا وجود لمثل هذا النص بالنسبة للمجلس الوطني الاتحادي وانما كل اختصاصه التشريعي قد تناوله البيان الحصري الذي تضمنته المادة 89 وهو حق الموافقة على مشروعات القوانين المحالة اليه من مجلس الوزراء أو تعديلها أو رفضها وقد سبق النص على التعديل عاما مطلقا دون تقييد أو تخصيص ومن ثم يتبسط نطاقه لشمول كل التعديلات أيا كانت صورها وسواء كانت تعديلات في موضوع النصوص أو في عباراتها أو صياغتها وعلى ذلك فإن للمجلس الوطني الاتحادي بمناسبة مناقشة مشروع قانون معين أن يقرر تعديل بعض نصوصه أو تجزئتها أو حذفها كليا كما أن له أن يقرر اضافة نصوص جديدة الى المشروع ، بيد أن هذا التعديل بصوره المختلفة هو في الواقع تعديل تكميلي أو جزئي يرد على اقتراح أصلي بمشروع قانون سبق تقديمه من الحكومة – ومن ثم فإن مدى التعديل يجب أن يرتبط ارتباطا عضويا بالمشروع المطروح على المجلس وأن يكون جزءا من المسألة الكلية التي ينظمها المشروع فلا يتخذ ذريعة لاضافة نصوص جديدة مثبتة الصلة بالموضوع الذي يعالجه مشروع القانون كما لا يجوز استكراه حدود المشروع الذي يعالجه مشروع القانون كما لا يجوز استكراه حدود المشروع ومقاصده لادخال تعديلات واضافات ليست منه أو لا تتسع لها دائرة العلاقات القانونية التي قصد المشرع تنظيمها سواء في مضمونها أو في أهدافها والا كان ذلك استعمالا من المجلس لسلطته استعمالا لا تربطه بالغاية التي يهدف الدستور الى تحقيقها رابطة منطقية واضحة وتغدو هذه التعديلات وقد انطوت في حقيقتها على اقتراح بقانون صادر عن المجلس الوطني الاتحادي استقلالا عن المشروع المقدم من الحكومة وهو أمر محظور على المجلس الوطني ممارسته كما سبق القول .
وحيث انه تفريعا على ما تقدم فإنه اذا أحيل الى المجلس الوطني الاتحادي مشروع قانون بتعديل جزئي يتناول بعض مواد وردت في قانون من قوانين الدولة أو في أي عمل تشريعي له قوة القانون فإن سلطة المجلس الوطني في التعديل بشتى صورها يجب أن يمارسها المجلس في اطار ما هو مطروح عليه دون غيره ولا يجوز بأي حال أن يستطيل التعديل الى مواد أخرى وردت في القانون الأصلي ولم يرد لها ذكر في مشروع القانون المحال اليه أو استكراه نصوص المواد المحالة اليه ومقاصد المشروع منها لانتزاع مسوغ يبرر تنقيح مواد القانون الأخرى على أية صورة – والا أصبحت ممارسة المجلس للتعديل على هذا النحو وامتداده الى مواد أخرى وردت في صلب القانون الأصلي تخطيا من المجلس لحدوده الدستورية واقتحاما منه في منطقة حرمها الدستور ومحاولة لاضفاء ثوب من الشرعية على التوسع في اختصاص حصري حدده الدستور وذلك أن تعديل مواد أخرى وردت في القانون وغير معروضة على المجلس في نطاق مشروع القانون هو في حقيقته اقتراح أصلي بتعديل قانون وليس تعديلا تكميليا يرد على مشروع قانون والاقتراح بتعديل قانون هو اقتراح بقانون وهو غير جائز صدوره عن المجلس الوطني وينطوي على مشاركة منه لمجلس الوزراء في وظيفة تشريعية استأثر بها مجلس الوزراء وحده بحكم الدستور – على أنه اذا كان من مقتضى التعديلات التي يلحقها المجلس الوطني بالمشروع في النطاق الذي حددته المحكمة ضرورة اجراء تعديل لازم في نصوص القانون الأصلي فإن للمجلس أن يضطلع – استثناء – بهذا التعديل باعتباره أثرا حتميا ومباشرا للتعديلات التي يدخلها على المشروع حتى تتسق النصوص مع بعضها البعض وينسجم القانون مع ذاته على أن يراعى في ذلك أن يكـون أعمال هذا التعديل بقدر وفي أضيق الحدود .
فلهذه الأسباب
وبعد الاطلاع على المواد 60 ، 89 ، 110 من الدستور المؤقت للاتحاد .
قررت المحكمة ان سلطة المجلس الوطني الاتحادي في تعديل مشروعات القوانين المحالة اليه من مجلس الوزراء وفقا للمادة 89 من الدستور المؤقت تنبسط دائرتها لشمول الحذف والتجزئة والاضافة الى مواد المشروع سواء كان التعديل في ذات المسائل الموضوعية أو في عباراتها أو صياغتها شريطة أن تكون هذه التعديلات متصلة اتصالا عضويا بالمسألة الكلية التي يعالجها المشروع ومرتبطة بالعلاقات القانونية التي يهدف المشروع الى تنظيمها برابطة منطقية واضحة – وانه اذا أحيل الى المجلس الوطني الاتحادي مشروع قانون بتعديل جزئي يتناول بعض مواد قانون قائم فإن سلطة المجلس في التعديل تنحصر بشتى صورها في اطار هذا المشروع دون غيره ولا تمتد بأي حال الى مواد أخرى في القانون لم يشملها المشروع ما لم يكن تعديلها ضروريا وأمرا حتميا ومباشرا للتعديلات التي يدخلها المجلس على المشروع على أن يكون اعمال هذا التعديل بقدره وفي أضيق الحدود وبما يتفق ومقاصد المشروع