المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الامارات : قرارات المحكمة العليا بشأن تفسير الدستور 4



YoUSeF MoMaNI
03-06-2012, 10:11 PM
قرار المحكمة الاتحادية العليا

قرار المحكمة الاتحادية العليا

باسم حضرة صاحب السمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رئيس دولة الامارات العربية المتحدة

صادر بتاريخ 28/6 / 1981 م .

الموافق فيه 25 شعبان 1401 هـ .

في شأن الفصل في دستورية المادتين 61 و62 من قانون الاجراءات المدنية لامارة ابي ظبي *
ان الدائرة الدستورية في المحكمة الاتحادية العليا ،
المؤلفة من رئيس المحكمة السيد / صلاح الدين الشاش ،
وعضوية القضاة السيد / أحمد سلطان والسيد / محمد صفوت القاضي والسيد / محمد عبد الخالق البغدادي والسيد / مصطفى علي الخالد ،
وبحضور المحامي العام السيد / حسن الشققي ،
وكاتب الجلسة السيد / نبيل ابراهيم عرب .
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد 25 شعبان 1401 هـ . الموافق 28/6 / 1981م . بمقر المحكمة بمدينة أبوظبي ،
أصدرت الحكم الآتي :
في طلب التفسير ذي الرقم : 14 لسنة 9 ،
المرفوع من : الدائرة المدنية لمحكمة النقض في الطعن ذي الرقم 40 لسنة 2 ق . ع . م .
بعد الاطلاع على طلب دائرة النقض في الطعن ذي الرقم 40 لسنة 2 ق . ع . م . وسائر الأوراق ومطالبة النيابة العامة وبعد المداولة قانونا .
حيث ان دائرة النقض بالمحكمة الاتحادية العليا ، أحالت هذا الطلب الى الدائرة الدستورية للفصل في دستورية المادتين 61 ، 62 من قانون الاجراءات المدنية لامارة أبي ظبي اللتين أجازتا الحكم بالفائدة وذلك على ضوء المادة السابعة من الدستور ووفقا للمادة 99/3 منه والمادة 33/4 من قانون المحكمة الاتحادية العليا 2
وحيث أن الحاضر عن بنك جاناتا الطاعن بالنقض قدم مذكرة نعى فيها على محكمة النقض تقدمها بهذا الطلب التفسيري وشرح ذلك بقوله ان محكمة الاستئناف المدنية بأبي ظبي رفضت دفعه بعدم اختصاصها ببحث دستورية القوانين وقضت باختصاصها وأصدرت حكمها في الموضوع بما يعدم حكمها لمخالفته لقواعد الاختصاص الوظيفي ويترتب على هذا الانعدام أن تتصدى محكمة النقض للفصل أولا في مسألة الاختصاص وتقضي بنقض الحكم لهذا السبب دون نظر في الموضوع أو نظر أي أمر يتفرع عنه كالاحالة الى المحكمة الدستورية ، وقرار محكمة النقض بهذه الاحالة يعني انها قضت بعدم اختصاص المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه مما يستوجب نقضه ، فإذا فرض جدلا توافق رأي المحكمة الدستورية من حيث الموضوع مع ما انتهى اليه الحكم المطعون فيه أصبحت محكمة النقض ملزمة به ويتعين عليها رفض الطعن المقدم في حكم منعدم قررت هي بنفسها انعدام ولاية المحكمة التي اصدرته .
وحيث ان هذا النعي لا يصادف محله ذلك أن قرارات وأحكام محكمة النقض لا مجال للطعن عليها وليست هذه المحكمة في دائرتها الدستورية جهة طعن لها وليس من سلطانها التصدي لموضوع مطروح على المحكمة طالبة التفسير ، وقد أوضحت المادة 33 من القانون الاتحادي رقم 10 لسنة 1973م . في شأن المحكمة الاتحادية العليا 2 حدود اختصاصها ومدى ولايتها على سبيل الحصر بما يخرج موضوع الدفع عن هذه الولاية ، واذ عهدت المادة سالفة الذكر في فقرتها الرابعة للمحكمة العليا بولاية بحث دستورية القوانين والتشريعات واللوائح عموما اذا ما أحيل اليها هذا الطلب من أي محكمة من محاكم الاتحاد أو الامارات الأعضاء أثناء دعوى منظورة أمامها مؤكدة ما جاء بحكم الفقرة الثالثة من المادة التاسعة والتسعين من الدستور المؤقت للامارات العربية ، واذ أحالت محكمة النقض طلبها هذا في حدود ما رسمته المادة سالفة الذكر أثناء دعوى منظورة أمامها فإن طلبها هذا يكون مقبولا شكلا ويتعين رفض ما جاء في هذا النعي .
وحيث أن هذه المحكمة حينما تفصل في موضوع طلب التفسير المقدم تحرص على أن تنبه الاذهان الى أن الفصل يجري محدودا في نطاق لا يجوز تجاوزه الا وهو أمر طلب بحث دستورية المادتين 61 ، 62 من قانون الاجراءات المدنية لامارة أبي ظبي ، اللتين أجازتا الحكم بالفائدة ، ومن ثم فلا يعتبر مطروحا للبحث كل ما يتجاوز هذا النطاق من حيث حل الفائدة أو تحريمها ومدى اتفاقها أو مخالفتها لأحكام الشريعة الغراء على وجه العموم اذ أن أمر هذه المهمة موكول للمشرع ، فقد حثت المادة 150 من الدستور السلطات الاتحادية على الاسراع في استصدار القوانين المشار اليها فيه ، لكي تحل محل التشريعات والأوضاع الحالية وخاصة ما يتعارض منها مع أحكام الدستور ومنها أن تكون الشريعة الاسلامية مصدرا رئيسيا للتشريع حسبما قررته المادة السابعة منه ، وليست هذه مهمة القضاء .
وحيث أنه وفي النطاق المتقدم تحديده يبين من الاطلاع على البيان الصادر عن المجلس الأعلى للامارات العربية المتحدة انه أعلن عن سريان الدستور المؤقت للامارات العربية المتحدة ابتداء من الخامس عشر من شوال سنة 1391 هـ . الموافق اليوم الثاني من شهر ديسمبر سنة 1971 م .، تحقيقا لارادة شعب الامارات ، كما أعلن عن قيام دولة الامارات العربية المتحدة دولة مستقلة ذات سيادة جزءا من الوطن العربي الكبير ، وان من بين ما تهدف اليه الحفاظ على استقلالها وسيادتها وعلى أمنها واستقرارها وتحقيق التعاون الوثيق فيما بين اماراتها لصالحها المشترك من أجل هذه الأغراض ، ومن أجل ازدهارها وتقدمها في كافة المجالات وتوفير الحياة الأفضل لجميع المواطنين ، وكان لزاما ازاء هذا الاعلان مراعاة الوضع الناشئ عن قيام هذا الاتحاد مع قيام الاختلاف بين الامارات المكونة له من حيث قوانينها واللوائح والمراسيم والأوامر والقرارات المعمول بها عند نفاذ هذا الدستور والتدابير والأنظمة السائدة فيها ، ومما لا ريب فيه انه يترتب على تغيير ذلك كله أو الغائه فجأة اشاعة الفوضى الشاملة والاطاحة بكل عناصر الأمن والاستقرار في الجماعة بما يؤخر ازدهارها وتقدمها في المجالات القانونية ويأتي بعكس النتيجة المرجوة من قيام هذا الاتحاد .
ومن أجل ذلك أوحت الحكمة للمشرع الدستوري أن يداوي الأوضاع هذه في تؤدة بالغة تجنبا لأي هزة لا يكون من ورائها الا المضرة ، وفي ادراك عميق لصعوبة هذه المهمة وتعقيداتها سلك المشرع النهج التدريجي في اجراء تلك المواءمة ، فنراه أحيانا يفصح عن ذلك صراحة كما حدث مثلا في مجال الوحدة الاقتصادية والجمركية حيث نص في الفقرة الأولى من المادة الحادية عشر من الدستور المعلن على أن " تشكل امارات الاتحاد وحدة اقتصادية وجمركية وتنظم القوانين الاتحادية المراحل التدريجية المناسبة لتحقيق تلك الوحدة "، واستمرارا في طريق هذا النهج أورد في مقدمة الدستور المؤقت بيانا تفصيليا للهدف من قيام الاتحاد والسياسة المتأنية المرسومة لهذا الغرض ، بالاعلان عن رغبة حكام الامارات في ارساء قواعد الحكم الاتحادي خلال السنوات المقبلة على أسس سليمة تتمشى مع واقع الامارات وامكانياتها في الوقت الحاضر وتطلق يد الاتحاد بما يمكنه من تحقيق أهدافه وتصون الكيان الذاتي لأعضائه ، بما لا يتعارض وتلك الأهداف ، ووعد الحكام شعب الاتحاد في الوقت ذاته بالحياة الدستورية الحرة الكريمة ، مع السير به قدما نحو حكم ديمقراطي نيابي متكامل الاركان في مجتمع عربي اسلامي ، متحرر من الخوف والقلق . ومن أجل ذلك كله والى أن يتم اعداد الدستور الدائم للاتحاد ، ووفق على تطبيق الدستور المؤقت خلال فترة انتقالية مدتها خمس سنوات تبدأ من تاريخ اعلانه مدت لفترة أخرى تحقيقا لهذا الهدف ، وأفرد الباب العاشر من الدستور بالأحكام الختامية والمؤقتة التي تنظم عملية تطبيقه أثناء تلك الفترة الانتقالية ، واذ كان ذلك هدف المشرع وسياسته واذ أدرك أن التشريع هو نبض المجتمع وأداته لتنظيم شئونه وتحقيق أهدافه وارساء قيمه وحماية مكاسبه وتأمين مستقبله فقد حرص على احاطته بكافة عوامل الاستقرار في أثناء عملية المواءمة المشار اليها من قبل ، بما أورده من أحكام في هذا الخصوص في المادة 148 وما بعدها وذلك لما للتشريع من الأثر الخطير في شئون الجماعة .
وحيث ان البين من المواد 148 وما بعدها ان المشرع الدستوري قد فرق بين طائفتين من التشريعات خص كل طائفة منها بحكم مغاير ، أما الطائفة الأولى فهي مجموعة التشريعات المعمول بها عند نفاذ الدستور ، وهذه الطائفة يحكمها نص المادة 148 بقوله ان " كل ما قررته القوانين واللوائح والمراسيم والأوامر والقرارات المعمول بها عند نفاذ هذا الدستور في الامارات المختلفة الأعضاء في الاتحاد ووفقا للأوضاع السائدة فيها يظل ساريا ما لم يعدل أو يلغ وفقا لما هو مقرر في هذا الدستور " وأما الطائفة الثانية فهي كل التشريعات التي تلي في صدورها العمل بالدستور المؤقت أيا كان مصدرها ، وبينها الدستور في المادتين 149 ، 150 ثم بين تدرجها وحكم تطبيقها في المادة 151 منه بقوله " لأحكام هذا الدستور السيادة على دساتير الامارات الأعضاء في الاتحاد وللقوانين الاتحادية التي تصدر وفقا لأحكامه الأولوية على التشريعات واللوائح والقرارات الصادرة عن سلطات الامارات وفي حالة التعارض ، يبطل من التشريع الأدنى ما يتعارض مع التشريع الأعلى ، وبالقدر الذي يزيل ذلك التعارض وعند الخلاف يعرض الأمر على المحكمة الاتحادية العليا للبت فيه " وهذه التشريعات هي التي تخضع لرقابة المحكمة العليا في حدود ما قررته تلك المادة للوصول بعملية المواءمة الى غايتها ، وترتيبا على ذلك فإن كل ما قررته القوانين واللوائح والمراسيم والأوامر والقرارات المعمول بها عند نفاذ هذا الدستور تظل سارية وتكتسب قوتها الملزمة طوال فترة سريانها من أحكام الدستور نفسه طالما أنها لم تعدل أو تلغ وفقا لما هو مقرر في أحكامه فإذا لم يتناولها التعديل أو الالغاء يتعين احترامها وتطبيقها ولا يجوز لأي سلطة في الدولة اهدارها أو الامتناع عن تطبيقها بحجة انها لا تتمشى 2 مع روح بعض النصوص الدستورية اذ انها في منأى من تطبيق أحكام المادة 151 من الدستور وذلك للشرعية التي اسبغتها عليه أحكامه تحقيقا لطمأنينة المجتمع واستقراره بل ان تعطيل حكم المادة 148 من الدستور أخذا بتلك المبررات يعتبر تعطيلا لحكم من أحكامه حرمته المادة 145 منه ، وقد أكد المشرع هذا النظر بما ألزم به في نص المـادة الـ 12 من القانون الاتحادي ذي الرقم 6 لسنة 1978م . في شأن انشاء المحاكم الاتحادية ، اذ بعد أن أورد نص المادة الثامنة منه ، من أن المحاكم الاتحادية تطبق الشريعة الاسلامية والقوانين الاتحادية وغيرها من القوانين المعمول بها نص على أنه " مع مراعاة ما هو منصوص عليه في هذا القانون ، تعمل المحاكم الاتحادية بالاجراءات والقواعد والنظم المعمول بها حاليا أمام الهيئات القضائية الحالية " وغني عن البيان أنه لا يؤثر على تلك الوجهة من النظر ولا يتعارض معها ما نصت عليه المادة السابعة من الدستور من أن الاسلام هو الدين الرسمي للاتحاد والشريعة الاسلامية مصدر رئيسي للتشريع فيه اذ أن خطوات المشرع تسير نحو هذا المبدأ لتحقيقه كغاية دل على ذلك تأليف لجان لوضع التشريعات المستمدة من الشريعة الاسلامية ولا يعيب تلك الخطوات التشريعية أن تكون متأنية بلا ضرر ، واثقة بذلك من الوصول الى الهدف المرجو ، لما كان ذلك كله وكانت المادتان 61 ، 62 من قانون الاجراءات المدنية لامارة أبي ظبي اللتين أجازتا الحكم بالفائدة موضوع طلب التفسير القائم قد صدرتا بمقتضى قانون الاجراءات المدنية ذي الرقم 3 لسنة 1970م . والذي كان معمولا بأحكامه قبل نفاذ الدستور في 2/12/1971م . وما زالت أحكامه قائمة لم تعدل أو تلغ حتى الآن ، فإن هذا القانون وطبقا للمادة 148 من الدستور يعتبر دستوريا ويتعين على الجميع التزام أحكامه السارية حتى الآن ومنها نص المادتين 61 ، 62 موضوع هذا الطلب ولا ينال من ذلك ما ورد في المادة الـ 8 من القانون الاتحادي ذي الرقم 6 لسنة 1978م. ولا المادة الـ 75 من القانون ذي الرقم 10 لسنة 1973م. بشأن المحكمة الاتحادية العليا اذ ليس في هذين النصين ما يزيل القوة الملزمة التي أكسبها الدستور لقانون الاجراءات المدنية بما قرره في شأنه في المادة 148 منه ، وهنا تجدر الاشارة الى أن نص المادة 62 من القانون المشار اليه اذ نصت في فقرتها 1 ، 2 على أنه لا يجوز أن يزيد سعر الفائدة التي تحددها المحكمة عن السعر الذي اتفق عليه الأطراف أو تعاملوا به في أي مرحلة قبل رفع الدعوى أو اذا لم تتفق الأطراف على سعر الفائدة فللمحكمة أن تحدد سعرا لذلك على ألا يزيد عن 12 بالمائة في المعاملات التجارية ، و9 بالمائة في المعاملات غير التجارية ، انما قصد الزام القاضي بعدم تجاوز تلك النسب في تحديد سعر الفائدة سواء في حالة اتفاق الاطراف عليها أو عدم اتفاقهم ، وهدف المشرع من ذلك هو حماية الدين من الاستغلال كما هو واضح من نص المادة الـ 63 من قانون الاجراءات المنوه به ، ذلك النص القائل بأنه لا يجوز قبول الدعوى بطلب الفائدة عن مبلغ محكوم به اذا أهمل قرار المحكمة أي أمر بشأن الفائدة "، وعلى ذلك فإذا زاد الاطراف في اتفاقهم على السعر الموضح في البند الثاني من المادة الـ 62 تعين على المحكمة النزول بالزيادة الى الحد المسموح به قانونا وهذا يؤدي بالضرورة الى بطلان كل فائدة مركبة أيا كانت وسيلة احتسابها سدا للتحايل على زيادة حدها المبين فيها وهو الأمر المتمشي مع روح الدستور والقانون .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطلب شكلا وفي الموضوع بدستورية المادتين 61 ، 62 من قانون الاجراءات المدنية ذي الرقم 3 لسنة 1970م