المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الامارات : طعن رقم 697 لسنة 26 القضائية ( الرشوة )



YoUSeF MoMaNI
03-12-2012, 11:34 PM
طعن رقم 697 لسنة 26 القضائية


صادر بتاريخ 17/12/2005 ( شرعي جزائي )
هيئة المحكمة : الرئيس الحسيني الكناني والمستشاران علي الدميري وامام البدري .
1- سلطة محكمة الموضوع في تحصيل فهم الواقع وتقدير الادلة والاخذ بإعتراف المتهم عند اطمئنانها إلى صحة صدوره عن ارادة حرة ومختارة بالرغم من عدوله عنه فيما بعد مع عدم التزامها بتتبع الخصوم في جميع اقوالهم وحججهم والرد عليها استقلالاً طالما الرد ضمنياً في الحقيقة المنتهية اليها.
2- سلطة القاضي بإصدار حكمه في المواد الجزائية وتكوين عقيدته من مجموع العناصر المطروحة وذلك بطريق الاستنتاج طالما استخلاصه سائغاً ومقبولاً في العقل والمنطق.
3- جواز احالة محكمة الاستئناف إلى الاسباب الواردة في الحكم المستأنف دون ذكرها وذلك في حال تأييدها.
4- بيان الحكم الاركان القانونية للجريمة المدان بها الطاعن المتهم وصياغتها بشكل موضحٍ للواقعة كافٍ لتحقيق حكم القانون في تسبيب الاحكام.
5- الاخلال بواجبات الوظيفة المقصود في جريمة الرشوة هو كل عبث ماس بالاعمال القائم بها الموظف وكل تصرف أو سلوك منسوبٍ إلى هذه الاعمال ومكمل لها.
6- عدم اشتراط دخول الاعمال في جريمة الرشوة ضمن نطاق الوظيفة مباشرة أو ضمن اختصاص الموظف.
7- عدم اعتبار تنفيذ العمل المطلوب من المرتشي ركناً في جريمة الرشوة كونها متحققة بمجرد طلب الرشوة أو اخذها أو قبولها.
8- عدم اشتراط اختصاص الموظف دون غيره بالاعمال المتعلقة بالرشوة.
9- توافر الزعم بالاختصاص بالرغم من عدم افصاح الموظف صراحة بحيث كفاية ابداء الموظف استعداده للقيام بالعمل الداخل ضمن اختصاصه.
10- الاعفاء المنصوص عليه في المادة 239/1 عقوبات قاصر على الراشي والوسيط دون المرتشي.
11- اعراض الحكم عن دفاع ظاهر البطلان غير معيب له.
ملخص المكتب الفني للمحكمة الاتحادية العليا
( 1 ) محكمة الموضوع . إثبات . اعتراف .
لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة ومنها شهادة الشهود والترجيح بينها .
- لها الأخذ باعتراف المتهم ولو ورد بمحضر جمع الاستدلالات أو تحقيقات النيابة العامة شرطه الاطمئنان لصحته وصدوره عن إرادة حرة مختارة وواعية ولو عدل عنه المتهم فيما يعد في الجرائم التعزيرية . حسبها أن تبين الحقيقة التي اقتنعت بها وأن تقيم قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله .
( 2 ) حكم . إثبات .
سلطة القاضي الجزائي واسعة وحريته كاملة في ثبوت الجرائم أو عدم ثبوتها والوقوف علي علاقة المتهم ومدة صلته بها . له مطلق الحرية في تكوين عقيدته من الأدلة قولية أو فنية أو قرائن شرطه سلامة الاستخلاص .
( 3 ) محكمة الاستئناف . حكم
تأييد محكمة الاستئناف للحكم المستأنف للأسباب التي بنى عليها مؤداه كفاية الإحالة عليه . أساس ذلك أن المحكمة اعتبرتها صادرة منها .
( 4 ) رشوة . جريمة . موظف عام . قصد جنائي .
- الإخلال بواجبات الوظيفة اتساع مدلوله لاستيعاب كل عبث يمس الأعمال التي يقوم بها الموظف . من واجبات الوظيفة أدائها على الوجه السوي مادة 234 عقوبات .
- المشرع استهدف من النص على مخالفة الوظيفة مدلولاً أوسع من أعمال الوظيفة لتشمل أمانة الوظيفة ذاتها .
- في جريمة الرشوة ليس من الضروري أن تكون الأعمال التي يطلب من الموظف أداؤها داخلة في نطاق الوظيفة مباشرة أو في اختصاصه . كفاية أن يكون له اتصال يسمح له بتنفيذ الغرض من الرشوة .
- تنفيذ العمل المطلوب من المرتشي ليس ركناً في الجريمة . مفاد ذلك أن الجريمة تتم بمجرد طلب الرشوة أو أخذها أو قبولها .
- في جريمة الرشوة لايشترط أن يكون الموظف وحده المختص بالقيام بجميع العمل المتعلق بالرشوة كفاية أن يكون له منه نصيب من الاختصاص يسمح له بتنفيذ الغرض منه .
- الزعم بالاختصاص توافره ولو لم يفصح به الموظف صراحة كفاية إبداء الموظف استعداده للقيام بالعمل الذي لايدخل في نطاق اختصاصه .
( 5 ) أسباب الإباحة وموانع العقاب . مسئولية جنائية . رشوة جريمة .
في جريمة الرشوة الإعفاء المنصوص عليه في المادة 239/1 عقوبات قاصر على الراشي والوسيط دون المرتشي .
1 - من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة ومنها شهادة الشهود والترجيح بينها والأخذ بما تراه راجحاً منها . إذ أنها لاتقضي إلا على أساس ما تطمئن إليه وتثق به . ولها أن تأخذ باعتراف المتهم ولو ورد بمحضر جمع الاستدلالات أو تحقيقات النيابة العامة متى اطمأنت لصحته لصدوره عن إرادة حرة مختارة وواعية - ولو عدل عنه المتهم فيما بعد في الجرائم التعزيرية - ولا رقيب عليها في ذلك طالما لم تعتمد على واقعة بلا سند . وحسبها أن تبين الحقيقة التي اقتنعت بها وأن تقيم قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله . وليس عليها من بعد أن تتبع الخصوم في مختلف أقوالهم وحججهم وطلباتهم وأن ترد استقلالاً على كل قول أو طلب أثاروه مادام قيام الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها فيه الرد الضمني المسقط لتلك الأقوال والحجج والطلبات .
2 - أن القاضي في المواد الجزائية يملك سلطة واسعة وحرية كاملة في سبيل ثبوت الجرائم أو عدم ثبوتها والوقوف على علاقة المتهم ومدى صلته بها . وله مطلق الحرية في تكوين عقيدته من الأدلة كلها قولية أو فنية أو قرائن وأن يركن في تكوين عقيدته عن الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى واستظهار الحقائق القانونية المتعلقة بها من جماع العناصر المطروحة بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية مادام استخلاصه سليماً لايخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي . وهذا هو الأصل في المحاكمات الجزائية إلا إذا قيدته الشريعة أو القانون بأدلة معينة في إثباتها .
3 - أن المحكمة الاستئنافية إذا ما رأت تأييد الحكم المستأنف للأسباب التي بنى عليها فليس في القانون ما يلزمها بذكر تلك الأسباب في حكمها بل يكفي أن تحيل عليها . إذ الإحالة تقوم مقام إيرادها وتدل على أن المحكمة اعتبرتها صادرة منها .
4 - أنه لما كان المشرع في المادة ( 234 ) من قانون العقوبات الاتحادي رقم 3/1987 التي عددت صور الرشوة قد نص على الإخلال بواجبات الوظيفة كغرض من أغراض الرشوة وجعله بالنسبة إلى الموظف ومن في حكمه أسوة بامتناعه عن عمل من أعمال الوظيفة وقد جاء التعبير بالإخلال بواجبات الوظيفة مطلقاً من التقييد بحيث يتسع مدلوله لاستيعاب كل عبث يمس الأعمال التي قوم بها الموظف . وكل تصرف أو سلوك ينسب إلى هذه الأعمال ويعد من واجبات أدائها على الوجه السوي الذي يكفل لها دائماً أن تجري على سنن قويم . وقد استهدف المشرع من النص على مخالفة واجبات الوظيفة كصورة من صور الرشوة مدلولاً عاماً أوسع من أعمال الوظيفة التي تنص عليها القوانين واللوائح والتعليمات بحيث تشمل أمانة الوظيفة ذاتها فكل انحراف عن واجب من تلك الواجبات أو امتناع عن القيام به يجري عليه وصف الإخلال بواجبات الوظيفة التي عناها الشارع في النص فإذا تعاطى الموظف جعلاً على هذا الإخلال كان فعله ارتشاءً . وأنه ليس من الضروري في جريمة الرشوة أن تكون الأعمال التي يطلب من الموظف أداؤها داخلة في نطاق الوظيفة مباشرة بل يكفي أن يكون له بها اتصال يسمح بتنفيذ الغرض المقصود من الرشوة وأن يكون الراشي قد اتجر معه على هذا الأساس . كما أنه من المقرر أيضاً - أن تنفيذ العمل المطلوب من المرتشي ليس ركناً في الجريمة وأن الجريمة تتم بمجرد طلب الرشوة أو أخذها أو قبولها . وأن دخول العمل المطلوب تنفيذه في اختصاص الموظف ليس لازماً لقيام جريمة الرشوة . كما أنه من المقرر أيضاً - أنه لايشترط في جريمة الرشوة أن يكون الموظف هو وحده المختص بالقيام بجميع العمل المتعلق بالرشوة بل يكفي أن يكون له فيه نصيب من الاختصاص يسمح له بتنفيذ الغرض منه . وان الزعم بالاختصاص يتوافر ولو لم يفصح به الموظف صراحة بل يكفي مجرد إبداء الموظف استعداده للقيام بالعمل الذي لايدخل في نطاق اختصاصه لأن ذلك السلوك منه يفيد ضمناً زعمه هذا الاختصاص .
5 - أن الإعفاء المنصوص عليه في المادة 239/1 عقوبات قاصر على الراشي والوسيط دون المرتشي وأن إعراض الحكم المطعون فيه عن دفاع ظاهرة البطلان لا يعيب الحكم .

المحكمة ،
بعد مطالعة الأوراق وتلاوة تقرير التلخيص والمداولة .
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية .
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن النيابة العامة أسندت إلى المتهمين – الطاعن وآخر 1 - طاعن ....... 2 - ...... أنهما في 22/3 / 2004 وتاريخ سابق عليه بدائرة أبوظبي . بصفتهما موظفين عموميين ( شرطيين بالإدارة العامة للشرطة ) طلبا وقبلا لنفسيهما المبلغ المبين قدراً بالمحضر من ...... وذلك لأداء عمل إخلالاً بواجبات وظيفتهما على النحو المبين بالأوراق . وطلبت عقابهما طبقاً لأحكام الشريعة الإسلامية والمواد 5/1 ، 121/1 ، 234 ، 238 من قانون العقوبات الاتحادي . ومحكمة جنايات أبوظبي الشرعية حكمت في القضية رقم 1919/2004 جزائي أبوظبي بجلسة 13/6 / 2004 حضورياً للمتهم الأول - الطاعن - وغيابياً للمتهم الثاني - أولاً : بإدانة المتهم - الطاعن - .....- لارتكابه جريمة الرشوة ومعاقبته عليها بالحبس لمدة سنة وإبعاده من الدولة بعد تنفيذ العقوبة . ثانياً : بإدانة المتهم الثاني - .....- أردني الجنسية - لارتكابه جريمة الرشوة ومعاقبته عليها بالسجن لمدة ثلاث سنوات . ثالثاً : بتغريم المتهمين سالفي الذكر غرامة تساوي مبلغ الرشوة وقدره ثلاثة آلاف درهم مناصفة بينهما .
استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 938/2004 س جزائي أبوظبي ومحكمة استئناف أبوظبي الشرعية حكمت بجلسة 26/9 / 2004 حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً ورفضه موضوعاً وبتأييد الحكم المستأنف .
طعن المتهم على هذا الحكم بالطعن الماثل بصحيفة أودعت قلم كتاب هذه المحكمة في 26/10/2004 وقدمت النيابة العامة مذكرة بالرأي رأت فيها رفض الطعن .
وحيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع وقال بياناً لذلك أن الحكم المطعون فيه أيد حكم محكمة أول درجة لأسبابه ودون أن يرد على أسباب الاستئناف التي أوردها الطاعن بصحيفة استئنافه وأن الحكم لم يبين أركان جريمة الرشوة ولم يكشف عن الفعل او الامتناع عن الفعل الذي كان مطلوباً من المتهم - الطاعن - أو غيره وما إذا كان من شأنه أن يحقق الغرض من الرشوة من عدمه وما إذا كان مسلك الطاعن يرقى إلى درجة الإخلال بواجبات وظيفته إذ أنه شرطي ولا تأثير له على رؤسائه في إلغاء القرار الخاص بفصل الشاكي لتغيبه عن العمل وأن هذا الأمر لايدخل في حدود وظيفته ومن ثم فإن جريمة الرشوة غير قائمة في حقه وقد خلت الأوراق من دليل على ثبوتها فضلاً عن أن الحكم المطعون فيه أخطأ حينما اعتبر الطاعن فاعلاً أصلياً بالرغم من أن دوره لايتعدى الوساطة وبحسن نية بين الشاكي والمتهم الثاني وهو الدور الذي أقر به في محضر الشرطة وبالتحقيقات بما كان يوجب إعمال المادة 239 عقوبات التي تعفي الراشي والوسيط إذا بادر بإبلاغ السلطات القضائية أو الإدارية عن الجريمة أو اعترف بها قبل اتصال المحكمة بالدعوى وأن الطاعن اعترف بالواقعة باعتباره وسيطاً وأرشد عن المتهم الثاني بما كان يتعين معه إعفاءه من العقوبة وقد خالف الحكم المطعون فيه ذلك وقضى بإدانته فإنه يكون معيباً بما يوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعي في جملته غير سديد . ذلك أن من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة ومنها شهادة الشهود والترجيح بينها والأخذ بما تراه راجحاً منها . إذ أنها لاتقضي إلا على أساس ما تطمئن إليه وتثق به . ولها أن تأخذ باعتراف المتهم ولو ورد بمحضر جمع الاستدلالات أو تحقيقات النيابة العامة متى اطمأنت لصحته لصدوره عن إرادة حرة مختارة وواعية - ولو عدل عنه المتهم فيما بعد في الجرائم التعزيرية - ولا رقيب عليها في ذلك طالما لم تعتمد على واقعة بلا سند . وحسبها أن تبين الحقيقة التي اقتنعت بها وأن تقيم قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله . وليس عليها من بعد أن تتبع الخصوم في مختلف أقوالهم وحججهم وطلباتهم وأن ترد استقلالاً على كل قول أو طلب أثاروه مادام قيام الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها فيه الرد الضمني المسقط لتلك الأقوال والحجج والطلبات -
كما أنه من المقرر أيضاً - أن القاضي في المواد الجزائية يملك سلطة واسعة وحرية كاملة في سبيل ثبوت الجرائم أو عدم ثبوتها والوقوف على علاقة المتهم ومدى صلته بها . وله مطلق الحرية في تكوين عقيدته من الأدلة كلها قولية أو فنية أو قرائن وأن يركن في تكوين عقيدته عن الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى واستظهار الحقائق القانونية المتعلقة بها من جماع العناصر المطروحة بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية مادام استخلاصه سليماً لايخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي . وهذا هو الأصل في المحاكمات الجزائية إلا إذا قيدته الشريعة أو القانون بأدلة معينة في إثباتها .
وأن قضاء هذه المحكمة استقر على أن المحكمة الاستئنافية إذا ما رأت تأييد الحكم المستأنف للأسباب التي بنى عليها فليس في القانون ما يلزمها بذكر تلك الأسباب في حكمها بل يكفي أن تحيل عليها . إذ الإحالة تقوم مقام إيرادها وتدل على أن المحكمة اعتبرتها صادرة منها .
وأن بيان الحكم الأركان القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وصياغته بما يكفي لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها كافٍ لتحقيق حكم القانون في تسبيب الأحكام .
كما أنه من المقرر أيضاً - أنه لما كان المشرع في المادة ( 234 ) من قانون العقوبات الاتحادي رقم 3/1987 التي عددت صور الرشوة قد نص على الإخلال بواجبات الوظيفة كغرض من أغراض الرشوة وجعله بالنسبة إلى الموظف ومن في حكمه أسوة بامتناعه عن عمل من أعمال الوظيفة وقد جاء التعبير بالإخلال بواجبات الوظيفة مطلقاً من التقييد بحيث يتسع مدلوله لاستيعاب كل عبث يمس الأعمال التي قوم بها الموظف . وكل تصرف أو سلوك ينسب إلى هذه الأعمال ويعد من واجبات أدائها على الوجه السوي الذي يكفل لها دائماً أن تجري على سنن قويم . وقد استهدف المشرع من النص على مخالفة واجبات الوظيفة كصورة من صور الرشوة مدلولاً عاماً أوسع من أعمال الوظيفة التي تنص عليها القوانين واللوائح والتعليمات بحيث تشمل أمانة الوظيفة ذاتها فكل انحراف عن واجب من تلك الواجبات أو امتناع عن القيام به يجري عليه وصف الإخلال بواجبات الوظيفة التي عناها الشارع في النص فإذا تعاطى الموظف جعلاً على هذا الإخلال كان فعله ارتشاءً .
وأنه ليس من الضروري في جريمة الرشوة أن تكون الأعمال التي يطلب من الموظف أداؤها داخله في نطاق الوظيفة مباشرة بل يكفي أن يكون له بها اتصال يسمح بتنفيذ الغرض المقصود من الرشوة وأن يكون الراشي قد اتجر معه على هذا الأساس .
كما أنه من المقرر أيضاً - أن تنفيذ العمل المطلوب من المرتشي ليس ركناً في الجريمة وأن الجريمة تتم بمجرد طلب الرشوة أو أخذها أو قبولها . وأن دخول العمل المطلوب تنفيذه في اختصاص الموظف ليس لازماً لقيام جريمة الرشوة .
كما أنه من المقرر أيضاً - أنه لايشترط في جريمة الرشوة أن يكون الموظف هو وحده المختص بالقيام بجميع العمل المتعلق بالرشوة بل يكفي أن يكون له فيه نصيب من الاختصاص يسمح له بتنفيذ الغرض منه .
وان الزعم بالاختصاص يتوافر ولو لم يفصح به الموظف صراحة بل يكفي مجرد إبداء الموظف استعداده للقيام بالعمل الذي لايدخل في نطاق اختصاصه لأن ذلك السلوك منه يفيد ضمناً زعمه هذا الاختصاص .
كما أنه من المقرر أيضاً - في قضاء هذه المحكمة - أن الإعفاء المنصوص عليه في المادة 239/1 عقوبات قاصر على الراشي والوسيط دون المرتشي
وأن إعراض الحكم المطعون فيه عن دفاع ظاهرة البطلان لا يعيب الحكم .
لما كان ذلك وكان الثابت من مدونات الحكم المستأنف والمؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه والمكمل له أنه قد أحاط بواقعة الدعوى وظروفها وملابساتها وبين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى مارتبه الحكم عليها . واستند في إدانته للطاعن بما هو منسوب إليه إلى اعتراف الطاعن بمحضر جمع الاستدلالات وبتحقيقات النيابة العامة من أنه طلب من الشرطي ...... مبلغ ثلاثة آلاف درهم لمساعدته في إعادته للعمل وأنه اتصل بالمتهم الثاني والذي يعمل مدير قلم الشؤون الإدارية والمالية وشرح له موضوع الشاكي وأنه سبق أن أرسل خطاب الترميج ( الفصل ) ويريد إلغاء هذا الكتاب وإعادته للعمل فطلب منه المتهم الثاني مبلغ ثلاثة آلاف درهم لإنهاء هذا الموضوع فأبلغ الشاكي بذلك وبعد موافقة الشاكي طلب منه إحضار المبلغ والشهادتين الطبيتين المصدق عليهما وأضاف أنه استلم المبلغ من الشاكي حيث تم ضبطه أثناء ذلك بمعرفة الشرطة وأنه كان ينوي تسليم المبلغ للمتهم الثاني . ومما شهد به الرائد ..... - مدير فرع الشؤون الذاتية بشرطة العاصمة - بأن الإجراءات المتبعة في حالة تغيب الموظف عن عمله يقوم مدير القلم أو مسئول الوردية المسئول عنه بإعداد نموذج يتضمن أن الموظف قد تغيب عن مقر عمله مع توضيح بياناته وتقوم إدارة شرطة العاصمة بمخاطبة الإدارة العامة قسم الشئون الإدارية وإذا استمر غياب الشخص لمدة ثلاثين يوماً تنتهي خدماته عن طريق الإدارة فقط بحكم القانون وأن دور المتهمين الأول – الطاعن - والثاني - هو مخاطبة الجهات المعنية بموضوع الإجازات فقط وأن الذي يصدر قرار الفصل أو إنهاء الخدمة هي الجهات العليا . تظاهر ذلك بأقوال الشاكي - الشرطي ..... بمرتب إدارة شرطة العاصمة من أنه ولظروف خاصة به تغيب عن العمل لمدة شهر تقريباً وأنه حصل خلال هذا الشهر على إجازتين مرضيتين ولدى ذهابه إلى العمل طلبوا منه تصديق هاتين الشهادتين فقام بالاتصال بالمتهم الأول - الطاعن - والذي يعمل مدير قلم أمن الإدارة والانضباط والذي أخبره بأنه تم ترميجه ( أي إنهاء خدماته ) وأنهم قاموا بالتعميم عليه فطلب منه الحل فطلب منه الطاعن مبلغ ثلاثة آلاف درهم مقابل إعادته للعمل وذلك بمعرفة المتهم الثاني والذي يعمل مدير قلم الذاتية بالإدارة العامة لشرطة أبوظبي . وأنه حاول مساومة الطاعن على المبلغ إلا أنه أصر عليه ثم طلب منه التصديق على الشهادتين حتى يتسنى إعادته للعمل بعد تقسيم فترة التغيب إلى فترتين وعليه قام بإبلاغ الشرطة بالواقعة وفي يوم الواقعة وبعد التنسيق مع رجال الشرطة اتفق مع المتهم الأول - الطاعن - على مقابلته أسفل مسكنه بمنطقة الخالدية حيث استلم منه مبلغ ثلاثة آلاف درهم وكذا أوراق الإجازات وبعدها تم ضبط المتهم – الطاعن - بمعرفة رجال الشرطة وما تضمنه بمحضر التحريات المحرر بمعرفة الرائد ..... رئيس قسم مباحث المركز بالنيابة والمؤرخ 21/3 / 2004 من أن المتهم الأول - الطاعن - والذي يعمل مدير قلم أمن الإدارة والانضباط بإدارة شرطة العاصمة طلب .... والذي يعمل بذات الإدارة وسبق فصله من العمل وإنهاء خدماته لغيابه عن العمل وانقضاء المدة القانونية - مبلغ ثلاثة آلاف درهم مقابل إعادته للعمل بعد إحضار إجازة مرضية مصدق عليها من قبل الخدمات الطبية وتم طلب الإذن من النيابة العامة بضبط المتهم - الطاعن - أثناء استلامه مبلغ الرشوة المرفق صورته بالأوراق . وتنفيذاً لهذا الإذن تم التنسيق مع المُبلغ - تيمور ..... - على مقابلة المتهم - الطاعن - ومعه مبلغ الرشوة والأوراق التي طلبها المتهم - الطاعن - وبتاريخ 21/3 / 2004 الساعة السابعة مساءً تقابل المبلغ مع المتهم الأول – الطاعن - أسفل بناية أسفلها محل مجوهرات داماس الكائنة بمنطقة الخالدية حيث قام المتهم - الطاعن - باستلام مبلغ الرشوة والأوراق الخاصة بالشاكي - المُبلغ - وكان ذلك تحت بصر القوة المنوط بها المأمورية وتم ضبط المتهم – الطاعن - وبتفتيشه عثر داخل جيب جلبابه الأيمن على مبلغ الرشوة المبين بالأوراق وقدره ثلاثة آلاف درهم وكذا أوراق إجازات مرضية باسم الشاكي ( المُبلغ ) وبمواجهته بمعرفة قوة الضبط اعترف أنه أخذ المبلغ لقاء إعادة المُبلغ إلى عمله . ومما شهد به الملازم أول ..... الذي قرر أن الشرطي تيمور ..... أنهيت خدماته لغيابه وأن الطاعن من ضمن مرؤسيه ويعمل مدير قلم وأن عمله ينحصر في إرسال المكاتبات والرد عليها وأن الجهة المختصة بإصدار قرارات إنهاء الخدمة هي الجهات العليا . وتناول الحكم المطعون فيه الرد على دفاع الطاعن بعدم توافر أركان جريمة الرشوة في حقه لأن قرار إعادة الموظف إلى عمله أو إنهاء خدماته ليس من اختصاص الطاعن من أنه يكفي أن يكون للموظف علاقة بالعمل الذي باشره بمعنى أنه ليس ضرورياً في جريمة الرشوة أن تكون الأعمال التي يطلب من الموظف أداؤها أو الامتناع عنها داخلة في حدود وظيفته مباشرة بل يكفي أن تكون له علاقة بالعمل . كما تناول الحكم المطعون فيه الرد على دفاع الطاعن بأنه مجرد وسيط فقط بأن ذلك ليس صحيحاً إذ أن الطاعن فاعل أصلي في جريمة الرشوة إذ أنه طلب من الشاكي مبلغ ثلاثة آلاف درهم لنفسه وللمتهم الثاني مقابل إنهاء إجراءات قرار فصل الشاكي من عمله وإعادته إليه وأنه استلم منه المبلغ المتفق عليه وهو ثلاثة آلاف درهم الذي تم ضبطه وهو محرز له وأن الطاعن موظف عام بوزارة الداخلية وأن عمله يتعلق بالإجراءات المتعلقة بإجازات التغيب والتي من شأنها أن تؤدي إلى الفصل . وانتهت المحكمة بما لها من سلطة تقديرية على ثبوت الاتهام في حق الطاعن وعاقبته تعزيراًَ على ذلك . ومن ثم فإن الأسباب التي أوردها الحكم المستأنف المؤيد بأسبابه بالحكم المطعون فيه والمكمل له جاءت سائغة ولها أصلها الثابت في الأوراق وتكفي لحمل قضاء الحكم . وفيها الرد الضمني المسقط لكل ما أثاره الطاعن . ومن ثم فلا يعدو النعي أن يكون جدلاً موضوعياً فيما لمحكمة الموضوع من سلطة فهم الواقع في الدعوى وتقدير الدليل فيها . وهو ما لاتجوز إثارته أمام هذه المحكمة . ويكون النعي على غير أساس متعين الرفض .
ولما تقدم يتعين رفض الطعن