المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : نظرية الحوادث الطارئة (قضية الشركة العامة للإنارة في بوردو) - قرار مجلس الدولة الفرنس



Essa Amawi
07-30-2012, 10:21 PM
قرار مجلس الدولة الفرنسي بتاريخ 30 مارس 1916
قضية الشركة العامة للإنارة في بوردو Compagnie générale d’éclairage de Bordeaux



التعليق :
بموجب هذا القرار وضع مجلس الدولة نظرية الحوادث الطارئة La théorie de l’imprévision التي تسمح باستمرارية و دوام العقود الإدارية في حال اضطراب توازنها الإقتصادي بفعل أحداث لم يتوقعها الأطراف.

الوقائع و الإجراءات :
إن الشركة العامة للإنارة في بوردو كانت تريد أن تتحمل بلدية بوردو زيادة الكلفة التي ترتبت عليها بفعل الإرتفاع الكبير في أسعار الفحم التي تضاعفت خمس مرات منذ إبرام عقد الإمتياز بين الطرفين في 1916 ؛ ذلك أنه بسبب الحرب العالمية الأولى ( 1914 / 1918) سقطت معظم المناطق المنتجة للفحم في يد الاحتلال الألماني و أصبح النقل عن طريق البحر أكثر صعوبة.

بمناسبة هذه القضية قضى مجلس الدولة بأن من المفروض أن عقد الإمتياز يحدد بصفة نهائية إلتزامات الطرفين و تكون تغيرات أسعار المواد الأولية بسبب الظروف الإقتصادية من بين مخاطر السوق التي يتعين على الملتزم أن يتكفل بها ؛ ولكن عندما يضطرب التوازن الإقتصادي للعقد إلى درجة كبيرة جداً لم يكن يتوقعها الأطراف ، فإنه لا يمكن للملتزم أن يضمن سير المرفق في الظروف المتفق عليها في البداية. و لهذا فإن مجلس الدولة الفرنسي قرر بأن الشركة تبقى ملزمة بضمان سير المرفق و لكن يجب تعويضها عن النتائج المالية المترتبة عن هذا الإضطراب و التي تتجاوز المخاطر الإقتصادية العادية.

و في الفترة اللاحقة تم تحديد شروط تطبيق نظرية المخاطر من طرف الاجتهاد القضائي على النحو التالي :
أولا - يجب أن تكون الأحداث المؤثرة على تنفيذ العقد غير متوقعة.فقد تكون ظروفاً اقتصادية ، أو ظواهر طبيعية ، أو إجراءات تتخذها السلة العامة ، و لكن في جميع الأحوال يجب أن تؤدي إلى زعزعة التوقعات التي كان من المعقول أن يفكر فيها أطراف العقد عند إبرامه.

ثانيا - أن تكون هذه الأحداث أجنبية عن الأطراف ؛ فإن كانت بفعل الإدارة المتعاقدة فإن نظرية فعل الأمير La théorie du fait du prince هي التي تطبق.

ثالثا - أن تؤدي هذه الأحداث إلى زعزعة اقتصاديات العقد بحيث ل ا تكون مجرد نقص بسيط في الربح و لا تكون من جهة أخرى عقبة تمنع تنفيذ العقد لأنها في هذه الحالة الأخيرة لا يمكن مقاومتها و تؤدي إلى إعفاء المتعاقد من التزاماته.
إن الحدث الطارئ ليس قوة قاهرة و بالتالي فإن المتعاقد يجب أن يواصل تنفيذ العقد، فإن توقف فقد ارتكب خطأ ، و في المقابل فمن حقه التعويض على الأقل عن التكلفة المفاجئة الخارجة عن توقعات العقد أي عن الخسارة الحاصلة خلال التنفيذ بفعل الأحداث المفاجئة .

و من الملاحظ أن هذه النظرية قد دفعت بالإدارة و المتعاقدين معها إلى تدارك الأمر و النصّ في العقود المبرمة على شروط للمراجعة تسمح بالتكيف مع تطور الأوضاع الإقتصادية و المالية مما أدى إلى تضاؤل تطبيق النظرية.