المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : نقل وزرع الاعضاء البشريه في القانون الاردني( طلبة الماجستير )



alzoubi84
07-20-2009, 02:59 AM
جامعـة اليرمــوك
كليـــة القانون

نقل وزرع الأعضاء البشرية

alzoubi84
07-20-2009, 03:00 AM
محتويات البحث
العنوان الصفحة
المبحث الأول: نقل وزرع الأعضاء البشرية من الأحياء 4
المطلب الأول: الأساس القانوني في نقل وزرع الأعضاء البشرية 4-6
المطلب الثاني: بيان شروط نقل وزرع الأعضاء البشرية 6-9
المبحث الثاني: نقل وزرع الأعضاء البشرية من ميت 9-10
المطلب الأول: مشروعية نقل الأعضاء من الموتى 10-13
المطلب الثاني: مدى جواز التصرف في جثة المتوفي 13-17

alzoubi84
07-20-2009, 03:01 AM
المقدمة:-
إن التطور العلمي في مجال الطب خلال القرن العشرين أحدث نقله نوعية فريدة في مجال نقل وزرع الأعضاء البشرية حيث أن هذه التطورات جاءت وراء ما تركته الحروب من تشوهات وكذلك حوادث سير فقد شهد العالم في القرن الحالي إنجازاً كبيراً في تاريخ البشرية متعلقاً في حياة الإنسان وصحته حيث استطاع الجراحون استبدال أعضاء بشرية تالفة لا تؤدي وظيفتها بأعضاء بشرية سليمة منقولة من الأشخاص الأصحاء وهذه العمليات تعتبر من أحدث ما وصل إليه التقدم العلمي في صراعه الطويل والمدير ضد الموت، وبهذا يكون الطلب قد يتجاوز الأعمال الطبية التقليدية فأصبح أكثر فاعلية في علاج الأمراض المستعصية التي كانت تؤدي بحياة الكثير إلى الموت وتم إنقاذ حياة الكثير من بني البشري الذين يعانون منها وتعتبر زراعة الأعضاء البشرية من الإنجازات العلمية المهمة التي ظهرت في هذا القرن، إلا أن هذا القرن أوشك على الانتهاء ولا تزال البحوث والمؤتمرات والندوات مستمرة حول زراعة أعضاء الجسم البشري والجدل مستمر بين فقهاء الشريعة الإسلامية وعلماء القانون الوضعي ما بين مجيز التصرف فيه "سواء أكان بالبيع أو الهبة أو الوصية" وما بين منكر لهذه التصرفات وقد أحدث هذا التطور الطبي في هذا العصر ضجة علمية حول مشروعية التصرف في هذا الجسم البشري وخصوصاً النجاح الكبير الذي حققته عمليات النقل لعضو من شخص سليم لشخص مريض أو من إنسان حي كما هو الحال في عمليات نقل الكلى وزر أصبع أو كبد إلى غير ذلك من العمليات غير المألوفة في النطاق الطبي المألوف.
كل ذلك أدى إلى تطويع هذا الجسم البشري لكي يكون مجالاً خصباً لمثل هذه التصرفات الخطيرة وإزاء هذه المخاطر التي تهدد كيان الإنسان فإنه ينبغي الرجوع إلى الشريعة الإسلامية والقانون الوضعي لمعرفة مدى الحماية التي ينبغي أن تصبغ على هذا الجسم البشري في كيانه المادي والمعنوي وعواطفه وحياته سواء كانت الحماية من اعتداء الغير عليه أم من اعتدائه على نفسه وسواء كان ذلك في حال حياته أم بعد وفاته.
وما لعملية نقل وزرع الأعضاء البشرية من أهمية بالغة كونها تتعلق بالمصالح الأساسية للأفراد والحق في الحياة فقد نظم القانون المدني الأردني هذه العملية في نصوص قانونية، تستند إلى الضرورة، ولكن هذه النصوص لا تكفي لتنظيم مسألة عملية نقل وزرع الأعضاء البشرية لذلك جاء قانون الانتفاع الأردني لينظم عملية نقل وزرع الأعضاء البشرية فيما بين الأفراد.
وترجع أصل المشكلة إلى أن عمليات نقل الأعضاء البشرية تمس حقاً من الحقوق اللصيقة بشخصية الإنسان وهو حقه في الحياة وفي تكامله الجسدي وتتولد هذه المشكلة في حالة مريض مصاب بأحد أعضاءه بإصابات خطيرة قد تؤدي بحياته، ولا يجدي معه وسائل العلاج التقليدي أو طرق الجراحة العالية ولا سبيل لإنقاذ حياته أو تخليصه من الألم المزمن إلا عن طريق استبدال العضو التالف بعضو سليم يستأصل من شخص حي سليم يسمى "المعطي أو الواهب".
والمشكلة الحقيقية تثور بالنسبة لهذا المعطي أو الواهب أي الشخص السليم الذي تنازل عن عضو من جسمه لزرعه في جسد شخص آخر مريض فهذا التنازل لا يحقق له مصلحة علاجية، فسوف يصيبه بمرض خطير ودائم بسلامة جسده.
وهل يشكل استئصال هذا العضو مساساً بتكامله البشري؟
وهل يقع الطبيب الجراح الذي أجرى هذا الاستئصال تحت طائلة المسؤولية القانونية؟
فنلاحظ أن العلاقة بين الطب والقانون متبادلة فكل منهما يؤثر بالآخر ويتأثر به، فالتقدم الطبي لعب دوراً كبيراًً في تقدم القانون حيث نرى كثير من الأعمال الطبية أصبحت مباحة، بعد أن كانت غير مشروعة مثال ذلك ما حدث في عمليات التجميل ونقل الدم وزرع الأعضاء حيث تعتبر مسألة زرع الأعضاء مسألة حساسة لاتصالها بالأحياء والأموات. وبناءً على ذلك سأتناول البحث وفق التقسيم التالي:المبحث الأول: نقل وزرع الأعضاء البشرية من حي
المطلب الأول: الأساس القانوني في نقل وزرع الأعضاء البشرية
المطلب الثاني: بيان شروط نقل وزرع الأعضاء البشرية
المبحث الثاني: نقل الأعضاء من الموتى
المطلب الأول: مشروعية نقل الأعضاء من الموتى
المطلب الثاني: مدى جواز التصرف في جثة المتوفي

alzoubi84
07-20-2009, 03:02 AM
المبحث الأول
نقل وزرع الأعضاء البشرية من حي
يعتبر جسم الإنسان من أهم العناصر اللازمة لوجوده وقد قيل بحق "أن الجسم عماد الشخص ذاته"، ولذلك يعتبر الجسم من أهم عناصر الحياة الإنسانية تقديساً، ويعد المساس به انتهاكاً لحرمة أو معصومية الكيان الجسدي للإنسان( ).
وتعتبر حرمة الجسم وسلامته من أهم الحقوق التي يتمتع فيها الفرد والمجتمع على السواء، ويقصد بالجسم ذلك الكيان الذي يباشر وظائف الحياة( ). ويظل جسم الإنسان موجوداً حتى لحظة وفاته، حيث يتحول الجسم إلى جثة. ولذلك كان حق الإنسان في الحياة هو المصلحة التي يحميها القانون، كي تؤدي الجسم وظائفه الأساسية والحيوية، حتى لا تتعطل تعطيلاً أبدياً.
فهل يجوز استئصال عضو من جسم الإنسان لغايات زرعه في جسم شخص آخر؟
للإجابة على هذا السؤال لا بد من معرفة مدى مشروعية تنازل الشخص عن جزء من جسمه من خلال بيان الأساس القانوني في نقل وزرع الأعضاء من جهة، وبيان شروط نقل وزرع الأعضاء البشرية من جهة أخرى. وذلك في مطلبين:
المطلب الأول
الأساس القانوني في نقل وزرع الأعضاء البشرية
يتعين لدراسة الأساس القانوني لعمليات نقل وزراع الأعضاء ضرورة أن نعرف ابتداءً، أساس إباحة عمليات النقل ومشروعية نقل الأعضاء في القانون، وذلك في الفرع الأول
الفرع الأول: أساس إباحة عملية النقل ومشروعية نقل الأعضاء في القانون
تم تبرير عملية نقل وزرع الأعضاء البشرية فيما بين الأحياء على أساس حالة الضرورة وهي التي دعت إلي إجراء مثل هذا العمل.
ويقصد بحالة الضرورة حالة الشخص الذي يجد نفسه أمام خطر وشيك الوقوع ولا سبيل إلى تفاديه إلا بارتكاب فعل محظور يعاقب عليه( ).
فيجب الموازنة في حالة الضرورة بين المساوئ والآمال يكون على مستوى المريض وعلى مستوى المتنازل السليم، فيجب الموازنة بين المخاطر التي يتعرض لها كل من المريض والشخص السليم. ثم الآمال التي يحتمل أن يستفيد منها المريض، ولاجل تطبيق حالة الضرورة لا بد من توافر ظروف معينة، فيجب أن يكون هنالك خطر محدق بالمريض، وأن عدم زرع العضو يؤدي بلا محالة إلى الموت، ويجب أن يكون الخطر المراد تفاديه أكبر بكثير من الضرر الذي وقع، ويجب أن يكون زرع الأعضاء، الوسيلة الوحيدة التي يمكن عن طريقها إنقاذ المريض، ويجب أن لا يؤدي إلى الاستئصال إلى هلاك المتنازل( ).
والحقيقة أن اعتبار حالة الضرورة سبباً من أسباب التبرير يفضي إلى إباحة فعل الطبيب ومشروعيته، وبالتالي لا يسأل الطبيب عن الضرر الذي أحدثه.
وأن الاستناد إلى هذه الحالة من شأنها إباحة عملية النقل بعد الترجيح الدقيق بين المخاطر والآمال المرتجئ تحقيقها( ).
وبما أن الفقه قد برر عملية النقل بحالة الضرورة فيجب أن يكون هنالك تشريعات قانونية خاصة بذلك لتنظيم عمليات النقل. وإقامة التوازن بين أطرافها لتعلقها بالحقوق الأساسية لحياة الإنسان.
وبالنظر إلى القواعد القانونية نلاحظ بأن القانون المدني الأردني قد أشار إلى حالة الضرورة في المادة 62-63-64-65 من ذات القانون حيث لا ضرر ولا ضرار نلاحظ بأنها قواعد عامة لا تسعف لتنظيم هذه العملية وبيان حدود كل طرف في هذه العلاقة الثلاثية.
وبما أن القواعد العامة لا تسعف الحالة فقد أرتى المشرع الأردني بأن قام مشكوراً بوضع تشريعات قانونية تنظم هذه العملية حيث صدر قانون الانتفاع بالأعضاء البشرية وهو قانون مؤقت لسنة 1977، ثم أصبح قانوناً دائماً لسنة 1985 وتضمن ثلاثة عشر مادة قانونية.
إلا أن هذا القانون قد وضع على صفة الاستعجال ورغم التعديلات التي أجريت عليه إلا أن المشرع لم ينظم عملية النقل، بشكل يبين حدود ومسؤولية كل شخص. فقد جاءت النصوص ضعيفة وناقصة، حيث يجب على المشرع الأردني إعادة النظر في هذا القانون والإكثار من النصوص القانونية.
الفرع الثاني: أساس مسؤولية الطبيب وصفة التزامه
بما أن عملية نقل وزرع الأعضاء البشرية قد تم تبريرها وإباحتها، بحالة الضرورة فلا بد من بيان مسؤولية الطبيب الذي يقوم بإجراء هذه العملية وبيان صفة التزامه كونه يتدخل ليس لسبب علاجي كما هو الأصل وإنما استئصال عضو من أعضاء جسم إنسان سليم، فلا بد من البحث في مسؤولية الطبيب.
نجد بأن الطبيب عندما يقوم بإجراء عملية فإنه يكون قد حصل على إذن مسبق من الشخص المراد إجراء العملية لديه وفي الغالب في عمليات نقل وزراعة الأعضاء يكون هنالك حرية اختيار للشخص المراد نقل العضو منه لبيان مدى ملائمة الأنسجة.
وهذا بخلاف حالة الطوارئ التي لا مجال لاختيار فيها الطبيب والمريض، وتكون مسؤولية الطبيب مسؤولية تقصيرية لعدم وجود عقد ولا مجال للتعاقد وتقوم مسؤوليته على هذا الأساس( ).
أما بالنسبة لعمليات نقل وزرع الأعضاء، فيكون هناك تحاليل مسبقة، قبل عملية النقل، وهنالك حرية الاختيار، فيتم إبرام عقد العلاج الطبي بين أطراف العلاقة الثلاثية، وتقوم مسؤولية الطبيب على هذا الأساس وهو المسؤولية العقدية( ).
وفيما يتعلق بصفة التزام الطبيب فإن التزام الطبيب في الأصل هو التزام ببذل عناية وليس التزاماً بتحقيق نتيجة فهو لا يلزم بشفاء المريض حتماً، وإنما يبذل جهوداً تؤدي إلى الشفاء، أما في حالة نقل وزرع الأعضاء فإن التزامه مختلف تماماً فالتزامه هو التزام بتحقيق نتيجة لا محالة. حيث يلتزم الطبيب اتجاه المريض بأن ينقل إليه العضو السليم الخالي من الأمراض، ويلزم أيضاً اتجاه المريض وأن عدم تحقق النتيجة يكون الخطأ مفترض، وتقوم مسؤولية الطبيب على أساس المسؤولية العقدية لا محالة.
المطلب الثاني
شروط إباحة نقل الأعضاء البشرية بين الأحياء
إن وجود عمليات نقل وزرع الأعضاء واقع لا يمكن تجاهله ولا يمكن إنكاره فكل مريض الحق في سلامة جسده والحق في الحياة، وتعتبر عملية نقل وزرع الأعضاء البشرية من أهم العمليات التي ينبغي الوقوف عنده إذ لا بد من توافر شروط معينة بها، فلا يجوز ترك هذه العملية دون بيان لتلك الشروط.
لذا سأقوم بتقسيم هذا المطلب إلى فرعين:
الفرع الأول: رضاء المعطي (الواهب).
الفرع الثاني: رضاء المريض

الفرع الأول: رضاء المعطي (الواهب)
تنظر الشريعة الإسلامية إلى عمليات نقل وزرع الأعضاء البشرية على أنها عمل مركب يجمع بين مصالح متعددة في إطار واحد، يتعلق بحقوق الفرد وحقوق الله تعالى. وقد قيدت إباحة استقطاع العضو من المعطي بعدة شروط، حيث تتركز تلك الحقوق بالواهب ورضاءه الحر الصادر من شخص بالغ عاقل لا يعتري رضاه أي من عيوب الرضا وأن يكون على بينة من أمره( ).
أما من حيث القانون فقد درج المشرع على تسمية كل من يتنازل عن عضو من أعضاء جسمه (بالمتنازل أو المتبرع أو المعطي أو الواهب)، حيث استقرت غالبية التشريعات على أنه يجوز المساس بسلامة وتكامل الجسم بتوافر شروط تطلبها القانون.
لا تتمثل فقط برضاء الواهب وأهله بل لابد من وجود تشريعات ونصوص تنظم عملية نقل وزرع الأعضاء البشرية.
وسأتحدث في هذا الفرع عن شكل رضاء الواهب وعن خصائص هذا الرضاء بشكل وجيز.
أولاً: شكل رضاء الواهب
تفرض القاعدة العامة أن الرضاء الصادر عن الواهب ليس له صورة معينة أو محددة أو مقيدة، فالرضاء على وجه العموم قد يكون صريحاً بالقول أو الكتابة، وقد يكون ضمنياً بالإشارة.
ولكن ينبغي أن نشير ابتداءً إلى أن رضاء الواهب وحده لا يكفي بمفرده لإسباغ الشرعية على عملية نقل العضو، بل لا بد من أن يتوافر معه شروط أخرى، وشكلية معينة.
حيث يؤخذ على المشرع الأردني أنه لم يشترط شكلية معينة في إرادة الواهب، وكان يتعين عليه إتباع شكلية الحصول على موافقة الواهب، حتى تتمكن من التيقن بأن إرادة الواهب لم يعتر بها أي ضغوطات، وأن تكون هناك جهة رسمية لأصباغ الموافقة الشكلية المطلوبة.
ثانياً: خصائص الرضاء
بينا سابقاً أنه في شكل الرضاء الواجب أنه ليس محدد وفق نصوص محددة بل يأخذ على إطلاقه وقف الشكلية المعتمدة في أي بلد، إلا أنه هناك خصائص يستلزم توافرها متى يكون الرضاء منتجاً لأثاره.
1- أن يكون الرضاء متبصراًً
أي يجب على الطبيب أن يعاين الواهب بنفس العناية التي يعاين بها الموهوب له (المريض)، بحيث يتأكد من الوضع الصحي للواهب – فلا يجوز للطبيب أن يوافق على استعمال عضو الواهب إذا كانت حالته الصحية لا تسمح بذلك، أو كان هناك احتمالية تهديد لصحته بخطر جدي جراء الاستئصال. ويجب أن يحاط الواهب بكل هذه المخاطر حتى يستطيع أن يقدرها( ).
2- أن يكون الرضاء حراً وبدون مقابل
والمقصود بالرضاء الحر أن يكون صادراً عن شخص راشد عاقل وسليم من عيوب الإرادة سواء كانت غلطاًً أم خداعاً أم إكراهاً.
أما من حيث التنازل عن العضو من دون مقابل فيرجع ذلك أن حق الإنسان على جسده حق غير مالي، فهو يخرج عن دائرة التعامل، ولا يكون محلاً للمتاجرة كون القيم والمبادئ الأخلاقية لا تقدر بمال، وهي تختص على عمل الخير ومساعدة الآخرين( ).
3- قيام أهلية المعطي
ويتم ذلك وفقاً لقواعد العمل الطبي الذي يوجب أن تتوافر العلاقة الصحيحة والمبررة بين الوسيلة المستخدمة والهدف العلاجي، وذلك يتوجب التحقق من توافر الأهلية لكل من المعطي والمريض، فالمخاطر بالنسبة للأول يجب أن تكون أقل بكثير من المزايا الخاصة عن العملية بالنسبة للثاني، أي أن تكون المصلحة متوازنة فيما بينها( ).
الفرع الثاني: رضاء المريض
من المستقر عليه قانوناً وفقهاً وقضاءً، أنه لا يجوز إجبار المريض على العلاج أو أي عمل من شأنه إلحاق مساس بتكامله الجسدي، إلا في حالات استثنائية، كحالات الضرورة وحالات تقضيها ضرورة المحافظة على الصحة العامة.
ومن المبادئ المستقرة في القانون الطبي أن للمريض الحق في الموافقة على العلاج الذي يقرره الطبيب، ويعتبر اتفاق المريض مع الطبيب مقبولاً منه لما قد يتخذه هذا الأخير من طرق علاج عادية أو غير تقليدية، ما لم يعترض المريض صراحة على أي وسيلة من هذه الوسائل وفي أي مرحلة من مراحل العلاج. وقد استقر الرأي على ضرورة توافر رضاء المريض الحر أثناء العلاج على كل عمل طبي أو إجرامي على درجة معينة من الخطورة، وفي غير حالات الضرورة( ).
هناك ضرورات تستوجب الرضاء المريض حتى يكون المريض محاطاً يكافئه ما يجري له وهذه الضرورات ذات أهمية في العمل الطبي الجراحي خصوصاً في عملية نقل وزرع العضو المراد إضافته إليه وسنقوم بذكر أهم تلك الضرورات الواجب إتباعها من قبل من يقوم بعملية النقل أو الزرع.
أولاً: ضرورة الحصول على رضاء المريض
إن القاعدة العامة في مجال الأعمال الطبية هي حرية المريض في قبول أو رفض العلاج، وما يجري له من عمليات جراحية في حال تبريرها هو استثناء على هذا الأصل. واحترام حرية المريض في اختيار عملية زرع عضو له أو رفضه، يُعد تأكيداً وتجسيد لمبدأ احترام إرادته، فلا يستطيع الجراح القيام بهذه العملية بغير رضاء المريض الحر إلى أي ضغوطات، سواء من طبيبه أو العائلة، ذلك أن هذه العملية تنطوي على مخاطر يجب أن يترك أمر تقديرها، لإرادة المريض الحرة وليس لإرادة الوالدين أو الزوج أو الأقارب( ).
ثانياً: الالتزام بتبصير المريض
إن تبصير المريض في عمليات نقل وزرع الأعضاء، يتخذ وصفاً خصوصياً يتعين فيه على الطبيب تبصير المريض بكل ما يحيط بالعملية من مخاطر، سواء ما كان منه محتملاً، أو غير محتمل، وفي مثل هذه العمليات فإن المخاطر الاستثنائية أكثر تطلباً للكشف عن المخاطر المحتملة، إضافة إلى أن الطبيب ملزم أيضاً بتبصير المريض عن الوضع الذي سيؤول إليه في حالة رفضه العلمية والامتناع عن العلاج( ).
ثالثا: أهلية المريض
لا مشكلة إذا كان المريض كامل الأهلية ولكنها المسألة تثور حول نوعان الأشخاص فيما يتعلق بالأهلية الواجبة.
أ‌. عدم الأهلية قانوناً وهو المريض القاصر، أي سنه أقل من السن القانونية، فعلى الجراح الحصول على موافقة ورضاء من له سلطة قانونية، عليه وهو عادةً ما يكون الأب فإن لم يكن فالأم أو من تعينه المحكمة وصياً عليه.
ب‌. عديم أهلية فعلى عائد إلى مس بالعقل إما مؤقت أو دائم، ويترتب عليه عدم القدرة على الإدراك أو الإيراد، وفي هذه الأحوال تغطي القواعد العامة، بأنه إذا كان المريض غير قادر على التعبير عن إرادته، أو غير قادر على تفهم طبيعة وأهميته لإصابته بمرض عقلي أو عقلي، فإنه يفيد في هذه الأموال برأي ذوي المريض أو من ينوب عنه قانوناً( ).

alzoubi84
07-20-2009, 03:05 AM
المبحث الثاني
نقل الأعضاء من الموتى
إن أحكام الشريعة جاءت لمصالح العباد، فما من أمر شرعه الإسلام في الكتاب والسنة إلا وكان فيه مصلحة حقيقة.
وقد حسم التشريع الإسلامي موضوع العمل الطبي وتعلم فنون الطب، فهو فرض كفاية أما القانون فقد نظم مزاولة مهنة الطب وتعلمه، وأصدر المشرع قوانين تنظم كيفية عمل الأطباء وباستعراض حماية جسم الإنسان أثناء حياته وحرمة جثمانه بعد مماته في الشريعة الإسلامية، وكذلك في القانون الوضعي، نجد أنه ليس ثمة خلاف جوهري بينهما ولكن أحكام الشريعة لا تتغير ولا تتبدل بتغير المجتمعات واختلاف الأزمنة في حين أن هذه الأحكام في القانون الوضعي، تتغير وتتبدل بتغير المجتمعات والحضارات واختلاف الأزمنة.
ومن هنا كان لا بد لنا من أن نهتم بدراسة نقل الأعضاء من الموتى إلى مطلبين:
المطلب الأول: مشروعية نقل الأعضاء من الموتى
المطلب الثاني: مدى جواز التصرف في جثة المتوفي
المطلب الأول
مشروعية نقل الأعضاء من الموتى
يجدر بنا أن نستعرض عمليات نقل الأعضاء البشرية من الأموات إلى الأحياء ومدى مشروعيتها في الشريعة الإسلامية والقانون الوضعي من خلال فرعين أساسيين:
الفرع الأول: مشروعية نقل الأعضاء من الجثة في الشريعة الإسلامية.
الفرع الثاني: مشروعية نقل الأعضاء من الجثة في القانون الوضعي.
الفرع الأول مشروعية نقل الأعضاء من الجثة في الشريعة الإسلامية
إن الله سبحانه وتعالى كرم الإنسان وفضله على كثير من خلقه ونهى عن ابتذال ذاته ونفسه والتعدي على حرماته حياً أو ميتاً، وكان من مقاصد التشريع الإسلامي حفظ النفس، كما يدل على ذلك قوله تعالى: (ولا تلقوا بأيدكم إلى التهلكة وأحسنوا إن الله يحب المحسنين)( ). وخروجاً على مبدأ حرمة المساس بالجثة، فقد أباح الإسلام المساس بالجثة في مواضع الضرورة التي تبيح هذا المساس، ومن هذه المواضع ما ذهب إليه فقهاء الحنفية والشافعية من جواز شق بطن الميت لمصلحة راجحة.
مثاله شق بطن من ماتت والجنين يتحرك في أحشائها حيث رجحت مصلحة الجنين الحي على مصلحة الأم الميتة، وإعمالاً لقاعدة الضرورة تبيح المحظورات وأن الضرر الأشد يزال بالضرر الأخف يجوز أخذ أعضاء الميت لغايات زرعها في الحي، صوناً لحياته والشريعة الإسلامية تحرص على إزالة الضرر عن الكافة في كل صورة حيث وردت عن النبي عليه السلام قال: "لا ضرر ولا ضرار"( ).
كما نهى عليه الصلاة والسلام عن كسر عظم الميت لأنه ككسره ميتاً، ومعنى هذا الحديث أن للميت حرمة كحرمته حياً، فلا يعتدى عليه بكسر أو شق أو غير ذلك.
فإخراج عين الميت كإخراج عين الحي يعتبر اعتداء عليه غير جائز شرعاً، إلا إذا دعت إليه الضرورة بحيث تكون المصلحة فيها أعظم من الضرر الذي يصيب الميت.فمن قاعدة الضرورات تبيح المحذورات طبق فقهاء الشريعة الإسلامية عليها مشروعية استئصال الأعضاء البشرية لزرعها في جسم إنسان انقاداً لحياته.
فالأمر يدور بين محظورين، وهما حياة الإنسان الذي هو بحاجة إلى العضو البشرية وحرمة جثة المتوفي، فيؤخذ بأخف الضررين، وإن أخف الضررين هو انتهاك حرمة الجثة لأنها ستتلف بالتراب وتنتهي، أما الإنسان المريض تكون في مصلحة المجتمع أن انتهاك حرمة الجثة لأنها ستبلى بالتراب وتنتهي، أما الإنسان المريض تكون في مصلحة المجتمع أن يبقى سليماً وهو الأهم فالمحافظة على حياة وصحة الحي أعظم من مفسدة المساس بحرمة الميت واستقطاع أعضاء في الجثة لأغراض علاجية لا يتضمن إهانة للميت ومساساً بكرامته، لأن غاية العمل ليست تحقير الميت بقدر ما هو منفعة للحي، فرعاية مصلحة الأحياء هي أولى من ترك الجزء الذي يمكن أن ينتفع به يبلى بالتراب.
ويذهب البعض إلى أن الأساس الذي تبنى عليه حالة التصرف بالجثة هو الحاجة والتي تنزل منزلة الضرورة في إباحة المحظورات، فالحاجة هي مرحلة دون الضرورة تأخذ حكم الضرورة في الترخيص( ).
ولكن القائلين بحالة الضرورة لغرض الاستيلاء على الأعضاء البشرية لم يتركوا ذلك دون ضوابط بل اشترطوا وجود شروط وضوابط عامة للأذن بالتعرف بالجثة عند الضرورة ومن أهم هذه الضوابط( ):
1. الحق في الموت.
2. إذن الميت قبل وفاته، أو موافقة ورثته.
3. تحقق الضرر أو الحاجة.
4. وجوب احترام الجثة.
5. أن يكون النقل هو العلاج الوحيد.
6. استعمال الأعضاء المستقطعة للغرض نفسه الذي خلقة هذه الأعضاء من أجلها.
7. أن يكون الفريق الطبي الذي يجري النقل من الجثة غير الفريق الذي يقوم بالزرع.
الفرع الثاني: مشروعية نقل الأعضاء من الجثة في القانون الوضعي
بعد استعراض الحماية التي تتمتع بها الجثة انطلاقاً من مبدأ حرمة المساس بجثة الميت، ونظراً للتقدم العلمي الذي وصلت إليه العلوم الطبية في مجال نقل وزرع الأعضاء البشرية بين الأحياء بعضهم لبعض، كان من الأجدر أن ننظر إلى الجثة كمصدر لبعض عمليات زراعة الأعضاء في حالة عدم توافر الأعضاء المطلوبة في الأحياء.
وفي هذا الشأن تكون الجثة المورد الوحيد لعمليات زرع الأعضاء وخاصة في الأعضاء التي لا يوجد مثل لها مثل القلب والكبد، وقد أخذت بعض القوانين تخرج على مبدأ صيانة الجثة بالسماح في المساس بها، وذلك بغرض النتائج.
وقد تعرضت بعض التشريعات صراحة إلى مسألة نقل الأعضاء من جثث الموتى إلى الأحياء وكانت الأسبق تاريخياً للظهور عن تلك التشريعات التي تعنى بتنظيم هذه العلميات بين الأحياء. ويعود السبب في هذه الأسبقية إلى أن مبدأ حق الإنسان في الحياة وسلامة جسمه، يعترض طريق المعنيين بهذه العمليات في حال إجرائها بين الأحياء، ونذكر من هذه التشريعات على سبيل المثال القانون الأردني، فقد صدر قانون الانتفاع بعيون الموتى لأغراض طبية رقم 43 لسنة 1956، في حين أن قانون الانتفاع بأعضاء جسم الإنسان رقم 234 صدر في سنة 1977م.
القانون الأردني
حدد المشرع الأردني الإطار العام لعمليات نقل وزرع الأعضاء البشرية المستأصلة من جثة المتوفى إلى جسد إنسان حي من خلال قانون الانتفاع بأعضاء جسم إنسان رقم 23 لسنة 1977 (مؤقت) والمعدل بالقانون المؤقت رقم 23 لسنة 2000 وقانون الانتفاع بعيون الموتى لأغراض طبية رقم 43 لسنة 1956.
وقد أشارت المادة الخامسة من قانون الانتفاع بالأعضاء على:
للأطباء الاختصاصين في المستشفيات التي يوافق عليها وزير الصحة نقل العضو من جسم إنسان ميت إلى جسم إنسان آخر حي يكون بحاجة لذلك العضو في أي من الحالات التالية:
أ‌. إذا كان المتوفى قد أوصى قبل وفاته بالنقل بإقرار خطي ثابت التوقيع والتاريخ بصورة قانونية.
ب‌. إذا وافق أحد أبوي المتوفى في حالة وجودهما على النقل أو وافق عليه الولي الشرعي في حالة عدم وجود الوالدين.
ج‌. إذا كان المتوفى مجهول الهوية ولم يطلب أحد بجثته خلال 24 ساعة بعد الوفاة على أن يتم النقل في هذه الحالة بموافقة المدعي العام.
ويجوز للأطباء الاختصاصين في المستشفيات التي يوافق عليها وزير الصحة فتح جثة المتوفى ونزع أي من أعضائه إذا تبين أن هنالك ضرورة علمية لذلك على أن يكون المتوفى قد وافق على ذلك خطياً بصورة قانونية صحيحة قبل وفاته أو بموافقة وليه الشرعي بعد الوفاة، وهذا ما نصت عليه م (6) من قانون الانتفاع بأعضاء جسم الإنسان رقم 23 لسنة 2000.
ولا يجوز أن يؤدي نقل العضو في أية حالة من الحالات إلى إحداث تشويه ظاهر في الجثة يكون فيها امتهان لحرمة الميت.
فيجب التأكد من الوفاة بتقرير طبي وأن يكون الطبيب الذي يقرر الوفاة هو غير الطبيب الاختصاص الذي يقوم بعملية النقل.
أما فيما يتعلق بقانون الانتفاع بعيون الموتى لأغراض طبية رقم (43) لسنة 1956، فقد أرسى المشرع الأردني ما خلاله أحكام تتعلق بالميت.
بحيث بحق لكل من كائن جثة ميتة في حيازته بوجه مشروع أن يأذن باستئصال قرنيتين العينين منها خلال ثلاث ساعات من وقت الوفاة بشرط أن لا يكون لديه سبب للاعتقاد بأن الميت وأن لا يكون هنالك اعتراض على هذا التصرف من زوج الميت أو زوجته، أو أحد أصوله أو فروعه أو أخوانه أو أعمامه.
ويشترط أن لا يقوم بعملية استئصال العينين إلا طبيب عيون فرفض أن يقتنع بعد فحص الجثة أن الحياة قد فارقتها.
وفي حالة وفاة شخص مجهول الهوية يعتبر مدير المستشفى حائزاً على الجثة بوجه مشروع ولا يجوز لأهل الميت الاعتراض على التصرف بعينه إذا لم يراجع أحد أقاربه لاستلام جثته قبل انقضاء ثلاث ساعات كاملة على وفاته.
المطلب الثاني
مدى جواز التصرف في جثة المتوفي
أن الطبيب الجراح وعلى الرغم من تحققه الأكيد من وفاة المريض وإعلان موت دماغه بصورة كلية غير قابلة للعودة والإصلاح، إلا أنه لا يستطيع ومن تلقاء نفسه التصرف بهذه الجثة، واستئصال الأعضاء منها تمهيداً لزرعها في جسد إنسان آخر، إلا بعد إعطائه الإذن لمباشرة مثل هذا الإجراء.
وفي هذه الحالة يجد الجراح نفسه أمام وضعين، إما أن يكون المريض على درجة في الوعي والإدراك فيعمد إلى إراحة الطبيب ومن هم حوله فيكون قد أوصى بجثته أو بكامل أعضائه أو بأي جزء منه قبل وفاته، أو أن يختطفه الموت قبل أن يحدد كيفية التصرف في الجثة فيترك الطبيب أمام مفترق، فإما أن يجد تعاوناً من أقارب المتوفى وعائلته وإما أن لا يجد هؤلاء الأقارب فيصبح أما ضحية من ضحايا الحوادث المفاجئة أو من هم مجهولو الهوية، أو من حكم عليه بالإعدام فما الحل وأي المسالك عليه أن يتبع؟
وعلى هذا فإننا سنتناول بالدراسة في هذا المطلب الإذن الصادر من المعطي قبل وفاته ثم إذن الأسرة في التصرف بالجثة من خلال فرعين:
الفرع الأول: إذن المعطي قبل وفاته.
الفرع الثاني: عدم تحديد المتوفى لكيفية التعرف بالجثة
الفرع الأول: إذن المعطي قبل وفاته
للإنسان وحال حياته الحق المطلق بالتصرف بجسمه بالطريقة التي يراها مناسبة، شريطة أن لا يتعارض ذلك مع القانون والنظام العام والأخلاق والآداب العامة.
وقد يكون الشخص حال حياته أيضاً من الداعين إلى تكريس مفهوم التضامن الإنساني بين أفراد المجتمع الواحد، والذي تتجلى أسمى مظاهره في تكريس الذات لغايات إنقاذ حياة الآخرين. فيقرر التنازل عن جثته لمعهد علمي أو مستشفى لغايات علمية أو طبية.
وبعد في هذه الحالة تنازلا صحياً، ولا يتعارض مع النظام العام والأخلاق العامة والقاعدة العامة أن من يملك التنازل عن الكل يملك التنازل عن الجزء هذا يعني أن الإنسان يملك التنازل عن كل جثته أو أي جزء منها والتنازل الكلي يضاعف كثيراً من إمكانية الاستفادة بكل جزء منها، لإعطاء عنصر الحياة لأكبر عدد ممكن من المرضى الذين يعانون آلام المرض. ولغرض معرفة الحدود القانونية للاستيلاء على الأعضاء البشرية بناء على إرادة المتوفي، لا بد أن نبحث أشكال التعبير عن هذه الإرادة ولا بد أن يكون للتعبير عن هذه الإرادة شكلية معينة تتمثل في الوجه أو الإقرار الكتابي الوصية صورة من صور تعبير المتوفى عن إرادته الصريحة بإعطاء الأذن للطبيب الجراح باستئصال أي عضو من أعضائه أو بالتعرف التام بكامل جثته، وهي من التصرفات القانونية التي تنشأ بالإرادة المنفردة بحيث تتجه إرادة المرضى إلى إنشاء الالتزام فتكون الوصية تصرفاً مادياً( ).
وسميت وصية لأن الميت يصل بها ما كان في حياته بعد مماته.
والوصية شرعاً تملك مضاف إلى ما بعد الموت بطريق التبرع سواء كان الموصى به عيناً أم منفعة( ).
فإن من حق الإنسان وقبل وفاته أن يوصي بكل جسده أو بجزء منه أو بعضو من أعضائه أو نسيج من أنسجته وبعد موته لأغراض علمية أو تعليمية، وتعتبر الوصية بالجثة لمثل هذه الأعراض في المصادر المهمة التي ترفد عمليات النقل والزرع بالأعضاء البشرية. ومن المتفق عليه أن الشخص البالغ العاقل يمكنه أن يوصي وقبل وفاته بجثته أو بأي عضو من أعضائه لأغراض علمية أو طبية، وهذه الوصية تعتبر مشروعة من الناحية القانونية وتتطلب بعض التشريعات شكلاً معيناً يجب أن يعبر المتوفى فيه كإرادته وهذه الشكلية قد تتخذ صورة العرضية أو الإقرار الكتابي.
فالمشرع الأردني لم ينص صراحة على كلمة (الوصية) واكتفى بالقول الإقرار الخطي المتوفى لكافة شروطه القانونية.
وقد أشار المشرع الأردني في م (5) من قانون الانتفاع بأعضاء جسم الإنسان رقم 23 لسنة2000 أن للأطباء الاختصاصين في المستشفيات التي يوافق عليها وزير الصحة فتح جثة المتوفى ونزع أي من أعضائها إذ تبنت أن هناك ضرورة علمية لذلك على أن يكون المتوفى قد وافق على ذلك خطياً بصورة قانونية صحيحة قبل وفاته أو بموافقة وليه الشرعي بعد الوفاة.
والواقع أن الوصية أو الإقرار وبالشكل الكتابي المشروط في غالبية القوانين وإن كان هو الوسيلة القانونية التي تؤمن الوضع القانوني للجراح وكافة الكوادر الطبية التي تعنى بعمليات نقل وزرع الأعضاء بما في ذلك إدارة المستشفى، إلا أنها وسيلة لا تتماشى مع التطور السريع الحاصل في هذا النوع من العلميات، سيما وأن الإنسان خلق محباً لذاته ولتكامله العضوية سواء حال حياته أو بعد مماته.
ومن ناحية أخرى فإن الطلب من مريض يعاني الموت بالتبرع حال حياته لما بعد مماته بأي من أعضاء ثقيل بعض الشيء ويشكل عاملاً مؤثراً على نفسية ذلك المريض، وقد يعجل في وفاته، كما أن الإذن الكتابي ينقص في عدد المتبرعين لهذه درجت بعض الدول على الاستعانة بما يسمى ببطاقة التبرع، كتلك التي يحملها المتبرعين بالدم، ويحملها المتبرع في جيبه فيصبح من السهل معرفة إرادته عن حدوث طارئ أو حادث.
الفرع الثاني: عدم تحديد المتوفى لكيفية التصرف بالجثة
إذ أوصى الشخص بعدم المساس بجثته بعد وفاته أو أي جزء منها سواء لغايات علاجية لمرضى الآخرين أو لأغراض علمية، فيجب على الطبيب الجراح وأقاربه احترام إرادته هذه وتنفيذها، أما إذا مات ولم يتعرض حال حياته إلى مسألة التصرف بجثته وترك المجال مفتوحاً فإن الحق ينتقل إلى أسرته بإبداء الموافقة من عدمها في مثل هذه الأحوال.
هناك حالات ينتقل فيها الحق في التصرف وفي حالة عدم وجود أقارب للمتوفى إلى الدولة ممثلة بالمدعي العام، أو المستشفيات العامة والمراكز الطبية المتخصصة في عمليات زرع الأعضاء، فيتم الاستئصال دون حاجة للحصول على موافقة أحد أو باشتراط موافقة القضاء أو الدولة، والرأي الغالب في القوانين العربية إلى انتقال حق التصرف في الجثة إلى أقارب المتوفى إذا لم يوضح هذا الأخير قبل وفاته كيفية التصرف في جثته.
وهذا ما أشار إليه المشرع الأردني حيث أورد في قانون الانتفاع بأعضاء جسم الإنسان رقم 23 لسنة 1977 وضمن المادة (5) ما يلي:
للأطباء الاختصاصين في المستشفيات التي يوافق عليها وزير الصحة نقل العضو في أي من الحالات التالية:
إذا وافق أحد أبوي المتوفى في حالة وجودهما على النقل أو وافق عليه الولي الشرعي في حال عدم وجود الأبوين.
فاشتراط موافقة الأقارب من الأمور الضرورية في عمليات نقل وزرع الأعضاء في الجثة إلى الأحياء ذلك أن للجثة حرمة لا يجوز المساس بها وهذا يعد مبدأ من المبادئ العامة التي أكدت عليها غالبية التشريعات وأن ورد عليه استثناء وهو حالة الضرورة المترافقة بموافقة صاحب الجثة قبل وفاته أو أقاربه بعد وفاته، فإن ذلك لا يعني إغفال حرمة الميت فالدولة لا تملك التصرف في الجثة من تلقاء نفسها، إلا في الحدود المرسومة قانوناً والقول بغير ذلك يعني منح المستشفيات كافة وسائر الكوادر الطبية العاملة فيها سلطة سرقة الجثث أو أي جزء منها فإن أخذ موافقة الأقارب وهو ضروري له مردوه الإنساني، لأنه يراعي الضرورات الإنسانية وهو احترام لكرامة الأسرة وحقوقها المعنوية على جثة المتوفى من أفراد العائلة.
ولكن من ناحية أخرى له آثار سلبية حيث يعوق الإجراءات السريعة في نقل الأعضاء البشرية حيث أن انتظار موافقة الأقارب قد يؤدي إلى تلف الأعضاء المراد نقلها في الجثة الأمر الذي يؤدي إلى انعدام الفائدة وخاصة إذا جاءت موافقة الأقارب بشكل متأخر.
إضافة لذلك فإن مسألة المساس بالجثة من قبل أقرباء المتوفى لحظة وفاة الشخص وهي أكثر لحظات حياة الأسرة ألماً على قريبهم فالأسرة تحتاج إلى ما يشد أزرها ويُهدي أحزان لوعتها لا لإثارة عواطفهم عن طريق اختلافهم في أخذ موافقتهم على المساس بالجثة، ومن حيث الواقع ف يظل المجتمعات التي يزداد فيها تماسك الأسرة ترى أن من واجبنا الاستعجال في دفن الميت والواقع أن ألم الأسرة يزداد في حالة تشريح الجثة ولذلك من الصعوبة أن تعطي الموافقة على التعرف بالجثة.
لذا ظهر اتجاه يركز في مضمونه على التصرف بالجثة دون موافقة أحد، ويبني ذلك على أساس افتراض، رضاء الأقارب المتوفى ما لم يصدر منهم اعتراض صريح على ذلك.
فهو فضل مصلحة الأحياء المخاطب لهذه الأعضاء على المتوفى وأقاربه، ولكن ليس معنى ذلك أن الطبيب تحت هذا الاتجاه يلجأ للاستقطاع سراً عندما يكون المريض على وشك الموت لأن ذلك يعرضه للمسؤولية.
والصحيح أن يلجأ الطبيب إلى إخطار عائلة المريض في حالة غيبوبته دون الانتظار إلى حصول الموافقة أو الاعتراض ويقوم بالتعرف بإعطاء جثة المتوفى لأن الإخطار وعدم الرد والتي تخول الأطباء الحق في البدء بالاستئصال، فالمساس بالجثة دون موافقة أقاربه المفترضة على الأقل يجرح شعور العائلة ويزيد آلامها ( ).

alzoubi84
07-20-2009, 03:06 AM
الخاتمة:
إن مسألة نقل وزرع الأعضاء البشرية بالغة الأهمية، وتثير الكثير من الإشكاليات التي يجب حلها، ووضع أسس لها، تمكن من الموازنة في المصالح بين المتنازل المستقبل والطبيب.
فيجب أن يكون هنالك تشريعات قانونية تنظم بشكل كافي ومفصل عملية نقل وزرع الأعضاء. سواء فيما بين الأحياء، أو من جثة ميت إلى حي.
نلاحظ بأن المشرع الأردني قد وضع قانوناً خاصاُ بذلك، ولكن هذا القانون قد وضع على صفة الاستعجال، ولا يسعف ما حصل من تطورات علمية في هذا الخصوص، ولم ينظم عمليات النقل على نحو يبين حدود كل شخص في هذه المسألة، ولم يبين الجزاءات التي تثيرها عمليات النقل.
وإن هذه النصوص لا تكفي للإيفاء بهذا الغرض المهم، كون مسألة نقل الأعضاء تمس الحقوق الأساسية للإنسان، وهو الحق في سلامة الجسم والصحة.
كما أن المشرع الأردني لم يؤلى اهتماما واضحاً في مسألة نقل الأعضاء من جسم إنسان حي رغم سلامة جسمه ومعصومة المساس بالجسد.
وينبغي على المشرع الأردني إعادة صياغة قانون الانتفاع ووضع نصوص قانونية جديدة، لتنظيم مسألة نقل وزرع الأعضاء بشكل عام.
وإن المشرع الأردني لم يشترط شكلية معينة في الموافقة التي تصدر عن الشخص السليم المتنازل عن عضو، فيجب أن يكون هناك شكلية معينة لإتباعها في الحصول على الموافقة، كان تكون هناك جهة رسمية مختصة بذلك للتأكد من موافقة الشخص.
أما في حالة الوصية المشار إليها في هذا القانون، فإن أحكام الوصية المتعارف عليها في القواعد العامة، تختلف في حالة الوصية بعضو من أعضاء جسم الإنسان، حتى لو كانت الوصية صحيحة ومستوفاة الشروط، فإنها لا تنفذ، في حالة رفض أحد من أقرباء الميت تنفيذها حتى الدرجة الثانية، فإنها لا تنفذ وهذا ما جرت علية العادة في جمعية التبرع بالأعضاء، والسبب في ذلك هو الحافظ على مشاعر أهل المتوفى.
يجب على المشرع الأردني إعادة صياغة منطوق نص المادة(7) من قانون الانتفاع، رغم التعديلات التي أجريت عليها، والسبب في ذلك لأن في جميع حالات التبرع بالقرنية لا بد من إحداث تشويه ظاهر في جثة المتوفى، وهذا يتعارض مع عملية التبرع.
عدم اللجوء إلى عملية استئصال عضو من جسم إنسان حي، إذا كان بالإمكان الاستعاضة عنه بعضو صناعي يؤدي نفس الغرض.
كما لم يتناول قانون الانتفاع تنظيم العلاقة الثلاثية التي تثيرها عملية نقل وزرع الأعضاء فيما بين الطبيب والمريض والشخص المتنازل.

alzoubi84
07-20-2009, 03:08 AM
قائمة المراجع:
أولاً: المراجع العامة
1- أبو خطوة، أحمد شوقي عمر، الطب الحديث، دار النهضة العربية، القاهرة، 1995م.
2- الحسيني، عبد اللطيف الحسيني، المسؤولية المدنية عن الأخطاء المهنية، الشركة العالمية للكتاب، بيروت، 1987م.
3- الأنصاري، محمد بن مكرم بن علي بن مجال الدين ابن منظور: لسان العرب، دار صادر،بيروت، 712هـ.
4- بهيقي، أبو بكر أحمد بن الحسين علي، السنن الكبرى-ج6، الطبعة الأولى مطبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية، 1995.
5- حجازي، عبد الحي، المدخل لدراسة العلوم القانونية، الكتاب الثاني، الجزء الثاني، مطبعة جامعة الكويت، 1970م.
6- حسني، محمود نجيب، الحق في سلامة الجسم، دار النهضة العربية، القاهرة، طبعة 1978م.
7- مأمون، عبد الرشيد، عقد العلاج بين النظرية والتطبيق، الطبعة الأولى، دار النهضة العربية، 1963م.
8- محتسب بالله، بسام محتسب بالله، المسؤولية الطبية المدنية والجزائية بين النظرية والتطبيق، دار الإيمان، دمشق، بيروت، 1984م.
ثانياً: المراجع الخاصة
1- الأهواني، حسام الدين، المشاكل القانونية التي تثيرها عمليات زرع الأعضاء البشرية، جامعة عين شمس، مصر، 1975م.
2- الديات، سميرة، نقل وزرع الأعضاء البشرية بين الشرع والقانون، الطبعة الأولى، مكتبة دار الثقافة، عمان، 2004.
ثالثاً: الأبحاث والدراسات
1- عارف، علي عارف، شرعية التصريف بالأعضاء البشرية، دراسة مقارنة- رسالة دكتوراه قدمت للكلية العلوم الإسلامية، جامعة بغداد، 1991م.
2- منصور، مصطفى منصور، حقوق المريض على الطبيب، مجلة الحقوق والشريعة، السنة الخامسة، العدد الثاني، 1981م.

الفهرس
العنوان الصفحة
المقدمة 2
المبحث الأول: نقل وزرع الأعضاء البشرية من الأحياء 4-9
المطلب الأول: الأساس القانوني في نقل وزرع الأعضاء البشرية 4-6
الفرع الأول: أساس إباحة عملية النقل ومشروعية نقل الأعضاء في القانون 4
الفرع الثاني: أساس مسؤولية الطبيب وصفة التزامه 5
المطلب الثاني: بيان شروط نقل وزرع الأعضاء البشرية 6-8
الفرع الأول: رضاء المعطي (الواهب) 7
أولاً: شكل رضا الواهب 7
ثانياُ: خصائص الرضا 7-8
الفرع الثاني: رضا المريض 8
أولاً: ضرورة الحصول على رضا المريض 9
ثانياً: الالتزام بتبصير المريض 9
ثالثاً: أهلية المريض 9
المبحث الثاني: نقل الأعضاء من الموتى 10-17
المطلب الأول: مشروعية نقل الأعضاء من الموتى 10-13
الفرع الأول: مشروعية نقل الأعضاء من الجثة في الشريعة الإسلامية 10-12
الفرع الثاني: مشروعية نقل الأعضاء من الجثة في القانون الوضعي 12-13
المطلب الثاني: مدى جواز التصرف في جثة المتوفي 13-17
الفرع الأول: إذن المعطي قبل وفاته 14
الفرع الثاني: عدم تحديد المتوفى لكيفية التصرف بالجثة 15-17
الخاتمة 18
المراجع 19

alzoubi84
07-20-2009, 03:12 AM
هذا الموضوع حصريا للمنتدى وهو من جهود طلبة الماجستير في جامعة اليرموك وانا واحد من قام باعداد هذا البحث يعني ليس سرقه ادبيه وانما جهود متواضعه لاثراء هذا المنتدى وخصوصا طلبة البكالوريس

بتاريخ 7\1\2008

محمد سليمان الخوالده
07-20-2009, 12:22 PM
حقا بحث قيم جدا......لك كل الشكر
لو سمحت هل يجوز حبس الجثه من قبل المستشفى..في حال عدم دفع اهل المتوفى فاتورة المستشقى
للعلم هذا السؤوال للدكتور عبد الرحمن جمعه(على شكل ورقه بحثيه)
واهلا وسهلا بك في هذا المنتدى......زميلك احد طلاب الماجستير /قانون الجامعة الاردنيه.....mohmmad ali

Essa Amawi
07-20-2009, 02:10 PM
بحث رائع للغاية

برغم انني مررت على تفصيلاته سريعا
الا انني اظن انه سيكون الموضوع المميز لهذا الشهر بلا شك ^_^

YoUSeF MoMaNI
03-01-2010, 12:30 AM
يعطيك العافيه اخي بحث مميز
مثل ما شفت بالمراجع ما فيه اي كتاب اردني سوى مجلة الحقوق والشريعه ( مجلة دراسات )
هل كتب في القانون الاردني بمدى جواز التصرف في جثة المتوفي؟

وشكراً

Mohammed Hawamedh
03-01-2010, 03:47 AM
بحث متميز مشكور على الافادة اخي الكريم

المحامي سمير
03-19-2010, 04:00 AM
بحث رائع شكرا

أبو شهاب
03-19-2010, 02:05 PM
بحث ممتاز سوف أستفيد منه كثيرا شكراااا

احمد ابو وتر
08-03-2010, 08:51 AM
مشكورين على هذا الجهد المتميز وافادنا الله واياكم بما تعلمنا ونتعلم والله على كل شي قدير

zaineb
08-03-2010, 10:57 AM
صدقاً رائع .............

omar qouj
10-20-2010, 01:05 PM
الله يقويك و يعطيك العافيه مشكور اخي

قانونية
10-20-2010, 02:53 PM
بارك الله فيك على المجهود الطيب:(344):

MALAK
10-20-2010, 09:34 PM
بصدق بحث رائع
الله يعطيك العافية

hamou74
06-02-2011, 10:58 PM
السلام عليكم اخواني
انا اخوكم محمد من الجزائر اشكركم كل الشكر على هدا الموقع الممتاز والدي يعتبر منارة للعلم ومنبر .
بالنسبة للموضوع فهو جيد جدا وقد اعجبني كثيرا وهدا لسببين
اولهما للهتمامي في هدا المجال .
ثانيا لاني في طريقي الى التحضير مذكرة الماجيستير
لهدا فاني اشكر صاحب هدا البحث لانه قد نورني في بعض الخطوط التي اريد السير عليها كما ارجو منكم اخي الكريم ان يكون تواصل بيننا علني استفيد من تجربتكم في هدا المجا ل
فلاتبخل عليا بنصائحك و توجيهاتك
العنوان الالكتروني maviehad@yahoo.fr
و اخيرا اترككم في رعاية الله وحفظه

اخوكم محمد لعلوي
من الجمهورية الجزاءرية الديموقراطية الشعبية

خالد نزيه حاج يحيى
06-02-2011, 11:14 PM
شكرا اخي العزيز على هذا البحث القيم فقد كان ينقصنا الكثير في هذا الصدد وهنالك الكثير من الاسئله التي تنتابني وقد اجبت عليها واقترح على زملائي واصدقائي مسؤولو الموقع والمنتدى فتح باب المناقشه في قسم خاص بشأن التشريع الاردني وموقفه من نقل الاعضاء البشريه لكي نستطيع التعرف والاستفاده عن كثب على هذا الموضوع الغير موجود ضمن منهاج دراستنا في كلية الحقوق الا في مادة جرائم خاصه والتي تطرقت لها الدكتوره رنا العطوره بمحاضره واحده وبشكل سريع ولم يكن النقاش يومها الى عن مدى مشروعية النقل دينيا ولذا اطلب المعرفه اكثر عن التشريع الاردني واين تطرق للموضوع وعن الدول العربية المجاوره وموقفها اكثر اتجاه نقل الاعضاء لان هذا الموضع مهم جدا

hamou74
07-23-2011, 03:41 PM
اخواني انا اخوكم علوي محمد من الجزائر
اريد التحضير لرسالة الماجيستير بعنوان المسؤولية الجنائية للاطباء عن عمليتي نقل وزرع الاعضاء البشرية
و كما تعرفون ان مثل هاته الرسائل تحتاح الى بدل عناية و حرص شديدين ،كما انه لم نوئتى من العلم الا القليل
فارجو منكم مساعدتي في هدا الامر كتحدييد خطة معينة ،تقديم مراجع وغيرها
وفي الاخير اشكركم جزيل الشكر والله لايضيع اجر المحسنين

hamou74
07-23-2011, 03:42 PM
عنوان البريد الالكتروني هو maviehad@yahoo.fr