المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كتاب الرهن --- موثق----- 4



Malak MJ
03-30-2013, 05:52 PM
وذهب الحنفية إلى الفرق بين البطلان والفساد، فعرفوا الباطل: بأنه غير مشروع بأصله ولا بوصفه وعرّفوا الفاسد بأنه ما كان مشروعاً بأصله غير مشروع بوصفه.
وعلى هذا فعندهم رهن باطل ورهن فاسد، ويترتب على كل أحكام، فالرهن الباطل هو الذي لا يكون فيه المرهون مالاً، أو لا يكون في مقابلة دين مضمون، أي افتقد شرطاً من شروطه الصحة.
والرهن الفاسد هو الذي يكون المرهون فيه مالاً، والدين المقابل به مالاً مضموناً، إلا أنه افتقد بعض صفات شروط الجواز، وذلك كأن يكون المرهون مشاعاً.
المبحث الثاني: في أحكام الرهن الباطل عند الحنفية:
إذا وقع الرهن باطلاً تعلق به الأحكام التالية:
أولاً: لا يكون العقد في الرهن منعقداً أصلاً.
ثانياً: لا تترتب عليه أحكام الرهن ولا آثاره، ومن أحكامه أنه:
أ- يجوز للراهن أن يعود برهنه، كما لو رهن مسلم عيناً بخمرِ مسلمٍ. فللراهن استرداد العين المرهونة من المرتهن.
ب- ليس للمرتهن حبس الرهن، فإن حبسه كان مغتصباً.
ج- إذا هلك الرهن هلك بغير شيء ولا يكون مضموناً، فلا يقابله شيء من الدين.

المبحث الثالث: في أحكام الرهن الفاسد عند الحنفية:
إذا وقع الرهن فاسداً عندهم كان له من الأحكام ما للرهن الصحيح.
وعلى هذا يتعلق بالرهن الفاسد الأحكام التالية:
أولاً: أن الرهن إذا هلك يهلك مضموناً على المرتهن.
ثانياً: إذا أراد الراهن استرداد المرهون كان للمرتهن حبسه حتى يؤدي الراهن ما عليه من الدين.
ثالثاً: إذا مات الراهن وعليه ديون كثيرة كان المرتهن أحق به من سائر الغرماء.

* * *

الفصل السادس
في أحكام تتعلق بالرهن
وهذه الأحكام هي: وضع الرهن على يد العدل - رهن المستعار - نماء الرهن وزيادته - التعدد في الرهن.
المبحث الأول: في وضع الرهن على يد العدل:
وينقسم إلى: معنى العدل - حكم وضع الرهن عند العدل - صفة يد العدل على الرهن - الأحكام التي تتعلق بوضع الرهن على يد العدل.
القسم الأول: معنى العدل:
قد لا يثق كل من الراهن والمرتهن بصاحبه فيريدان أن يضعا هذا الرهن عند إنسان يثق به كل منهما، لعدالته وأمانته وحرصه على رعاية المصالح، فهذا الإنسان هو العدل، فالعدل إذاً هو الشخص الثقة الأمين الذي يرضى به كل من الراهن والمرتهن ليضعا عنده الرهن، وينوب عنهما في قبضه وحفظه، وقد يسلطانه على بيعه عند حلول أجل الدين.
القسم الثاني: حكم وضع الرهن عند العدل:
ذهب الجمهور من الفقهاء إلى أنه إذا شرطا كون الرهن على يدي عدل رضيا به واتفقا عليه جاز، وكان وكيلاً للمرتهن نائباً عنه في القبض، فمتى قبضه صح قبضه.
القسم الثالث: صفة يد العدل على الرهن:
يد العدل لها صفتان: صفة أمانة من حيث إنه نائب عن المالك، فهو أمانة عنده، ويد ضمان من حيث إنه نائب عن المرتهن، وهو وديعه في ماليتها.
القسم الرابع: الأحكام التي تتعلق بوضع الرهن على يد العدل:
هناك أحكام تتعلق بوضع الرهن على يد العدل. فمن هذه الأحكام:
أولاً: ليس للعدل دفع العين المرهونة إلى أحد المتراهنين بلا إذن صاحبه، لأن كل واحد منهما لم يرض بيد صاحبه، بل رضيا بيد العدل، ولأنه قد تعلق بالعين المرهونة حقهما، لأن حق الراهن تعلق في الحفظ بيده وأمانته، وحق المرتهن في الاستيفاء فلا يملك كل واحد منهما إبطال حق الآخر.
ثانياً: لو دفع العدل الرهن إلى أحدهما ضمن، لأنه مودع الراهن في حق العين، ومودع المرتهن في حق المالية، وكل منهما أجنبي عن الآخر، والمودع يضمن بالدفع إلى الأجنبي.
ثالثاً: إذا هلك الرهن في يد العدل يهلك مضموناً على المرتهن، لأن يده من حيث المالية يد المرتهن وهي مضمونة، هذا عند الحنفية، وأما عند الشافعية فلا يضمن إلا بالتعدي، ويده كيد المرتهن يد أمانة لا يد ضمان.
رابعاً: ليس للعدل أن يبيع الرهن ما لم يسلط عليه، وهذا لأن الثابت له بالوضع حق الإمساك لا التصرف، ولو شرط أن يبيعه العدل جاز، ولا يشترط مراجعة الراهن في الأصح عند الشافعية. وإن عزل الراهن العدل عن البيع صح عزله، ولم يملك البيع، وبهذا قال الشافعي.
وقال أبو حنيفة ومالك: لا ينعزل لأن وكالته صارت من حقوق الرهن، فلم يكن للراهن إسقاطه كسائر حقوقه.
خامساً: إذا ضمن العدل قيمة الرهن بالتعدي بإتلافه أو بدفعه إلى الراهن أو المرتهن وأتلفه المدفوع إليه، لا يستطيع العدل أن يجعل القيمة رهناً في يده، نص على ذلك الحنفية.
ذهب الشافعية والحنابلة إلى أن للراهن أن يفسخ الوكالة ويعزله عما فوضه إليه من البيع، كما يحق له أن يعزل نفسه، بناء على أن الوكالة عقد جائز فلكل واحد من الطرفين فسخه متى شاء.
وذهب الحنفية إلى التفريق بين أن تكون الوكالة في صلب عقد الرهن، وأن تكون الوكالة بعد عقد الرهن.
أ- فإذا وقعت الوكالة في عقد الرهن ترتبت عليه الأحكام التالية:
1- لا ينعزل الوكيل بعزل الموكل، لأن الوكالة لما شرطت في عقد الرهن صارت وصفاً من أوصافه وحقاً من حقوقه، ألا ترى أنها لزيادة الوثيقة؟ فتلزم بلزوم أصله، ولأنه تعلق به حق المرتهن، وفي العزل إبطال لحقه.
2- إذا وكله بالبيع مطلقاً ملك البيع بالنقد والنسيئة، فإذا نهاه بعد ذلك عن البيع بالنسيئة، لم يعمل نهيه، لأنه لازم بأصله فكذا هو لازم بوصفه.
3- لا ينعزل هذا الوكيل بالعزل الحكمي كموت الموكل وارتداده ولحقوقه بدار الحرب، لأن الرهن لا يبطل بموته، لأنه لو بطل في هذه الحال لبطل لحق الورثة، وحق المرتهن مقدم على حق الورثة.
4- أن الوكيل هنا إذا امتنع عن البيع أجبر عليه، فإن أبى حبس، فإن أبى باع القاضي عليه، لدفع الضرر عن المرتهن.
5- إذا مات العدل بطلت الوكالة في ظاهر الرواية، فلا يقوم وارثه ولا وصيه مقامه، لأن الوكالة لا يجري فيها التوارث، ولأن الموكل رضي برأيه دون رأي سواه.
ب- إذا وقعت الوكالة مفردة عن عقد الرهن ترتبت عليه الأحكام التالية:
1- تبطل الوكالة بموت الموكل
2- ينعزل الوكيل بعزل الموكل
3- إذا امتنع الوكيل هنا عن البيع لم يجبر عليه.
المبحث الثاني: في الرهن المستعار:
وينقسم المبحث الثاني إلى سبعة أقسام:
1- جواز رهن المستعار
2- إطلاق الإعارة وتقييدها
3- موافقه الراهن المستعير لشروط المعير ومخالفته في ذلك
4- هلاك العين المستعارة للرهن
5- استعمال المستعير العين المستعارة للرهن
6- فك الرهن المستعار
7- موت المعير أو المستعير مفلساً
القسم الأول: في جواز رهن العين المستعارة للرهن:
اتفق الفقهاء إلى أنه إذا استعار شخص من آخر عيناً ليرهنها في دين فذلك جائز. وذلك لأن الرهن توثق وهو يحصل بما لا يملكه بدليل الإشهاد والكفالة. ولأن الرهن بمثابة إيفاء الدين وقضائه. والإنسان بسبيل أن يقضي دين نفسه بمال غيره بإذنه.
القسم الثاني: إطلاق الإعارة وتقييدها:
ذهب الشافعية والحنابلة في الأصح عندهم أنه يشترط في هذه الإعارة ذكر جنس الدين وقدره وصفته وكذا المرهون عنده. لاختلاف الأغراض في ذلك.
وبناء على اشتراط التقييد أنه إذا رهن بأقل مما عينه كأن عين له ألف فرهنه بمائة أن الرهن لا يبطل لرضا المعير به في ضمن رضاه بالأكثر، هذا إذا كان من جنسه، فلو قال: ارهنه بمائة دينار فرهنه بمائة درهم لم يصح لاختلاف الجنس.
وذهب الحنفية إلى أن للمعير أن يطلق الإعارة من أجل الرهن، وفي هذه الحال يعدّ الإطلاق حقاً للمستعير، ولا يعدّ ذلك جهالة تفسد الإعارة، لأن الجهالة المفسدة هي الجهالة التي تفضي إلى المنازعة، وتمنع من التسليم والتسلم، ومبنى الإعارة على التسامح، فلا تجري فيها المضايقة، ولا تفضى إلى المنازعة.
وللمعير عندهم أن يقيد عاريته برهنها من مرتهن معين، أو في بلدة معينة أو بمقدار محدد من الدين وما إلى ذلك، وفي هذه الحال يتقيد المستعير بما قيده به المعير، وذلك لأن التقييد مقصود مفيد.
القسم الثالث: في موافقة الران المستعير لشروط المعير ومخالفته في ذلك:
أ- ذهب الشافعية إلى أنه إذا وافق الراهن المستعير شروط المعير كان الرهن صحيحاً، وأصحبت العين مرهونة بعد القبض، وترتب على ذلك أحكام الرهن، ومن هذه الأحكام أنها إذا تلفت عند المرتهن تهلك أمانة في يده، فلا يضمن شيئاً، كما أن الراهن أيضاً لا يضمن شيئاً، لأنه لم يسقط عنه شيء من الحق. وهاك قول بضمان المستعير، لأنه لم يتلف بالاستعمال المأذون به.
وذهب الحنفية - بناء على أصلهم في الضمان - إلى أنه مضمون على المرتهن بالأقل من قيمته أو قيمة الدين، فإن كانت العين المرهونة قيمتها مثل الدين أو أكثر، سقط الدين عن الراهن، لأن المرتهن استوفى دينه بالهلاك، ويرجع المعير على المستعير بمثل ما قضى من الدين، ولا يرجع بما زاد عن الدين بقيمتها، لأن هذه الزيادة أمانة فلا تضمن.
وإن كانت قيمتها أقل من الدين سقط من الدين بمقدار قيمتها، ويرجع المرتهن على الراهن بما بقي من الدين، لأن الزائد لم يستوف، ويضمن المستعير للمعير مقدار ما سقط عنه من الدين وهو قيمتها في هذه الصورة.
ب- وذهب الشافعية والحنابلة إلى أنه إذا خالف المستعير شروط المعير، كأن أعاره ليرهنه عند واحد، فرهنه عند اثنين مثلاً، بطل الرهن. وكما لو أعاره متاعاً ليرهنه بمائة دينار فرهنه بمائة درهم، لاختلاف الجنس، وكما لو أعاره متاعاً ليرهنه بدين حالّ فرهنه بدين مؤجل، أما لو أعاره ليرهنه بمقدار معين فرهنه بمقدار أقل مع اتحاد الجنس فجائز.
ولو أعاره متاعاً ليرهنه بمائة وخمسين مثلاً فرهنه بمائتين فالصحيح أن الرهن يبطل في الجميع، وذهب بعض المتأخرين إلى صحة الرهن بالمائة والخمسين وبطلانه في الزائد، ولكن هذا القول ليس بمعتمد.
وذهب الحنفية إلى أن للمعير فسخ الرهن واسترداد متاعه، لعدم صحة الرهن، فإن هلك الرهن كان للمعير تضمين الراهن والمرتهن إذ إنهما غاصبان لماله، ثم إن ضمن المعير المستعير الراهن، تم عقد الرهن، لأنه قد ملكه بأداء الضمان، فتبين أنه رهن ملك نفسه.
وإن ضمن المرتهن رجع هذا على المستعير بما ضمن للمعير، ورجع عليه أيضاً بدينه، كما هو الشأن في استحقاق الرهن في المرتهن بعد هلاكه وضمانه.

القسم الرابع: في هلاك العين المستعارة للرهن بيد المستعير:
ذهب الشافعية إلى أنه إذا هلك في يد المستعير ضمنه، لأنه لم يهلك بالاستعمال، لأن العارية عندهم تكون مضمونة إذا تلفت بغير الاستعمال، وإن لم يكن هناك تعدٍ.
وذهب الحنفية إلى أنه لا ضمان على المستعير، سواء أكان الهلاك قبل عقد الرهن أو بعد الفكاك، لأن العين المرهونة إن هلكت قبل الرهن فقد هلكت في قبض العارية لا في قبض الرهن، وقبض العارية قبض أمانة لا قبض ضمان.
وإن هلكت بعد الفكاك من يد المرتهن فقد هلكت أيضاً في قبض العارية، لأنها بالافتكاك من يد المرتهن عادت عارية، فكان الهلاك في قبض العارية.
القسم الخامس: في استعمال المستعير العين المستعارة للرهن:
ذهب الحنفية إلى أنه إذا استعمل المستعير العين المعارة للرهن قبل أن يرهنها، ثم رهنها، ثم قضى الدين فهلكت العين عند المرتهن قبل أن يستردها، فلا ضمان على الراهن، لأنه وإن كان يضمن بالاستعمال لكنه برئ من الضمان بعد أن رهنها، فكان أميناً خالف ثم عاد إلى الوفاق، فبرئ من الضمان.
وكذلك الحكم إذا افتك المستعير العين المستعارة ثم استعملها، فلم تتلف بالاستعمال ثم تلفت بعد ذلك، لأنه بعد الفكاك بمنزلة الوديع، والوديع إذا خالف ثم رجع إلى الوفاق، فإنه يبرأ عن الضمان.
القسم السادس: في فك المعير للرهن المستعار: