المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مقدمه في تعريف الحق وانواعه (حقوق عينيه) د. عمر العليوي



Haneen Nassar
04-07-2013, 03:20 PM
الفرع الأول: تعريف الحق
يختلف الفقه حول تعريف الحق, ومرد ذلك الاختلاف إلى النزعة التي يتبناها كل منهم وما إذا كانت النزعة فردية أو جماعية, وكذلك اختلاف وجهات نظرهم فيما يعتبر العنصر الجوهري في الحق. وقد ظهر في هذا الشأن عدة مذاهب ونظريات في تعريف الحق، نوجزها كما يلي:
أولاً: المذهب الشخصي (نظرية الإرادة).
يرى انصار هذا الاتجاه أن تعريف الحق إنما يكون من خلال النظر إلى صاحبه, معتبرين أن جوهر الحق في هذا التعريف هو الإرادة؛ أي ما لدى الشخص من قدرة إرادية يعترف بها القانون للقيام بأعمال معينة في نطاق معلوم. وعلى ذلك فهم يعرفون الحق على أنه:( قدرة أو سلطة ارادية يخولها القانون لشخص ما، في نطاق معلوم، يكون له بمقتضاها استعمال أو استغلال كل الحق والتصرف فيه في الحدود التي يحميها القانون ).
ثانياً: المذهب الموضوعي (نظرية المصلحة).
يرى أنصار هذا الاتجاه أن تعريف الحق إنما يكون من خلال النظر الى محله أو موضوعه والغاية أو المصلحة المرجوة منه. فهم يرون أن الإرادة ليست هي جوهر الحق, فالحقوق تثبت لذوي الإرادة ولعديمي الإرادة على حد سواء. بل أن جوهره الحقيقي هي المصلحة التي ترمي إلى تحقيقها، أي الغاية أو الغرض الذي نشطت من أجله الإرادة. ويضيف أنصار هذا الاتجاه أنه لا يكفي أن تتجه الارادة إلى تحقيق مصلحة معينة، بل يجب أن تتمتع هذه المصلحة بالحماية القانونية. وعليه فقد عرفوا الحق بأنه ( مصلحة يحميها القانون ). وهذا التعريف يقوم على عنصرين هما:
1. العنصر الجوهري: وهي المنفعة أو الغاية التي يخولها الحق, وهذا ما يسمى ( بالمصلحة ).
2. العنصر الشكلي: وهو يتصل بالحماية, أي حماية هذا الغرض بالذات, وكل حق لا بد له من عنصر الحماية حتى يكفل احترام المصلحة التي يهدف صاحب الحق الى تحقيقها، وهذا العنصر هو ( الدعوى ).
وقد تكون المصلحة مادية، وذلك حين تصلح لأن تقيم بالمال, فيكون الحق مالياً مثل حق الملكية. وقد تكون أدبية أو معنوية، وذلك حين لا تكون قابلة للتقييم المالي, فيندرج الحق تحت طائفة الحقوق غير المالية؛ كالحقوق العائلية، والسياسية والحق في الحرية والشرف والاعتبار.
ثالثاً: الذهب المختلط.
ينظر جانب من الفقه الى الحق من خلال صاحبه وموضوعه معاً؛ حيث عمد هؤلاء في تعريف الحق إلى الجمع بين القدرة الإرادية والمصلحة. ولذلك سمي هذا المذهب بالمذهب المختلط. ويعرفون الحق بأنه:( قدرة إرادية يعترف بها القانون للشخص ويكفل حمايتها في سبيل تحقيق مصلحة معينة ).
والواقع ان جوهر الحق ليس هو القدرة الارادية ولا هو المصحة ايضا ,وهو ليس هذه وتلك معا ,ولذلك فان هذا المذهب يعيبه كسابقيه ,انه لا يتضمن تحديدا لجوهر الحق .ويتعرض بالتالي لذات الانتقادات الموجهة لهما معا .
رابعاً: النظرية الحديثة (نظرية دابان).
ظهر اتجاه حديث نادى به الفقيه البلجيكي " دابان ", حيث قام بتعريف الحق من خلال تحليل فكرة الحق ذاتها وإبراز عناصرها. ويرى دابان أن الحق يتكون من العناصر الأربعة التالية:
1. الاستئثار: وهو اختصاص شخص معين بمال أو قيمة معينة على سبل الانفراد ودون سائر الناس، بحيث يتيح له ذلك أن يقول أن هذا المال أو هذه القيمة له. وهذا الاستئثار يرد على الأشياء المادية من منقولات وعقارات, وعلى القيم اللصيقة بالشخص مثل سلامة جسمه وحياته, ويرد أيضاً على عمل أو امتناع عن عمل يلتزم به الغير تجاه صاحب الحق. والاستئثار لا يرتبط بالإرادة أو المنفعة، لذلك فهو يثبت لفاقدي الإرادة. ولا يكفي أن ينتفع الشخص حتى يكون صاحب حق.
2. التسلط: التسلط والاستئثار وجهان متلازمان, فثبوت القيمة للشخص تؤدي حتماً إلى التسلط. والتسلط هو ( القدرة على التصرف بالمال أو الشيء محل الحق بحرية وبالكيفية والحدود التي يرسمها القانون ). وهذا التسلط يثبت لصاحب الحق وإن لم تكن له ارادة.
3. الرابطة القانونية (احترام الغير للحق): وهذا العنصر يحدد ماهية الحق بالنسبة للغير, وهو وجوب احترام الناس جميعاً للحق واستطاعة صاحبه أن يقتضي هذا الاحترام.
4. الحماية القانونية: وتعتبر عنصراً جوهرياً ينبغي إدخاله في الاعتبار عند تعريف الحق. فالحق لا يكتمل ولا يوجد في نطاق القانون إلا إذا قامت الجماعة بتنظيمه وحمايته. ولا يكفي أن يستأثر شخص بشيء أو قيمة معينة ويتسلط عليها في مواجهة الغير, بل يجب أن يحمي القانون هذا الاستئثار والتسلط؛ لأن صاحب الحق لا يستطيع أن يحمي حقه بنفسه, بل لا بد من تدخل السلطة العامة لحمايته. وتتحقق هذه الحماية عن طريق تخويل صاحب الحق وسائل لهذه الحماية, وهي أصلاً الدعاوى القضائية والدفوع بأنواعها, توضع تحت تصرفه لتمكينه من أن يحول دون أي إخلال بحقه أو تهديده, أي أن يقتضي جبراً احترام الغير للحق .
واستنادا لهذا التحليل لفكرة الحق وعناصره، خرج جانب من الفقه التقدمي الى أن الحق هو: (( استئثار شخص معين بمال أو قيمة معينة، على سبيل الانفراد وفي مواجهة الغير, استئثاراً يقره القانون ويحميه, بتخويل صاحبه سلطات ووسائل معينة, بغية تحقيق مصلحة جديرة بالرعاية )).

Haneen Nassar
04-07-2013, 03:31 PM
الفرع الثاني: الحقوق الداخلية.
الحقوق الداخلية هي التي تقررها القوانين الداخلية للشخص بوصفه عنصراً في المجتمع الداخلي أو المحلي. ولقد درج الفقه على تقسيمها الى قسمين: الحقوق السياسية، والحقوق المدنية أو غير السياسية:
أولاً: الحقوق السياسية.
هي سلطات تقررها فروع القانون العام, وخاصة الدستوري والإداري, للفرد باعتباره عضواً رسمياً في الجماعة السياسية للدولة, لتمكينه من المساهمة في حكم بلاده وإدارة شؤونها والمشاركة في الحياة السياسية. ومن أمثلتها: الحق في تولي الوظائف العامه, وحق الانتخاب, وحق الترشيح للمجالس المنتخبة.
وتتميز هذه الحقوق بالخصائص التالية:
1. الأصل أن الحقوق السياسية تقتصر على الوطنيين دون الأجانب.
2. لا تثبت الحقوق السياسية إلا لمن تتوافر فيهم شروط خاصة من الوطنيين.
3. الحقوق السياسية تتضمن معنى الحق والواجب .
ثانياً: الحقوق المدنية أو غير السياسية.
هي الحقوق المقررة لحماية الشخص في كيانه وحريته, ولتمكينه من مزاولة نشاطه المدني في الجماعة, وهي تتقرر للشخص بحكم وجوده وباعتباره عضواً من أعضاء المجتمع. وتنقسم الحقوق المدنية إلى حقوق عامة وحقوق خاصة:

1. الحقوق العامة:
هي مجموعة القيم التي تثبت للإنسان باعتبارها مقومات شخصيته, فهي الحقوق التي تكفل للفرد حماية شخصيته في مظاهرها المختلفة.
وهذه الحقوق تقررها فروع القانون العام وخاصة القانون الدستوري ويحميها القانون الجنائي. وهي تثبت للناس كافة دون تفريق بينهم على أساس الجنس أو الدين أو السن أو الجنسية, وذلك لحاجة كل إنسان إليها وضرورتها بالنسبة لكل فرد من أجل حمايته في ذاته وماله وعرضه وسائر مقومات وجوده. ولذلك سميت بالحقوق العامة والحقوق الشخصية وحقوق الإنسان .
والحقوق العامة لا حصر لها، ولكن يمكن ردها إلى طوائف ثلاثة تمثل كل واحدة منها مظهراً من مظاهر الشخصية، فمنها من ترمي الى حماية الكيان المادي للإنسان، كحقه في الحياة وسلامة جسده وأعضائه, ويتكفل قانون العقوبات معاقبة كل من يعتدي على هذه الحقوق التي تولد مع الشخص وتبقى لصيقة به. ومنها ما يرمي لحماية الكيان الأدبي أو المعنوي للشخص، كحقه في المحافظة على سمعته وشرفه، ومنها أخيراً ما يهدف إلى تمكين الشخص من مزاولة نشاطه, كحرية الشخص في التنقل والتملك والعمل والتعليم وحرية المسكن والإقامة والفكر والعقيدة والدراسة والزواج وتكوين الأسرة والتقاضي والاجتماع.
تتميز الحقوق العامة بعدة خصائص نوجز أهما فيما يلي:
1. الحقوق العامة تثبت لجميع الأفراد سواء أكانوا مواطنين أو أجانب، فالصفة الإنسانية هي التي تستوجب هذه الحقوق, فهي تثبت للشخص بمجرد وجوده ولمجرد كونه إنساناً.
2. الحقوق العامة تخرج من دائرة التعامل: يترتب على كون الحقوق العامة مرتبطة بالشخصية ومتلازمة معها, إخراجها من دائرة التعامل, مثل التنازل عنها أو التصرف فيها بأي وجه من وجوه التصرف سواء بمقابل أو بغير مقابل.
3. الحقوق العامة تنقضي بالوفاة: يترتب على كون الحقوق العامة مرتبطة بالشخصية ومتلازمة معها, انقضائها بوفاة صاحبها؛ فالأصل أنها لا تنتقل عن طريق الميراث، فلا يرث الورثة جسم مورثهم، والحريات والرخص والحقوق العامة الأخرى التي كان يتمتع بها حال حياته, وكل اتفاق بخلاف ذلك يعتبر باطلاً.
4. الاعتداء على أي حق من الحقوق العامة يؤدي إلى نشوء حق مالي في التعويض: فهذه الحقوق لا تقوم ولا تقدر بمال, ولكن الاعتداء عليها يؤدي إلى نشوء حق مالي في التعويض عن الضرر المادي أو الأدبي الذي لحق بالشخص طبقاً للقواعد العامة في المسؤولية عن الفعل الضار, إضافة إلى وقف هذا الاعتداء سنداً للمادة (48) من القانون المدني.
5. لا تسقط الحقوق العامة ولا تكتسب بالتقادم .

1. الحقوق الخاصة:
هي التي تقررها قواعد القانون الخاص بفروعه المختلفة, وتثبت للأشخاص الذين تتوافر فيهم شروط وأسباب خاصة لكسبها, وتهدف إلى حماية مصالح الفرد الخاصة إزاء غيره من الأفراد وإزاء الدولة حتى يتمكن من مزاولة نشاطه في محيطه العائلي والمالي. فالحقوق الخاصة تتعلق بروابط الأحوال الشخصية وروابط الأحوال المالية, ويختص بها الشخص دون غيره, خلافاً للحقوق العامة التي تثبت للناس كافة. وتنقسم هذه الحقوق إلى:

أ‌. .الحقوق العائلية:
وتسمى أيضاً بالأحوال الشخصية أو حقوق الأسرة, وهي الحقوق التي تثبت للشخص بالنظر إلى مركزه في الأسرة التي ينتمي إليها وباعتباره عضواً فيها في مواجهة عضو آخر, سواء أكان ذلك بسبب الزواج أو المصاهرة أو النسب.
وغالبية الحقوق العائلية هي حقوق غير مالية، لا يمكن تقييمها بالمال, بل هي أسمى من أن تقدر بالمال، الأمر الذي ترتب عليه عدم قابليتها للتعامل. ولكن البعض من هذه الحقوق يمكن تقييمه بالمال؛ كالحق في النفقة والمهر والأثاث والميراث، الأمر الذي يمكن معه التنازل عن بعضها, كالتنازل الاختياري عن النفقة.
ب‌. الحقوق المالية:
هي التي يكون محلها قابلاً للتقييم بالمال, وتصلح للتداول في سوق التعامل بالأشياء والسلع. ويعرف الحق المالي بأنه: " اختصاص الشخص بمال أو بشيء قابل للتعامل، اختصاصاً يقره القانون ". وتنقسم الحقوق المالية إلى ثلاثة أنواع هي: الحقوق الشخصية, والحقوق العينية, والحقوق المعنوية. ونتناولها بشيء من التحليل:
· الحقوق المعنوية:
وهي سلطة مخولة للشخص أو من يقوم مقامه على نتاجه الفكري أو الأدبي أو الفني أو غيره من ثمرات الذهن والخاطر والقريحة, وعلى القيم المعنوية المشكلة للعناصر المعنوية للمحل التجاري, لتمكينه من الاحتفاظ بنسبة هذا النتاج أو القيم لنفسه, والوصول إلى المنفعة المادية التي تنتج عن استغلاله واحتكارها.
· الحق الشخصي والحق العيني:
يعرف الحق الشخصي بأنه: " رابطة قانونية بين شخصين أحدهما دائن والآخر مدين، يحق بمقتضاها للطرف الدائن مطالبة الطرف المدين بنقل حق عيني أو القيام بعمل أو الامتناع عن عمل".
فقد يكون محل الحق الشخصي نقل حق عيني، كالتزام بائع شيء معين بنقل ملكية المبيع إلى المشتري. وقد يكون محل الحق الالتزام بالقيام بعمل، كالتزام المؤجر بتسليم المأجور إلى المستأجر. وقد يكون محل الحق الالتزام بالامتناع عن عمل، كالتزام بائع مؤسسة تجارية بعدم فتح مؤسسة مشابهة تنافس المؤسسة المبيعة.
وهكذا، فمحل الحق الشخصي إما أن يكون ايجابياً وإما أن يكون سلبيً: فهو ايجابي إذا انصب على نقل حق عيني أو على القيام بعمل, وهو سلبي إذا استهدف الامتناع عن عمل.
ويرى أغلب الفقه أن الحق الشخصي مرادف للالتزام: فالرابطة القانونية التي تربط المدين بالدائن تعتبر التزاماً إذا نظر إليها من ناحية المدين, وهي تعتبر حقاً إذا نظر إليها من جهة الدائن. وعليه يمكن تعريف الالتزام بأنه:
" رابطة قانونية بين شخصين أحدهما دائن والأخر مدين, يترتب بمقتضاها على الطرف المدين تجاه الطرف الدائن, نقل حق عيني، أو القيام بعمل، أو الامتناع عن عمل ".

Haneen Nassar
04-07-2013, 03:52 PM
أما الحق العيني فيعرف بأنه:
" سلطة مباشرة يقررها القانون لشخص معين على شيء معين بالذات ". أو " استئثار شخص بشيء معين بالذات استئثاراً يقره القانون ".
يتضح من هذا التعريف أن هناك فروق عدة بين الحق الشخصي والحق العيني، نتناولها في النقطة التالية:

· خصائص الحق العيني والموازنة بينه وبين الحق الشخصي:
على الرغم من أن الحق العيني والحق الشخصي كلاهما من الحقوق المالية، غير أن الحق العيني يتميز بخصائص معينة تباعد بينه وبين الحق الشخصي، وهذه الخصائص هي:
1. يقوم الحق العيني على عنصرين هما: صاحب الحق, وهو الذي يمارس سلطته المباشرة على الشيء. ومحل الحق، وهو الشيء المادي المعين بالذات، والذي بنصب عليه الحق.
أما الحق الشخصي فيتكون من ثلاثة عناصر، هي: الدائن، وهو صاحب الحق. والمدين, وهو من يقع عليه الحق,وهذان هم طرفا الرابطة القانونية. ومحل الحق, وهو إما أن يكون نقل حق عيني أو قيام بعمل أو الامتناع عن عمل.
2. لما كان الحق العيني سلطة مباشرة يعطيها القانون لشخص على شيء معين بالذات، فهو حق مطلق, يمكن التمسك به في مواجهة الكافة. أما الحق الشخصي، نظراً لكونه رابطة بين شخصين, فهو حق نسبي، لا يمكن اقتضاءه إلا من المدين فقط.
3. محل الحق العيني هو شيء معين بالذات, أما محل الحق الشخصي فهو عمل أو امتناع عن عمل.
4. الحقوق العينية وردت في القانون على سبيل الحصر, وليس للأفراد إنشاء حقوق عينية غير التي أجازها المشرع, بسبب أن ترتيب الحقوق على الأشياء يتصل بالنظام العام. وهذه الحقوق العينية إما أصلية أو تبعية.
فالحقوق العينية الأصلية في القانون هي الأردني هي: حق الملكية, حق التصرف, حق الانتفاع، والحقوق المترتبة على العقارات الموقوفة والحقوق المجردة. أما الحقوق العينية التبعية فهي: حق الرهن التأميني وحق الرهن الحيازي وحقوق الامتياز.
أما الحقوق الشخصية فهي ليست واردة على سبيل الحصر, لأن ارادة الطرفين تستطيع أن تنشئ ما تشاء من الحقوق والالتزامات, وذلك بشرط عدم مخافتها للقانون وللنظام العام والآداب العامة.
5. لما كان الحق العيني سلطة مباشرة لشخص على شيء معين بالذات, فهو يخول صاحبه مزيتي التتبع والتقدم. وبمقتضى التتبع يستطيع صاحب الحق العيني تتبع الشيء محل الحق في يد أي شخص انتقلت إليه حيازة الشيء. وبمقتضى مزية التقدم يفضل صاحب الحق العيني على من يزاحمه في الإفادة من الشيء. كما في الرهن مثلاً, حيث يتقدم المرتهن على الدائنين العاديين، فهؤلاء لا يستوفون ديونهم من ثمن المال المرهون إلا بعد أن يكون الدائن المرتهن قد استوفى كامل دينه. وهذا بخلاف الحق الشخصي الذي لا يخول صاحبه مزية التتبع, ولا مزية التقدم, بسبب أنه لا يرد على شيء معين بالذات حتى يمكن القول بإمكانية تتبعه. ثم إن القاعدة أن أصحاب الحقوق الشخصية أي الدائنين, متساوون في استيفاء حقوقهم من أموال المدين, فلا يقوم أحدهم على الآخر إلا إذا كان له تأمين خاص (ضمان خاص).
6. الحقوق العينية قابلة للحيازة, لأنها تقع على شيء مادي. أما الحقوق الشخصية فهي غير قابلة للحيازة, لأنها تقع على أمر معنوي هو عمل أو امتناع عن عمل. ويترتب على ذلك أن الحقوق العينية تكتسب بالتقادم بخلاف الحقوق الشخصية.
7. يحق لصاحب الحق العيني أن ينزل عن حقه بمحض إرادته, في حين أن صاحب الحق الشخصي لا يستطيع النزول عن حقه بالرغم من إرادة المدين, إذ للمدين أن يرد الإبراء في الدين ( م 445-253 ).


· محل الحقوق العينية:
الحق العيني لا يقع إلا على شيء من الأشياء بخلاف الحق الشخصي الذي يكون محله عمل من الأعمال. وقد عرض القانون الأردني للأشياء في الفصل الرابع من الباب التمهيدي تحت عنوان : تقسيم الأشياء والأموال ( المواد 30 حتى 60 ).

· الحقوق العينية الأصلية والحقوق العينية التبعية:
الحقوق العينية نوعان: أصلية وتبعية, فالحقوق العينية الأصلية هي التي تقوم بذاتها دون حاجة إلى غيرها. أما الحقوق العينية التبعية فهي حقوق مقررة على أشياء معينة لضمان الوفاء بالتزام ما.
والحقوق العينية الأصلية: حق الملكية, وحق التصرف, وحق الانتفاع, وحق الاستعمال, وحق السكن, والمساطحة, والوقف, وحقوق الارتفاق والحكر والاجارتين وخلو الانتفاع (م 70/2 ). أما الحقوق العينية التبعية فهي: الرهن بنوعيه الحيازي والتأميني, وحقوق الامتياز,
ويراعى أن وصف الحقوق الأولى بأنها أصلية, ووصف الثانية بأنها تبعية، لا يراد منه أن الثانية تابعة للأولى، وإنما اعتبرت الثانية تبعية لأنها تتبع حقاً من الحقوق الشخصية من أجل ضمان الوفاء به. أما الأولى فقد وصفت بأنها أصلية, لأنها تقوم بذاتها, ولا ترتبط في وجودها بأي حق شخصي أخر
· تعريف حق الملكية:
لفظ الملك في الفقه الإسلامي له معنيان, هما:
1. العلاقة التي أقرها الشرع بين الإنسان والمال والتي تجعله مختصا به بحيث يتمكن من الانتفاع به بكل الطرق السائغة شرعاً وفي الحدود التي يبينها الشارع.
2. الشيء المملوك. وهذا ما عبرت عنه مجلة الأحكام العدلية في المادة (125) من أن الملك هو ما يملكه الإنسان .
وتقسم الأموال من حيث مدى قابليتها للتملك إلى ثلاثة أنواع:
1. مال لا يقبل التملك مطلقاً, وهو ما خصص للنفع العام كالطرق العامة والأنهار والحدائق العامة.
2. مال لا يقبل التملك إلا بمسوغ شرعي, كالأموال الموقوفة وأملاك بيت المال.
3. مال يقبل التملك مطلقاً، وهو ما عدا النوعين السابقين.
والملك في الفقه الإسلامي نوعان:
1. ملك تام: وهو ما يرد على رقبة الشيء ومنفعته معاً.
2. ملك ناقص: وهو ما يرد على رقبة الشيء أو منفعته, أي إما أن يكون ملك رقبة أو ملك منفعة .

· تعريف حق الملكية في القانون الأردني:
عرفت المادة (1018) من القانون المدني حق الملكية بأنه :
(( سلطة المالك في أن يتصرف في ملكه تصرفاً مطلقاً عيناً ومنفعة واستغلالاً )).
وتوضيحاً لهذا التعريف ذكرت الفقرة الثانية من هذه المادة بأن:
(( لمالك الشيء وحده أن ينتفع بالعين المملوكة وبغلتها وثمارها ونتاجها ويتصرف في عينها بجميع التصرفات الجائزة شرعاً )).


v مزايا هذا التعريف:
1. أبرز هذا التعريف ماهية حق الملكية من حيث كونه سلطة المالك. وتقول المذكرة الإيضاحية في هذا الصدد: وقد روعي في هذا النص أن يتضمن ما أشار إليه صاحب فتح القدير من أن الملك ( قدرة يثبتها الشرع ابتداءً على التصرف. مع تحديد هذه القدرة بأنها سلطة المالك). وهو بذلك يلتقي مع الفقه المعاصر الذي عرف الحق بأنه " سلطة مباشرة يقرها القانون شخص على شيء معين بالذات ".
2. أتى التعريف على ذكر عناصر الملكية الثلاث، وهي: الاستعمال والاستغلال والتصرف.
3. نصت الفقرة الثانية من المادة (1018) على أنه:(( لمالك الشيء وحدة ان ينتفع ... )).
وهنا يكون النص قد أبرز أهم خصائص حق الملكية, وهو أنه حقاً استئثارياً مقصوراً على صاحبه دون سواه.
4. ويمتاز النص السابق من وجه أخر من حيث أنه قيد سلطة المالك بالتصرفات الجائزة شرعاً, وبذلك يذكر بالقيود التي ترد على حق الملكية. وقد ألمحت المذكرة الإيضاحية لهذه القيود, إذ قالت:( وقد عني المشرع بإحاطة هذا الحق بمدى ووسائل حمايته, وبما يدور حوله من قيود أو حقوق مجردة تحد من إطلاقه, ووسائل إنهاء هذه القيود ). وقسمت القيود إلى قيود قانوني؛ وهي التي تتضمنها تشريعات خاصة تصدر رعاية للمصالح العامة. وقيود فرضها الجوار ... وقيود ترجع إلى الانتفاع بالمياه... وقيود اتفاقية كشرط عدم التصرف.