المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قراءة في قرار مجلس الأمن 1373 تاريخ 28/9/2000 ( محاربة الارهاب )



Essa Amawi
08-29-2009, 10:14 PM
في 28/9/2000 وافق مجلس الأمن بالإجماع، على القرار /1373/، وهو قرار يحشد المجتمع الدولي بأسره ليكون وراء الولايات المتحدة في مكافحة ما تسميه الإرهاب، ويخولها استخدام القوة للضغط على الدول الناشزة، أو حتى التي ترفض التعاون حسب مقتضيات القرار، الذي يحدد الإجراءات القانونية والمالية التي يتوجب على الدول الأعضاء في الأمم المتحدة اتخاذها ضد أولئك الذين تصنفهم الولايات المتحدة (إرهابيين) وعلى رأسهم تنظيم القاعدة وابن لادن.


فرض القرار 1373 على جميع الدول حظر وتجريم نشاطات منظمة القاعدة، وتجميد أصولها المالية. كما جعل من تبادل المعلومات الاستخبارية بين الدول أمراً رسمياً وروتينياً لا يجوز الامتناع عنه، بما في ذلك المعلومات التي تخص الأفراد والمنظمات، والدول، وذلك في إطارالمعلومات (الذاتية) و(العملياتية) والتقويمات العقائدية والفكرية، وفرض على جميع الدول، المشاركة في الأدلة ذات الطابع الأمني والسياسي والجنائي، وذلك عبر برتوكولات دولية، واتفاقات ثنائية.


وبالإضافة إلى ذلك يفرض القرار على الدول الأعضاء في الأمم المتحدة اتخاذ جميع الإجراءات الكفيلة، بمنع حركة من يوصفون بالإرهابيين عبر ضوابط حدود دقيقة وفعالة. وعن طريق التوقف طويلاً قبل منح حق اللجوء السياسي. وفتح ملفات /اللائذين/ أو المهجرين القسريين الذين يعيشون في هذه الدولة من العالم أو تلك. والذين غالباً ما يكونون مادة الإرهاب، أو على مساس بالإرهابيين!!


والأمر الأكثر أهمية، هو أن القرار/1373/ قد أُقر تحت الجزء السابع من دستور الأمم المتحدة، مما يجعله ملزماً لجميع الدول الأعضاء في المنظمة الدولية، ويخول مجلس الأمن فرض إجراءات عقابية في حال تلكؤ أي دولة عن التعاون حسب مقتضيات القرار.


وتتراوح العقوبات التي يمكن أن تفرض على الدول الناشزة وحسب المادة (41) من دستور الأمم المتحدة، بين قطع (جزئي) أو(كلي) للعلاقات الاقتصادية، و(السياسية) و(الديبلوماسية) إلى حد شن الحرب العسكرية حيث تفوض المادة (42) الأمم المتحدة، (أي وبشكل آلي الولايات المتحدة)، الحق في شن حرب عن طريق (الجو) أو(البحر) أو(البر)... على أية دولة يرى مجلس الأمن أنها لم تتعاون التعاون المناسب.


سيناريو تنفيذ القرار..
لقد طالب قرار مجلس الأمن 1373 جميع الدول الأعضاء في المنظمة الدولية، بتقديم تقرير مفصل بجميع المعطيات المتوفرة لديها عن (الأفراد) و(المنظمات) و(الدول)، (الذاتية) و(العملياتية) إلى لجنة مكافحة الإرهاب التابعة لمجلس الأمن (أي للولايات المتحدة مباشرة، ولم تكن اللجنة المذكورة إلا غطاء للحقيقة العارية أمام الجميع.)

وحدد تاريخ 27/12/2000، كموعد نهائي لتقديم المعلومات، وإثبات حسن النية والإخلاص، أي أنه تم منح دول العالم أجمع فرصة ثلاثة أشهر فقط، لإعداد كل ما لديها من تقارير وبينات، تخص الجهد المطلوب. (28/9/2000ـ 27/12/2000).

وفي 19/10/2000 أي بعد ما يقرب من /20/ يوماً من اتخاذ القرار أصدرت (لجنة مكافحة الإرهاب)، التابعة لمجلس الأمن خطة عمل إرشادية، لتعيين الدول الأعضاء في المنظمة الدولية على التعاون والاستجابة لمتطلبات الولايات المتحدة، وقد قسمت هذه الخطة إلى خمسة محاور رئيسية...

1ـ حددت قنوات الاتصال بين كل دولة عضو في الأمم المتحدة، وبين لجنة مكافحة الإرهاب (الولايات المتحدة..).
2ـ الخطط العملية للجنة مكافحة الإرهاب، لدعم وتعزيز الخبرة التكتيكية لهذه الدول.
3ـ مشتملات التقارير الفعلية المطلوبة من الدول الأعضاء.
4ـ نوع المساعدة التي يمكن للجنة مكافحة الإرهاب، أن تقدمها لهذه الدول ...
5ـ تفاصيل عن الكيفية التي ستنشر بها لجنة مكافحة الإرهاب المعلومات عن نشاطها.


ويشكل البند الثالث من هذه المحاور لب قرار مجلس الأمن المذكور /1373/ حيث يفرض على الدول المعنية، تقديم التقارير، والتي تركز على أربعة ميادين يجب على الدول الإفصاح عنها، فيما ترفعه إلى لجنة مكافحة الإرهاب...

أولاً ـ ما هي التشريعات ذات الصلة بالإرهاب المتخذة، أو التي ستتخذ في إطار الحملة الدولية لمكافحة الإرهاب..

ثانياً ـ ما هو التحرك العملي الذي اتخذ، أو الذي سيتم اتخاذه في هذا الإطار.

ثالثاً ـ ما هي المبادرات الأخرى، إن وجدت، والتي قامت بها الدول المعنية لتنفيذ نص وروح القرار /1373/.

رابعاً ـ ما هي الخطوات التي اتخذت أو التي من المتوقع اتخاذها لتعزيز التعاون الدولي في المجالات التي يشملها القرار.

ونصت خطة تنفيذ القرار أيضاً على أنه إذا شعر أعضاء (لجنة مكافحة الإرهاب) أن التقارير المقدمة من دولة من الدول تفتقر إلى المصداقية، أو تخلو من الفائدة، كان من حق هذه اللجنة، أن تصر على طلب تقارير إضافية لتستوفي الغاية من كل دولة، حسب موقع الدولة، والمعلومات المرصودة لدى اللجنة عنها...


لقد شكلت لجنة مكافحة الإرهاب من بضعة وعشرين خبيراً أمنياً وديبلوماسياً وهم في معظمهم مجندون لصالح الولايات المتحدة، أو من رعاياها وهي برئاسة السيد (جيرمي جرين ستوك)..


فضاءات القرار 1373...
لا يركز القرار 1373، على تنظيم القاعدة، ولا على ابن لادن، بل على الإرهاب ضمن مفاهيم عامة أو غائمة مما يجعل القرار سيفاً مصلتاً من الولايات المتحدة، تنفذه أين، وعندما تشاء برعاية دولية..


وقد أكد السيد (جيرمي جرين ستوك) في مؤتمر صحفي في 19/10/ بأن ليس من مسئولية لجنته إقرار تعريف للإرهاب، بل حشد أكبر جهد مشترك للعمل ضد الإرهاب في جميع دول الأرض.


وقد اعترف السيد (ستوك) أن الطبيعة الواسعة لمفهوم الإرهاب، ستكون مفيدة ونافعة في تحديد مجالات الحركة وخياراتها، ولم يغفل عن أنه ستكون هناك دول ستحاول التخلص من التزاماتها، أو من مواقفها وأفعالها. ولاسيما وأن الهيئة العامة للأمم المتحدة لم تستطع حتى الآن أن تجمع على تعريف محدد للإرهاب..


على القائمة الأمريكية للإرهاب ثمة سبع دول تصنفها الولايات المتحدة بأنها دول راعية للإرهاب، تم تكريس الرقم أخيراً في ثلاث دول أطلق عليها محور الشر وإلى جانب هذه الدول ثمة ثمانية وعشرين منظمة سربلت أمريكياً بسربال الإرهاب.


أما على صعيد الأمم المتحدة، فقد شمل التصنيف: أفغانستان، والقاعدة، وابن لادن، وحتى وقت قريب كانت (ليبيا) و(السودان) متضمنتين أيضاً في هذه المجموعة..


وقد تم إزالة اسم السودان، بعد التعاون الذي أبداه عقب أحداث 11/9، حيث قدم مسؤولون سودانيون ما عرف ببيانات الترضية للولايات المتحدة.
وكذا حذف اسم ليبيا بعد تسليمها للمشتبه بهما إلى اسكوتلندة، فيما يعرف بقضية لوكربي.


ومع غياب تعريف متفق عليه للإرهاب في المنظمة الدولية، إلا أن السياق لا يعدم بعض التعريفات المعيارية التي تتعلق (بالأفعال) أكثر مما تتعلق بالأشخاص (العاديين) أو(الاعتباريين) فقد صنف حسب المواثيق الدولية في سلم الأفعال الإرهابية (الاختطاف) (التفجير) (أخذ الرهائن) (تمويل فعل إرهابي) الخ..


إن القرار /1373/ الذي تم إقراره في أعقاب 11/9 يشكل سابقة مهمة لنوعية المساهمة التي بإمكان الولايات المتحدة، المسيطرة على مجلس الأمن أن تقوم بها، للحرب على كل مخالف يمكن أن يوصف بسهولة: بالإرهاب. ولكن حملة معززة ضد الإرهاب تتطلب من منظومة واسعة من أعضاء المؤسسة الدولية: إصلاحاً دستورياً، وقانونياً، وهذا الإصلاح لن يكون سهلاً ولا تلقائياً، وهو بحاجة إلى وقت وجهد والتزام دائم ومميز. والقرار مع ما يتضمنه من صيغ إلزامية، وتهديدات معنوية ومادية سيجبر الدول المعارضة أو الناشزة، للعودة إلى بيت الطاعة الأمريكي...


هل سيتعاون مجلس الأمن مطلقاً مع الرغبة الأمريكية، في تنفيذ القرار / 1373/ وإلى أي حد؟ لقد وصف أحد مسؤولي الأمم المتحدة بأن القرار /1373/ كان ثورياً، لأنه يلزم بقواعد، ويحدد وسائل الإكراه… فإذا كانت أحداث 11/9 نتائج البيئة المتساهلة التي أجازتها الكثير من الدول، فإن هذه الدول أو بعضها ستحاول التهرب إن استطاعت من متطلبات القرار الأمريكي حفاظاً على مصالحها، أو على ما تبقى من هيبتها واحترامها.


ويبقى نجاح القرار /1373/ ليس بجهود لجنة مكافحة الإرهاب، التي هي لجنة / رقابية تحليلية للمتابعة، وإنما سيرتبط بمجلس الأمن، الذي سيكون من حقه دائماً تفويض الولايات المتحدة باستخدام كل الوسائل الضرورية لحماية مصالحها، وفق رؤية أحادية...


لقد فسر القرار /1373/ النشاط الديبلوماسي المكوكي الذي قام به العديد من الشخصيات المرموقة إلى دول عدة في منطقة الشرق الأوسط. للتعامل المباشر مع أولي الأمر، كما فسر المتابعات المحمومة للكثير من المعارضين السياسيين في هذه الدول والتي ارتأت دولهم أن تقدمهم قرابين على مذابح تطهرها من إرهاب طالما انغمست فيه...

وبين الكاتب والقارئ، إلى أي مدى يمكن أن تنضح أو تغيب الحقائق؟…



عن مركز الشرق العربي