المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أحكام بيع المحل التجاري



أحمد أبو زنط
09-10-2009, 03:41 AM
مقدمة



المحل التجاري له قيمة خاصة به فهو يحتل على غرار العقارات مكانا معتبرا في الذمة المالية للتاجر فالمحل التجاري يكون وحدة قائمة بذاتها ومنفصلة عن العناصر التي يشتمل عليها ، ولهذا يجوز لصاحبه التصرف فيه ، ومن ثم يعتبر المحل التجاري قابلا للانتقال عن طريق الإرث وقابلا للإحالة بين الأحياء ، إما بصفة مجانية أي بدون مقابل ومثال ذلك الهبة وإما مقابل ومثال ذلك البيع والجدير بالذكر أنه يجوز أن يكون الانتقال على الملكية كاملة أو فقط على ملكية الرقبــة أو حق الانتفاع .
ويلاحظ من استقراء القانون التجاري أن المشرع الجزائري سلك مسلك المشرع الفرنسي، ونظم بنوع من الدقة بعض التصرفات القانونية التي ترد على المحل التجاري وأهمها عمليات البيع والرهن والتسيير الحر، وكذلك تقديم المحل التجاري كإسهام في شركة، وإن كافة هذه العمليات تخضع لأحكام خاصة نظرا لطبيعة المحل التجاري الذي يعتبر مالا منقولا معنويا، وفيما يخص التصرفات الأخرى كالهبة أو الانتفاع لقد تركها المشرع للأحكام العامة المنصوص عليها في القانون المدني.
وموضوعنا بيع المحل التجاري هو على خلاف عملية الرهن من العمليات الأكثر انتشارا في الحياة العملية ويتوجب الإشارة إلى أنه يمكن للشخص الذي يرغب في ممارسة التجارة إنشاء محل جديد لكن من الأفضل أن ي شتري محلا تجاريا موجودا له زبائن متعاملين معه حيث أن إنشاء محل تجاري جديد يوجب عليه استعمال وسائل مختلفة لاجتذاب الزبائن.
و عملية بيع المحل التجاري ثار خلاف فقهي حول طبيعتها القانونية خاصة مسألة شراء المحل التجاري من شخص غير تاجر ، فإذا كان الشراء بقصد إعادة بيع المحل التجاري فهنا العمل تجاريا بحسب الموضوع طبقا لنص المادة 02 قانون تجاري أما إذا كان الشراء بقصد استغلال المحل التجاري تجاريا ،فهنا يدق ناقوس الخلاف الفقهي حول مدى اعتبار الشراء عملا تجاريا بالتبعية.
وهنا يرى البعض أن الشراء لا يعتبر عملا تجاريا لأن المشتري لم يكتسب بعد صفة التاجر عند الشراء حتى يكون الشراء تجاريا بالتبعية إذ يشترط في العمل التجاري بالتبعية أن يقع من تاجر بمناسبة مزاولة حرفته التجارية، وعلى ذلك جرت أحكام محكمة النقض الفرنسية، وذهب رأي آخر إلى أن الشراء يعتبر عملا تجاريا بالتبعية لأن شراء المحل الجاري هو الخطوة الأولى في سبيل احتراف التجارة واكتساب صفة التاجر ويميل الفقه الحديث وهو الرأي الراجع إلى اعتبار كل شراء أو بيع للمحل التجاري عملا تجاريا بطبيعته بسبب موضوع العقد وأن العقد يخضع لاختصاص القضاء التجاري ولا يستندون في ذلك على نص قانوني بل على اعتبار أن الأعمال التجارية جاءت على سبيل المثال لا على سبيل الحصر، لكن القانون الجزائري حسم الخلاف ولم يترك مجالا للشك حيث نصت المادتان 3-4 قانون تجاري على اعتبار العمليات المتعلقة بالمحلات التجارية أعمالا تجارية بحسب الشكل، وعليه فإن عقد بيع المحل التجاري يعتبر عملا تجاريا بحسب القانون الجزائري مع عدم مراعاة ما إذا كان الشخص المشتري تاجرا أم غير تاجر، وكذلك ما إذا كان بائع المحل التجاري شخصا مدنيا أم تجاريا، وحتى لو كان موظفا فورث المحل أو حصل عليه بواسطة هبة أو وصية وقام ببيعه لشخص آخر لم يحترف التجارة ، فيعد شراء المحل هنا عملا تجاريا.
وعملية بيع المحل التجاري معقدة لأسباب تتمحور في المصالح الناتجة عنها وفي معظم الأحيان توجد تناقضات بين هذه المصالح وعلى المشرع إيجاد وسيلة لحمايتها .
فمن ناحية حماية المشتري الذي قد يتعرض لمخاطر حيث أنه صحيح عند شراء المحل لا يتحمل ديون البائع لكن قيمة المحل التجاري غير مستقرة ومتعلقة بجدية وخبرة البائع زيادة على ذلك تحديد قيمة المحل التجاري شيء صعب،حيث رقم أعماله وأرباحه المحققة يتغير من سنة إلى أخرى ، وهذا نتيجة التطور الاقتصادي ، وقد يستعمل البائع وسائل غير شرعية لتحديد قيمة المحل حتى الوسيط في بعض الأحيان يلجأ إلى طرق غير قانونية لرفع قيمة المحل ،وهذا لأن الأجور التي يتقاضاها تحدد نسبة للثمن المحل التجاري .
ومن ناحية ثانية حماية البائع لأنه في أغلب الأوقات تسديد الثمن لا يكون فوريا، فيجب تمكين البائع من استرداد المحل عند عدم تسديد الثمن من المشتري أي منحه ضمانات كافية لاستيفاء الثمن عند تأجيله .
ويجب على المشرع أيضا حماية دائني البائع فالمحل التجاري هو الضمان الأساسي للوفاء بديونهم فقد يتعرض هؤلاء الدائنين للخطر إذا قام مالك المحل التجاري ببيعه بصفة سرية لتهريب الثمن من المتابعة.
لهذه الأسباب فرض القانون التجاري إجراءات دقيقة في بيع المحل التجاري تشبه إجراءات بيع العقار فيما يتعلق بالرسمية والإشهار خاصة.
والمحل التجاري يعتبر في حد ذاته مجموعة عناصر مادية ومعنوية،وهذه العناصر تختلف حسب النشاط الذي يزاوله التاجر ،ذلك أنه يمكن وجود عنصر براءة الاختراع في محل تجاري وانتفائه في محلات أخرى أو وجود عنصر الحق في الإيجار ضمن مقومات المحل التجاري إذا كان صاحبه يمارس التجارة في عقار مستأجر وعدم وجوده في حالة تملك التاجر المحل والعقار في آن واحد.
ويجوز للتاجر التصرف في المحل التجاري بأكمله أو أن يقتصر البيع على بعض عناصره فقط غير أن التصرف في بعض العناصر يعتبر بيعا للمتجر طالما تنصب عملية البيع على عنصر الاتصال بالعملاء الذي يعد عنصرا جوهريا ،وعلى عنصرا أو عناصر أخرى بينما يختلف الأمر في حالة التصرف في عنصر واحد كالبضائع مثلا أو المعدات إذ لا تعتبر العملية بيعا للمحل التجاري.
كما تجدر الإشارة إلى أن تكييف العملية فيما إذا كانت بيعا أم لا يعتبر مسألة قانونية خاضعة لرقابة المحكمة العليا، ولهذا يظهر من الضروري تكييف التصرف تكييفا صحيحا.

كل ما سبق نبذه عن الموضوع، حمل باقي البحث من هنا: