المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الركن المعنوي في المخالفات



أحمد أبو زنط
09-11-2009, 08:14 PM
حلقة بحث بعنوان : الركن المعنوي في المخالفات

الجمهورية العربية السورية
جامعة حلب
كلية الحقوق
قسم الدراسات العليا
ماجستير القانون الجنائي




حلقة بحث بعنوان : الركن المعنوي في المخالفات


إعداد الطالب:
علي عبدالله الحمادة

إشراف الدكتور:عبد العزيز الحسن

2006-2007
مخطط البحث
مقدمة
المبحث الأول :الجدل حول الركن المعنوي لجرائم المخالفات
ـالمطلب الأول :فكرة الجريمة المادية في المخالفات
أـ مضمون هذا الاتجاه
ب ـ مبررات هذا الاتجاه والرد عليها
ـ المطلب الثاني : لزوم الركن المعنوي في المخالفات
أ ـ مضمون هذا الاتجاه
ب ـ صور الركن المعنوي في المخالفات
ج - مبررات هذا الاتجاه والرد عليها
المبحث الثاني : أنواع المخالفات في التشريع السوري وموقف المشرع منها




مقدمة :
ثار جدل حول ضرورة توافر الركن المعنوي بالنسبة لبعض الجرائم .فقد ذهب رأي إلى إنكار هذا الركن والقول بأن هناك بعض الجرائم يكفي لتوافـرها تحقق الركن المادي فقط ،ويطلق عليها
( الجرائم المادية )أي تلك التي تتحقق ماديا فقط دون حاجة إلى الركن المعنوي ، ويسميها البعض (المسؤولية دون خطأ ) "أو " المسؤولية الموضوعية أو المادية
والمخالفات هي الجرائم التي تلي الجنايات والجنح من حيث الجسامة ، فهي أقل الجرائم جسامة أو خطورة ،كما أن العقوبات المقررة لها قليلة أو ضئيلة بالمقارنة لتلك المقررة للجنح والجنايات .
ونظراً للطبيعة الخاصة للمخالفات و لركنها المعنوي اقتصر بحثنا على البحث في ماهية هذا الركن إضافةً إلى موقف المشرع السوري منه وتحليل هذا الموقف.....
المبحث الأول
الجدل حول الركن المعنوي لجرائم المخالفات
يهدف المشرع عادة في مجال جرائم المخالفات إلى حسن تنظيم المجتمع على نحو معين ،ولذلك غالباً ما تكون من جرائم السلوك المجرد والخطر المفترض التي يتوافر ركنها المعنوي دون النظر إلى كون الجاني قصد ارتكاب المخالفة ، أو أنها تحققت بإحدى صور الخطأ ، ولهذا اختلف الفقهاء حول ضرورة توافر الركن المعنوي لهذه الجريمة .
- المطلب الأول : فكـرة الجريـمة المـادية فـي المـخالـفات
أ ـ مضمـــونها :
إن المخالفات هي "جرائم مادية بحتة " تتكون من الركن المادي فقط دون حاجة إلى تطلب الركن المعنوي فيها بصورتيه القصد والخطأ .
وقد أسبغ هذا الوصف أيضاً على الجنح الشبيهة بالمخالفات ،والتي أطلق عليها تعبير المخالفات المجنحة كالجنح الاقتصادية( ) وهي التي يعاقب عليها بعقوبات حدها الأدنى تكديري في حين أن حدها الأعلى جنحي( ) فالجنح الاقتصادية تتحد مع المخالفات من حيث هدف الشارع بالعقاب عليها، وتماثلها تبعاً لذلك من حيث وجود الركن المعنوي( )
وقد ذهبت إلى فكرة الجريمة المادية المعفاة من الركن المعنوي محكمة التمييز الفرنسية في بعض قراراتها،وأيدها كذلك معظم الفقه، مع تحفظ واحد هو ضرورة إثبات صدور الركن المادي للجريمة عن إرادة، دون حاجة إلى إثبات الركن المعنوي في حق الجاني . فلو أثبت محضر شرطة مثلاُ،أن سائق السيارة خالف إشارة المرور الحمراء توافرت المسؤولية الجزائية في حق المخالف دون حاجة إلى إثبات القصد أو الخطأ لديه .
وتقع جريمة الوقوف في مكان ممنوع الوقوف فيه بمجرد ترك السيارة في هذا المكان ،ولا يجدي في نفي المسؤولية عنها إثبات أنه لم يصدر قصد أو خطأ و أنه كان من المستحيل على المدعى عليه أن يتوقع أنه يخالف بفعله القانون الذي يجرمه( )،فمجرد تحقق السلوك المادي المكون لجريمة المخالفة كافٍ حتى يستحق مرتكبها العقاب عليها ، ويؤيد هذا الرأي فريق من الفقه الإيطالي
ب ـ المــبررات والرد عليها :
استند مؤيدوا هذه الفكرة (عدم لزوم الركن المعنوي في المخالفات ) إلى الأمور التالية :
1ـ حاول رأي فقهي تأسيس هذا الإتجاه على اعتبار أن المخالفات تهدف إلى تحقيق النظام الاجتماعي ،وفي سبيل تحقيق هذا النظام يكفي تحقق السلوك المكون لها مادياً دون حاجة إلى الركن المعنوي أيا كانت صورته ،بل تقوم المسؤولية عن هذه الجريمة حتى ولو كان الجاني حسن النية .
ويؤخذ على هذا الرأي:أنه يتجاهل المبدأ العام المسلم به وهو"لا جريمة بدون ركن معنوي " كما أن منطقه يؤدي إلى مساءلة الحيوانات بل والجمادات عما يقع بسببها من مخالفات وهو ما لا يجوز التسليم به في العصر الحديث( )
2ـ ذهب الفقه الفرنسي أن ماديات هذه الجريمة تتضمن في ذاتها خطأ ، أي أن مجرد ارتكاب هذا الفعل هو في حد ذاته الخطأ الذي تقوم به الجريمة ، ويتمثل في إهمال الشخص معرفة ما له وما عليه ( ) ويؤخذ على هذا الرأي : أنه يتعارض مع موقف القضاء الفرنسي في تقرير الإعفاء من المسؤولية في حالات الجنون والإكراه وصغر السن والقوة القاهرة . والدليل على ذلك أنه يقرر انتفاء المسؤولية إذا اثبت المدعى عليه أنه ارتكب فعله تحت تأثير (غلط غير مقترن بخطأ )،أي ما يعبر عنه القضاء بالقوة القاهرة ، ويستند إليه في نفي المسؤولية ،وهو في حقيقته"حدث طارئ " إذ لا تتوافر له شروط القوة القاهرة ، وإنما يقتصر تأثيره على نفي الخطأ عن الإرادة مما يعني إقامة المسؤولية على الخطأ واشتراط ركن معنوي للجريمة
ولهذا اتجه رأي آخر إلى القول : بأن هذه المسؤولية تقوم على أساس الخطأ المفترض افتراضاً لا يقبل إثبات العكس ولكن هذا الرأي ليس بأفضل حالاً من سابقه لأن قرينة افتراض الخطأ الذي لا يقبل إثبات العكس لا يمكن استخلاصها بل يجب أن ينص عليها المشرع صراحة و لا يوجد مثل هذا النص فضلاً عن أن الأخذ بهذا الرأي يؤدي إلى ذات النتائج التي ينتهي إليها الرأي السابق ويستحق ذات النقد ، وبصفة خاصة لا يستقيم مع موقف القضاء الفرنسي الذي يقرر الإعفاء من المسؤولية في حالات معينة . وهذا يعني أن قرينة افتراض الخطأ ليست قاطعة ولكنها قرينة بسيطة يجوز إثبات عكسها ،وافتراض الخطأ بالنسبة لهذه الجرائم يرجع إلى الدور الذي تقوم به والمصالح التي تحميها فهي تهدف إلى التنظيم والضبط وحسن الإدارة وهي مصالح عامة تتطلبها ضرورات الضبط الاجتماعي أو النظام الاجتماعي ، فتقوم الجريمة من مجرد مخالفة قواعد التنظيم الإداري ( )لكننا نعود إلى الرأي الأول ونقول أنه مهما كانت المصالح التي تحميها ومهما كانت المبررات التي قيل بها لافتراض الخطأ ،فإنها لا تنهض دليلا مقنعا للخروج على المبدأ العام المسلم به وهو " لا جريمة بدون ركن معنوي " والخروج على هذا المبدأ العام لا يكون إلا بالنص الصريح ، وهذا النص غير موجود.
وبناء على ذلك فإن المخالفات وكذلك بعض المخالفات المجنحة لا تختلف عن غيرها من الجرائم من حيث ضرورة الركن المعنوي ولزومه وهذا ما أخذ به القضاء والفقه في مصر . ولكن بعض التشريعات قد تقرر الخروج على هذا المبدأ بالنسبة لفئة من المخالفات ، فالمادة 244 من قانون الجمارك اللبناني الصادر في 30 حزيران سنة 1954 تنص على أنه "ليس للمحاكم أن تأخذ بعين الاعتبار النية بل الوقائع المادية فقط ، فالجهل أو حسن النية لا يعتبران عذراً . وعليه يجب على هذه المحاكم إنزال العقوبات المبينة أعلاه لمجرد إتيان الأعمال التي تقمعها هذه العقوبات أو لمجرد المباشرة بها فقط ( ) ، وكذلك الأمر بالنسبة للعقوبات المنصوص عليها في المادتين 337 ، 339 من قانون الجمارك القديم ( ).
ولا يفهم من ذلك أن قانون العقوبات اللبناني يعتبر المخالفات جرائم مادية بحتة لأنه لم يتضمن نصوصاً تخرج بالمخالفات على القواعد العامة التي وضعها في شأن الركن المعنوي للجريمة.
3ـ ذهب فريق من الفقه الإيطالي أن تطلب الركن المعنوي في المخالفات سيترتب عليه في الغالب عدم تطبيق النصوص الخاصة بها ( ) ويؤخذ على هذا الرأي : أن المشرع يحرص دائما على صيانة أوضاع ضرورية لتنظيم المجتمع على نحو معين وهذه الأوضاع يتعين أن تكون في الحدود التي تسمح بها المبادئ القانونية العامة واعتبارات العدالة ، والقول بأن الواجب الذي تفرضه على كل شخص النصوص الخاصة بالمخالفات هو واجب محدود النطاق قليل المشقة وأن العقاب المقرر للإخلال به ضئيل وأنه يتعين التخفيف من عبء القضاء بإعفائه من البحث بالركن المعنوي للمخالفات ، كل ذلك ليست له من القيمة القانونية ما يبرر الخروج على المبدأ الأساسي الذي يتطلب في كل جريمة ركناً معنوياً .

حمل باقي البحث من هنا: