المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : جريمة الرشوة



أحمد أبو زنط
09-12-2009, 01:51 AM
(دراسة مقارنة)





مقدمة لسيادتكم:

نهى سيد عويس




وكيلة النيابة الإدارية







خطة البحث
o مقدمة
o فصل تمهيدي : جريمة الرشوة في الشرعية الاسلامية
o فصل الاول : جريمة الرشوة في القانون المصري
o مبحث الاول : خطة المشرع المصري في تجريم الرشوة
o مبحث الثاني : الجرائم المحلقة بالرشوة وسبل مكافحة جريمة الرشوة
o الفصل الثاني : جريمة الرشوة اتفاقية الدولية للامم المتحدة لمكافحة الفساد
o المبحث الاول : رشوة الموظفين العموميين الوطنيين والعموميين الجانب
o المبحث الثاني : الرشوة في القطاع الخاص
o الخاتمه
o المراجع





v مقدمة :
صارالفساد الاداري وباء ينتشر بصورة سريعة ويتخلل الانشطة العامة والخاصة والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والقضائية لمعظم بلدان العالم بمختلف نظامها وميوله الفكرية المذهبية.
و ظاهرة الفساد الاداري ليست وليدة اليوم وليست مرتبطة بزمان او مكان معينين فالفساد لغة تشير الى التلف وخروج الشى عن الاعتدال ونقضيه الصلاح، ولهذا نجد ان الفساد الاداري قد بات المرض الذي تعاني منه اجهزة الدولة الادارية للدول التى تنهج المذهب الاشتراكي الى حد بعيد ، وبدلا من ان تعود على الدولة والصالح العام بالنفع والرخاء والنمو والازدهار في كافة المجالات تعود بالنتائج العكسية على الدول والشعوب ولا ادل على ذلك بانهيار الاتحاد السوفيتي القطب الاخر من قطبي الكتلة الارمنية.
والفساد الاداري له صور متعددة لا يمكن حصرها او صنعها جمعها في اطار مقنن على نمط تعيين الجرائم وعقوباتها في قانون العقوبات حيث منه ما يصل من الجسامة الى الحد الذي يعد من الجرائم المنصوص عليها في القوانين العقابية كالرشوة و اختلاس المال العام و الإضرار به والتربح من الوظيفة العامة وبالتالي يقع مرتكب هذا النوع من الفساد ومنهم الكثير تحت طائلة القوانين العقابية من حيث العقاب المقرر لتلك الأفعال، بالاضافة إلى الجزاءات التاديبية و التي يكون للقاضي مطلق الحرية في توقيعها اذا ما ثبت الاثم الجنائي بحكم بات.
ومن الاسباب الواقعية لانتشار الفساد الاداري انه ليس مقصورا على مصر ولكنة موجود في كل بلدان العالم من اليابان إلى الولايات المتحدة الامريكية والفرق بين بلد واخر انما يكمن في امرين اولهما مدى الفساد وهل طال او وصل إلى الطبقات الحاكمة أم لا.
وبما أن المظاهر القانونية للفساد تقع تحته مجموعة من الجرائم منها جريمة الرشوة فسوف نتطرق لها بالتفيصل في التشريع الوطني ولا نستطيع ان نغفل دور الشريعة الاسلامية في معالجة هذه الصورة من صور الفساد الاداري حيث وضعت من المبادىء والاسس والقواعد التى اتجهت جميعها إلى تحريم كافة طرق الحصول على المال بشكل غير مشروع او بدون حق وسواء كان المال عاما او خاصا وجعلت ذلك من قبيل اكل اموال الناس بالباطل الذي نهت عنه الشريعة الغراء وأيضا نصت علي جريمة الرشوة اتفاقية الامم المتحدة .
و من ثم فسوف نبحث في السطور القليلة القادمة تنظيم المشرع المصري لتجريم الرشوة و صورها و كذا في الاتفاقية الدولية ، بعدما نستعرض سريعا حكمها و عقوبتها في الشريعة الأسلامية.
الفصل تمهيدي : جريمة الرشوة في الشرعية الاسلامية
تعد الرشوة من ابشع صور الفساد شيوعا لما تتضمنه من معاني اللامبالاة وعدم الاكتراث من قبل الموظف العام بالوظيفة العامة لدرجة انه يتاجر فيها ويبيعها بابخس ثمن، و من هنا فقد حرمت الشريعة الاسلامية الرشوة واعتبرتها من قبيل اكل اموال الناس بالباطل ، و في ذلك قال الله تعالى ( ولا تاكلوا اموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها الى الحكام لتاكلوا فريقا من اموال الناس بالأثم و أنتم تعلمون) ، وذهب فقهاء الشرعية الاسلامية إلى اعتبارها من قبيل جرائم الفساد و التي يطلق لولي الامر العنان في وضع العقاب المناسب لها وفقا لتقديرات المكان والزمان ومدي انتشارها او قلتها ولا شك أن الوقت الحاضر يحتاج لعقوبات مشددة تحد من هذه الظاهرة التى باتت تاكل في الجهاز الاداري للدولة اكل النار للحطب.
هذا و قد أجمع الفقهاء على حرمة الهدايا التى تعطى للعاملين والموظفين ومافي حكمهم بصفتهم الوظيفية لانها من قبيل الرشوة المحرمة ونوع من انواع خيانة الامانة ولقد ندد القران بها حيث يقول الله عز وجل ( ما كان لنبي أن يغل ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة) ، ويقصد بالغلول في هذه الآيه الخيانة في توزيع الغنائم او الاستئثار بالمال العام لشخص دون الآخرين كما يحدث احيانا في توزيع المكافات و الحوافز .
وقد ذكر ابن عابدين رحمة الله في حاشيتة " ان الرشوة هي ما يعطيه الشخص لحاكم او غيره ليحكم لها ويحمله على ما يريد " ، و واضح من هذا التعريف أن الرشوة أعم من ان تكون مالا او منفعة يمكنه منها او يقضيها له ، والمراد بالحاكم القاضي وغيره وكل من يجد عنده قضاء مصلحة الراشي سواء كان من ولاة الدولة وموظفيها او القائمين خاصة كوكلاء التجار والشركات واصحاب العقارات ونحوهم والمراد بالحكم للراشى وحمل المرتشي على مايريده الراشي : تحقيق رغبة الراشي ومقصده سواء كان ذلك حقا او باطلا.
و قد لعن رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم من فعلها لأنها من كبائر الذنوب فالواجب اجتنابها والحذر منها وتحذير الناس من تعاطيها لما فيها من الفساد العظيم والاثم الكبير والعواقب الوخيمة وهي من الاثم والعدوان اللذان نهى الله عز وجل عنها و شبهها باكل اموال الناس بالباطل فقال سبحانه و تعالي ( يا أيها الذين امنوا لا تاكلوا اموالكم بينكم بالباطل الا ان تكون تجارة عن تراض منكم ).
والرشوة من أشد انواع اكل الاموال بالباطل لانها دفع المال الى الغير لقصد احالته عن الحق وقد شمل التحريم في الرشوة اركانها الثلاثة الراشي والمرتشي والرائش ( و هو الوسيط بينهما)، فقد قال رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم " لعن الله الراشي والمرتشى والرائش " رواة احمد والطبراني .
وقد وردت احاديث كثيرة في التحذير من هذا المحرم وبيان مرتكبيه منها ما روه ابن جرير عن ابن عمر رضى الله عنهما وعن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( كل لحم انبته السحت فالنار اولى به قيل وما السحت ؟ قال الرشوة في الحكم) ، و روى الامام احمد عن عمرو ابن العاص رضي الله قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( ما من قول يظهر فيهم الربا الا اخذو بالسنة وما من قول يظهر فيهم الرشا الا اخذو برعب ) و روى الطوراني عن ابن مسعود رضا الله عنه قال ( السحت الرشوة فى الدين) و روى مسلم عن ابي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ان الله تعالى طيب لا يقبل الا طيبا وان الله امر المؤمنين بما امر به المراسلين فقال تعالى يا ايها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا) حديث ابي هريرة عن مسلم ، ولما روه الطبرانى عن ابن عباس رضى الله عنهما قال تليت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآيه (يا أيها الناس كلوا مما في الارض حلالا طيبا) " البقرة 168 " فقام سعد بن ابي وقاص و قال يا رسول الله ادع الله ان يجعلني مستجاب الدعوة ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم ( يا سعد اطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة ، والذي نفس محمد بيده إن العبد ليقذف القمة الحرام في جوفه ما يقبل الله تعالى منه عملا اربعين يوما وأيما عبد نبت لحمه من السحت فالنار أولى به) ، و دل ذلك على ان عدم اطابة المطعم مانع من استجابة الدعاء و حاجب عن رفعه إلى الله تعالى وكفى بذلك وبالا وخسرانا على صاحبه ونعوذ بالله تعالى من ذلك وقد دعانا الله إلي وقاية انفسنا و أهلينا من النار، و النجاة بها من عذاب الله و إليم عقابه، حيث قال سبحانة و تعالي " يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم و أهليكم نارا وقودها الناس و الحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم و يفعلون ما يأمرون" ( التحريم الآية 6)، و قال تعالي " و اتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة و اعلموا ان الله شديد العقاب" ( الأنفال الآية 25).
و سئل رسول الله صلي الله عليه و سلم عن آثار الرشوة علي المسلم في الشريعة الإسلامية فأجاب بإن الرشوة تضعف الإيمان و تغضب الرب عز و جل و تسبب تسليط الشيطان علي العبد في إيقاعه في معاص أخري , فالواجب علي كل مسلم الحذر من الرشوة.


حمل تتمة البحث من هنا: