المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الشروع في الجريمة



أحمد أبو زنط
09-12-2009, 04:29 PM
مقدمة :
إن التشريعات الجنائية المعاصرة تحتفظ أساسا بفكرة الواقعة الإجرامية و تقيم فلسفة قانون العقوبات عليها دون أن تهمل قيمة العوامل الشخصية في تحديد النموذج التشريعي للجريمة في تقدير العقوبة.
لذلك يعاقب القانون على الأفعال المادية التي تتطابق مع نص التجريم و التي تكون ماديات الجريمة فالقانون لا يعاقب على النوايا مهما كانت إجرامية دون أن يعبر عنها بفعل مادي ملموس ينتج أثره في العالم الخارجي فالجريمة هي الإعتداء الذي يصدر من الجاني ضد المجني عليه مخلفا له نتيجة ضارة و على ذلك نلاحظ أن عناصر الركن المادي للجريمة المادية هي السلوك أو الفعل الإجرامي و النتيجة الإجرامية المتحققة و أخيرا العلاقة التي تربط بين الفعل و النتيجة و تدعى العلاقة السببية و إذا تم و استنفذ الجاني كل نشاطه و أفعاله فإنه يرجو و ينتظر تحقق النتيجة فإذا تحققت تمت الجريمة و إذا لم تتحقق تبقى الجريمة ناقصة و بذلك فالنتيجة هي الأثر المادي الذي يتحقق.
فالجرائم المادية عي التي تتحقق فيها النتيجة الإجرامية و يتحقق الضرر للمجني عليه لكن في بعض الأحيان ينفذ الجاني كل نشاطه الإجرامي لكن يتعذر عليه تحقيق النتيجة الإجرامية هنا تكون النتيجة القانونية أي الضرر لم يلحق بالمجني عليه و إنما إعتدى عليه و على مصالحه التي يحميها القانون و هذا ما يطلق بالشروع، و خذا الأخير يعتبر ركن مادي من أركان الجريمة و بما أن القانون يحمي المصالح و يعاقب على الجرائم التي تلحق أضرار بالمصالح فكذلك يعاقب على محاولات الإعتداء عليها لأنه من المحتمل أن تصير هذه المحاولات حقيقية.
و عليه فإن الشروع هو مجرد مرحلة يبدأ فيها الجاني في تنفيذ نشاطه الإجرامي و لكنه لا يحقق النتيجة و القانون يعاقب على النتيجة التي تتحقق و تسبب الضرر للمجني عليه، فما حكم الشروع ؟ هل يعاقب عليه ؟ و إن كان خناك عقاب فهل هو بنفس عقوبات الجريمة التامة ؟
و من خلال التقييم توصلنا إلى الخطة التي بواسطتها قسمت البحث إلى مبحثين : الأول و الذي يضم كل من مراحل إرتكاب الجريمة و أنواع تحت عنوان مفهوم الشروع و المقسم إلى مطلبين الأول مراحل إرتكاب الجريمة و الثاني فهو أنواع الشروع أما بالنسبة للمبحث الثاني فهو الآخر مقسم إلى مطلبين : أركان الشروع و العقاب على الشروع و في الأخير خاتمة لما توصلنا إليه.


المبحث الأول : مفهوم الشروع
بعد التفكير في الجريمة و التحضير لها قد يتجه الجاني نحو تنفيذها بالفعل و يقال عندئذ بأنه شرع فيها و لكن فعله لا يصل إلى مرحلة التنفيذ الكامل للجريمة، و في هذه الحالة يعتد المشرع بفعل الجاني و يحرمه في الجنايات و بعض الجنح و عليه فإن تعريف الشروع بوجه عام هو من جرائم الخطر و ليس من جرائم الضرر لأن النتيجة لم تتحقق بمفهومها المادي بل المدلول القانوني أو بمعنى آخر هو إرتكاب سلوك محظور كله أو بعضه دون إكتمال الركن المادي للجريمة.
و إن أردنا إعطاء تعريف للشروع حسب القانون الجزائري فلا بد أن نرجع إلى نص المادة 30 و التي تنص على أن :" كل المحاولات لإرتكاب جناية تبتدئ بالشروع في التنفيذ أو بأفعال لا لبس فيها تؤدي مباشرة إلى إرتكابها تعتبر كالجناية نفسها إذا لم توقف أو لم يخب أثرها إلا نتيجة لظروف مستقلة عن إرادة مرتكبها حتى و لو لم يكن بلوغ الهدف المقصود بسبب ظرف مادي يجهله مرتكبها".
المطلب الأول : مراحل إرتكاب الجريمة
الفرع الأول : مرحلة التفكير
و يراد بها مرحلة النشاط الذهني و النفسي الذي يدور داخل شخصية الجاني فتطرأ فكرة إرتكاب الجريمة على ذهنه و يراود نفسه بين دوافع الإقدام على الجريمة و دوافع الإحجام عن إقترافها و بعدها يعقد الجاني العزم على إرتكاب الجريمة.
و المشرع هنا لا يهتم بما يدور في ذهن الشخص و لا يعاقب عليه، إلا إذا ظهر في صورة نشاط خارجي كالإتفاق مع الغير لإرتكاب الجرائم ففي هذه الحالة يرى المشرع أنه يعد فعلا خطيرا يهدد المصالح التي يحميها المشرع فيجرمها.


حمل تتمة البحث من هنا