المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : دراسة حول قانون الاحداث الاردني



أحمد أبو زنط
09-13-2009, 08:16 PM
دراسة حول قانون الاحداث الاردني




اعداد القاضي سهير الطوباسي





تشكل فئتي الصغار والشباب أغلبية مجتمعنا الأردني , وهذه الفئات بلا شك هي نواة البنية الأساسية للمجتمع وعدّة مستقبله وأمل غده 0
ولهذا , فقد عُني بها المُشرع الأردني وافرد لها من النصوص ما يحميها ويصون حرياتها ويدافع عن حقوقها , وفي نفس الوقت ولان لظاهرة جنوح هذه الفئة خطورتها على أمن المجتمع , وتماسك بنيانه وتطوره , ولأن جنوح الأحداث أو انحرافهم يعد من القضايا التي لها دور هام في الدراسات الاجتماعية والقانونية على السواء – بالرغم من الجهود المبذولة رسمياً وشعبياً لمكافحة هذه الظاهرة والحد منها – فقد ازداد اهتمام الدولة بمشكلة جنوح الأحداث من أبنائها؛ إذ قامت بسن التشريعات الملائمة لهذه المشكلة , وعملت على تطوير هذه التشريعات وتعديلها , لتواكب التطور الاجتماعي وما رافقه من تطورات في ميادين الحياة المختلفة , ولتوائم ما نشأ وأُقرّ من معاهدات واتفاقيات إقليمية ودولية في هذا الشأن 0
صدر أول قانون للأحداث في المملكة الأردنية الهاشمية عام 1954م , وهو قانون إصلاح الأحداث رقم 16 لسنة 1954م , ثم صدر بعد ذلك قانون الأحداث رقم 24 لسنة 1968م الساري المفعول(1) , والذي توالت عليه تعديلات عدة كان آخرها بموجب القانون رقم 52 لسنة 2002م , وزيادة في حرص المُشرع الأردني على حماية الأحداث ولتغطية بعض الجوانب القانونية التي لم يتعرض لها قانون الأحداث فقد صدر قانون مراقبة سلوك الأحداث المؤقت رقم 51 لسنة 2001م(2) 0
ويعد قانون الأحداث من القوانين المكملة لقانون العقوبات العام , ولذا فهو جزء من قوانين العقوبات التكميلية التي تُلحق برزمة قوانين الجزاء 0
وتبرز أهمية قانون الأحداث في تحديد تعريف الحدث وتوضيح مفهومه القانوني , وبيان أهم القواعد الإجرائية الخاصة بالتحقيق مع الأحداث ومحاكمتهم , ومدى ضمانات هذه المحاكمة 0


(1) منشور على الصفحة ( 555 ) من عدد الجريدة الرسمية رقم (( 2089 )) تاريخ 16/4/1968 0
(2) منشور على الصفحة ( 4246 ) من عدد الجريدة الرسمية رقم (( 4508 )) تاريخ 1/10/2001م 0

وانتهجت السياسة الجنائية الحديثة في تعاملها مع ظاهرة جنوح الأحداث نهجاً حديثاً , تمثل باتجاهات واضحة نصت عليها قواعد دولية , اقرّتها معظم الدول وضمنّتها تشريعاتها الوطنية , وهدفت بشكل أساسي الى حماية الحدث من الجريمة ووقايته ومنع تكراره لها في حال وقوعها , حيث أن أساس التعامل مع الأحداث اصبح حمايتهم واصلاحهم وليس عقابهم(1) 0
وتعد قواعد الأمم المتحدة النموذجية الدنيا لادارة شؤون قضايا الأحداث (( قواعد بكين ))21) والتي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1985م , وكذلك قواعد الأمم المتحدة بشأن حماية الأحداث المجردين من حريتهم من أول المعاهدات التي حدّدت معالم هذه السياسة الحديثة , حيث ينظر إلى قضاء الأحداث - وفقاً لهذه القواعد – على انه جزء من الإطار الشامل للعدالة الاجتماعية , يكون عوناً على حماية فئة صغار السن , وأوجبت على القاضي الذي يتولى الفصل في مثل هذه القضايا ان يكون مُتخصصاً وعلى دراية كافية في العلوم الاجتماعية والإنسانية ومطّلع على مشاكل الأحداث وطرق معاملتهم , وتلتزم الدول الأعضاء في معاهدة بكين بتطبيق قواعد بكين على الأحداث بحيادية ودون تمييز من اجل تلبية احتياجات الأحداث المنحرفين وحماية حقوقهم الأساسية, وفي ذات الوقت تلبية احتياجات المجتمع 0
ويجب طبقاً لهذه السياسة الحديثة ان تنتفي سمة الصراع بين الاتهام والدفاع عن إجراءات محاكمة الأحداث أمام المحاكم المختصة , حيث لا بد أن يشارك الجميع للوصول الى افضل تدبير يناسب حالة الحدث من اجل إصلاحه وإعادة تأهيله , حيث ان فحص شخصيته واعطاء تقرير عنها يعد من الأمور الجوهرية في محاكمة الحدث 0
وألغت السياسة الجنائية الحديثة في التعامل مع الأحداث صفة العقوبة عن الجزاء المترتب على الحدث الجانح عند مخالفته للقانون , أعطتها بدلاً من ذلك صفة التدبير , الأمر الذي جعلها ذات صفة وقائية اكثر منها عقابية 0
ومكنّت هذه السياسة إعطاء قاضي الأحداث سلطات واسعة لاختيار التدبير الملائم لكل حالة على حدة إعمالاً لمبدأ تفريد العقوبة 0


(1) عبد الكريم درويش , مستقبل الحدث الجانح كما يريده المجتمع , بحث في المجلة العربية لعلوم الشرطة , عدد 22, القاهرة , 1963 , ص 40 0
( 2) قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم ( 40/33 ) الصادر في شهر تشرين الثاني 1985 0
وَيُعَدُ الإشراف على الحدث أثناء تنفيذه لتلك التدابير المقررة عليه , واعادة النظر بها من الشروط الأساسية اللازمة لنجاح أي نظام لمعاملة الأحداث(1) 0
ومن أهم ملامح هذه السياسة الحديثة أيضا إيجاد أفراد شرطة متخصصين في مجال التحقيق بقضايا الأحداث , بحيث يكون لها دورُ وقائي يضفي على الدور العلاجي , ولتحقيق هذا الأمر لا بد من تدريب وتعليم خاصين لشرطة الأحداث , من اجل أداء مهمتهم على اكمل وجه(2) , بل ينبغي إنشاء وحدات شرطية متخصصة لهذا الغرض بحيث يكون معظم عناصرها من الإناث وان يرتدي فيها المحققون لباساً مدنياً بدلاً من الزي الرسمي(3) 0
وللوقوف على تفاصيل أدق فيما يتعلق بهذه النواحي فقد قمت بتقسيم دراستي هذه إلى مبحثين رئيسين , تناولت في المبحث الأول الأصول الإجرائية لمحاكمة الأحداث من حيث نطاق تطبيق القانون , وإجراءات المحاكمة , معرجاً على تعريف الحدث ونطاق المسؤولية الجزائية المترتبة عليه , وضماناته القانونية أثناء إجراءات محاكمته أمام المحكمة المختصة , وفي المبحث الثاني تناولت التدابير الإصلاحية للحدث , سواء تلك التي نص عليها قانون الأحداث الأردني , أو تلك التي قررتها الاتفاقيات الدولية , ومعرجاً على تعريف الحدث المحتاج للحماية والرعاية , واجراءات المحكمة في التعامل مع هذه الفئة وفقاً لقواعد القانون , ثم ضمنّت دراستي هذه خلاصة شملت بعض التوصيات في مجال النصوص القانونية , والتي رأيت في انها من الاهمية بمكان بحيث كان لا بد من طرحها 0

محمد الرماضين
10-09-2011, 08:04 PM
مشكور اخي موضوع في غاية الاهمية