المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الأهداف التشريعية للعقوبات في الاسلام



أحمد أبو زنط
09-14-2009, 08:17 PM
بحث أعده

د. علي بن عبد الرحمن الحسون

الأستاذ المشارك بقسم الثقافة الإسلامية

كلية التربية - جامعة الملك سعود





ملخص البحث



موضوع هذا البحث هو الأهداف التشريعية للعقوبات في الإسلام أو بعبارة أخري الحكمة من تشريع العقوبات في الإسلام أو بعبارة ثالثة فلسفة العقوبات في الإسلام .
وقد قمت بحصر أهم الأهداف والحكم التي من أجلها قرر الإسلام العقوبات على مرتكبي الجرائم فكانت في العموم أهدافا تتلخص فيما يلي :
فالهدف الأول هو حفظ الضروريات الخمس وهو الهدف الرئيس حيث جاء الإسلام ليحفظ للإنسان دينه ونفسه وعرضه وعقله وماله, فرتب العقوبات لتسلم هذه الأمور الضرورية لحياة الناس . والهدف الثاني وهو الردع والزجر عن الجريمة سواء كان ردعا عاما ليردع جميع الناس عن ارتكاب الجرائم أو ردعا خاصا يردع المجرم عن ارتكاب الجريمة مرة أخرى . والهدف الثالث وهو أن في العقوبات جبرا للخلل الناجم عن ارتكاب الجريمة سواء كان جبرا لجانب المجني عليه بتعويضه عن حقه الذي انتهكه الجاني, أو جبرا لجانب الجاني نفسه حيث تجبر ما انثلم من دين الجاني وتكفر ر ذنوبه التي اقترفها . والهدف الرابع وهو تطهير المجتمع من الرذائل فتطهر المجتمع منهم وتحمي الفضائل من شرورهم بل وتغرس الفضائل في نفوسهم . والهدف الخامس وهو الرحمة بالأمة وبالمجرمين حيث أن الله تبارك وتعالى قررها لتكفل حق الأمة في الحياة الآمنة ثم هي كذلك رحمة بالمجرمين إذ تنتشلهم من حماة الجريمة ودرنها .
والهدف السادس وهو مجازاة الجاني بالمثل وهذا هو العدل الذي تكون فيه الموازنة بين الحقوق والواجبات . والهدف السابع والأخير الذي هو إصلاح الجاني, فإصلاح الجاني هدف مهم من أهداف العقوبات الشرعية سواء كان ذلك أثناء تطبيق العقوبة أو بعدها, فيجب أن يكون هدف من يوقع العقوبة هو إصلاح الجاني وليس الهدف هو تقييد الناس لتوقيع العقوبات عليهم .





مقدمة

الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
وبعد : فإن ديننا الإسلامي دين كامل وشامل لكل أمور الحياة حيث لم يكتف بتشريع العبادات للناس ، بل حكم ونظم كافة شئون الحياة الدنيا أيضاً ، فسن للناس قواعد ونظماً يسيرون عليها, ويهتدون بها, فمن أ خذ بها فقد رشد وأ نقذ نفسه, ومن مال عنها فإن الإسلام قد قرر له عقوبات رادعة على حسب جنايته .
وهذه العقوبات لم تشرع جزافا ; بل إن للعقوبات في الإسلام أهدافا سامية ومقاصد حميدة يحافظ الإسلام بها على كيان المجتمع من الوقوع في هاوية الرذيلة .
وسوف أتكلم عن هذا الموضوع في سبعة مباحث على النحو التالي :
المبحث الأول : حفظ الضروريات الخمس
المبحث الثاني : الردع والزجر عن الجريمة
المبحث الثالث : الجبر للخلل الناجم عن الجريمة
المبحث الرابع : تطهير المجتمع من الرذيلة وحماية الفضيلة
المبحث الخامس : رحمة للأمة وللمجرمين
المبحث السادس : مجازاة الجاني بالمثل
المبحث السابع : إصلاح الجاني
هذا والله أسأل أن ينفع بهذا البحث ويحسن القصد والله الموفق .
وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم

علي الحسون















المبحث الأول

حفظ الضروريات الخمس

تنقسم المقاصد التي تراعيها الشريعة إلى ثلاثة أقسام هي : الضروريات والحاجيات والتحسينيات .
1-الضروريات : وهي التي لا بد منها في قيام مصالح الدين والدنيا, بحيث إذا فقدت لم تستقم الحياة الدنيا بل تؤول إلى الفساد والفناء ، أما الأخرى فتفوت فيها النجاة والنعيم ويحصل الخسران .
والضروريات خمس هي : حفظ الدين, والنفس, والنسل, والعقل, والمال .
2-الحاجيات : وهي ما كانت مفتقرا إليها من حيث التوسعة ورفع الضيق المؤد ي في الغالب إلى الحرج والمشقة, وذلك مثل الرخص المخففة كرخصة المريض والمسافر, وكذلك المعاملات كالبيع والقرْض والسلَم وغيرها .
3-التحسينيات : ومعناها الأخذ بما يليق من محاسن العادات وتجنب الأحوال المدنسات مما تأنفه العقول الراجحة، وهي ما تدخل في قسم مكارم الأخلاق, وذلك مثل الطهارة وستر العورة والتقرب إلى الله تعالى بالنوافل,كالصدقات وغيرها . ([1] (http://www.lawjo.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=9#_ftn1))
والذي يعنينا في هذا المبحث هو القسم الأول ـ أعني الضروريات ــ فهي التي لا تستقيم الحياة بدونها ، ولذلك فإنها مراعاة ومعتبرة في كل الشرائع ،ومن ذلك نجد أنها قد روعيت في الشريعة الإسلامية في تطبيق العقوبات على مرتكبي الجرائم ، فنقول :
إن حفظ الضروريات الخمس هو الهدف الأساسي للعقوبات الشرعية ،حيث جاء الإسلام ليحفظ للإنسان دينه ونفسه وعرضه وعقله وماله, واعتبر حماية هذه الأشياء الخمسة من أهم مقاصده التشريعية .
فحفظ للإنسان دينه الذي كلفه الله به دون غيره من سائر المخلوقات, واعتبر الفتنة في الدين أشد من القتل, قال الله تبارك وتعالى : ( والفتنة أكبر من القتل) (1)





([1]) الموافقات للشاطبي 2/8-12 .


حمل تتمة البحث من هنا: