المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حجية الاعتراف الجزائي في تكوين قناعة القاضي



أحمد أبو زنط
09-14-2009, 08:49 PM
المقدمة
إن اعتراف المتهم يعتبر أهم أدلة الإثبات منذ القدم فله أهمية كبيرة ومكانة خاصة حيث يعتبر سيد الأدلة وملكها ولا خلاف في أن اعتراف المتهم بجرمه في أي منعطف أو مدار من منعطفات أو مدارات مراحل الحدث الإجرامي وهي إجراءات جمع الاستدلالات أو التحقيق سواء بمعناه الضيق أو الواسع أو المحاكمة ولكونه سيد الأدلة والدليل الأمثل الذي له أثره في إنزال العقوبة بالمتهم فإنه رغم ذلك قد يثير مثل هذا الاعتراف عدة أمور توهن من قوته خاصة حال العدول عنه أو ثبوت صدوره إثر تهديد أو وعد أو وعيد أو حفظ أو تعذيب حيث يفقد حينئذ أهميته التدليلية ابتداءاً بل وقوته الاقناعية انتهاء ولما كان الاعتراف ذو صلة وثيقة بحرية الفرد باعتباره مواطناً في المجتمع وأن الأصل في الإنسان البراءة لاسيما في المواد الجزائية حتى تثبت إدانته ولذا فقد قيدته التشريعات الجزائية وأحاطته بسياج من الشروط لكفالة سلامته.
ولما كان البحث عن أدلة الحدث الإجرامي في كواليس المجهول قد يؤدي إلى المساس بالحريات الفردية للمتهم إذا ما قد يكتنفها من صعوبات وغموض وما قد يستتبع أقدام المتهم طائعاً مختاراً أو مضطراً إلى الاعتراف على نفسه بارتكاب الجريمة وحينئذ وأثناء هذا الاعتراف تبرز أهمية الاعتراف كدليل يسقط عن المتهم قرينة البراءة الأصلية الأمر الذي يستلزم دائماً وإبداء إحاطة الاعتراف بضمانات تضمن سلامته قانوناً وتكفل صدقه واقعاً وعملاً.
ولاشك أن المجتمعات التي تسعى إلى كفالة حقوق الإنسان والحريات الفردية حيث تعدها من الأمور الأساسية لتعاظم المجتمع وتقدمه وازدهاره تدرج الاعتراف في أطار تلك الحقوق وفي مقدمة تلك الحريات أي أن الاعتراف لدى تلك المجتمعات يحظى بالعديد من الضمانات حيث يمتنع وبالتالي لا يتصور إتيان ضغط أو عنف أو تهديد أو وعيد أو إكراه أو حيلة من أجل محاولة الأستحصال على ثمة اعتراف قد يكون مكذوباً من هول تأثير العمل الغير مشروع.
لكل ذلك ولكون حجية الاعتراف كدليل إدانة له من الرقة والحساسية والخطورة والآثار والنتائج ما من شأنه أن يوجد نوعاً من التناقض بل والتنافر وعدم التلازم بين سعى المتهم نحو الإفلات من العقاب وبين تطويق ذاته وإحاطتها بدليل إدانة مما يثير العديد من الجدل في أروقة المحاكم الجزائية على اختلاف درجاتها عند إنزال العقاب بالمعترف.
لهذا رأيت ضرورة التعرض لمدى حجية الاعتراف الجزائي في تكوين قناعة القاضي.
ولقد دفعني لاختيار هذا الموضوع أسباب عدة أهمها
1) أهمية الاعتراف كدليل إثبات من الناحية العملية.
2) انتشار عادة اللجوء إلى الوسائل والإجراءات الغير قانونية لانتزاع الاعتراف من المتهم.
3) التبيين بأن ليس كل اعتراف يصدر من المتهم يصلح كدليل إثبات لإدانة المتهم بالتهمة المسندة إليه، بمعنى أن الاعتراف ليس دليلاً مقدساً مقدماً للقاضي على مائدة الإثبات الجزائي.

خطة البحث:
يشتمل موضوع هذا البحث "حجية الاعتراف الجزائي في تكوين قناعة القاضي" على ثلاثة فصول واجتهدت عند كتابة هذا البحث في الإحاطة بالاتجاهات المختلفة للقانون المقارن في كل من الشريعة الإسلامية والقوانين الأخرى بالدول العربية والأجنبية وأسأل الله أن أكون قد وفقت في البحث ولا أدعى الكمال وإنما على الله توكلت إنه نعم المولى ونعم النصير .
الفصل الأول : ماهية الاعتراف. ويحتوي على خمس مباحث الأول يتكلم عن تعريف الاعتراف لغةً وإصطلاحاً والثاني عن أشكال الاعتراف ونوعه وعناصره ،والثالث يتكلم عن نظره تاريخية للاعتراف، الرابع عبارة عن دراسة مقارنة للاعتراف بين القوانين الأخرى والخامس عن الفرق بين الاعتراف والإقرار المدني.
الفصل الثاني: يحتوي على مبحثين ، الأول شروط صحة الاعتراف وهي أربعة وسف نعرضها بالتفصيل ، والثاني الاعتراف الباطل وأثره .
الفصل الثالث : حجية الاعتراف وآثاره في الإثبات : ويحتوي على أربع مباحث الأول يتكلم عن خضوع الاعتراف لمبدأ الاقتناع القضائي ، والثاني عن حجية الاعتراف حيث جهة صدوره وهي ثلاثة ،الثالث يتكلم عن آثار الاعتراف ، والرابع عن العدول عن الاعتراف .
وسوف أختم هذا البحث بخاتمة فيها الخلاصة والتوصيات التي أوصي بها.

حمل تتمة البحث من هنا