أحمد أبو زنط
09-14-2009, 09:00 PM
وسائل بديلة ومستحدثة لمواجهة أزمة العدالة الجنائية
تمهيد:
تعاني المجتمعات من ظاهرتين أولاهما: زيادة عدد الجرائم، وثانيهما: ظاهرة الحفظ بلا تحقيق أو بالأحرى الحفظ الإداري للواقعة "Calsses Sans Suite"(1)، وهذا ما حدا بالبعض للقول وبحق بأن العدالة الجنائية المرفق الذي ينصف الآخرين قد أصبح في حاجة لمن ينصفه(2)، وعليه طغى إلى سطح المجتمعات ما يُعرف بأزمة العدالة الجنائية "La crise de la Justice pénale"، وبالرغم من الجهود والمحاولات المضنية المبذولة من قبل الحكومات لتخفيف العبء عن كاهل القضاة عن طريق زيادة أعدادهم، فإن هذه الزيادة لا تتناسب البتة مع الزيادة المتضاعفة لكم القضايا التي تعرض على المحاكم كل عام(3).
ولا أعتقد أن أي زيادة في عدد القضاة يمكن أن تواكب هذا الكم الهائل من المشكلات والخلافات(4)، بالإضافة إلى أن توفير العدد اللازم أمر في حكم المستحيل، لأنه يتطلب أعباء مالية كبيرة لا تتمكن الدولة من توفيرها في ظل ظروفها الاقتصادية الراهنة، وليت الأمر يتوقف على تذليل الصعوبات الاقتصادية وحدها بل أن الأمر يتطلب أكثر من ذلك لأن توفير رجل العدالة يتطلب توافر شروط معينة فيمن يسند إليه القيام بتلك المهمة الجليلة سواءً من الناحية العملية أو القانونية أو الأخلاقية وهذه الأمور ليست باليسيرة(5).
أولاً- أزمة العدالة الجنائية (الأسباب و النتائج:
إن القضايا في تزايد مستمر وتأجيل نظرها إلى جلسات متعددة أصبحت السمة الغالبة على عمل الجهاز القضائي، فأصبح عاجزاً عن القيام بدوره في تحقيق العدالة الجنائية، ولذلك أسبابه نورد منها ظاهرة التضخم التشريعي inflation pénale وأزمة العقوبة، وظاهرة الحبس قصيرة المدة، وظهور نماذج إجرائية متعددة، وفشل السجن في دوره الإصلاحي، وارتفاع تكلفة الجريمة، وسياسة الإغراق في الشكليات الإجرائية، فقد فعالية أجهزة العدالة الجنائية وكان لتلك الأزمة نتائجها الخطيرة وعلى مسرح العدالة الجنائية، فكان البطء في الإجراءات الجنائية وحفظ الملفات والإخلال بمبدأ المساواة والحد من قدرة الجهاز القضائي على مواجهة الجريمة وإدانة الأبرياء.
وأمام هذه المؤشرات الخطيرة كان على السياسة الجنائية أن تعيد النظر في إستراتيجيتها في مكافحة الإجرام، وبالفعل بدأت السياسة الجنائية منذ منتصف القرن الماضي تبحث عن وسائل تحقق أقصى فاعلية ممكنة في مكافحة الإجرام، وعليه اتّجهت السياسة الجنائية اتجاهين أحدهما موضوعي يتمثل في سياسة الحد من التجريم la décriminalization وسياسة الحد من العقاب la décriminalization والآخر إجرائي يتمثل في الوسائل الممكنة في تيسير إجراءات الدعوى الجزائية أو بدائل الدعوى الجزائية لمواجهة أزمة العدالة الجنائية، فكانت من أهم آليات مواجهة أزمة العدالة الجنائية هو ما يعرف بخصخصة الدعوى الجزائية.
ثانياً- المقصود بخصخصة الدعوى الجزائية:
لقد ظهرت الوسائل البديلة لحل المنازعات كنتاج لعدم فعالية الجهاز القضائي التقليدي في حسم القضايا الجنائية، فإذا كانت ممارسة الدعوى الجزائية تفترض المرور بمراحلها الإجرائية في الاتهام والتحقيق والمحاكمة فهذه الوسائل البديلة المختلفة فهي تستهدف بالدرجة الأولى اختصار هذه الإجراءات الشكلية أملاً في زيادة فعالية العدالة الجنائية في إنجاز القضايا(6).
وإن كانت من أهم أهداف الوسائل البديلة وهو إصلاح الجاني وتعاون كافة قطاعات الدولة في مكافحة الجرائم إلى جانب القطاع الجنائي لتحقيق هذا الهدف، حيث أن مكافحة الإجرام لم يعُد قاصراً على القطاع الجنائي وحده(7)، ونقصد بذلك المجتمع ومؤسسات المجتمع المدني وكذلك من أهداف هذه الوسائل البديلة هو البحث عن أسباب النزاع وبذل الجهود للقضاء على مسبباته في المستقبل مثل نظام الوساطة الجنائية، وهو ما ذكره الأستاذ زبكوتسكي من كندا في الجلسة الأولى من المؤتمر الدولي الثالث عشر لقانون العقوبات(8). وبالطبع من أهداف هذه البدائل هو تخفيف العبء عن كاهل أجهزة العدالة الجنائية.
وختام القول نقصد بتعبير خصخصة الدعوى الجزائية هو إعطاء دور أكبر لأطراف الدعوى الجزائية من المتهم والمجني عليه وبمشاركة المجتمع في إنهاء الدعوى الجزائية والسيطرة على مجرياتها لمواجهة الظاهرة الإجرامية.
ثالثاً- تطور سلطة الدولة في العقاب وخصخصة الدعوى الجزائية:
تقوم الدول باقتضاء حقها في العقاب عن طريق الدعوى الجنائية تطبيقاً لمبدأ لا عقوبة بغير دعوى جنائية(9). وفي النصف الثاني من القرن العشرين بدأت تظهر اتجاهات حديثة في سياسة العقاب وبدأت تضعف قيمة الدعوى الجنائية كأسلوب قانوني لأعمال سلطة الدولة في العقاب(10)، بعد أن لوحظ أن جهود المجتمع لمعالجة المجرمين كانت في أسوأ تقدير غير إنسانية وفي أحسن حال تعتبر غير فعالة وأنها في الغالب عقيمة وفي جميع الأحوال غير مشوشة(11). ونتيجة لأزمة العدالة الجنائية وما انعكست على حجم القضايا الجنائية، ومن هنا أضحت الأساليب غير القضائية لإدارة الدعوى الجنائية ضرورة ملحة لمواجهة البطء في الإجراءات الجنائية التقليدية بهدف اختصار تلك الإجراءات(12)، فكان أحد معالم التطور العلمي الجنائي وهو بدائل الخصومة الجنائية للنظر في مكافحة الإجرام بغير الإجراءات الجنائية التقليدية(13)، وضرورة التخلي عنها في نطاق الجرائم القليلة الأهمية واستبدالها بوسائل إجرائية بسيطة ومرنة (كالوساطة والصلح والتصالح والأمر الجنائي)، من شأنها تأمين سرعة حسم الخصومات الجنائية وإدارة النزاع بطريقة سهلة ميسرة ومختصرة وتخفيف الضغط عن كاهل إدارة العدالة الجنائية(14)، مما أدى إلى ظهور ما يطلق عليه "العدالة الرضائية أو التفاوضية" في المواد الجنائية، وقضى أن المشرع الجنائي قد أجاز التحول عن العدالة القسرية (الدعوى الجنائية)، أما الأخذ في الاعتبار إرادة المتهم وإرادة المجني عليه عند إدارة العدالة الجنائية(15). وهذا بالطبع فإن البدائل تضمن سرعة الفصل في الدعوى وهو يتفق مع المبدأ الدستوري من ضرورة الفصل في الدعوى في المدة المعقولة المنصوص عليها في غالبية الدساتير، بل أن مشكلة بطء الإجراءات الجنائية تعرقل سير العدالة الجنائية لكون العدالة البطيئة تعتبر صورة من صور الظلم(16).
رابعاً- إشكال خصخصة الدعوى الجزائية:
لقد أدت سياسة تيسير الإجراءات الجنائية في تبسيط الإجراءات أو اختصارها أو الإسراع بها إلى وضع آلية بدائل الدعوى الجنائية لمواجهة أزمة العدالة الجنائية، وعليه نقسم أشكال خصخصة الدعوى الجزائية إلى التالي:
[1] شكوى المجني عليه والتنازل عنها:
الشكوى هي قيد من قيود مباشرة الدعوى الجنائية وضعه المشرع في يد المجني عليه يستطيع بمقتضاه تقييد حرية النيابة العامة بوصفها سلطة اتهام في رفع الدعوى الجنائية، لذلك فهي ذات طبيعة إجرائية بحتة(17). وعليه فإن الشكوى هو عمل قانوني يصدر من المجني عليه بقصد تحريك الدعوى الجنائية في بعض الجرائم التي يرى المشرّع فيها إعطاء مصلحة المجني عليه الأولوية و الاعتبار(18). أما التنازل عن الشكوى فهو عمل قانوني يصدر من صاحب الحق في الشكوى ويترتب عليه انقضاء هذا الحق ولو كانت ميعاد استعماله لا زال ممتداً(19). وقد أخذت العديد من التشريعات بهذا الأسلوب للحيلولة دون تحريك الدعوى الجنائية إذا لم يقدم المجني عليه الشكوى، حتى يفصح المجال للجاني وأسرته في إرضاء المجني عليه للحيلولة دون تقديم الشكوى(20). أو أن المجني عليه يرى أن مصلحته في عدم تحريك الدعوى الجنائية كما هو الحال في جريمة الزنا علماً بأن المشرّع قد حدد على سبيل الحصر الجرائم التي لا يجوز تحريكها إلا بناءً على شكوى من المجني عليه، كما أجاز له أن يتنازل عنها قبل صدور حكم باتّ فيها ويترتب عليها انقضاء الدعوى الجنائية(21)، وعلى ذلك فإن الشكوى والتنازل عنها يعتبران وجهان لعملة واحدة هي بدائل الدعوى الجنائية(22). وهي وسيلة تقليدية من أشكال خصخصة الدعوى الجزائية.
تمهيد:
تعاني المجتمعات من ظاهرتين أولاهما: زيادة عدد الجرائم، وثانيهما: ظاهرة الحفظ بلا تحقيق أو بالأحرى الحفظ الإداري للواقعة "Calsses Sans Suite"(1)، وهذا ما حدا بالبعض للقول وبحق بأن العدالة الجنائية المرفق الذي ينصف الآخرين قد أصبح في حاجة لمن ينصفه(2)، وعليه طغى إلى سطح المجتمعات ما يُعرف بأزمة العدالة الجنائية "La crise de la Justice pénale"، وبالرغم من الجهود والمحاولات المضنية المبذولة من قبل الحكومات لتخفيف العبء عن كاهل القضاة عن طريق زيادة أعدادهم، فإن هذه الزيادة لا تتناسب البتة مع الزيادة المتضاعفة لكم القضايا التي تعرض على المحاكم كل عام(3).
ولا أعتقد أن أي زيادة في عدد القضاة يمكن أن تواكب هذا الكم الهائل من المشكلات والخلافات(4)، بالإضافة إلى أن توفير العدد اللازم أمر في حكم المستحيل، لأنه يتطلب أعباء مالية كبيرة لا تتمكن الدولة من توفيرها في ظل ظروفها الاقتصادية الراهنة، وليت الأمر يتوقف على تذليل الصعوبات الاقتصادية وحدها بل أن الأمر يتطلب أكثر من ذلك لأن توفير رجل العدالة يتطلب توافر شروط معينة فيمن يسند إليه القيام بتلك المهمة الجليلة سواءً من الناحية العملية أو القانونية أو الأخلاقية وهذه الأمور ليست باليسيرة(5).
أولاً- أزمة العدالة الجنائية (الأسباب و النتائج:
إن القضايا في تزايد مستمر وتأجيل نظرها إلى جلسات متعددة أصبحت السمة الغالبة على عمل الجهاز القضائي، فأصبح عاجزاً عن القيام بدوره في تحقيق العدالة الجنائية، ولذلك أسبابه نورد منها ظاهرة التضخم التشريعي inflation pénale وأزمة العقوبة، وظاهرة الحبس قصيرة المدة، وظهور نماذج إجرائية متعددة، وفشل السجن في دوره الإصلاحي، وارتفاع تكلفة الجريمة، وسياسة الإغراق في الشكليات الإجرائية، فقد فعالية أجهزة العدالة الجنائية وكان لتلك الأزمة نتائجها الخطيرة وعلى مسرح العدالة الجنائية، فكان البطء في الإجراءات الجنائية وحفظ الملفات والإخلال بمبدأ المساواة والحد من قدرة الجهاز القضائي على مواجهة الجريمة وإدانة الأبرياء.
وأمام هذه المؤشرات الخطيرة كان على السياسة الجنائية أن تعيد النظر في إستراتيجيتها في مكافحة الإجرام، وبالفعل بدأت السياسة الجنائية منذ منتصف القرن الماضي تبحث عن وسائل تحقق أقصى فاعلية ممكنة في مكافحة الإجرام، وعليه اتّجهت السياسة الجنائية اتجاهين أحدهما موضوعي يتمثل في سياسة الحد من التجريم la décriminalization وسياسة الحد من العقاب la décriminalization والآخر إجرائي يتمثل في الوسائل الممكنة في تيسير إجراءات الدعوى الجزائية أو بدائل الدعوى الجزائية لمواجهة أزمة العدالة الجنائية، فكانت من أهم آليات مواجهة أزمة العدالة الجنائية هو ما يعرف بخصخصة الدعوى الجزائية.
ثانياً- المقصود بخصخصة الدعوى الجزائية:
لقد ظهرت الوسائل البديلة لحل المنازعات كنتاج لعدم فعالية الجهاز القضائي التقليدي في حسم القضايا الجنائية، فإذا كانت ممارسة الدعوى الجزائية تفترض المرور بمراحلها الإجرائية في الاتهام والتحقيق والمحاكمة فهذه الوسائل البديلة المختلفة فهي تستهدف بالدرجة الأولى اختصار هذه الإجراءات الشكلية أملاً في زيادة فعالية العدالة الجنائية في إنجاز القضايا(6).
وإن كانت من أهم أهداف الوسائل البديلة وهو إصلاح الجاني وتعاون كافة قطاعات الدولة في مكافحة الجرائم إلى جانب القطاع الجنائي لتحقيق هذا الهدف، حيث أن مكافحة الإجرام لم يعُد قاصراً على القطاع الجنائي وحده(7)، ونقصد بذلك المجتمع ومؤسسات المجتمع المدني وكذلك من أهداف هذه الوسائل البديلة هو البحث عن أسباب النزاع وبذل الجهود للقضاء على مسبباته في المستقبل مثل نظام الوساطة الجنائية، وهو ما ذكره الأستاذ زبكوتسكي من كندا في الجلسة الأولى من المؤتمر الدولي الثالث عشر لقانون العقوبات(8). وبالطبع من أهداف هذه البدائل هو تخفيف العبء عن كاهل أجهزة العدالة الجنائية.
وختام القول نقصد بتعبير خصخصة الدعوى الجزائية هو إعطاء دور أكبر لأطراف الدعوى الجزائية من المتهم والمجني عليه وبمشاركة المجتمع في إنهاء الدعوى الجزائية والسيطرة على مجرياتها لمواجهة الظاهرة الإجرامية.
ثالثاً- تطور سلطة الدولة في العقاب وخصخصة الدعوى الجزائية:
تقوم الدول باقتضاء حقها في العقاب عن طريق الدعوى الجنائية تطبيقاً لمبدأ لا عقوبة بغير دعوى جنائية(9). وفي النصف الثاني من القرن العشرين بدأت تظهر اتجاهات حديثة في سياسة العقاب وبدأت تضعف قيمة الدعوى الجنائية كأسلوب قانوني لأعمال سلطة الدولة في العقاب(10)، بعد أن لوحظ أن جهود المجتمع لمعالجة المجرمين كانت في أسوأ تقدير غير إنسانية وفي أحسن حال تعتبر غير فعالة وأنها في الغالب عقيمة وفي جميع الأحوال غير مشوشة(11). ونتيجة لأزمة العدالة الجنائية وما انعكست على حجم القضايا الجنائية، ومن هنا أضحت الأساليب غير القضائية لإدارة الدعوى الجنائية ضرورة ملحة لمواجهة البطء في الإجراءات الجنائية التقليدية بهدف اختصار تلك الإجراءات(12)، فكان أحد معالم التطور العلمي الجنائي وهو بدائل الخصومة الجنائية للنظر في مكافحة الإجرام بغير الإجراءات الجنائية التقليدية(13)، وضرورة التخلي عنها في نطاق الجرائم القليلة الأهمية واستبدالها بوسائل إجرائية بسيطة ومرنة (كالوساطة والصلح والتصالح والأمر الجنائي)، من شأنها تأمين سرعة حسم الخصومات الجنائية وإدارة النزاع بطريقة سهلة ميسرة ومختصرة وتخفيف الضغط عن كاهل إدارة العدالة الجنائية(14)، مما أدى إلى ظهور ما يطلق عليه "العدالة الرضائية أو التفاوضية" في المواد الجنائية، وقضى أن المشرع الجنائي قد أجاز التحول عن العدالة القسرية (الدعوى الجنائية)، أما الأخذ في الاعتبار إرادة المتهم وإرادة المجني عليه عند إدارة العدالة الجنائية(15). وهذا بالطبع فإن البدائل تضمن سرعة الفصل في الدعوى وهو يتفق مع المبدأ الدستوري من ضرورة الفصل في الدعوى في المدة المعقولة المنصوص عليها في غالبية الدساتير، بل أن مشكلة بطء الإجراءات الجنائية تعرقل سير العدالة الجنائية لكون العدالة البطيئة تعتبر صورة من صور الظلم(16).
رابعاً- إشكال خصخصة الدعوى الجزائية:
لقد أدت سياسة تيسير الإجراءات الجنائية في تبسيط الإجراءات أو اختصارها أو الإسراع بها إلى وضع آلية بدائل الدعوى الجنائية لمواجهة أزمة العدالة الجنائية، وعليه نقسم أشكال خصخصة الدعوى الجزائية إلى التالي:
[1] شكوى المجني عليه والتنازل عنها:
الشكوى هي قيد من قيود مباشرة الدعوى الجنائية وضعه المشرع في يد المجني عليه يستطيع بمقتضاه تقييد حرية النيابة العامة بوصفها سلطة اتهام في رفع الدعوى الجنائية، لذلك فهي ذات طبيعة إجرائية بحتة(17). وعليه فإن الشكوى هو عمل قانوني يصدر من المجني عليه بقصد تحريك الدعوى الجنائية في بعض الجرائم التي يرى المشرّع فيها إعطاء مصلحة المجني عليه الأولوية و الاعتبار(18). أما التنازل عن الشكوى فهو عمل قانوني يصدر من صاحب الحق في الشكوى ويترتب عليه انقضاء هذا الحق ولو كانت ميعاد استعماله لا زال ممتداً(19). وقد أخذت العديد من التشريعات بهذا الأسلوب للحيلولة دون تحريك الدعوى الجنائية إذا لم يقدم المجني عليه الشكوى، حتى يفصح المجال للجاني وأسرته في إرضاء المجني عليه للحيلولة دون تقديم الشكوى(20). أو أن المجني عليه يرى أن مصلحته في عدم تحريك الدعوى الجنائية كما هو الحال في جريمة الزنا علماً بأن المشرّع قد حدد على سبيل الحصر الجرائم التي لا يجوز تحريكها إلا بناءً على شكوى من المجني عليه، كما أجاز له أن يتنازل عنها قبل صدور حكم باتّ فيها ويترتب عليها انقضاء الدعوى الجنائية(21)، وعلى ذلك فإن الشكوى والتنازل عنها يعتبران وجهان لعملة واحدة هي بدائل الدعوى الجنائية(22). وهي وسيلة تقليدية من أشكال خصخصة الدعوى الجزائية.