المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مصادر القاعدة القانونية في قانون التجارة الأردني



student.law
11-06-2009, 07:46 PM
مصادر القاعدة القانونية في قانون التجارة الأردني( 1 )


المقدمة
تنقسم مصادر القاعدة التجارية في ظل قانون التجارة الأردني رقم 12 لعام 1966 إلى مصادر رسمية ومصادر إسترشادية . وتنقسم المصادر الرسمية بدورها إلى مصادر رسمية أصلية ( التشريعات التجارية : قانون التجارة لعام 1966 والتشريعات ذات العلاقة بالنشاط التجاري ) ومصدر رسمي إحتياطي ( القانون المدني لعام 1976 ) . أما المصادر الإسترشادية فتشمل السوابق القضائية ، وإجتهاد الفقهاء ، ومقتضيات الإنصاف ، والعرف التجاري ، وتهدف هذه الدراسة إلى بيان الوضع التشريعي القائم لهذه المصادر ، إذ أن هناك عدم دقة في صياغتها وأولويتها . ويحظى موضوع العرف التجاري ومدى قدرته على مخالفة القواعد المدنية الآمرة بأهمية كبيرة لتزايد استخدام العرف التجاري في الحياة التجارية . كما تهدف هذه الدراسة أيضاً إلى اقتراح التعديلات على بعض نصوص قانون التجارة الأردني وعلى وجه التحديد المادة 2 و 3 لكي تصبح أكثر انسجاماً مع الحياة التجارية .
لكل قاعدة قانونية منبع تستقي منه مادتها أو جسمها وهي مجموعة العوامل التي تدخل في تكوين القاعدة القانونية وتحديد مضمونها، سواء أكانت عوامل اجتماعية أو سياسية أو الإقتصادية أو دينية أو أخلاقية أو غيرها ، ويطلق على هذه العوامل بالمصادر المادية ، ويعد المصدر المادي المصدر الحقيقي أو الموضوعي للقاعدة القانونية ، لأنه يلعب دوراً هاماً بتزويد المشرع بمادته الأساسية ، الذي يشكل جسم القاعدة القانونية . والعوامل الطبيعية قد يكون لها دور كمصدر مادي في تكوين القاعدة القانونية ، ومثال ذلك اختلاف التشريعات في تحديد سن الرشد . وذلك لتأثير النمو البدني والجنسي بعامل المناخ الذي يختلف من مكان إلى آخر ، كما تلعب الظروف الإقتصادية والسياسية دوراً آخر ، ومثال ذلك إيجاد قانون الشركات الأردني رقم 22 لسنة 1997 ، وقانون تشجيع الاستثمار رقم 16 لسنة 1995 ، الذي جاء ليواكب النظرة الإقتصادية الجديدة والداعية لتشجيع الاستثمار في الأردن . كما أن القاعدة القانونية بحاجة إلى وسيلة لتخرج بها حيز الوجود لتصبح واجبة التطبيق وتقترن بالقوة الملزمة، ويطلق على هذه الوسيلة بالمصادر الرسمية أو الشكلية للقاعدة القانونية .
ولكلمة مصدر معان أخرى، فقد تعني المصدر التاريخي ويعني الأصل التاريخي الذي استمدت منه القاعدة القانونية ، ومثال ذلك الشريعة الإسلامية التي تعد مصدراً تاريخياً للقانون المدني الأردني ، والقانون المدني الفرنسي مصدراً تاريخياً للقانون المدني المصري ، وكما يعدّ قانون التجارة السوري مصدراً تاريخياً لقانون التجارة الأردني . وقد يُعنى بكلمة مصدر وسيلة القاضي في تفسير القاعدة القانونية لغايات تطبيقها ليصبح مصدراً استرشاديا ً ، وهو ما يسمى بالمصدر التفسيري أو الاسترشادي .
ويختلف ترتيب المصادر الرسمية للقانون من دولة لأخرى ، فنجد بعض الدول تجعل التشريع في المقام الأول كمصدر رسمي أصلي وتتبنى معظم الدول في الوقت الحاضر هذا الاتجاه ، ومن الدول من تجعل السوابق القضائية في المرتبة الأولى كالدول الأنجلوسكسونية فيما نجد قواعد الدين هي المصدر الرسمي الأصلي في السعودية . أما في الأردن ، فإن التشريع ، هو المصدر الرسمي الأصلي وتأتي أحكام الفقه الإسلامي ومبادئ الشريعة الإسلامية والعرف وقواعد العدالة مصادر رسمية إحتياطية ، كما يعدّ الفقه والقضاء من المصادر الإسترشادية أو التفسيرية وذلك بنص المادة الثانية من القانون المدني الأردني رقم 43 لسنة 1976 .
ـــــــــــــــ
( 1 ) المرجع الأساسي للورقة البحثية : http://www.arablawinfo.com/ ، د. عبدالله الخرشوم ، مجلة مؤته للبحوث والدراسات رقم العدد 4 رقم الصفحة 11 . 14/03/2009
ومصادر القانون الرسمية تختلف من قانون إلى آخر ، فمصادر القانون التجاري كما حددتها المادة الثانية من قانون التجارة الأردني رقم 12 لسنة 1966 هي : التشريع ( القانون التجاري ) والقانون المدني . ومصادر قانون الشركات الأردني رقم 22 لسنة 1997 كما بينتها المادة الثالثة هي : التشريع ( قانون الشركات ) وقانون التجارة والقانون المدني والعرف التجاري . وعلى ذلك ، فإننا سنبحث في المصادر الرسمية لقانون التجارة الأردني ، ثم الإسترشادية أو التفسيرية وذلك في مبحثين مستقلين .
المبحث الأول
المصادر الرسمية
بالرجوع لقانون التجارة الأردني رقم 12 لسنة 1966 نجد أن المواد ( 2، 3، 4 ) قد تعرضت لتحديد مصادر القانون التجاري الأردني .
إذ تقضي المادة ( 2 ) على ما يلي :
1. إذا انتفى النص في هذا القانون فتطبق على المواد التجارية أحكام القانون المدني .
2. على أن تطبيق هذه الأحكام لا يكون إلا على نسبة اتفاقها مع المبادئ المختصة بالقانون التجاري .
وتنص المادة ( 3 ) على ما يلي :
إذا لم يوجد نص قانوني يمكن تطبيقه فللقاضي أن يسترشد بالسوابق القضائية وإجتهاد الفقهاء وبمقتضيات الإنصاف والعرف التجاري .
كما تقضي المادة (4) ما يلي :
1. على القاضي عند تحديد آثار العمل التجاري، أن يطبق العرف السائد إلا إذا ظهر أن المتعاقدين قصدوا مخالفة أحكام العرف أو كان العرف متعارضاً مع النصوص القانونية الإلزامية .
2. ويعد العرف الخاص والعرف المحلي مرجحين على العرف العام .
واعتماداً على هذه النصوص ، يمكن لنا تقسيم مصادر القانون التجاري الأردني إلى مصادر رسمية ومصادر إسترشادية . وسبق القول بأن المصادر الرسمية أو الشكلية للقانون هي المصادر التي من خلالها تخرج القاعدة القانونية إلى حيز الوجود وتكتسب الصفة الإلزامية . والمصادر الرسمية لقانون التجارة الأردني قد تكون مصادر رسمية أصلية ، وقد تكون مصادر رسمية إحتياطية ، ندرسها على التوالي في مطلبين مستقلين .

المطلب الأول المصادر الرسمية الأصلية ( التشريعات التجارية )
يحتل التشريع في الوقت الحاضر المرتبة الأولى بين مصادر القانون متغلبا ً بذلك على العرف الذي هو أسبق في الوجود من التشريع وباقي المصادر الأخرى ، ويعود ذلك إلى سرعة سن القواعد القانونية ودقة صياغتها ، وذلك لوجود سلطة مختصة تقوم على إصدار التشريع طبقا ً لإجراءات محددة . فالتشريع إذن هو عبارة عن تلك القواعد القانونية العامة المجردة التي تحكم مختلف نشاط الأفراد في المجتمع وتجبر الدولة على إتباعها ولو بالقوة عند الضرورة ، إلا أن التشريع قد يقصد به مجموعة قواعد قانونية منظمة لنشاط أو جانب معين من السلوك البشري ، ومثال ذلك تشريع الضرائب وتشريع العمال وغيرها ، كما أن تشعب أوجه النشاط في الدولة الحديثة وتداخل الروابط الاجتماعية بين الأفراد يتطلب قواعد كثيرة وسريعة لضبطها مما لا يتوافر في قواعد العرف التي تمتاز بالبطء في إنتاج القواعد القانونية ، في حين تتوافر في قواعد التشريع ، كما أن تركيز السلطة في يد الدولة الحديثة ساعد على زيادة تدخل الدولة في شتى مناحي الحياة ، ولا يتم هذا التدخل إلا من خلال التشريع ، وهذا يقتضي منا الحديث عن مزايا وعيوب التشريع .

مزايا التشريع وعيوبه :
لا شك في أن التشريع قد اصبح في المجتمعات الحديثة هو المصدر الغالب لقواعد القانون الوضعي ، ويتميز التشريع ، مقارنة بالمصادر الرسمية الأخرى ، كالعرف بما يلي :
1. يتميز التشريع بالسرعة ، فالتشريع سريع في نشأته ، وفي تعديله إذا إحتاج الأمر ، وحتى في إلغاءه . ولهذا فهو اقدر من العرف مثلا ً على مواجهة الحاجات والظروف الجديدة الطارئة في سرعه ويسر . وبهذا تتمكن الدولة من مواجهة ازدياد النشاط في المجتمع وتحقيق أهدافها في تطوير المجتمع .
2. التشريع من شأنه أن يؤدي إلى توحيد القانون في البلد الواحد ، والتوحيد القانوني يساعد في التوحيد السياسي للبلد الواحد وبذلك يكون القانون عاملا ً هاما ً في تحقيق الوحدة القومية ، ولعل ّ موضوع توحيد التشريعات في البلدان العربية من أهم العناصر التي تساهم في تحقيق الوحدة العربية .
3. ويتميز التشريع ايضا ً بأنه يصدر مكتوبا ً ومحددا ً ومنضبطا ً ، الأمر الذي لا يثير الشك في مضمونه ، وذلك مقارنة بالعرف . كما أن التشريع يمكن تطبقه بشكل واضح ومحدد ، وبحيث يسهل على الأفراد معرفة حقوقهم وواجباتهم ، الأمر الذي يؤدي إلى تحقيق الأمن والإستقرار .
وبالمقابل فقد حاول خصوم التشريع ( أنصار المدرسة التاريخية ) البحث عن عيوب للتشريع وذلك بقولهم أن التشريع يؤدي إلى جمود القانون ، فيصبح متخلفا ً عن مسايرة ركب التطور الإجتماعي ، وبحيث يضعف من قبول المخاطبين به ، مما يساعد كثيرا ً على مخالفته .
وزعموا أيضا ً أنه كثيرا ً ما يجانب المشرع التوفيق في وضعه ، بحيث تكون قواعده لا تتفق مع رغبات الناس وقناعاتهم .( 1 )
وعلى الرغم من هذه العيوب ، فإن التشريع يبقى متقدماً على العرف ويبقى يمثل المقام الأول بين مصادر القانون ، أضف إلى ذلك بأن هذه العيوب يمكن تجنبها من خلال ربط التشريع بحاجات المجتمع عن طريق اشتراك ممثلي الشعب في إصدار التشريعات أو لأغراض إزالة أي تعارض بين التشريعات النافذة . كما يجب عدم الاستعجال في إصداره لتفادي أي عيب أو قصور .

وتقسم التشريعات التجارية إلى قانون التجارة والقوانين ذات العلاقة بالنشاط التجاري :
أولا ً: قانون التجارة : يعد قانون التجارة الأردني رقم 12 لسنة 1966 المصدر الرسمي الأول للقانون التجاري بحيث يجب على القاضي تطبيق هذا القانون على المعاملات التجارية في حال قيام أي نزاع . وقد بينت المادة 1/2 من قانون التجارة الأردني موضوع القانون التجاري بقولها " يتضمن هذا القانون من جهة القواعد المختصة بالأعمال التجارية التي يقوم بها أي شخص مهما كانت صفته القانونية ، ويتضمن من جهة أخرى الأحكام التي تطبق على الأشخاص الذين اتخذوا التجارة مهنة " .

ـــــــــــــــ
( 1 ) المدخل لدراسة العلوم القانونية للدكتور عبد القادر الفار 1993 صفحة رقم 68 وصفحة رقم 69 .ويتكون هذا القانون من ( 480 ) مادة ويقسم إلى أربعة كتب :
الكتاب الأول : بعنوان التجارة والتجار ويشمل الأحكام الخاصة بالأعمال التجارية والتجار والمتجر .
الكتاب الثاني : والخاص بالعقود التجارية، ويضمن الرهن التجاري وعقد النقل والوكالة التجارية والوساطة والسمسرة والحساب الجاري .
الكتاب الثالث : والمتعلق بالأوراق التجارية ويشمل سند السحب والسند لأمر ( الكمبيالة ) والشيك .
الكتاب الرابع: ويخص الصلح الواقي والإفلاس .
وقبل صدور قانون التجارة الأردني رقم 12 لسنة 1966 ، خضع الأردن لمجلة الأحكام العدلية الصادرة عن الدولة العثمانية 1876 ، على اعتبار أنها القانون المدني الذي يحكم المعاملات المدنية والتجارية . ثم خضع الأردن لقانون التجارة العثماني الصادر عام 1266 هجرية على اعتبار أن الأردن جزء من الدولة العثمانية ، وهو منقول بدوره عن قانون التجارة الفرنسي لعام 1807 . زيادة على بعض القوانين الأنجلوسكسونية التي كانت مطبقة في غرب الأردن ، كقانون الشركات العادية لغاية عام 1964 ، وقوانين السماسرة والشيكات والبوالص الفلسطينية لغاية عام 1966 .
وكان من جملة الأسباب التي قدمتها الحكومة الأردنية في سبيل اقتراحها لقانون التجارة الحالي ما يلي : " لما كانت أكثرية القوانين التجارية المعمول بها في هذه المملكة هي نفس القوانين التجارية التي صدرت في العهد العثماني باستثناء بعض القوانين النافذة المفعول في الضفة الغربية ، ولما كانت هذه القوانين قد إنجلت في العمل والواقع عن مواطن عديدة من النقص ، وظهر مع الزمن عجزها عن مسايرة الحياة التجارية التي وجدت لتنظيمها ، بما أن بقاء التشريع التجاري لا يتفق ومقتضيات الحياة التجارية التي وجدت لتنظيمها ، بما أن بقاء التشريع التجاري لا يتفق ومقتضيات الحياة التجارية المرفق بهذه المذكرة لتضمن بذلك وحدة التشريع في جميع أنحاء المملكة ، ولتجاري تطور الحياة الإقتصادية ووقائعها وتساير الاتجاه الدولي الحديث في التشريع التجاري".

ثانيا ً: القوانين ذات العلاقة بالنشاط التجاري :
لا يشمل قانون التجارة كافة الأحكام المتعلقة بالتجارة لعدم قدرته على احتوائها بالتفصيل ، مما اقتضى وجود قوانين مكملة له تنظم مجالات مختلفة من الحياة التجارية ومن أهم هذه القوانين :
1. قانون الغرف التجارية والصناعية رقم 41 لسنة 1949.
2. قانون العلامات التجارية رقم 33 لسنة 1952 والقانون المعدل لقانون العلامات التجارية رقم 34 لسنة 1999 .
3. قانون الحرف والصناعات رقم 16 لسنة 1953.
4. قانون علامات البضائع رقم 19 لسنة 1953 .
5. قانون براءات الإختراع رقم 32 لسنة 1999 .
6. قانون تسجيل الأسماء التجارية رقم 3 لسنة 1953 .
7. قانون البنوك رقم 4 لسنة 1971 .
8. قانون المراكز التجارية رقم 21 لسنة 1972.
9. قانون التجارة البحرية رقم 12 لسنة 1972 وتعديلاته .
10. قانون مهنة تدقيق الحسابات رقم 22 لسنة 1985.
11. قانون الوكلاء والوسطاء التجاريين رقم 44 لسنة 1985 .
12. قانون أعمال الصرافة رقم 26 لسنة 1992 .
13. قانون الشركات رقم 22 لسنة 1997 وتعديلاته .
14. قانون الأوراق المالية المؤقت رقم 23 لسنة 1997 .
وإلى جانب هذه القوانين توجد مجموعة من الأنظمة والتعليمات والقرارات التي تنظم الأعمال التجارية المختلفة ومنها :
1. نظام المرابحة العثماني لسنة 1303 الهجرية ، الذي يحدد مقدار الفائدة على الديون المدنية والتجارية .
2. نظام العلامات التجارية رقم 1 لسنة 1952 والنظام المعدل لنظام العلامات التجارية رقم 17 لسنة 2000 .
3. قرار تسجيل الأسماء التجارية رقم 1 لسنة 1953 .
4. قرار امتيازات الإختراعات والرسوم رقم 1 لسنة 1953 .
5. نظام سجل التجارة رقم 13 لسنة 1966 .
ولا يقتصر التشريع على النصوص القانونية الداخلية، وإنما يمتد لشمل الاتفاقات الدولية التي يصادق عليها الأردن طبقاً لنظمها الدستورية(26)، وذلك لأن الإتفاقية الدولية هي تشريع دولي، فإذا ما تعارضت مع التشريع الوطني غلبت عليه، لأن القانون الدولي يسمو على القانون الوطني .

المطلب الثاني المصادر الرسمية الإحتياطية
يقصد بالمصادر الرسمية الإحتياطية المصادر التي يلجأ إليها القاضي في حالة عدم وجود نص في قانون التجارة أو القوانين ذات العلاقة بالنشاط التجاري ، وهناك مصدر إحتياطي وحيد وهو القانون المدني ، وندرسه فيما يلي :

القانون المدني الأردني :
يأتي القانون المدني الأردني بالمرتبة الثانية في حالة عدم وجود نص في قانون التجارة أو في القوانين ذات العلاقة بالنشاط التجاري قابل للتطبيق على النزاع المعروض على القاضي تطبيقاً لنص المادة ( 2/1 ) من القانون التجاري الأردني التي تحيل لأحكام القانون المدني في حالة عدم وجود نص في قانون التجارة . ومن الأمثلة على ذلك نص المادة ( 15 ) من قانون التجارة الأردني التي تخضع الأهلية ، التجارية لأحكام القانون المدني ، وبالتالي أحالت إلى أحكام القانون المدني في كل ما يتعلق بتنظيم موضوع الأهلية التجارية . كما أخضعت المادة ( 80/3 ) من قانون التجارة الأردني حقوق والتزامات الوكيل التجاري إلى أحكام القانون المدني عندما يجب على الوكيل أن يعمل باسم موكله . كما تسري قواعد إجارة الأشياء في القانون المدني على الودائع التي تودع في الصناديق الحديدية أو في خانات منها ( م117/1 تجارة أردني ) . كما أخضعت المادة ( 112 ) من قانون التجارة الأردني العمليات المصرفية غير المذكورة في الباب الخامس من قانون التجارة إلى أحكام القانون المدني المختصة بتلك العقود . كما يرجع إلى قواعد عقد الشركة في القانون المدني بخصوص شركة الأشخاص أو شركة الأموال. ويرجع بخصوص البيوع التجارية وبيع المتجر إلى أحكام عقد المبيع ، كما أن السند القانوني لدعوى المنافسة غير المشروعة يوجد في المسؤولية التقصيرية المنظمة في القانون المدني . وهذا يؤكد أن القانون المدني هو الشريعة العامة لكافة فروع القانون بحيث يشمل جميع مناحي الحياة . وما استقلال القانون التجاري عن القانون المدني إلا استثناء ً اقتضته مبررات السرعة والائتمان التي تمتاز بها المعاملات التجارية . وهذا يؤيد وجهة نظر القائلين بوحدة القانون الخاص ( المدني والتجاري ) ، وإن رد دعاة الاستقلال على هذه الحجة بضرورة اتفاق القواعد المدنية ، في حالة عدم وجود الأحكام التجارية ، مع مقتضيات البيئة التجارية غير دقيق .
ولكن الرجوع للقانون المدني كمصدر ثانٍ من مصادر القانون التجاري مشروط باتفاق أحكام القانون المدني مع المبادئ المختصة بالقانون التجاري ( م2/2 تجارة أردني ) . وبالتالي إذا تعارضت أحكام القانون المدني المنوي تطبيقها على نزاع تجاري مع المبادئ العامة التي يقوم عليها القانون التجاري كقواعد دعم السرعة وقواعد دعم الائتمان فلا يكون مجال لتطبيقها على ذلك النزاع . مثال تلك القواعد : قاعدة حرية الإثبات في المواد التجارية وقاعدة التضامن، وقاعدة انتفاء صفة التبرع وقاعدة الفائدة في المواد التجارية . فالمادتان ( 84 ، 96/4 ) من قانون التجارة تطرقتا إلى موضوع الفائدة في المعاملات التجارية . إذ تقرر المادة ( 84 ) أنه على الوكيل أن يدفع الفائدة عن الأموال العائدة للموكل وذلك من اليوم الذي كان يجب عليه تسليمها أو إيداعها بحسب أمر الموكل . كما اعترفت المادة ( 96/4 ) للوكيل بالعمولة بامتياز على قيمة البضائع المرسلة إليه بغرض سداد جميع الأموال المدفوعة من قبله، ويدخل في الامتياز مبلغ الدين الأصلي مع الفوائد والعمولات والنفقات .
وهناك رأي يذهب إلى تغليب حكم القانون التجاري بقواعده الآمرة والمكملة إذا ما تعارضت مع النصوص المدنية حتى ولو كانت آمرة . وحجة هذا الرأي أن الحكم الخاص مقدم على الحكم العام . والقانون التجاري قانون خاص بقواعده الآمرة والمكملة معا ً . ومن غير المعقول إيراد النصوص التجارية المفسرة ومنع العمل بأحكامها إذا ما تعارضت مع النصوص المدنية الآمرة . كما أن المشرع التجاري قد قيد الرجوع لحكم القانون المدني بقدر اتفاقها مع المبادئ المختصة بالقانون التجاري وبالتالي لا يجوز الرجوع للقواعد المدنية حتى الآمرة فيما إذا لم تتفق مع النصوص التجارية ولو كانت مفسرة . إلا أن هناك اتجاه آخر يذهب إلى ترجيح النص التجاري الآمر على النص المدني الآمر والمفسر وذلك لتغليب حكم النص الخاص على العام ، أما إذا كان النص المدني آمرا ً والنص التجاري مفسرا ً وجب تقديم النص المدني الآمر .
ونحن من جهتنا نؤيد الاتجاه الأول القائل بتقديم حكم القواعد التجارية الآمرة والمكملة إذا ما تعارضت مع النصوص المدنية حتى ولو كانت آمرة . و مبرر ذلك أن القانون التجاري بقواعده الآمرة والمكملة قانون خاص انفصل عن القانون المدني لمبررات البيئة التجارية التي لا تتفق ومقتضيات البيئة المدنية، فإذا ما عرض نزاع تجاري أمام القاضي يجب عليه أولاً أن يطبق النصوص التجارية الآمرة إن وجدت، فإذا لم توجد تطبق النصوص التجارية المفسرة ما لم يتفق المتعاقدان على خلاف القاعدة التجارية المفسرة كونها تبيح مثل هذا الاتفاق، فهنا لا يكون أمام القاضي إلا أن يطبق اتفاق المتعاقدين. فإذا لم يوجد اتفاق هنا يرجع القاضي إلى قواعد القانون المدني، وإذا كان هذا الموضوع محل خلاف فقهي فيما إذا كان الرجوع للقانون المدني أولاً أم للعرف التجاري، وهو ما سنأتي على دراسته لاحقاً .
ـــــــــــــــ
القانون المدني الأردني رقم 43 لسنة 1976 نشور في الجريدة الرسمية العدد 2645 على الصفحة 2 بتاريخ 1/8/1976 . وللقانون المدني مصادر ه الخاصة التي تختلف عن مصادر القانون التجاري ، وهذا ما أشارة إليه المادة الثانية من القانون المدني الأردني إذ تنص على ما يلي : تسري نصوص هذا القانون على المسائل التي تناولتها هذه النصوص بألفاظها ومعانيها ، ولا مساغ للإجتهاد في مورد النص ، فإذا لم تجد المحكمة نصاً في هذا القانون حكمت بأحكام الفقه الإسلامي الأكثر موافقة لنصوص هذا القانون ، فإذا لم توجد فبمقتضى مبادئ الشريعة الإسلامية ، فإن لم توجد حكمت بمقتضى العرف، فإن لم توجد حكمت بمقتضى قواعد العدالة، ويشترط في العرف أن يكون عاماً وقديماً ثابتاً أو مطرداً ولا يتعارض مع أحكام القانون أو النظام العام أو الآداب. أما إذا كان العرف خاصاً ببلد معين فيسري حكمه على ذلك البلد ، ويسترشد في ذلك كله بما أقره القضاء والفقه على أن لا يتعارض مع ما ذكره .

المبحث الثاني
المصادر الإسترشادية ( التفسيرية )
المصادر الإسترشادية بحسب المادة الثالثة من قانون التجارة هي السوابق القضائية وإجتهاد الفقهاء ومقتضيات الإنصاف، فالعرف التجاري ندرسها في مطالب أربعة .

المطلب الأول السوابق القضائية ( PRECEDENTS )
هناك من الأنظمة القانونية في العالم كالنظام الإنجليزي تجعل القضاء مصدرا ً القضاء مصدرا ً رسميا ً يأتي مباشرة بعد التشريع . وبمقتضى هذا النظام فإن على القاضي إذا ما افتقد الحكم في نصوص التشريع أن يرجع إلى الأقضية السابقة فيفتش عما إذا كان هناك حكم سابق أصدرته المحكمة التي يتعين عليه إتباع قراراتها . وبدون الدخول في تفاصيل كتيرة حول هذا الموضوع نقول أنه بمقتضى النظام اقانوني الإنجليزي فإن محاكم البداءة ( COURTS OF FIRST INSTANCE ) لا تلزم بالأحكام التي صدرةت عنها ولكنها تلزم بالأحكام التي صدرة عن محكمة الإستئناف . أما محاكم الإستئناف فإنها ملزمة بإتباع أحامها السابقة . ويسمى النظام الإنجليزي هذا بنظام السوابق القضائية علما ً بأن المحاكم لا تفتش هي بنفسها عن الأحكام التي عليها أن تلزم بها في قضية معينة بل أن ذلك من مهام المحامي الذي يترافع في القضية فهو الذي يقوم بالتفتيش عن السابقة القضائية التي تكون في مصلحة موكله وهو الذي يقدمها إلى المحكمة لكي تصدر حكمها في قضيته طبقا ً لتلك السابقة .
أما في البلدان التي لا تجعل القضاء مصدرا ً رسميا ً فإنها لا تعرف نظام السوابق القضائية الإنجليزي وبالتالي فإن القاضي غير ملزم في تلك البلدان بالرجوع إلى الأقضية السابقة ولو كانت صادرة عن أعلى محكمة في الدولة ولكنه يستطيع الإستئناس بالحكم الذي يتعلق بقضية مماثلة للقضية التي ينظرها سبق ان صدر من محاكم أخرى وخصوصا ً إذا كان الحكم صادرا ً من محكمة التميز مثلا ً أو أي محكمة عليا غيرها . إن النظام القانةني الأردني مثله في هذا النظام مثل جميع الأنظمة القانونية العربية نظام لا يعرف السوابق القضائية على الترتيب الإنجليزي وعلى ذلك فإن القضاء في هذا النظام يعتبر مصدرا ً غير رسمي من مصادر الأحكام .( 1 )

المطلب الثاني إجتهاد الفقهاء ( الفقه )
الفقه من المصادر التفسيرية أو مصادر الإقناع والإستئناس التي يستعان بها في إستخلاص القواعد القانونية دون ان يكون لها قوة ملزمة .
وللفقه دور كبير في تفسير أحكام القانون وشرح مصادره في إيضاح ما غض من نصوصه وإبداء الآراء والنظريات التي تساعد على سد النقص الذي يعتريه ولا سيما في إعطاء الحلول للمسائل الجديدة التي تطراء في نطاق التعامل التجاري المتطور بإستمرار لمؤازرة القضاء في حل المنازعات المعروضة عليه وتوجيه المشرع إلى إصدار النصوص الملائمة في حالة ما إذا إعتوراها ثغرات .
لذلك يعتبر الفقه مصدرا ً للقانون التجاري ، وهو على غرار القضاء مصدرا ً تفسيريا ً ، وللفقه العربي والأجنبي مؤلفات وأبحاث قيمة في القانون التجاري ، لا يتسع المجال هنا لعرضها ، تعالج كثيرا ً من الموضوعات حيث تقوم بالتعليق على النصوص التشريعية فتبين ما تنطوي عليه من أوجه أو عيوب ويبصر بذلك المشرع بالصلاحيات والتعديلات الواجبة .

ـــــــــــــــ
( 1 ) المدخل إلى علم القانون للدكتور عباس الصراف و جورج حزبون 2005 صفحة رقم 81 . وبالنسبة لدور الفقه في القضاء فإنه يقوم بتجميع أحكام المحاكم والتقريب بينها وتتبع تطورها ، وذلك للإهتداء إلى الإتجاهات العامة التي تجري عليها ، وعلى هذا النحو يتولى فقهاء القانون بيان القواعد التي يتضمنها القانون الوضعي ويحدد آثارها الإجتماعية كما يبرز مزاياها وعيوبها ، ويقيم من كل ذلك نظرية عامة للقانون التجاري يعرضعا في المؤلفات والإبحاث لافادة المهتمين بمجال هذا القانون . ( 1 )
المطلب الثالث مقتضيات الإنصاف ( EQUITY )
ويقصد بها أن يتحرى القاضي تحقيق العدالة والإنصاف فيما يعرض عليه من نزاعات في المسائل التجارية التي لا تغطيها النصوص القانونية . ( 2 )
والمسألة في هذه الحالة تقديرية ويمكن معالجة كل قضية بشكل منفرد طبقا ً للظروف المحيطة بها وهذا يعني ان يعمل القاضي على تطبيق ما يعتقد أنه يحقق العدالة في الكيفية التي يحسم بها النزاع . ومقتضيات الإنصاف تعبي أمورا كثيرة غير محددة على القاضي أخذها بنظر الإعتبار في تكوين رأيه منها النفسية والمادية التي تؤدي بالنتيجة إلى حصول القناعة لدى القاضي أنه يحقق العدالة في الكيفية التي يحسم فيها النزاع . ( 3 )

المطلب الرابع العرف التجاري
يقصد بالعرف التجاري مجموعة القواعد التجارية التي درج عليها التجار لمدة طويلة في تنظيمهم لمعاملاتهم التجارية معتقدين بإلزامها وضرورتها كما هو الحال في القواعد التشريعية . ويحتل العرف التجاري مكانة هامة جداً في الحياة التجارية ، ويعود ذلك لقلة النصوص التشريعية وعجزها عن ملاحقة الحياة التجارية السريعة، ومثال ذلك البيوع البحرية والحسابات الجارية والاعتمادات المستندية التي ما زالت محكومة بقواعد عرفية . فالعرف التجاري أكثر مرونة من التشريع وبالتالي فهو أقدر على تحقيق متطلبات الحياة التجارية السريعة من التشريع الذي يحتاج إلى إجراءات لتعديله أو إصداره .
يتمتع العرف في مجال القانون التجاري بمكانه كبيرة عن بقية فروع القانون الآخر وذلك رغم ازدياد النشاط التشريعي وازدياد أهميته ذلك أن هذا الفرع من القانون نشأ أصلا نشأة عرفية ولم يدون إلا في فترة متأخرة عن بقية فروع القانون ( 4 ) ، حيث يرجع الإهتمام بتقنين العادات التجارية إلى القرن السابع عشر في فرنسا ، حيث قام الوزير كولبير بتشجيع لويس الرابع عشر على إصدار أمرين ملكيين متعلقين بالتجارة الأول : الأمر الملكي الصادر عام 1673 والخاص بالتجارة البرية التي أشرف على وضعه العلامة سافاري (SAVARY ) والثاني : الأمر الملكي الصادر عام 1681 والمتعلق بالتجارة البحرية ، الذي أشرف على وضعه العلامة دي بوتيني (LEVAYER DE BOUTIGNY ) . ثم صدر القانون التجاري الفرنسي عام 1807 الذي حل محل الأوامر الملكية المتعلقة بالتجارة البرية والبحرية والذي ما زال معمولاً به حتى وقتنا الحالي على الرغم من كثرة التعديلات التي أدخلت عليه . وأخذت الدولة العثمانية قانونها التجاري لعام 1850 من القانون التجاري الفرنسي الصادر عام 1807 ، الذي ظل مطبقاً في الدول العربية حتى أصبح لها قوانين مستقلة ومنها قانون التجارة المصري عام 1883، وقانون التجارة اللبناني عام 1942 والسوري عام 1949 والعراقي لأعوام 1943، 1970، 1984، والأردني لعام 1966 .
ـــــــــــــــ
( 1 ) القانون التجاري للدكتور أحمد محمد محرز 1994 صفحة رقم 40 وصفحة رقم 41 .
( 2 ) شرح قانون التجارة الأردني للدكتور بسام الطراونة والدكتور باسم ملحم 2007 صفحة رقم 22 .
( 3 ) شرح القانون التجاري ، الجزء الأول ، للأستاذ الدكتور فوزي سامي 2009 صفحة رقم 32 .
( 4 ) http://droit.alafdal.net/ ، 11/04/2009

والعرف التجاري قد يتشكل بخصوص أمر مادي كطريقة عد أو كيل أو وزن سلعة من السلع ، قد يتشكل بخصوص مسألة قانونية كتحديد مدة معينة لتنفيذ بعض الالتزامات التجارية وكقاعدة تضامن المدنيين في الالتزامات التجاري .
ويختلف العرف عن العادة الإتفاقية ( USAGES ) في أن الأول يتكون من ركنين هما :
الركن المادي : وهو إطراد الناس على إتباع سلوك معين ، والركن المعنوي : وهو اعتقاد الناس بإلزامية إتباع هذا السلوك واحترامه بينما العادة الإتفاقية هي عبارة عن الركن المادي للعرف . فالعادة ليست قاعدة قانونية ملزمة بذاتها ، وإنما تطبق لاتجاه إرادة المتعاقدين إلى إتباع حكمها . واتفاق المتعاقدين على تطبيقها قد يكون صراحة كما قد يكون ضمنياً يفهم من ظروف العقد وملابساته كمكان انعقاد العقد وزمانه والغرض من التعاقد وغيرها من وقائع التعاقد .
وبالرجوع للمادتين ( 3 ، 4 ) من قانون التجارة الأردني ، نجد أن هناك صورة غير واضحة بخصوص مكانة العرف التجاري كمصدر للقانون التجاري ، فالمادة الثالثة اعتبرت العرف التجاري من المصادر الإسترشادية ، التي يستعين بها القاضي في تفسيره لنصوص القانون حاله كحال السوابق القضائية وإجتهاد الفقهاء ومقتضيات الإنصاف، في حين وضعته المادة الرابعة في المرتبة الثالثة بعد النصوص القانونية الإلزامية ( القانون التجاري والقانون المدني ) ، وذلك بخصوص تحديد آثار العمل التجاري فقط .
وفي ضوء عدم الوضوح الذي يكتنف هاتين المادتين حاول الفقه الإجتهاد في سبيل إزالة هذا الغموض والخروج بصيغة معقولة تتوافق مع متطلبات الحياة التجارية . فيرى بعضهم أن التعارض بين المادتين تعارض ظاهري ، وأن العرف التجاري يعدّ مصدراً رسمياً وفق المادة الرابعة عند تحديد آثار العمل التجاري فقط ، ويعد مصدراً استرشادياً بحسب المادة الثالثة بالنسبة للمسائل التي لا تدخل ضمن إطار آثار العمل التجاري . في حين يذهب بعض الفقه إلى اعتبار العرف التجاري من ضمن المصادر الإسترشادية إستناداً للنصوص القانونية المنظمة له . إلا أن فريقاً ثالثاً ذهب إلى تبني الرأي القائل بأن العرف التجاري مصدر رسمي للقانون التجاري يأتي بعد النصوص التشريعية وقد برهنوا رأيهم بالنصوص القانونية التجارية التي تعطي للعرف مكانه الصحيح إذ تخضع المادة ( 59/1 ) من قانون التجارة الأردني عقود البيع والقرض والتأمين وجميع العقود التي لم تحدد قواعدها في قانون التجارة لأحكام القانون المدني والعرف . وتحيل المادة ( 113/1 ) من قانون التجارة الأردني إلى العرف لأغراض وقف الحساب الجاري وتصفيته في آجال الاستحقاق المعينة في حال عدم تطرق العقد لهذه المسائل . كما أن المادة ( 4/1 ) من قانون التجارة الأردني توجب تطبيق العرف السائد إلا إذا كان العرف متعارضاً مع النصوص القانونية الإلزامية ، مما يعني أن العرف التجاري يمكن له أن يعارض نصوصاً تشريعية مفسرة مدنية أو تجارية ، وهو دليل آخر على مكانة العرف التجاري كمصدر رسمي من مصادر القانون التجاري .
والعرف التجاري حسب المادة ( 4/2 ) من قانون التجارة الأردني قد يكون عرفاً خاصاً أو محلياً أو عرفاً عاماً . والعرف الخاص هو ذلك العرف المتبع في مهنة معينة أو في تعامل تجاري معين . أما العرف المحلي فهو العرف المتبع في منطقة معينة . أما العرف العام فهو العرف السائد في الدولة . وقد بينت المادة ( 4/2 ) من قانون التجارة أولوية التطبيق في حالة تعدد أنواع العرف القابل للتطبيق على نزاع تجاري ، فالأولوية تكون للعرف الخاص ثم العرف المحلي وأخيراً العرف العام ، وبمعنى آخر يقدم العرف الخاص على العرف العام . والحكمة في ذلك أنه كلما كان العرف مطبقاً في نطاق ضيق كلما كان أدق في تنظيم معاملات الأفراد . كما أن العرف التجاري قد يكون عرفاً دولياً وهو العرف المتبع بين التجار في دولة متعددة أو حتى في العالم ككل كالأعراف المتعلقة بالتجارة البحرية .
ويشترط في تطبيق العرف أن لا يكون المتعاقدان قد اتفقا على مخالفة أحكام العرف وأن لا يكون العرف متعارضاً مع النظام العام أو الآداب ( م2 مدني أردني ) .

الخاتمة
وبعد هذا الاستعراض لمصادر القاعدة القانونية في ظل قانون التجارة الأردني رقم 12 لعام 1966 نجد أن المشرع التجاري الأردني لم يكن دقيقاً في بيان هذه المصادر وتحديد أولويتها فاعتبرت العرف التجاري مصدراً من المصادر الإسترشادية ( م3 تجاري ) ، ثم عاد وقصر تطبيق العرف التجاري عند تحديد آثار العمل التجاري معتبراً إياه مصدراً رسمياً إحتياطيا بعد النصوص القانونية الإلزامية ، القانون التجاري والقانون المدني ، ( م 4 تجاري ) . كما لم يحدد المشرع الأردني المقصود " بالمبادئ المختصة بالقانون التجاري " لأغراض تطبيق أحكام القانون المدني على المسائل التي لم يرد نص بتنظيمها في قانون التجارة والقوانين المكملة له ، كما أنه لم يبين بوضوح مدى قدرة العرف التجاري على مخالفة النصوص المدنية الآمرة .
وإزاء هذا الوضع التشريعي القائم ، استعرضنا مصادر القاعدة القانونية حسب قانون التجارة الأردني وقسمنا هذه المصادر إلى مصادر رسمية ومصادر إسترشادية ، فقد وجدنا أن المصادر الرسمية تقسم إلى مصادر رسمية أصلية وهي التشريعات التجارية : قانون التجارة والقوانين المتعلقة بالنشاط التجاري ومصدر رسمي إحتياطي وهو القانون المدني . وبخصوص المصادر الإسترشادية فهي أربعة : السوابق القضائية ( القضاء ) وإجتهاد الفقهاء ( الفقه ) ومقتضيات الإنصاف ( قواعد العدالة ) والعرف التجاري . وقد تعددت الآراء حول قدرة العرف التجاري على مخالفة القواعد الآمرة للقانون المدني ، وانتهينا إلى أن تقديم العرف التجاري هو الأقرب والأكثر تعبيراً عن متطلبات الحياة التجارية واقترحنا أن يجتهد القضاء الأردني باستخدامه للعبارة التي وردت في المادة ( 2/2 تجارة ) " المبادئ المختصة بالقانون التجاري " بحيث تفسر هذه العبارة على أنها تضم القانون التجاري والعرف التجاري ، وبالتالي تغليب العرف التجاري على قواعد القانون المدني الآمرة والمكملة معاً . كما خلصنا إلى ضرورة تقديم القانون التجاري بقواعده المفسرة على القواعد المدنية حتى الآمرة منها ، لأن القانون التجاري قانون خاص بقواعده الآمرة والمكملة ، في حين القانون المدني قانون عام والقانون الخاص يقدم على القانون العام كما خلصنا إلى أن المصادر الإسترشادية هي ثلاث مصادر : السوابق القضائية وإجتهاد الفقهاء ، ومقتضيات الإنصاف ( قواعد العدالة ) وذلك بعد إخراج العرف التجاري منها واعتباره من المصادر الرسمية .
وعلى ضوء هذه النتائج، فإننا نقترح تعديل المواد ( 2 ، 3 ، 4 ) من قانون التجارة الأردني رقم 12 لسنة 1966 والمنظمة لمصادر القاعدة التجارية في الأردن بما يتفق ومتطلبات الحياة التجارية وما إستقر عليه الفقه التجاري ، بحيث يكون ترتيب هذه المصادر على النحو التالي :

المصادر الرسمية :
1. القواعد التجارية الآمرة .
2. العرف التجاري .
3. القواعد التجارية المفسرة .
4. القواعد المدنية الآمرة .
5. القواعد المدنية المفسرة .

المصادر الإسترشادية :
1. القضاء .
2. الفقه .
3. مبادئ الإنصاف ( العدالة ) .

وحتى يتسنى للمشرع التجاري الأردني إجراء مثل هذا التعديل ، نأمل من القضاء الأردني أن يجتهد في سبيل تقديم العرف التجاري على القواعد المدنية الآمرة من خلال اقتراحنا باستخدام عبارة " المبادئ المختصة بالقانون التجاري " الواردة في المادة ( 2/2 تجارة أردني ) باعتبارها مرادفة للعرف التجاري .