المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خيار العيب



دموع الورد
02-22-2009, 10:58 AM
خيار العيب

تعريفه ، والعقود التي يثبت فيها:
هو ما يكن للمتملك من حق في فسخ العقد أو امضائه بسبب عيب يجده فيما تملك (1). وإضافة الخيار إلى العيب من إضافة المسبب إلى السبب أي الخيار الذي يثبت بسسب العيب . وهذا الخيار يثبت إذا كان المعقود عليه معينا بشخصه كما في خيار الرؤية، فإذا كان معنيا بأوصافه فإذا لم تتحقق لم يكن محلاً للعقد (2). وعلى ذلك يثيت في العقود التي يثبت فيها خيار الرؤية وهي البيع والإجارة والقسمة وبدل الصلح.

العيب الذي يثبت فيه الخيار:
العيب في المعقود عليه الذي يوجب الخيار هو الذي يوجب نقصا في ثمنه عند التجار وأرباب الخبرة فيه ، أو الذي تقتضي الخلقة السليمة أن يكون المعقود عليه خالياًمنه ، أو الذي يفوت الغرض المقصود منه، وكان ذلك يوجب نقصانا في قيمته(3). بحيث لو علم المشتري ونحوه بهذا العيب لما أقدم على تملكه بالثمن الذي رضيه. وعلى هذا فالكسر في الإناء، والعمى والعرج في الحيوان، والنقص في الكتاب، كل هذا وأمثاله يعتبر عيبا في المعقود عليه يثيت به الخيار.

مشروعية خيار العيب :
لا خلاف بين الفقهاء في الرد بالعيب في الجملة .
واستدلوا بأدلة من الكتاب والسنة والقياس : فمن الكتاب : استدلوا بعموم قوله تعالى : إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم والوجه في الاستدلال أن العلم بالعيب في المبيع مناف للرضا المشروط في العقود , فالعقد الملتبس بالعيب تجارة عن غير تراض .
فالآية تدل على أن العاقد لا يلزمه المعقود عليه المعيب , بل له رده والاعتراض , بقطع النظر عن طريقة الرد والإصلاح لذلك الخلل في تكافؤ المبادلة .



1- الأستاذ علي الخفيف، ص131.
2- الأستاذ علي الخفيف،ص132-133.
3- شرح المجلة للأستاذ علي حيدر ج1 ص290.
ومن السنة : عن عائشة رضي الله عنها أن رجلا ابتاع غلاما , فاستغله , ثم وجد به عيبا فرده بالعيب , فقال البائع : غلة عبدي , فقال النبي صلى الله عليه وسلم الغلة بالضمان وفي رواية : الخراج بالضمان . واستدل الكاساني بحديث المصراة على مشروعية خيار العيب .
واستدلوا بالقياس على الخيار في المصراة , والجامع بينهما عدم حصول المبيع السليم , لأنه بذل الثمن ليسلم له مبيع سليم ولم يسلم له ذلك .
قال ابن قدامة : إثبات النبي الخيار بالتصرية تنبيه على ثبوته بالعيب .

حكمة تشريع خيار العيب :
الحكمة في مشروعية خيار العيب دفع الضرر عن العاقد ( المشتري ) لأنه رضي بالمبادلة بطريق البيع , والبيع يقتضي سلامة المبيع عن العيب , ووصف السلامة يفوت بوجود العيب , فعند فواته يتخير , لأن الرضا داخل في حقيقة البيع , وعند فواته ينتفي الرضا , فيتضرر بلزوم ما لا يرضى به .

وجوب الإعلام بالعيب , وأدلته :
*وجوبه على العاقد :
ذهب الفقهاء إلى أن على البائع إعلام المشتري بالعيب الذي في مبيعه , وذلك فيما يثبت فيه خيار , أما إن لم يكن مسببا للخيار فترك التعرض له ليس من التدليس المحرم كما قال إمام الحرمين , وقد صرح هؤلاء بأن الإعلام بالعيب مطلوب على سبيل الوجوب , فإذا لم يبينه فهو آثم عاص , ولا خلاف فيه بين العلماء - على ما ذكر ابن قدامة والسبكي وغيرهما - وجعله ابن رشد الجد من أكل المال بالباطل وتحريمه معروف . ودل على هذا عدة أحاديث , منها :
حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : المسلم أخو المسلم , ولا يحل لمسلم باع من أخيه بيعا وفيه عيب إلا بينه له .
وعن واثلة بن الأسقع رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا يحل لأحد يبيع شيئا إلا يبين ما فيه , ولا يحل لمن يعلم ذلك إلا بينه .
وهناك أحاديث أخرى تشهد للمعنى السابق لورودها بتحريم الغش , وكتمان العيب غش - كما صرح السبكي - وذلك كحديث أبي هريرة : " من غشنا فليس منا أخرجه مسلم وهو وارد في قصة هي : أنه صلى الله عليه وسلم مر على صبرة طعام فأدخل يده فيها , فنالت أصابعه بللا , فقال : ما هذا يا صاحب الطعام ؟ قال : أصابته السماء يا رسول الله يعني المطر قال : أفلا جعلته فوق الطعام كي يراه الناس , من غش فليس مني . وهذا الحديث يشير إلى الإعلام بالعيب بالفعل المجزئ عن صريح القول : وهل يظل الإثم لو رضي المشتري بالعيب بعد ظهوره , ذلك ما جزم به الشوكاني في الدرر البهية قائلا : ( إن رضيه فقد أثم البائع , وصح البيع ) .

*وجوبه على غير العاقد :
وجوب الإعلام بالعيب لا يقتصر على البائع , بل يمتد إلى كل من علم بالعيب لحديث واثلة - والقصة المروية بأنه فعل ذلك حين كتم البائع العيب - والأحاديث الأخرى العديدة في وجوب النصح , وقد نص على هذا من الشافعية الشيرازي , وابن أبي عصرون , والنووي , وقال السبكي : وذلك مما لا أظن فيه خلافا .
ويتأكد الوجوب حيث ينفرد الأجنبي بعلم العيب دون البائع نفسه , أما إن كانا يعلمانه فالوجوب حيث يعلم , أو يظن , أو يتوهم أن البائع لم يعلمه به , أما إن علم قيام البائع بذلك - أو غلب على ظنه أنه يقوم بذلك لتدينه - فهناك احتمالان
أحدهما : عدم الوجوب خشية إيغار صدر البائع لتوهمه سوء الظن به ,
والاحتمال الثاني : وجوب الاستفسار من المشتري هل أعلمه البائع بالعيب .
ووقت الإعلام في حق البائع والأجنبي قبل البيع , ليكف عن الشراء , فإن لم يكن الأجنبي حاضرا , أو لم يتيسر له فبعده , ليتمكن المشتري من الرد بالعيب .


حكم البيع مع الكتمان :
البيع دون بيان العيب المسبب للخيار صحيح مع المعصية عند جمهور الفقهاء .
واستدلوا بحديث المصراة المثبت الخيار للمشتري , وذلك مبني على صحة البيع , والتصرية عيب , وهاهنا التدليس للعيب وكتمانه لا يبطل البيع , لأن النهي لمعنى في العقد , فلا يمنع صحة العقد , بخلاف ما لو كان متوجها إلى المعقود عليه لمعنى فيه , أو لاستلزامه أمرا ممنوعا , أما هنا فالعقد ليس منهيا عنه أصلا ( لا لمعنى فيه ولا لاستلزامه ممنوعا ) بل قد تحقق بكتمان العيب ما هو منهي عنه وهو الغش , وتلك أدنى مراتب النهي الثلاث فلا إثم في العقد , بل الإثم في الكتمان , لأن النهي عن الكتمان لا عن العقد .
ومما هو صريح في الباب من فعل الصحابة ما أخرجه البخاري أن ابن عمر اشترى إبلا هيما , فلما أخبر بعيبها رضيها وأمضى العقد

شروط ثبوت خيار العيب:
أولاً حدوث العيب في محل العقد-كالمبيع في عقد البيع- قبل أن يتسلمه المشتري، سواء حدث العيب قبل العقد أو بعده ولكن قبل التسليم. فإذا حدث العيب بعد قبض المبيعزمن قبل المشتري فلا يثبت له خيار، لأن المبيع وصل إليه سالماً وهذا مقتضى العقد.
ثانياً= ألا يعلم المشتري بالعيب خين العقد، وألا يرضى به بعد علمه به، وألا يزول هذا العيب قبل أن يستعمل صاحب الخيار حقه في فسخ العقد. وعلى هذا إذا جرى العقد وكان المشتري عالماً بما في المحل من عيب، أو كان جاهلاً به ثم علم به بعد العقد فرضي به، أو إذا زال قبل أن يبادر إلى طلب الفسخ، ففي هذه الحالات لا يبقى له خيلر في الفسخ، لان سبب الخيار وجود العيب ةعدم رضاه به، فإذا زال السبب زال المسبب.
ثالثاً-ألا يكون الممتلك- كالبائع في عقد البيع- قد أشترط براءته من العيوب. فإن أشترط ذلك ورضي الممتلك، ثم ظهر عيب في المعقود عليه لم يترتب عليه خيار.



طرق إثبات العيب ( في البيع بالخيار ) :
إثبات العيب يختلف باختلاف العيب من حيث درجة الظهور . والعيب أربعة أنواع :
1 - عيب ظاهر مشاهد .
2 - عيب باطن خفي , لا يعرفه إلا أهل الخبرة .
3 - عيب لا يطلع عليه إلا النساء .
4 - عيب لا يعرف بالمشاهدة المجردة بل يحتاج إلى التجربة والامتحان عند الخصومة .
1 - العيب المشاهد : لا حاجة لتكليف المشتري إقامة البينة على وجود العيب عنده , لكونه ثابتا بالعيان والمشاهدة , وللمشتري حق خصومة البائع بسبب هذا العيب , وللقاضي حينئذ النظر في الأمر .
فإن كان العيب لا يحدث مثله عادة في يد المشتري , كالأصبع الزائدة ونحوها , فإنه يرد على البائع , ولا يكلف المشتري بإقامة البينة على ثبوت العيب عند البائع لتيقن ثبوته عنده , إلا أن يدعي البائع الرضا به والإبراء عنه , فتطلب البينة منه .
فإن أقام البينة عليه قضي بذلك , وإلا استحلف المشتري على دعواه , فإن نكل ( أحجم عن اليمين ) لم يرد المبيع المعيب على البائع , وإن حلف رد على البائع . وأما إن كان العيب مما يجوز أن يحدث مثله في يد المشتري فإنه يستحلف بالله على البتات , أي بشكل بات قاطع جازم , لا على مجرد نفي العلم : " لقد بعته وسلمته , وما به هذا العيب , لا عند البيع ولا عند التسليم " .
2 - العيب إذا كان باطنا خفيا لا يعرفه إلا المختصون ( البيع بخيار العيب ) كالأطباء والبياطرة مثل وجع الكبد والطحال ونحوه , فإنه يثبت لممارسة حق الخصومة بشهادة رجلين مسلمين , أو رجل مسلم عدل من أهل الخبرة .
3 - العيب الذي لا يطلع عليه إلا النساء : يرجع القاضي فيه إلى قول النساء بعد أن يرين العيب , ولا يشترط العدد فيهن , بل يكفي قول امرأة واحدة عدل , والثنتان أحوط , لأن قول المرأة فيما لا يطلع عليه الرجال حجة في الشرع , كشهادة القابلة في النسب .
فإذا شهدت المرأة على العيب , فهناك روايات متعددة عن كل واحد من صاحبي أبي حنيفة , ومحصلها أن شهادة المرأة الواحدة أو الثنتين يثبت بها العيب الذي لا يطلع عليه الرجال في حق توجه الخصومة , لا في حق الرد .
4 - العيب الذي ليس بمشاهد عند الخصومة ولا يعرف إلا بالتجربة : كالإباق ( البيع بخيار العيب ) : فلا يثبت إلا بشهادة رجلين أو رجل وامرأتين .
وإذا لم يستطع المشتري إثبات العيب عنده , هل يستحلف القاضي البائع على ذلك أم لا ؟
قال الصاحبان : يستحلف . وقال أبو حنيفة : لا يستحلف .
وكيفية استحلاف البائع : هي أن يحلف على العلم , لا على البتات أي الجزم والقطع فيقول : بالله ما يعلم أن هذا العيب موجود في هذا الشيء الآن , والسبب في ذلك : هو أنه يحلف على غير فعله , ومن حلف على غير فعله , يحلف على العلم , لأنه لا علم له بما ليس بفعله , أما من حلف على فعل نفسه فيحلف على البتات ( أي بصيغة البت والجزم ) , فإن نكل أي البائع عن اليمين , ثبت العيب عند المشتري , فيثبت له حق الخصومة , وإن حلف برئ .

وراثة خيار العيب:
وخيار العيب يورث، فإذا مات من له هذا الخيار قبل أن يختار فسخ العقد أأو امضاءه قام وراثة مقامه في ذلك، ولا خلاف في هذا بين الفقهاء، إلا الحنفية يقولون إن هذا الحق يثبت للوارث ابتداء، وغيرهم يقولون يثبت للوارث بحكم الوراثة لأنه حق مالي، ولا يترتب على هذا الخلاف نتيجة عملية(1).







1-منهاج الصالحين للمجتهد السيد محسن الحكيم ج2 ص32.





المواضيع:

خيار العيب ....
تعريفه، والعقود التي يثبت فيها .................................................. ....................... 1
العيب الذي يثبت فيه الخيار .................................................. ...............................1
مشروعية خيلر العيب .................................................. .......................................... 1
حكمة تشريع خيار العيب .................................................. .................................... 2
وجوب الأعلان بالعيب وأدلته .................................................. ............................. 2
حكم البيع مع الكتمان .................................................. ....................................... 3
شروط ثيوت خيار العيب .................................................. ................................... 3
طرق أثبات العيب .................................................. ............................................ 4
وراثة خيار العيب .................................................. ............................................ 5



















المراجع:

1- مدخل لدراسة الشريعة الإسلامية، الدكتور عبد الكريم زيدان،موسسة الرسالة،2003.
2- موجزات عن الشريعة، دار البنان،2006- بيروت
3- موقع أهل الأسلام
4- موقع أنصار الرحمن

Hosam Hawamdeh
02-22-2009, 11:44 PM
مشكور أخي حمزة على الموضوع القيم ، لكنني أود الإشارة إلى أن الموضوع يتكلم عن خيار العيب في الشريعة الإسلامية الغراء التي يستمد منها القانون المدني الأردني أحكامه وليس عن خيار العيب كموضوع قانوني بحت يتكلم بالمواد القانونية .

شكرا حمزة