المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لحظة حقيقية (قصة حقيقية لفتاه)



محامي خلع
02-25-2009, 03:24 PM
شعُرتُ بنفسى ممدةٌ على فراشى .. يلفنى ألم قاتل .. أتألم .. أحاول البكاء .. علّ بكائى يُلهينى عن ألمى .. لكن عيناى تأبيان أن تطيعاانى .. وكأنهما تنتقمان منى ..

نعم .. كأنهما ينشدون الانتقام . فلطالما وددن البكاء ولو بصمت مطبق ولطالما أيضا ما خذلتهم .. وجعلت التماع الدمع فيهم كاذبا من الفرح ولطالما أجبرتهم على الابتسام بل والضحك بقوه حتى لا يهبط الدمع منهم. لطالما كنت قاسية عليهم وحان الوقت كيما منى ينتقمون.

خرجتُ من تفكيرى وحنقى من اباء عينيا للبكاء بوخزه شديده فعدت للتفكير فى الالم من جديد. ونظرت لنفسى فوجدتنى وحيده .. لا أحد معى الا الله .. لا أب ولا أم ... لا خالٍ ولا عم لا صديق ولا حبيب. الجميع غادرنى وحيده مع عبثى ومحاولاتى الفاشله للبكاء.

تذكرت أمى .. لطالما أحببت تلك الكلمه .. أُم .. كم أتمنى أن أصير أماً .. كم تتوق أحشائى لحمل وليدى والشعور به ينمو ويكبر ويتحرك ويطلب الاذن بالخروج ويخرج وينمو ويكبر و.... مهلا.. لماذا أتحدث عن ذلك الان؟؟ الاجدى بى أن أبحث عن شئ يخفف من حدة ذلك الالم.

أبحث حولى عن المسكن فاجده بعيدا عن متناول يدى ولا أستطيع النهوض .. حاولت عبثا مدّ يدى تكرارا علّها تطوله ولكنها كانت محاولة أخرى باءت بالفشل .. وكأن جسمى قد أعلن العصيان علىّ.

وتذكرت أمى ثانية .. يالله .. كم اشتقت اليها ... كم أتوق الى أن تضع يدها الحنونه على جبهتى وتتلو على من آى الذكر الحكيم .. ولكنه مجرد حلم .. فأمى الان فى مكان بعيد... أاااهٍ .. ما اقسى المسافات والحدود.

عدُتُ ثانيةً لألمى ووددتُ الصُراخ .. النداء على المجهول .. أردتُ أن أمُدَ يدى لكسر الحائط بجوارى علّ الهواء يدخل للحجره ويسمح لى بتنفسه .. ولكنها كانت محاولةٌ أُخرى فاشله انضمت لسابقيها معلنةً معها يداى ولسانى العصيان على ورفض أوامرى. ياااه .. ما أصعب الشعور بالألم والأصعب منه حالة العصيان تلك التى يعيشها جسدى عليّ.

تَرَكتُنى مرتخيه على السرير وأرحت رأسى على الوساده وضَممتُ يداى الى صدرى وكأنى بهما أحمينى من شئ مجهول أشعر بوجوده حولى وان كنت لا أدركه ببصرى. وحَمَدتُ الله أن رأسى وظهرى ويداى لم يعصيانى هذه المره ـ محاوله ناجحه سبقتها ثلاثٌ فاشلات.

بدأت أشعر ببروده شديده فى قدميا .. وبدا وكأن الدماء تغادرها لتصعد الى بطنى فخاصرتى وصدرى .. ومع صعود الدماء يزداد الالم لاعلى ويخف من أسفل.

الأن لا أشعر بقدمى أو خاصرتى أو صدرى ... الان أشعر بحلقى .. يا الهى !!! ما هذه المرارة به؟؟ افسحوا الطريق .. أريد استنشاق الهواء .. على من أنادى ؟؟ أنا وحدى .. يا الله .. ما هذا الزحام الذى أشعر به؟

فقت من تساؤلى باذدياد مرارة حلقى ورددت.. ( لا اله الا انت سبحانك انى كنت من الظالمين .. أستغفر الله واشهد ان لا اله الا هو وان محمدا بن عبد الله نبيه ورسوله .. رضيت بالله ربا وبالاسلام دينا .. اللهم امتنا وانت راض عنا) وكأن حديثى ومناجاتى لربى قد اذابت المرارة من حلقى.

نعم لم أعد أشعر بتلك المراره .. بل لم أعد أشعر باى شئ .. لقد ذهب الالم وسكنت روحى و ... وجسدى.

علم أهلى بالخبر وجاء أبى .. جاء باكيا منتحباً .. جاء وكأن ألم الدهر قد أنحل جسده وكأن مصائب الدنيا قد حطت على كاهله فأثقلتها وأحنته من ثقلها. مهلاً .. هناك صوت أسمعه .. انى أعرف هذا الصوت .. أوااه حبيبى وألف ااه.. لا تبكِ .. فغدا نلتقى .. سأنتظرك فلا تخف .. انت لى وانا لك ... فقط اختلف الزمان والمكان .. كفاكَ بُكاءً أرجوك فدمعك يمزقنى. ليت يدايا تُطاوعاننى فأضمك وأبى .. ولكن هيهاات.

ماذا يحدث الان؟ انى أشم رائحة بلدى .. انى أشم رائحة البحر .. أشم هواؤه الرطب .. يا الله !! اننى فى بيتى .. نعم .. وهذه أمى لا تكاد تقدر على الوقوف وهذا أخى وهذه أختى .. جميعهم باكون .. ذاهلون .. جميعهم لا يصدقون. بربى لما تبكون .. بكاؤكم يمزقنى .. يا الله أعِد الىّ روحى ثانية فقط للحظه .. أود أن أطفئ نار شوقى فى أحضانهم.. ولكن هيهات هيهات .. فاذا جاء أجلهم لا يستقدمون ساعة ولا يستأخرون.

قامت أمى من مجلسها مستندةً على زندَّى أخى وأختى وكأنها تتأكد أنهما ما زالا معها علَّهما يصبرونها على فراقى. وأتجهت ناحيتى .. انى أراها رغم هذا الغطاء على رأسى .. ورفعت الغطاء ووضعت يدها الحنونه على جبهتى وتلت أيااتٍ من الذكر الحكيم. أمى؟ أتعلمين أنكِ بذلك قد حققتى أمنيتى؟؟ أتعلمين أنى الان سعيده؟؟ يا الله .. لطالما كنت رحيما بنا. وفجأه ارتمت أمى على صدرى و ....... و أجهشت بالبكاء.

يا رحيم يا الله.. هى الوحيده التى لم يؤرقنى دمعُها .. بل هبط على صدرى ليطفئ نار شوقى اليها .. دموعها الساخنه على وجهى جعلتنى أشعر بنار شوقى تخمد رويدا رويدا.

دعوها .. انى لا أريدها ان ترفع رأسها عن صدرى .. دعوها بالله عليكم ولكن حقاً لا حياة لمن تنادى .. فانا ميته وهيهات ان كان للموتى صوت له يسمعون. وأسدلوا الغطاء ثانية وعادت أمى لموقعها وهى تأخذ أحفادها فى حضنها وكأنها تسألهم عنى .. عسى الاطفال ببرائتهم يشعرون باحساسى ويخبرونها به.

ماذا حدث؟؟ أشعر بهواء بارد وظلام حالك .. الى أين تذهبون بى؟؟ أه.. انه بيتى الجديد ـ انه قبرى ـ تُرى كيف سيكون شكله؟

أعد أخى بيديه لى مكانى الجديد وصف اللبن فوقى ولحدنى وأهال التراب على وهو يبكى .. و .... ورحل ومضوا جميعا عنى .. أكاد أسمع صوت خطواتهم يبتعد .. وبدأت أرتعب .. نعم .. فقد انشق القبر وخرج اثنان يسألانى .. هل هؤلاء هم منكر ونكير؟؟

من أنت .. من ربك ؟؟ ما دينك؟؟ ومن نبيك ورسولك؟؟؟

ربى ؟؟ دينى ؟؟ نبيى؟؟ يا الهى .. كنت اتذكرهم .. كنت ارددهم دائما .. كان هناك شئ أقوله قبل موتى .. ما هو؟؟ الا من مساعد ؟؟ ألا من منقذ ؟؟
يا الله .. تذكرت .. تذكرت .. ربى الله ودينى الاسلام ومحمد ابن عبد الله رسولى ونبيى .. نعم نعم ... أشهد ان لا اله الا الله وأشهد ان محمدا رسول الله.

قال لى أحدهم .. أنقذتكى دعواكى فى الدنيا
فقلت .. أى دعوه
فقال .. اللهم يا مقلب القلوب .... ثبت قلبى على دينك

(الحمد لله) .. نطقتها لاهثة ثم أمروا ففتحوا فى قبرى فرأيت ما يشيب لهوله الولدان .. رأيتهم يجذبون الناس بقسوه وغلظه ويشدوا وثاقهم ويدقون رؤوسهم بحجر شديد فتتفتت الرأس لتتجمع من جديد ليلقوا عليها بالحجر مرة أخرى.

يا الله !!! ما هذا !!! الم اجب بان ربى الله ودينى الاسلام ونبيى محمد وكتابى القرأن ... دعونى .. دعونى .. لا تجذبونى هكذا .. دعووووونى.

فقالوا لى وهم يجذبونى بشده وغلظه كالسابقين (نعم) ... علمتِ ان ربك الله وعصيتيه وعلمتى بما نهاكى عنه واتيتيه .. ثم علمتى بذنبك فلم تستغفريه .

صرخت باكية .. دعونى .. لا أريد العذاب .. دعونى , وحاولت عابثة الافلات منهم ولكن هيهيات فقد فات الاوان حان الوقت للاستسلام . وظلوا يجذبونى على وجهى وانا أحاول الرجوع محاولة عابثة الامساك بشئ اى شئ قد يحول بينى وبين الوصول لمكانى وسط من يعذبون ... وظللت أصرخ دعونى دعوووووونى حتى سمعت صوت يقول دعوها فدعونى على الفور.
يا الله !! أحقاً قد تركونى !! والتفت ذاهلة لا أكاد أصدق انهم تركونى فاذا بشيخ جميل المرأى يشع وجهه نور لو فُتح قبرى لحظتها لاضاء الدنيا بما فيها .. فاقتربت منه وسألته .. من أنت؟ فاجاب .. أنا قرأنك يا فتاة قد شفعنى فيكى ربى وشفع لكِ. وسأصطحبك فى قبرك حتى أضيئه لكِ وأمر فاذا بباب يفتح ورأيت ما يشيب لهوله الولدان .. رأيت مقعد من ناار وكدت ان اسقط مغشيا على عندما قال .. هذا مقعدكِ فى النار .. ولكن قبل أن يحدث لى ذلك أمر فاغلق وفتح باب أخر سكنتنى الطمأنينه عندما رأيته من شدةِ جماالِ وروعةِ ما أراه . وسمعته يقول وهذا مقعدك فى الجنه .. قد أبدلكِ الله اياه بعد أن غفر لكِ.

رحمـــاك ربي لا إلـه إلا أنت سبحانك أني كنت من الظالمين

دينا احمد
02-25-2009, 04:59 PM
قصة رائعة جدا
شكرا جزيلا اللهم يا مقلب القلوب ...... ثبت قلبي على دينك

GLADIATOR 89
02-25-2009, 08:56 PM
قصة جميلة جدا وفيها عبرة لكل انسان الا وهو الخوف من عذاب الآخرة
فعمل لآخرتك قبل ان يفوت الأوان فلا تعلم متى تموت

أحمد أبو زنط
02-25-2009, 09:02 PM
شكرا على هذه القصة التي تحمل في طياتها عبرة

ALA'A ALHADIDI
02-12-2011, 11:06 PM
اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك

آمييييييين يا رب