المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الامتداد القانوني لعقد الايجار



Essa Amawi
03-21-2010, 09:51 PM
القاضي وليد كناكرية


عقد الإيجار هو من عقود المنفعة تحكمه القواعد العامة للعقود بشكل عام إضافةً للقواعد الخاصة بعقد الإيجار المنصوص عليها في القانون المدني .
والعقد بشكل عام هو ارتباط الإيجاب الصادر عن أحد المتعاقدين بقبول الآخر وتوافقهما على وجه يثبت أثره في المعقود عليه ويترتب عليه التزام كل منهما بما وجب عليه للآخر 1 .
والتأجير هو تمليك المؤجر للمستأجر منفعة موجودة من الشيء المؤجر لمدة معينة لقاء عوض معلوم 2. أما المعقود عليه في الإجارة هو المنفعة ويتحقق تسليمها بتسليم محلها 3.
ويتبين من تعريف عقد الإيجار ان أركان الإيجار هي: العين المؤجرة ،الاجرة ،المدة .
ويلاحظ ان الركنين الأخيرين متقابلان ويترتب على ذلك ان الإيجار عقد مستمر ، والاجرة فيه تقابل مدة الانتفاع وعقد الإيجار من العقود الزمنية لان الزمن عنصر جوهري فيه فيكون هو المقياس الذي يقدر به محل العقد ، فهو يرد على المنفعة ، والزمن هو الذي يحدد مقدار هذه المنفعة0

لهذا فان تحديد مدة عقد الإيجار ركن من أركان العقد ، حيث نصت المادة 658 من القانون المدني على أن " عقد التأجير يتم لمدة معينة " كذلك فقد أوجبت تلك النصوص على أنه يجب أن تكون مدة الإجارة معلومة ولا يجوز أن تتجاوز ثلاثين عاماً فإذا عقدت لمدة أطول ردت إلى ثلاثين عاماً 5.

وإذا لم تحدد مدة بعقد الإيجار وقد جرى العقد بأجرة معينة لكل وحدة زمنية انعقد لازماً على وحدة زمنية واحدة ولكل من الطرفين فسخه في نهايتها ، وكلما دخلت وحدة أخرى والطرفان ساكتان تجدد العقد لازماً عليها 6 وينتهي عقد الإيجار بانتهاء المدة المحددة في العقد ما لم يشترط تجديده تلقائياً 7.

وعند انقضاء مدة عقد الإيجار ولم يتم تجديده يتعين على المستأجر رد المأجور إلى المؤجر بالحالة التي تسلمه بها 8.
أما إذا أبقاه تحت يده دون حق كان ملزماً بأن يدفع للمؤجر أجر المثل مع ضمان الضرر 9.
وكذلك إذا استعمل المستأجر المأجور بدون حق بعد انقضاء مدة الإيجار يلزمه أجر المثل عن مدة الاستعمال ويضمن للمؤجر فوق ذلك ما يطرأ على المأجور من ضرر 10.
أما إذا انتهى عقد الإيجار وبقي المستأجر منتفعاً بالمأجور برضى المؤجر الصريح أو الضمني اعتبر العقد مجدداً بشروطه الأولى 11.
مما تقدم يتضح بأن الأصل " العقد شريعة المتعاقدين " وان عقد الإيجار هو تمليك منفعة لمدة معينة لقاء عوض معلوم مما يقتضي معه إنهاء العقد عند انتهاء مدته
إلا أن المشرع الأردني وفي عام 1953 تدخل لحماية المستأجر ووضع نصوصاً في قانون المالكين والمستأجرين لعام 1953 تضمن خروجاً على القواعد العامة للعقود ، حيث أعطى المستأجر الحق في الاستمرار في إشغال المأجور بعد انتهاء مدة إجارته العقدية بالرغم من كل اتفاق مخالف 12 حيث نصت المادة الخامسة منه على أنه إذا استمر المستأجر في إشغال العقار بموجب ذلك القانون بعد انتهاء مدة إجارته فإن أحكام العقد وشروطه تبقى سارية على المالك والمستأجر وذلك بالقدر الذي يمكن تطبيق تلك الأحكام والشروط عليها وهو ما يسمى بالامتداد القانوني لعقد الإيجار ، إذ أن العقد يستمر والإيجار يمتد امتداداً قانونياً بحكم القانون وبالشروط السابقة إذا لم يتوافر سبب من أسباب إخلاء المأجور 13 .

ووفق تلك المادة فإن للمستأجر الحق في الاستمرار في إشغال المأجور حتى ولو وجد نص في عقد الإيجار يقضي بتحديد مدة عقد الإيجار ، إذ أن القانون أقوى من العقد .
ولا شك أن تدخل المشرع في تلك الأثناء و إعطاء الحماية للمستأجر هو أمر اقتضته الأحوال الاجتماعية والاقتصادية التي تعرضت لها المملكة في تلك الأثناء والتي جعلت المشرع يتدخل لحماية المستأجر 14 بهدف تأمين استقراره في العقار الذي يشغله 15 .
الا اننا نجد ان تدخل المشرع هذا قد أمن استقرار المستأجر بإبقائه في المأجور خلافاً للقواعد العامة رغم إرادة المؤجر وإعطاءه مثل هذا الحق بنفس الأجرة المتفق عليها عند إبرام العقد .
لكن في عام 2000 و بموجب القانون رقم 30 لسنة 2000 المعدل لقانون المالكين والمستأجرين رقم 16 لسنة 1994 عاد المشرع وألغى تدخله في إرادة المتعاقدين بالنسبة للعقود التي تبرم بعد سريان التعديل الجديد حيث أخضعها للأحكام العامة للعقود بشكل عام وعقد الإيجار بشكل خاص 0
حيث نصت المادة الخامسة منه على ان تلك العقود تحكمها شروط العقد المتفق عليه سواء أكان العقار مخصصاً للسكن أو لغيره وينقضي عقد الإيجار بانتهاء المدة المتفق عليها ، وبناء على هذا التعديل لم تعد هناك مشكلة في كافة العقود التي نشأت او ستنشأ بعد تطبيق قانون عام 2000, لأن المواطنين أصبحوا يدركون إيجابيات وسلبيات طول أو قصر المدة التي يتفقون عليها الامر الذي يعني ان الخلافات المستقبلية لهذه العقود قد حسمت 0
. إلا أن ذلك القانون قد أبقى الحماية قائمة على العقود القديمة التي أبرمت قبل 31/8/2000 وهو تاريخ سريان تعديل قانون المالكين والمستأجرين 18 بحيث يستمر المستأجر في إشغال المأجور حتى 31/12/2010على ان تنتهي تلك العقود في التاريخ المشار اليه0
وبموجب التعديل الأخير للقانون فأنه يترتب على انتهاء مدة عقد الإيجار التزام المستأجر برد المأجور للمؤجر سنداً للمادة 658 مدني ، بحيث يجب رد العين المؤجرة بانتهاء العقد ايا كان سبب انتهائه فيستوي أن يكون الانتهاء بانتهاء المدة المتفق عليها للعقود التي أبرمت بعد سريان التعديل الأخير أو انتهاء المدة المحددة بنص القانون وهي لغاية 31/12/2010 أو انتهاء العقد قبل انقضاء مدته سواء بفسخه لعدم وفاء احد الطرفين بالتزامه أو لأي سبب أخر 0
إلا ان إنهاء العقود القديمة جميعها مرة واحدة وبيوم واحد بالشكل المنصوص عليه في المادة الخامسة من القانون الحالي سوف يحدث بلا شك انعكاسات اقتصادية وإبعاد اجتماعية نتيجة المنازعات التي ستحدث بين طرفي العقد ، إذ ان تلك العقود تتعلق إما بمحل عمل المستأجر أو محل سكناه وكلاهما من الأمور التي لا يستغني عنها أي فرد ، ولذلك ستنشأ خلافات عميقة بين المواطنين وقد تشتد حدتها وما يتبع هذه الحدة من تصرفات نتيجة شعور المستأجرين بأن لقمة عيشهم ووسائل اكتساب معيشتهم أصبحت مهددة نتيجة مطالبة المالك بتسليم المأجور ، وشعور المالك في الوقت نفسه بأنه قد حان الوقت لاسترداد حقه الذي كان المشرع يمنعه من استرداده طيلة السنوات الماضية (وهو حق للمالك لا ينكره أحد) 0
ومن هنا كانت دعوة جلالة الملك عبد الله ابن الحسين في خطاب العرش السامي بمناسبة افتتاح الدورة العادية لمجلس الأمة الخامس عشر لإجراء حوار ايجابي حول هذا القانون للخروج بحلول تراعي الأمن الاجتماعي والعدالة هي دعوة تستحق كل الشكر والتقدير ، الأمر الذي يتوجب معه إعادة النظر في المادة الخامسة من قانون المالكين والمستأجرين لوضع حلول يتم من خلالها تحقيق التوازن بين طرفي عقد الإيجار ، الا إنني أرى انه ينبغي مراعاة بعض الحقائق الهامة التالية :

1) أن وضع حلول مؤقتة بالنسبة للعقود القديمة0 او تأجيل تنفيذ المادة الخامسة من قانون المالكين والمستأجرين التي تعتبر عقود الإيجار المبرمة قبل 31/8/2000 منتهية بتاريخ 31/12/2010 كما يقترح البعض ليس حلا للمشكلة القائمة حول عقود الإيجار القديمة وإنما هو تأجيلا قد يزيد من حجم المشكلة 0
2) إن الظروف التي من اجلها تدخل المشرع عام 1953 لحماية المستأجر والتدخل في إرادة المتعاقدين لم تعد قائمة في الوقت الحالي 0
3) لابد من وضع حلول عملية تساعد في حل المشكلة القائمة تدريجيا بحيث نصل إلى مرحلة في المستقبل تنتهي فيها تلك المشكلة ويصبح العقد شريعة المتعاقدين ، دون إن يتطلب الأمر تدخل المشرع كل فترة لوضع حلول جديدة لتحقيق التوازن 0
4) ان إعطاء المستأجر الحق في إشغال المأجور إلى ما لانهاية وان يستمر ورثته من بعده في إشغال المأجور ومن ثم ورثة ورثته وهكذا إلى ما لانهاية بذات شروط العقد هو أمر لايقبله شرع او دين ، ويخالف طبيعة عقد الإيجار باعتباره عقد منفعة لمدة معلومة وليس عقد من عقود الملكية لهذا ينبغي تفعيل إحكام المادة 671 من القانون المدني التي لا تجيز ان تتجاوز مدة الايجارة عن ثلاثين عاما ، وذلك حفاظا على الملكية التي هي حق للمالك لا يجوز المساس بها 0
5) لا يجوز النظر لأي من طرفي عقد الإيجار بأنه الطرف الأقوى فأن كان المالك في بعض الحالات هو الطرف القوي فأن هناك حالات أخرى يكون العكس هو الصحيح ، لهذا ينبغي النظر للطرفين بصورة عادلة متوازنة ومراعاة ظروف ومصالح كل منهما ما امكن 0
6) ينبغي التفرقة بين العقارات المؤجرة لغايات السكن وتلك المؤجرة لغايات تجارية أو لغايات أخرى إذ ان الضرر الذي يصيب المستأجر لغايات سكنية عند إخلائه للمأجور ان وجد ليس بحجم الضرر الذي يصيب التاجر و شهرته التجارية التي اكتسبها خلال سنوات إشغاله للمأجور ، كما ان هناك عقارات مؤجرة لغايات أخرى ، كالمدارس والجامعات والمستشفيات مراكز الطبية وان الضرر الذي يصيب المجتمع نتيجة إنهاء عقودها أكثر من الضرر الذي يصيب احد طرفي عقد الإيجار 0
7) ينبغي مراعاة الظروف الاقتصادية والاجتماعية الحالية ومن ضمنها ارتفاع بدلات الايجار0
8) لا يمكن ترك الأمر لطرفي العقد للاتفاق على بدل الإيجار الجديد للعقارات التي تنتهي في 13/12/2010 إذ أن ذلك سوف يؤدي للغلو بالمطالبة بأجور خيالية أو المطالبة بإخلاء المأجور وخاصة في الأماكن التجارية والصناعية الحساسة للحصول على بدل خلو جديد بالرغم ان المستأجر كان قد دفع بدل خلو و مستعد بأن يدفع أجر المثل السائد في المكان والموقع مقابل أن يبقى في مكانه الذي اشتهر فيه وعاش فيه معظم عمره0
9) كثير من المالكين لغايات تجارية قبضوا من المستأجر مبالغ كبيرة كبدل خلو وقبلوا التأجير في ظل قانون كان يجيز للمستأجر الاستمرار في إشغال المأجور0
10) ان المنازعات المتوقعة بين طرفي العقد والتي لن تقتصر على قضايا رد او إخلاء المأجور بل قد يتعدى الأمر إلى أنواع مختلفة ومتعددة من النزاعات مما سيزيد من عبء تراكم القضايا امام المحاكم 0


الاقتراحات والحلول
مع مراعاة جميع الحقائق التي سبق ذكرها ، ولما كانت القوانين تشرع عادة لتنظيم أمور عامة الناس ولا يمكن تلبية المطالب الخاصة فأنني ومن باب المشاركة في الحوار الذي دعا له جلالة الملك المفدى ومن وجهة نظر شخصية لا تعبرعن وجهة نظر أي جهة كانت فأنني اطرح هذه الحلول والاقتراحات للدراسة والنقاش لغايات تحقيق التوازن بين طرفي عقد الإيجار املا ان تسهم في منع حدوث شرخ اجتماعي داخل أبناء المجتمع الواحد , للمحافظة على تلاحم وتكافل أبناء المجتمع وهو ما يميز أبناء المجتمع الأردني عن غيرهم من المجتمعات والبلدان مقترحا تعديل المادة الخامسة من قانون المالكين والمستأجرين لتصبح كما يلي :
1) تنتهي عقود الايجار لغايات السكن بمضي مدة ثلاثين عاما على بداية الإجارة ما لم يتم اتفاق أخر بين المالك والمستأجر يقضي بإبرام عقد جديد ، على ان يلزم المستأجر بدفع بدل الإيجار المبين بالعقد إضافة إلى ما نسبته 100% من بدل الإيجار المذكور كأجر مثل يستحق اعتبارا من تاريخ سريان هذا التعديل وحتى تسليم المأجورللمالك0
2) أما عقود الإيجار المؤجرة لغايات أخرى ( لغايات تجارية واخرى) والتي مضى عليها ثلاثون عاما على بداية الايجارة ، يحق للمستأجر الاستمرار في إشغال المأجور على الرغم من أي اتفاق مخالف على ان يعدل بدل الإيجار فيها ليصبح ما يعادل اجر المثل في المنطقة التي يقع فيها المأجور على ان يراعى في احتساب بدل الإيجار إجمالي اجر المثل في منطقة المأجور خلال السنوات الخمس الأخيرة قبل سريان إحكام هذا التعديل 0
وفي حال عدم الاتفاق على الأجر فللمالك أو المستأجر الحق في اللجوء للمحكمة المختصة لتحديد بدل الإيجار 0
3) أما عقود الإيجار الأخرى والتي م تتجاوز مدة الإيجار فيها ثلاثين عاما يتم زيادة بدل الإيجار فيها بنسب متفاوت حسب المدة مضت على الايجارة ، بحيث تزداد تلك النسبة كلما زادت تلك المدة ، فان كانت نسبة الزيادة المقترحة على عقود الايجارة التي ابرمت خلال الفترة من 1/1/1990 حتى تاريخ 31 /8/ 2000 وهو التاريخ الذي اصبحت فيه العقود تخضع للمدة المتفق عليها بين طرفي العقد هي بواقع 30% او40% مثلا فينبغي ان تزداد تلك النسبة لتصبح 50% او 60% في العقود التي ابرمت خلال الفترة من 1/1/1980 حتى 31/12/1989 00 وهكذا0
ب. أما عقود الإيجار التي انعقدت و تنعقد بعد نفاذ قانون عام 2000 فتحكمها شروط العقد المتفق عليه سواء أكان العقار مخصصا للسكن أو لغيره ، وينقضي عقد الإيجار بانتهاء المدة المتفق عليها .
الخلاصة:
ان هذه الحلول والاقتراحات وباعتقادي ترضي الغالبية من طرفي عقد الإيجار إذ يصبح بإمكان مالك المأجور لغايات سكنية استرداد عقاره بمجرد مضي مدة ثلاثون عاما على بداية الايجارة مما يمكنه من السكن فيه أو إسكان أبناءه أو احد أقاربه أو اختيار الجار المناسب ( وهو حق ينبغي أن لا ينازعه عليه احد) ، وهكذا ستنتهي عقود الإيجار السكنية بصورة تدريجية وعلى مراحل (بدلا من إنهائها مرة واحدة في يوم واحد ) حتى نصل لمرحلة إنهاء جميع العقود السكنية ، عندها يصبح العقد شريعة المتعاقدين لجميع العقود السكنية ، ولحين انتهاء تلك العقود فان الاقتراحات تتضمن زيادة بدل الإيجار لتلك العقارات بنسب مختلفة 0
أما العقارات المؤجرة لغايات تجارية و أخرى والتي مضى مدة ثلاثون عاما على بداية الايجارة فان هذه الاقتراحات تمكن المالك من استثمار عقاره من خلال قيام المستأجر بدفع اجر المثل ، كما تمكن المستأجر لغايات تجارية و أخرى من المحافظة على سمعته وشهرته التجارية ، من خلال التزامه بدفع بدل اجر المثل (بما يعادل اجر المثل السنوي عن الخمس سنوات الأخيرة ) وهكذا كل خمس سنوات يتم يتم إعادة تقدير اجر المثل ، أما العقود التي لم يمضى على بداية الايجارة فيها ثلاثون عاما فيتم زيادة أجورها لحين انتهاء تلك المدة0

و أخيرا ينبغي تفعيل التأجير التمويلي وتشجيع الاستثمار في هذا القطاع بحيث يتمكن المستأجر مستقبلا من تملك العقار الذي يستأجره إذا ما التزم بدفع إقساط الإيجار طيلة مدة التأجير.