Essa Amawi
04-11-2010, 07:30 PM
مقـــدمة.
المبحث الأول : الوفاء بالكمبيالة والسند لأمر.
المطلب الأول : شروط صحة الوفاء،إثباته وآثاره.
المطلب الثاني:التعرض على الوفاء، والوفاء عن طريق التدخل.
المبحث الثاني: الشيك في القانون التجاري الجزائري.
المطلب الأول : تعريف الشيك و إنشاؤه و مميزاته.
المطلب الثاني: تداول الشيك و والوفاء به.
الخـــاتمة.
مقــدمة:
من المعلوم أن الورقة التجارية تنشئ التزاما على محررها بدفع قيمتها بنفسه إلى المستفيد أو الحامل-إذا كان سندا لأمر-،أو بإحالته إلى طرف آخر مدين للمحرر بهذه القيمة هو البنك-في الشيك-،أو التاجر-في الكمبيالة- .وبمقتضى هذه الحوالة يصبح المحال عليه مدينا للمحال بقيمة الورقة، وعليه الوفاء بهذه القيمة في ذمته للمحرر أو المحيل، وإلا كان من حق الحامل أن يرفع الأمر للقضاء لإجباره على الوفاء والمطالبة بالتعويض عن الأضرار الناشئة بامتناعه عن الأداء الودي، طبقا لإجراءات معينة حددتها القوانين التجارية.
وفي ذلك تتشابه أحكام الوفاء بالدين في الأوراق التجارية مع القواعد العامة للوفاء بالديون،إلا أن القوانين المعاصرة قد شددت الجزاء على الامتناع عن الوفاء بقيمة الأوراق التجارية، واهتمت بعامل السرعة في هذا الوفاء مراعاة لمتطلبات العمل التجاري،وتأمينا لتداول هذه الأوراق والثقة فيها.
ولذلك ربطت هذه القوانين الدين على نحو عام بالورقة نفسها بدلا من ربطه بالسبب الذي أنشأه،وحكمت بصحة الوفاء بالدين و بأدائه إلى الحامل دون تكليف بالبحث في أسباب ملكية هذه الورقة.
وبدراسة موضوع الوفاء تتبادر إلى الذهن مجموعة من الأسئلة بعضها مرتبط بشروط صحة الوفاء وكيفية إثباته وآثاره، وأخرى تتعلق بالمعارضة فيه.
المبحث الأول : الوفاء بالكمبيالة والسند لأمر.
يقصد بالوفاء بالكمبيالة والسند لأمر دفع المبلغ الثابت في الورقة التجارية للحامل في معاد الاستحقاق.
وتقديم الورق التجارية للوفاء يتطلب توفر مجموعة من الشروط التي تهم تقديم الورقة التجارية للوفاء ، ثم إن لهذا الوفاء آثارا تترتب في علاقة الأشخاص المرتبطين من خلال الورقة التجارية مع ضرورة إثباته أحيانا.
المطلب الأول : شروط صحة الوفاء،إثباته وآثاره.
من خلال هذا المطلب سنتطرق لشروط صحة الوفاء (الفقرة الأولى). على أن نخصص (الفقرة الثانية) لدراسة إثبات الوفاء وآثاره.
الفقرة الأولى : شروط صحة الوفاء
أولا : زمان ومكان الوفاء
(1 زمان الوفاء :
من خلال استقرائنا يتضح لنا أن المشرع الجزائرى حدد الوقت الذي يجب فيه على حامل الكمبيالة أو السند لأمر أن يطالب الوفاء بمبلغها.و لم يتطرف إلى الكمبيالة الواجبة الوفاء لمجرد الإطلاع وذلك راجع إلى أنها تكون واجبة الأداء بمجرد تقديمها، علما أن التقديم يجب أن يتم في ظرف سنة من تاريخ تحريرها ما لم ينقص أو يزيد الساحب في هذا الأجل أو ينقص منه المظهرون.
ولا تجوز المطالبة بالوفاء بالكمبيالة إذ صادف تاريخ استحقاقها يوم عطلة قانونية إلا في أول يوم عمل موال.أما أيام العطل التي تتخلل الأجل تعتبر داخلة في حسابه.
أضف إلى ذلك أنه لا يدخل اليوم الأول والأخير ضمن الآجال القانونية أو الاتفاقية، مما يعني أنه إذا أهمل الحامل في تقديم الكمبيالة للوفاء بها اعتمادا إلى ما سبق ذكره فإنه لا يمنح أي إمهال قانوني أو قضائي إلا في الأحوال المنصوص عليها حسب المشرع الجزائرى.
(2 مكان الوفاء
تقدم الكمبيالة للوفاء مبدئيا في المكان أو الموطن المذكور ضمن البيانات الإلزامية. فإن لم يذكر مكان الوفاء اعتبر المكان المذكور إلى الجانب المسحوب عليه هو مكان الوفاء وموطن المسحوب عليه ما لم يرد في السند خلاف ذلك.
وإذا لم يعين مكان بجانب اسم المسحوب عليه يعتبر مكانا للوفاء المكان الذي يزاول فيه نشاطه إن كان تاجرا، أو موطنه إن لم يكن تاجرا، فإن لم يعين مكان للوفاء، ولم يكن هناك مكان مبين بجانب اسم المسحوب عليه، ولم يكن له مكان يزاول فيه نشاطه، ولم يكن له موطن، كانت الكمبيالة باطلة.
ويمكن أن يعين محل مختار للوفاء إن تضمنت الكمبيالة بيان الوفاء في محل مختار .ولا يلزم الغير بالوفاء بالكمبيالة الموطنة لديه إلا بأمر كتابي من المسحوب عليه ، فإن وقع الوفاء من قبل الغير دون الأمر المكتوب تحمل تبعة مسؤولية ذلك.
ويمكن أن يقع الوفاء في موطن القابل بالتدخل أو الواسطة أو في موطن الموفي الاحتياطي، أو في إحدى غرف المقاصة.
ثانيا : موضوع وطريقة الوفاء :
يلتزم المدين في الورقة التجارية بالوفاء بمبلغ من النقود الذي يعتبر دائما محلا للوفاء تحت طائلة بطلان الكمبيالة ولما كان موضوع الكمبيالة مبلغا من النقود فإنه يثير بعض المشاكل فيما يخص العملة التي تختلف من بلد لآخر. لذلك أوجد المشرع الجزائرى في بعض الحلول تتمثل فيما يلي :
- إذا اشترط وفاء الكمبيالة بعملة غير متداولة في بلد الوفاء جاز وفاء مبلغها بعملة هذا البلد حسب قيمتها يوم الاستحقاق، غير أن المدين في حالة تأخره عن الوفاء يكون للحامل خيار المطالبة بمبلغ الكمبيالة حسب سعر عملة البلد يوم الاستحقاق أو يوم الوفاء.
- يُتًبع عرف بلد الوفاء في تعين قيمة العملة الأجنبية، ويمكن للساحب أن يشترط في الكمبيالة حصول الوفاء بعملة معينة حيث لا تطبق المقتضيات السالفة الذكر في هذه الحالة .
- وقد يحدث أن يعين مبلغ الكمبيالة بعملة تحمل اسما مشتركا تختلف قيمتها في بلد الإنشاء عن قيمتها في بلد الوفاء، في هذه الحالة يفترض أن الأداء يتم بعملة بلد الوفاء، مع مراعاة قوانين الصرف الجاري بها العمل يوم التقديم للوفاء.
- الأصل أن يتم الوفاء دفعة واحدة وفي هذه الحالة على المسحوب عليه أن يطلب تسليم الكمبيالة موقعا عليها بما يفيد هذا الوفاء، غير أن للمسحوب عليه أن يفرض على الحامل الأداء الجزئي، ولا يحق لهذا الأخير رفض الوفاء الجزئي وهنا على المسحوب عليه أن يطالب بإثبات هذا الوفاء على الكمبيالة وتسليمه توصيلا بما أداه.
- وإذا كان المبدأ أنه لا يجبر الدائن على تسلم شيء آخر غير النقود وإن كانت قيمة الشيء أعلى من القيمة المذكورة في الكمبيالة، غير أنه إذا ارتضى الدائن بقبول غير النقود فعندئذ يكون الوفاء – إذا توفرت شروط صحته- مبرئا لذمة المدين.
أماإذا رضي الحامل بتسليم الشيك على سبيل الوفاء بالكمبيالة فإنه يجب أن يعين في هذا الشيك عدد الكمبيالات الموفاة بهذه الكيفية وتاريخ استحقاقها.
فإذا لم يؤد الشيك وجب إبلاغ الاحتجاج لعدم وفائه إلى الموطن المعين لوفاء الكمبيالة ضمن الأجل المنصوص عليه.
ويتم الاحتجاج بعدم الوفاء بالشيك والتبليغ في إجراء واحد إلا إذا كان الاختصاص المحلي يستدعي تدخل كاتبين للضبط.
وإذا تلقى المسحوب عليه التبليغ ولم يؤد مبلغ الكمبيالة ومصاريف الاحتجاج بعدم وفاء الشيك ومصاريف التبليغ فعليه أن يرجع الكمبيالة للمأمور القائم بالإجراء، ويحرر هذا الأخير فورا احتجاجا بعدم وفاء الكمبيالة، وفي حالة رفض المسحوب عليه إرجاع الكمبيالة حرر في الحين محضر يثبت عدم الإرجاع، ويعفى بالتالي الحامل بالتقيد بإحكام المنصوص عليها قانونيا ، وعدم إرجاع الكمبيالة في هذه الحالة يشكل جريمة يعاقب عليها القانون الجنائي .
ثالثا:أشخاص عملية الوفاء :
1الأشخاص الملزمون بالوفاء :
- المسحوب عليه القابل: عند قبول المسحوب عليه الكمبيالة يصبح هذا الأخيرة ملتزما التزاما صرفيا بالوفاء في تاريخ الاستحقاق ، وبالتالي يكون هو الملزم الأول بأداء قيمتها، حيث يخول للحامل عند عدم الوفاء ولو كان الساحب ذاته، حق مطالبة المسحوب عليه القابل بدعوى مباشرة ناشئة عن الكمبيالة بكل ما تجوز المطالبة به.
- ويأتي بعده – المسحوب القابل – الشخص المختار للوفاء بها أو الموفي الاحتياطي في حالة رفض المسحوب عليه الوفاء.
- الساحب والمظهرون والضامنون: يكون جميع الموقعين على الكمبيالة ضامنين الوفاء بمبلغها للحامل عند امتناع المسحوب عليه عن الأداء، حيث يحق للحامل أن يوجه الدعوى ضد جميع هؤلاء الأشخاص فرادى أو جماعة دون أن يكون ملزما بإتباع الترتيب الذي صدر به التزامهم.
ولا تمنع الدعوى المقامة على أحد الملتزمين من إقامة الدعوى تجاه الآخرين ولو كانوا لاحقين لمن أقيمت عليه الدعوى أولا.
2الأشخاص المخول لهم حق قبض قيمة الكمبيالة :
لا يجوز أداء المبلغ الثابت بالكمبيالة إلا للحامل الشرعي أو وكيله وكذلك للمظهرة إليه توكيليا. وقد توفى أيضا للدائن المرتهن في حالة تظهير الكمبيالة على سبيل الرهن.
ويعد حاملا شرعيا، كل من أتيت حقه بواسطة سلسلة غير منقطعة من التظهيرات ولو كان التظهير الأخير على بياض. فلا يجبر الحامل على التخلي على الكمبيالة إلا إذا كان سيئ النية وحصل عليها نتيجة ذلك. علما أن المسحوب عليه غير ملزم بفحص صحة توقيعات المظهرين لكنه ملزم بالتأكد من انتظام تسلسل التظهيرات وسلامتها.
الفقرة الثانية:إثبات الوفاء وآثاره :
أولا : إثبات الوفاء :
جرت العادة بأن يدفع المدين قيمة الورقة لقاء استردادها من الحامل موقعا عليها بالتخالص، ولو أنه ترك السند في حيازة الدائن دون أن يطالبه برده وحدث أن تعرض للتظهير من قبل الدائن إلى شخص حسن النية لا يعلم بواقعة الوفاء، عندئذ قد يضطر المدين إلى الوفاء إلى الحامل الجديد مرة أخرى.
لأنه في حالة عدم استرداد الكمبيالة من الحامل لا تبرئ ذمة المسحوب عليه، وبالتالي يكون معرضا للوفاء مرة ثانية إذا عاد إليه الحامل حسن النية. وعلى المسحوب عليه أن يتأكد عند إقدامه على الوفاء أنه يوفي للحامل الشرعي وذلك بالاعتماد على انتظام تسلسل التوقيعات.
ويجوز للمسحوب عليه أن يوفي الكمبيالة جزئيا، غير أنه في هذه الحالة عليه أن يطالب بإثبات هذا الوفاء على الكمبيالة وبتسليمه توصيلا بما أداه.
وإذا كانت الوسيلتان السابقتان تعدان حجة قاطعة لا تقبل إثبات العكس فإن ذلك لا يعني أن المشرع اشترط إتباع هاتين الطريقتين إذ أن هناك الاختيار ومعنى ذلك أن المدين جاز له إثبات الوفاء بكل الوسائل المعمول بها في المجال التجاري، فعدم تسليم الكمبيالة موقعا عليها أو الوصل في الأداء الجزئي لا يفقد المدين حقه في إثبات الوفاء بها بحيث تعد قرينة بسيطة قابلة لإثبات العكس.
ثانيا:آثار الوفاء :
إذا تم الوفاء على الوجه الطبيعي من المسحوب عليه في ميعاد الاستحقاق للحامل الشرعي للكمبيالة، دون معارضة من أحد، فقد انتهت حياة الكمبيالة نهايتها الطبيعية، ذلك انه إذا دفع المدين قيمة الكمبيالة في ميعاد الاستحقاق للحامل الشرعي دون غش أو خطأ جسيم من جانبه ودون معارضة من أحد، برئت ذمته من الدين.
كما تبرئ ذمة جميع الموقعين على الكمبيالة إذا وفى المسحوب عليه الكمبيالة في تاريخ الاستحقاق، باستثناء ذمة الساحب التي لا تبرئ في مواجهة المسحوب عليه إلا إذا كان قد قدم له فعلا مقابل الوفاء.
وإذا قام احد المظهرين بالوفاء فإن ذمته تبرأ من الدين وله حق الرجوع على الملتزمين الذين يضمنونه.
وكذلك الأمر نفسه بالنسبة للضامن الاحتياطي حيث له أن يرجع بعد أدائه على المضمون والملزمين السابقين لهذا المضمون.
المطلب الثاني:التعرض على الوفاء، والوفاء عن طريق التدخل.
إن التعرض على الوفاء يثير إشكاليات كثيرة، الأمر الذي دفع بالمشرع الجزائرى إلى أن يحضره ويمنعه، ما عدا بعض الحالات الاستثنائية (الفقرة الأولى) كما أن للوفاء بالتدخل أهميته وشروطه (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى : التعرض على الوفاء
أولا : قاعدة حظر التعرض على الوفاء
إذا كان من الجائر مبدئيا للدائن في القانون المدني، أن يتعرض على الوفاء لمدينه، أو أن يقوم بإجراء حجز ما للمدين بين يدي الغير، وفقا لما ينص عليه القانون التجارى الجزائري مع مراعاة الاستثناءات المنصوص عليها ، فإن الأصل على العكس من ذلك فيما يتعلق بقانون الصرف، حيث أنه لا يجوز التعرض على وفاء المبلغ الثابت في الكمبيالة، ولا إيقاع حجز ما للمدين من طرف الدائنين الشخصيين للساحب لانتقال مقابل الوفاء لدى الغير المسحوب عليه، لما لمثل هذا التعرض من مناهضة ومنافاة لأهم القواعد التي تميز قانون الصرف، كالتداول، ووجوب الوفاء في تاريخ الاستحقاق والحرمان من الإهمال القضائي والقانوني.
على أن هذه القاعدة والمتمثلة في حظر التعرض على الوفاء ليست بقاعدة مطلقة. وإنما هي نسبية تخضع لاستثناءين مهمين نص عليهما المشرع.
المبحث الأول : الوفاء بالكمبيالة والسند لأمر.
المطلب الأول : شروط صحة الوفاء،إثباته وآثاره.
المطلب الثاني:التعرض على الوفاء، والوفاء عن طريق التدخل.
المبحث الثاني: الشيك في القانون التجاري الجزائري.
المطلب الأول : تعريف الشيك و إنشاؤه و مميزاته.
المطلب الثاني: تداول الشيك و والوفاء به.
الخـــاتمة.
مقــدمة:
من المعلوم أن الورقة التجارية تنشئ التزاما على محررها بدفع قيمتها بنفسه إلى المستفيد أو الحامل-إذا كان سندا لأمر-،أو بإحالته إلى طرف آخر مدين للمحرر بهذه القيمة هو البنك-في الشيك-،أو التاجر-في الكمبيالة- .وبمقتضى هذه الحوالة يصبح المحال عليه مدينا للمحال بقيمة الورقة، وعليه الوفاء بهذه القيمة في ذمته للمحرر أو المحيل، وإلا كان من حق الحامل أن يرفع الأمر للقضاء لإجباره على الوفاء والمطالبة بالتعويض عن الأضرار الناشئة بامتناعه عن الأداء الودي، طبقا لإجراءات معينة حددتها القوانين التجارية.
وفي ذلك تتشابه أحكام الوفاء بالدين في الأوراق التجارية مع القواعد العامة للوفاء بالديون،إلا أن القوانين المعاصرة قد شددت الجزاء على الامتناع عن الوفاء بقيمة الأوراق التجارية، واهتمت بعامل السرعة في هذا الوفاء مراعاة لمتطلبات العمل التجاري،وتأمينا لتداول هذه الأوراق والثقة فيها.
ولذلك ربطت هذه القوانين الدين على نحو عام بالورقة نفسها بدلا من ربطه بالسبب الذي أنشأه،وحكمت بصحة الوفاء بالدين و بأدائه إلى الحامل دون تكليف بالبحث في أسباب ملكية هذه الورقة.
وبدراسة موضوع الوفاء تتبادر إلى الذهن مجموعة من الأسئلة بعضها مرتبط بشروط صحة الوفاء وكيفية إثباته وآثاره، وأخرى تتعلق بالمعارضة فيه.
المبحث الأول : الوفاء بالكمبيالة والسند لأمر.
يقصد بالوفاء بالكمبيالة والسند لأمر دفع المبلغ الثابت في الورقة التجارية للحامل في معاد الاستحقاق.
وتقديم الورق التجارية للوفاء يتطلب توفر مجموعة من الشروط التي تهم تقديم الورقة التجارية للوفاء ، ثم إن لهذا الوفاء آثارا تترتب في علاقة الأشخاص المرتبطين من خلال الورقة التجارية مع ضرورة إثباته أحيانا.
المطلب الأول : شروط صحة الوفاء،إثباته وآثاره.
من خلال هذا المطلب سنتطرق لشروط صحة الوفاء (الفقرة الأولى). على أن نخصص (الفقرة الثانية) لدراسة إثبات الوفاء وآثاره.
الفقرة الأولى : شروط صحة الوفاء
أولا : زمان ومكان الوفاء
(1 زمان الوفاء :
من خلال استقرائنا يتضح لنا أن المشرع الجزائرى حدد الوقت الذي يجب فيه على حامل الكمبيالة أو السند لأمر أن يطالب الوفاء بمبلغها.و لم يتطرف إلى الكمبيالة الواجبة الوفاء لمجرد الإطلاع وذلك راجع إلى أنها تكون واجبة الأداء بمجرد تقديمها، علما أن التقديم يجب أن يتم في ظرف سنة من تاريخ تحريرها ما لم ينقص أو يزيد الساحب في هذا الأجل أو ينقص منه المظهرون.
ولا تجوز المطالبة بالوفاء بالكمبيالة إذ صادف تاريخ استحقاقها يوم عطلة قانونية إلا في أول يوم عمل موال.أما أيام العطل التي تتخلل الأجل تعتبر داخلة في حسابه.
أضف إلى ذلك أنه لا يدخل اليوم الأول والأخير ضمن الآجال القانونية أو الاتفاقية، مما يعني أنه إذا أهمل الحامل في تقديم الكمبيالة للوفاء بها اعتمادا إلى ما سبق ذكره فإنه لا يمنح أي إمهال قانوني أو قضائي إلا في الأحوال المنصوص عليها حسب المشرع الجزائرى.
(2 مكان الوفاء
تقدم الكمبيالة للوفاء مبدئيا في المكان أو الموطن المذكور ضمن البيانات الإلزامية. فإن لم يذكر مكان الوفاء اعتبر المكان المذكور إلى الجانب المسحوب عليه هو مكان الوفاء وموطن المسحوب عليه ما لم يرد في السند خلاف ذلك.
وإذا لم يعين مكان بجانب اسم المسحوب عليه يعتبر مكانا للوفاء المكان الذي يزاول فيه نشاطه إن كان تاجرا، أو موطنه إن لم يكن تاجرا، فإن لم يعين مكان للوفاء، ولم يكن هناك مكان مبين بجانب اسم المسحوب عليه، ولم يكن له مكان يزاول فيه نشاطه، ولم يكن له موطن، كانت الكمبيالة باطلة.
ويمكن أن يعين محل مختار للوفاء إن تضمنت الكمبيالة بيان الوفاء في محل مختار .ولا يلزم الغير بالوفاء بالكمبيالة الموطنة لديه إلا بأمر كتابي من المسحوب عليه ، فإن وقع الوفاء من قبل الغير دون الأمر المكتوب تحمل تبعة مسؤولية ذلك.
ويمكن أن يقع الوفاء في موطن القابل بالتدخل أو الواسطة أو في موطن الموفي الاحتياطي، أو في إحدى غرف المقاصة.
ثانيا : موضوع وطريقة الوفاء :
يلتزم المدين في الورقة التجارية بالوفاء بمبلغ من النقود الذي يعتبر دائما محلا للوفاء تحت طائلة بطلان الكمبيالة ولما كان موضوع الكمبيالة مبلغا من النقود فإنه يثير بعض المشاكل فيما يخص العملة التي تختلف من بلد لآخر. لذلك أوجد المشرع الجزائرى في بعض الحلول تتمثل فيما يلي :
- إذا اشترط وفاء الكمبيالة بعملة غير متداولة في بلد الوفاء جاز وفاء مبلغها بعملة هذا البلد حسب قيمتها يوم الاستحقاق، غير أن المدين في حالة تأخره عن الوفاء يكون للحامل خيار المطالبة بمبلغ الكمبيالة حسب سعر عملة البلد يوم الاستحقاق أو يوم الوفاء.
- يُتًبع عرف بلد الوفاء في تعين قيمة العملة الأجنبية، ويمكن للساحب أن يشترط في الكمبيالة حصول الوفاء بعملة معينة حيث لا تطبق المقتضيات السالفة الذكر في هذه الحالة .
- وقد يحدث أن يعين مبلغ الكمبيالة بعملة تحمل اسما مشتركا تختلف قيمتها في بلد الإنشاء عن قيمتها في بلد الوفاء، في هذه الحالة يفترض أن الأداء يتم بعملة بلد الوفاء، مع مراعاة قوانين الصرف الجاري بها العمل يوم التقديم للوفاء.
- الأصل أن يتم الوفاء دفعة واحدة وفي هذه الحالة على المسحوب عليه أن يطلب تسليم الكمبيالة موقعا عليها بما يفيد هذا الوفاء، غير أن للمسحوب عليه أن يفرض على الحامل الأداء الجزئي، ولا يحق لهذا الأخير رفض الوفاء الجزئي وهنا على المسحوب عليه أن يطالب بإثبات هذا الوفاء على الكمبيالة وتسليمه توصيلا بما أداه.
- وإذا كان المبدأ أنه لا يجبر الدائن على تسلم شيء آخر غير النقود وإن كانت قيمة الشيء أعلى من القيمة المذكورة في الكمبيالة، غير أنه إذا ارتضى الدائن بقبول غير النقود فعندئذ يكون الوفاء – إذا توفرت شروط صحته- مبرئا لذمة المدين.
أماإذا رضي الحامل بتسليم الشيك على سبيل الوفاء بالكمبيالة فإنه يجب أن يعين في هذا الشيك عدد الكمبيالات الموفاة بهذه الكيفية وتاريخ استحقاقها.
فإذا لم يؤد الشيك وجب إبلاغ الاحتجاج لعدم وفائه إلى الموطن المعين لوفاء الكمبيالة ضمن الأجل المنصوص عليه.
ويتم الاحتجاج بعدم الوفاء بالشيك والتبليغ في إجراء واحد إلا إذا كان الاختصاص المحلي يستدعي تدخل كاتبين للضبط.
وإذا تلقى المسحوب عليه التبليغ ولم يؤد مبلغ الكمبيالة ومصاريف الاحتجاج بعدم وفاء الشيك ومصاريف التبليغ فعليه أن يرجع الكمبيالة للمأمور القائم بالإجراء، ويحرر هذا الأخير فورا احتجاجا بعدم وفاء الكمبيالة، وفي حالة رفض المسحوب عليه إرجاع الكمبيالة حرر في الحين محضر يثبت عدم الإرجاع، ويعفى بالتالي الحامل بالتقيد بإحكام المنصوص عليها قانونيا ، وعدم إرجاع الكمبيالة في هذه الحالة يشكل جريمة يعاقب عليها القانون الجنائي .
ثالثا:أشخاص عملية الوفاء :
1الأشخاص الملزمون بالوفاء :
- المسحوب عليه القابل: عند قبول المسحوب عليه الكمبيالة يصبح هذا الأخيرة ملتزما التزاما صرفيا بالوفاء في تاريخ الاستحقاق ، وبالتالي يكون هو الملزم الأول بأداء قيمتها، حيث يخول للحامل عند عدم الوفاء ولو كان الساحب ذاته، حق مطالبة المسحوب عليه القابل بدعوى مباشرة ناشئة عن الكمبيالة بكل ما تجوز المطالبة به.
- ويأتي بعده – المسحوب القابل – الشخص المختار للوفاء بها أو الموفي الاحتياطي في حالة رفض المسحوب عليه الوفاء.
- الساحب والمظهرون والضامنون: يكون جميع الموقعين على الكمبيالة ضامنين الوفاء بمبلغها للحامل عند امتناع المسحوب عليه عن الأداء، حيث يحق للحامل أن يوجه الدعوى ضد جميع هؤلاء الأشخاص فرادى أو جماعة دون أن يكون ملزما بإتباع الترتيب الذي صدر به التزامهم.
ولا تمنع الدعوى المقامة على أحد الملتزمين من إقامة الدعوى تجاه الآخرين ولو كانوا لاحقين لمن أقيمت عليه الدعوى أولا.
2الأشخاص المخول لهم حق قبض قيمة الكمبيالة :
لا يجوز أداء المبلغ الثابت بالكمبيالة إلا للحامل الشرعي أو وكيله وكذلك للمظهرة إليه توكيليا. وقد توفى أيضا للدائن المرتهن في حالة تظهير الكمبيالة على سبيل الرهن.
ويعد حاملا شرعيا، كل من أتيت حقه بواسطة سلسلة غير منقطعة من التظهيرات ولو كان التظهير الأخير على بياض. فلا يجبر الحامل على التخلي على الكمبيالة إلا إذا كان سيئ النية وحصل عليها نتيجة ذلك. علما أن المسحوب عليه غير ملزم بفحص صحة توقيعات المظهرين لكنه ملزم بالتأكد من انتظام تسلسل التظهيرات وسلامتها.
الفقرة الثانية:إثبات الوفاء وآثاره :
أولا : إثبات الوفاء :
جرت العادة بأن يدفع المدين قيمة الورقة لقاء استردادها من الحامل موقعا عليها بالتخالص، ولو أنه ترك السند في حيازة الدائن دون أن يطالبه برده وحدث أن تعرض للتظهير من قبل الدائن إلى شخص حسن النية لا يعلم بواقعة الوفاء، عندئذ قد يضطر المدين إلى الوفاء إلى الحامل الجديد مرة أخرى.
لأنه في حالة عدم استرداد الكمبيالة من الحامل لا تبرئ ذمة المسحوب عليه، وبالتالي يكون معرضا للوفاء مرة ثانية إذا عاد إليه الحامل حسن النية. وعلى المسحوب عليه أن يتأكد عند إقدامه على الوفاء أنه يوفي للحامل الشرعي وذلك بالاعتماد على انتظام تسلسل التوقيعات.
ويجوز للمسحوب عليه أن يوفي الكمبيالة جزئيا، غير أنه في هذه الحالة عليه أن يطالب بإثبات هذا الوفاء على الكمبيالة وبتسليمه توصيلا بما أداه.
وإذا كانت الوسيلتان السابقتان تعدان حجة قاطعة لا تقبل إثبات العكس فإن ذلك لا يعني أن المشرع اشترط إتباع هاتين الطريقتين إذ أن هناك الاختيار ومعنى ذلك أن المدين جاز له إثبات الوفاء بكل الوسائل المعمول بها في المجال التجاري، فعدم تسليم الكمبيالة موقعا عليها أو الوصل في الأداء الجزئي لا يفقد المدين حقه في إثبات الوفاء بها بحيث تعد قرينة بسيطة قابلة لإثبات العكس.
ثانيا:آثار الوفاء :
إذا تم الوفاء على الوجه الطبيعي من المسحوب عليه في ميعاد الاستحقاق للحامل الشرعي للكمبيالة، دون معارضة من أحد، فقد انتهت حياة الكمبيالة نهايتها الطبيعية، ذلك انه إذا دفع المدين قيمة الكمبيالة في ميعاد الاستحقاق للحامل الشرعي دون غش أو خطأ جسيم من جانبه ودون معارضة من أحد، برئت ذمته من الدين.
كما تبرئ ذمة جميع الموقعين على الكمبيالة إذا وفى المسحوب عليه الكمبيالة في تاريخ الاستحقاق، باستثناء ذمة الساحب التي لا تبرئ في مواجهة المسحوب عليه إلا إذا كان قد قدم له فعلا مقابل الوفاء.
وإذا قام احد المظهرين بالوفاء فإن ذمته تبرأ من الدين وله حق الرجوع على الملتزمين الذين يضمنونه.
وكذلك الأمر نفسه بالنسبة للضامن الاحتياطي حيث له أن يرجع بعد أدائه على المضمون والملزمين السابقين لهذا المضمون.
المطلب الثاني:التعرض على الوفاء، والوفاء عن طريق التدخل.
إن التعرض على الوفاء يثير إشكاليات كثيرة، الأمر الذي دفع بالمشرع الجزائرى إلى أن يحضره ويمنعه، ما عدا بعض الحالات الاستثنائية (الفقرة الأولى) كما أن للوفاء بالتدخل أهميته وشروطه (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى : التعرض على الوفاء
أولا : قاعدة حظر التعرض على الوفاء
إذا كان من الجائر مبدئيا للدائن في القانون المدني، أن يتعرض على الوفاء لمدينه، أو أن يقوم بإجراء حجز ما للمدين بين يدي الغير، وفقا لما ينص عليه القانون التجارى الجزائري مع مراعاة الاستثناءات المنصوص عليها ، فإن الأصل على العكس من ذلك فيما يتعلق بقانون الصرف، حيث أنه لا يجوز التعرض على وفاء المبلغ الثابت في الكمبيالة، ولا إيقاع حجز ما للمدين من طرف الدائنين الشخصيين للساحب لانتقال مقابل الوفاء لدى الغير المسحوب عليه، لما لمثل هذا التعرض من مناهضة ومنافاة لأهم القواعد التي تميز قانون الصرف، كالتداول، ووجوب الوفاء في تاريخ الاستحقاق والحرمان من الإهمال القضائي والقانوني.
على أن هذه القاعدة والمتمثلة في حظر التعرض على الوفاء ليست بقاعدة مطلقة. وإنما هي نسبية تخضع لاستثناءين مهمين نص عليهما المشرع.