أحمد أبو زنط
05-15-2010, 04:21 PM
ملخص
يمكن لمالك المحل التجاري ان يرهنه رهناً تأمينياً باعتباره النظام القانوني الوحيد الملائم لطبيعة المحل التجاري كمال معنوي .غير ان القانون الاردني بالرغم من اعترافه بأن المحل التجاري مال معنوي الا انه لا يمكن لمالكه ان يعقد عليه رهناً تأمينياً للاسباب التالية :
1- عدم وجود نصوص صريحة تنظم التصرفات التي يمكن ان ترد على المحل التجاري .
2- عدم وجود ارتباط بين الحق في ايجار المكان والمحل التجاري .
3- غموض النصوص الخاصة بكل من السجل التجاري والرهن التجاري في قانون التجارة الاردني .
المقدمة
يعتبر المتجر** من اهم اموال التاجر فرداً كان او شركة فهو اداته لتنفيذ مشروعه التجاري وهو مال منقول معنوي يلزم لوجوده ولبقائه استمرار استثماره ويلزم لذلك الاستثمار ان يتوفر للتاجر ائتمان كاف يسمح له بتطوير متجره ويساعده على مواجهة الازمات الاقتصادية .
والائتمان المطلوب لا يمكن الحصول عليه الا بضمانات معينة كالرهن العقاري ورهن المنقولات والضمان الشخصي ولما كان من الغالب ان لا يكون مالك المتجر مالكاً للعقار الذي يمارس فيه تجارته فإن ذلك قد يستتبع عجزه عن تقديم رهن عقاري كذلك لما كان الضمان الشخصي من اضعف الضمانات لأن الدائن المكفول دينه يبقى دائناً عادياً بغير اولوية ويبقى خاضعاً لقسمة الغرماء مهما تعدد الكفلاء فإن البنوك تحجم عادة عن تقديم اي تسهيلات ائتمانية مقابل مثل ذلك الضمان . فلا يبقى تبعاً لذلك امام التاجر الا ان يرهن منقولاته المادية والمعنوية ويتم رهن النوع الاخير بمقتضى نظام يشبه الرهن التأميني لأن ما تنقل حيازته انما هو السند المثبت لملكيته وليس المنقول المعنوي ذاته ويتم رهن النوع الاول بالرهن الحيازي كقاعدة عامة (باستثناء السيارات والسفن والطائرات التي تخضع لرهن شبيه بالرهن التأميني)
واذا رجعنا لأحكام القانون الاردني فإننا نجد انه يعرف نظامين للرهن يسمى احدهما بالرهن التأميني(1) (الرسمي) وهو رهن محله عقار جرت عليه اعمال التسوية (اعمال المساحة العامة) والمنقولات التي تقتضي قوانينها الخاصة تسجيل التصرفات الواردة عليها كالسيارة والسفينة (م 1334 مدني) ومن آثاره ان تبقى حيازة المال المرهون للراهن ولا تنتقل الى المرتهن ويسمى ثانيهما بالرهن الحيازي وهو الذي ينصب على المنقولات المادية والعقارات التي لم تخضع لأعمال المساحة العامة ومن آثاره ان تنتقل حيازة المال المرهون الى المرتهن او الى يد شخص ثالث فلا تبقى الحيازة للراهن . والمتجر مال ناجم عن تآلف المنقولات المادية والمعنوية ذلك التآلف هو الذي اسبغ عليه صفة المنقول المعنوي تلك الصفة التي تحول دون رهنه رهناً حيازياً وهي التي دفعت بالمشرع في معظم الدول اللاتينية الى تنظيم رهن المتجر بطريقة تشبه الرهن التأميني . غير ان المشرع الاردني وان كان قد تعرض للمتجر في المادتين 38 ، 39 من قانون التجارة بتعداد عناصره وبيان خضوع حقوق المالك على تلك العناصر لقوانين خاصة الا انه لم يعن بوضع قانون خاص يحكم تصرفات التاجر على متجره مما دفع بعض الشراح الى القول تعذر رهن المتجر بمقتضى القوانين الاردنية(2) وذلك خلافاً لما تقضي به نصوص قانون التجارة من اعتباره مالاً قابلاً للتعامل (م 26 ، م43/2 ، 317 ، 323 ، 414 من قانون التجارة الاردني والمادة 9/ج من سجل التجارة) . مما يدفع الى الرجوع الى مجمل قواعد كل من قانون التجارة والقانون المدني للبحث في امكانية استخلاص نظام قانوني لرهن المتجر على نحو يتفق مع طبيعته ويحقق مصلحة الراهن في الحصول على الائتمان بضمان متجره مع البقاء على رأس تجارته ومصلحة المرتهن في ان يكون مطمئناً على استيفاء دينه في ميعاد استحقاقه بالتقدم على سائر دائني الراهن ومصلحة الدائنين العاديين في ان لا يفاجأ اي منهم بهذا الرهن الذي ينقص من ضمانهم العام المقرر على ذمة الراهن . وعلى ذلك لن يتعرض هذا البحث لدراسة عقد رهن المتجر من حيث كونه عقداً اي اننا لن ندرس اركانه وشروط صحته واثاره وطرق انقضائه فهذه جميعها موضعها الكتب المنهجية ولكنه بحث ينصب على تلك المشكلة التي اوجدها هذا الفراغ التشريعي محاولين ابراز ابعادها وآثارها وتقديم الحل البديل من خلال عرض مبررات الرهن التأميني .آملين أن يشكل هذا الجهد المتواضع إحدى وسائل المشرع الاردني في سبيل وضع نظام قانوني متكامل يحكم تصرفات التاجر على متجره لأن ذلك يؤدي الى ازدهار تجارة التاجر والى نمو الاقتصاد بصفة عامة .
خطة البحث
نظن ان المقدمة السابقة توضح خطة هذا البحث التي تدور حول مشكلة رهن المتجر وتناقش وجود او عدم وجود تلك المشكلة واذا وجدت وتمكنا من تحديدها فما هو مبرر التخلص منها واذا استطعنا اقناع المشرع بضرورة اجراء مراجعة تشريعية لهذا الموضوع فما هو الحل البدلي ؟ نعتقد اننا نستطيع الاجابة على التساؤلات السابقة من خلال عرض الفصول الثلاثة التالية :
الفصل الاول : جوهر مشكلة رهن المتجر في القانون الاردني .
المطلب الاول : انتفاء تنظيم قانون المتجر .
المطلب الثاني : عدم ملاءمة قواعد المتجر التشريعية .
الفصل الثاني : الرهن الذي تقبله خصائص المتجر .
المطلب الاول :اثر اعتبار المتجر منقولاً معنوياً على رهنه حيازياً .
المطلب الثاني : ملاءمة اعتبار المتجر منقولاً معنوياً لرهنه تأمينياً .
الفصل الثالث : الحل الذي يتبعه القانون المقارن .
المطلب الاول : قواعد القانون المقارن الخاصة برهن المتجر .
المطلب الثاني : الحل المقترح .
الفصل الاول
جوهر مشكلة رهن المتجر في
القانون الاردني
تمهيد ،،
تكمن مشكلة رهن المتجر في انه مال لا يستطيع مالكه التاجر الحصول على الائتمان بضمانه بالرغم من حاجته الماسة اليه لا لأنه مال ضئيل القيمة او لأنه مستحيل رهنه او ان الدائنين يحجمون عن قبول ارتهانه ضماناً لما يوفرونه من ائتمان وانما لعدم وجود نظام قانوني متكامل لرهنه ولتحقيق مصالح اطراف ذلك الرهن . وسنرى ، حالاً ، انه لا وجود لقانون خاص بالمتجر او بالتصرفات الواردة عليه سواء اكانت بيعاً ام رهناً ام تأجيراً وان المشرع الاردني حينما تعرض للمتجر في المادة 38 من قانون التجارة رقم 12 لعام1966 انما اقتصر على ذكر عناصره وكان من المفروض ان يكمل نص تلك المادة بنصوص اخرى تحقق الارتباط بين المتجر ككيان متميز عن عناصره وبين تلك العناصر مما يسهل عملية الرهن الا انه لم يفعل ذلك وانما عطلها جزئياً على نحو يؤدي الى عدم امكانية رهن المتجر وذلك حينما اشترط في قانون المالكين والمستأجرين ضرورة حصول المستأجر على موافقة مؤجر المكان لنفاذ اي تصرف يرد على المتجر في مواجهته بما فيها الرهن . وحينما تكلم المشرع الاردني عن التسجيل التجاري استلزم قيد التاجر لتصرفاته على متجره في السجل كي تصبح نافذه في مواجهة الغير اعتقد هنا ان هذا النص سيوفر رهناً ملائماً للمتجر حيث سينفذ ذلك الرهن في مواجهة الغير بقيده في السجل دون انتقال الحيازة للمرتهن الا اننا سنرى هذا النص محاط بغموض شديد سببه امران :
الاول : ان قواعد الرهن التأميني تعطي للتسجيل دورين :
1- اعتباره ركناً في عقد الرهن .
2- اعتباره شرطاً لنفاذ ذلك الرهن في مواجهة الغير .
الثاني : إن المادة 62/2 من قانون التجارة التي تتكلم عن الرهن التجاري انما تنصب على المحل التجاري بطريقة توحي بضرورة ان يتم رهنه حيازياً . لذلك نرى ان ابعاد مشكلة رهن المتجر تتطلب دراسة كل من انتفاء تنظيم قانوني للمتجر ثم عدم ملاءمة نصوص قانون التجارة .
المطلب الاول
انتفاء تنظيم قانوني للمتجر
تمهيد :
يمكن نفي تنظيم قانوني للمتجر من خلال القول بعدم صدور تشريع خاص به ومن خلال عدم امكانية استخلاص تنظيم قانوني من النصوص النافذة غير ان المادة 39 من قانون التجارة تحيل الى تحديد حقوق التاجر على عناصر متجره الى القوانين الخاصة بتلك العناصر مما يقتضي مناقشتها بغية تحديد مدى كفاية هذا النص .
كما ان المشرع الاردني حاول الاستعاضة عن القانون الخاص بالمتجر بنصوص تقرر امكانية رهن عنصر الايجار مما يقتضي التساؤل عن مدى ملاءمة ذلك .
وعليه سنبحث انتفاء التنظيم القانوني للمتجر في بندين :
الاول : انتفاء قانون خاص بالمتجر .
الثاني : عدم كفاية رهن عنصر الايجار .
اولاً : انتفاء قانون خاص بالمتجر :
لم يصدر – على حد علمنا- حتى هذه اللحظة اي تشريع اردني خاص بالمتجر ولا يوجد بين نصوص القانون الاردني احكاماً تخص تصرفات التاجر على متجره من بيع رهن وتأجير وكان ما ورد بشأن متجره في قانون التجارة قاصراً على بضعة مواد ابرزها المادة 38 التي بينت عناصر المتجر والمادة 39 التي تحيل على القوانين الخاصة بعناصر المتجر لبيان حقوق مستثمرة عليها . ويقصد المشرع الاردني بالتحديد كلاً من : قانون المالكين والمستأجرين رقم 29 لسنة 82 بشأن الحق في ايجار المكان (3) وقانون تسجيل الاسماء التجارية رقم 30 لسنة 1953 (4) بالاضافة الى المواد 40-50 من قانون التجارة بشأن الحق في الاسم التجاري كعنصر في المتجر وقانون العلامات التجارية رقم 33 لسنة 1953 بشأن الحق في العلامة وقانون امتيازات الاختراعات والرسوم رقم 22 لعام 1953 باعتبار ان البراءة تكون عنصراً في المتجر اذا كان منشأة صناعية والقانون المدني بشأن الحق على البضائع والمعدات الا اذا كانت من نوع السيارات او كانت الاخيرة جزءاً منها حيث يرجع في شأنها الى قانون السير الاردني رقم 13 لعام 1983 .
غير ان احكام القانون الخاص بأي عنصر في المتجر انما وردت لتبين الحقوق وتنظم التصرفات الواردة على ذلك العنصر باعتباره مالا منفصلاً ومستقلاً وليس مالا مرتبطاً مع غيره من العناصر الداخلة في تكوين المتجر ولا يعني التصرف – بيعاً او رهناً – في اي من العناصر التي وضع المشرع الاردني لحكمها قانوناً خاصاً تصرفاً في المتجر بالضرورة فلو افترضنا ان العنصر الرئيسي في المتجر هو براءة اختراع فإن التنازل عنها لا يستتبع حتماً التنازل عن المتجر اذا كان مالكه قد قصد من تنازله عنها استبدال تقنية اكثر حداثة بها تخص ذات الموضوع كذاك لو تعلق الامر بعلامة تجارية توقف التاجر عن استعمالها وتركها تسقط في الدومين العام (وهو احدى صور التصرف المادي) فإن ذلك لا يؤدي الى زوال المتجر اذا كان المقصود هو استخدام علامة تجارية اخرى اكثر شهرة واكثر جذباً للعملاء .
ان عناصر رهن المتجر كل حسب قانونه الخاص لا يتم بطريقة واحدة فمنها ما يتم رهنه رهناً حيازياً ومنها ما يتم رهنه تأمينياً ومنها ما لا يتم رهنه الا مع المتجر فمن عناصره ما يخضع للرهن الحيازي كالبضائع والمعدات والاثاث ومنها ما يخضع للرهن التأميني كالسيارات والسفن ، ومنها مالا يمكن رهنه بالاستقلال عن رهن المتجر ذاته كالاسم التجاري والعلامة التجارية اللذين لا يجوز التصرف في ايهما تصرفاً مستقلاً عن التصرف في المتجر المخصص له ذلك لأنه لو جاز بيع الاسم او العلامة بالاستقلال عن المتجر لقام خطر اللبس الذي تتميز منتجاته بالعلامة المبيعة .كذلك الحق في الايجار لا يجوز رهنه بغير موافقة المؤجر لأن الرهن قد ينتهي الى التنازل (مفهوم الموافقة للمادة 492/2 مدني مصري ، م5 من قانون المالكين والمستأجرين الاردني).
واخيراً هناك عناصر ليس لها قانون خاص يحكمها ولا يمكن رهنها بغير رهن المتجر كالسمعة التجارية وعنصر العملاء . ثم ان رهن عناصر المتجر لا يعني رهناً له لأن المتجر ليس تلك العناصر وانما هو مال نجم عن تآلفها متميز عنها وما دام هو مالاً واحداً فهل يعقل ان يرهن مرة رهناً حيازياً واخرى تأمينياً في الوقت ذاته ؟
ولو كانت احكام القوانين الخاصة بعناصر المتجر كافية لتنظيم وحكم تصرفات التاجر على متجره لما كان المشرع في حاجة الى تشريع مؤسسة المدن الصناعية الاردني رقم 82 لسنة 1983 ا لذي يمكن المستأجر من المؤسسة من رهن حقه في الايجار ضماناً لأي قرض كما سنرى – خصوصاً وان المشرع يدرك مدى حاجة التاجر الى الائتمان سواء اكان داخل مؤسسة المدن الصناعية ام خارجها .
ثانياً : عدم كفاية رهن عنصر الايجار :
يبدو ان المشرع الاردني قد ادرك الصعوبات الناجمة عن عدم وجود نظام قانوني خاص برهن المحل التجاري وادرك الاضرار التي تلحق بالائتمان والرواج التجاري والصناعي الذي يؤدي تجميده الى الاضرار – في النهاية – بالخزينة العامة . ذلك ِلأن تجميد نشاط التاجر او الصانع عند حد معين لعدم توافر الائتمان يؤدي الى التقليل من حصيلة ضريبة الدخل والحد من طموحات القائمين على التخطيط الاقتصادي في الدولة . كما يظهر ان هذا الشعور قد راوده بعد اصداره لقانون مؤسسة المدن الصناعية رقم 34 لعام 1980 حيث توجد في تلك المدن منشآت صناعية يحتاج تطويرها الى قدر من التسهيلات في الوقت الذي لم يستطع فيه التاجر الحصول على تلك التسهيلات بغير ضمان كما اثبت ذلك الواقع مما دفع بالمشرع الاردني الى تعديل قانون مؤسسة المدن الصناعية رقم 82 لعام 1983 بنص يمكن التاجر من التنازل على سبيل الرهن عن حقه في الايجار للمقترض .
فهل يعتبر ما جاء به هذا التعديل كافياً لتوفير الائتمان المطلوب وانه يغني عن البحث في ضرورة ايجاد تنظيم قانون خاص بالمتجر وبالتصرفات الواردة عليه بما فيها الرهن ؟
نتصور ان الاجابة على هذا التساؤل تحتاج الى مناقشة هذا التعديل والى بيان تقديرنا له .
1- قانون مؤسسة المدن الصناعية ورهن عنصر الايجار :
نفيد ابتداءاً بأن مؤسسة المدن الصناعية عبارة عن شخص اعتباري ذات استقلال مالي واداري غايتها تملك مساحات من الاراضي الواقعة خارج حدود المدن والبلديات وانشاء المباني عليها لتأجيرها الى التجار والصناع الذين يمكن جذبهم لاقامة منشآتهم الصناعية والتجارية في تلك المباني سواء اكانت تلك المنشآت جديدة تقام لأول مرة ام انها منشآت قديمة يتم نقلها من داخل حدود البلديات (5) .
وبعبارة اخرى لم يتم وضع هذا القانون لتنظيم تصرفات التاجر على منشآته الصناعية او التجارية وانما هو قانون ذو غاية تنظيمية ادارية فحسب قصد منه تفريغ البلديات مما يوجد داخل حدودها من منشآت صناعية ومنع اقامة منشآت جديدة داخل تلك الحدود بهدف منع تلوث البيئة وللمحافظة على جمال المدينة وهدوئها . اما التعديل رقم 82 لعام 1983 الذي ادخله المشرع على قانون المؤسسة فقد جاء – كما ورد في مذكراته التحضيرية – لتمكين المستأجر في اية مدينة صناعية من احالة حقه في الايجار ضماناً لأي قرض يحصل عليه من اية جهة لاستثماره في المنشأة . نعتقد ان التعديل رقم 82 لعام 1983 قد رتب الآثار التالية :
أ- أنه يشكل تعديلاً جزئياً للمادة الخامسة من قانون المالكين و المستأجرين الاردني تلك المادة من الباطن او التنازل عن الايجار احد تلك الاسباب اذا تمت هذه التصرفات بغير موافقة المؤجر .على أن يراعى أن هذا التعديل قاصر في حكمه على عقود الايجار المبرمة بين مؤسسة المدن الصناعية واصحاب المنشآت الكائنة في تلك المدن ولا يمس عقود الايجار الخاصة بالمنشآت والمتاجر الاخرى بدليل ما ورد في ذلك التعديل حيث ينص على انه (الموافقة على حوالة الحقوق التي يملكها المستأجر من المؤسسة في المأجور وذلك ضماناً لأي قرض يحصل عليه المستأجر من اية جهة لاستثماره في المشروع الصناعي المقام في المدن الصناعية دون ان تتحمل تلك المؤسسة اي مسؤولية او التزام مالي مترتب على ذلك) .
ب- أن للمستأجر من المؤسسة ان يرهن حقه في الايجار ضماناً لأي قرض يحصل عليه من اية جهة لاستثماره في المنشأة فهو اذن ليس حوالة حق وانما رهن له وهو رهن يخضع للقواعد العامة وللمادة 61/4 من قانون التجارة كلما كان المؤجر هو مؤسسة المدن الصناعية.
ج- لا يفيد التجار والصناع من التعديل المذكور اذا كان المؤجر شخصاً آخر غير المؤسسة المذكورة وبهذا فلو افترضنا ان للتاجر منشأتين تقع الاولى داخل منطقة مؤسسة المدن الصناعية وتقع الثانية خارج تلك المنطقة فإن هذا التاجر سيعامل بطريقتين الاولى – هي انه يستطيع الحصول على الائتمان – كما يتصور المشرع – برهن عنصر الايجار الثانية – انه لا يستطيع الحصول على الائتمان لعدم امكانية رهن عنصر الايجار .
2- تقديرنا لرهن عنصر الايجار :
لا شك ان لحق الايجار قيمة مالية معروفة في عالم التجارة تسمى (خلو الرجل Le pas de - Porte) ولذلك فلا شائبة على رهنه من الناحية القانونية على الاقل في ظل التعديل رقم 82 لعام 1983.(6) وبالرغم من ذلك فإن لنا عليه مجموعة من الملاحظات من شأنها ان تؤكد ان رهن عنصر الايجار انما هو رهن محدود الفائدة لأنه لا يحقق للمرتهن التأمين الكافي بالاضافة الى انه لا يغني عن وجود قانون خاص بالتصرفات على المتجر .
1- ان رهن الحق في الايجار ليس رهناً للمنشأة الصناعية او التجارية اذ لحق في الايجار انما هو عنصر عادي ان وجد في المتجر وليس المتجر ذاته وفارق كبير في محل الرهن بين رهن حق الايجار ورهن المتجر .وهو عنصر عادي لأن اهميته تبرز على غيره من عناصر المتجر اذا كان هو العنصر الرئيسي اللازم لتكوين عنصر العملاء بل ان الفقه والقضاء يريان ان المتجر لا يكون موجوداً اذا لم يتوافر فيه غير حق الايجار وبعض العناصر المادية لأن وجود المتجر يتوقف على وجود جميع العناصر المرتبة لعنصر العملاء (7) وليس على عنصر بمفرده .
2-نتصور ان تعميم الحكم الوارد في التعديل رقم 82 لعام 1983 ليشمل المؤسسات الصناعية والتجارية بغض النظر عن موقعها اي سواء اكانت داخل المدن الصناعية ام خارجها يؤدي الى الحالات المتباينة التالية :
قد نجد متجراً متجولاً لا ينطوي على عنصر الايجار فاذا ترك الامر على حاله اي اقتصر الامر على رهن الحق في الايجار فان خيار التاجر سيقتصر اما على رهن متجر – وهذا يواجه المشكلة التي نتولى عرضها – او على عدم رهنه فقط ، لانه ليس لديه حق ايجار يقترض ضمانه.
ذلك قد نواجه متجرا موجودا في عقار لمالك المتجر – وهنا لايتضمن المتجر عنصر الايجار- فلا يكون امام التاجر إلا امران : ان يرهن العقار او يرهن المتجر ، وفي ذلك عدم مساواة بين التاجر المستأجر الذي لايفقد بالتنفيذ الجبري غير حق الايجار في حين ان التاجر المالك لعقار سيفقد بالتنفيذ الجبري حق ملكيته على العقار، وفارق كبير في القيمة والاثر بين الحقين .
3- يؤدي حصر خيار التاجر الكائن متجره في عقار غير مملوك له – في حالة تعميم التعديل – بين رهن عنصر الايجار ورهن المتجر الى ان يختار رهن عنصر الايجار ، مما يستتبع النتائج السلبية التالية :-
أ- قد يكون الحق في الايجار موجودا ويتم الاقتراض بضمانه دون ان يكون المتجر موجودا بالمعنى الذي يستلزمه الفقه والقضاء مما يدل على عدم جدية التاجر في استمرار تجارته او صناعته مما يلحق الضرر بالمقرض لانه يكفي ابرام عقد الايجار للاقتراض بضمانه ثم التوقف عن عملية انشاء المتجر وعن دفع الاجرة للمؤجر حتى نتعرف على نتيجة هذه العملية.
ب- يستطيع الراهن ان يتصرف في جميع عناصر متجره باستثناء الحق في الايجار دون ان يكون في مقدور المرتهن استخدام الحق المقرر له بموجب المادة 1406 من القانون المدني الاردني التي تنص على انه (اذا كان المرهون مهدداً بأن يصيبه للمرتهن تأميناً آخر جاز لكل منهما ان يطلب من المحكمة بيع المرهون وحينئذ ينتقل حق الدائن الى الثمن).
ج- سيكون المركز القانوني لمرتهن حق الايجار ضعيفاً – في حالة تعميم التعديل – لأنه سيواجه بدفوع المؤجر باعتباره مدين بالدين الضامن للقرض اذ ان للمؤجر ان يستخدم في مواجهة المرتهن طائفتين من الدفوع الأولى/ دفوع الراهن المترتبه على عقد الرهن في مواجهة المرتهن ، الثانية / دفوعه الناجمة عن عقد الايجار التي كان يمكنه استخدامها في مواجهة المستأجر الراهن وذلك طبقاً لنص المادة 1415 من القانون المدني الاردني.
وعلى ذلك فإن للمؤجر ان يتمسك في مواجهة مرتهن الايجار بأوجه الدفع المتعلقة بصحة الحق المضمون بالرهن فلو كان عقد الايجار الذي نشأ عن الحق المرهون باطلاً لكان الرهن باطلاً.(8)
4- يؤدي رهن عنصر الايجار – في حالة تعميم التعديل – الى ادخال المؤجر في منازعات قانونية مع المرتهن على نحو يلحق الضرر بهما معا فقد رأينا منذ قليل ان بوسع الراهن ان يتصرف في عناصر متجره دون اعتراض من المرتهن لأن الايجار محل الرهن ما زال قائماً ولم يلحق به اي ضعف ولكن ما الحكم لو ان المستأجر الراهن قد اتبع تصرفه السابق بأن توقف عن دفع الاجرة للمؤجر او ان يكون قد استغل المأجور على نحو مخالف للنظام العام او حسن الآداب او استخدمه على نحو مخالف لغرض عقد الايجار ؟
النتيجة – في رأينا – ان المؤجر سيطالب بفسخ الايجار فينقضي الدين الضامن للرهن وينقضي تبعاً له الرهن لزوال محله مما يدفع بالمرتهن الى المطالبة ببيع حق الايجار جبراً والدخول في منازعات لا نهاية لها مع المؤجر .
5- يرى الفقه( ) ان عدم حصر المرتهن في بنك ما يؤدي الى اخضاع الراهن لسياسات كبار المقرضين من التجار ويحعل منه تابعاً لهم منفذاً لمطالبهم من حيث الانتاج والتسويق كما ان خضوع الراهن لضغوط المقرضين من غير البنوك قد تدفعه الى تمييز المرتهن عن بقية دائنيه مما يدفع الى المطالبة بشهر افلاسه اذا توقف عن دفع احد ديونه التجارية.
يمكن لمالك المحل التجاري ان يرهنه رهناً تأمينياً باعتباره النظام القانوني الوحيد الملائم لطبيعة المحل التجاري كمال معنوي .غير ان القانون الاردني بالرغم من اعترافه بأن المحل التجاري مال معنوي الا انه لا يمكن لمالكه ان يعقد عليه رهناً تأمينياً للاسباب التالية :
1- عدم وجود نصوص صريحة تنظم التصرفات التي يمكن ان ترد على المحل التجاري .
2- عدم وجود ارتباط بين الحق في ايجار المكان والمحل التجاري .
3- غموض النصوص الخاصة بكل من السجل التجاري والرهن التجاري في قانون التجارة الاردني .
المقدمة
يعتبر المتجر** من اهم اموال التاجر فرداً كان او شركة فهو اداته لتنفيذ مشروعه التجاري وهو مال منقول معنوي يلزم لوجوده ولبقائه استمرار استثماره ويلزم لذلك الاستثمار ان يتوفر للتاجر ائتمان كاف يسمح له بتطوير متجره ويساعده على مواجهة الازمات الاقتصادية .
والائتمان المطلوب لا يمكن الحصول عليه الا بضمانات معينة كالرهن العقاري ورهن المنقولات والضمان الشخصي ولما كان من الغالب ان لا يكون مالك المتجر مالكاً للعقار الذي يمارس فيه تجارته فإن ذلك قد يستتبع عجزه عن تقديم رهن عقاري كذلك لما كان الضمان الشخصي من اضعف الضمانات لأن الدائن المكفول دينه يبقى دائناً عادياً بغير اولوية ويبقى خاضعاً لقسمة الغرماء مهما تعدد الكفلاء فإن البنوك تحجم عادة عن تقديم اي تسهيلات ائتمانية مقابل مثل ذلك الضمان . فلا يبقى تبعاً لذلك امام التاجر الا ان يرهن منقولاته المادية والمعنوية ويتم رهن النوع الاخير بمقتضى نظام يشبه الرهن التأميني لأن ما تنقل حيازته انما هو السند المثبت لملكيته وليس المنقول المعنوي ذاته ويتم رهن النوع الاول بالرهن الحيازي كقاعدة عامة (باستثناء السيارات والسفن والطائرات التي تخضع لرهن شبيه بالرهن التأميني)
واذا رجعنا لأحكام القانون الاردني فإننا نجد انه يعرف نظامين للرهن يسمى احدهما بالرهن التأميني(1) (الرسمي) وهو رهن محله عقار جرت عليه اعمال التسوية (اعمال المساحة العامة) والمنقولات التي تقتضي قوانينها الخاصة تسجيل التصرفات الواردة عليها كالسيارة والسفينة (م 1334 مدني) ومن آثاره ان تبقى حيازة المال المرهون للراهن ولا تنتقل الى المرتهن ويسمى ثانيهما بالرهن الحيازي وهو الذي ينصب على المنقولات المادية والعقارات التي لم تخضع لأعمال المساحة العامة ومن آثاره ان تنتقل حيازة المال المرهون الى المرتهن او الى يد شخص ثالث فلا تبقى الحيازة للراهن . والمتجر مال ناجم عن تآلف المنقولات المادية والمعنوية ذلك التآلف هو الذي اسبغ عليه صفة المنقول المعنوي تلك الصفة التي تحول دون رهنه رهناً حيازياً وهي التي دفعت بالمشرع في معظم الدول اللاتينية الى تنظيم رهن المتجر بطريقة تشبه الرهن التأميني . غير ان المشرع الاردني وان كان قد تعرض للمتجر في المادتين 38 ، 39 من قانون التجارة بتعداد عناصره وبيان خضوع حقوق المالك على تلك العناصر لقوانين خاصة الا انه لم يعن بوضع قانون خاص يحكم تصرفات التاجر على متجره مما دفع بعض الشراح الى القول تعذر رهن المتجر بمقتضى القوانين الاردنية(2) وذلك خلافاً لما تقضي به نصوص قانون التجارة من اعتباره مالاً قابلاً للتعامل (م 26 ، م43/2 ، 317 ، 323 ، 414 من قانون التجارة الاردني والمادة 9/ج من سجل التجارة) . مما يدفع الى الرجوع الى مجمل قواعد كل من قانون التجارة والقانون المدني للبحث في امكانية استخلاص نظام قانوني لرهن المتجر على نحو يتفق مع طبيعته ويحقق مصلحة الراهن في الحصول على الائتمان بضمان متجره مع البقاء على رأس تجارته ومصلحة المرتهن في ان يكون مطمئناً على استيفاء دينه في ميعاد استحقاقه بالتقدم على سائر دائني الراهن ومصلحة الدائنين العاديين في ان لا يفاجأ اي منهم بهذا الرهن الذي ينقص من ضمانهم العام المقرر على ذمة الراهن . وعلى ذلك لن يتعرض هذا البحث لدراسة عقد رهن المتجر من حيث كونه عقداً اي اننا لن ندرس اركانه وشروط صحته واثاره وطرق انقضائه فهذه جميعها موضعها الكتب المنهجية ولكنه بحث ينصب على تلك المشكلة التي اوجدها هذا الفراغ التشريعي محاولين ابراز ابعادها وآثارها وتقديم الحل البديل من خلال عرض مبررات الرهن التأميني .آملين أن يشكل هذا الجهد المتواضع إحدى وسائل المشرع الاردني في سبيل وضع نظام قانوني متكامل يحكم تصرفات التاجر على متجره لأن ذلك يؤدي الى ازدهار تجارة التاجر والى نمو الاقتصاد بصفة عامة .
خطة البحث
نظن ان المقدمة السابقة توضح خطة هذا البحث التي تدور حول مشكلة رهن المتجر وتناقش وجود او عدم وجود تلك المشكلة واذا وجدت وتمكنا من تحديدها فما هو مبرر التخلص منها واذا استطعنا اقناع المشرع بضرورة اجراء مراجعة تشريعية لهذا الموضوع فما هو الحل البدلي ؟ نعتقد اننا نستطيع الاجابة على التساؤلات السابقة من خلال عرض الفصول الثلاثة التالية :
الفصل الاول : جوهر مشكلة رهن المتجر في القانون الاردني .
المطلب الاول : انتفاء تنظيم قانون المتجر .
المطلب الثاني : عدم ملاءمة قواعد المتجر التشريعية .
الفصل الثاني : الرهن الذي تقبله خصائص المتجر .
المطلب الاول :اثر اعتبار المتجر منقولاً معنوياً على رهنه حيازياً .
المطلب الثاني : ملاءمة اعتبار المتجر منقولاً معنوياً لرهنه تأمينياً .
الفصل الثالث : الحل الذي يتبعه القانون المقارن .
المطلب الاول : قواعد القانون المقارن الخاصة برهن المتجر .
المطلب الثاني : الحل المقترح .
الفصل الاول
جوهر مشكلة رهن المتجر في
القانون الاردني
تمهيد ،،
تكمن مشكلة رهن المتجر في انه مال لا يستطيع مالكه التاجر الحصول على الائتمان بضمانه بالرغم من حاجته الماسة اليه لا لأنه مال ضئيل القيمة او لأنه مستحيل رهنه او ان الدائنين يحجمون عن قبول ارتهانه ضماناً لما يوفرونه من ائتمان وانما لعدم وجود نظام قانوني متكامل لرهنه ولتحقيق مصالح اطراف ذلك الرهن . وسنرى ، حالاً ، انه لا وجود لقانون خاص بالمتجر او بالتصرفات الواردة عليه سواء اكانت بيعاً ام رهناً ام تأجيراً وان المشرع الاردني حينما تعرض للمتجر في المادة 38 من قانون التجارة رقم 12 لعام1966 انما اقتصر على ذكر عناصره وكان من المفروض ان يكمل نص تلك المادة بنصوص اخرى تحقق الارتباط بين المتجر ككيان متميز عن عناصره وبين تلك العناصر مما يسهل عملية الرهن الا انه لم يفعل ذلك وانما عطلها جزئياً على نحو يؤدي الى عدم امكانية رهن المتجر وذلك حينما اشترط في قانون المالكين والمستأجرين ضرورة حصول المستأجر على موافقة مؤجر المكان لنفاذ اي تصرف يرد على المتجر في مواجهته بما فيها الرهن . وحينما تكلم المشرع الاردني عن التسجيل التجاري استلزم قيد التاجر لتصرفاته على متجره في السجل كي تصبح نافذه في مواجهة الغير اعتقد هنا ان هذا النص سيوفر رهناً ملائماً للمتجر حيث سينفذ ذلك الرهن في مواجهة الغير بقيده في السجل دون انتقال الحيازة للمرتهن الا اننا سنرى هذا النص محاط بغموض شديد سببه امران :
الاول : ان قواعد الرهن التأميني تعطي للتسجيل دورين :
1- اعتباره ركناً في عقد الرهن .
2- اعتباره شرطاً لنفاذ ذلك الرهن في مواجهة الغير .
الثاني : إن المادة 62/2 من قانون التجارة التي تتكلم عن الرهن التجاري انما تنصب على المحل التجاري بطريقة توحي بضرورة ان يتم رهنه حيازياً . لذلك نرى ان ابعاد مشكلة رهن المتجر تتطلب دراسة كل من انتفاء تنظيم قانوني للمتجر ثم عدم ملاءمة نصوص قانون التجارة .
المطلب الاول
انتفاء تنظيم قانوني للمتجر
تمهيد :
يمكن نفي تنظيم قانوني للمتجر من خلال القول بعدم صدور تشريع خاص به ومن خلال عدم امكانية استخلاص تنظيم قانوني من النصوص النافذة غير ان المادة 39 من قانون التجارة تحيل الى تحديد حقوق التاجر على عناصر متجره الى القوانين الخاصة بتلك العناصر مما يقتضي مناقشتها بغية تحديد مدى كفاية هذا النص .
كما ان المشرع الاردني حاول الاستعاضة عن القانون الخاص بالمتجر بنصوص تقرر امكانية رهن عنصر الايجار مما يقتضي التساؤل عن مدى ملاءمة ذلك .
وعليه سنبحث انتفاء التنظيم القانوني للمتجر في بندين :
الاول : انتفاء قانون خاص بالمتجر .
الثاني : عدم كفاية رهن عنصر الايجار .
اولاً : انتفاء قانون خاص بالمتجر :
لم يصدر – على حد علمنا- حتى هذه اللحظة اي تشريع اردني خاص بالمتجر ولا يوجد بين نصوص القانون الاردني احكاماً تخص تصرفات التاجر على متجره من بيع رهن وتأجير وكان ما ورد بشأن متجره في قانون التجارة قاصراً على بضعة مواد ابرزها المادة 38 التي بينت عناصر المتجر والمادة 39 التي تحيل على القوانين الخاصة بعناصر المتجر لبيان حقوق مستثمرة عليها . ويقصد المشرع الاردني بالتحديد كلاً من : قانون المالكين والمستأجرين رقم 29 لسنة 82 بشأن الحق في ايجار المكان (3) وقانون تسجيل الاسماء التجارية رقم 30 لسنة 1953 (4) بالاضافة الى المواد 40-50 من قانون التجارة بشأن الحق في الاسم التجاري كعنصر في المتجر وقانون العلامات التجارية رقم 33 لسنة 1953 بشأن الحق في العلامة وقانون امتيازات الاختراعات والرسوم رقم 22 لعام 1953 باعتبار ان البراءة تكون عنصراً في المتجر اذا كان منشأة صناعية والقانون المدني بشأن الحق على البضائع والمعدات الا اذا كانت من نوع السيارات او كانت الاخيرة جزءاً منها حيث يرجع في شأنها الى قانون السير الاردني رقم 13 لعام 1983 .
غير ان احكام القانون الخاص بأي عنصر في المتجر انما وردت لتبين الحقوق وتنظم التصرفات الواردة على ذلك العنصر باعتباره مالا منفصلاً ومستقلاً وليس مالا مرتبطاً مع غيره من العناصر الداخلة في تكوين المتجر ولا يعني التصرف – بيعاً او رهناً – في اي من العناصر التي وضع المشرع الاردني لحكمها قانوناً خاصاً تصرفاً في المتجر بالضرورة فلو افترضنا ان العنصر الرئيسي في المتجر هو براءة اختراع فإن التنازل عنها لا يستتبع حتماً التنازل عن المتجر اذا كان مالكه قد قصد من تنازله عنها استبدال تقنية اكثر حداثة بها تخص ذات الموضوع كذاك لو تعلق الامر بعلامة تجارية توقف التاجر عن استعمالها وتركها تسقط في الدومين العام (وهو احدى صور التصرف المادي) فإن ذلك لا يؤدي الى زوال المتجر اذا كان المقصود هو استخدام علامة تجارية اخرى اكثر شهرة واكثر جذباً للعملاء .
ان عناصر رهن المتجر كل حسب قانونه الخاص لا يتم بطريقة واحدة فمنها ما يتم رهنه رهناً حيازياً ومنها ما يتم رهنه تأمينياً ومنها ما لا يتم رهنه الا مع المتجر فمن عناصره ما يخضع للرهن الحيازي كالبضائع والمعدات والاثاث ومنها ما يخضع للرهن التأميني كالسيارات والسفن ، ومنها مالا يمكن رهنه بالاستقلال عن رهن المتجر ذاته كالاسم التجاري والعلامة التجارية اللذين لا يجوز التصرف في ايهما تصرفاً مستقلاً عن التصرف في المتجر المخصص له ذلك لأنه لو جاز بيع الاسم او العلامة بالاستقلال عن المتجر لقام خطر اللبس الذي تتميز منتجاته بالعلامة المبيعة .كذلك الحق في الايجار لا يجوز رهنه بغير موافقة المؤجر لأن الرهن قد ينتهي الى التنازل (مفهوم الموافقة للمادة 492/2 مدني مصري ، م5 من قانون المالكين والمستأجرين الاردني).
واخيراً هناك عناصر ليس لها قانون خاص يحكمها ولا يمكن رهنها بغير رهن المتجر كالسمعة التجارية وعنصر العملاء . ثم ان رهن عناصر المتجر لا يعني رهناً له لأن المتجر ليس تلك العناصر وانما هو مال نجم عن تآلفها متميز عنها وما دام هو مالاً واحداً فهل يعقل ان يرهن مرة رهناً حيازياً واخرى تأمينياً في الوقت ذاته ؟
ولو كانت احكام القوانين الخاصة بعناصر المتجر كافية لتنظيم وحكم تصرفات التاجر على متجره لما كان المشرع في حاجة الى تشريع مؤسسة المدن الصناعية الاردني رقم 82 لسنة 1983 ا لذي يمكن المستأجر من المؤسسة من رهن حقه في الايجار ضماناً لأي قرض كما سنرى – خصوصاً وان المشرع يدرك مدى حاجة التاجر الى الائتمان سواء اكان داخل مؤسسة المدن الصناعية ام خارجها .
ثانياً : عدم كفاية رهن عنصر الايجار :
يبدو ان المشرع الاردني قد ادرك الصعوبات الناجمة عن عدم وجود نظام قانوني خاص برهن المحل التجاري وادرك الاضرار التي تلحق بالائتمان والرواج التجاري والصناعي الذي يؤدي تجميده الى الاضرار – في النهاية – بالخزينة العامة . ذلك ِلأن تجميد نشاط التاجر او الصانع عند حد معين لعدم توافر الائتمان يؤدي الى التقليل من حصيلة ضريبة الدخل والحد من طموحات القائمين على التخطيط الاقتصادي في الدولة . كما يظهر ان هذا الشعور قد راوده بعد اصداره لقانون مؤسسة المدن الصناعية رقم 34 لعام 1980 حيث توجد في تلك المدن منشآت صناعية يحتاج تطويرها الى قدر من التسهيلات في الوقت الذي لم يستطع فيه التاجر الحصول على تلك التسهيلات بغير ضمان كما اثبت ذلك الواقع مما دفع بالمشرع الاردني الى تعديل قانون مؤسسة المدن الصناعية رقم 82 لعام 1983 بنص يمكن التاجر من التنازل على سبيل الرهن عن حقه في الايجار للمقترض .
فهل يعتبر ما جاء به هذا التعديل كافياً لتوفير الائتمان المطلوب وانه يغني عن البحث في ضرورة ايجاد تنظيم قانون خاص بالمتجر وبالتصرفات الواردة عليه بما فيها الرهن ؟
نتصور ان الاجابة على هذا التساؤل تحتاج الى مناقشة هذا التعديل والى بيان تقديرنا له .
1- قانون مؤسسة المدن الصناعية ورهن عنصر الايجار :
نفيد ابتداءاً بأن مؤسسة المدن الصناعية عبارة عن شخص اعتباري ذات استقلال مالي واداري غايتها تملك مساحات من الاراضي الواقعة خارج حدود المدن والبلديات وانشاء المباني عليها لتأجيرها الى التجار والصناع الذين يمكن جذبهم لاقامة منشآتهم الصناعية والتجارية في تلك المباني سواء اكانت تلك المنشآت جديدة تقام لأول مرة ام انها منشآت قديمة يتم نقلها من داخل حدود البلديات (5) .
وبعبارة اخرى لم يتم وضع هذا القانون لتنظيم تصرفات التاجر على منشآته الصناعية او التجارية وانما هو قانون ذو غاية تنظيمية ادارية فحسب قصد منه تفريغ البلديات مما يوجد داخل حدودها من منشآت صناعية ومنع اقامة منشآت جديدة داخل تلك الحدود بهدف منع تلوث البيئة وللمحافظة على جمال المدينة وهدوئها . اما التعديل رقم 82 لعام 1983 الذي ادخله المشرع على قانون المؤسسة فقد جاء – كما ورد في مذكراته التحضيرية – لتمكين المستأجر في اية مدينة صناعية من احالة حقه في الايجار ضماناً لأي قرض يحصل عليه من اية جهة لاستثماره في المنشأة . نعتقد ان التعديل رقم 82 لعام 1983 قد رتب الآثار التالية :
أ- أنه يشكل تعديلاً جزئياً للمادة الخامسة من قانون المالكين و المستأجرين الاردني تلك المادة من الباطن او التنازل عن الايجار احد تلك الاسباب اذا تمت هذه التصرفات بغير موافقة المؤجر .على أن يراعى أن هذا التعديل قاصر في حكمه على عقود الايجار المبرمة بين مؤسسة المدن الصناعية واصحاب المنشآت الكائنة في تلك المدن ولا يمس عقود الايجار الخاصة بالمنشآت والمتاجر الاخرى بدليل ما ورد في ذلك التعديل حيث ينص على انه (الموافقة على حوالة الحقوق التي يملكها المستأجر من المؤسسة في المأجور وذلك ضماناً لأي قرض يحصل عليه المستأجر من اية جهة لاستثماره في المشروع الصناعي المقام في المدن الصناعية دون ان تتحمل تلك المؤسسة اي مسؤولية او التزام مالي مترتب على ذلك) .
ب- أن للمستأجر من المؤسسة ان يرهن حقه في الايجار ضماناً لأي قرض يحصل عليه من اية جهة لاستثماره في المنشأة فهو اذن ليس حوالة حق وانما رهن له وهو رهن يخضع للقواعد العامة وللمادة 61/4 من قانون التجارة كلما كان المؤجر هو مؤسسة المدن الصناعية.
ج- لا يفيد التجار والصناع من التعديل المذكور اذا كان المؤجر شخصاً آخر غير المؤسسة المذكورة وبهذا فلو افترضنا ان للتاجر منشأتين تقع الاولى داخل منطقة مؤسسة المدن الصناعية وتقع الثانية خارج تلك المنطقة فإن هذا التاجر سيعامل بطريقتين الاولى – هي انه يستطيع الحصول على الائتمان – كما يتصور المشرع – برهن عنصر الايجار الثانية – انه لا يستطيع الحصول على الائتمان لعدم امكانية رهن عنصر الايجار .
2- تقديرنا لرهن عنصر الايجار :
لا شك ان لحق الايجار قيمة مالية معروفة في عالم التجارة تسمى (خلو الرجل Le pas de - Porte) ولذلك فلا شائبة على رهنه من الناحية القانونية على الاقل في ظل التعديل رقم 82 لعام 1983.(6) وبالرغم من ذلك فإن لنا عليه مجموعة من الملاحظات من شأنها ان تؤكد ان رهن عنصر الايجار انما هو رهن محدود الفائدة لأنه لا يحقق للمرتهن التأمين الكافي بالاضافة الى انه لا يغني عن وجود قانون خاص بالتصرفات على المتجر .
1- ان رهن الحق في الايجار ليس رهناً للمنشأة الصناعية او التجارية اذ لحق في الايجار انما هو عنصر عادي ان وجد في المتجر وليس المتجر ذاته وفارق كبير في محل الرهن بين رهن حق الايجار ورهن المتجر .وهو عنصر عادي لأن اهميته تبرز على غيره من عناصر المتجر اذا كان هو العنصر الرئيسي اللازم لتكوين عنصر العملاء بل ان الفقه والقضاء يريان ان المتجر لا يكون موجوداً اذا لم يتوافر فيه غير حق الايجار وبعض العناصر المادية لأن وجود المتجر يتوقف على وجود جميع العناصر المرتبة لعنصر العملاء (7) وليس على عنصر بمفرده .
2-نتصور ان تعميم الحكم الوارد في التعديل رقم 82 لعام 1983 ليشمل المؤسسات الصناعية والتجارية بغض النظر عن موقعها اي سواء اكانت داخل المدن الصناعية ام خارجها يؤدي الى الحالات المتباينة التالية :
قد نجد متجراً متجولاً لا ينطوي على عنصر الايجار فاذا ترك الامر على حاله اي اقتصر الامر على رهن الحق في الايجار فان خيار التاجر سيقتصر اما على رهن متجر – وهذا يواجه المشكلة التي نتولى عرضها – او على عدم رهنه فقط ، لانه ليس لديه حق ايجار يقترض ضمانه.
ذلك قد نواجه متجرا موجودا في عقار لمالك المتجر – وهنا لايتضمن المتجر عنصر الايجار- فلا يكون امام التاجر إلا امران : ان يرهن العقار او يرهن المتجر ، وفي ذلك عدم مساواة بين التاجر المستأجر الذي لايفقد بالتنفيذ الجبري غير حق الايجار في حين ان التاجر المالك لعقار سيفقد بالتنفيذ الجبري حق ملكيته على العقار، وفارق كبير في القيمة والاثر بين الحقين .
3- يؤدي حصر خيار التاجر الكائن متجره في عقار غير مملوك له – في حالة تعميم التعديل – بين رهن عنصر الايجار ورهن المتجر الى ان يختار رهن عنصر الايجار ، مما يستتبع النتائج السلبية التالية :-
أ- قد يكون الحق في الايجار موجودا ويتم الاقتراض بضمانه دون ان يكون المتجر موجودا بالمعنى الذي يستلزمه الفقه والقضاء مما يدل على عدم جدية التاجر في استمرار تجارته او صناعته مما يلحق الضرر بالمقرض لانه يكفي ابرام عقد الايجار للاقتراض بضمانه ثم التوقف عن عملية انشاء المتجر وعن دفع الاجرة للمؤجر حتى نتعرف على نتيجة هذه العملية.
ب- يستطيع الراهن ان يتصرف في جميع عناصر متجره باستثناء الحق في الايجار دون ان يكون في مقدور المرتهن استخدام الحق المقرر له بموجب المادة 1406 من القانون المدني الاردني التي تنص على انه (اذا كان المرهون مهدداً بأن يصيبه للمرتهن تأميناً آخر جاز لكل منهما ان يطلب من المحكمة بيع المرهون وحينئذ ينتقل حق الدائن الى الثمن).
ج- سيكون المركز القانوني لمرتهن حق الايجار ضعيفاً – في حالة تعميم التعديل – لأنه سيواجه بدفوع المؤجر باعتباره مدين بالدين الضامن للقرض اذ ان للمؤجر ان يستخدم في مواجهة المرتهن طائفتين من الدفوع الأولى/ دفوع الراهن المترتبه على عقد الرهن في مواجهة المرتهن ، الثانية / دفوعه الناجمة عن عقد الايجار التي كان يمكنه استخدامها في مواجهة المستأجر الراهن وذلك طبقاً لنص المادة 1415 من القانون المدني الاردني.
وعلى ذلك فإن للمؤجر ان يتمسك في مواجهة مرتهن الايجار بأوجه الدفع المتعلقة بصحة الحق المضمون بالرهن فلو كان عقد الايجار الذي نشأ عن الحق المرهون باطلاً لكان الرهن باطلاً.(8)
4- يؤدي رهن عنصر الايجار – في حالة تعميم التعديل – الى ادخال المؤجر في منازعات قانونية مع المرتهن على نحو يلحق الضرر بهما معا فقد رأينا منذ قليل ان بوسع الراهن ان يتصرف في عناصر متجره دون اعتراض من المرتهن لأن الايجار محل الرهن ما زال قائماً ولم يلحق به اي ضعف ولكن ما الحكم لو ان المستأجر الراهن قد اتبع تصرفه السابق بأن توقف عن دفع الاجرة للمؤجر او ان يكون قد استغل المأجور على نحو مخالف للنظام العام او حسن الآداب او استخدمه على نحو مخالف لغرض عقد الايجار ؟
النتيجة – في رأينا – ان المؤجر سيطالب بفسخ الايجار فينقضي الدين الضامن للرهن وينقضي تبعاً له الرهن لزوال محله مما يدفع بالمرتهن الى المطالبة ببيع حق الايجار جبراً والدخول في منازعات لا نهاية لها مع المؤجر .
5- يرى الفقه( ) ان عدم حصر المرتهن في بنك ما يؤدي الى اخضاع الراهن لسياسات كبار المقرضين من التجار ويحعل منه تابعاً لهم منفذاً لمطالبهم من حيث الانتاج والتسويق كما ان خضوع الراهن لضغوط المقرضين من غير البنوك قد تدفعه الى تمييز المرتهن عن بقية دائنيه مما يدفع الى المطالبة بشهر افلاسه اذا توقف عن دفع احد ديونه التجارية.