أحمد أبو زنط
03-14-2009, 02:55 PM
بطاقة معلومات
|
||
|||| العنوان: عندما يهرب بنا العمر
|||| التصنيف: قصص قصيرة / خواطر
|||| كتابة: أحمد أبوزنط
||
|
http://www.lawjo.net/vb/attachment.php?attachmentid=1389&stc=1&d=1286925665
وقفوا جميعا ... التفوا حول مائدة عمري الذي مضى... أشعلوا الشموع ... وبدئوا الغناء ... ضحكوا جميعا ومن ثم نظروا إلي ... أومئوا لي أن أطفئ الشموع ... من غير تفكير دنوت من شمعتي ... اقتربت منها ... أصبحت عيني في عينها ... أنفاسي تقابل أنفاسها ... همست بأذنها ... سأبدأ عاما جديدا بإطفائك ... رمشت عيني لكن شمعتي لم تهتز ... نظرت إلي بقسوة ... كالنعجة التي تنظر في عيني سفاحها... تراجعت... خشيت من نظراتها ... أومأت لي ... أن عد إلي ... دنوت من جديد ... همس لهيبها ... لكني لم أسمع... اقتربت أكثر ... أذني تقابل فمها... همست في أذني ... ستطفئ عاما جديدا بإطفائي ... نظرت إليها ... لم تخشَ شيئا ... مع أن عيني كانتا تقدحا شرارا... لكنها كانت تعلم أنه انعكاس صورتها... نفثت أخر أنفاسي في وجهها... أدارت وجهها...
صعدت روحها نحو السماء... لا ليست روحا ... مجرد دخان... يتصاعد من بقايا هيكلها العظمي ... من ذلك العود الأسود الذي يذكرني بوجهها... كم كان منيرا وجهها... هل كان علي قتلها ؟ لقد قتلت الكثير من قبلها ... ربما عشرون أو اثنان وعشرون... لكنهم لم يهمسوا ... كانوا فقط يحرقون أنفسهم... بدوا سعداء بموتهم... أو بميلادهم ... لكن نحن ... ماذا عنا ؟
هل نسعد لموت أعوامنا أم لميلاد مستقبلنا ! آه ما صعب ميلاد مستقبلنا... مستقبلنا الذي يبدأ عندما يجري بنا العمر وتسبقنا السنون... آه على تلك السنون... كيف مضت... تبخرت من عمري كتصاعد ذلك الدخان... أوه ذاك الدخان... أين هو ... هل اختفى؟
برأسٍ مثقل بصراع المستقبل ركنت إلى جدار من الذكريات... أغمضت عيني... تهت بصفحات من الماضي... عدت إلى الذكريات ... حنين الشتاء ورقصات الصيف في مساء تتلألأ فيه النجوم... رأيت وجها لطفل أعرفه ... يدرج من هنا إلى هناك ...نظر إلي... لم يعرفني... ابتعدَ عني... توددت إليه هرب مني... توسلت إليه أن يكلمني لكنه لم يسمع ... رجوته أن يلتفت إلي لكنه أبى... نظر إلي... تراجعت... خشيت من نظراته... أدار وجهه ثم مضى... تركني ومضى ...ناديته لكنه مضى ... لهثت وراءه... غضبت ... صرخت... بكيت... لكنه مضى ... فهو لا يعرفني ...لكني اعرفه
أنا الذي غدرت أماله... عبثت بأحلامه ... قتلت طفولته ... أنا الذي هربت منه صغيرا... وعندما عدت... لم أجده
يئست... هربت دمعة حارة من بين جفوني المغلقة وسالت على خد كان لوجه طفل أعرفه لكنه لا يعرفني... فتحت عيني... رأيتهم ... وقفوا جميعا حول لحدي المفتوح... يرتلون نشيد الوداع الأخير... داريت دموعي... هربت من نفسي ... ابتسمت ... ولكن ...هربت دمعة أخرى ... فضحت أمري... لكني عدت وابتسمت فهربت دمعة أخرى ... ضحكت ... فنفرت الدموع كلها... علا صوتي بالضحك... أجهشت بالبكاء ... فانفجرت ضحكا... لكني عدت لأنتحب وعلا صوتي بالعويل... ثم صمت وبقيت صامتا...
أي ضياع ذاك ... فراغ يعم الكون ... كنقطة من لحم بشري تتوه على صفحات الزمان... صفحات سوداء... كسواد ذاك العود... كم من الوقت مضى !! ... أيام !! شهور!! سنوات !! لا يهم ... لا يوجد ما تحصي له وقتك فاليوم... غدا وبالأمس لم يطرق بابي زائر... فقبري بلا عنوان والشاهد كتب عليه انتقل لرحمة الله المدعو فلان.
|
||
|||| العنوان: عندما يهرب بنا العمر
|||| التصنيف: قصص قصيرة / خواطر
|||| كتابة: أحمد أبوزنط
||
|
http://www.lawjo.net/vb/attachment.php?attachmentid=1389&stc=1&d=1286925665
وقفوا جميعا ... التفوا حول مائدة عمري الذي مضى... أشعلوا الشموع ... وبدئوا الغناء ... ضحكوا جميعا ومن ثم نظروا إلي ... أومئوا لي أن أطفئ الشموع ... من غير تفكير دنوت من شمعتي ... اقتربت منها ... أصبحت عيني في عينها ... أنفاسي تقابل أنفاسها ... همست بأذنها ... سأبدأ عاما جديدا بإطفائك ... رمشت عيني لكن شمعتي لم تهتز ... نظرت إلي بقسوة ... كالنعجة التي تنظر في عيني سفاحها... تراجعت... خشيت من نظراتها ... أومأت لي ... أن عد إلي ... دنوت من جديد ... همس لهيبها ... لكني لم أسمع... اقتربت أكثر ... أذني تقابل فمها... همست في أذني ... ستطفئ عاما جديدا بإطفائي ... نظرت إليها ... لم تخشَ شيئا ... مع أن عيني كانتا تقدحا شرارا... لكنها كانت تعلم أنه انعكاس صورتها... نفثت أخر أنفاسي في وجهها... أدارت وجهها...
صعدت روحها نحو السماء... لا ليست روحا ... مجرد دخان... يتصاعد من بقايا هيكلها العظمي ... من ذلك العود الأسود الذي يذكرني بوجهها... كم كان منيرا وجهها... هل كان علي قتلها ؟ لقد قتلت الكثير من قبلها ... ربما عشرون أو اثنان وعشرون... لكنهم لم يهمسوا ... كانوا فقط يحرقون أنفسهم... بدوا سعداء بموتهم... أو بميلادهم ... لكن نحن ... ماذا عنا ؟
هل نسعد لموت أعوامنا أم لميلاد مستقبلنا ! آه ما صعب ميلاد مستقبلنا... مستقبلنا الذي يبدأ عندما يجري بنا العمر وتسبقنا السنون... آه على تلك السنون... كيف مضت... تبخرت من عمري كتصاعد ذلك الدخان... أوه ذاك الدخان... أين هو ... هل اختفى؟
برأسٍ مثقل بصراع المستقبل ركنت إلى جدار من الذكريات... أغمضت عيني... تهت بصفحات من الماضي... عدت إلى الذكريات ... حنين الشتاء ورقصات الصيف في مساء تتلألأ فيه النجوم... رأيت وجها لطفل أعرفه ... يدرج من هنا إلى هناك ...نظر إلي... لم يعرفني... ابتعدَ عني... توددت إليه هرب مني... توسلت إليه أن يكلمني لكنه لم يسمع ... رجوته أن يلتفت إلي لكنه أبى... نظر إلي... تراجعت... خشيت من نظراته... أدار وجهه ثم مضى... تركني ومضى ...ناديته لكنه مضى ... لهثت وراءه... غضبت ... صرخت... بكيت... لكنه مضى ... فهو لا يعرفني ...لكني اعرفه
أنا الذي غدرت أماله... عبثت بأحلامه ... قتلت طفولته ... أنا الذي هربت منه صغيرا... وعندما عدت... لم أجده
يئست... هربت دمعة حارة من بين جفوني المغلقة وسالت على خد كان لوجه طفل أعرفه لكنه لا يعرفني... فتحت عيني... رأيتهم ... وقفوا جميعا حول لحدي المفتوح... يرتلون نشيد الوداع الأخير... داريت دموعي... هربت من نفسي ... ابتسمت ... ولكن ...هربت دمعة أخرى ... فضحت أمري... لكني عدت وابتسمت فهربت دمعة أخرى ... ضحكت ... فنفرت الدموع كلها... علا صوتي بالضحك... أجهشت بالبكاء ... فانفجرت ضحكا... لكني عدت لأنتحب وعلا صوتي بالعويل... ثم صمت وبقيت صامتا...
أي ضياع ذاك ... فراغ يعم الكون ... كنقطة من لحم بشري تتوه على صفحات الزمان... صفحات سوداء... كسواد ذاك العود... كم من الوقت مضى !! ... أيام !! شهور!! سنوات !! لا يهم ... لا يوجد ما تحصي له وقتك فاليوم... غدا وبالأمس لم يطرق بابي زائر... فقبري بلا عنوان والشاهد كتب عليه انتقل لرحمة الله المدعو فلان.