>>معلومات قانونية سريعة:: “ماذا لو تنازل العامل على حق من حقوقه المقررة بقانون العمل؟؟
المادة ٤/ب يعتبر باطل كل شرط في عقد او اتفاق باطل يتنازل فيه العامل عن حق من حقوقه كأن يتنازل العامل عن حقه بالحد الادنى من الاجور.„
  • 01-28-2011, 04:04 PM
    Hosam Hawamdeh
    " التحكيم في منازعات عقود الاستثمار "
    * نشر هذا البحث في مجلة نقابة المحامين العددان التاسع والعاشر أيلول وتشرين أول 2002

    بسم الله الرحمن الرحيم
    " التحكيم في منازعات عقود الاستثمار "



    عمر مشهور حديثة الجازي *
    مقدمة:


    إن الحديث عن الاستثمار يتطلب بالضرورة فهم معانيه وأبعاده في ظل ما يسمى بعصر
    فغالبًا ما تكون نشاطات الإستثمار الدولية متعلقة بحركة ( Globalisation ) العولمة
    البضائع والخدمات ورؤوس الأموال والأشخاص عبر الحدود الوطنية لدول مختلفة ، وعلى
    عكس الإستثمار الوطني حيث يكون المستثمر الوطني على معرفة وإطلاع بالقوانين
    والتعليمات فإن المستثمر الأجنبي لا يكون مطلعًا بشكل كامل على هذه القوانين ، وعادًة ما
    والذي يشكل العصب (FDI) يتخذ الإستثمار الأجنبي شكل الإستثمار الأجنبي المباشر
    .(Portfolio) الأساسي للعولمة أو يتخذ شكل الإستثمار غيرالمباشر
    وكثيرًا ما يتم الإلتجاء إلى التحكيم بوصفه وسيله ودية لفض منازعات الإستثمار بين الدول
    المضيفة وبين المستثمرين الأجانب ، وبصفه خاصة عندما تفشل المفاوضات بين الطرفين .
    وعليه فإن إدراج شرط التحكيم في مجال عقود الاستثمار ليس بالمنهج المستحدث
    ففي بداية القرن المنصرم وفي غياب تشريعات وطنية خاصة بالاستثمار و باستغلال
    الموارد الطبيعية ، درج أطراف عقود الامتياز البترولية وعقود الأشغال العامة على قبول
    شرط التحكيم وخير مثال على ذلك معظم الاتفاقات البترولية التي أبرمتها المملكة العربية
    السعودية مع شركات النفط الأجنبية في القرن الماضي، ونجد شرط التحكيم موجود
    التي تبرم بين الدول المضيفة ودولة (BIT`s ) في أغلب إتفاقيات الإستثمار الثنائية
    * دكتور في الحقوق ، محاضر جامعي غير متفرغ ومحامٍ مزاول في الأردن

    المستثمر الأجنبي وغالبًا ما تمنح هذه الإتفاقيات الحماية الكافية لرعايا الدول الأخرى
    الطرف في هذه الإتفاقية بما في ذلك الحماية من إجراءات الدولة المضيفة الإستثنائية وما قد
    يلحق ذلك من إجراءات تمس أموال المستثمر وتعيق من حركة أمواله . والهدف الرئيسي من
    هذه الإتفاقيات هو وضع نظام شامل لجميع الموضوعات الخاصة بالإستثمار وتتضمن شروط
    هذه الإتفاقيات على سبيل المثال، عدم التمييز في المعاملة ومبدأ عدم التدخل في العلاقات
    التعاقدية والسماح بإعادة الدخل إلى دولة المستثمر بالعملة المّحوله، وكذلك الحق في الحماية
    والضمان الكاملين والسماح بالتعويض السريع والكافي في حالة صدور قرارات بتأميم أو نزع
    الملكية للمنفعة العامة من الدولة المضيفة ، كل هذا تمت الإشارة إليه في قانون تشجيع
    الاستثمار الأردني.وفي هذا الصدد تجدر الإشارة إلى أن الأردن يرتبط مع دول شقيقة وأخرى
    صديقة باتفاقيات التشجيع والحماية المتبادلة للإستثمارات الثنائية والتي يبلغ عددها سبع
    وعشرون اتفاقية .
    (ICSID) مركز تسوية منازعات الاستثمار
    في كثير من الحالات قد يتطلب شرط التحكيم من الطرف صاحب المطالبة الدخول في
    مفاوضات ونقاشات مع الطرف الآخر قبل اللجوء إلى التحكيم لتسوية النزاع و بربط ذلك بمدة
    وكثيرًا ما تحيل بنود التحكيم هذه النزاعات الى . (Pre-Arbitral Process) زمنية معينة
    في واشنطن حيث أن ( ICSID ) المركز الدولي لتسوية منازعات الإستثمار
    هناك ما يزيد عن سبعمائة اتفاقية استثمار ثنائية من أصل ألفي اتفاقية تحيل النزاعات
    إليه . ومن الجدير بالذكر أن هناك ثلاث عشر دولة عربية قد صادقت على اتفاقية واشنطن
    لتسوية منازعات الإستثمار لعام 1965 ومن بينها الأردن الذي وقع على الإتفاقية

    الأردن هي : الجزائر ، البحرين، مصر ، الكويت ، المغرب ، عُمان ، المملكة العربية
    السعودية ، السودان ، تونس والإمارات العربية المتحدة ، أما الجمهورية اليمنية فقد قامت
    بالتوقيع على الاتفاقية ولكنها لم تصادق عليها حتى الآن ومن هذه الدول كالسعودية والإمارات
    من تشترط موافقة مجلس الوزراء المسبقة للدخول في أي إتفاقيات تحكيم .
    وقد تكون احالة النزاعات الى المركز الدولي لتسوية منازعات الإستثمار
    واردة في نص تشريعي ، وغالبًا ما يكون هذا النص موجود في قوانين تشجيع (ICSID)
    الإستثمار كما هي الحال في المادة ( 33 ) من قانون تشجيع الإستثمار الأردني رقم ( 16 ) لعام


    أو المركز إذا لم تتم تسويته وديًا خلال مدة لا تزيد على ستة اشهر. ومن خلال مطالعة
    القضايا المفصولة عن طريق المركز يتبين أن هناك أربع قضايا بأطراف عربية هي المغرب
    ومصر وتونس قد فصلت بعد عرضها على المركز ، أما بالنسبة للقضايا المنظورة أمام
    المركز حاليًا فإن هناك سبع قضايا بأطراف عربية ما زال المركز ينظر فيها وهذه الأطراف
    هي : المغرب والإمارات ومصر .
    وفي ظل اعتقاد سائد بأن الأجهزة القضائية في الدول النامية ليست على الدرجة الكافية من
    الاستقلال في مواجهة السلطة السياسية ، وفي ظل غياب المحاكم الوطنية لدى هذه الدول التي
    تتوافر لها الدراية بشؤون الاستثمار فإن التحكيم الدولي بات وسيلة مقنعة ووحيدة من وجهة
    نظر المستثمر الأجنبي لتسوية وفض منازعاته مع الدول المضيفة .
    إن وضع التحكيم الدولي وتوظيفه في خدمة العلاقات الاقتصادية الدولية لا يجب أن يقتصر
    فحسب على تشجيع الاستثمار الخاص الأجنبي وإنما يجب أن يتم من منظور المصلحة
    المتبادلة للطرفين المستثمرالأجنبي والدولة المضيفة وهو ما يقتضي الأخذ في الاعتبار الطبيعة
    الخاصة لمنازعات الاستثمار .
    (BIT’s) اتفاقيات الاستثمار الثنائية
    إن أهم ما يميز التحكيم في المنازعات التي تنشأ بين الدولة المضيفة والمستثمر الأجنبي عن
    المفهوم التقليدي للتحكيم التجاري الدولي يتمثل في أن الإختصاص والسند الأساسي لهذا النوع
    أم الجماعية (BIT`s) من التحكيم ينشأ عن معاهدات الإستثمار المختلفة سواء الثنائية
    في حين أن مصدر التحكيم التجاري الدولي هو اتفاقيات خاصة بحتة . (MIT`s)
    كانت اتفاقيات ( ICSID ) قبل إتفاقية واشنطن وتأسيس مركز تسوية منازعات الإستثمار
    أي لتسوية المنازعات (Horizontal) تشتمل على بنود أفقية ( BIT`s ) الإستثمار الثنائية
    أي لتسوية المنازعات بين المستثمر الأجنبي (Diagonal) بين الدول ، ولم تكن البنود قطرية
    والدولة المضيفة موجودة إلا في عقود الإستثمار المبرمة مباشرة بين المستثمر والدولة
    المضيفة ومثال على ذلك اتفاقية الاستثمار الثنائية المبرمة بين سويسرا والأردن عام
    وقد حّلت محل هذه الإتفاقية بعد (Horizontal ) 1976 والتي احتوت على بند أفقي
    . ( Diagonal ) ذلك، إتفاقية جديدة بين البلدين أبرمت عام 2001 واحتوت على بند قطري

    الدولة كطرف في منازعات الاستثمار
    إن أهم خصوصية من خصوصيات التحكيم في مجال منازعات الاستثمار تتمثل في وجود
    الدولة أو أحد أشخاصها الاعتباريةالعامة طرفًا في هذه المنازعات مما يضفي على هذا التحكيم
    طابعًا خاصًا ، هذا الطابع الخاص يستمد أساسه في بعض الحالات من واقعة عدم توافر القدرة
    لدى الشخص الاعتباري العام على الدخول طرفًا في اتفاق تحكيمي أو نظرًا الى اعتبارات
    السيادة التي قد تحيط ببعض التصرفات التي يجريها هذا الشخص الاعتباري .
    فقد شهد العالم خلال الأعوام الماضية تطورًا ملحوظًا في دور الدولة تمثل في قيامها وكذلك
    الأشخاص الاعتبارية التابعة لها بأنشطة اقتصادية كانت تقتصرمن قبل على المبادرات
    الفردية أو أشخاص القانون الخاص الاعتبارية بوجه عام . وقد واكب التدخل المتعاظم للدول
    في مجال المعاملات الإقتصادية الدولية انتشار الأخذ بأسلوب التحكيم كوسيلة خاصة لفض
    المنازعات المتعلقة بأنشطة التجارة الدولية لتتلائم مع طبيعتها وتتفق مع مقتضياتها وتلبي
    احتياجاتها .
    وفي الواقع ، فإن هناك إحساسًا لدى الكثيرين بأن التحكيم لا يمثل ضمانات حقيقية للدولة
    المضيفة وأنه ليس إ ّ لا وسيلة لحماية المستثمرين تضمن لهم تطبيق نظم قانونية دولية لا تأخذ
    في الاعتبار الظروف الخاصة بالدولة أو قوانينها الداخلية ، فقبول الدول النامية للجوء للتحكيم
    أساسه حاجتها الملحة للحصول على رؤوس الأموال اللازمة لتحقيق خططها التنموية وليس
    بالضرورة عن قناعة من جانبها بملائمة التحكيم لفض منازعات الاستثمار .
    من خلال العرض لموضوع هذه المطالعة يصعب علينا الخوض في مشكلة تكييف قدرة
    أشخاص القانون العام الاعتبارية على الدخول طرفًا في اتفاق تحكيمي وما قد يترتب على ذلك
    من اعتبار لجوء الدول للتحكيم تناز ً لا ضمنيًا عن الحصانة القضائية . ما يهمنا في هذا الصدد
    التأكيد على أن وجود الدولة أو أحد أشخاصها الاعتبارية العامة طرفًا في التحكيم في
    منازعات الاستثمار يضفي على هذا النوع من التحكيم طابعًا خاصًا يستلزم المعالجة المتأنية
    حتى لا يفقد التحكيم فاعليته في هذا المجال وتنهار إحدى الضمانات الهامة التي يعّول عليها
    المستثمر فتدفعه إما إلى الإحجام عن الاستثمار أو طلب نقل عبء مخاطر هذا الاستثمار إلى
    إحدى وكالات أو مؤسسات الضمان المتخصصة كالوكالة العربية لضمان الاستثمار أو غيرها
    لذا فقد كان طبيعيًا اعتبار النصوص القانونية المانعة للأشخاص الاعتبارية العامة من اللجوء
    للتحكيم غير مبررة وتسير ضد التيار . وتجدر الاشارة هنا إلى أن مفهوم الحصانة القضائية

    التي أرست دعائمها مبادىء القانون الدولي العام أصبح مح ً لا للجدل عند الحديث عن
    منازعات الإستثمار خاصة أن الاتجاه الفقهي والقضائي والذي تبنته العديد من أحكام التحكيم
    يرى في اتفاقات التحكيم التي تبرمها الدول في احدى هذه المجالات تناز ً لا عن هذه الحصانة
    القضائية .
    من أجل استقرار المعاملات فإنه يجب على الدولة المضيفة أن تفي بما قطعته على نفسها من
    التزامات وما وعدت به المستثمر من ضمانات ، فالمسألة لا تتعلق باستدراج المستثمر
    للإستثمار وإنما يجب أن ينصب اهتمام الدول على توفير الثقة لدى هذا المستثمر ، فما الذي
    يضير الدولة من اللجوء الى التحكيم اذا كانت حقوقها واضحة وحجج خصمها داحضة، أما
    اذا كانت غاية الدولة الإلتفاف حول تعهداتها فقد تكسب دعواها ا ّ لا أن مردود مواقفها تلك
    على مناخ الاستثمار يجعلها هي الخاسرة في النهاية وفاقدة لمصداقيتها .
    إن روابط الاستثمار بطبيعتها ذات آجال طويلة ، كما أنها ذات صلة وثيقة بكيان الدولة
    المضيفة سواء بطريق مباشر ، عندما يتعلق الأمر باستغلال الثروات الطبيعية للبلاد أو
    بطريق غير مباشر ، من ناحية تأثيرها في خطط التنمية الاقتصادية للبلاد ، مما جعل للدولة
    كطرف في هذه الروابط امتيازات وصلاحيات تضفي على المنازعات التي تثور بمناسبة
    استخدامها طابعًا خاصًا .
    لذا كان من الطبيعي أن تدور منازعات الاستثمار حول ت ّ غير الظروف السياسية والاجتماعية
    والاقتصادية التي صاحبت نشأة عقد الاستثمار مما قد يدعو الى ضرورة مراجعة أو إعادة
    التفاوض بشأن إلتزامات أطرافه ، وقد تدفع مثل هذه المتغيرات بالدولة الى اتخاذ بعض
    الاجراءات أو اللجوء لبعض الأعمال النابعة من سلطاتها السيادية .
    إن التوازن الاقتصادي يعد من العناصر الهامة في العقود بصفة عامة وخصوصًا في مجال
    الاستثمار. هذا التوازن الاقتصادي يتأثر بلا شك بفعل الت ّ غير في الظروف التي عاصرت إبرام
    العقد ، تلك الظروف قد تعرض هذا التوازن للإنهيار التام كما في حالات القوة القاهرة ، وقد
    تصيب هذا التوازن بالخلل مما يدعو الأطراف الى مراجعة العقد وإعادة التفاوض بشأن
    شروطه ، ولهذا فقد جرى العمل على إدراج شرط القوة القاهرة في عقود الاستثمار . إلا أن
    ذلك لم يحل دون حدوث كثير من المنازعات الناتجة عن اعمال هذا الشرط والتي أكدت في
    الوقت نفسه على أن التحكيم هو الوسيلة المثلى لفض منازعات الإستثمار بصفة عامة.

    القوة القاهرة كسبب من أسباب منازعات الاستثمار
    إن المنازعات التي تدور حول حالة القوة القاهرة يغلب عليها الطابع الفني ومن ثم فإن الفصل
    فيها يحتاج إلى آلية خاصة يتوافر للقائمين عليها الخبرة والدراية العلمية الكافية . هنا تبرز
    أهمية التحكيم لفض مثل هذه المنازعات وذلك لأن الأطراف لا يودون في الغالب إنهاء
    رابطتهم العقدية بسبب هذا الحدث الذي أوجد حالة من القوة القاهرة ، وإنما قد يجدون من
    المناسب أكثر من ذلك أن يعيدوا النظر في هذه الرابطة لتصبح أكثر توافقًا مع الظروف
    الجديدة ولينطلق تعاونهم من جديد على أساسها في مثل هذا المناخ الذي لا يتسم بالّندية التي
    تسود الخصومات عادًة ، وذلك على عكس القواعد العامة المستقرة في معظم الأنظمة القانونية
    حيث قد يفضل الأطراف انهاء الروابط فيما بينهم .
    في الواقع إن الغرض من إدراج شرط القوة القاهرة في مجال العقود بصفة عامة هو تحديد
    المقصود بها ، وذلك إما بالإحالة في مثل هذا الصدد لنظام قانوني معين وغالبًا ما يكون
    القانون الواجب التطبيق على العقد نفسه ، أو إجراء تحديد حصري يتضمن بيانًا جامعًا
    بالأحداث التي تندرج تحت هذا المصطلح ، وهنا تكون لعقود الاستثمار خصوصيتها لارتباط
    هذه الأحداث عادة بالحياة الإقتصادية والإجتماعية والسياسية أو لصلتها بطبيعة النشاط
    الإقتصادي نفسه .
    إذا كانت القواعد العامة تقضي بأن القوة القاهرة من شأنها انقضاء الالتزام وعدم تحمل المدين
    تبعة عدم تنفيذه خصوصًا في العقود ذات الإلتزامات المتقابلة ، فإن الأمر يختلف في عقود
    الاستثمار حيث أن هناك حرص على مواجهة الأحداث المستقبلية عند وقوعها لضمان
    استمرار هذه العلاقة الاستثمارية بين الأطراف المعنية .
    كما سبق أن أوضحت ، فإنه لا شك أن مهمة الفصل في المنازعات التي تدور حول تحقق
    شرط القوة القاهرة والنتائج المترتبة على ثبوته ، هي مهمة فنية في المقام الأول . فالمنازعة
    قد تتعلق بتنفيذ غير مطابق للمواصفات في ظل القوة القاهرة التي حالت دون التنفيذ الأمثل
    المتفق عليه في العقد ، وقد تتعلق المنازعة بتحديد درجة الخطر الذي لحق بالمتعاقد الآخر
    وما اذا كان مبررًا كافيًا لايقاف العقد أو أنه قد وصل الى درجة يتعين معها إنهاؤه ،
    كما قد تدور المنازعة حول اقرار مبدأ التعويض ، إن كان له محل طبقًا لشروط العقد ومداه .
    هذه المسائل ذات الطبيعة الفنية تضاعف من صعوبة المهام الملقاة على عاتق هيئات التحكيم ،
    فحتى على فرض تعيين هذه الهيئات التحكيمية لخبراء على مستوى عالٍ من التخصص في

    هذا المجال فإن مرور الوقت بين وقوع أحداث القوة القاهرة واحالة النزاع للتحكيم ثم
    تعيين خبراء يجعل من المتعذر الوصول الى نتائج تتفق وظروف النزاع خاصً ة اذا ما أخذنا
    بعين الإعتبار من أن اللجوء للتحكيم غالبًا ما لا يحدث ا ّ لا بعد مناقشات ومفاوضات بين
    أطرافه محاولة للوصول الى تسوية سلمية للنزاع .
    بشكل عام فإنه في حالة غياب شرط صريح خاص بالقوة القاهرة يحدد نتائجها، أو في حالة
    عدم وجود اتفاق أص ً لا بين الأطراف حول هذه النتائج فإن تحديد أثر هذه القوة القاهرة على
    استمرارية العقد يدخل في الاختصاص الأصيل لهيئة التحكيم فتختص هذه الهيئة بإعادة
    ضبط العلاقة القانونية بين أطرافها وإعادة التوازن للعقد مرة ثانية .
    محاذير الشركات الأجنبية المستثمرة
    إن معظم النزاعات التي تقوم بين حكومات الدول المضيفة ، والنامية منها بصفة خاصة ،
    والشركات الأجنبية ، مبعثها تمسّك هذه الحكومات بضرورة توفر المزيد من المرونة في
    النظام العقدي الذي يربطهما حتى يتسنى له استيعاب المتغيرات الجذرية في الظروف السياسية
    أو الإقتصادية أو الإجتماعية للبلاد في حين أن الشركات تتمسك عادة باستقرار هذه العلاقات
    العقدية واستمرارها دونما تعديل أو تبديل في نصوصها .
    فهذه الشركات تحرص قبل دخولها في اتفاقات ذات آجال طويلة كعقود الامتياز والمشروعات
    المشتركة وعقود الخدمات ، أن تجري دراسات مستفيضة تتعلق بالتخطيط المالي

    بغرض تحديد المردود المتوقع (Risk Analysis) وتحديد المخاطر المتوقعة ( Flow
    لاستثماراتها . ولكي تتمكن هذه الشركات من إقامة دراساتها وتحليلاتها على أسس علمية
    وعملية سليمة فإنها تطلب من حكومات الدول المضيفة بيانًا بكل الأعباء الضريبية التي يتعين
    عليها أداؤها طوال فترة العقد ، وبيان بالاعفاءات التي ستحصل عليها هذه الشركات
    وحدودها، و موافاتها أيضًا بمزيد من التفاصيل حول قوانين العمل والضمان الاجتماعي
    ....الخ .
    ومن ناحية أخرى ، فالمستثمر غالبًا لا يملك كل الأموال المستثمرة في المشروع ومن ثم فإن
    البنوك والمؤسسات المالية الأخرى التي تسانده في تمويل المشروع تتطلب مراجعة العقود
    النهائية المتوقع ابرامها حيث تبني قرارها النهائي على المضمون الفعلي للأعباء التي
    يتحملها المستثمر وعائدات المشروع والضمانات القوية التي يكون قد حصل عليها من الدولة

    المضيفة. وعليه فإننا نجد أن بعض اتفاقات الاستثمار ، بناءً على رغبة المستثمر
    ومن ثم فإنها ، (Stability Clauses) وطلبه تتضمن ما يعرف بشروط الثبات والإستقرار
    تحظر على الحكومة إجراء أي تعديل أو مخالفة لشروط الاتفاق أو اتخاذ أي تدابير ادارية أو
    تشريعية من شأنها مخالفة هذه الشروط .
    أما من وجهة نظر حكومات الدول المضيفة فإن عقود الاستثمار في طبيعتها الخاصة هي أشبه
    بوثيقة دستورية مرنة قابلة للتطوير تبعًا للتغير في الظروف . فعقود الاستثمار تمتد لآجال
    طويلة ، الشيء الوحيد المؤكد هنا أنه خلال سنوات التنفيذ فإن المناخ السياسي والاقتصادي
    والاجتماعي قد تصادفه تغيّرات جذرية تستلزم في المقابل تغييرات في نصوص هذه العقود
    واشتراطاتها .
    ومن هذا المنطلق وأمام تردد المستثمر عادًة في تقبله لإعادة النظر مرة أخرى في شروط
    العقد ، خاصة اذا كانت لصالحه بصفة مطلقة ، فإن بعض الدول تحرص على
    تضمين العقد ما يعرف بشروط المراقبة أو إعادة التفاوض التي تقوم على ضرورة الأخذ
    في الإعتبار بالسمة المتغيرة لظروف التعاقد في الاتفاقيات ذات الآجال الطويلة .
    و نستطيع القول إن وجود هذه الدول النامية كطرف في غالبية عقود الاستثمار ، وما يرتبط
    به هذا الوجود من عوامل سياسية واقتصادية تعزز الحاجة الى إعادة النظر والتفاوض في
    شروط هذه العقود . فهناك العديد من اتفاقات الاستثمار السارية المفعول الآن ولفترات زمنية
    طويلة مقبلة ، قد أبرمت مع شركات أجنبية إبان احتلال الدولة التابعة لها للدولة النامية ، هذه
    الاتفاقات نجدها مثقلة بالامتيازات والاعفاءات والضمانات التي تتحملها الدولة النامية .إن
    الظروف التي أبرمت فيها هذه الاتفاقيات لا يمكن معها حتى الإدعاء
    بأنها كانت وليدة الارادة الحرة لأطرافها ، وإنما هي في الحقيقة وليدة رغبات طرف مملاة
    على الطرف الآخر مثلها مثل عقود الإذعان ، والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو أ ّ لا يعتبر
    الت ّ غير في الظروف السياسية للبلاد بعد أن نالت استقلالها ظرفًا جوهريًا يدعو لمراجعة هذه
    الإتفاقيات ؟
    حتى اتفاقيات الاستثمار التي أبرمت بعد أن نالت هذه الدول استقلالها حديثًا لم تكن ظروف
    ابرامها بأحسن حال من سابقتها ، فالإقتصاديات المنهارة لتلك الدول لم تكن لتجعل منها
    الطرف القوي المفاوض أمام شركات عملاقة مسيطرة تفوق وسائلها وامكاناتها لما هو متاح

    لكثير من الدول النامية. ألا يقتضي ذلك عدالة أن يعاد النظر في هذه الاتفاقيات بعد مرور
    فترات زمنية طويلة على إبرامها ؟.
    بالرغم من أن مفهوم إعادة التفاوض في شأن عقود التنمية الإقتصادية أصبح مبررًا ومقبو ً لا
    فإن مشكلة مراجعة عقود الإستثمار وإعادة التفاوض بشأنها تمثل جانبًا كبيرًا من المنازعات
    التي تنشأ بين المستثمر والدولة المضيفة الأمر الذي يدعونا لبحث مدى ملائمة حل مثل هذه
    المنازعات عن طريق التحكيم .
    يعد أكثر ملائمة لتسوية (Conciliation) ومن ناحية أخرى يرى جانب من الفقه أن التوفيق
    منازعات الإستثمار بصفة عامة وفي مجال تسوية المنازعات المتعلقة بإعادة التفاوض بصفة
    خاصة حيث أن معظم هذه المنازعات هي منازعات غير قانونية ولا تتعلق بالغالب
    بتفسير الشروط التعاقدية وإنما تقوم على ضرورة العمل على تعديلها . ولكن هذا لا ينفي
    أن تكون هذه المنازعات مح ً لا للتسوية بطريق التحكيم مع مراعاة مبادىء العدل والانصاف .
    إجراءات الدولة المضيفة الانفرادية
    يفرق الفقه عادًة بين نوعين من الإجراءات الإنفرادية التي تقدم عليها الدولة في عقد الإستثمار
    وتؤثر بطريق غير مباشر على تسوية المنازعات بطريق التحكيم . النوع الأول من
    هذه الإجراءات يتمثل في قيام الدولة بإحداث تغييرات جوهرية في تشريعها الوطني مما قد
    يؤثر على مدى سلطتها في اللجوء إلى التحكيم أو الإلتزام بأحكامه أو قد يكون من شأن هذه
    التغييرات التعديل في القواعد القانونية التي تحكم تسوية النزاع . أما النوع الثاني ، فيقصد به
    الإجراءات التي تتخذها الدولة لإبطال أو فسخ عقد الإستثمار الذي يتضمن الإتفاق التحكيمي
    ذاته .
    قد لا يتضمن النظام القانوني للدولة عند توقيع اتفاق التحكيم أي نص مانع يحظر على الدولة
    اللجوء إلى التحكيم ، إ ّ لا أنه خلال سريان هذا الإتفاق أو خلال إجراءات التحكيم ذاتها قد
    يصدر تشريع جديد يتضمن هذا الحظر . السؤال الذي يطرح نفسه هو ما مدى تأثير ذلك على
    اتفاقيات التحكيم القائمة ومدى اخلاله بالضمانات التي يكون المستثمر قد عّول عليها عند
    "EPIDC" إبرامه العقد المتنازع في شأنه؟( قضية هيئة التنمية الصناعية لباكستان الشرقية
    الفرنسية) والتي يمكن تسميتها بأنها كانت قضية مرعبة في مجال التحكيم SGIM وشركة
    الدولي، مثال آخر أن تقوم الدولة بإصدار قانون جديد ينص على أنه لا يجوز رفع دعوى
    على الدولة إ ّ لا أمام محاكمها الوطنية للتهرب من شرط التحكيم .

    أقرت معظم تشريعات التحكيم الحديثة ومنها قانون التحكيم الأردني مبدأ استقلالية شرط
    وذلك في المادة ( 22 ) من القانون فيما ذهبت بعض ( Severability ) التحكيم بصفة عامة
    الدول إلى الإعتراف بهذا المبدأ في مجال التحكيم الدولي فقط . ويعتبر هذا المبدأ الأساس
    ( Competence- Competence) القانوني والواقعي لمبدأ آخرهو الإختصاص بالإختصاص
    الذي نصت عليه المادة ( 21 ) من قانون التحكيم الأردني والذي يمنح هيئة التحكيم
    صلاحية النظر في كافة الطعون والدفوع في اختصاص هيئة التحكيم ذاتها وهذا يسري
    أيضًا على شروط التحكيم الواردة في عقود الإستثمار.
    وقد تقدم الدولة الطرف في اتفاقات الإستثمار على تأميم أو نزع ملكية المشروع محل هذا
    الاتفاق. فهل تحول اعتبارات السيادة التي دفعت الدولة لاتخاذ هذه التدابير دون عقد
    الاختصاص لهيئة التحكيم للنظر في المنازعات الناشئة عنها؟ هل يجوز لهيئة التحكيم أن
    تراجع بواعث هذا العمل السيادي وأن تحكم بإلغائه؟
    عبرت العديد من الحكومات عن رفضها لاختصاص هيئات التحكيم بالنظر في هذه الاجراءات
    الانفرادية التي تتخذها دولها بهدف تحقيق الصالح العام خصوصًا اذا اتخذت هذه الاجراءات
    في إطار تحقيق برنامج اقتصادي ذو نفع عام ، مثال على ذلك ، تأكيد الحكومة الإيرانية أمام
    محكمة العدل الدولية أن تأميم صناعة البترول مرتبط بممارسة إيران لسيادتها وبالتالي تعتبر
    . ( non-arbitrable) هذه الاجراءات من المسائل غير القابلة للتحكيم
    ومفاد هذا التوجه أنه لا يجوز لهيئة التحكيم أن تتعرض لشرعية اجراءات التأميم أو المصادرة
    وإنما يتعين أن ينحصر اختصاصها في حدود النظر في التعويضات الملائمة. ويلاحظ في
    هذا المجال أن التحديد الذي أوردته اتفاقية واشنطن لتسوية منازعات الإستثمار يخلو من أي
    تحديد في هذا السياق ، فالمادة ( 25 ) من هذه الاتفاقية اقتصرت على تحديد اختصاص
    بالمنازعات ذات الطابع القانونية، ( ICSID ) المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار
    فاختصاص المركز هنا يتحدد بالنظر في المنازعة حول التعويض التي هي منازعة ذات
    طابع قانوني حيث تتصل بمدى الاصلاح الواجب والمترتب عن نقض إلتزام قانوني معين .
    وعليه ، فإنه إذا كانت هذه السلطات السيادية التي تملكها الدولة تمكنها من اتخاذ اجراءات
    استثنائية كالتأميم أو المصادرة ، فإن شرط التحكيم يظل له جدواه و فاعليته .

    إن هذه الاجراءات الاستثنائية حتى لو غلب عليها الطابع السياسي فإن المنازعات التي تدور
    حولها هي ذات طابع قانوني يتعلق بتحديد مدى الضرر الذي لحق بالمستثمر حيال نقض
    الدولة لإلتزاماتها وتعهداتها وهي من المسائل التي تدخل في الاختصاص الأصيل لهيئة
    التحكيم .
    خاتمة
    يمكن القول أن نجاح أسلوب التحكيم الدولي في إطار منازعات الاستثمار منوطًا بمدى تحقيقه
    للتوازن المنشود بين حقوق المستثمر الأجنبي وضماناته وبين متطلبات خطط التنمية
    الاقتصادية للبلاد النامية ومن ثم بات مؤكدًا ضرورة تطوير التحكيم الدولي بما يتوافق مع
    طبيعة روابط الاستثمار وخصوصية ما تفرزه من منازعات . وما زالت الحاجة قائمة لتطوير
    التحكيم الدولي في مجال منازعات الاستثمار وايجاد صيغة دولية قادرة على تقنين كثير من
    القواعد المادية الكفيلة بحماية رأس المال الأجنبي وإقامة العدالة المتوازنة التي تتطلع إليها
    الدول النامية.
    كإطار محايد ( ICSID ) ويجب التنويه هنا بأن وجود مركز لتسوية منازعات الإستثمار مثل
    والذي صمم خصيصًا كي يتعامل مع منازعات استثمارات ذات خصوصية بين المستثمرين
    من القطاع الخاص، والدول المضيفة ساهم في تعزيز وتشجيع الإستثمارات الخاصة ، لاسيّما
    في الدول ذات الإقتصاديات النامية .
    إن المرونة والتدابير الرقابية التي تقدمها اتفاقية واشنطن تضمن أن الإحتياجات الخاصة لكل
    من الدول المضيفة ومستثمري القطاع الخاص يتم الاستجابة لها ، وبلا شك أن المركز سيبقى
    آلية ضرورية وفاعله تحقق المصلحة المرتقبة للمجتمع الدولي .
    وأنهي مطالعتي هذه بالتأكيد على أن التحكيم هو الوسيلة المثلى لفض منازعات عقود
    الإستثمار خصوصًا في ظل ما نشهده من تغيرات متتابعة في عصرنا هذا وتحديدًا في منطقتنا
    العربية .