حقوق المرأة في قانون الجنسية
الجنسية عنوان المواطنة ويمكن تعريفها بأنها " رابطة قانونية سياسية تربط شخصاً ما بدولة ما مما يجعله واحداً من مواطنيها "، وهي رابطة قـانونية لأنها ترتب حـقوقاً وواجبات ينظمها دسـتور الدولة وقوانينها ، وهي سياسية لأنها تحدد الجماعة السياسية التي تشكل شعب الـدولة ، والشعب هو ركن من أركان الدولة إضافة إلى الإقليم والسلطة ، بل هو ركنها الأهم .
وأي إنكار للحق في الجنسية قد تنشأ عنه صعوبات ومعاناة وقد يؤدي إلى حالة إنعدام الجنسية وهي حالة يمكن تعريفها على أنها " حالة تنعدم فيها الرابطة القانونية والسياسية التي تربط الفرد بدولة ما . وبالتالي يصبح الفرد عديم الجنسية غير متمتع بحماية أي دولة وغير منتمي الى اية دولة .وهى حالة غير انسانية يترتب عليها نتائج عديدة سلبية على الفرد والدولة معاً ، كما أنها حالة تنطوي على انتهاك للحقوق الانسانية المدنية والسياسية ،الاقتصادية ، الاجتماعية والثقافية للفرد وقد تهدد إستقرار وتماسك المجتمع . ومن صور المعاناة الممكنة بالنسبة لعديمي الجنسية :
1- الحرمان من دخول المدارس والجامعات .
2- الحرمان من الحصول على عمل او وظيفة
3- الحرمان من التامين الصحي والرعاية الصحية .
4- الحرمان من التنقل والسفر .
5- الحرمان من الوثائق الثبوتية .
6- الحرمان من الزواج وتكوين اسرة .
7- الحرمان من الأمان والاستقرار .
8- الحرمان من الهوية والانتماء.
9- الحرمان من التمتع بالحماية القانونية .
10- الحرمان من المشاركة في الحياة العامة والسياسية (الانتخاب والترشيح ...).
11- الحرمان من الملكية .
وغيرها من صور الحرمان والانتهاك للحقوق الانسانية الاساسية وتعاني بعض الفئات بشكل خاص وبصورة مضاعفة من حالة انعدام الجنسية كالنساء والاطفال واللاجئين . وقد نصت المادة 15 من الاعلان العالمي لحقوق الانسان الصادر عام 1948 على ما يلي :
1 – لكل فرد حق التمتع بجنسية ما.
2 – لا يجوز تعسفاً حرمان أي شخص من جنسيته ، ولا من حق تغيير جنسيته . كما أقر المجتمع الدولي عام 1954 إتفاقية بشأن خفض حالات إنعدام الجنسية وجاء في المادة 1 منها " تمنح كل دولة متعاقدة جنسيتها للشخص الذي يولد على إقليمها ويكون لولا ذلك عديم الجنسية ويتم منح هذه الجنسية ؛
أ ) بحكم القانون لدى الولادة .
ب ) بناء على طلب يقدم إلى السلطة المختصة ... إلخ .
كما جاء في المادة 7 من إتفاقية حقوق الطفل :
1 – يسجل الطفل بعد ولادته فوراً ويكون له الحق منذ ولادته في إسم والحق في إكتساب جنسية ويكون له قدر الإمكان الحق في معرفة والـديه وتلقي رعايتهما .
2 – تكفل الدول الأطراف إعمال هذه الحقوق وفقاً لقانونها الوطني وإلتزامها بموجب الصكوك الدولية ذات الصلة ، ولا سيما حيث يعتبر الطفل عديم الجنسية في حال كفالة حقه .
وقد أكدت المادة 8 من هذه الإتفاقية هذا الحق .
ومن الجدير ذكره أن الأردن وقع هذه الإتفاقية وصادق عليها ولم يبد أي تحفظ على هذه المواد .
وتأكيداً لمبدأ المساواة أمام القانون بين المرأة والرجل نصت إتفاقية القضاء على جميع اشكال التمييز ضد المرأة التي صادق عليها الأردن كذلك ولكن مع التحفظ حيث ورد في المادة 9 منها ما يلي : -
1 - تمنح الدول الأطراف المرأة حقوقاً مساوية لحقوق الرجل في إكتساب جنسيتها أو تغييرها أو الإحتفاظ بها ، وتضمن بوجه خاص ألا يترتب على الزواج من أجنبي ، أو على تغيير الزوج لجنسيته أثناء الزواج ، أن تتغير تلقائياً جنسية الزوجة ، أو أن تصبح بلا جنسية أو أن تفرض عليها جنسية الزوج .
2 – تمنح الدول الأطراف المرأة حقاً مساوياً لحق الرجل فيما يتعلق بجنسية أطفالهما . وقد تم تعديل قانون الجنسية بصورة تطابق ما ورد في الفقرة الأولى من هذه المادة ولكن لم يتم التعديل بالنسبة لما ورد في الفقرة 2 منها .
وترى معظم المنظمات الحقوقية والنسائية أن التحفظ على هذه المادة ليس له سند دستوري أو شرعي ، بل أن التمييز والضرر الذي يصيب النساء والأطفال والناشئ عن هذا التمييز هو الأمر غير الدستوري وغير الشرعي ، ويطالبون برفع هذا التحفظ والإلتزام بالقضاء على التمييز ضد المرأة في هذا المجال .
وتتفاوت تشريعات الدول العربية في الإعتداد بدور الأم في نقل الجنسية إلى الأبناء ولكنها تتفق على الغالب في عدم المساواة تماماً بين الأب والأم في هذا المجال ويمكن تقسيم هذه التشريعات إلى فئات منها ؛
فئة تغفل دور الأم تماماً في نقل الجنسية ( مثال هذه الفئة دولة قطر )
فئة تعلق دخول أبناء الأم في جنسية الدولة على السلطة التقديرية للدولة ( مثال هذه الفئة دولة الكويت ) .
فئة لا تعتد بدور الأم إلا في حالة الولد غير الشرعي وبشروط معقدة ( مثال هذه الفئة لنان )
فئة لا تعتد بدور الأم في حالة الولد غير الشرعي إلا إذا تمت الولادة بإقليم الدولة ( مثال هذه الفئة سوريا والأردن ) .
ولكن العديد من الدول العربية أدخلت خلال السنوات الأخيرة تعديلات على قوانين الجنسية أقرت بالحق في الجنسية لأبناء المرأة المواطنة منها تونس ،مصر وأخيراً المغرب .
الجنسية في التشريعات الأردنية
في الدستور : -
* نصت المادة 5 من الدستور : الجنسية الأردنية تحدد بقانون .
* أما المادة 6 فقرة 1 من الدستور فقد نصت : الأردنيون أمام القانون سواء لا تمييز بينهم في الحقوق والواجبات وإن إختلفوا في العرق أو اللغة أو الدين .
وجاء في الميثاق الوطني الأردني الذي يمكن إعتباره وثقة تفسيرية لأحكام الدستور " الأردنيون رجالاً ونساءاً أمام القانون سواء ... إلخ .
أما قانون الجنسية الأردني رقم 6 لسنة 1954 فيتضمن أحكاماً عامة تتعلق بالحق في الجنسية كحق أصيل وبالحق في التجنس أي إكتساب الجنسية الأردنية ضمن شروط ، والجنسية بالتبعية .
وفيما يتعلق بالجنسية كحق أصيل جاء في القانون : -
* المادة 2 بعنوان / التعريفات : تعني كلمة ( أردني ) كل شخص حاز الجنسية الأردنية بمقتضى أحكام هذا القانون .
* وجاء في المادة 3 من القانون : يعتبر أردني الجنسية :
1 – كل من حصل على الجنسية الأردنية أو جواز سفر أردني بمقتضى قانون الجنسية الأردنية لعام 1928 وتعديلاته والقانون رقم 6 لسنة 1954 وهذا القانون .
2 – كل من يحمل الجنسية الفلسطينية من غير اليهود قبل تاريخ 15 / 5 / 1948 ويقيم عادة في المملكة الأردنية الهاشمية خلال المدة الواقعة ما بين 20 / 12 / 1949 لغاية 16 / 2 / 1954 .
3 - من ولد لأب متمع بالجنسية الأردنية .
4 – من ولد في المملكة الأردنية الهاشمية من أم تحمل الجنسية الأردنية وأب مجهول الجنسية أو لا جنسية له أو لم تثبت نسبته إلى أبيه قانوناً .
5 – من ولد في المملكة الأردنية الهاشمية من والدين مجهولين ويعتبر اللقيط في المملكة مولوداً فيها ما لم يثبت العكس .
6 – جميع أفراد عشائر بدو الشمال الواردة في الفقرة ي من المادة 25 من قانون الإنتخاب المؤقت رقم 24 لسنة 1960 والذين كانوا يقيمون إقامة فعلية في الأراضي التي ضمت إلى المملكة سنة 1930 .
* أما المادة 4 من القانون فقد جاء فيها : -
يحق لكل عربي يقيم عادة في المملكة الأردنية الهاشمية مدة لا تقل عن خمس عشرة سنة متتالية أن يحصل على الجنسية الأردنية بقرار من مجلس الوزراء بناء على تنسيب من وزير الداخلية إذا تخلى عن جنسيته الأصلية بإقرار خطي وكانت قوانين بلاده تجيز له ذلك وبشرط :
1 – أن يكون حسن السيرة والسلوك غير محكوم بأي جريمة ماسة بالشرف والأخلاق .
2 – أن يكون له وسيلة مشروعة للكسب .
3 – أن يكون سليم العقل غير مصاب بعاهة تجعله عالة على المجتمع .
4 – أن يقسم يمين الولاء والإخلاص لجلالة الملك أمام قاضي الصلح .
أما الجنسية بالتبعية فقد وردت أحكامها في المواد 8 – 11 من قانون الجنسية وقد نصت المادة 8 من القانون على أنه ؛
1 – للأجنبية التي تتزوج أردنياً الحصول على الجنسية الأردنية بموافقة وزير الداخلية إذا أعلنت رغبتها خطياً وذلك وفقاً لما يلي : -
أ – إذا إنقضى على زواجها مدة ثلاث سنوات وكانت تحمل جنسية عربية .
ب – إذا إنقضى على زواجها خمس سنوات وكانت تحمل جنسية دولة غير عربية .
2- للمرأة الأردنية التي تزوجت من غير أردني وحصلت على جنسية زوجها الإحتفاظ بجنسيتها الأردنية إلا إذا تخلت عنها وفقاً لأحكام هذا القانون ويحق لها العودة إلى جنسيتها الأردنية بطلب تقدمه لهذا الغرض إذا إنقضت الزوجية لأي سبب .
3 – للمرأة الأردنية التي تجنس زوجها أو يتجنس بجنسية دولة أخرى بسبب ظروف خاصة أن تبقى محتفظة بجنسيتها الأردنية .
أما المادة 12 من القانون فتنص على الأحكام المتعلقة بالتجنس . من إستعراض النصوص أعلاه يتبين أن المشرع الأردني أخذ برابطة الدم لجهة الأب أساساً لإكتساب الجنسية ، ولكنه أخذ أيضاً برابطة الدم لجهة الأم أحياناً وبرابطة الأقليم أحياناً أخرى ، كما أخذ بحق عديم الجنسية في الحصول على الجنسية الأردنية في ظروف معينه . وعليه فأن مسألة جنسية أبناء الأردنية لا تطرح إشكالاً فقهياً قانونياً حيث أن المبدأ معترف به في بعض الحالات .
أن عشرات النساء الأردنيات يعانين بسبب حرمان أبنائهن من حق الحصول على جنسيتهن وهن يعلن ويرعين أطفالاً من أزواج غير أردنيين ويأملن أن يؤدي تعديل القانون إلى إنصافهن وإنصاف أبنائهن والمساهمة في رفع هذه المعاناة الإنسانية وتحقيق الطمأنينة وتكافؤ الفرص لجميع المواطنين ( وهو حق دستوري معترف به للمرأة والرجل ) . لقد كان واضحاً أن توجهات القيادة السياسية العليا هي توجهات حازمة في مجال تعزيز المساواة بين المواطنين أمام القانون وإحترام حقوق الإنسان والقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة ، وقد إتخذت الحكومة عدداً من التوجهات لترجمة هذه الإرادة ، كما تم الإعلان عن توجهات لتحقيق المساواة في مجال حق المرأة الأردنية منح جنسيتها إلى أبنائها ، وذلك ضمن تعليمات تتعلق بالحالات الإنسانية ، وضمن الصلاحيات التقديرية لوزير الداخلية ومجلس الوزراء ولكن القانون لم يعدل .
وتقترح شخصيات نيابية ونسائية وهيئات ومنظمات من المجتمع المدني والعديد من الصحفيين والكتاب وقادة الرأي تعديل القانون لتحقيق المساواة بين أبناء الأردني وأبناء الأردنية وتم تقديم العديد من إقتراحات التعديل منها : -
إضافة مادة جديدة على الأحكام العامة المتعلقة بالحق الأصيل في الجنسية بالصيغة التالية :
1 - يعتبر من ولد في المملكة الأردنية الهاشمية لأم أردنية أو كانت أمه أردنية وأقام إقامة متصلة لا تقل عن خمس سنوات في المملكة أو أصبحت أمة أرملة أو مطلقة طلاقاً بائناً وهو قاصر أردنياً إذا تقدمت أمه إذا كان قاصراً أو تقدم هو خلال ثلاث سنوات من بلوغه سن الرشد بطلب للحصول على الجنسية.
2 – يتوجب تقديم طلب للحصول على الجنسية إلى وزير الداخلية الذي ينسب بذلك إلى مجلس الوزراء لإتخاذ القرار ويكون القرار قابلاً للطعن أمام محكمة العدل العليا .
3 – لأبن الأردنية الحاصل على الجنسية الأردنية وفقاً لأحكام هذه المادة حق تقديم تصريح خطي بالتخلي عن الجنسية الأردنية خلال ثلاث سنوات من بلوغه سن الرشد .
4 – لمجلس الوزراء بناء على تنسيب وزير الداخلية حق منح أبن الأردنية الجنسية الأردنية بناء طلب خطي منه أو من من أحد الوالدين إذا كان قاصراً لأسباب إنسانية في غير الحالات المشار إليها أعلاه .
أما الإقتراح الثاني فيتضمن إضافة عبارات وتعريفات جديدة على المادة 2 ليصبح تعريف الأردني " كما يلي :
" تعني كلمة ( أردني ) كل شخص ذكراً كان أو إنثى حاز الجنسية الأردنية بمقتضى أحكام هذا القانون " .
خاصة وأن هذا التعريف يساعد على إعمال نص المادة 9 من القانون بروح أكثر إلتزاماً بمبدأ المساواة الدستوري حيث جاء فيها " أولاد الأردني أردنيون إينما ولدوا" ولكن التطبيق يشير إلى عدم إعتبار لفظ الأردني يشمل الأردنية أيضاً . وكذلك إضافة تعريف جديد " تعني كلمة ( إبن ) الإبن الذكر أو الإبنة الأنثى " .
ولا بد من الإشارة إلى أن محكمة العدل العليا هي المحكمة المختصة بالفصل في الطعون بالقرارات المتعلقة بالجنسية وأنه يتوجب تقديم الدعوى خلال مدة أقصاها ستين يوماً من تاريخ القرار أو خلال الستين يوماً التالية لمرور ثلاثين يوماً على تاريخ تقديم طلب إلى وزارة الداخلية وعدم صدور قرار إذ يعتبر القانون ذلك قراراً ضمناً برفض الطلب .


المواضيع المتشابهه: