ضمان إستحقاق المبيع المدني في القانون المدني الأردني وقانون المعاملات المدنية الإمارا
بطاقة تعريفية
مؤلـــف البحث
:
علي هادي العبيدي
:
إسم المجلة : مجلة مؤتة للبحوث والدراسات نوع المجلة : سنوية رقم العدد : 4 رقم الصفحة : 63 الدولة : المملكة الأردنية الهاشمية
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــ
ملخص
يتحقق إستحقاق المبيع عندما يدعي شخص بأنه يملك المبيع أو بأن له حقاً آخر عليه، ويتمكن من إثبات دعواه فيحصل على حكم قضائي. ويكون البائع ضامناً للإستحقاق، أي يلتزم بتعويض المشتري عما أصابه من ضرر بسبب إستحقاق المبيع. ويُعد هذا الإلتزام احتياطياً، إذ بعدما تعذر عل البائع تنفيذ التزامه بضمان التعرض تنفيذاً عينياً تم التحول إلى تنفيذ الإلتزام بطريق التعويض. ويستطيع الرجوع عليه على البائع بدعوى ضمان الإستحقاق التي تقوم على أساس المسؤولية العقدية، كما يستطيع الرجوع عليه بدعوى الفسخ نظراً لإخلال البائع بتنفيذ التزاماته، ويستطيع أيضاً الرجوع عليه بدعوى البطلان في حالة ثبوت ملكية المبيع الغير للغير على أساس أن البائع قد باع ملك الغير. إلا أنه طبقاً للقانون المدني الأردني وقانون المعاملات المدنية الإماراتي يكون رجوع المشتري على البائع بموجب الدعوى الأخيرة. وقد قسمنا البحث إلى أربعة مباحث عالجنا فيها على التوالي ضمان الإستحقاق الكلي، وضمان الإستحقاق الجزئي، وهلاك المبيع المستحق للغير، وسقوط الحق في الضمان.
ABSTRACT
The deserving of sold material is accomplished when a person claims that he owns this material or he has another right for it. If he is able to prove his claim, he will then have a judicial verdict. In this case, the salesman is guaranteed for the deserving, and is committed to compensate the purchaser for what he had of bad effects because of sales time. This commitment is considered as a precautionary procedure. If the salesman is unable to exactly fulfil his commitment exactly, then the purchaser can carry it out throught compensation. The purchaser might back off by persecution of guarantee ****d contract responsibility. He can back off by reverting to the disability of the salesman to fulfil his commitment. He can also persecute him with invalidity in case the possession has not been sold by the real owner.
According to the Jordanian Civil Law and the Emaraiti Civil Affairs, the back off is held referring to the last persecution.
The research is divided into four parts and tackles the following points: The whole guarantee, the partial guarantee, the consumption of sold itmes owned by others and the loss of insurance right.
المقدمة
يلتزم البائع بمقتضى عقد البيع بعدة التزامات منها التزامه بضمان التعرض والإستحقاق. ويقوم هذا الإلتزام على أساس فكرة التقابل بين الالتزامات. وهو لا يقتصر على عقد البيع، وإنما يشمل جميع العقود الناقلة للحق كالمقايضة والقرض، بل ويشمل عقد الإيجار أيضاً(1). ويكون التعرض على نوعين، إما تعرضاً مادياً، ويتمثل في الأعمال المادية الصادرة من البائع أو من الغير والتي من شأنها أن تمنع المشتري من الانتفاع بالمبيع انتفاعاً هادئاً، أو تعرضاً قانونياً، ويتمثل في الادعاء بملكية المبيع أو الادعاء بأي حق آخر عليه. ويلتزم البائع بضمان تعرضه الشخصي المادي والقانوني، كما يلتزم بضمان تعرض الغير القانوني، أي يجب على البائع أن يمتنع عن التعرض للمشتري ويمنع غيره من التعرض إليه تعرضا قانونياً، وهذا ما يعرف بضمان التعرض. ولكن إذا حصل تعرض قانوني من الغير على المبيع وأخفق البائع في تنفيذ التزامه بضمان التعرض تنفيذاً عينياً، أي لم يتمكن من منع الغير من التعرض فاستحق المبيع له وجب عليه ضمان هذا الإستحقاق .
ويراد بالإستحقاق لغة معنيان :
1. ثبوت الحق ووجوبه، فيقال استحق فلان الشيء، أي استوجبه، فالشيء مستحق له، ومنه قوله تعالى (فأن عُثِر أنّهُما استحقا اثما)(2)، أي وجبت عليهما عقوبة(3).
2. طلب الحق، فالسين والتاء للطلب(4).
أما المعنى الاصطلاحي للإستحقاق فهو قريب من معناه اللغوي، إذ يراد به ادعاء الشخص بأنه يملك المبيع أو بأن له حق آخر عليه ويتمكن من إثبات دعواه فيحصل على حكم قضائي(5)، ويشترط لإصدار هذا الحكم أن يقوم القاضي بتحليف المستحق يمين الإستحقاق، وذلك بأن يحلف بالله على أنه ما باعه ولا وهبه ولا خرج من ملكه، فقد نصت المادة (54) من قانون البينات الأردني على أنه "لا يحلف من وجهات إليه اليمين إلا بطلب خصمه وبعد صدور قرار المحكمة بذلك ولكن تحلفه المحكمة يمين الاستظهار وعند الإستحقاق ورد المبيع لعيب فيه وعند الحكم بالشفعة ولو لم يطلب الخصم تحليفه". ويماثل هذا النص ما ورد في المادة (83) من القانون المدني الأردني. وفي هذا المجال نصت المادة (120/2) من قانون المعاملات المدنية الإماراتي على أنه :" ويجوز للقاضي من تلقاء نفسه – توجيه اليمين للخصم في الحالات التالية : أ......ب ثبوت إستحقاقه لمال فإنه يحلف على أنه لم يبع هذا المال أو يهبه أو يخرج عن ملكه بأي وجه من الوجوه. ج......د.........."(6).
أما ضمان الإستحقاق فهو التزام البائع بتعويض المشتري عما أصابه من ضرر بسبب إستحقاق المبيع(7). فهو بمثابة الإلتزام الاحتياطي، فبعد ما تعذر على البائع تنفيذ التزامه بضمان التعرض تنفيذاً عينياً تم التحول إلى تنفيذ الإلتزام بطريق التعويض(8). يتبين لنا من ذلك أن اساس التزام البائع بالتعويض هو المسؤولية العقدية، وهذا هو المعنى الدقيق لضمان الإستحقاق(9).
وتجدر الإشارة إلى أن حق المشتري في الرجوع على البائع ولا يقتصر على دعوى ضمان الإستحقاق التي تقوم على أساس المسؤولية العقدية، إذ يحق له الرجوع عليه بدعوى الفسخ نظراً لإخلال البائع بالتزاماته، كما يحق له الرجوع عليه بدعوى البطلان في حالة ثبوت ملكية المبيع للغير، وذلك على أساس أن البائع قد باع ملك الغير، وجدير بالذكر أن حكم بيع ملك الغير في القانون العراقي والأردني والإماراتي موقوف على إجازة المالك، أي المستحق، فإذا نقضه بطل وبالتالي يحق للمشتري الرجوع على البائع على أساس بطلان البيع. أما حكمه في القانون المصري والسوري فهو قابل للإبطال من قبل المشتري.
ونود أن نشير إلى أن الذي دفعنا لاختيار هذا الموضوع هو ما تضمنه القانون المدني الأردني وقانون المعاملات المدنية الإماراتي من نصوص وجدنا أنها بحاجة لمزيد من التأصيل والتوضيح.
وقد اتسم هذا البحث بالمقارنة ببعض القوانين وخصوصاً القانون المدني المصري والقانون المدني العراقي ومجلة الأحكام العدلية والفقه الإسلامي عموماً.
وسوف نقسم هذا المبحث إلى أربعة مباحث نعالج فيها على التوالي: ضمان الإستحقاق الكلي، وضمان الإستحقاق الجزئي، وهلاك المبيع المستحق للغير، وسقوط الحق في ضمان الإستحقاق .
المبحث الأول
ضمان الإستحقاق الكلي
يتحقق الإستحقاق الكلي عندما يُنتزع المبيع من يد المشتري بعد ثبوت ملكيته للغير بموجب قرار قضائي(10). وفي هذه الحالة يحق للمشتري الرجوع على البائع بالتعويض عما أصابه من ضرر نتيجة لهذا الإستحقاق. ومن أجل بيان عناصر التعويض الذي يستحقه المشتري سوف نقسم هذا المبحث إلى أربعة مطالب نتناول فيها عناصر التعويض التالية :
1. الثمن أو قيمة المبيع .
2. المصروفات النافعة .
3. الثمار.
4. التعويض عن الأضرار الأخرى .
المطلب الأول
الثمن أو قيمة المبيع
نصت المادة (505) من القانون المدني الأردني (تطابقها المادة 536 مدنية إماراتي) على أنه :
1- إذا قضي بإستحقاق المبيع كان للمستحق الرجوع على البائع بالثمن إذا أجاز البيع ويخلص المبيع للمشتري. 2- فإذا لم يجز المستحق البيع انفسخ العقد وللمشتري أن يرجع على البائع بالثمن 3- ..................4-................". يتضح من هذا النص أن المشرع قد اعتبر عقد البيع في حالة إستحقاق المبيع عقداً موقوفاً على إجازة المستحق، لأنه بيع لملك الغير. فإن أجاز المستحق العقد نفذ وخلصت ملكية المبيع للمشتري ورجع المستحق على البائع بالثمن استناداً إلى قاعدة الإجازة اللاحقة كالوكالة السابقة(11). ومن الواضح أن مشكلة الإستحقاق قد زالت بمجرد إجازة المستحق للعقد. وإذا ما نقض المستحق العقد بطل(12) ووجب إعادة الحال إلى ما كان عليه قبل إبرام العقد(13). وفي هذه الحالة تثور مشكلة الإستحقاق، إذ يجب على المشتري إعادة المبيع إلى المستحق ويرجع على البائع بالثمن الذي دفعه له(14)، بتمامه نقصت قيمة المبيع أو زادات(15). ولا يسقط حق المشتري في الرجوع على البائع بالثمن حتى وإن كان عالماً بعدم ملكية البائع للمبيع. فقد نصت المادة (506/2) من القانون المدني الأردني (تطابقها المادة 537/2 مدنية إماراتي) على أنه : "ولا يمنع علم المشتري بأن المبيع ليس ملكاً للبائع من رجوعه بالثمن عند الإستحقاق". كما أن البائع يلتزم برد الثمن وإن كان حسن النية، أي لم يكن يعلم أنه يبيع ملك الغير وبالتالي لا يعلم أن ما يقبضه من ثمن لا يستحقه. فقد قضت المادة (300) من القانون المدني الأردني (تقابلها المادة 324 مدنية إماراتي) الواردة في قواعد قبض غير المستحق بأن : "على المحكمة أن تلزم من قبض شيئاً بغير حق أن يرده إلى صاحبه......" دون أن تفرق بين حسن نية القابض أو سوء نيته .
يتبين لنا مما تقدم أن الأساس القانوني لالتزام البائع برد الثمن هو الإثراء بلا سبب لأنه قد قبض شيئاً غير مستحق له نظراً لبطلان عقد البيع، وعليه فإن رجوع المشتري على البائع لا يكون بموجب دعوى ضمان الإستحقاق، وإنما بموجب دعوى البطلان وهذا هو موقف القانون الأردني والإماراتي والعراقي واللبناني والفقه الإسلامي(16).
أما موقف القانون المدني المصري، فهو مختلف عن ذلك، فقد نصت المادة (443) على أنه :"إذا استحق المبيع كان للمشتري أن يطلب من البائع: 1- قيمة المبيع وقت الإستحقاق مع الفوائد القانونية من ذلك الوقت. 2- ....................3-.....................4-................... 5-............................ كل هذا ما لم يكن رجوع المشتري مبنياً على المطالبة بفسخ البيع أو إبطاله"(17). يتضح من هذا النص أنه قد أعطى المشرع المصري للمشتري الحق في مطالبة البائع بقيمة المبيع وقت الإستحقاق(18)، سواء كانت هذه القيمة أكبر من الثمن أو أقل منه. ويتفق هذا الحكم مع قواعد المسؤولية العقدية لأن هذه القيمة تمثل الخسارة الحقيقية التي تعرض لها المشتري نتيجة لإستحقاق المبيع. إلا أن المشرع سمح للمشتري الرجوع على البائع على أساس الفسخ أو الإبطال بدلاً من المسؤولية العقدية، وعليه فقد يفضل المشتري الرجوع على البائع بموجب دعوى الفسخ أو البطلان وذلك عندما يكون الثمن أكبر من قيمة المبيع. كما يحق للمتشري المطالبة بالفوائد القانونية عن قيمة المبيع من وقت الإستحقاق، أي من وقت رفع الدعوى لأن حكم الإستحقاق الذي يثبت به حق المشتري في قيمة المبيع يستند أثره إلى تاريخ رفع الدعوى، وبالتالي فمن هذا التاريخ يثبت للمشتري حق الانتفاع بقيمة المبيع وتقابل هذه الفوائد حق المشتري في الانتفاع بالمبيع، لذا نرى بأنه كان ينبغي أن يعطى الحق للمشتري في الفوائد لا من تاريخ رفع الدعوى وإنما من تاريخ انتزاع المبيع منه أو من تاريخ حرمانه من الانتفاع به، ويستمر حقه في الفوائد لحين استلامه قيمة المبيع فعلاً(19). ويستحق المشتري هذه الفوائد حتى ولو كان المبيع لا ينتج ثماراً كالأرض الفضاء المعدة للبناء(20). كما أنه يستحق القيمة مع الفوائد بصرف النظر عن حسن أو سوء نية المشتري أو البائع(21).
المواضيع المتشابهه:
المفضلات