قرارات تمييزية حول المسؤولية الطبية2007 - 2009
قرار محكمة التمييز الاردنية بصفتها الحقوقية رقم 968/2007 (هيئة خماسية) تاريخ 3/9/2007
LawJO
. يعتبر العمل الطبي مسألة فنية متخصصة ولا يمكن تقرير مسؤولية الطبيب إلا إذا أجرت المحكمة خبرة فنية بمعرفة أطباء ذوي الدراية والمعرفة . وإذا أجرت محكمة الاستئناف الخبرة بمعرفة ثلاثة أطباء خلصوا في تقريرهم إلى أن الإهمال والتقصير وقلة الاحتراز من خلال : -
أولا ً: - أن سبب الضرر الذي لحق بندى (المدعية) كان ناتجاً عن فقدان السالاين (الماء والملح) من الجهاز وهذا عائد إلى جهاز تكبير الثدي (وكان من الحكمة بعد العملية أن يقوم الطبيب المعالج بالتعامل مع المشكلة من حيث استبدال الجهاز وإجـــراء العملية الجراحية اللازمة خاصة وأن الشركـات المزودة للجهاز تقوم عادة بتعويض الأجهزة عند حدوث ذلك) .
ثانياً : - أنه نتيجة للمضاعفات الجراحية فقد لحق ضرر وتشوه بجفن العين اليسرى وكان على المدعى عليه أن يقوم بما يلزم لإصلاح هذه المضاعفات .
وحيث أن الطبيب لا يمكن أن يكون رجل فن وتقنية فقط لأن طبيعة الفن تجعل منه أيضاً رجل رأي لإسداء النصح والمشورة بقصد الحفاظ على صحة مريضه وحمايته ، إذ أن المريض هو الطرف الضعيف الذي سلم أمور جسمه لرعاية وعناية الطبيب ، ولذلك فهو يضع نفسه في كثير من الأحيان تحت رحمة الطبيب وأن مدى سلطة الطبيب هذه وحجمها يقابلها التزامات خاصة لحماية المريض وارشاده وهي واجبات خارجة عن نطاق التقنية الطبية بمعناها الضيق (جوزف داود ، المسؤولية الطبية ص 41 وما بعدها وما اشتمل عليه من اقتباسات لعبد الوهاب حومد وبعض الأحكام عن القضاء المقارن ) . وان مسؤولية الطبيب المدنية لا تتوافق بالضرورة مع متطلبات المسؤولية الجزائية ، إذ أنه وإن تطلب المسائلة الجزائية درجة الخطأ الجسيم أو التعمد في مسلك الطبيب المعالج فإن المسؤولية المدنية يكفي لقيامها الإهمال أو التقصير وقلة الاحتراز . وإن المبدأ القائل بأن الالتزام المهني على الطبيب لا يفرض عليه تحقيق غاية وإنما هو مطالب ببذل العنايـة ، فإن هذا المبدأ لا يتعارض مع مسئوليته على الوجه السالف الذكر . ولذلك فإن محكمتنا تؤيد الاتجاه الفقهي بتأييد التوجه القضائي الهادف إلى نبذ نظرية مساواة الخطأين ـ الجزائي والمدني ـ في سلوك الطبيب ، ذلك أن لكل من هذين الخطأين هدفه الخاص به ، ولا يجوز استعمالها والنظر إليهما بنفس المقاييس من الشدة ، فالتعويض المدني يهدف إلى تعويض المتضرر تعويضاً عادلاً عما أصابه من ضرر ولو كان مصدره ضعيفاً واهناً في حين أن العقاب الجزائي الذي يقرره الشارع لغايات الردع العام والردع الخاص فإنه يفرض على المحكوم عليه إدانة اجتماعية لما سببه من اضطراب اجتماعي ، ولذلك يجب أن يكون على جانب من الأهمية ، وبالتالي فإن المسئولية الجزائية لا تتحقق لمجرد الخطأ العادي بخلاف المسئولية الطبية المدنية . وما دام أن الخبراء ـ في تقريرهم ومناقشتهم من المحكمة ـ خلصوا إلى أن إهمالاً أو قلة احتراز أو تقصير كانت من سمات سلوك المدعى عليه في رحلته العلاجية مع المدعية ، فإن القدر من الإخلال يكفي لتثريب مسؤولية المدعى عليه ـ المميز ضده ـ عن الأضرار التي لحقت بالمدعية ، وبالتالي تقرير التعويض عنها .
وحيث أن محكمة الاستئناف نظرت في مساءلة المدعى عليه من زاوية أخرى ضيقة هي أن الضرر كان ناتجاً عن خلل مصنعي في الجهاز الذي اشتراه المدعى عليه نفسه وقام بتركيبه ، فإنها حجبت نفسها عن استقراء وقائع الدعوى بما فيها الخبرة ، ولم تبحث بقناعة في طبيعة المسئولية الطبية المدنية مما يقيم قرارها بالقصور في التعليل والفساد البين في الاستدلال واستخلاص نتيجة لا تتفق مع ما هو ثابت في الأوراق ولا مع التطبيقات القانونية الصحيحة أو تكون أسباب الطعن بمجملها واردة على القرار الطعين وتوجب نقضه الأمر الذي يترتب عليه نقض القرار المطعون فيه ،
2)قرار محكمة التمييز (حقوق)(الاردن) رقم 2119/2008 (هيئة خماسية) تاريخ 14/5/2009
LawJO
. ذهب الفقة والقضاء إلى أن التزام الطبيب بالعلاج سواء وجد عقد علاج أم لم يوجد هو التزام ببدل عناية وليس بتحقيق غاية وهي شفاء المريض وإنما يلتزم ببذل العناية الصادقــــة في شفائه ويقظة وتتفق مع الأصول المستقرة في علم الطـب [ د. محمد حسين منصور / المسؤولية الطبية ص 152، والمسؤولية المدنية للطبيب الدكتور طلال عجاج ص 100 و101] ، وإلى هذا ذهب الاجتهاد القضائي لمحكمة التمييز فإذا قصر الطبيب في بذل العناية المطلوبة للمريض فإنه يكون مسؤولاً عن الضرر الذي يلحق به [ تمييز حقوق [1246/90] ، كما نصت المادة الأولى من الدستور الطبي الأردني على ان مهنة الطب مهنة إنسانية وأخلاقية وعلمية ... وتقوم المسؤولية الطبية بين الطبيب والمريض على بذل العناية وعدم الإهمال وليس الشفاء. وحيث أن المسؤولية المدنية للطبيب التي توجب التعويض عليه للمريض عما أصابه من ضرر تتحقق إذا توافر الأركان التالية : -
1- الخطأ الطبي .
2- الضرر .
3- علاقة السببية.
وحيث أن معيار الخطأ الطبي وفق ما ذهب إليه الفقة والقضاء والذي يسأل عنه الطبيب هو سلوك الطبيب الوسط من نفس المستوى في نفس الظروف الخارجية المحيطة بالطبيب المسؤول فينبغي عند تقدير خطأ الطبيب مراعاة مستواه من حيث هل هو طبيب عام أو متخصص وما يحيط بالعمل من عادات طبية مستقرة [ مسؤولية الطبيب د. أحمد شرف الدين ص 16]. وحيث أن أثبات خطأ الطبيب ليس من السهل على القاضي أن يتبين هذا الخطأ بل يجب الاستعانة بأهل الخبرة من الأطباء لدراسة الحالة محل النزاع ، وأن المعيار لاثبات هذا الخطأ هو معيار موضوعي. وحيث أن الأعمال الجراحية التي تقع على الجسم البشري قد تكون أعمال الجراحة العلاجية تعنى بعلاج المريض مما يعاني منه كجراحة القلب ويكون قصد الشفاء فيها ملحوظاً. وقد تكون أعمال جراحة التجميل وهي التي لا يكون الغرض منها علاج مرض بل إزالة تشويه في الجسم ولذلك ذهب بعض الفقة إلى اعتبار أن التزام الجراح هو التزام بتحقيق نتيجة بحيث تقوم مسؤوليته عند فشل العملية ما لم يتم نفي السببية بين فعله والضرر الحاصل ، إلا أن القضاء ذهب أن الالتزام هو التزام ببذل عناية وليس بتحقيق نتيجة أن العناية المطلوبة أكثر منها في الجراحات الأخرى اعتباراً بأن هذه الجراحة لا يقصد بها شفاء المريض وإنما إصلاح تشويه لا يعرض حياته للخطر. وحيث أن المدعي إدعى في البند الرابع من لائحة الدعوى أن العملية التي أجريت له هي عملية تجميلية . وحيث أن تحديد نوع الجراحة التي أجريت للمدعي فيما إذا كانت جراحة علاجية أو تجميلية وتحديد دور المدعي الطبيب جراح والخطأ الذي وقع فيه ، وماهية الضرر الحاصل ودرجة خطورته وبيان فيما إذا كان الطبيب مقصراً في أداء عمله الطبي أم لا هي أمور ضرورية للفصل في الدعوى. وحيث أن تقرير الخبرة لم يتضمن الإجابة على هذه الأسئلة ، واكتفى الخبراء بالقول بأن الطبيب أقر بخطأه كما [أفاد المدعي] ، فإنه كان يتعين على محكمة الاستئناف دعوة الأطباء والاستيضاح منهم حول الأمور الفنية التي أشرنا إليها ، ولما لم تفعل فيكون قرارها مشوباً بالقصور في التعليل والتسبيب من هذه الجهة وهذه الأسباب ترد عليه. وفي ذلك أن الدكتور هو أحد الأطباء الذين يعملون في مستشفى البشير التابع لوزارة الصحة وهو يعمل تحت رقابة وإشراف مدير المستشفى الذي يعمل فيه فتكون وزارة الصحة مسؤولة بدفع التعويض الذي يجبر الضرر الناجم عن خطـأ الطبيب المدعى عليه مازن بالتكافل والتضامن عملاً بالمادة [288] من القانون المدني [ تمييز حقوق رقم 626/2006 ورقم 196/2008] وتكون الجهة الطاعنة خصماً للمدعي في هذه الدعوى.
المواضيع المتشابهه:
المفضلات