مرحبا عزيزي الزائر, هل هذه اول زيارة لك؟ اضغط على "انشاء الحساب" واستمتع بخدماتنا .

أهلا وسهلا بك إلى شبكة قانوني الاردن.

>>معلومات قانونية سريعة:: “كيف يتم حل التنازع في الاختصاص بين محكمتين نظاميتين في الاردن؟
الجواب : في حالة حدوث تنازع في الاختصاص بين محكمتين نظاميتين من الدرجة الاولى فاننا نفرق فيما اذا كانت هاتين المحكمتين تتبعان لنفس محكمة الاستئناف ام لا، فاذا كانت تتبع لنفس محكمة الاستئناف فان محكمة الاستئناف هي المحكمة المختصة اما اذا كانت المحكمتين لا تتبعان لنفس محكمة الاستئناف ففي هذه الحالة يتم حل النزاع عن طريق محكمة التمييز.„


     

   ابحث في الموقع بكل سهوله وسرعة

 

شبكة قانوني الاردن

أهلا وسهلا بك إلى شبكة قانوني الاردن.

  + إنشاء موضوع جديد
النتائج 1 إلى 12 من 12
  1. #1
    ادارة الموقع
    LawJOConsultation Team
    Array الصورة الرمزية أحمد أبو زنط
    تاريخ التسجيل
    Feb 2009
    الدولة
    Jordan
    المشاركات
    14,694
    Articles
    0
    Thumbs Up/Down
    Received: 230/3
    Given: 294/0
    معدل تقييم المستوى
    250




    بيانات اخرى

    الجنس :  ذكر

    المستوى الأكاديمي :  تعليم جامعي (بكالوريوس)

    الجامعة الحالية/التي تخرجت منها ؟ :  الجامعة الأردنية

    الحالة الاجتماعية :  اعزب

    الاتجاه الفكري  :  تكنوقراطي

    رابط السيرة الذاتية  :  قم بزيارة سيرتي الذاتية

    Arrow ماهية التأمين و شروط قيام المسؤولية المدنية عن حوادث السيارات

    ماهية التأمين و شروط قيام المسؤولية المدنية عن حوادث السيارات



    المبحث الأول: ماهية التأمين من المسؤولية
    نبين ماهية التأمين من المسؤولية من خلال تحديد طبيعته، ثم مدى الحماية التي يمنحها للمضرور التي تتضح بتحديد نطاق التأمين و موضوعه.
    المطلب الأول:طبيعة عقد التأمين من المسؤولية
    التأمين من مسؤولية المدنية عن حوادث السيارات عقد يضمن بمقتضاه المؤمن الأضرار التي تلحق بالمؤمن له نتيجة رجوع الغير عليه بالمسؤولية (01)، بمعنى أنه تأمين لدين في ذمة المؤمن له.
    و بما أن هذا هو تأمين على المسؤولية أو على المال، فلا يظهر أثره بمجرد تحقق الحادث و الضرر الذي يترتب عليه، و إنما بدعوى المسؤولية عن هذا الضرر، فهو ليس تأمين من الإصابة أو الضرر، و بصفة عامة ليس تأمينا على الأشخاص، بل هو تأمين للمؤمن له نفسه من رجوع الغير عليه بدعوى المسؤولية أي بالتعويض، و بالتالي فهو تأمين ضد الأضرار أو الخسارة التي تلحق الذمة المالية للمؤمن له.
    و نظرا لأهمية الكبرى لنظام التأمين من المسؤولية المدنية عن حوادث السيارات، فقد تدخل المشرع و جعله إجباريا(2) و رتب عقوبات جزائرية على عدم الامتثال لإلزامية التأمين(3).
    و الغرض من هذه الإلزامية ضمان حق المضرور في اقتناء التعويض المحكوم له به من شخص أكثر ملاءة من الحارس، فلا يخشى المضرور ضياع حقه، و هذه أهم ميزة لهذا النوع من التأمين.
    بالنظر إلى الأهمية الكبرى لقواعد التأمين من المسؤولية المدنية عن حوادث السيارات، فقد صاغها المشرع بصيغة آمرة، بمعنى أنها قواعد تتعلق بالنظام العام، لا يجوز الاتفاق على ما يخالفها، و لا يجوز أن يتحلل منها صاحب السيارة مهما بلغت ملاءة و يسار ذمته المالية، و مهما كانت الضمانات التي يعرضها(4).
    و يتميز عقد التأمين هنا بالطابع العيني، لأنه يرتبط بالسيارة ذاتها و ليس بمالكها و بالتحديد بالحوادث التي تنتج عن استعمال السيارة بصرف النظر عن مالكها أو قائدها، فمتى تدخلت السيارة في ارتكاب الحادث تدخلا إيجابيا فإن التأمين يغطي المسؤولية المرتبة عنها حتى و لو كانت مقادة من غير مالكها أو المستأمن، و سواء كان ذلك برضائه أم بغير رضاءه، لأن هذا التأمين لا يقتصر على حالات مساءلة المالك المستأمن، بل يتعداها ليشمل بحسب الأصل جميع حالات التدخل الإيجابي للسيارة في ارتكاب الحادث مهما كان الشخص المسؤول عنها(5).
    1. تنظر المادة: 56 من الأمر رقم 95-07 المؤرخ في 25 يناير 1995 المتعلق بالتأمينات.
    2. تنظر المادة الأولى من الأمر رقم: 95-07 المؤرخ في: 25 يناير 1995 المتعلق بالتأمينات.
    3. الأستاذ بوزيدي محمد – التحليل القانوني و العملي للأمر رقم 74-15 المؤرخ في 30 يناير 1974
    4. المادة: 04 من الأمر 74-15 المؤرخ في 30 يناير 1974.




    و يترتب على الطابع العيني لعقد التأمين من المسؤولية المدنية عن حوادث السيارات، انتقال مفاعليه إلى مشتري السيارة، و إلى الورثة في حالة وفاة مالكها ليغطي مسؤوليتهم المدنية عنها(1).
    المطلب الثاني:نطاق تطبيق قانون التأمين الإلزامي على السيارات"موضوعه و مجاله":
    يتحدد مجال التأمين الإلزامي على حوادث السيارات من حي نوع السيارة، و كذا من حيث الأشخاص الملتزمين به، و كذا المستفيدين منه، و يتحدد أيضا من حيث مقدار المسؤولية المدنية التي يغطيها و اخطر اذي يشمله:
    الفرع الأول: مجال التأمين الإلزامي من حيث نوع السيارة
    التأمين الإلزامي عن حوادث السيارات يشمل جميع المركبات التي تخضع لأحكام قانون المرور، لأن القانون جاء بتعريف عام للسيارة بحيث يشمل كل مركبة برية ذات محرك(2) كما عرفها قانون المرور بأنها كل مركبة مجهزة بجهاز ميكانيكي للدفع، تسير في الطريق بوسائلها الخاصة(3).
    بهذا التعريف العام للسيارة نصل إلى القول بأن التأمين الإلزامي يطبق على السيارات بمختلف أنواعها من سيارات خاصة، و سيارات الأجرة، و سيارات نقل الركاب و البضائع، و يشمل كذلك الجرارات و المركبات الصناعية.
    و يخرج من نطاق التأمين الإلزامي:
    - دراجات الركوب العادية غير ذات المحرك: و هي تدار و تسير بقوة دفع راكبها لأنها ليست ذات مخاطر استثنائية.
    - عربات اليد و هي التي يجرها الإنسان أو الحيوان(4).
    و يخرج أيضا من نطاق التأمين الإلزامي:
    السيارات التابعة للدولة لأن الدولة هنا تقع عليها التزامات المؤمن بالنسبة للسيارات أو المركبات التي تملكها أو الموجودة في حراستها(5).
    الفرع الثاني: مجال التأمين الإلزامي من حيث الأشخاص الملتزمين به
    1. المادة: 06 من القانون رقم 88/31 المؤرخ في 19/07/1988 المعدل و المتمم للأمر 74/15 سالف الذكر.
    2. المادة 01 فقرة 01 من الأمر 74/15 سالف الذكر.
    3. المادة 01 فقرة 12 من المرسوم 88/06 المؤرخ في: 09/01/1988 يحدد القواعد الخاصة بحركة المرور.
    4. محمد المنجي- دعوى تعويض حوادث السيارات توزيع منشأة المعارف بالإسكندرية طبعة 1 سنة 1992 ص 285.
    5. المادة: 2 من الأمر74-15 سالف الإشارة إليه.
    6. المادة : 1 من الأمر 74-15 المؤرخ في 30/01/1974 –المادة: 163 و ما يليها من الأمر 95 -07 المؤرخ في 25/01/1995 المتعلق بالتأمينات.

    يلتزم بالتأمين الإلزامي على السيارات مالكها سواء كان شخصا طبيعيا أو معنويا(6).



    و في حالة بيع السيارة يستمر عقد التأمين المبرم من قبل البائع لغطي المسؤولية المدنية للمشتري، و ينتقل إليه التأمين الإلزامي في حالة انقضاءه(1).
    و يلتزم بهذا التأمين كذلك الأشخاص الذين يمارسون عادة السمسرة أو بيع أو تصليح أو رأب أو مراقبة حسن سير المركبات و كذلك مندوبيهم، و ذلك فيما يتعلق بالسيارات المعهود بها إليهم نظرا لمهامهم(2).
    و لا تسري إلزامية التأمين على الدولة، التي تقع عليها نفس التزامات المؤمن بالنسبة للسيارات التي تملكها أو توجد تحت حراستها(3).


    المواضيع المتشابهه:



    0 Not allowed! Not allowed!


  2.  

     

    استخدام حساب الفيس بوك الخاص بك للتعليق على الموضوع (جديد)

     


  3. #2
    ادارة الموقع
    LawJOConsultation Team
    Array الصورة الرمزية أحمد أبو زنط
    تاريخ التسجيل
    Feb 2009
    الدولة
    Jordan
    المشاركات
    14,694
    Articles
    0
    Thumbs Up/Down
    Received: 230/3
    Given: 294/0
    معدل تقييم المستوى
    250




    بيانات اخرى

    الجنس :  ذكر

    المستوى الأكاديمي :  تعليم جامعي (بكالوريوس)

    الجامعة الحالية/التي تخرجت منها ؟ :  الجامعة الأردنية

    الحالة الاجتماعية :  اعزب

    الاتجاه الفكري  :  تكنوقراطي

    رابط السيرة الذاتية  :  قم بزيارة سيرتي الذاتية

    افتراضي رد: ماهية التأمين و شروط قيام المسؤولية المدنية عن حوادث السيارات


    الفرع الثالث: مجال التأمين الإلزامي من حيث الأشخاص المستفيدين منه
    يستفيد من التعويض الناشئ عن مسؤولية المؤمن له أو عن حادث السيارة، الغير بمعناه الواسع و ذلك استنادا إلى المادة: 56 مكن قانون التأمين و المادة: 01 من الأمر 74/15 أي بمعنى غير المؤمن له، و يشمل مصطلح الغير كل من الراكب و المضرورين غير الركاب، و أصحاب البضائع المنقولة.
    و سأوضح المقصود بكل واحد من المستفيدين من التأمين الإلزامي فيما يلي:
    البند الأول: ركاب السيارة
    يعتبر من الركاب من كان راكبا في السيارة، سواء كان بداخلها أو صاعدا إليها أو نازلا منها، و يشترط أن يكون ممن يسمح بركوبهم ساء كانت السيارة سيارة أجر أو سيارة خاصة، و سواء كانت مخصصة للنقل العمومي(4) أو خاصة بالمدارسين أو الرحلات(5).
    البند الثاني: المضرورين غير الركاب
    يقصد بغير الركاب كل من لا يعتبر راكبا طبقا للتعريف السابق، أي كل من لم يكن داخل السيارة أو صاعدا إليها أو نازلا منها(1) سواء كان راجلا أو راكبا في سيارة أخرى اشتركت في ارتكاب الحادث.
    و إذا كانت استفادة الركاب مقيدة ببعض الضوابط فإن استفادة الغير جاءت مطلقة، لأن حماية المضرورين من حوادث السيارات تتطلب التوسع في دائرتهم، و هو الهدف الجوهري من إلزامية هذا النوع من التأمين.
    1. المادة: 06 من القانون رقم 88/31 المؤرخ في 19/07/1988 المعدل و المتمم للأمر 74/15 سالف الذكر.
    2. المادة 04 فقرة 02 من الأمر 74/15 المؤرخ في 30/01/1974.
    3. المادة 02 من الأمر 74/15 المؤرخ في 30/01/1974.
    4. المادة: 166 من الأمر 95-07 المؤرخ في 25/01/1995 المتعلق بالتأمينات.
    5. المادة: 171 من الأمر 95-07 المؤرخ في 25/01/1995 المتعلق بالتأمينات.
    6. محمد المنجي– دعوى تعويض حوادث السيارات- المرجع السابق- ص290.






    البند الثالث: أصحاب البضائع المنقولة
    نصت على هذه الحالة الفقرة 2 من المادة: 166 من قانون اتأمين، التي ألزمت الناقلين العموميين للبضائع عن طريق البر أن يؤمنوا على مسؤوليتهم المدنية تجاه الممتلكات التي ينقلونها.
    الفرع الرابع: مجال التأمين الإلزامي من حيث قيمة الضمان
    يضمن المؤمن المؤمن له ضد التبعات المالية الناتجة عن الأضرار الجسمانية أو المادية التي تحصل بسبب المرور أو بغيره (1) غير أن مقدار الضمان الذي يقدمه المؤمن، يجب أن يغطي كامل المسؤولية المدنية للمؤمن له، و ذلك دون حصر المبلغ فيما يتعلق بالأضرار المادية(2)،بمعنى آخر فإن شركة التأمين تغطي مسؤولية المؤمن له تغطية كاملة، و بقيمة غير محدودة، أي دون حصر مبلغ التعويض مسبقا. لكن فيما يخص الأضرار الجسمانية، فإن المشرع وضع معايير لحساب التعويض حتى لا يتجاوز حدود معينة، كتحديد التعويض عن العجز المؤقت و العجز الدائم عن العمل بمعيار لا يتجاوز حدود معينة، كتحديد التعويض عن العجز المؤقت و العجز الدائم عن العمل بمعيار لا يتجاوز قدره ثمان مرات الأجر الوطني الأدنى المضمون(3).
    و تدفع هذه المبالغ لضحية الحادث أو لذوي حقوقهم، أو للمؤمن له إذا كان هذا الأخير قد دفع قيمة التعويض للمضرور أو لذوي حقوقه.
    الفرع الخامس: مجال التأمين الإلزامي من حيث المسؤولين الذين يغطيهم
    التأمين الإلزامي من المسؤولية المدنية عن حوادث السيارات يغطي مسؤولية كل من المكتسب بالعقد، و مالك السيارة، و كذلك من آلت إليه بإذن منهما حراسة أو قيادة السيارة، ثم أضاف المرسوم رقم 80/34 كل من السارق و مستعمل العنف و مستعمل السيارة دون علم المؤمن له.






    1. المادة: 01 من المرسوم رقم 80/34 المؤرخ في 16/02/1980 المتضمن شروط تطبيق المادة: 07 من الأمر 74/15 المتعلق بإلزامية التأمين على السيارات.
    2. المادة 04 من المرسومرقم 80/34 سالف الذكر.
    3. ينظر الملحق بجدول التعويضات الممنوحة لضحايا حوادث المرور الجسمانية.





    المبحث الأول: شروط قيام المسؤولية المدنية عن حوادث السيارات
    لكي تقوم المسؤولية المدنية عن حادث سيارة لابد من توافر الشروط التي تبرر قيامها، و هي تتلخص في أن يكون هناك ضرر، و أن يقع هذا الضرر بفعل السيارة (المطلب الأول)، و لا يكفي أي تدخل من السيارة في إحداث الضرر، بل يجب أن يكون تدخلها إيجابياً و فعالاً في إحداث الضرر، و هو ما يسمى بعلاقة السببية المطلب الثاني)، و يشترط أخيراَ أن تكون السيارة في حراسة المدعى عليه المطلب الثالث).
    المطلب الأول:فعل السيارة كأساس لقيام المسؤولية المدنية عن حوادث السيارات
    تقرر المادة 138/1 مدني جزائري، التي تنظم المسؤولية عن الأشياء، مبدأ مسؤولية الحارس عن فعل الشيء محل حراسته، و تنص كذلك المادتين 1384/1 مدني فرنسي و المادة 178 مدني مصري على مسؤولية الحارس عن فع الأشياء محل حراسته؟، و نجد تطبيقات قضائية كثيرة لهذا المبدأ، كما تناول الفقه هذا الموضوع بالشرح و التحليل.
    و لقد اختلف الفقه و القضاء حول تحديد المقصود بفعل السيارة (الفرع الأول)، و حول معيار وجوده (الفرع الثاني)، و كذلك حول الشروط المتطلبة فيه (الفرع الثالث).
    الفرع الأول: تحديد المقصود بفعل السيارة
    لإمكان تطبيق أحكام المسؤولية التي تقررها المادتين 138/1 مدني جزائري و 1384/1 مدني فرنسي يشترط وجود فعل للسيارة تشرك به في الحادث و ما ينتج عنه من ضرر يصيب المضرور، و هذا ما يشترطه الفقه و القضاء أيضاً كأساس لبحث المسؤولية عن الأشياء.
    و هكذا لا تطبق أحكام المسؤولية عن الأشياء إلا على الأضرار التي تحدثها هذه الأشياء، و تستوجب هذه الأحكام فعل السيارة بالنسبة للمسؤولية عن حوادث السيارات، و التي ظهرت و تطورت بهدف توفير الحماية للمضرور بتلخيصه من العبء إثبات الخطأ كل هذا يتطلب ضرورة تحديد مضمون فكرة فعل السيارة، و كذلك مضمون الإثبات الملقى على عاتق المضرور و طريقته.
    البند الأول: مضمون فكرة فعل السيارة
    اختلف الفقهاء حول مضمون فعل السيارة، فهناك من اعتبره امتداد لفعل الشخص، و هناك من اعتبره مستقل عن فعل الشخص، لهذا يتعين تحديد المضمون الحقيقي لهذه الفكرة.
    أولا: فعل الشيء امتداد لفعل الشخص
    من أنصار هذا الاتجاه العميد جورج ريبير (g. Ripert) الذي لا يعترف بفعل الشيء كفكرة قانونية مستقلة عن فعل الشخص، و يرى أن تطلب فع الشيء أساس للمسؤولية عن الأشياء غير صحيح و ظاهري بحت، فالشص لا يسأل لمجرد تسبب الشيء في إحداث الضرر، إنما يسأل لأن هذا التدخل يدل على خطأ الحارس فيكون فعل الشيء قرينة على خطأ الحارس.
    و يبرر هذا الفقيه موقفه بقوله أن الشيء يعتبر أداة و وسيلة للضرر و لا يمكن أن يكون السبب، لأن الشيء ليست له حياة، و قوته الداخلية من إنشاء الإنسان.
    و يقول الأستاذ ريبير (g. Ripert) أن عبارة المسؤولية عن فعل الشيء تعني ببساطة أنه في بحث المسؤولية عن الأشياء يمكن تسهيل عب إثبات خطأ الفاعل الملقى وفقاً للقواعد العامة على عاتق المضرور، ذلك أن الخطأ يتواجد بالنسبة لهذه المسؤولية في حالة عدم اتخاذ الاحتياطات اللازمة حتى لا يحدث الشيء ضرراً بالغير، فإذا استحال اتخاذ هذه الاحتياطات فالخطأ يتمثل حينئذ في استخدام شيء خطر، و لا يسأل الحارس لمجرد أن الشيء هو السبب في الضرر، إنما لأن طبيعة الضرر الناشئ توضح مباشرة خطأ الحارس، ففعل الشيء في ذاته قرينة على خطأ الحارس، و إذا ثبت أن مسلكه لا يشوبه أي خطأ أدى بالشيء إل إحداث الضرر، فإنه في هذه الحالة يعفى من المسؤولية.
    و في نفس الاتجاه السابق يرى الأستاذ دافيد (david) أن الفعل و الحركة لا يقعان في الشيء إلا بفعل الإنسان، الذي يجب اللجوء إليه دون غيره لاكتشاف أصل الفعل الضار، و بالتالي لا يمكن قبول أن الشيء يستطيع أن يحدث ضررا إذا لم يتدخل الشخص في تحقيقه.
    و يطبق الأستاذ دافيد (david) هذه القاعدة على حوادث السيارات، و يرى أنها ترجع إما إلى خطأ الحارس أو إلى خطأ من الصانع، و بهذا يصل إلى القول بأن فعل الإنسان يعتب السبب الأصلي و الحقيقي للحادث الناتج عن السيارة، لأنه يوجد دائما خلف فعلها. و ينتهي في الأخير إلى وضع مبدأ أن كل فعل للسيارة ليس في الحقيقة إلا فعل الشخص، ففعل الشيء عند هذا الفقيه ليس نشاطا أو سببا و إنما نتيجة، و لا يكون من الناحية العلمية سوى الأضرار التي يسببها.
    و بناء على ما قال به أنصار هذا الاتجاه، لجأوا إلى مساءلة الحارس بإسناد فعل الشيء إليه، و أخذوا بفكرة الإسناد المعنوي و ليس الإسناد المادي، و يتحقق هذا الإسناد إذا كان فعل الشيء (السيارة) معبراً و دالا على خطأ الحارس، و إذا انتفى ذلك الخطأ انتفت معه مسؤولية الحارس.
    و لا يقبل هذا الاتجاه فكرة السببية المادية، و يبرر موقفه بأنه ما دام يوجد وراء فعل الشيء دائما فعل الشخص، فلا يجب ربط معيار المسئولية بالفعل الضار فقط، دون بحث لمسلك الشخص، حيث أن الأول مجرد فعل مادي، و الثاني يمكن أن يكون له معنى و مضمونا معنويا، و بالتالي دليل و معنى حقيقي في مسألة الإسناد، لأن فعل الشيء في ذاته لا يهم و لا يعتد به إلا إذ كان دالا على فعل الشخص، و كان هذا الفعل الشخصي خطئاً تماشيا مع نظيرتهم في أساس المسئولية عن الأشياء و هي النظرية الخطئية.
    غير أن هذا الاتجاه لم يلقى تأييدا داخل أوساط الفقه و القضاء، خاصة فيما يتعلق بربط فعل الشيء بفعل الإنسان، فهو يؤدي إلى إعفاء الحارس من المسئولية بمجرد إثبات أن مسلكه لا يشوبه أي خطأ، مما يبقى المضرور متخبطا في القواعد التقليدية للمسئولية المدنية التي تؤدي إلى تحميله أغلب الأضرار التي تتسبب فيها الأشياء بسبب عجزه عن إثبات الخطأ في بعض الأحيان، و عدم وجود الخطأ في حالات أخرى.



    0 Not allowed! Not allowed!

  4. #3
    ادارة الموقع
    LawJOConsultation Team
    Array الصورة الرمزية أحمد أبو زنط
    تاريخ التسجيل
    Feb 2009
    الدولة
    Jordan
    المشاركات
    14,694
    Articles
    0
    Thumbs Up/Down
    Received: 230/3
    Given: 294/0
    معدل تقييم المستوى
    250




    بيانات اخرى

    الجنس :  ذكر

    المستوى الأكاديمي :  تعليم جامعي (بكالوريوس)

    الجامعة الحالية/التي تخرجت منها ؟ :  الجامعة الأردنية

    الحالة الاجتماعية :  اعزب

    الاتجاه الفكري  :  تكنوقراطي

    رابط السيرة الذاتية  :  قم بزيارة سيرتي الذاتية

    افتراضي رد: ماهية التأمين و شروط قيام المسؤولية المدنية عن حوادث السيارات



    ثانيا: فعل الشيء مستقل عن فعل الشخص
    من أنصار هذا الاتجاه الفقيه الفرنسي ماكس فيتري (m. Vitry)، الذي يرى أن فعل الشيء قد يتميز تماما عن فعل الشخص، في الحالات التي يحدث فيها الشيء ضررا بالغير دون تدخل من النشاط الإنساني، و يبرر هذا الفقيه موقفه بقوله أن الأشياء تملك بلا شك بعض النشاط الذاتي الذي يمكن في تكوينها أو تركيبها أو في إطاعتها للقوى الطبيعية و المادية التي تسريها، و يذكر صور الفعل الذاتي المستقل للشيء، و يرى أنها تتمثل على وجه الخصوص في حالة وجود عيب خفي في الشيء، و كذلك في الحالات التي يحدث فيها الشيء ضرر بالغير دون أي تدخل من الحارس بأن أفلت من سيطرته أو كان خارج يده، يعرف بناء على ذلك فعل الشيء بالنتائج الضارة التي تحدث في هاتين الصورتين.
    و ذهب البعض من أنصار هذا الاتجاه إلى التمييز بين الشيء الذي يكون طيعا بيد الإنسان، بين الذي يكون خارجا عن سيطرت الفعلية ليخلص إلى أنه في الحالة الأولى يكون فعل الإنسان المصدر المحدث للضرر فيكون أساس المسئولية هنا الفعل الشخصي، و في الحالة الثانية يكون فعل الشيء هو العامل المسبب للضرر فتقام المسئولية على أساسه، و مثال ذلك: إذا أحدثت سيارة ضررا دون أن تمسها يد الإنسان.
    و لقد أخذ القضاء الفرنسي بهذا الاتجاه الفقهي في بعض قراراته، إذ قرر أن الضرر يعتبر ناتجا عن فعل الشيء و لو كان الشيء و لو كان الشيء وقت حدوث الضرر مسيرا بيد الإنسان إذا كان مترتبا على عيب بالشيء أو خلل فيه(1).
    و مع هذا الاتجاه كان من الواجب على المضرور أن يثبت خطأ الشخص الذي يسأله عن فعله كلما كان مرد ضرره إلى هذا الفعل، و إن كانت هذه السيارة بيد الإنسان وقت حصول الضرر، هذا من جهة و من جهة أخرى فإن هذا المعنى لفعل الشيء يؤدي إلى تضييق مجال تطبيق أحكام المسئولية عن الأشياء كونه يقصرها على حالة وجود عيب بالشيء أو كونه خارجا عن سيطرته.
    ثالثا:المعنى الحقيقي لفعل السيارة
    قبل تحديد المقصود بفعل السيارة، تجدر الإشارة إلى أن تدخل السيارة في الحادث تدخلا ماديا الذي يتعين على المضرور إثباته لمساءلة الحارس، يتميز عن فعل السيارة الذي يعتبر أساس المسئولية المدنية عن حوادث السيارات و مواجهة المتضرر منها بعبء إثبات خطأ قد لا تتوفر له في كل مرة وسائل إثباته، فأدى ذلك إلى تحول محكمة النقض الفرنسية عن قضائها السابق، فقررت بتاريخ 13 فبراير 1930 أن أحكام المسئولية عن الأشياء تطبق و لو لم يكن الضرر ناشئا عن عيب في الشيء بغير تفرقة بين كون الشيء الذي أحدث الضرر مسيرا بواسطة الإنسان و كونه غير مسير، و بهذا استبعد القضاء الفرنسي التفريق بين فعل الشيء و فع الإنسان، و قبل وجود فعل الشيء و بالتالي تطبيق أحكام المسئولية عن فعل الأشياء و إن كان الإنسان هو الذي يحركه.
    1. تنظر القرار التي أشار إليها: محمد لبيب شنب، المسئولية عن الأشياء، دراسة في القانون المدني المصري مقارنا بالقانون الفرنسي، مكتبة النهضة المصرية، القاهرة، 1957، ف122، ص143.




    أما القضاء الجزائري فبدأ منذ الاستقلال بالأخذ بعدم التفرقة بين فعل الشيء و فعل الشخص و استقر على ذلك الموقف معتبرا الضرر ناشئا عن الشيء، و طبق المادة 138 من القانون المدني و لو كان هذا الشيء وقت حدوث الضرر مسيرا بواسطة الإنسان و لم يكن به عيب.
    البند الثاني: مضمون إثبات فعل السيارة و كيفيته
    أولا:مضمون إثبات فعل السيارة
    مضمون الإثبات الذي يكلف المضرور من حادث السيارة بإقامة الدليل عليه، هو فعل السيارة، و فكرة فعل السيارة فكرة يسودها الغموض و عدم التحديد، و كانت و لا تزال محل اختلاف بين الفقه و القضاء.
    و كل ما يتطلبه القضاء للدلالة على هذه الفكرة هو إثبات أن السيارة هي التي أحدثت الضرر، و هو يكتفي في ذلك بإثبات المضرور للتدخل المادي للسيارة و اشتراكها في الحادث الذي نتج عنه الضرر، ليقيم قرينة على أن هذا التدخل هو السبب المنشئ للضرر، كما في حالة وجود دماء المصاب على السيارة.
    و لا يكفي مجرد وجود السيارة بمكان الحادث، كما لا يشترط أن يكون هناك اتصال أو احتكاك مادي بين السيارة و المضرور، و يستوي أن تكون السيارة في حالة حركة أو في حالة سكون طالما أنها تدخلت في إحداث الضرر.
    ثانيا:كيفية إثبات فعل السيارة
    تطبيقا للقواعد العامة في الإثبات، يتعين على المضرور الذي يدعي أن ما أصابه من ضرر يرجع إلى حادث سيارة معينة، أن يثبت فعلها. و يكتفي القضاء لذلك بمجرد إثبات تدخل السيارة في تحقيق الضرر، أي تدخلها في الحادث، و هو ما يمكن أن يتم هذا الإثبات بكافة طرق الإثبات، و على وجه الخصوص عن طريق القرائن الموضوعية التي يستخلصها قاضي الموضوع من وقائع و ظروف كل دعوى.
    و فيما يتعلق بموقف القضاء الفرنسي من حيث مدى قبوله للإثبات المتقدم من المضرور، يمكن التمييز بين مرحلتين:
    - المرحلة الأولى: تمتد إلى غاية اكتشاف القضاء الفرنسي لفكرة الدور السلبي للسيارة عام 1939 كسب معفي للحارس من المسئولية المدنية، و كان القضاء في هذه المرحلة يتشدد بعض الشيء في قبوله الإثبات المقدم من المضرور للدلالة على وجود فعل السيارة(1).

    1. أنظر: إبراهيم الدسوقي أبو الليل، رسالته، ص 475-476، الذي يعرض أمثلة على ذلك: قرار الغرفة المدنية بمحكمة النقض الفرنسية بتاريخ 06 فبراير 1929، و كذلك قرار دائرة الغرائض بتاريخ 28 مايو 1935.





    و يرجع سبب تشدد القضاء في قبول هذا الإثبات إلى أنه لم يكن قد توصل بعد لفكرة الدور السلبي، و كان هناك تخوف من التساهل في قبولوجود فعل السيارة بداءة، دون الترخيص للحارس بإثبات عكس ذك، فكان القضاة يستبعدون قواعد المسئولية الموضوعية في حالة عدم تأكدهم التام من وجود فعل السيارة.
    - المرحلة الثانية:بدأ القضاء في هذه المرحلة يتساهل في قبول إثبات المضرور لتدخل السيارة في إحداث الضرر، و يرجع سبب ذلك أن القضاء أصبح يسمح للحارس إثبات الدور السلبي للسيارة أي عدم وجدود فعل السيارة المنشئ للمسؤولية مقابل تساهله لقبول وجود فعل السيارة بداءة(1).



    0 Not allowed! Not allowed!

  5. #4
    ادارة الموقع
    LawJOConsultation Team
    Array الصورة الرمزية أحمد أبو زنط
    تاريخ التسجيل
    Feb 2009
    الدولة
    Jordan
    المشاركات
    14,694
    Articles
    0
    Thumbs Up/Down
    Received: 230/3
    Given: 294/0
    معدل تقييم المستوى
    250




    بيانات اخرى

    الجنس :  ذكر

    المستوى الأكاديمي :  تعليم جامعي (بكالوريوس)

    الجامعة الحالية/التي تخرجت منها ؟ :  الجامعة الأردنية

    الحالة الاجتماعية :  اعزب

    الاتجاه الفكري  :  تكنوقراطي

    رابط السيرة الذاتية  :  قم بزيارة سيرتي الذاتية

    افتراضي رد: ماهية التأمين و شروط قيام المسؤولية المدنية عن حوادث السيارات


    الفرع الثاني: معيار وجود فعل السيارة
    بعد تحديد المقصود بفعل السيارة، توصلنا إلى القول بأن فعل السيارة لا يقتصر على حالة حدوث الضرر دون تدخل من الإنسان، لأن ذلك سيؤدي إى تضييق نطاق تطبيق المادة 138/1 مدني جزائري 1384/1) مدني فرنسي.
    و من هنا يتحتم علينا البحث عن معايير الفصل بين المسئولية عن الفعل الشخصي و المسئولية عن فعل السيارة، الأمر الذي يظهر جلياًّ و بالغ الأهمية لدى أنصار نظرية الخطأ، و إن كان بدرجة أقل لدى أنصار النظرية الموضوعية.
    و في هذا الإطار جهد الفقه و القضاء الفرنسي لإجاد معيار لتحديد فعل الشيء تتمثل أهمها فيما يلي:
    البند الأول: العيب الذاتي أو الداخلي في السيارة
    أولا:مضمون إثبات فعل السيارة
    تعرض القضاء الفرنسي لمسألة تدخل كل من فعل السيارة و فعل قائدها في إحداث الضرر، و تطور موقفه فيما يتعلق بهذه الجزئية، فكان يشترط في البداية لإعمال أحكام المسؤولية دون خطأ الفعل المستقل للسيارة دون أي تدخل من الإنسان مثل انفجار إطار سيارة، و لكن سرعان ما طرأ تغير على مفهوم الفعل المستقل، فأصبح من الممكن أن تتدخل يد الإنسان بشرط أن يكون هناك عيب خاص في السيارة.
    1. أنظر في عرض ذلك: إبراهيم الدعسوقي أبو الليل، رسالته، ص 476-477 القرار الذي أشار إليه على سبيل المثال، الصادر عن الدائرة المدنية بتاريخ 20 يوليو 1955، أين أيدت محكمة النقض الفرنسية الحكم الذي لكي يضع عبء المسئولية على كاهل سائق عربة نقل كان قد تخطى سيارة، فانكسر زجاجها الأمامي أثناء هذا التخط، وضح أنه قبل تخطي عربة النقل للسيارة كان زجاجها سليما، كما أنه لم تمر في ذلك الوقت سيارة أخرى.
    2. أنظر في عرض ذلك: محمد نصر رفاعي، الضرر كأساس للمسؤولية المدنية في المجتمع المعاصر، رسالة دكتوراه نوقشت بكلية الحقوق، جامعة القاهرة، سنة 1978، ص 547.








    و أخذ القضاء الفرنسي بهذا المعيار في قرار محكمة النقض الصادر في 16 يونيو 1896، و كان هذا أول تحول تجاه المسئولية غير الخطئية في فرنسا، و أصبحت محكمة النقض تتطلب لتطبيق أحكام المسئولية عن الأشياء، وجود عيب ذاتي في الشيء (السيارة) أو على الأقل وجود فعل للشيء مستقل عن فعل الإنسان الذي يستخدمه.
    و بررت محكمة النقض الفرنسية قضاءها هذا، بأن وجود العيب هو دليل على انتقاء القوة القاهرة، و أن هذا الموقف يتفق مع مفهوم المسئولية عن الأشياء، ففيها لا يسأل الإنسان عن فعله الشخصي، لكنه يسأل عن فع الشيء، أي عن الفعل المستقل للشيء الذي يتحقق إذا تضمن الشيء عيباً ذاتياً، فالعيب الذاتي يساوي فعل الشيء.
    و تجدر الإشارة إلى أن القضاء الفرنسي لم يستخرج معيار العيب الذاتي للشيء من المادة: 1384/1 مدني فرنسي (138/1 مدني جزائري)، و إنما قياساً على المادة 1386 الخاصة بتهدم البناء، التي تشترط وجود عيب في تركيب الشيء أو نقص في صيانته.
    و استمر القضاء الفرنسي في تطبيق هذا المعيار في إصابات العمل و باقي الحوادث الأخرى الناشئة عن الأشياء إلى غاية سنة 1919.
    ثانيا: نقد معيار الذاتي
    وجه الفقه عدة انتقادات لمعيار العيب الذاتي، نوجز أهمها فيما يلي:
    1. أن هذا المعيار يحتم على المضرور إثبات العيب الذاتي في السيارة، و هو إثبات يتطلب منه الاستعانة بأهل الخبرة، هذا من جهة، و من جهة أخرى قد يستحيل في حالات كثيرة إثبات وجود هذا العيب، إذ قد تهلك السيارة التي أحدثت الضرر هلاكاً كلياً، و لا يكون هناك من وسيلة لإثبات هذا العيب.
    2. أن المادة 1386 الخاصة بتهدم البناء تشترط وجود عيب في تركيب الشيء أو نقص في صيانته، أما المادة 1384 مدني فرنسي فلم تشير إطلاقاً إلى هذا العيب، كما أن المادة 1386 تخضع لحالات مختلفة، و يترتب على ذلك عدم جواز استخدام القياس على هذه الأخيرة لتفسير المادة 1384.
    ثالثا: مصير معيار العيب الذاتي
    نظراً لازدياد حوادث السيارات، و مما يترتب على إعمال شرط العيب الذاتي من حرمان المضرور في أغلب الأحيان من حقه في التعويض، بدأ القضاء الفرنسي يتراجع عن موقفه المتشدد بشأن اشتراط العيب الذاتي في السيارة لإعمال أحكام المسئولية عن الأشياء، فأعفى في بادئ الأمر المضرور من عبء إثبات هذا العيب، مفترضاً وجود ذلك العيب في السيارة بمجرد تدخلها في إحداث الضرر، فرفضت محكمة النقض الفرنسية هذا الشرط في قرارها الصادر بتاريخ 21 يناير 1919؟، المتعلق بقضية انفجار عربة قطار في محطة شرق باريس فاتجهت المحكمة إلى افتراض وجود عيب ذاتي في القطار، و بذا تكون قد أعفت المضرور من عبء الإثبات.
    و تواصل تطور القضاء الفرنسي في هذا الشأن، إذ سرعان ما أعلن استبعاده الكلي لهذا المعيار، إذ أعلنت محكمة النقض في قرارها الصادر بتاريخ 16 نوفمبر 1920 رفضها لاشتراط وجود عيب في السيارة، حيث قررت "أنه ليس ضرورياً أن يكون بالشيء عيب ملازم لطبيعته من شأنه إحداث الضرر، لأن المادة 1384 تربط المسئولية بحراسة الشيء و ليس بالشيء ذاته"، و هكذا فإن القضاء الفرنسي بهجره لمعيار العيب الذاتي للسيارة، يكون قد وسع من مجال إعمال أحكام المسئولية عن الأشياء.
    البند الثاني: معيار فقد الرقابة على السيارة
    أولا: عرض المعيار
    قال بهذا المعيار الفقيه هنري مازو (h. Mazeaud) ، و أخذ به كل من الأستاذ بيسون
    (a. Besson) الأستاذ عبد الرزاق السنهوري:
    1. يرى الأستاذ هنري مازو (h. Mazeaud) أن المادة: 1384 فقرة 1 مدني فرنسي تفرض على حارس الشيء التزام قانوني خاص و محدد بنتيجة، هو الالتزام بالحراسة، مضمونه عدم ترك السيارة تفلت من رقابته و تحدث ضرراً بالغير. فإذا ما وقع حادث و نتج عنه ضرراً بالغير، كان مؤدى ذلك إفلات السيارة من رقابة الحارس، و يتحقق معه الخطأ في الحراسة لعدم تنفيذ الالتزام المفروض عليه فتطبق المادة 1384 فقرة 1 مدني فرنسي، أما إذا
    2. أخذ الأستاذ بيسون (a. Besson) كذلك بمعيار فقد الرقابة على الشيء و لكن مع بعض الاختلاف عما قال به الأستاذ مازو (h. Mazeaud)، فيرى الأستاذ بيسون(a. Besson) أنه يتعين البحث عن طبيعة الشيء عند تطبيق معيار فقد الرقابة، و يميز هنا بين نوعين من الأشياء: الأشياء غير الكامل أو المعيبة، التي بسبب عدم كمالها لا تطيع الإنسان إطاعة كاملة و يكون لها بعض الاستقلال عن نشاط الحارس، و الأشياء الكاملة غير المعيبة و التي تطيع الإنسان دائماً و بالتالي تتحمل سلبياً نشاط الحارس، و يصل الأستاذ بيسون (a. Besson) بعد هذا التمييز إلى القول بأن أحكام المسئولية عن الأشياء، و معها معيار فقد الرقابة تطبق فقط بالنسبة للحالات التي يكون فيها نشاط الشخص على الشيء غير كامل بسبب عدم كمال الشيء نفسه، أما الأستاذ مازو (h. Mazeaud) فيرى أن أحكام المسئولية عن الأشياء و معها معيار فقد الرقابة قابلة للتطبيق على كل الأشياء، و ما يهم فقط البحث عما إذا كان الشيء قد فر من رقابة حارسه وقت الحادث أو كان قد أطاعه(1).
    3. و أخذ الفقيه السنهوري كذلك بمعيار فقد الرقابة دون أن يتبسط في شرحه، فقال بأن الشيء إذا ألحق ضرراً بالغير فيفترض أنه قد أفلت من يد حارسه، و هذا هو اخطأ في الحراسة، و هو خطأ مفترض لا يقبل إثبات العكس.
    1 عبد الرزاق السنهوري، الوسيط في شرح القانون المدني، الجزء الأول، في مصادر الالتزام، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، لبنان، 1998، ص 1096 و ما يليها




    ثانيا: نقد معيار فقد الرقابة على السيارة
    لم يسم معيار فقد الرقابة على السيارة من النقد و الاعتراض فوجهت إليه الانتقادات التالية:
    - أن الالتزام بنتيجة الملتقى على عاتق الحارس و الذي مقتضاه منع الشيء من الإفلات من الرقابة أو من الأضرار بالغير لا وجود له، و ليس في نصوص القانون ما يشير إليه(1)، و أن الأخذ بذلك يؤدي بنا إلى القول أن المادة 1382 تفترض هي الأخرى التزاماً مؤداه ألا يحدث المرء بفعله ضرراً للغير، و بهذا يحصل الخطأ بمجرد حصول الضرر(2).
    - أن هذا المعيار يجعل الأشخاص الذين ليست لهم سلطة التوجيه المادي على الشيء مسئولين وفاً لأحكام المسئولية عن الأشياء بحجة أن الحارس لم يفقد سلطة الأمر على الشيء أي التوجيه المعنوي عليه، و هنا يظهر جانب من التناقض، فكيف ينسب إلى الحارس أنه سمح للشيء بالإفلات من رقابته المادية، و يحاسب على ذلك مع أنه لا يملك هذه الرقابة في هذه اللحظة بما أن الشيء أفلت من رقابته.
    - و انتقد هذا المعيار أيضاً لكونه لا يضع حدًّا حاسماً بين حالة إفلات الشيء من رقابة حارسه و حالة احتفاظ الحارس بهذه الرقابة، فالأستاذ هنري مازو (h. Mazeaud) يرى أن السيارة التي تسير بسرعة جد مرتفعة لا يكون لقائدها الرقابة التامة عليها، فإذا صمدت شخصاً فإن الضرر يعتبر حاصلاً منها، لأنها أفلتت من رقابة حارسها وقت وقوع الضرر، و لكن السيارة عندما وصل سرعتها إلى ذلك الحد كانت مطيعة لقائدها(3).
    عيب على هذا المعيار أنه غير عملي، ذلك أمه يؤدي إلى رفع الحماية عن المضرور في حالة ثبوت خطأ الحارس أو تعمده إحداث الضرر، إذ تطبق عليه قواعد المسئولية عن الفعل الشخصي، فيعامل المضرور في هذه الحالة معاملة أسوء من حالة عدم طاعة السيارة لحارسها التي فيها أحكام المسئولية عن الأشياء


    0 Not allowed! Not allowed!

  6. #5
    ادارة الموقع
    LawJOConsultation Team
    Array الصورة الرمزية أحمد أبو زنط
    تاريخ التسجيل
    Feb 2009
    الدولة
    Jordan
    المشاركات
    14,694
    Articles
    0
    Thumbs Up/Down
    Received: 230/3
    Given: 294/0
    معدل تقييم المستوى
    250




    بيانات اخرى

    الجنس :  ذكر

    المستوى الأكاديمي :  تعليم جامعي (بكالوريوس)

    الجامعة الحالية/التي تخرجت منها ؟ :  الجامعة الأردنية

    الحالة الاجتماعية :  اعزب

    الاتجاه الفكري  :  تكنوقراطي

    رابط السيرة الذاتية  :  قم بزيارة سيرتي الذاتية

    افتراضي رد: ماهية التأمين و شروط قيام المسؤولية المدنية عن حوادث السيارات


    ثالثا:مصير معيار فقد الرقابة على السيارة
    بالنظر إلى الانتقادات الموجهة إلى معيار فقد الرقابة على الشيء، تخلى عنه القضاء الفرنسي و كان الحكم الحاسم في هذا الشأن هو حكم الدوائر المجتمعة لمحكمة النقض الفرنسية الصادر في 03 فبراير 1930 في قضية جاندير (JANDHEUR)، حيث قررت أن القانون لا يميز بين الحالة التي يكون فيها الشيء مسيراً بواسطة الإنسان و الحالة التي لا يكون مسيراً فيها من طرفه، و أنه لا يلزم لتطبيق أحكام المسؤولية عن الأشياء، أن يكون بالشيء عيب ملازم لطبيعته من شأنه إحداث الضرر(4).
    1،3 أنظر في عرض ذلك: محمد لبيب شنب، المسئولية عن الأشياء، مرجع سابق، ص 277 و بعدها، سهير سيد منتصر، رسالتها، ص 92، 147،148
    2 حسين عامر، المسؤولية المدنية التقصيرية و العقدية، مطبعة مصر، القاهرة، الطبعة الأولى، 1956، فقرة 744، ص 757.
    4 أنظر في عرض ذلك أيضاً: عاطف النقيب، مرجع سابق، ص 181







    و اطرد القضاء الفرنسي بعد ذلك على اعتبار الضرر ناشئا عن الشيء، و تطبيق المادة 1384 فقرة 1 عليه و كان وقت حصول الضرر مسيراً بيد الإنسان أو أداة طيعة بيده، و لو لم يكن به عيب أ خلل مما يعني عدم تحقق الإفلات بالمعنى السابق(1).
    و بهذا فشل أنصار معيار فقد الرقابة على السيارة في محاولتهم للتفرقة بين فعل الإنسان و فعل الشيء من أجل حجب المسئولية عن فعل الشيء كلما كان لفعل الإنسان دخل في الحادث و هكذا بدا جلياً عدم كفاية هذا المعيار لتحديد مجال تطبيق أحكام المسئولية عن الأشياء.
    البند الثالث: معيار القوة أو الحركة الذاتية للشيء
    أولا: عرض معيار القوة الذاتية
    قال بهذا المعيار العميد جورج ربير (G.RIPERT) ، الذي حصر فعل الشيء أو المسئولية عن الأشياء في نطاق الفعل الصادر من الشيء الذي يتمتع بقوة دفع ذاتية، و هي بصفة أساسية السيارة، و يرى أن الأشياء التي تتمتع بقوة دفع ذاتية هي أشياء خطرة، و هي وحدها التي تحتاج إل الحراسة بسبب المخاطر التي يمكن أن تحدثها للغير مما يستوجب مساءلة حراسها، أما الأضرار الناشئة عن الأشياء غير الخطرة فتخضع الأضرار الناشئة عنها للقواعد العامة التي تلزم المضرور بإثبات خطأ الفاعل(2).
    ثانيا: نقد معيار القوة الذاتية
    تعرض معيار القوة الذاتية الذي يقوم على خطورة الشيء إلى عدة انتقادات نوجز أهمها في الآتي:
    1- إن خطورة الشيء معيار لتحديد الأشياء التي تنطبق عليها قواعد المسؤولية عن الأشياء أكثر منها معيار لتحديد فع الشيء، إذ لا يكفي لتطبيق أحكام هذه المسؤولية تواجدنا أمام أحد الأشياء الخطرة، و إنما يشترط أيضاً وجود فعل منها، و باعتبار السيارات من الأشياء الخطرة، فهذا المعيار لا يدلنا على تحديد متى نكون أمام فعل السيارة، و إنما يفيد فقط في تصنيفها ضمن الأشياء الخطرة.
    2- إن هذا المعيار ليس له أي أساس قانوني، إذ أن المادة 1384/ 1 مدني فرنسي (138/ 1 مدني جزائري) تشير إلى الأشياء التي تحت الحراسة، و لم تقص الحراسة على الأشياء الخطرة دون غيرها، و بالتالي فهذا المعيار يضيق من مجال تطبيق أحكام المسؤولية عن الأشياء.
    3- إن معيار الخطورة يصعب تطبيقه من الناحية العملية، لأن الشيء الواحد قد يعد خطراً أو غير خطر تبعاً للظروف و الملابسات التي تحيط به عند وقوع الحادث.
    1 عاطف نقيب، مرجع سابق، ص 181
    2 إبراهيم الدسوقي أبو الليل، رسالته، ص 436؛ راجع أيضا: عاطف النقيب، مرجع سابق، ص119-120؛ محمد نصر رفاعي، رسالته، ص 95؛ أنظر أيضا سهير سيد منتصر، رسالتها، ص 40-41.





    4- إن شرط الخطورة هو عودة غير مباشرة لنظرية الخطأ الواجب الإثبات، لأن الأخذ به يؤدي إلى تكليف المضرور بإثبات الطبيعة الخطرة للشيء، و هذا الإثبات يعادل من حيث العبء إثبات خطأ المتسبب في الحادث.
    ثالثا: مصير معيار القوة الذاتية
    أحرز هذا المعيار نجاحا كبيرا في القضاء الفرنسي، إذ تأثر به القضاء الإداري في قضية خاصة بحادث وقع من سيارة عسكرية، حيث قرر مجلس الدولة الفرنسي أن ظروف المرور الخطرة في الوقت الحاضر تستلزم إقامة قرينة على خطأ السائق الذي تسبب في الحادث "هذه القرينة التي لا تستطيع الإدارة في مواجهتها أن تثبت أن السائق لم يرتكب خطأ".
    و تأثرت محكمة النقض الفرنسية كذلك بهذا المعيار في القرار الذي أصدرته بتاريخ 21 فبراير 1927، الذي نقضت بموجبه الحكم الذي أصدرته محكمة بيزانسون (Besançon) بتاريخ 29 ديسمبر 1925، الذي كان يفرق بين الضرر الذي يحدث من سيارة متوقفة و الضرر الحالة الأولى، فأكدت محكمة النقض رفضها لهذه التفرقة، و أضافت أن المسؤولية عن الأشياء لا تتحقق إلا إذا كان الشيء مما يستلزم حراسة خاصة بسبب ما يمكن أن يحدثه من ضرر للغير(1).
    و طبقت المحاكم الفرنسية معيار الخطر في أحكامها لعدة سنوات خاصة بين 1927 و 1929، و شمل السيارات، حيث أكدت المحاكم أنها تخضع لضرورة الحراسة بسبب الخطر الذي يمكن أن تحدثه للغير، بالنظر إلى حركها و سرعتها، ثم توسع تطبيق هذا المعيار ليشمل الأسلحة النارية و شمل أيضاً بعض الأشياء التي تتضح خطورتها بجلاء مثل المتفجرات و بعض المواد الكيمائية و الطائرات.
    على الرغم من النجاح الذي لقيه هذا المعيار في السنوات الأولى لظهوره؟، إلا أن الصعوبات العملية التي كانت تعترض القضاة بسبب الاختلاف الفقهي الشديد حول تحديد معنى الخطورة، دفع القضاة إلى هجره، و كان هذا في قرار الدوائر المجتمعة لمحكمة النقض الفرنسية في حكمها الشهير الذي أصدرته في 13 فبراير 1930 في قضية جاندير (JAND’HAUR) ، الذي أكد على وجوب تطبيق أحكام المسؤولية عن الأشياء في جميع حالات الأضرار الناشئة عن الأشياء دون تفرقة بين الأشياء الخطرة و غير الخطرة(2).
    البند الرابع: المعيار الحقيقي لفعل السيارة
    من خلال عرض المعايير السابقة لفعل السيارة و تقييمها، و من مراجعة ما استقر عليه القضاء الفرنسي في هذا المجال، يتبين أنه بمجرد تدخل السيارة في تحقيق الضرر يفترض القضاء أن السيارة كانت السبب المنشئ له، ما لم يثبت الحارس خلاف ذلك.
    1 سليمان مرقس، الوافي في شرح القانون المدني، القسم الثاني، المسؤوليات المفترضة، المجلد الثاني، بدون دار و بلد النشر، سنة 1992، ص1014-1015.
    2 عاطف النقيب، مرجع سابق، ص181







    و لقد استقر القضاء الفرنسي منذ قضية جاندير (JAND’HAUR) على تطبيق أحكام المسؤولية عن الأشياء في جميع الحالات التي يشترك فيها الشيء في إحداث الضرر، و لم يعد يهم تحديد مصدر فعل الشيء و تدخله في إحداث الضرر، و ما إذا كان قد تحقق نتيجة نشاط الإنسان أو بفعله الذاتي.
    و هكذا فإنه لا يشترط في فعل السيارة أي شرط، بل يكفي مجرد تدخلها المادي في الحادث كدليل و معيار لفعل السيارة.
    و بهذا المعنى يأخذ الأستاذ فافييه، إذ يقول أن المعيار الوحيد المقبول هو الذي يتوقف على مجرد اشتراك الشيء في الضرر، ففعل الشيء لا يعني سوى تدخله في إحداث الضرر(1).
    و هذا التحليل يتماشى مع صياغة المادة 1384 مدني فرنسي، و كذلك المادة 138/ 1 مدني جزائري حيث ذكرت هذه الأخيرة العبارة التالية:
    " كل من تولى حراسة شيء ... يعتبر مسؤولا عن الضرر الذي يحدثه ذلك الشيء".
    يتبين من هذا النص أن فعل الشيء يتحقق في كل مرة يتدخل فيها الشيء مادياً في إحداث الضرر، غير أن هذا التدخل يكفي فقط باعتباره ممثلاً لفعل السيارة، و لا يكفي لقيام المسؤولية أي أن يكون هذا التدخل هو السبب الحقيقي للضرر، أي لا بد من توافر علاقة السببية، و هذا ما سأتناوله بالدراسة في المبحث الموالي.
    الفرع الثالث: شروط فعل السيارة
    اختلف الفقهاء حول تحديد متى يكون الشيء قد تدخل في إحداث الضرر، فوضعوا شروطاً بتوافرها يتحقق فعل السيارة، و ينتفي بانتفائها.
    فاشترط البعض لوجود فعل السيارة أن تكون قد اتصلت اتصالاً مباشراً بالمضرور أو بمحل الضرر بتحقق التلامس المادي بينهما، و يرى البعض الآخر أن فعل السيارة لا يتحقق إلا إذا كانت وقت حدوث الضرر في حالة حركة.

    1 إبراهيم الدسوقي أبو الليل، رسالته، ص 447.






    البند الأول: شرط التلامس
    أولا: مضمون شرط التلامس
    يرى بعض الفقهاء أن فعل السيارة أساس تطبيق أحكام المسؤولية الموضوعية، لا يتصور وجوده إلا إذا كان هناك اتصال مادي أو تلامس بين السيارة و المضرور، و إذا لم يتحقق هذا التلامس انعدم فعل الشيء، و بالتالي يستبعد تطبيق أحكام المسؤولية عن الأشياء، لتطبيق القواعد العامة في المسؤولية التقصيرية، التي تلقي بعبء إثبات خطأ المتسبب على عاتق المضرور(1).
    و يتساهل أنصار هذا الاتجاه في قبولهم لفكرة التلامس، إذ تتحقق عندهم هذه الفكرة حتى و لو لم يتم الاتصال أو الاحتكاك بين السيارة ذاتها و المضرور، فيتحقق شرط التلامس مثلاً في حالة كسر زجاج واجهة محل من مسمار تطاير نتيجة سير السيارة أمام المحل، و يتحقق كذلك في حالة إصابة شخص بداخل سيارة صدمتها سيارة أخرى، و يتحقق كذلك في حالة تخطي سيارة لراكب دراجة بطريقة فجائية، مما ترتب عليه سقوط نتيجة انزعاجه أو مضايقته من تخطي السيارة له(2).
    فيكفي عند هؤلاء الفقهاء ليتحقق شرط التلامس، الاتصال المادي بين المضرور و بين شيء آخر ناتج عن الشيء الأصلي (السيارة)، أما ما قد ينشأ عن السيارة، و ما تسببه من تأثير نفسي قد يؤثر في مسلك المضرور و يسبب له الضرر، فلا يتحقق معه فعل السيارة نظراً لعدم وجود أي تلامس بين السيارة أو ملحقاتها و المضرور، فلا يمكن للمضرور في هذه الحالة التمسك بالقواعد الموضوعية في المسؤولية عن الأشياء.
    ثانيا: موقف القضاء الفرنسي من شرط التلامس
    أكدت محكمة النقض الفرنسية في قرارها الصادر بتاريخ 22 يناير 194، عدم اشتراط التلامس بين السيارة مصدر الضرر و الشيء أو الإنسان المضرور لوجود فعل السيارة، و بالتالي تطبيق أحكام المسؤولية عن الأشياء.
    1 إبراهيم الدسوقي أبو الليل، رسالته، ص 450؛ و أورد الأستاذ الدسوقي أمثلة عن الفقهاء الذين يشترطون التلامس و هم: اسمان (ESMEIN)، سافاتييه (R.SAVATIER)، روييدر (RODIERRE) .
    2 عبد الرزاق السنهوري، الوسيط، الجزء الأول، مرجع سابق، ف728، ص 1232؛ محمد لبيب شنب، مسؤولية عن الأشياء، مرجع سابق، ف 178، ص162.


    كما أكدت الغرفة المدنية لمحكمة النقض الفرنسية في قرارها الصادر بتاريخ 04 نوفمبر 1956 على عدم تطلب مثل هذا الشرط، إذ قضت في قضية قائد السيارة الذي حرك عجلة القيادة فجأة فتسبب ذلك في رعب قائد الدراجة مما يفقد توازنه، مسبباً سقوطه على الأرض، بأن هذا يكفي لانعقاد مسؤولية قائد السيارة.
    و حتى الأحكام التي رفضت تطبيق أحكام المسؤولية عن الأشياء في حالة عدم الاتصال بين السيارة و الضرر، يتضح من خلال تحليلها أن ذلك ليس بسبب انعدام التلامس – كما زعم أنصار الاتجاه السابق- و إنما كان ذلك لأن فع السيارة لم يكن هو السبب في حدوث الضرر، كما هو الحال بالنسبة لقرار محكمة النقض الفرنسية الصادر بتاريخ 24 ماي 1957 الذي رفضت فيه تطبيق أحكام المسؤولية عن الأشياء بالنسبة لحادث سقوط راكب دراجة لحظة تجاوز سيارة له، و كذلك الحال بالنسبة للقرار الصادر عن محكمة النقض الفرنسية بتاريخ 19 يناير 1956، الذي رفضت فيه تطبيق المادة 1384/ 1 مدني فرنسي في حادث سيارة لم يتم فيه التلامس بين السيارة و المضرور، مبررة حكمها بأن سبب الضرر كان حركة خاطئة من المضرور(1).
    ثالثا: تقييم شرط التلامس
    بالرغم من اشتراط بعض الفقهاء التلامس أو الاتصال المادي بين السيارة و المضرور لإمكان وجود فعل السيارة، إلا أن ما جاؤوا به من أحكام قضائية لا يكفي لتبرير موقفهم – كما سبق توضيحه- لهذا رفض غالبية الفقه هذا الشرط مقررين إمكان وجود فعل السيارة في حالة عدم التلامس أو الاتصال المادي بين السيارة و المضرور، فيرى الأستاذ بودان (BEUDANT) أن هذا التلامس ليس بشرط ضروري ، كما أنه غير كاف لوجود فعل الشيء و تطبيق أحكام المسؤولية عن الأشياء، حيث أن التلامس لا يترتب عليه بالضرورة مسؤولية الحارس الذي يكون له جميع الحالات إثبات أن السيارة لم تكن السبب الحقيقي في الضرر.



    0 Not allowed! Not allowed!

  7. #6
    ادارة الموقع
    LawJOConsultation Team
    Array الصورة الرمزية أحمد أبو زنط
    تاريخ التسجيل
    Feb 2009
    الدولة
    Jordan
    المشاركات
    14,694
    Articles
    0
    Thumbs Up/Down
    Received: 230/3
    Given: 294/0
    معدل تقييم المستوى
    250




    بيانات اخرى

    الجنس :  ذكر

    المستوى الأكاديمي :  تعليم جامعي (بكالوريوس)

    الجامعة الحالية/التي تخرجت منها ؟ :  الجامعة الأردنية

    الحالة الاجتماعية :  اعزب

    الاتجاه الفكري  :  تكنوقراطي

    رابط السيرة الذاتية  :  قم بزيارة سيرتي الذاتية

    افتراضي رد: ماهية التأمين و شروط قيام المسؤولية المدنية عن حوادث السيارات


    و يرى عاطف النقيب أن فعل السيارة يتحقق في ثلاثة حالات:
    الحالة الأولى: و هي الأكثر وضوحاً و الأسهل إثباتا، و تتمثل في الاتصال المادي بين السيارة و المتضرر أو الاحتكاك بينهما، فيكون هذا الاتصال عند ثبوته دليلاً عل فعل السيارة و تدخلها في الحادث بالصورة الظاهرة الملموسة.
    الحالة الثانية: يتحقق فعل السيارة إذا وفر السبيل إلى حصول الضرر، إذا أدى إلى حصول الضرر من غير احتكاك أو اتصال مادي بين السيارة و المضرور، كما لو أن سائق شاحنة مثقلة بحمولتها نر بشكل سريع ملتوي متمايل الذي أفقد سائق السيارة الآتية بمواجهته القدرة التي تجب لضبط حركة سيارته بفعل الخوف الذي انتابه، فجنح إلى الحافة ليرتطم بحائط فيتضرر من كان في
    1 إبراهيم الدسوقي أبو الليل، رسالته، ص 455-456.





    سيارته، فيكون للشاحنة تدخل في الحادث، و إن لم تلمس السيارة. و يحصل التدخل كذلك عندما تتساقط من شاحنته قوارير معدنية لم يحكم ربطها، فيعمد السائق الآتي بعد الشاحنة في سيرها إلى الابتعاد مستعجلا عن القوارير المتساقطة تبعثراً في الطريق، فيختل التوازن في حركة سيارته، فيصطدم بحاجز أو بشجرة في جانب الطريق، فيتضرر أشخاص في سيارته، فيكون للقوارير كذلك تدخل في الحادث و إن لم تصل إلى السيارة.
    الحالة الثالثة: يتحقق فعل السيارة كذلك في حالة التلامس أو الاتصال المادي بين المضرور و جسم الإنسان الذي يستعمل السيارة، لأن السيارة و الإنسان الذي يستعملها يشكلان أثناء سير السيارة كلا متحركاً، كسائق السيارة الذي يمد ذراعه من نافذة السيارة فتلامس شخصاً ماراً على الطريق أو راكب دراجة فيسقط و يلحق به ضرر.
    و من خلال عرضنا لرأي الفقه، يتبين لنا بأن الخلاف بين رافضي شرط التلامس و مؤيديه، يمكن في حالة تأثير السيارة على سلوك المضرور، الذي ارتبك فحصل الضرر نتيجة لذلك، فبينما يرى الأولون أنه لا يوجد ما يمنع في هذه الحالة من تحقق فعل السيارة، فإن الآخرين يرون العكس نظراً لعدم وجود تلامس بين الشيء أو ملحقاته و المضرور، فلا يمكن أن يكون هناك فعل للشيء، فيلزم المضرور لحصوله على التعويض إثبات خطأ المدعي عليه و تطبيق القواعد العامة في المسؤولية التقصيرية.
    و يعرف الأستاذ أدولف التأثير النفسي هنا بأنه النتيجة التي تترتب على خطر حال غير متوقع، و الذي يفقد الشخص فيها سيطرته على نفسه أو على الشيء الذي في حراسته(1).
    و خلاصة القول أن التلامس بين السيارة التي سببت الضرر و المضرور، أو محل الضرر، ليس يشرط لوجود فعل السيارة قد يوجد رغم انعدام التلامس، لأن المقصود بفعل السيارة هو أن تكون السيارة سبباً حقيقياً في الضرر، و مما لا شك فيه أن عدم التلامس بين السيارة و المضرور لا يمنع من إمكان تدخلها أو اشتراكها إيجابياً في إحداث الضرر.
    1 إبراهيم الدسوقي أبو الليل، رسالته، ص 453.


    و الملاحظ في الأخير، أن رفض فكرة التلامس كشرط لوجود فعل السيارة، و تطبيق أحكام المسؤولية عن الأشياء، لا يعني أن فكرة التلامس ليست لها أية فائدة، إذ لها أهمية كبيرة في مجال الإثبات، فإثبات تدخل السيارة في الحادث ليس معقد كلما كانت السيارة قد اتصلت مادياً بالمتضرر
    أو بمحل الضرر، غير أن هذا الإثبات يصعب عندما يكون الادعاء متناولاً تدخلاً من السيارة في الضرر دون اتصال مادي بينه و بين المضرور، و إذا لم يقم المضرور بهذا الإثبات رفضت دعواه(1).
    البند الثاني: شرط نشاط أو حركة السيارة
    الفكرة التي يقوم عليها هذا الشرط هي أن فعل السيارة يتحقق إذا كانت متحركة وقت حدوث الضرر، أما السيارة الساكنة، فلا ينتج عنها ضرر، فيكون تدخلها دائما سلبيا.
    و لقد كان لنظرية السكون حظاً في القبول عند ظهورها من الفقه و القضاء، لكن سرعان ما تم العدول عنها لما لحقها من نقد.
    المطلب الثاني:علاقة السببية
    تستلزم المسؤولية المدنية عن حوادث السيارات أن تكون السيارة قد تدخلت في إحداث الضرر، و هذا الشرط ضروري، لكنه لا يكفي لقيام المسؤولية، بل يشترط أيضا وجود رابطة و علاقة سببية بين هذا التدخل و الضرر، إذ ينبغي أن تكون السيارة في تدخلها فاعلة في إحداث الضرر، و بمعنى آخر يشترط توافر علاقة سببية بين تدخل السيارة و ما تنتج عنه من ضرر، و يعتبر موضوع السببية من المواضيع الدقيقة التي اختلف بشأنها الفقه و القضاء، خاصة فيما يتعلق بتحديد معيارها.
    الفرع الأول: تحديد المقصود بعلاقة السببية في المسؤولية المدنية عن
    حوادث السيارات
    نظرا للطابع المادي في المسؤولية المدنية عن حوادث السيارات، كونها لا تقوم على فكرة الخطأ، يحتل شرط السببية أهمية بالغة فيها، و اختلف الفقه حول تحديد طبيعة هذه العلاقة، كما وضع القضاء قرائن في هذه العلاقة، و هذا لتسهيل عبء إثباتها على المضرور.
    البند الأول: أهمية علاقة السببية في المسؤولية المدنية عن حوادث السيارات
    1 إبراهيم الدسوقي أبو الليل، رسالته، ص 458؛ كذلك: محمد لبيب شنب، مسؤولية عن الأشياء، مرجع سابق، ص151.



    لا تقوم المسؤولية المدنية عن فعل السيارة إلا إذا كانت هذه السيارة هي التي سببت الضرر أو أحدثته، أي كان لها الدور الفاعل في التسبب فيه أو إحداثه، و هذا ما قدره المشرع الجزائري في المادة 138/ 1 من القانون المدني، إذ ربط المسؤولية بفعل السيارة فيما وضعه من عنوان للمادة، و فيما استعمله فيها من ألفاظ تعبر عن شيء (سيارة) يحدث الضرر، فقصد المشرع من هذه الألفاظ أن
    الشيء يكون له دور مولد للضرر إذا كان له دور فاعل في إحداثه أو في التسبب فيه.
    و هكذا يتبين أن فعل السيارة لا يكفي وحده لقيام المسؤولية المدنية عن حوادث السيارات، إذ ينبغي أن تكون السيارة، في تدخلها فاعلة في إحداث الضرر، أو في التسبب فيهو لا يكفي كذلك أن تكون السيارة محلا للحادث الضار أو شرطاً لحصوله، و إنما يجب أن يثبت أنه كان له الدور الإيجابي أو المولد في حصول الضرر.
    و ليس من المشروط أن يكون تدخل السيارة حاصلاً بشكل معين أو طبق تسلسل خاص لإقامة الرابطة بين السيارة و الضرر، فتحقق هذه الرابطة بأوجه متنوعة تتبعا لظروف الضرر الحاصل بفعل السيارة، فقد تكون السيارة في تحركها هي التي أحدثت الضرر بتدخلها في الواقعة الضارة، فيكون لها الدور الفاعل أصلا في إحداثه و قد تكون السيارة الساكنة في موقعها بوضعية غير مألوفة هي العامل الذي سبب حصول الضرر، فيكون لهذه السيارة الدور الفاعل تسبباً في حصوله.
    و قد يستلزم تدخل السيارة عاملا يرافقه ليبرز به دوره الفعال أو السلبي في إحداث الضرر، فإن انطلق شخص بدراجته ثم انقلب بها على الطريق في اللحظة التي كانت تمر فيها سيارة في الطريق ذاتها فصدمته بعد وقوعه، فإن هذا الحادث يتطلب البحث عن العامل الذي أدى في تلك اللحظة إلى وقوعه فجأة وحصول الاصطدام به، فإن كان قد وقع نتيجة تصرف رعونة أو إهمال سائق الدراجة فانقلب و فاجأ سائق السيارة بانقلابه على صورة لم يكن بإمكان هذا الأخير توقعها و لا تداركها، فلا يكون لسيارته دور فاعل في التسبب في الحادث، أما إذا كانت السيارة هي التي بحركتها غير العادية قد أربكت سائق الدراجة بالشكل الذي أدى إلى انقلابه بها، فإن هذا العامل الراجع إلى السيارة في تحركها يجعل لها دوراً فاعلاً في حصول الحادث.
    فكل تدخل مهما كان نوعه أو ظرفه، يدخل في الاعتبار متى حصل فعلا فكان لحصوله دور في حدوث الضرر، أما إذا كان الحادث قد وقع بمعزل عن هذا الدور الفاعل، فلا يمكن مساءلة حارس السيارة عما وقع.
    و من المصطلحات المستعملة في الفقه و القضاء للتعبير عن التدخل المنتج أو التدخل السببي له في إحداث الضرر اصطلاح الدور الإيجابي للسيارة، و يقابله الدور السلبي لها، و يتحقق دور السيارة السلبي عندما يبقى دون أثر فاعل في حصول الضرر، فلا يتصل به إلا سببياً، و من مظاهر هذا الدور أن تكون السيارة هي التي تلقت الصدمة من غير أن يكون لها شأن في وقوعها.
    تتميز علاقة السببية في المسؤولية المدنية عن حوادث السيارات بأهمية خاصة، لأن القانون لا يتطلب لإمكان مساءلة المدعى عليه و إلزامه بالتعويض ثبوت خطئه و إنما يكتفي بمجرد إحداث السيارة للضرر، حيث لا يتطلب القضاء شرطاً خاصا في فعل السيارة و تدخلها في تحقيق الضرر سوى أن يكون هذا التدخل منتجا للضرر، لهذا اعتبرت السببية العنصر الأكثر أهمية و تأخذ المكان الأول، خاصة و أن هذه المسؤولية تقوم على ركنين فقط و هما الضرر و حدوثه من السيارة.
    كما تتميز علاقة السببية في المسؤولية المدنية عن حوادث السيارات بافتراض القضاء لها، إعفاء المضرور من عبء إثباتها، و هو ما يسمى بقرينة السببية التي تعتبر قرينة بسيطة يستطيع الحارس إثبات عكسها، بإقامة الدليل أن السيارة لم تكن هي السبب الحقيقي في وقوع الضرر، و هذا بإثبات الدور السلبي لها في الحادث.
    البند الثاني: طبيعة علاقة السببية
    اختلف الفقهاء حول تحديد طبيعة علاقة السببية، فهناك اتجاه مادي، و اتجاه آخر معنوي و ثالث يجمع بين الاتجاه المادي و المعنوي.
    أولا: الطبيعة المادية لعلاقة السببية
    يرى أنصار هذا الاتجاه أنه إذا ثبت أن تدخل السيارة هو الذي أحدث الضرر، تجسد ركن علاقة السببية و انعقدت معه المسؤولية المدنية بغض النظر عن سبب تدخل السيارة في الحادث، هل يرجع إلى فعلها الذاتي أم إلى فعل حارسها أم إلى سبب أجنبي عنها حارسها، إذ أن هذا البحث الأخير يهدف إلى تحديد فكرة أخرى و هي فكرة الإسناد، أي إسناد فعل السيارة ذاته و تدخلها في الحادث إلى السبب الحقيقي له، فإذا كان تدخلها في الحادث يرجع إلى السيارة ذاتها أو إلى حارسها فيسند هذا الفعل إلى الحارس، و تنعقد بذلك مسؤوليته المدنية عن الضرر الناتج عنه.
    فوفقا لهذا الاتجاه يقصد بالسببية مجرد الاشتراك المادي، الإيجابي للسيارة في تحقيق الضرر، أي مجرد التسبب المادي دون التعمق في البحث فيما وراء ذلك، و بصرف النظر عن السبب الذي يرجع إليه فعل السيارة و اشتراكها في الحادث، أي إسناد فعلها إلى من تسبب فيه، و يصرف النظر عما إذا كان ذلك يرجع إلى الحارس أم لا.
    و يبرر أنصار هذا الاتجاه موقفهم بأن السببية في المسؤولية المدنية عن الأشياء كالمسؤولية ذاتها مادية و ليست معنوية.
    ثانيا: الطبيعة المعنوية لعلاقة السببية
    يرى الأستاذ دافيد و هو من زعماء هذه النظرية، و أحد أنصار نظرية الخطأ، انه من الضروري اللجوء إلى فكرة الإسناد المعنوي، إذ لا يمكن البحث في الفعل المادي للسيارة عن دليل على الإسناد، لأن فعل السيارة فكرة مجردة من كل معنى أدبي و غير كافية لبحث الإسناد.
    و ينضم إلى هذا التفكير الفقيه ريبير (G.RIPERT) و يبرر موقفه بأن فعل الشخص يوجد دائما خلف فعل الشيء، فلا يمكن بذلك ربط معيار المسؤولية بالفعل المادي فقط مغفلين فعل الشخص، خاصة و أن الأول مجرد فعل مادي بعكس الثاني الذي يمكن أن يكون له معنى و مضمون أدبي، و بالتالي دليل و معنى حقيقي في مسألة الإسناد، لأن المسؤولية تقوم لديهم على أساس الخطأ، فلا بد من ربط علاقة السببية بالخطأ أيضا و ليس بالفعل المادي.
    و يضيف الأستاذ اسمان قائلاً أن الاكتفاء بالسببية المادية هو تشبيه للشيء بالكائن الحي و فيه إغفال لبحث مسلك الحارس، و يرى هذا الفقه أن بحث الدور الذي قامت به السيارة ما إذا كان إيجابياً أو سلبياً ما هو سوى تقدير لمسلك الحارس للسبب الأجنبي الذي لا يسند إليه، أي انعدام الخطأ(1).
    ثالثا: الطبيعة المختلطة لعلاقة السببية
    يرى الأستاذين مازو (H. et L. MAZEAUD) أن علاقة السببية في المسؤولية المدنية عن حوادث السيارات تجمع بين الطبيعة المادية و الطبيعة المعنوية، و يريان أنه توجد علاقتين للسببية.
    - العلاقة الأولى هي السببية العادية التي تعتبر شرطا أساسيا للمسؤولية المدنية في جميع المجالات، و هي تربط الضرر بنشاط الحارس سواء كان خاطئا أو غير خاطئ، بحسب الأساس الذي تقوم عليه المسؤولية، و باعتبار هذا الأساس لدى الأستاذين مازو (H. et L. MAZEAUD) هو الخطأ، فيجب البحث في سلوك الحارس عن عنصر الخطأ، ثم تقدير مدى ارتباط هذا العنصر سببيا بالضرر، و هذه السببية مفترضة من جانب القضاء، و تسقط أمام إثبات الحارس للسبب الأجنبي.



    0 Not allowed! Not allowed!

  8. #7
    ادارة الموقع
    LawJOConsultation Team
    Array الصورة الرمزية أحمد أبو زنط
    تاريخ التسجيل
    Feb 2009
    الدولة
    Jordan
    المشاركات
    14,694
    Articles
    0
    Thumbs Up/Down
    Received: 230/3
    Given: 294/0
    معدل تقييم المستوى
    250




    بيانات اخرى

    الجنس :  ذكر

    المستوى الأكاديمي :  تعليم جامعي (بكالوريوس)

    الجامعة الحالية/التي تخرجت منها ؟ :  الجامعة الأردنية

    الحالة الاجتماعية :  اعزب

    الاتجاه الفكري  :  تكنوقراطي

    رابط السيرة الذاتية  :  قم بزيارة سيرتي الذاتية

    افتراضي رد: ماهية التأمين و شروط قيام المسؤولية المدنية عن حوادث السيارات


    -
    -
    1 إبراهيم الدسوقي أبو الليل، رسالته، ص 484-485.



    أما العلاقة الثانية فهي خاصة بالمسؤولية عن الأشياء، و تربط الضرر بالشيء ذاته و تتميز بالمادية، و بناء عليه يتعين لمساءلة الحارس أن يكون للسيارة دوراً منشئ و منتج للضرر، فالسبب الحقيقي حسب رأيهما هو السبب المولد للضرر.
    يبرر الأستاذان (H. et L. MAZEAUD) هذه السببية بقولهما أن الشخص و إن كان دائما وراء الشيء، إلا أن هذا لا يمنع من أن نتصور إلى جانب علاقة السببية التي تربط الشخص بالضرر، علاقة سببية، و هي علاقة سببية حقيقية، تربط السيارة بالضرر. فأحيانا تتدخل السيارة في تحقيق الضرر دون أن تنتجه، و هذا يعني أنها لم تسببه، و أحيانا، بالعكس من ذلك تدخل السيارة يكون "منشئ" فيكون "سبب" الضرر و أنتجه، و يذكران مثالاً على ذلك الشجرة التي تسقط على سيارة تعتبر سبب الحادث، و هي علاقة سببية تختلف عن تلك التي يجب أن تربط حارس الشجرة بالضرر.
    و بحث هذه السببية حسب الأستاذين مازو (H. et L. MAZEAUD) هو اتجاه نحو إعطاء دور للجانب الشخصي في المسؤولية الموضوعية، و ذلك بالاعتداد بالمسلك الشخصي إلى جانب فعل الشيء (السيارة).
    و انتقد موقف الأستاذين مازو (H. et L. MAZEAUD) بشأن العلاقة التي تربط الضرر بالحارس؟، بأن هذه العلاقة يجب أن تربط مسلك الحارس ليس بالضرر مباشرة و إنما بفعل السيارة ذاته، إذ لو كانت هذه العلاقة بين الحارس و الضرر فلا يكون هناك فائدة من بحث العلاقة التي تربط السيارة بالضرر، و لا يكون هناك مبرر لوجودها، و يكفي لمساءلة الحارس اللجوء إلى العلاقة الثانية التي تنسب الضرر إلى الحارس، خاصة و أن الأستاذين مازو يرجعا في تقدير هذه العلاقة إلى مسلك الحارس، فيسأل إذا كان مسلكه خاطئا، و بعد إيجاد المسلك الخاطئ للحارس لا تبقى هناك فائدة من بحث العلاقة بين السيارة و الضرر(1).
    بعد هذا العرض حول طبيعة علاقة السببية نصل إلى القول بأن الاتجاه المادي هو الجدير بالأخذ به، فيكفي لوجود علاقة السببية بين السيارة و الضرر مجرد التسبب المادي، أي مجرد اشتراكها في الحادث اشتراكاً إيجابياً فعالاً، بصرف النظر عن بحث وجود خطأ من عدمه في جانب الحارس، لأن تقدير مسلك هذا الأخير خاص بفكرة الخطأ و هو ركن آخر من أركان المسؤولية المدنية و لا يعتبر أساساً للمسؤولية عن الأشياء، بينما ما نحن بصدده الآن هو ركن السببية.
    1 إبراهيم الدسوقي أبو الليل، رسالته، ص 484-485.



    كما أن الرابطة بين الإنسان و الضرر لا يتم بحثها مباشرة بالنسبة للمسؤولية عن الأشياء، و إلا كنا أمام مسؤولية شخصية، بل يجب أن يتم بحثها بالنظر إلى السيارة ذاتها حتى نكون بصدد المسؤولية عن الأشياء.

    و يمكن تبرير هذا الموقف من تحليل نص المادة 138/ 1 من القانون المدني الجزائري، و الذي نستخرج منه علاقتين، الأولى تربط السيارة بالضرر و تسمى علاقة السببية، و الثانية تربط فعل السيارة بالحارس و تسمى علاقة الإسناد، و تطبيقا لذلك بمجرد إثبات المضرور لفعل السيارة بإقامته الدليل عن تدخلها و اشتراكها في الحادث، فإن القضاء يفترض هذا التدخل كان إيجابيا منشئا للضرر، أي يفترض وجود علاقة سببية بين السيارة و الضرر، و لكن هذا لا يكفي لمساءل الحارس مدنيا، بل يجب أيضا أن يسند إليه هذا التدخل.
    و يتحقق هذا الإسناد سواء كان فعل السيارة المنشئ للضرر يرجع إلى الفعل الذاتي لها و إلى نشاط الحارس خاطئا كان أو غير خاطئ، و يعفى من المسؤولية إذا كان تدخل السيارة في الحادث يسند إلى سبب أجنبي عنه و عن السيارة.
    والملاحظ أن كلتا القرينتين مستمدتان من نفس المصدر و هو فعل السيارة، فهما تظهران معاً أيضاً، فالإثبات العكسي أو غير المباشر للسبب الأجنبي يهدم قرينة السببية في نفس الوقت يهدم قرينة الإسناد، فهما مرتبطان ارتباطا تاما.
    البند الثالث: قرينة السببية و دورها في حماية المضرور
    يقصد بعلاقة السببية هنا، و كما سبق توضيحه، علاقة السببية التي تربط الضرر بالسيارة أي معرفة ما إذا كانت السيارة هي السبب في الضرر أم لا، و ليس المقصود تلك العلاقة التي تربط فعل السيارة بالحارس، و التي سبق تسميتها قرينة الإسناد، و سماها بعض الفقهاء قرينة المسؤولية.
    و لقد رأيت دراسة هذه القرينة قبل البحث عن توافر هذه العلاقة حقيقة أم لا. و بمعنى آخر فإن بحث هذه العلاقة يكون عند محاولة هدمها من طرف الحارس، ففي هذه المرحلة فقط يبحث القاضي مدى توافر فعل السيارة و دوره في إحداث الضرر وسط الأفعال المتنوعة المحيطة بالحادث.
    و لما كانت القاعدة العامة في الإثبات أن البنية على من ادعى، فإنه يقع على المضرور مدعي المسؤولية أن يثبت توافر جميع أركان المسؤولية.
    و تطبيقا لهذه القاعدة يتعين القول أن إثبات تدخل السيارة في حدوث الضرر لا يكفي لقيام رابطة السببية، ذلك انه يشترط في هذا التدخل أن يكون إيجابيا.

    لكن من مراجعة أحكام القضائين الفرنسي و الجزائري في هذا الإطار، نلاحظ أن بمجرد إثبات المضرور لفعل السيارة أي لاشتراكها و تدخلها في الحادث، يفترض القضاء أن هذا التدخل هو السبب المنتج في الحادث، حيث تقيم في هذا الصدد قرينة السببية(1).
    و تجسدت هذه القرينة في حكم الدائرة المدينة لمحكمة النقض الفرنسية الصادر في 09 يونيو 1938 الذي قرر " أنه يشترط لتطبيق المادة 1384/ 1 مدني فرنسي أن يكون الشيء هو السبب في الضرر، و لكن بمجرد إثبات اشتراك الشيء في تحقيق الضرر يفترض أنه السبب المنشئ"(2).
    و لقد أخذ القضاء الجزائري كذلك بهذه القرينة، إذ قررت المحكمة العليا أن مسؤولية حارس الشيء مفترضة بمجرد تدخل الشيء في إحداث الضرر، و لا يعفى منها إذا أثبت أن الضرر كان بسبب الضحية أو الغير أو حصل نتيجة لحالة طارئة أو قوة قاهرة حتى و لو حكم ببراءته جزئيا(3).
    للمدعى عليه و القاضي معاً، إذ بواسطتها يمكن تحديد دور فعل السيارة في إحداث الضرر وسط الأفعال المتنوعة المحيطة بالحادث.
    و باعتبار علاقة السببية تستخلص من وقائع مادية، فإن ما يستخرجه قاضي الموضوع منها لا يخضع لرقابة المحكمة العليا، أما التكييف القانوني لهذه الوقائع من حيث كفايتها لتوفير رابطة السببية بين السيارة و الضرر، فهو مسألة قانونية تخضع لرقابة المحكمة العليا(4).



    0 Not allowed! Not allowed!

  9. #8
    ادارة الموقع
    LawJOConsultation Team
    Array الصورة الرمزية أحمد أبو زنط
    تاريخ التسجيل
    Feb 2009
    الدولة
    Jordan
    المشاركات
    14,694
    Articles
    0
    Thumbs Up/Down
    Received: 230/3
    Given: 294/0
    معدل تقييم المستوى
    250




    بيانات اخرى

    الجنس :  ذكر

    المستوى الأكاديمي :  تعليم جامعي (بكالوريوس)

    الجامعة الحالية/التي تخرجت منها ؟ :  الجامعة الأردنية

    الحالة الاجتماعية :  اعزب

    الاتجاه الفكري  :  تكنوقراطي

    رابط السيرة الذاتية  :  قم بزيارة سيرتي الذاتية

    افتراضي رد: ماهية التأمين و شروط قيام المسؤولية المدنية عن حوادث السيارات


    الفرع الثاني: معيار علاقة السببية
    وفقاً لنظرية السببية الفعالة التي لقيت قبول داخل أوساط الفقه و القضاء، يجب التمييز بين الشروط التي لم تكن تستطيع إحداث الضرر إلا باشتراك استثنائي و غير متوقع لبعض وفقا الظروف الأخرى، و الشروط التي يمكنها إحداث الضرر وفقا للمجري المعتاد للأمور، و هذه الأخيرة فقط هي التي تعتبر أسبابا قانونية لأنها تضمن على الأقل احتمالاً كبيراً و كافياً لإحداث الضرر.
    و تطبيقا لهذه النظرية على حوادث السيارات، لا تتوافر علاقة السببية بين السيارة و الضرر إلا إذا كان تدخلها الشرط أو أحد الشروط التي تحدث الضرر وفقاً للمجرى المعتاد للأمور، أي إذا كانت سببا فعالا في الحادث و ليس مجرد شرط ضروري لحدوثه.
    و السؤال الذي يطرح هنا هو ما هو معيار السببية الفعالة؟
    غير أن الإشكال الذي يبقى مطروحا يتعلق بتحديد معيار السببية الفعالة، و الذي ظهر بشأنه معيار الفعل الإيجابي، و معيار عدم الاعتياد، و معياري الخطورة و الحركة (تمت دراستهما و تقييمهما في معايير فعل السيارة).
    البند الأول: معيار الفعل الإيجابي للسيارة
    أولا: مضمون معيار الفعل الإيجابي للسيارة
    قال بهذا المعيار الأستاذين مازو (H. et L. MAZEAUD)، فلا يكفي حسب رأيهما فعل السيارة، و معياره لديهما فقد الرقابة، لقيام المسؤولية عن حوادث السيارات، بل يشترط أن يكون هذا الفعل إيجابيا، و هو ما يعبر عنه القضاء بأن تكون السيارة السبب المنتج للضرر.
    و يوضح الأستاذين مازو (H. et L. MAZEAUD) الفعل الإيجابي للسيارة أو السبب المنتج للضرر بقولهما أنه لكي يعتبر فعل ما "سبب" لحادث معين، لا يكفي أن يقوم بدور أيًّا كان في تحقيقه، و إنما يجب أن يقوم بدور خلاق أو منتج للحادث، إذ السبب هو الذي ينتج الأثر، و يرى السبب الحقيقي هو السبب المولد أو المنتج للضرر.
    و من هذا المنطق يطرح الأستاذين مازو (H. et L. MAZEAUD) التساؤل التالي: ألا يمكن القول بأن الشيء "ينتج" ضرر؟ و هل يمكن أن يلعب دور خلاق في تحقيق الضرر؟ يجب الأستاذين مازو على هذا التساؤل بقولهما أكيد أن الإنسان يكون دائما وراء الشيء، لكن هذا لا يمنع من تصور سببية حقيقية تربط الشيء بالضرر إلى جانب السببية التي تربط الضرر بالحارس.
    و يبرر الأستاذين (H. et L. MAZEAUD) موقفيهما بقولهما "أحيانا يتدخل الشيء في تحقيق الضرر دون أن ينتجه، فلا يمكن أن يكون سبباً له لأنه ليس السبب المنتج، و أحياناً أخرى بالعكس من ذلك يكون تدخل الشيء "خلاق"، فيكون سبب الضرر، لأنه السبب المنتج له".
    و استنادا لهذا المعيار، فإن الدور الذي يمكن أي تلعبه السيارة في تحقيق الضرر يكون أحياناً "سببي"، خلاق و منتج، و أحياناً أخرى "غير سببي" أي غير منتج.
    و المعيار الحقيقي لمعرفة ما إذا كانت السيارة هي السبب المنتج من عدمه يتمثل في بحث ما إذا كانت السيارة وقت الحادث قد قامت بدور إيجابي، و يخلص في الأخير إلى تعريف التدخل الإيجابي بأنه التدخل الذي "يسبب" الضرر، بمعنى ينتجه، و التي يسمينها كذلك "النشاط المدمر أو المضر للشيء"، أما التدخل السلبي فهو الذي ليست له علاقة سببية مع الضرر أي التدخل الذي لم ينتج الضرر.
    و يجب عدم الخلط بين إيجابية و نشاط الشيء المتحرك و بين إيجابية تدخل الشيء في إحداث الضرر، فالإيجابية في المعنى الأول تكون بالنسبة للشيء في ذاته.
    ثانيا: نقد معيار الفعل الإيجابي للسيارة
    وجه الفقه عدة انتقادات لمعيار الفعل الإيجابي للسيارة، نوجز أهمها فيما يلي:
    1) قيل أن معيار الفعل الإيجابي للسيارة ليس بشرط جديد لتطبيق أحكام المسؤولية عن الأشياء، و إنما هو مجرد تقرير لشرط فعل السيارة، أي لفقد الرقابة عليها وفق رأي الأستاذين مازو (H. et L. MAZEAUD)، و بالتالي، و بالتالي فإن القضاء في اشتراطه أن يكون فعل السيارة فعلا إيجابيا، لم يأت بأي تقييد حقيقي لأحكام المسؤولية عن الأشياء(1).
    2) أن معيار الفعل الإيجابي يتضمن اعتداء كبيراً على أحكام المسؤولية عن الشيء يصل إلى حد إلغائها و العودة إلى تطبيق أحكام المسؤولية عن الفعل الشخصي.
    1 إبراهيم الدسوقي أبو الليل، رسالته، ص 499.



    و استند خصوم هذا المعيار إلى أحكام الدائرة المدنية لمحكمة النقض الفرنسية، التي كانت تبحث في موضع أو مسلك السيارة لتقدير ما إذا كانت قد قامت بدور إيجابي أم بدور سلبي، فإن وجدت السيارة وقت الحادث في وضع قابل لإحداث الضرر يكون فعلها إيجابي، و يكون الحارس بوضعه السيارة و تركها بهذه الكيفية قد ارتكب إهمالا أو تقصيرا، إذن لتطبيق أحكام المسؤولية عن الأشياء يبحث القضاء عما إذا كان هناك خطأ أم لا، الذي يظهر من وضع و مسلك السيارة أثناء الحادث.
    و لقد قام الأستاذان مازو (H. et L. MAZEAUD) بالرد على هذين الانتقادين كما يلي:
    1- بالنسبة لنقذ الأول الذي يواجه معيار الفعل الإيجابي باعتباره مجرد ترديد لشرط فعل السيارة، يجيب الأستاذان مازو (H. et L. MAZEAUD) على ذلك بأن الفعل الإيجابي للسيارة، شرط متميز و منفصل تماماً عن شرط فعل السيارة – و معياره فقد الرقابة عليها- و لابد من توافرهما لإمكان تطبيق أحكام المسؤولية عن الأشياء، كما قد يشتركان معاً في استبعادها.
    الفعل الشخصي، حيث أن الدائرة المدنية لمحكمة النقض الفرنسية كانت تبحث موضع و مسلك السيارة وقت الحادث لتقدير ما إذا كان فعلها إيجابيا أم سلبيًّا، و بحث هذا المسلك هو بحث لمسلك الحارس، و تقرير سلبية دور السيارة في تحقيق الضرر معناه انعدام خطأ الحارس.
    يرى الأستاذين مازو (H. et L. MAZEAUD) في رد على هذا النقد أنه غير صحيح، لأن محكمة النقض تفترض بمجرد فعل السيارة، أن هذا الفعل كان إيجابيا في تحقيق الضرر، فإذا كان الفعل الإيجابي للسيارة ليس إلا دليلا على خطأ حارسها و أنهما يعنيان شيئا واحداً، فإن في ذلك اعتراف من القضاء بأن المادة 1384/ 1 تفترض قرين على خطأ الحارس. و مع هذا التفسير لا توجد عودة للمادة 1382، لأن هذا النص الأخير لا يفترض أية قرينة بل يتطلب إثبات الخطأ لإمكان الاستناد عليه؛ أما في حالة الفعل الإيجاب، فإنه لا ضرورة لهذا الإثبات، و يعفى المضرور منه، كما أنه لا يكفي لإعفاء الحارس إثبات انعدام الخطأ بل لا بد من إثبات السبب الأجنبي الذي لا يسند إليه.
    كما يرى الأستاذين مازو (H. et L. MAZEAUD) أنه لا تلازم بين الفعل الإيجابي للسيارة و خطأ الحارس، إذ قد يوجد مسلك السيارة غير المعتاد دون أن يكون هناك خطأ من حارسها، مثال ذلك إذا توقفت سيارة فجأة نتيجة عيب ميكانيكي مجهول من الحارس فاصطدمت بها سيارة أخرى كانت تسير خلفها، فلا شك هنا أن السيارة الأولى توجد في موضع غير معتاد، و لكن ذلك لا يرجع بالضرورة إلى خطأ الحارس.
    و عكس ذلك كذلك صحيح، بمعنى أن إثبات أن السيارة كانت في موضع معتاد ليس معناه إثبات انتفاء خطأ الحارس لأنه يدل فقط على انعدام الخطأ بالنسبة لموقف أو مركز معين، و لا يعني بالضرورة الانعدام التام المطلق للخطأ، إذ قد يوجد هناك خطأ آخر.
    ثالثا: تقدير معيار الفعل الإيجابي للسيارة
    لا خلاف حول ضرورة الفعل الإيجابي لقيام المسؤولية ا لمدنية عن حوادث السيارات، لأنه يؤكد شرط السببية بين السيارة و الضرر، و التي تعني أن يكون الضرر قد حدث فعلاً من السيارة، و لكن على الرغم من أهمية هذا الشرط إلا أنه ينقصه التحديد، لأن من قال به اكتفى فقط باشتراطه دون أن يحدد متى يتحقق الفعل الإيجابي.
    فالفاعل الإيجابي ليس بمعيار و إنما مجرد تسمية لشرط السببية، و هو يحتاج إلى معيار لتحديده، لأن المطلوب في هذا الموضوع هو معرفة متى تكون السيارة سببا للضرر أي متى يكون فعلها إيجابيًّا، و إذا قلنا أن فعل السيارة يكون سببا في الضرر إذا قام إيجابي في إحداثه، فهذا مصادرة على المطلوب، و بالتالي فإن التساؤل المتعلق بتحديد معيار للسببية يبقى مطروحا مع الفعل الإيجابي(1).



    0 Not allowed! Not allowed!

  10. #9
    ادارة الموقع
    LawJOConsultation Team
    Array الصورة الرمزية أحمد أبو زنط
    تاريخ التسجيل
    Feb 2009
    الدولة
    Jordan
    المشاركات
    14,694
    Articles
    0
    Thumbs Up/Down
    Received: 230/3
    Given: 294/0
    معدل تقييم المستوى
    250




    بيانات اخرى

    الجنس :  ذكر

    المستوى الأكاديمي :  تعليم جامعي (بكالوريوس)

    الجامعة الحالية/التي تخرجت منها ؟ :  الجامعة الأردنية

    الحالة الاجتماعية :  اعزب

    الاتجاه الفكري  :  تكنوقراطي

    رابط السيرة الذاتية  :  قم بزيارة سيرتي الذاتية

    افتراضي رد: ماهية التأمين و شروط قيام المسؤولية المدنية عن حوادث السيارات


    البند الثاني: معيار عدم الاعتياد
    أولا: موقف الفقه من معيار عدم الاعتياد
    رأي بعض الفقهاء أن معيار السببية أو الفعل الإيجابي للسيارة يمكن في عدم اعتياد مسلك السيارة و وضعها الشاذ أو غير المألوف وقت حدوث الضرر، و بصفة عامة عدم اعتياد تدخله في تحقيق الضرر، فإذا ما أما ثبت تدخل السيارة في الحادث، و كان هذا التدخل غير معتاد، كان معنى ذلك أن السيارة هي السبب الحقيقي في الضرر، و تتحقق بذلك مسؤولية، أي أن الإعفاء يجد سببه في اعتياد مسلك السيارة(2).
    و لقد استند هؤلاء الفقهاء في تبرير موقفهم إلى أحكام محكمو النقض الفرنسية التي صدرت بعد عام 1939، و أعفت الحارس من المسؤولية التي تقع عليه بمقتضى المادة: 1384/ 1 إذا ثبت أن السيارة في تحقيق الضرر في وضعها و مسلكها وقت حدوث الضرر.
    1 محمد لبيب شنب، المسؤولية عن الأشياء، مرجع سابق، ص 153-154
    2 إبراهيم الدسعوقي أبو الليل، رساته، ص 509-510؛ يحي أحمد موافي، المسؤولية عن الأشياء في ضوء الفقه و القضاء، منشأة المعارف، اإسكندرية، 1992، ص 123-124.
    أما الأستاذ ستارك فيربط الاعتياد و يفسره بفكرة الضمان أساس المسؤولية لديه، و يرى أن الحاجة إلى الضمان لا تجد لها مبررا في حالة سير الأمور طبقا للوضع المعتاد في الحياة، بل فقط عند إهدار الثقة المشروعة للمضرور.
    و هكذا يكون الفقه قد اتخذ من عدم الاعتياد معيارا للفعل الإيجابي السببي للسيارة، و أدى هذا المعيارإلى ظهور فكرة المسلك المعتاد كمعيار للدور السلبي للسيارة الذي يهدم قرينة السببية و يعفى الحارس من المسؤولية المدنية، بعكس المعيار الأول الذي يؤدي إلى قيام علاقة السببية المسؤولية المدنية، بعكس المعيار الأول الذي يؤدي إلى قيام علاقة السببية و المسؤولية المدنية لحارس السيارة.
    و يذهب جانب من الفقه العربي و الفرنسي إلى اعتبار معيار الوضع المألوف للشيء الذي يكون وقت الحادث في الوضع من شأنه أن يؤدي إلى الضرر عادة يعتبر هو السبب الفعال أو المنتج لهذا الضرر.
    ثانيا: موقف القضاء الفرنسي من معيار عدم الاعتياد
    جرت محكمة النقض الفرنسية على اعتبار تدخل السيارة إيجابيا إذا كانت وقت الحادث في وضع غير معتاد أو غير مألوف، و كان من شأن هذا الوضع أن يؤدي إلى حدوث الضرر بحكم السير العادي للأمور، و اعتبار هذا التدخل سلبيا إذا كانت السيارة في وضع مألوف ليس من شأنه إحداث الضرر عادة.
    و قد ظهرت هذه الفكرة في حكم لمحكمة النقض الفرنسية الصادر بتاريخ 19 فبراير 1941 في قضية سيدة أصيبت بدوار أثناء استحمامها في أحد حمامات مدينو كولمار (Colmar) مما أدى إلى سقوطها فوق جهاز التدفئة المركزي، فأصيبت على إثر ذلك بحروق و رفعت دعوى التعويض ضد البلدية مستندة على قواعد المسؤولية عن الأشياء على اعتبار أن البلدية حارسة لجهاز التدفئة المركزي الذي سبب الضرر، فقضت الدائرة المدنية برفض الدعوى على أساس أن الشيء لم يكن هو سبب حدوث الضرر، و بررت حكمها بأن جهاز التدفئة الذي سقطت فوقه المدعية كان قائما في ظروف طبيعية، و أن السبب المنتج للضرر يمكن بصفة كاملة في حالة الدوار التي أصابت المدعية.
    و تطبيقا لهذا المعيار رفضت محكمة النقض الفرنسية مساءلة حارس السيارة التي كانت في وضعها المعتاد في الطريق وقت وقوع الحادث لأنها لم تقم إلا بدور سلبي.
    و بالعكس من ذلك قضت بمسؤولية حارس السيارة الواقفة ليلا في الطريق العام إذا كانت غير مزودة بإضاءة تسمح للغير برؤيتها، لأنها لا تعتبر موضوعة في ظروف عادية(1).
    1 محمد لبيب شنب، المسؤولية عن الأشياء، مرجع سابق، ص 157-158 الذي أشار إلى قرار الغرفة المدنية بمحكمة النقض الفرنسية الصادر بتاريخ 05 مارس 1947؛ أمجد محمد منصور، مرجع سابق، ص 96.
    و نلاحظ من القضاء السابق أن معيار وجود السيارة في وضع مألوف يتعلق بقيام رابطة السببية بين السيارة و الضرر، لأنه ينصب على تقدير الظروف التي وقع فيها الحادث لتحديد مدى الدور الذي لعبته السيارة في إحداث الضرر. و تطبيقا لمعيار الوضع غير المألوف أو الشاذ تتحقق علاقة السببية سواء كانت السيارة التي تدخلت في إحداث الضرر ساكنة أو متحركة، إذ قد تكون متحركة و مع ذلك لا يتحقق التدخل الإيجابي كسائق الدراجة الذي ينحرف في اتجاه سيارة تسير بطريقة منظمة، فيصطدم بها من أحد جوانبها، و العكس قد تكون السيارة في حالة سكون و مع ذلك تكون هي السبب الحقيقي الذي أدى إلى الضرر، كما لو اصطدمت سيارة بأخرى واقفة في منتصف الطريق.
    كما لا يشترط وفقاً لهذا المعيار لتحقق علاقة السببية حصول الضرر باحتكاك أو اتصال بين السيارة و المضرور، فقد تقطع السيارة الطريق بأسلوب غير عادي على راكب دراجة فيرتبك و يسقط قبل أن يصل إلى السيارة التي باغتته بذلك الأسلوب، فهذا كانت السيارة في وضع غير مألوف، و هذا الوضع غير المألوف أو الشاذ هو الذي يجعل منها عاملا منتجا في حصول الحادث(1).
    كما يمكن مساءلة حارس سيارة آتية في الجهة المقابلة ليلا و مضاءى بأنوارها شديدة الإضاءة أي بشكل غير مألوف، و هذا ما قضت به محكمة النقض الفرنسية بتاريخ 22/01/1958.
    ثالثا: معيار تمييز عدم الاعتياد
    يكتفي غالبية الفقهاء بتحديد عدم الاعتياد بتواجد السيارة في وضع أو حالة غير تلك التي يجب أن تكون عليها دون إعطاء توضيح دقيق لهذه الفكرة. و قد ربط بعض الفقهاء بين عدم الاعتياد و الخطأ فيرى الأستاذ بلفويت (P. VOET) أن عدم الاعتياد هو كل مخالفة للاستعمال المحدد بالقانون أو التنظيم أو العرف، أما الأستاذ بودان (BEUDANT) فيرجع عدم الاعتياد إلى فكرة عدم التوقع.
    و يتميز بعض الفقهاء بين عدم الاعتياد الشخصي و عدم الاعتياد الموضوعي، و يتمثل عدم الاعتياد الموضوعي في المسلك غير المنتظم للسيارة كسيرها على يسار الطريق أو توقفها الفجائي. و عدم الاعتباد الموضوعي غالبا ما يكون دليل على الاعتياد الشخصي الذي يتكون في الخطأ، لكن هذا ليس بأمر حتمي إذ أن هذا الخطأ قد يكون ظاهري فقط في بعض الأحيان فقد يرجع المسلك غير المعتاد إلى قوة قاهرة أو فعل الغير.
    1 محمد لبيب شنب، المسؤولية عن الأشياء، مرجع سابق، ص 150؛ عبد الرزاق السنهوري، الوسيط، الجزء الأول، مرجع سابق، ص729
    و إذا كان عدم الاعتياد يقترب من الخطأ و يختلط به من حيث إمكانية إحداث الضرر، و من حي كونهما غير متوقعين من الأفراد، إلا أنهما يختلفان من حيث أن الخطأ و إن كان موقف غير معتاد، إلا أنه يتميز بكونه يأتي مباشرة من الإدارة الإنسانية و يكون الأثر المباشرة لها، أما الفعل غير المعتاد للشيء فيصدر أصلا عن الشيء، و لا يمكن القول "بخطأ السيارة" لأننا بصدد بحث عدم اعتياد وضعية و حالة السيارة وقت الحادث(1).
    رابعا: تقدير معيار عدم الاعتياد
    انتقد بعض الشراح معيار الوضع غير المألوف للسيارة و قالوا بما يلي:
    أولا: أن هذا المعيار يختلط بين رابطة السببية و الخطأ، فهو يتطلب البحث عن الخطأ في مسلك الحارس، بدلا من البحث عن توافر علاقة السببية بين السيارة و الضرر.
    و يقولون بأن اعتناق محكمة النقض الفرنسية لمعيار عدم الاعتياد الذي يعادل إهمال الحارس و تقصيره، تكون بذلك قد عادت إلى فكرة الخطأ كأساس للمسؤولية عن الأشياء، و تكون قد جعلت من خطأ الحارس معياراً لتوافر علاقة السببية بين السيارة و الضرر، و في ذلك خلط بين فكرتي الخطأ و علاقة السببية، بحيث تبيح للحارس بطريقة ملتوية أن يدفع مسؤوليته بإثبات عدم وقوع خطأ منه، و هو ما لا تسمح له به صراحة(2).
    و تبريراً لموقفهم هذا يقولون بأن القاضي عندما يبحث إذا كانت السيارة في موضع غير مألوف، إنما يبحث في الواقع عما إذا كان الحارس قد أخطأ في تركها في هذا الموضع، لأن السيارة لا يكون لها مسلك غير معتاد إلا بفعل الحارس و بالتالي فإن هذا المسلك الشاذ، غير المألوف، دليل على خطأ حارسها، فما دام المقصود شيء غير حي فإن مسلكه لا يمكن أن يكون إلا من الحارس. و عى ذلك فالقاضي إذا قرر أن السيارة كانت في وضع غير مألوف أو غير طبيعي فهو يقرر في نفس الوقت أنه قد ارتكب خطأ، و لذلك يكون مسئولا عما يترتب على السيارة من أضرار، و إذا قرر أن السيارة كانت في موضعها الطبيعي، و انتهى إلى رفض الحكم عليه بالتعويض فإنه يؤسس حكمه على انتفاء الخطأ من جانب الحارس.



    0 Not allowed! Not allowed!
    المحامي أحمد عبد المنعم أبو زنط






  11. #10
    عضو جديد Array
    تاريخ التسجيل
    Mar 2011
    المشاركات
    1
    Articles
    0
    Thumbs Up/Down
    Received: 0/0
    Given: 0/0
    معدل تقييم المستوى
    0




    بيانات اخرى

    الجنس :  ذكر

    افتراضي رد: ماهية التأمين و شروط قيام المسؤولية المدنية عن حوادث السيارات


    شكرااا اخواني عل هاذا االمجهود
    تقبلوا تحياتي
    عندليب الجزائر


    0 Not allowed! Not allowed!

  12. #11
    عضو جديد Array
    تاريخ التسجيل
    Apr 2011
    المشاركات
    1
    Articles
    0
    Thumbs Up/Down
    Received: 0/0
    Given: 0/0
    معدل تقييم المستوى
    0




    بيانات اخرى

    المستوى الأكاديمي :  تعليم جامعي (بكالوريوس)

    الجامعة الحالية/التي تخرجت منها ؟ :  الجامعة الأردنية

    الحالة الاجتماعية :  اعزب

    افتراضي رد: ماهية التأمين و شروط قيام المسؤولية المدنية عن حوادث السيارات


    مشكور أخي على هذا الكم الهائل من المعلومات ،فأنا أحضر مذكرة بعنوان المسؤولية الناشئة عن حوادث المرور في القانون الجزائري وأحتاج لمعلومات إضافية عن المسؤولية المدنية وإلزامية التأمين على السيارات إن كان بالإمكان.وشكرا مسبقا


    0 Not allowed! Not allowed!

  13. #12
    عضو جديد Array
    تاريخ التسجيل
    Oct 2011
    المشاركات
    1
    Articles
    0
    Thumbs Up/Down
    Received: 0/0
    Given: 0/0
    معدل تقييم المستوى
    0




    بيانات اخرى

    الجنس :  ذكر

    المستوى الأكاديمي :  تعليم جامعي (ماجستير)

    الجامعة الحالية/التي تخرجت منها ؟ :  الجامعة الأردنية

    افتراضي رد: ماهية التأمين و شروط قيام المسؤولية المدنية عن حوادث السيارات


    سؤال: متى تم تعديل قانون حوادث السير ليصبح يحمل كلا من مالك السيارة الخصوصي و السائق تعويض المتضررين بالتكافل و التضامن؟
    و هل حادث تدهور حدث في 1/1/2007 ينطبق عليه القانون الجديد أم القديم؟


    و شكرا لك


    0 Not allowed! Not allowed!

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

     

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •