الأستاذ المحامي أسامة ملكاوي
يبدو أن قانونا جديداً للمالكين والمستأجرين سيكون موضوعا من الموضوعات المهمة على أجندة الحكومة في العام الجديد.

أستطيع الزعم أن الدافع المباشر لتعديل قانون المالكين والمستأجرين العام 2000 كان تشجيع الاستثمار المحلي والأجنبي على الاستثمار في النشاط العقاري. وأن السبب الثاني كان معالجة الاختلالات في علاقة المالكين والمستأجرين. وكانت المقاربة لهذا الموضوع تعتمد على احداث تغيير في المفاهيم الاجتماعية السائدة والتي كانت تقبل توريث حقوق الإجارة وأن مدة عشر سنوات كافية للتمهيد لمناخ يسمح بوضع مبادئ قانونية أكثر عدلا.

يتمسك المستأجرون بقاعدة قانونية غير صحيحة وهي قاعدة "الحقوق المكتسبة" ويتمسك المالكون بقاعدة قانونية اخرى "العقد شريعة المتعاقدين" وهي قاعدة غير صحيحة على اطلاقها فهي مقيدة بمصالح اجتماعية عليا تمنع التعسف باستعمال الحق. كما قيد المشرع سلطات صاحب العمل في عقود العمل.

دعونا نتفق على أن العدل يقتضي أن يحصل المالك على أجر عادل بدل تأجير ملكه. وبالمقابل أن يتمتع المستأجر بانتفاع هادئ ومستقر في المأجور.

عقد الإجارة من العقود الإرادية ، فلا يكره مالك على تأجير ملكه ، أما إذا عرضه للتأجير أو قبل تأجيره فإنه يصبح مقيداً ، كما أن سائق سيارة الأجرة يعاقب اذا رفض نقل راكب مستعد لدفع الأجرة. أو رفض تاجر البيع لمشترْ. أي أن قواعد السوق الحرة هي التي تحكم العلاقة بين المالك والمستأجر. مع أن سوق العقار ليست سوقا حرة بالمقاييس القانونية حيث يصعب توافر البدائل التي يحتاجها المستهلكون بخاصة في المناطق الشعبية حيث لا تكون القواعد التقليدية لآليات السوق فاعلة. وقد يضطر المستأجر إلى نقل أولاده إلى مدارس جديدة عندما يضطر لإخلاء مسكنه.

حتى في معقل الرأسمالية والدول المتقدمة لم يترك المشرع علاقة المالك والمستأجر سواء للسكن او التجارة بدون تنظيم انما نظمها بقواعد تحقق مصلحة الطرفين حيث لا يسمح بعضها بطرد المستأجر طالما أبدى استعداده لدفع البدل العادل الذي يتفق عليه الطرفان أو تحدده لجان قضائية بخاصة في العقارات التجارية. وبعضها يمنع الامتناع عن التأجير بغير سبب مشروع.

لقد بالغ الذين اعدوا التعديلات على قانون المالكين والمستأجرين في "إنصاف المالك" مدفوعين كما يبدو بتعويض المالك عن الظلم الذي لحق به خلال عقود ماضية نتيجة تقصير تشريعي ، فشوهوا اختصاص القضاء المستعجل واعطوا للعقد قوة تنفيذية لم تمنح لحقوق العامل.

على من يوكل إليهم إعداد القانون الجديد أن يدركوا أن علاقة المالكين بالمستأجرين تنطوي على جوانب اجتماعية واقتصادية وقانونية وأنها يجب أن تعالج ببعد نظر.


المواضيع المتشابهه: