التعهد بنقل ملكية عقار في القانون المدنيّ الأردنيّ: نصوص القانون تقرأ معاً كوحدة واحدة وليس بمعزل عن بعضها
للدكتور يوسف عبيدات* و الدكتور بكر السرحان**
منشور في مجلة المنارة/ جامعة آل البيت
* أستاذ القانون المدني المساعد، قسم القانون الخاص، كلية القانون، جامعة اليرموك.
** أستاذ قانون أصول المحاكمات المدنية المساعد، قسم القانون الخاص، كلية القانون، جامعة اليرموك.
__________________________________
ملخص
يهدف هذا البحث إلى دراسة نظام التعهد بنقل ملكية عقار في القانون المدني الأردني.تقرر المادة 1149 أن جزاء النكول عن التعهد بنقل ملكية عقاريقتصر على الالتزام بالتعويض إذا أخل أحد الطرفين بتعهده. كما لا تشترط هذه المادة التسجيل لتمام عقد التعهد على الرغم من أن القانون الأردني اعتبر التصرفات الواردة على عقار تصرفات شكلية لا تنعقد إلا بالتسجيل. لذلك تناول هذا البحث مدى إمكانية تطبيق مبدأ "نصوص القانون تقرأ معا كوحدة واحدة و ليس بمعزل عن بعضها" على نظام التعهد من ناحيتين رئيسيتين: الأولى من ناحية مدى اعتبار التسجيل ركنا في عقد التعهد أم سببا لنقل الملكية، و الثانية من ناحية مدى إمكانية منح المتعهد له الذي تضرر من جراء النكول عن التعهد حق طلب التنفيذ العيني قبل اللجوء إلى التعويض. و للوصول إلى غاية البحث تم تقسيمه إلى ثلاثة مباحث: تناول الأول التسجيل في نظام التعهد بنقل ملكية عقار حسب نص المادة 1149، و تناول الثاني أثر مبدأ "نصوص القانون تقرأ معا كوحدة واحدة و ليس بمعزل عن بعضها" على نظام التعهد، فيما تناول الثالث مدى إمكانية اعتبار التعهد بنقل ملكية عقار وعدا بالتعاقد. و انتهى البحث بجملة من النتائج و التوصيات في خاتمته.
This study aimed at examining article 1149 of Jordanian Civil Law related to the undertaking to transfer the ownership of immovable (realty), in order to consider the possibility of the application of the principle of “Law provisions read together as a whole, and not in isolation from each” as for two aspects: the first is the extent to which the registration of the contract is regarded as a basic essential to the creation of the undertaking to transfer the ownership of immovable. The second is in terms of the possibility of granting creditor the right to claim specific performance before resorting to damages. All these subjects have been examined in three sections. The article ended with some results and recommendation.
المقدمـة:
لا جدال في أن القاعدة العامة هي أن جزاء عدم تنفيذ المدين لإلتزامه طوعاً في ظل القانون المدني الأردني هو حق الدائن في اللجوء إلى المحكمة للمطالبة بالتنفيذ العيني الجبري، إلا إذا أصبح التنفيذ غير ممكن، فإنه عندها يتم اللجوء إلى التنفيذ بطريق التعويض. ولا يحتوي القانون المدني على نصوص تفيد خلاف ذلك. القاعدة المتقدمة تقررها نص المادة 355 من القانون المدني الأردني بقولها إنه: "1-يجبر المدين، بعد أعذاره، على تنفيذ ما التزمه تنفيذا عينيا، متى كان ذلك ممكنا.2-على أنه إذا كان في التنفيذ ا لعيني إرهاق للمدين جاز للمحكمة، بناء على طلب المدين، أن تقصر حق الدائن على اقتضاء عوض نقدي إذا كان ذلك لا يلحق به ضررا جسيما".
ولا جدال، أيضاً، في أن القانون المدني الأردني يُدرَج من ضمن القوانين التي تتطلب التسجيل لصحة التصرفات الواردة على الأموال غير المنقولة و هذا ما أكدته محكمة التمييز في أحكامها. فقد أصبح من الثابت أن القاعدة العامة في هذا الصدد أن التصرف الوارد على عقار هو تصرف شكلي، لا ينعقد إلا بإتمام المعاملة أمام دائرة التسجيل. إلا أن المشرِّع الأردني نجده قد وضع نصوصا تفيد عدم التزامه بهذه القاعدة، وتدفعنا إلى القول بوجود تذبذب تشريعي في التعامل مع هذا الموضوع، حيث هناك نصوص توحي بأن التسجيل ركن في العقد([i])، ونصوص أخرى توحي بأن التسجيل سبب ناقل للملكية([ii]). ولعل النص الأكثر إثارة للاهتمام هو نص المادة 1149 من القانون المدني الأردني المتعلق بنظام التعهد بنقل ملكية عقار. هذا النص جاء:
1. خالياً من أي إشارة إلى مدى اعتبار التسجيل([iii])ركناً في العقد، أم سبباً ناقلاً للملكية.
2. مقرراًأن إخلال أحـد طرفيالتعهد بتعهده يقصر حق الطرف الآخر على المطالبـة بالتعويض مباشرة، دون الالتزام بالقواعد العامة التي تقتضي إعطاء الطرف المتضرر حق طلب التنفيذ العيني أولاً.
ما يعنينا في هذا البحث، هو تحديد مدى إمكانية تطبيق قاعدة التنفيذ العيني الجبري كجزاء لعدم التنفيذ، و قاعدة التسجيل كركن في التصرفات الواردة على عقار، على نظام التعهد بنقل ملكية عقار، تطبيقاً إلى ما سنطلق عليه في هذا البحث مبدأ "نصوص القانون تقرأ معاً كوحدة واحدة، و ليس بمعزل عن بعضها"([iv]). و سيتم، أيضاً، بيان مدى انسجام قرارات محكمة التمييز مع هذا المبدأ؟ كما سيتناول هذا البحث إمكانية تقريب نظام التعهد بنقل ملكية عقار من موضوع الوعد بالتعاقد، والاستغناء عن نظام التعهد، واستبداله بنظام الوعد بالتعاقد. وقبل تناول هذه المسائل سيتم دراسة شرط التسجيل اللازم لتمام التصرفات الواردة على عقار في القانون الأردني، كخطوة أولى بهدف إظهار مدى التعارض بين النصوص المنظمة لهذا الموضوع ومحاولة التوفيق بينها سيتم بحث هذا الموضوع، من خلال تناول مدى صلاح نظام التعهد بنقل ملكية عقار في القوانين التي تعدُّ التسجيل ركنا في التصرفات الواردة على عقار، وفي القوانين التي تعدُّ التسجيل سبباً لنقل الملكية.
لذلك نقسم هذا البحث إلى ثلاثة مباحث، نتناول في المبحث الأول ركن التسجيل في نظام التعهد بنقل الملكية، و في المبحث الثاني مبدأ نصوص القانون تقرأ كوحدة واحدة و ليس بمعزل عن بعضها، وأثره على نص المادة 1149 من القانون المدني الأردني، وموقف محكمة التمييز من هذه المسألة، و في المبحث الثالث نتناول مدى إمكانية اعتبار التعهد بنقل ملكية عقار وعدا بالتعاقد في ظل مبدأ نصوص القانون تقرأ معا كوحدة واحدة؟
___________________________
المراجع
___________________________
([i]) المادة 16/3 من قانون تسوية الأراضي والمياه، والمادة 105/2 من القانون المدني الأردني.
([ii]) المادة 1148 من القانون المدني الأردني.
([iii])إن مدلول عبارة بالتسجيل في السجل الرسمي هو إفراغ مضمون عقد البيع في صحيفة السجل الرسمي، وليس إصدار سند تسجيل بالقطعة الواقع عليها البيع ، و القول بعكس ذلك فيه تحميل للنص لما لم يحمله من مضمون و معنى لمفردات النص. انظر تمييز حقوق رقم 2001/2220 (هيئة عامة) تاريخ 001/10/21. LawJO.
([iv])الهدف الرئيسي من هذا البحث هو دراسة نص المادة 1149 من القانون المدني الأردني. لكن الأمر اقتضى العودة إلى المصدر التاريخي لهذا النص و هو القانون المدني العراقي للزيادة في الفائدة المرجوة من هذا البحث, لأن تعديلا هاما أجراه المشرِّع العراقي على نظام التعهد بنقل ملكية عقار، ولم يواكبه المشرِّع الأردني.
حمل البحث من المرفقات
المواضيع المتشابهه:
المفضلات