بناء على قرار مجلس الوزراء الصادر في جلسته المنعقدة بتاريخ 12/ 3/ 1962 اجتمع المجلس العالي في مكتب دولة رئيس مجلس الاعيان لاجل تفسير المادة (33) من الدستور وبيان ما اذا كان الاتفاق المالي الذي تبرمه الحكومة مع احد البنوك الخاصة الاجنبية يدخل في مفهوم (الاتفاقات) المنصوص عليها في هذه المادة بحيث لا يكون ذلك الاتفاق نافذ المفعول الا وافق عليه مجلس الامة على اساس انه يترتب عليه تحميل خزانة الدولة شيئا من النفقات.
وبعد الاطلاع على كتاب دولة رئيس الوزراء المؤرخ في 13/ 3/ 1962 رقم 25/ 4/ 2878 وتدقيق النصوص القانونية تبين لنا ان المادة (33) المطلوب تفسيرها تنص على ما يلي :
1. الملك هو الذي يعلن الحرب ويعقد الصلح يبرم المعاهدات والاتفاقات.
2. المعاهدات والاتفاقات التي يترتب عليها تحميل خزينة الدولة شيئا من النفقات او مساس في حقوق الاردنيين
العامة او الخاصة لا تكون نافذة الا اذا وافق عليها مجلس الامة … الخ .
وحيث ان لفظة (معاهدات) بمعناها العام تنصرف الى الاتفاقات التي تعقدها دولتان او اكثر سواء اكانت تتصل بالمصالح السياسية او الاقتصادية او غيرها، وبمعناها الخاص تنصرف الى الاتفاقات الدولية الهامة ذات الطابع السياسي كمعاهدات الصلح ومعاهدات التحالف وما شابهها. اما ما تبرمه الدول في غير الشؤون السياسية فقد اصطلح الفقه الدولي على تسميته بالاتفاقية او الاتفاق. فان استعمال لفظة (الاتفاقات) بعد لفظة المعاهدات في المادة (33) المشار اليها انما يدل على ان واضع الدستور قد تقيد عند استعمال هذين اللفظين بالتخصص المتقدم ذكره . ولهذا فان الاتفاقات المعنية في هذه المادة هي الاتفاقات التي يكون طرفاها دولتان او اكثر وتتعلق بغير الشؤون السياسية .
اما الاتفاقات المالية التي تبرمها الدولة مع أي شخص طبيعي او معنوي كالبنوك والشركات مثلا فهي غير مشمولة بحكم هذه المادة ولا يحتاج نفاذها الى موافقة مجلس الامة ولو كانت هذه الاتفاقات تحمل الخزانة شيئا من النفقات. ومما يؤيد هذا الراي كون بعض الدساتير الاجنبية التي تشتمل على نص مماثل لنص المادة 33 المطلوب تفسيرها قد اوردت نصا اخر يتعلق بالقروض العامة يوجب الحصول على موافقة البرلمان على هذه القروض لما لها من اهمية عامة. ومثل هذا النص الخاص ما كان ليوضع لو ان القروض العامة التي تحصل عليها الحكومة من غير الدول داخلة في مفهوم (الاتفاقات) المنصوص عليها في المادة المقابلة للمادة 33 المشار اليها .
اما ان المصلحة العامة تتطلب ان تكون القروض خاضعة لموافقة مجلس الامة فان ذلك يحتاج الى تعديل للدستور ووضع نص خاص بذلك لا استنباط هذا الحكم من نصوص لا تحتمله اذ ان مهمة المجلس العالي تنحصر في تفسير النصوص الحالية النافذة لا اضافة احكام جديدة هي من اختصاص المشرع .

هذا ما نقرره بالاكثرية في تفسير النص المطلوب تفسيره.

المواضيع المتشابهه: