وبعد الاطلاع على كتاب دولة رئيس الوزراء رقم د 1/ 12144 تاريخ 30 جمادى الاولى 1422 هـ الموافق 19/ 8/ 2001 ، وتدقيق النصوص الدستورية المتعلقة بعملية التشريع وهي المواد ( 91 ) ، ( 92 ) و ( 93 ) و ( 94 ) و ( 95 ) من الدستور ، نجد ان هذه المواد لم تتعرض لمسالة استرداد مشروع القانون الذي يحيله رئيس الوزراء على مجلس النواب بموجب المادة ( 91 ) من الدستور .
وللاجابة عن سؤال مجلس الوزراء وامام عدم تعرض الدستور لهذه المسالة ، يتعين على المجلس العالي ان يتحرى بيان حكم الاجابة عن طريق المبادئ الدستورية العامة وقرارات المجلس العالي لتفسير الدستور ومنها القرار رقم ( 1 ) لسنة 1955 الذي ورد فيه :
" …. ان الدستور جعل القانون في هذه المملكة ثمرة عمليات ثلاث مجتمعة ومتكاملة وهي :
أ . تقديم المشروع من رئيس الوزراء الى مجلس الامة .
ب. موافقة مجلس الامة على المشروع .
ج. تصديق جلالة الملك عليه .
ولا يمكن ان يعتبر أي عمل من هذه الاعمال الثلاثة بمفرده هو التشريع ، وانما التشريع هو ثلاثتها معا ومجتمعة .
ومنها كذلك القرار رقم ( 2 ) لسنة 1990 الذي ورد فيه :
" نجد انه من المتفق عليه حسب قواعد الفقه الدستوري ان العرف الدستوري يصلح اساسا لتفسير النصوص الغامضة في الدستور او التى تحتمل التاويل . "
بالنسبة للمبادئ الدستورية العامة وعلى ضوء نصوص المواد الدستورية ( 91-95 ) المتعلقة بعملية التشريع التي جعلت هذه العملية في المملكة منوطة بارادة اطراف العملية التشريعية الثلاث ( مجلس الوزراء ومجلس الامة وجلالة الملك ) فان ما ينبني على ذلك انه اذا طلب رئيس الوزراء استرداد أي مشروع قانون من مجلس النواب ، فان ذلك من حقه .
اما بالنسبة للعرف الدستوري ، فقد قامت الحكومات المتعاقبة ومنذ صدور الدستور عام 1952 باسترداد مشاريع قوانين سبق وان احالتها على مجلس النواب ، وهذه الممارسة اصبحت عرفا دستوريا مستقرا .
اما بخصوص الفقرة ( ب ) من المادة (65 ) من النظام الداخلي لمجلس النواب لسنة 1996 ونصها :
" يجوز لمجلس الوزراء استرداد مشروع القانون قبل التصويت على احالته للجنة المختصة "
أي ان الحالة الوحيدة التي يجيز فيها النظام الداخلي لمجلس النواب استرداد مشروع القانون هي ما نصت عليه احكام الفقرة ( ب ) من المادة ( 65 ) من النظام الداخلي لمجلس النواب دون غيرها ، اننا نرى ان حكم هذه الفقرة مخالف لاحكام المادة ( 83 ) من الدستور التي صدر النظام الداخلي لمجلس النواب لسنة 1996 بالاستناد اليها والتي اعطت لكل من المجلسين ( الاعيان والنواب ) الحق بان يضع انظمة داخلية لضبط وتنظيم اجراءاته دون غيرها من احكام موضوعية ، على ان تعرض تلك الانظمة على جلالة الملك للتصديق عليها . والحكم الذي نصت عليه الفقرة ( ب ) من المادة ( 65 ) من النظام الداخلي لمجلس النواب هو حكم موضوعي ليس من قبيل ضبط وتنظيم اجراءات المجلس التي اجازت المادة ( 83 ) اصدار نظام بشانها ، وتكون والحالة هذه قد اوردت حكما ليس له سند من الدستور وانما اوردت قيدا على مجلس الوزراء في استرداد أي مشروع قانون احاله رئيس الوزراء على مجلس النواب وفقا لاحكام المادة ( 61 ) من الدستور المنظمة لعلاقة السلطة التنفيذية مع السلطة التشريعية فيما يتعلق بكيفية اصدار القوانين . وبالتالي فانه لا يعمل بما ورد في الفقرة ( ب ) من المادة ( 65 ) من النظام الداخلي لمجلس النواب لمخالفتها للدستور .
وعليه ، وباستبعاد الاخذ بما نصت عليه الفقرة ( ب ) من المادة ( 65 ) من النظام الداخلي لمجلس النواب من حكم ، واستناد الى ما سبقت الاشارة اليه في هذا القرار ، نجد انه لا يمتنع على رئيس الوزراء استرداد مشروع قانون سبق له وان احاله على مجلس النواب ، يستوي في ذلك ان يكون مجلس النواب منعقدا او منحلا .
هذا ما نقرره بالاجماع بشان التفسير المطلوب .
صدر في يوم الثلاثاء التاسع من جمادى الثانية 1422 هـ
الموافق للثامن والعشرين من اب 2001 م .

المواضيع المتشابهه: