كتب: زياد الشلة- تعتبر مهنة المحاماة من أدق وأصعب وأهم المهن في المجتمع لتداخلها في جميع المجالات والقطاعات المهنية والاجتماعية والاقتصادية، كل ما يمس شؤون المجتمع والتي تدور احداثها في أروقة المحاكم تتعلق بالكثير من قضايا المواطنين ولذلك فان هاجس تدريب المحامين يقلق الجميع في نقابة المحامين الى المحامين المتدربين ويشكل هاجسا وكابوسا للمتدرب وأهله لكي يجتاز المتطلبات والامتحانات الشفهية والتحريرية ليصبح محاميا استاذا مسجلا في نقابة المحامين.

ولا يزال موضوع التدريب قضية تؤرق المحامين المتدربين الذين ينتظرون بالتدريب في مكاتب المحاماة الاساتذة لمدة سنتين ولا نزال نسمع بين الحين والآخر ان هناك احتجاجا يقوم به المحامون المتدربون والتي كان آخرها الاحتجاج والاعتصام امام النقابة تتعلق بالامتحانات الشفهية والتحريرية حيث لم تزد نسبة النجاح عن 20% والذي يكون السبب حسبما افاد به بعض المحامين المتدربين يعود لاسلوب التدريب المتبع والقديم الذي ليست له اية ضوابط تحكمه خلال التدريب من حيث عدم وجود نظام وآلية معينة للتدريب، فالمحامي المتدرب يبدأ يومه بالحضور الى مكتب المحامي الاستاذ وقد يكون متأخرا او باكرا فلا يهم ليبدأ طريق التدريب وهذا الاسلوب يعتمد اساسا على المحامي الاستاذ فاذا كان لديه قضايا في المحاكم فان هذا المحامي المتدرب سيستفيد الى حد ما لان الحظ يكون قد خدمه لانه تدرب في مكتب محام لديه قضايا وقد يكون المتدرب قد جاء في مكتب محام ليس لديه قضايا او ان عدد القضايا قليلة لتبدأ معاناة المحامي المتدرب ليدور في اروقة المحاكم دون أي عمل وهذا هو الواقع العملي للكثير من المحامين المتدربين ولذلك تمضي السنتان دون ان يكون المتدرب قد اخذ حقه في التدريب ويمكن تحمل المتدرب نفسه بعض المسؤولية لانه من واجبه ان يذهب للمحاكم وان يكون مستمعا في اروقة المحاكم ولدى مكاتب القضاة اثناء المرافعة والحضور والاستماع للشهود وكيفية ادارة الجلسات وكيفية مناقشة الشهود وتقديم البيانات والمرافعات.
وهذا الامر المتبع والسائد دون أي رقابة على المحامي المتدرب او استاذه يترتب عليه جيل من المحامين المتدربين قد فشلوا في الامتحانات التي تجريها نقابة المحامين ولا بد من الاسراع في اصدار نظام معهد التدريب للمحامين الموجود في ديوان التشريع والذي طال انتظاره لتنظيم تدريب المحامين واجتياز الامتحانات والخطوات العملية والتدريبية ليصبح محامياً استاذا قادرا على اداء مهامه على اكمل وجه.
ويؤكد مازن ارشيدات، نقيب المحامين ان مؤسسة التدريب في النقابة من افضل انظمة التدريب على مستوى الوطن العربي، بعد لبنان، لكننا نحن كعرب مطبقون سيئون بسبب عدم تفعيل النصوص المتعلقة بالتدريب تحديدا على مر السنوات السابقة اضافة الى ان بعض المحامين المتدربين يريدون شهادة المحاماة لتكون جسرا للعبور الى مهنة اخرى او الى وظيفة حكومية مشيرا الى انه اذا نظرنا الى النصوص القانونية التي تحكم التدريب نجد انها اوجدت تدريبا عمليا وعلميا سواء من خلال التواجد في مكتب المحامي الاستاذ او مرافقته الى المحكمة او من البرامج التي تضعها النقابة وتؤدي به الى الحصول على كافة المعلومات والتدريبات التي يشترط عمله المحامي المتدرب لكن هناك خلل لدى بعض المحامين المتدربين وبعض المحامين الاساتذة حيث يقوم المحامي المتدرب بالتسجيل لدى مكتب محامي استاذ لا يوجد لديه قضايا يتدرب عليها وبالتالي فهو يمضي مدة ولا يتدرب وكان يتوجب عليه ان يخبر النقابة بانه لا توجد قضايا لدى استاذه وان يبحث عن محامي استاذ اخر لديه قضايا للتدرب عنده.
اما فيما يتعلق بباقي الامور المتعلقة بالتدريب او غيرها فيقول ارشيدات: ان المحامي المتدرب له امتيازات مثله مثل المحامي الاستاذ كالحصول على المعونة العاجلة عند الوفاة والتأمين الصحي الشامل له ولافراد عائلته ان كان متزوجا ومعونة بدل التوقف اذا اصابه عجز اثناء التدريب وهذه هي الامتيازات الرئيسية للمحامين الاساتذة اضافة الى ان سنتي التدريب محسوبتان لغايات التقاعد في المستقبل وفيما يتعلق بالبحث القانوني الذي يطلب من المحامي المتدرب ان يعده فهذا البحث ليس اكاديميا كما هو الحال في رسالتي الماجستير والدكتوراه وانما هو عبارة عن بيان لقدرات المحامي المتدرب لاعداد مرافعة في امر معين او قضية معينة قد تعرض عليه وعنوان البحث يكون من اختياره هو (المحامي المتدرب).
ويضيف ارشيدات قائلا: اما الامتحان التحريري فهو عبارة عن امتحان لقدرات المحامي المتدرب بعد مرور سنة ونصف على تدريبه فيما اذا كان قادرا على اعداد لائحة دعوى او شكوى او تنظيم وكالة او اعداد بيانات وكيفية التعامل مع المحاكم ومع القضايا وتكييفها اما الامتحان الشفهي فهو عبارة عن بيان لشخصية المحامي المتدرب وقدرته على الوقوف امام القاضي وسرعة بديهيته في أي امر قد ينشأ اثناء مثوله امام القاضي وبالتالي فان امور التدريب حسب نصوص القوانين تعود من افضل شروط التدريب الموجودة في الوطن العربي مؤكدا ان كل ما هو مطلوب من المحامي المتدرب ان يلتزم باحكام وشروط التدريب حتى يكون في المستقبل محاميا متميزا.
المحامي الدكتور محمد سالم ملحم، يؤكد ان هاجس تدريب المحامين يقلق كل مسؤول في نقابة المحامين ابتداء من النقيب الى احدث محام متدرب في المملكة كما انه يشكل هاجسا وكابوسا للمتدرب واهله ولا بد من اجراء التعديلات والانظمة الخاصة بذلك وبأقصى سرعة.
واقترح المحامي ملحم ان يتم التدريب على ثلاث مراحل منها:
مرحلة التنفيذ وقانون اصول التنفيذ وكل ما يتعلق في اجراءات التنفيذ لكل محام لم يكمل الستة اشهر في انتسابه للنقابة .
ومرحلة الصلح : ان يتم تدريب المحامين المتدربين ممن سمح لهم المرافعة امام قضاة الصلح بحيث يتم التدريب على كافة الاجراءات القانونية امام قاضي الصلح سواء كان المدني او الجزائي وفق احكام قانون اصول المحاكمات المدنية والجزائية.
ومرحلة البداية : وهي لمن اكمل السنة في التدريب وسمح له بالمرافعة امام محاكم البداية على ان يكون التدريب وفق قانون اصول المحاكمات المدنية والجزائية لكافة المحاكم.
ودعا الدكتور ملحم إلى ضرورة تخصيص يوم في الاسبوع للتنفيذ، وآخر للصلح، وآخر للبداية وبمعدل محاضرة واحدة لمدة ساعتين فقط يعطى من خلالها المحامي المتدرب محاضرات في التطبيق العملي من اساتذه اكفاء وممارسين للمهنة بما لا يقل عن عشر سنوات.
وان يمنح المحامي المتدرب علامة على كل مرحلة من مراحل التدريب واعفاءه من الامتحان الشفوي والتحريري، والاكتفاء بالبحث القانوني الذي سيخضع لضوابط محددة ضمن المنهاج العلمي المعتمد للابحاث تحت اشراف اساتذة بمنتهى الكفاءة داعياً الى تشكيل لجنة من كبار الاساتذة والاكاديميين لوضع خطة التدريب ريثما يتم انشاء معهد التدريب.
وبعد.. ان هاجس تدريب المحامين اصبح يعتبر مشكلة تؤرق الاطراف كافة النقابة والمحامين المتدربين والجهات المسؤولة ومن هنا لا بد من الاسراع بانشاء معهد التدريب ليكون الحاضنة لتدريب المحامين خلال السنتين المطلوبتين للحصول على اجازة المحامي الاستاذ وتقسيم التدريب على ثلاثة مراحل للتنفيذ والصلح والبداية، واعطاء محاضرات الزامية في النقابة من قبل اساتذة اكفاء وممارسين للمهنة ووضع ضوابط للبحث القانوني.

المواضيع المتشابهه: