طعن رقم 469 لسنة 26 القضائية
صادر بتاريخ 20/6 / 2005 ( شرعي )
هيئة المحكمة : الرئيس الحسيني الكناني والمستشاران علي الدميري وإمام البدري .
1- مناط الطعن ببطلان تقرير الخبير هو وجود عيب جوهري في إجراءاته ناتج عنه ضرر للخصم.
2- عدم التزام محكمة الموضوع بإجابة طلب الخصوم ندب خبيرفي الدعوى في حال إيجادها في الأوراق ما هو كاف لتكوين عقيدتها.
3- اقتصار مهمة الخبير على تحقيق الواقع في الدعوى وإبداء الرأي في المسائل الفنية دون إلزامه بأداء عمله على وجه محدد.
4- سلطة محكمة الموضوع في فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة مع عدم التزامها بتتبع الخصوم في جميع أقوالهم وطلباتهم والرد عليها إستقلالا طالما في الحقيقة المنتهية اليها الرد الضمني على ذلك.
5- مسؤولية المقاول عن جودة مادة العمل طبقا للشروط المتفق عليها في العقد في حال وجودها والا وفق العرف التجاري.
6- قضاء الحكم المطعون فيه بإلزام الطاعنة بمبلغ من المال بمثابة أجور عمالة دون تمحيص الدفاع الجوهري المقدم منها حول عدم استحقاق هذا المبلغ هو معيب الحكم بالقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع.
ملخص المكتب الفني للمحكمة الاتحادية العليا
خبرة " رد الخبير ". محكمة الموضوع " سلطتها ". إثبات " تقدير الأدلة ". مقاولة .
( 1 ) استشعار الخصم أو خشيته من تحيُّز الخبير في أدائه مهمته أو توافر سبب يرجَّح معه عدم أدائه المأمورية بغير تحيُّز . سبيل تداركه – لجوء الخصم إلى طلب رد الخبير طبقاً للإجراءات المنصوص عليها في الماديتن 75 و88 إثبات .
( 2 ) تقرير الخبير – دليل من أدلة الدعوى يخضع تقديره لسلطة محكمة الموضوع . عدم التزامها إجابة الخصم إلى طلب تعيين خبير آخر متى وجدت في أوراق الدعوى ما يكفي لتكوين عقيدتها وبينت الحقيقة التي افتنعت بها وأقامت قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله . حسب الخبير أن يقوم بمهمته على النحو الذي يراه محققاً للغاية من ندبه متى اقتصر على تحقيق واقع الدعوى وإبداء رأيه في المسائل الفنية دون المسائل القانونية . لمحكمة الموضوع أن تكتفي بما أجراه متى اطمأنت إلى صحة أسباب تقريره ووجدت فيه ما يكفي لتكوين عقيدتها في بيان وجه الحق في الدعوى . مثال : في منازعة حول مقاولة إنشاء محطة مياه اعتمدت فيها المحكمة سائغاً تقرير خبير الدعوى لسلامة أسبابه .
( 3 ) تحصيل فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة فيها والترجيح بينها – موضوعي متى بينت المحكمة الحقيقة التي اقتنعت بها وأقامت قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله . عدم التزامها بتتبع الخصوم في مختلف طلباتهم وحججهم وأقوالهم والرد استقلالاً على كل قول أو حجة أو طلب أثاروه متى كان قيام الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها الرد الضمني المسقط لتلك الأقوال والحجج والطلبات . اشتراط صاحب العمل على المقاول أن يقدم مادة العمل – اعتباره مسئولاً عن جودتها بمطابقتها لشروط العقد أو للعرف الجاري إن لم تحدد شروطها . م 875/1 معاملات مدنية .
( 4 ) استقلال محكمة الموضوع بسلطة فهم الواقع في الدعوى وتقدير أدلتها ومنها تقارير الخبراء . شرطه – أن تقيم قضاءها على أسباب سائغة لها أصلها الثابت في الأوراق بما يكفي لحمل قضائها وألا تغفل دفاعاً جوهرياً قد يتغير ببحثه وجه الرأي في الدعوى . مثال : في منازعة حول مقاول مشروع محطة مياه قضى الحكم بإلزام الطاعنة بمصروفات الإشراف والتشغيل التجريبي وهي لا تلتزم به .
1 - من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن مناط الطعن ببطلان تقرير الخبير هو أن يكون قد شاب إجراءاته عيب جوهري ترتب عليه ضرر للخصم وأن الأصل في الإجراءات أنها روعيت ، كما أن القانون 10/1992 بإصدار قانون الإثبات في المعاملات المدنية والتجارية رسم في المادتين 77 ، 78 منه الطريق الذي يسلكه الخصم إذا توافر في شأن الخبير سبب يرجح معه عدم استطاعته أداء مهمته بغير تحيز وذلك بطلب رده .
2 - إن تقرير الخبير لا يعدو أن يكون دليلاً من الأدلة المطروحة على محكمة الموضوع تخضع لتقديرها وهي غير ملزمة بإجابة طلب الخصم تعيين خبير آخر متى وجدت في تقرير الخبير السابق ندبه وباقي أوراق الدعوى ما يكفي لتكوين عقيدتها للفصل فيها – وحسبها أن تبين الحقيقة التي اقتنعت بها وأن تقيم قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله . كما أنه من المقرر أيضاً – في قضاء هذه المحكمة - أن مهمة الخبير تقتصر على تحقيق الواقع في الدعوى وإبداء الرأي في المسائل الفنية ولا إلزام عليه بأداء عمله على وجه محدد إذ بحسبه أن يقوم بما ندب له على النحو الذي يراه محققاً للغاية من ندبه ما دام عمله يخضع لتقدير المحكمة التي يحق لها الاكتفاء بما أجراه ما دامت قد اطمأنت إليه وإلى صحة أسبابه على نحو يكفي لتكوين عقيدتها للفصل في الدعوى وبيان وجه الحق فيها .
لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه المؤيد للحكم المستأنف لأسبابه في هذا الشق قد تناول الرد على الدفع ببطلان تقرير الخبير على ما أورده بأسبابه من أن الثابت أن الخبير في سبيل أداء المأمورية المسندة إليه قام بتحديد ما تستحقه المدعية أصلياً بذمة المدعى عليها أصلياً مما اقتضى الأمر تعرضه لما تضمنه العقد المبرم بينهما وما تم تنفيذه من التزامات وما لم ينفذ منها وخلص من ذلك إلى أن المدعية أصلياً لم تخالف المتعارف عليه في العقود وأنه بالنظر إلى كثرة الأعطال المتكررة بعد التسليم المبدئي كان على المدعى عليها أصلياً مراجعة الموقف مع المدعية أصلياً التي راسلتها مراراً من أجل سرعة القيام باستبدال المضخات والبطانات المطاطية خصوصاً لخطوط حامض الأسيد وأصدرت قائمة بالأعمال التي تطلبها شركة تكرير فوراً وحددت مهلة للمدعى عليها للمباشرة في الإجراءات الضرورية تحت طائلة إنجازها هي تلك الأعمال على مسئولية المدعى عليها وعلى حسابها ومع ذلك رفضت المدعى عليها القيام بتلك الأعمال مستندة على حجج غير منطقية وإذ ساق كل من الطرفين الأسانيد المؤيدة لوجهة نظره وقد أورد الخبير تلك الأسانيد وأقوال الطرفين في تقريره وقام بإجراء المعاينة الميدانية للمشروع وأخذ أقوال المسئولين به وسلم نسخة من المحضر المنجز بذلك لوكيل المدعى عليها أصلياً وعند تقديم المدعية أصلياً لمذكرتها الختامية مع مستندات طلب الخبير من المدعى عليها – الطاعنة - تقديم ردها غير أن وكيلها لم يقدم ذلك الرد قبل إيداع التقرير . وأكد الخبير ذلك أمام المحكمة بجلسة 20/12/2003م إذ قرر أن كل المستندات التي أرفقت بها المدعية أصلياً مذكرتها الختامية أمام الخبير سبق تقديمها وتمت مناقشتها والرد عليها من المدعى عليها أصلياً – الطاعنة - وخلص الخبير من كل ذلك إلى ما تحملته المدعية أصلياً من مبالغ وخصم منها المبالغ المستحقة للمدعية تقابلاً عن مدة الصيانة التي قامت بها بالإضافة لقيمة أوامر الاختلاف والتنوع . وانتهت المحكمة بما لها من سلطة في تقدير الأدلة وتقارير الخبراء أن تقيم قضاءها على تقرير الخبير محمولاً على أسبابه ، وبأن الخبير اقتصرت مهمة بحثه على مسائل الواقع ولم يخرج عن نطاق ما كلفته به المحكمة وهذه أسباب سائغة لها أصلها الثابت في الأوراق وتكفي لحمل قضاء الحكم وفيها الرد الضمني المسقط لكل ما أثارته الطاعنة . فضلاً عن أن اتهام الخبير بعدم الحيدة أو طلب استبداله إنما يكون بالطريق الذي رسمه القانون وهو طلب رده طبقاً لما تنص عليه المادتين 77 ، 78 من قانون الإثبات .
3 - من المقرر – في قضاء هذه المحكمة - أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة فيها والترجيح بينها والأخذ بما تراه راجحاً منها ، إذ أنها لا تقضي إلا على أساس ما تطمئن إليه وتثق به ، وحسبها أن تبين الحقيقة التي اقتنعت بها وأن تقيم قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله وليس عليها من بعد أن تتتبع الخصوم في مختلف أقوالهم وحججهم وطلباتهم وأن ترد استقلالاً على كل قول أو طلب أثاروه ما دام قيام الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها فيه الرد الضمني المسقط لتلك الأقوال والحجج والطلبات وأنه إذا اشترط صاحب العمل أن يقدم المقاول مادة العمل كان مسئولاً عن جودتها طبقاً لشروط العقد إذا وجدت وإلا فطبقاً للعرف الجاري عملاً بالمادة 875/1 من قانون المعاملات المدنية وأن يضمن المقاول ما تولد عن فعله وصنعه من ضرر أو خسارة سواء بتعديه أو بتقصيره عملاً بالمادة 878 من ذات القانون . لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه تناول الرد على هذا النعي بما أورده بأسبابه من أن المطعون ضدها – الشركة العالمية للميكانيك والكهرباء ( أميكو )- أكدت في دعواها وهي المقاول الأول اتفاقها مع الطاعنة – شركة متيتو أوفر سيز - على أن تقوم هذه الأخيرة وهي المقاول الثاني بتصنيع وتصميم وتوريد والتسليم إلى الموقع والإشراف والتركيب والتشغيل التجريبي وتسليم محطة معالجة المياه في مصفاة أم النار وذلك وفقاً لتعليمات شركة تكرير نفط أبوظبي صاحبة العمل التي وافقت عليها الشركة الطاعنة ( المقاول الثاني ) في كتابها رقم 97 - 003 - 13 بتاريخ 3/2 / 1998م وبذلك تكون ملزمة وبمقتضى عقد المقاولة المبرم بينها وبين الشركة المطعون ضدها ( المقاول الأول ) بإنجاز العمل المسند إليها وفق الكيفية الواردة في تلك التعليمات ومسئولة عن إنجاز هذا العمل وفق هذه الكيفية التي وافقت عليها حسب المستفاد من كتابها المذكور وذلك تنفيذاً لمقتضى المادة 875 من قانون المعاملات المدنية الاتحادي ومعه يكون الدفع المعتمد فيه على نسبية العقد المبرم بين الشركة المقاول الأول والشركة صاحب العمل لا ينهض حجة للشركة المقاول الثاني بعد المستفاد من كون عقد المقاولة من الباطن قد أبرم بعد الاطلاع على العقد المبرم بين الشركة صاحبة العمل والشركة المقاول الأول مما يتعين معه رفض هذا الدفع ، وحيث يستفاد من عقد المقاولة المبرم بين الطرفين أن الطاعنة – شركة متيتو أوفر سيز - وهي المقاول الثاني قد التزمت بتقديم مادة العمل كلها وبذلك تكون مسئولة عن جودتها وعليها ضمانها لكون العقد مزيجاً من بيع مادة العمل ومقاولة على العمل وبصفتها بائعة يكون عليها ضمان العيوب الخفية من وقت إتمام العمل وكسب الشيء المتفق على إنجاز مقوماته الذاتية وضامنة لكل ما يتولد عن فعلها وصنعها من ضرر أو خسارة تنفيذاً لمقتضى المادة 878 من قانون المعاملات المدنية ، وحيث لم تنكر الشركة المقاول الثاني – الطاعنة - على الشركة المقاول الأول – المطعون ضدها - ما ادعت هذه الأخيرة من كونها وجهت إليها عدة مراسلات للقيام باستبدال المضخات والبطانات المطاطية خصوصاً لخطوط حامض الأسيد بالإضافة إلى التحذيرات المتعددة وحددت لها قائمة بالأعمال المطلوبة من طرف الشركة صاحبة العمل كما حددت لها مهلة 48 ساعة لمباشرة الإجراءات الضرورية وأنه في حالة عدم الاستجابة ستباشر شركة أميكو ( المطعون ضدها ) ذلك على مسئوليتها وعلى حسابها ومع ذلك رفضت القيام بتلك الأعمال كما هو مضمن في رسالتها بتاريخ 10/2 / 2002م وأكد المهندس المنتدب خبيراً في الدعوى واعتماداً منه على ما قام به من عمليات أن شركة المقاول الأول – المطعون ضدها - وبسبب رداءة المواد المصنعة منها الملفات والبطانة المطاطية قد تحملت تكاليف لإصلاح وتغيير الأجزاء المعيبة وانتهت المحكمة بما لها من سلطة تقديرية إلى أن الطاعنة مسئولة عن تغيير هذه المواد المبيعة منها للمطعون ضدها وإحلال مواد أخرى مطابقة للمواصفات بدلاً منها وعلى نفقة الطاعنة – وهذه أسباب سائغة لحمل قضاء الحكم وفيها الرد الضمني المسقط لكل ما أثارته الطاعنة .
4 - من المقرر – في قضاء هذه المحكمة - أنه ولئن كان لمحكمة الموضوع سلطة فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة ومنها تقارير الخبراء إلا أن ذلك ليس على إطلاقه بل مشروط بأن تقيم قضاءها على أسباب سائغة لها أصلها الثابت في الأوراق بما يكفي لحمل قضاء الحكم ، وألا تكون قد أغفلت الرد على دفاع جوهري قد يتغير ببحثه وجه الرأي في الدعوى .
لما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن الطاعنة تمسكت أمام المحكمة المطعون في حكمها بمذكراتها المقدمة بجلستي 8/3 / 2004م و12/4 / 2004م بأن الخبير أخطأ حين احتسب أجور عمالة تركيب المواد بموقع العمل عليها إذ أن هذه الأجور في حقيقة الأمر على المطعون ضدها ودللت على ذلك بأن عقد الباطن موضوع الدعوى قد خلا من تحميلها هذا الالتزام لأنها مسئولة عن الإشراف على التركيب وليس التركيب طبقاً لنصوص العقد ، وبالتالي فإن أجرة العمال المحتسبة عليها تكون لا سند لها . وإذ كان الثابت من مطالعة صورة العقد سند الدعوى والمعنون باتفاقية مقاولة من الباطن والمؤرخ 25/3 / 1999م أنه يوجد ترجمتين قانونيتين له إحداهما مقدمة من المطعون ضدها ومترجمة ترجمة قانونية من مكتب أكسفورد للترجمة القانونية والثانية مقدمة من الطاعنة ومترجمة لدى مكتب ترجمان للترجمة القانونية وقد نص في الأولى في مجال تطاق الأعمال على أن المقاول من الباطن يلتزم بتصميم وتوريد والتسليم إلى الموقع والإشراف والتركيب والتشغيل التجريبي إلخ بينما ورد بترجمة العقد المقدم من الطاعنة في مجال الأعمال أن المقاول من الباطن – الطاعنة - يلتزم بالتصميم والتصنيع والتوريد والتسليم بالموقع والإشراف على التركيب والاختبار والتشغيل إلخ ، ومما لا شك فيه أن الاختلاف بين الترجمتين له أثر كبير في بيان وجه الحق في هذا النزاع إذ أن هناك فرق بين الإشراف على التركيب وبين التركيب ذلك أنه في الحالة الأولى لا يكون المشرف على التركيب ملزم بالأجر بينما يلتزم بها في حالة قيامه بالتركيب . وإذ تعارضت الترجمتان القانونيتان للعقد سند الدعوى وكان على الحكم بيان الترجمة الصحيحة منهما وصولاً إلى حقيقة النزاع وذلك للوقوف على الملزم بهذا المبلغ . وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بإلزام الطاعنة بمبلغ 105.250 درهم أجور عمالة ولم يمحص هذا الدفاع الجوهري الذي أبدته الطاعنة بعدم استحقاق هذا المبلغ عليها فإنه يكون معيباً بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع .
المحكمة ،
بعد مطالعة الأوراق وتلاوة تقرير التلخيص والمداولة .
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية .
وحيث إن الوقائع – علي ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدها – المدعية في الدعوى الأصلية - الشركة العالمية للميكانيك والكهرباء " أميكو " أقامت الدعوى رقم 292/2002 أمام محكمة أبوظبي الشرعية المدنية ضد الطاعنة – المدعى عليها في الدعوى الأصلية والمدعية في الدعوى المتقابلة - شركة متيتو أوفر سيز بطلب الحكم بندب خبير هندسي لبيان مدى مخالفة المدعى عليها – الطاعنة - لشروط التعاقد فيما يتعلق بالمواصفات الفنية المتفق عليها واحتساب الخسائر وإلزام المدعى عليها بها . على سند من القول إنها اتفقت مع المدعى عليها – الطاعنة - بموجب عقد مقاولة من الباطن بتاريخ 25/3 / 1999م على أن تقوم المدعى عليها – الطاعنة - بأعمال تصنيع وتصميم والتسليم إلى موقع الإشراف والتركيب والتشغيل التجريبي وتسليم محطة معالجة المياه في مصفاة أم النار وذلك وفقاً لتعليمات جهة الإسناد والتي اطلعت عليه المدعى عليها ووافقت عليها وفق الكتاب المرسل منها بتاريخ 21/2/1998م وكذلك الكتاب المؤرخ 3/2/1998م كما وافقت على أن تكون هي المسئولة عن الإشراف على تنفيذ الأعمال محل التعاقد وتم الاتفاق بينها على أن تكون القيمة الإجمالية للتعاقد مبلغ 3.083.848 درهماً يتم دفعها للمدعى عليها أثناء سير الأعمال وفقاً للبند رقم 3 من العقد المبرم بينهما على أن تكون مدة الإنجاز ثمانية أشهر من تاريخ التوقيع على العقد وشرعت المدعى عليها بعد إبرام العقد في تنفيذ الاتفاق وقامت المدعية بالوفاء للمدعى عليها بالمبالغ التالية – 10 % حصة مقدمة عند توقيع العقد بلغت قيمتها 292.000 درهماً ، 75 % عند استلام المعدات في الموقع عبارة عن 300.000 درهم بتاريخ 28/10/2001م ( 1.190.000 درهماً بتاريخ 22/2/2001م ، 9612 درهماً بتاريخ 28/10/2002م فيكون إجمالي المبلغ الذي قامت المدعية بالوفاء به للمدعى عليها هو 2.499.612 درهماً وهو ما يعادل 81 % تقريباً من قيمة العقد . وبذلك يكون المبلغ الباقي هو 292.236 درهماً وبتاريخ 9/5 / 2001م تم تسليم المشروع تسليماً ابتدائياً لجهة الإسناد ومع بدء المحطة في العمل بدأت الأعطال تتكرر بصفة دائمة فطالبت المدعية المدعى عليها بتصحيح تلك الأعطال والأخطاء التي تطلبها جهة الإسناد إلا أنها توقفت عن القيام بأعمال الصيانة والأعطال وذلك بالمخالفة لأحكام العقد وكان ذلك التوقف بتاريخ 29/12/2001م ورغم المراسلات العديدة التي أرسلت إليها للمطالبة بالإصلاح وتعديل المواصفات فإنها لم تقم باتخاذ أي إجراء فقامت المدعية بالإصلاح وتغيير العديد من المواد الخاصة بالمشروع وكلفتها مبلغ 1.331.190 درهماً فضلاً عن أن جهة الإسناد رفضت أن تقوم بإصدار شهادة الاستلام النهائي للمشروع إلا بعد تشغيل المعدات بطريقة مأمونة ودون مشاكل لمدة سنة الأمر الذي يؤكد مدى حجم أخطاء المدعى عليها أثناء تنفيذ المشروع مما أدى إلى اهتزاز الثقة بالمدعية من قبل أحد عملائها الأساسيين شركة تكرير وقدمت المدعى عليها مذكرة جوابية على الدعوى دفعت فيها بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة وفي الموضوع فإن الادعاء بسداد مبالغ فهو جزء من مستحقاتها وأنه تبقى لها في ذمة المدعية الأصلية – الطاعنة - مبلغ 294.097.88 درهماً وأنها توقفت عن أعمال الصيانة بعد إعذار المدعية ومطالبتها بسداد باقي مستحقاتها وانتظارها أكثر من شهرين إلا أن المدعية رفضت دفع باقي المبلغ المستحق وما تدعيه من أنها غيرت العديد من المواد الخاصة بالمشروع فإن ذلك وشأنها وأنه لا يوجد أي أخطاء وأنها نفذت العمل طبقاً للمواصفات وتم التسليم الفعلي للمشروع وبذات الجلسة وهي جلسة 5/1/2003م قدم وكيل المدعى عليها أصلياً - دعوى متقابلة ضد المدعيى أصلياً - المدعى عليها تقابلاً - بطلب الحكم بإلزامها بأن تؤدي لها مبلغ 857.442.73 درهماً والفائدة القانونية من تاريخ رفع الدعوى المتقابلة وحتى تمام السداد قولاً منها أنها أنجزت بنجاح كل الأعمال المعهودة إليها بموجب عقد المقاولة من الباطن وأوامر الاختلاف والتنوع وقامت بتسليم المحطة إليها وإلى شركة أبوظبي لتكرير النفط صاحبة المشروع والتي أصدرت شهادة القبول الابتدائي للمشروع بتاريخ 30/9 / 2001م على أن يسري القبول من 9/5 / 2001م وعلى الرغم من استلام المحطة بنجاح ومطالبة المدعى عليها تقابلاً بسداد المبالغ المتبقية عليها بموجب بنود وشروط العقد وخطاب الاعتماد إلا أنها لم تحرك ساكناً وبلغت المديونية المستحقة عليها لصالح المدعية تقابلاً نظير الأعمال المنجزة من قبلها والخسائر التي لحقتها نتيجة لعدم سداد حقوقها طوال الفترة الماضية مبلغ 857.442.73 درهماً ومن ثم أقامت دعواها المتقابلة بالطلبات سالفة البيان – ومحكمة أول درجة حكمت بجلسة 26/2/2003م وقبل الفصل في الموضوع بندب خبير هندسي لأداء المأمورية الموضحة تفصيلاً بمنطوق هذا الحكم . وقدم خبير الدعوى تقريره الذي خلص فيه إلى أن شركة أميكو وبعد أن رفضت شركة متيتو القيام بالأعمال التي طلبتها شركة التكرير في تقرير تفتيشها المؤرخ 20/5 / 2002م قامت بتغيير كافة الملفات ذات البطانة المطاطية المركبة بالمشروع واستبدالها بمواد بطانة مطاطية أفضل ومصنعية أفضل لكل من قسم حامض الأسيد وقسم المواد الكيماوية وكذلك المعاليق الخاصة بمضخات حامض الأسيد وتكليف شركة تفتيش طرف ثالث للبحث في العطل قبل الأوان مما جعل شركة أميكو تقوم بالاستجابة لطلبات شركة تكرير التي رأت أن المواد المصنعة منها الملفات والبطانة المطاطية رديئة كما جاء بالتقرير وأيضاً كما جاء بأقوال الفنيين والمهندس المسئول بشركة تكرير مما كلف شركة أميكو تكاليف كبيرة لإصلاح وتغيير الأجزاء المعيبة واستمرت شركة أميكو في تقديم خدماتها حتى 21/9 / 2003م وهو تاريخ الاستلام النهائي للمشروع وتحملت شركة أميكو مبالغ قيمتها 845.382 درهماً وبخصم المبالغ المستحقة لشركة متيتو من هذا المبلغ وهو عبارة عن مدة الصيانة التي قامت بها وهي سبعة أشهر بالإضافة إلى قيمة أوامر الاختلاف والتنوع وقيمتها 182.275.80 درهماً فيكون المستحق لشركة أميكو في ذمة شركة متيتو هو مبلغ 663.106.20 درهماً . وقدم وكيل المدعية أصلياً مذكرة بدفاعه ضمنها بعض الاعتراضات على تقرير الخبير كما قدم وكيل المدعى عليها أصلياً – المدعية تقابلاً - مذكرة بالتعقيب على تقرير الخبير دفع فيها ببطلان التقرير لمخالفته نص المادة 83 إثبات إذ أنه أخفى أقوال المدعية تقابلاً والتي أدلت بها في محضر اجتماع الخبرة بتاريخ 7/12/2003م وأخفى المستندات التي فدمتها المدعية أصلياً حتى تتمكن المدعية تقابلاً من الرد بمذكرة على ضوء المستندات المقدمة من المدعية أصلياً بالإضافة إلى محاباة الخبير للمدعية أصلياً وحياده عن المهمة الموكولة إليه وانصرف وجه الخطأ في التقرير إلى حساباته وخلط بين علاقة تكرير وأميكو وبين علاقة أميكو ومتيتو إذ أن هناك اختلافاً كبيراً بين العلاقتين وصادق على جميع الفواتير المقدمة من المدعية الأصلية دون فحصها وأنه لم يقم باستدعاء المدعية تقابلاً لحضور معاينة الموقع التي تمت بأم النار بتاريخ 18/6/2003م وطلب الحكم ببطلان تقرير الخبير واحتياطياً إعادة المأمورية لذات الخبير لتدارك الأخطاء التي جاءت بتقريره والقضاء برفض الدعوى الأصلية والحكم لها بطلباتها في الدعوى المقابلة . ومحكمة أول درجة حكمت بجلسة 12/1/2004م حضورياً أولاً : في الدعوى الأصلية بإلزام المدعى عليها – الطاعنة - شركة متيتو أوفر سيز ليمتد بأن تؤدي للمدعية أصلياً - المطعون ضدها - الشركة العالمية للميكانيك والكهرياء ( أميكو ) مبلغ 663.106.20 درهماً ورفض ما عدا ذلك من طلبات ، ثانياً : في الدعوى المتقابلة برفضها وإلزام المدعية – الطاعنة - شركة متيتو أوفر سيز مصروفاتها . استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 42/2004 كما استأنفته المطعون ضدها بالاستئناف رقم 44/2004 ومحكمة استئناف أبوظبي الشرعية حكمت بجلسة 21/4/2004م بقبول الاستئنافين شكلاً ورفضهما موضوعاً وبتأييد الحكم المستأنف . طعنت الطاعنة على هذا الحكم بالطعن الماثل بصحيفة أودعت قلم كتاب هذه المحكمة في 5/7 / 2004م بعد أن أعلن إليها الحكم في 13/6/2004م وقدمت المطعون ضدها مذكرة جوابية رأت فيها رفض الطعن .
وحيث إن الطاعنة تنعي بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه القصود في التسبيب والإخلال بحق الدفاع ؛ قولاً منها إنها دفعت أمام محكمتي الموضوع ببطلان مهمة الخبير وبالتالي بطلان تقريره ولإعراضه عن المهام الأصلية المنوطة به فضلاً عن عدم إتباعه الإجراءات الواجب عليه إتباعها أثناء انعقاد جلسات الخبرة وعدم اتصافه بالحيادية في التعامل مع أطراف النزاع بدليل أنه حرم الطاعنة من التعقيب على مذكرة المطعون ضدها والمستندات المرفقة بها وعددها 31 مستنداً قدمت بتاريخ 7/12/2003م وبدون أن تثبت بمحضر الخبرة وأن الخبير قد وعد الطاعنة بأنه لن يقدم تقريره للمحكمة إلا بعد أن ترد على هذه المذكرة والمستندات إلا أنها فوجئت بالخبير يقدم تقريره للمحكمة قبل ردها مما يصفه بعدم الحيادية وببطلان تقريره مما يعيب الحكم المطعون فيه الذي عول على هذا التقرير ويوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعي في جملته مردود ، ذلك أنه من المقرر – في قضاء هذه المحكمة - أن مناط الطعن ببطلان تقرير الخبير هو أن يكون قد شاب إجراءاته عيب جوهري ترتب عليه ضرر للخصم وأن الأصل في الإجراءات أنها روعيت ، كما أن القانون 10/1992 بإصدار قانون الإثبات في المعاملات المدنية والتجارية رسم في المادتين 77 ، 78 منه الطريق الذي يسلكه الخصم إذا توافر في شأن الخبير سبب يرجح معه عدم استطاعته أداء مهمته بغير تحيز وذلك بطلب رده .
ومن المقرر أن تقرير الخبير لا يعدو أن يكون دليلاً من الأدلة المطروحة على محكمة الموضوع تخضع لتقديرها وهي غير ملزمة بإجابة طلب الخصم تعيين خبير آخر متى وجدت في تقرير الخبير السابق ندبه وباقي أوراق الدعوى ما يكفي لتكوين عقيدتها للفصل فيها – وحسبها أن تبين الحقيقة التي اقتنعت بها وأن تقيم قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله . كما أنه من المقرر أيضاً – في قضاء هذه المحكمة -
أن مهمة الخبير تقتصر على تحقيق الواقع في الدعوى وإبداء الرأي في المسائل الفنية ولا إلزام عليه بأداء عمله على وجه محدد إذ بحسبه أن يقوم بما ندب له على النحو الذي يراه محققاً للغاية من ندبه ما دام عمله يخضع لتقدير المحكمة التي يحق لها الاكتفاء بما أجراه ما دامت قد اطمأنت إليه وإلى صحة أسبابه على نحو يكفي لتكوين عقيدتها للفصل في الدعوى وبيان وجه الحق فيها .
لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه المؤيد للحكم المستأنف لأسبابه في هذا الشق قد تناول الرد على الدفع ببطلان تقرير الخبير على ما أورده بأسبابه من أن الثابت أن الخبير في سبيل أداء المأمورية المسندة إليه قام بتحديد ما تستحقه المدعية أصلياً بذمة المدعى عليها أصلياً مما اقتضى الأمر تعرضه لما تضمنه العقد المبرم بينهما وما تم تنفيذه من التزامات وما لم ينفذ منها وخلص من ذلك إلى أن المدعية أصلياً لم تخالف المتعارف عليه في العقود وأنه بالنظر إلى كثرة الأعطال المتكررة بعد التسليم المبدئي كان على المدعى عليها أصلياً مراجعة الموقف مع المدعية أصلياً التي راسلتها مراراً من أجل سرعة القيام باستبدال المضخات والبطانات المطاطية خصوصاً لخطوط حامض الأسيد وأصدرت قائمة بالأعمال التي تطلبها شركة تكرير فوراً وحددت مهلة للمدعى عليها للمباشرة في الإجراءات الضرورية تحت طائلة إنجازها هي تلك الأعمال على مسئولية المدعى عليها وعلى حسابها ومع ذلك رفضت المدعى عليها القيام بتلك الأعمال مستندة على حجج غير منطقية وإذ ساق كل من الطرفين الأسانيد المؤيدة لوجهة نظره وقد أورد الخبير تلك الأسانيد وأقوال الطرفين في تقريره وقام بإجراء المعاينة الميدانية للمشروع وأخذ أقوال المسئولين به وسلم نسخة من المحضر المنجز بذلك لوكيل المدعى عليها أصلياً وعند تقديم المدعية أصلياً لمذكرتها الختامية مع مستندات طلب الخبير من المدعى عليها – الطاعنة - تقديم ردها غير أن وكيلها لم يقدم ذلك الرد قبل إيداع التقرير . وأكد الخبير ذلك أمام المحكمة بجلسة 20/12/2003م إذ قرر أن كل المستندات التي أرفقت بها المدعية أصلياً مذكرتها الختامية أمام الخبير سبق تقديمها وتمت مناقشتها والرد عليها من المدعى عليها أصلياً – الطاعنة - وخلص الخبير من كل ذلك إلى ما تحملته المدعية أصلياً من مبالغ وخصم منها المبالغ المستحقة للمدعية تقابلاً عن مدة الصيانة التي قامت بها بالإضافة لقيمة أوامر الاختلاف والتنوع . وانتهت المحكمة بما لها من سلطة في تقدير الأدلة وتقارير الخبراء أن تقيم قضاءها على تقرير الخبير محمولاً على أسبابه ، وبأن الخبير اقتصرت مهمة بحثه على مسائل الواقع ولم يخرج عن نطاق ما كلفته به المحكمة وهذه أسباب سائغة لها أصلها الثابت في الأوراق وتكفي لحمل قضاء الحكم وفيها الرد الضمني المسقط لكل ما أثارته الطاعنة . فضلاً عن أن اتهام الخبير بعدم الحيدة أو طلب استبداله إنما يكون بالطريق الذي رسمه القانون وهو طلب رده طبقاً لما تنص عليه المادتين 77 ، 78 من قانون الإثبات . وتشير المحكمة إلى أنه بالنسبة للمبلغ المقضي به فإن تقرير الخبير جاء سليماً وسديداً بالنسبة له عدا مبلغ 105.250 درهماً عن أجور العمال التي احتسبت على الطاعنة فإنها ستكون محل رد عليها في النعي بالسبب الثالث من هذا الطعن ومن ثم فإن هذا المبلغ يجب خصمه من المبلغ الذي انتهى إليه تقرير الخبير فيصير المبلغ المستحق للمطعون ضدها لدى الطاعنة هو مبلغ 557.856.20 درهماً بعد خصم مبلغ 105.250 درهماً قيمة أجور العمالة موضوع النعي بالسبب الثالث . ويضحى النعي بهذا السبب ، فيما عدا ذلك على غير أساس متعين الرفض .
وحيث إن الطاعنة تنعي بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون وعدم الإلمام الدقيق بواقعات الدعوى ؛ وقالت بياناً لذلك إن الحكم المطعون فيه خلط بصدد الرد على دفاع الطاعنة بين الالتزامات التي فرضها على الطاعنة العقد موضوع الدعوى بما فيه تعليمات جهة الإسناد ( شركة تكرير ) وبين أن تأتي ( شركة تكرير ) بعد أن تم استلامها للمشروع استلاماً ابتدائياً لتفرض على الطاعنة من جديد التزامات أخرى وأنها عندما التزمت بالعقد موضوع النزاع فإنها لم تلتزم به تجاه شركة تكرير ( رب العمل ) رغم التزامها بتعليماتها وإنما كان التزام الطاعنة تجاه المطعون ضدها وحدها طبقاً للعقد المبرم بينها وبين المطعون ضدها . وإذ خالف الحكم المطعون فيه ذلك فإنه يكون معيباً بما يوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعي غير سديد ، ذلك أنه من المقرر – في قضاء هذه المحكمة - أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة فيها والترجيح بينها والأخذ بما تراه راجحاً منها ، إذ أنها لا تقضي إلا على أساس ما تطمئن إليه وتثق به ، وحسبها أن تبين الحقيقة التي اقتنعت بها وأن تقيم قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله ؛ وليس عليها من بعد أن تتتبع الخصوم في مختلف أقوالهم وحججهم وطلباتهم وأن ترد استقلالاً على كل قول أو طلب أثاروه ما دام قيام الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها فيه الرد الضمني المسقط لتلك الأقوال والحجج والطلبات
وأنه إذا اشترط صاحب العمل أن يقدم المقاول مادة العمل كان مسئولاً عن جودتها طبقاً لشروط العقد إذا وجدت وإلا فطبقاً للعرف الجاري عملاً بالمادة 875/1 من قانون المعاملات المدنية وأن يضمن المقاول ما تولد عن فعله وصنعه من ضرر أو خسارة سواء بتعديه أو بتقصيره عملاً بالمادة 878 من ذات القانون .
لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه تناول الرد على هذا النعي بما أورده بأسبابه من أن المطعون ضدها – الشركة العالمية للميكانيك والكهرباء ( أميكو )- أكدت في دعواها وهي المقاول الأول اتفاقها مع الطاعنة – شركة متيتو أوفر سيز - على أن تقوم هذه الأخيرة وهي المقاول الثاني بتصنيع وتصميم وتوريد والتسليم إلى الموقع والإشراف والتركيب والتشغيل التجريبي وتسليم محطة معالجة المياه في مصفاة أم النار وذلك وفقاً لتعليمات شركة تكرير نفط أبوظبي صاحبة العمل التي وافقت عليها الشركة الطاعنة ( المقاول الثاني ) في كتابها رقم 97 - 003 - 13 بتاريخ 3/2 / 1998م وبذلك تكون ملزمة وبمقتضى عقد المقاولة المبرم بينها وبين الشركة المطعون ضدها ( المقاول الأول ) بإنجاز العمل المسند إليها وفق الكيفية الواردة في تلك التعليمات ومسئولة عن إنجاز هذا العمل وفق هذه الكيفية التي وافقت عليها حسب المستفاد من كتابها المذكور وذلك تنفيذاً لمقتضى المادة 875 من قانون المعاملات المدنية الاتحادي ومعه يكون الدفع المعتمد فيه على نسبية العقد المبرم بين الشركة المقاول الأول والشركة صاحب العمل لا ينهض حجة للشركة المقاول الثاني بعد المستفاد من كون عقد المقاولة من الباطن قد أبرم بعد الاطلاع على العقد المبرم بين الشركة صاحبة العمل والشركة المقاول الأول مما يتعين معه رفض هذا الدفع ، وحيث يستفاد من عقد المقاولة المبرم بين الطرفين أن الطاعنة – شركة متيتو أوفر سيز - وهي المقاول الثاني قد التزمت بتقديم مادة العمل كلها وبذلك تكون مسئولة عن جودتها وعليها ضمانها لكون العقد مزيجاً من بيع مادة العمل ومقاولة على العمل وبصفتها بائعة يكون عليها ضمان العيوب الخفية من وقت إتمام العمل وكسب الشيء المتفق على إنجاز مقوماته الذاتية وضامنة لكل ما يتولد عن فعلها وصنعها من ضرر أو خسارة تنفيذاً لمقتضى المادة 878 من قانون المعاملات المدنية ، وحيث لم تنكر الشركة المقاول الثاني – الطاعنة - على الشركة المقاول الأول – المطعون ضدها - ما ادعت هذه الأخيرة من كونها وجهت إليها عدة مراسلات للقيام باستبدال المضخات والبطانات المطاطية خصوصاً لخطوط حامض الأسيد بالإضافة إلى التحذيرات المتعددة وحددت لها قائمة بالأعمال المطلوبة من طرف الشركة صاحبة العمل كما حددت لها مهلة 48 ساعة لمباشرة الإجراءات الضرورية وأنه في حالة عدم الاستجابة ستباشر شركة أميكو ( المطعون ضدها ) ذلك على مسئوليتها وعلى حسابها ومع ذلك رفضت القيام بتلك الأعمال كما هو مضمن في رسالتها بتاريخ 10/2 / 2002م وأكد المهندس المنتدب خبيراً في الدعوى واعتماداً منه على ما قام به من عمليات أن شركة المقاول الأول – المطعون ضدها - وبسبب رداءة المواد المصنعة منها الملفات والبطانة المطاطية قد تحملت تكاليف لإصلاح وتغيير الأجزاء المعيبة وانتهت المحكمة بما لها من سلطة تقديرية إلى أن الطاعنة مسئولة عن تغيير هذه المواد المبيعة منها للمطعون ضدها وإحلال مواد أخرى مطابقة للمواصفات بدلاً منها وعلى نفقة الطاعنة – وهذه أسباب سائغة تكفي لحمل قضاء الحكم وفيها الرد الضمني المسقط لكل ما أثارته الطاعنة . ويكون النعي بهذا السبب على غير أساس متعين الرفض .
وحيث إن الطاعنة تنعي بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه بوجهيه القصور في التسبيب فضلاً عن عدم الإحاطة بواقعة النزاع عن بصر وبصيرة ؛ قولاً منها إنها تمسكت أمام محكمة الاستئناف بأن الخبير أخطأ حين احتسب أجور عمالة تركيب المواد بموقع العمل على الطاعنة إذ أن هذه الأجور تقع في حقيقة الأمر على المطعون ضدها وقد ترتب على هذا الخطأ أن حمل الخبير الطاعنة مبلغ 105.250 درهماً تحت بند أجور عمالة التركيب – كذلك فإن الخبير أخطأ حين ذكر في تقريره أن مدة الصيانة التي قامت بها الطاعنة هي فقط سبعة أشهر ذلك أن العقد المذكور لم تكن أتعابه بالأجر الشهري وأن الخبير صادق على كافة الفواتير التي قدمتها إليه المطعون ضدها دون تمحيص بما يعيب الحكم ويوجب نقضه .
وحيث إن النعي بالوجه الأول من هذا السبب سديد ، ذلك أنه من المقرر – في قضاء هذه المحكمة - أنه ولئن كان لمحكمة الموضوع سلطة فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة ومنها تقارير الخبراء إلا أن ذلك ليس على إطلاقه بل مشروط بأن تقيم قضاءها على أسباب سائغة لها أصلها الثابت في الأوراق بما يكفي لحمل قضاء الحكم ، وألا تكون قد أغفلت الرد على دفاع جوهري قد يتغير ببحثه وجه الرأي في الدعوى .
لما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن الطاعنة تمسكت أمام المحكمة المطعون في حكمها بمذكراتها المقدمة بجلستي 8/3 / 2004م و12/4 / 2004م بأن الخبير أخطأ حين احتسب أجور عمالة تركيب المواد بموقع العمل عليها إذ أن هذه الأجور في حقيقة الأمر على المطعون ضدها ودللت على ذلك بأن عقد الباطن موضوع الدعوى قد خلا من تحميلها هذا الالتزام لأنها مسئولة عن الإشراف على التركيب وليس التركيب طبقاً لنصوص العقد ، وبالتالي فإن أجرة العمال المحتسبة عليها تكون لا سند لها . وإذ كان الثابت من مطالعة صورة العقد سند الدعوى والمعنيون باتفاقية مقاولة من الباطن والمؤرخ 25/3 / 1999م أنه يوجد ترجمتين قانونيتين له إحداهما مقدمة من المطعون ضدها ومترجمة ترجمة قانونية من مكتب أكسفورد للترجمة القانونية والثانية مقدمة من الطاعنة ومترجمة لدى مكتب ترجمان للترجمة القانونية وقد نص في الأولى في مجال تطاق الأعمال على أن المقاول من الباطن يلتزم بتصميم وتوريد والتسليم إلى الموقع والإشراف والتركيب والتشغيل التجريبي إلخ بينما ورد بترجمة العقد المقدم من الطاعنة في مجال الأعمال أن المقاول من الباطن – الطاعنة - يلتزم بالتصميم والتصنيع والتوريد والتسليم بالموقع والإشراف على التركيب والاختبار والتشغيل إلخ ، ومما لا شك فيه أن الاختلاف بين الترجمتين له أثر كبير في بيان وجه الحق في هذا النزاع إذ أن هناك فرق بين الإشراف على التركيب وبين التركيب ذلك أنه في الحالة الأولى لا يكون المشرف على التركيب ملزم بالأجر بينما يلتزم بها في حالة قيامه بالتركيب . وإذ تعارضت الترجمتان القانونيتان للعقد سند الدعوى وكان على الحكم بيان الترجمة الصحيحة منهما وصولاً إلى حقيقة النزاع وذلك للوقوف على الملزم بهذا المبلغ . وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بإلزام الطاعنة بمبلغ 105.250 درهم أجور عمالة ولم يمحص هذا الدفاع الجوهري الذي أبدته الطاعنة بعدم استحقاق هذا المبلغ عليها فإنه يكون معيباً بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع بما يوجب نقضه مع الإحالة بالنسبة لهذا الشق .
وأما ما تنعاه الطاعنة بالوجه الثاني من هذا السبب فهو غير سديد ، ذلك أن محكمة الموضوع قد اطمأنت إلى ما جاء بتقرير الخبير بما لها من سلطة تقديرية بالنسبة لاحتساب مقابل الصيانة وكذلك قيامها بفحص وتمحيص جميع المستندات والفواتير المقدمة من المطعون ضدها ، ولا يعدو النعي بهذا الوجه أن يكون جدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة فيها مما لا يجوز إثارته أمام هذه المحكمة ، ويضحى على غير أساس متعين الرفض .
لذلك ، حكمت المحكمة بنقض الحكم المطعون فيه جزئياً في خصوص قضائه بإلزام الطاعنة بمبلغ 105.250 درهماً ( مائة وخمسة آلاف ومائتين وخمسين درهماً ) قيمة أجور عمالة وإحالة القضية لمحكمة الاستئناف لنظرها مجدداً بهيئة مغايرة بالنسبة لهذا الشق ورفض الطعن فيما هدا ذلك .... الخ




المواضيع المتشابهه: