قال سمو الأمير الحسن بن طلال ان التعديل الحادي عشر والأخير الذي جرى على الدستور العام الماضي كان الأكبر والأشمل من حيث نطاقه وعدد المواد التي شملها التعديل.

وأضاف سموه خلال افتتاحه أعمال مؤتمر 'الدستور الأردني في ستين عاما' الذي بدأ أعماله في الجامعة الأردنية اليوم الأحد ان المواد التي شملها التعديل زادت عن42 مادة دستورية وجاء ليؤكد النهج الإصلاحي الذي اعتادت عليه الدولة الأردنية في كل الأزمنة مع اختلاف الظروف والمبررات الموجبة لتعديل الدستور.

واشار سموه الى ان التعديلات الدستورية اكدت حقيقة ان نية الإصلاح نابعة من اهمية التفاعل الإيجابي مع المعطيات الداخلية والخارجية والاستجابة لها لغايات تعظيم المصلحة العامة للدولة التي لا تقبل المساومة او التراخي في حمايتها والدفاع عنها.

وقال انه لا يخفى على احد إن الإصلاح السياسي الذي انتهجته الدولة الأردنية كان استجابة وطنية واعية لتنامي مطالب الشعب الأردني بمزيد من الديمقراطية والحقوق والحريات الأساسية ورغبة في تثبيت ضمانات الحياة الكريمة للأجيال القادمة.

وعرض سموه في كلمته ابرز التعديلات الدستورية التي أعادت التوازن في العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، مشيرا الى تعديل المادة94 من الدستور المتعلقة بالقوانين المؤقتة.

وأضاف انه تم فرض ضمانات دستورية جديدة على حق السلطة التنفيذية في حل البرلمان وتمثل بضرورة استقالة الحكومة التي تنسب بحل البرلمان خلال اسبوع من تاريخ الحل وان تُجرى الانتخابات النيابية خلال اربعة اشهر على الأكثر من تاريخ الحل والا عاد مجلس النواب المنحل بحكم الدستور.

واشار سموه الى ان التعديلات الدستورية أعادت الاعتبار للسلطة التشريعية في علاقتها مع السلطة التنفيذية من خلال انشاء الهيئة المستقلة للانتخابات.

وفي شأن القضاء اشار سموه الى ان التعديلات الدستورية عززت استقلالية القضاء من خلال النص صراحة على ان السلطة القضائية مستقلة وانشاء المجلس القضائي بقانون ليتولى جميع الشؤون المتعلقة بالقضاء وهو الأمر الذي من شأنه ان يحد من اي دور للسلطة التنفيذية ممثلة بوزير العدل على حياة القضاة وشؤونهم العملية.

وأكد سموه ان التعديلات الدستورية طالت ايضا تعزيز حقوق حريات الأردنيين خصوصا حرية الحياة الخاصة للأردنيين وعدم التعرض للتعذيب والحق في البحث العلمي والإبداع الفني والثقافي والرياضي والتأكيد على حرية الصحف ووسائل الإعلام.

وقال رئيس الجامعة الأردنية الدكتور اخليف الطراونة إن الاردن عرف ومنذ بدء نشأته السياسية الحديثة اشكالا من الدساتير، مرت بمراحل من التطورات بدءا من تأسيس الامارة ثم صدور القانون الاساسي عام1928 الذي لم يحظ برضا الاردنيين لانه لم يكن عقدا بين الحاكم والمحكوم، ولا حتى منحة من الحاكم الى المحكوم، وانما كان اقرب ما يكون الى تكريس الحكم الاستعماري البريطاني المباشر.

واضاف انه لم يعط الشعب اي صلاحيات او حقوق، ولم يعط السلطة التشريعية اي دور جوهري، وكانت معظم نصوصه مستمدة من الاتفاقية الاردنية البريطانية.

وأشار الطراونة إلى انه وبعد عقود من النضال الشعبي والوطني المطالب بإعطاء الشعب الاردني مساحة اكبر في الحكم وصنع القرار السياسي، جاء دستور1946 ليعطي الاردنيين بعض الحقوق وليتضمن بعض المبادئ الدستورية الحديثة وليشكل نواة الحكم النيابي في الاردن.

وقال إن بعض الحكومات التي تعاقبت على الدولة الاردنية، ورغبة منها في الانفراد بالسلطة ادخلت تعديلات على دستور52 نظر لها القانونيون باعتبارها تطاولا على المبادئ الاساسية التي جاء من اجلها الدستور، فمنحت نفسها صلاحيات مطلقة وتغولت على دور السلطتين التشريعية والقضائية.

واشار الطراونة الى انه وبعد ان اقر البرلمان تعديلات الدستور خلال زمن قياسي لم يتجاوز الشهر، حظيت تلك التعديلات بمصادقة جلالة الملك عبدالله الثاني، بعدما طالت ثلث مواد الدستور.

وبين ان البعض سماه دستور الملك عبدالله الثاني او دستور المملكة الرابعة، معتبرا أن تعديلات2011 أزالت كثيرا من التشوهات السابقة التي احدثتها التعديلات الكثيرة التي ادخلتها الحكومات على دستور52 واضافت الى مواده ما يعزز الحقوق والحريات.

وقال رئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر الدكتور محمد مصالحة ان الدستور يمثل في اي نظام سياسي القواعد التي تحدد شكل النظام وبناء مؤسساته وتبيان وظائفها وعلاقة الدولة بالمواطن وبالعكس.

واضاف ان ضمان وجود الدستور واحترامه والالتزام بأحكامه بما يوفر سيادة القانون، وقيم العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص إنما هو الذي يكفل الاستقرار السياسي والاجتماعي ويحفظ للدولة بقاءها.

وأضاف مصالحة ان المؤتمر الذي يمثل احتفالية علمية وطنية بدستور1952 وما اشتمل عليه قبل ستين عاما من معايير رفيعة في مجال ادارة الحكم وتنظيم شؤون الدولة حكما وشعبا ووطنا لهو خير تكريس واروع تعبير لاحترام الشعب الأردني وقيادته السياسية للناموس الدستوري الأردني.

وأشار الى ان التعديلات الدستورية وبتوجيه من جلالة الملك عبدالله الثاني جاءت طفرة كبيرة في التطور الدستوري الأردني لتجعل من النظام السياسي الأردني نظاما برلمانيا ديناميكيا يسعى الى تشكيل الحكومات البرلمانية كما هو موجود في الدولة المتقدمة في هذا المضمار بعد ان تم اقرار قانون المحكمة الدستورية ومجموعة من قوانين الإصلاح السياسي التي تمهد الطريق الى مرحلة جديدة في نظامنا السياسي. وعقد المؤتمر جلسته الأولى برئاسة العين عبد الرؤوف الروابدة وتناولت محور 'البعد التاريخي والإسلامي في الدستور الأردني' .

وقدم استاذ الفقه وأصوله في كلية الشريعة في الجامعة الأردنية الدكتور محمد القضاة ورقة عمل بعنوان 'البعد الإسلامي في الدستور الأردني'.

وعرض القضاة مفهوم الدستور والخصائص العامة للدستور الأردني ومنها ان الشعب الأردني جزء من الأمة العربية وان الشريعة الإسلامية دين الدولة وهي تنظم الحقوق والحريات العامة .

وقال القضاة ان الدستور الأردني كفل حرية الاعتقاد وركز على حقوق الإنسان في التشريع ومن هذه الحقوق الحياة والأمن والمسكن والعقيدة وممارسة الشعائر التعبدية وحق حرية الرأي والتعبير والحق في التعليم والتملك.

وفي الجلسة الثانية التي ترأسها وزير الخارجية الأسبق الدكتور كامل ابو جابر وتناولت محور الدستور والفصل بين السلطات قدم وزير العدل الأسبق الدكتور حمزة حداد ورقة عمل بعنوان 'تطبيقات قضائية حول الدستور الأردني في ستين عاما'.

واشار حداد الى العديد من التطبيقات المتعلقة بالقضاء واحكامه ومنها ان اللجوء الى القضاء رخصة كفلها الدستور وان الأحكام القضائية يجب ان تصدر باسم الملك وان اعمال السيادة غير قابلة للطعن أمام محكمة العدل العليا والرقابة على دستورية القوانين.

وتساءل حداد عن المقصود بالنص المتعلق في الدستور بأن دين الدولة الإسلام، مشيرا الى ان كثيراً من القوانين بحسب فهم البعض للشريعة الإسلامية تخالف هذه الشريعة مثل الحكم بالفوائد القانونية وكذلك فإن كثيراً من احكام العقوبات ليست مستمدة من الشريعة الإسلامية بهذا الفهم وعلى سبيل المثال لا يوجد جلد ولا قطع أيدي في قانون العقوبات خلافا للشريعة الإسلامية.

وقدم الدكتور نظام بركات من جامعة اليرموك ورقة عمل بعنوان 'مبدأ فصل السلطات في الدستور الأردني' قال فيها إن نظرية فصل السلطات تنطلق من فكرة تعدد وتنوع وظائف الدولة، فالدولة تحتاج لضمان استمرارها وبقائها ان تؤدي مجموعة من الأعمال هي التشريع من خلال سن القوانين العامة المجردة ثم تنفيذها لتحقيق التنظيم والحماية والأمن ثم معاقبة من يخالفها وتحقيق العدالة والفصل في المنازعات، وهذا يتطلب وجود ثلاث مؤسسات لممارسة هذه الوظائف وهي السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية والسلطة القضائية.

وتابع سمو الأمير الحسن جلسات المؤتمر الذي نظمته كلية الدراسات الدولية في الجامعة بالتعاون مع المعهد الدولي للدراسات الدينية وشهد مداخلات قدمها قادة وعدد من السياسيين والأكاديميين حول مراحل التطور التاريخي للدستور الأردني منذ عام1952.

وحضر جلسات المؤتمر رئيس الوزراء الأسبق الدكتور عدنان بدران وعدد من الوزراء السابقين ونواب رئيس الجامعة وجمع من اعضاء هيئة التدريس وعدد كبير من طلبة الجامعة.

ويناقش المؤتمر غدا الإثنين اوراق عمل بعنوان 'الملك في الدستور الأردني : حقوق وواجبات والملك والسلطات الثلاث في الدستور الأردني '.

كما يبحث المؤتمر اوراق عمل تتناول التشريعات الوطنية ومدى توافقها مع المعاهدات والاتفاقيات الدولية ورقابة مجلس الأمة على المعاهدات والاتفاقيات الدولية.

بترا


المواضيع المتشابهه: