بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
بالجلسة المنعقدة علناً برئاسة السيد المستشار/ رائد جعفر النفراوى نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة المستشارين: جودة عبد المقصود فرحات ومحمد عبد الرحمن سلامة وعلى عوض محمد صالح وسامى أحمد محمد الصباغ نواب رئيس مجلس الدولة
* الإجراءات

فى يوم الثلاثاء الموافق 8/6/1993 أودعت هيئة قضايا الدولة نيابة عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 3115 لسنة 39ق عليا فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى دائرة العقود والتعويضات بجلسة 18/4/1993 فى الدعوى رقم 7276 لسنة 44ق والقاضي
1- بعدم قبول الدعوى بالنسبة للمدعى عليه الثالث لرفعها على غير ذى صفة .
2- بسقوط حق المدعين فى المطالبة بالتعويض عن القرار الصادر فى 25/3/1954 بالتقادم وإلزامهم مصروفات هذا الطلب .
3- بقبول الدعوى شكلا بالنسبة للمدعى عليهما الأول والثانى وفى الموضوع بإلزامهما بصفتهما متضامنين بأن يؤديا للمدعين مبلغا مقداره عشرة آلاف جنيه والمصروفات .
وطلب الطاعنان للأسباب المبينة بتقرير الطعن – الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع الحكم أصليا : إلغاء الحكم المطعون فيه والحكم أصليا برفض الدعوى .
واحتياطيا: تخفيض التعويض المحكوم به مع إلزام المطعون ضدهم المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة .
أودعت هيئة مفوضى الدولة تقريرا بالرأي القانوني فى الطعن رأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا وإلزام جهة الإدارة الطاعنه المصروفات .
تم نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا على النحو الثابت بمحاضر الجلسات حيث قررت بجلسة 13/4/1998 إحالة الطعن إلى هذه المحكمة التى نظرته بجلسة 17/5/1998 والجلسات التالية على النحو الثابت بمحاضر الجلسات حتى قررت إصدار الحكم فى الطعن بجلسة اليوم بعد اعادته للمرافعة لتغير تشكيل الهيئة وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به .
* المحكمة

بعد الإطلاع على الأوراق الإيضاحات وبعد المداولة .
وحيث إن الطعن استوفي سائر أوضاعه الشكلية .
وحيث إن عناصر النزاع تتخلص - حسبما يبين من الأوراق فى أنه بتاريخ / / 19 أقام المطعون ضدهم الدعوى رقم 7276 لسنة 44 ق أمام محكمة القضاء الإدارى دائرة العقود والتعويضات طالبين الحكم بإلزام المدعى عليهم ( رئيس الجمهورية – وزير الداخلية – وزير الدفاع ) متضامنين ان يدفعوا لهم جميعا ما يجبر بعض ما عانوه من ويلات وحقهم فى التعويض الموروث.
وذكر المدعون شرحا لدعواهم ان عائلهم المرحوم محمد عنتر شحاته كان ضمن جماعة الاخوان المسلمين الذين تم اعتقالهم لفترات طويلة دون محاكمة مما أدى إلى تعطل مصالحهم وفقد حريتهم ومواردهم الأمر الذي أصابهم بإضرار مادية وأدبية وهو ما دعاهم لاقامة دعواهم للحكم لهم بالتعويض المناسب عن هذه الاضرار .
وبجلسة 18/4/1993 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه مشيده اياه فيما يتعلق باستحقاق المدعين للتعويض المحكوم به عن اعتقال مورثهم الفترة من 29/ 8/1965 حتى 7/12/1966 بأن الثابت أن الجهة الإدارية قد كشفت عن أسباب اصدار قرار الاعتقال للمدة المذكورة فأوضحت أن مورث المدعين كان يعمل كاتب صحة قبل وفاته وانه كان عضوا بجماعة الاخوان المسلمين وقد مارس نشاطا تنظيميا لصالح تلك الجماعة تمثل فى الترويج لافكارها ومبادئها فى أوساط الجماهير ومن ثم فقد اعتقل بالقرار رقم 2873 لسنة 1965 للحد من نشاطه وأضافت المحكمة ان ما نسب للمذكور وسيق سببا للقرار المشار إليه جاء مرسلا لا يمكن الاطمئنان إليه أو التعويل عليه بغير دليل يؤيده أو محصن قرينه تظاهره وهو ما يجعل هذا القرار فاقدا لسببه فضلا عن انه صدر استنادا إلى المادة الاولى من القانون رقم 119 لسنة 1964 بشأن بعض التدابير الخاصة بأمن الدولة إلى قضى بعدم دستوريتها مما يجعله منهار السند التشريعى الامر الذي يقيم ركن الخطأ فى حق جهة الإدارة يبرر الحكم للمدعين بالتعويض عما ألحقه بهم القرار المتقدم الذكر من اضرار مادية تتمثل فى حرمان مورثهم من الكسب والعمل وابعاده عن أفراد أسرته وذويه وتعرضهم للاستدانه وشظف العيش . ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل مخالفة الحكم للقانون والخطأ فى تطبيقه وتأويله ذلك ان التعويض يقدر على أساس ذاتى وليس على أساس موضوعى ولما كان المحكوم بالتعويض عن اعتقاله كان يعمل كاتبا بوزارة الصحة فقد كان يتعين مراعاه ذلك عند تقدير الاضرار المادية وكذا مدى جسامة الخطأ وأنه لما كان قول المطعون ضدهم عن الضرر المادى وما استند إليه الحكم جاء مرسلا فقد جاء تقدير التعويض على هذه الصورة المبهمة مما يعيب الحكم بقصور أسبابه كما أن التحريات أفادت إشتراك المطعون ضده فى جماعة الاخوان المسلمين واعتقاله سنة 19454 وبالتالي اعتقاله سنة1965 ومن ثم يكون خطأ الإدارة خطأ يسيرا يتعين مراعاته عند تقدير التعويض ومن ذلك يبين ان الحكم المطعون فيه بتعويض المدعين بمبلغ عشرة آلاف جنيه عن اعتقال مورثهم فى الفترة من 29/8/65 حتى 7/12/1966 قد شابه مغالاة فى تقدير التعويض بما يحقق اثراء غير مشروع يأباه القانون يكون الحكم كذلك قد خالف القانون حريا بالإلغاء .
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة يجرى على انه وان كانت الأحكام القانونية التي تخول الحكومة فى ظل نظام الأحكام العرفية، اتخاذ بعض التدابير المشددة ومنها الامر بالقبض واعتقال ذوى الشبهة أو الخطرين على الأمن والنظام العام ووضعهم فى مكان امين، وانه اذا كان ذلك يستتبع تخويل الحكومة – استثناء وفى حالة الضرورة – من السلطات ما يسمح لها باتخاذ الإجراءات التي يتطلبها الموقف ولو خالفت فى ذلك القانون ما دامت تبغى الصالح العام إلا ان سلطة الحكومة فى هذا المجال ليست مطلقة من كل قيد بل تخضع لأصول وضوابط فيجب أن تقوم حالة واقعية أو قانونية تدعو إلى التدخل وان يكون تصرف الحكومة لازما لمواجهة هذه الحالة بوصفة الوسيلة الوحيدة لمواجهة هذا الموقف وان يكون رائد الحكومة فى هذا التصرف ابتغاء مصلحة عامة، وبذلك تخضع هذه التصرفات لرقابة القضاء وتكون مشروعه أو غير مشروعه على أساس توافر الضوابط التي سلف ذكرها أو عدم توافرها فإذا لم يكن رائد الحكومة الصالح العام وقع القرار باطلا.
ومن حيث إن القرار الصادر من رئيس الجمهورية برقم 2873 لسنة 1965 باعتقال محمد عنتر محمد شحاته على حجاب لم يتضمن الأسباب والوقائع التي تبرر هذا الإجراء، كما لم يثبت بدليل انه من ذوى الشبهة أو الخطرين على الأمن والنظام العام كما ان سبق اعتقاله لاشتراكه فى جماعة الإخوان المسلمين لا يبرر اعادة اعتقاله، ومن ثم يكون قرار اعتقاله قد صدر باطلا وقد نتج عنه تقييد حرية المذكور واعاقته عن ممارسة حياته اليومية لكسب عيشه وعيش من يعولهم بما تتوافر معه أركان المسئولية المدنية الموجبة للتعويض من خطأ وضرر وعلاقة سببية بينهما .
ومن حيث إنه ايا كان الرأى فى مدي سلامة ما انتهي إليه الحكم المطعون فيه من سقوط حق المدعين فى المطالبة بالتعويض عن مدة اعتقال مورثهم سنة 1954 بالتقادم لخروج ذلك عن مجال البحث فى الطعن الماثل المقام من جهة الإدارة فانه وقد انتهى الحكم المذكور إلى إلزام المدعى عليهما بأن يؤديا للمدعين مبلغ عشرة آلاف جنيه تعويضا لهم عن اعتقال مورثهم لمدة خمسة عشر شهرا تقريبا خلال عام 1965و 1966 فانه يكون متفقا وصحيح أحكام القانون دون أن ينال عن ذلك ما ورد بتقرير الطعن التعويض شابه مغالاه تعيب الحكم وذلك فى ضوء ما هو مقرر من ان تقدير التعويض من الامور التي تستقل بها محكمة الموضوع ما دامت قد اعتمدت فى قضائها على أساس معقول وهو ما توافر فى الحكم المطعون فيه ومن ثم يكون الطعن الماثل غير قائم على أساس سليم من الواقع أو القانون بما يتعين معه الحكم برفضه وإلزام الجهة الإدارة الطاعنة المصروفات وفقا لحكم المادة 184 من قانون المرافعات
* فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا وألزمت جهة الإدارة الطاعنة المصروفات






المواضيع المتشابهه: