الاعتماد المستندي وخطاب الضمان



المطلب الاول : الاعتماد المستندي
لم يتضمن قانون التجارة الاردني احكاما خاصة بالاعتمادات المستندية , لذا لا بد من الرجوع بشأنه الى القواعد العامة والاعراف المصرفية . وقد دونت غرفة التجارة الدولية عام 1933 الاعراف والممارسات المتعلقة بالاعتمادات المستندية في مدونة عرفية بعنوان " الاصول والاعراف الموحدة للاعتمادات المستندية " وقد قامت الغرفة منذ ذلك الحين بمراجعة هذه المدونة عدة مرات كان اخرها مراجعة 1993 واصبحت هذه المراجعة نافذة المفعول اعتبارا من 1 / 1 / 1994 .
وبالرغم من ان الارعراف الموحدة صادرة عن منظمة خاصة ولم تتبنى الدول القواعد التي تضمنتها بشكل رسمي الا ان البنوك تحيل اليها باستمرار عند اصدارها للاعتمادات المستندية وعليه سنقوم بدراسة الاحكام العامة للاعتماد المستندي وفقا لنصوص الاعراف الموحدة .


1 - مفهوم الاعتماد المستندي ووظائفه
الاعتماد المستندي عبارة عن تعهد يصدره البنك ( مصدر الاعتماد ) بناء على طلب احد عملائه ( العميل او طالب فتح الاعتماد ) لصالح طرف ثالث ( المستفيد ) يلتزم بمقتضاه البنك بقيمة الاعتماد او يفوض بنكا اخر بالدفع او بقبول ودفع سحبوات المستفيد مقابل مستندات منصوص عليها شريطة ان تكون هذه المستندات مطابقة لشروط الاعتماد . ( م 2 من الاعراف الموحدة) .
ويعتبر الاعتماد من اكثر ادوات الوفاء شيوعا في البيوع الدولية . ففي البيع الدولي حيث لا تتوافر بين اطرافه الثقة التي تتوافر بين اطراف البيع الداخلي , لا يكون البائع على استعداد لشحن البضاعة قبل تسلم الثمن او الحصول على ضمانات كافية بانه سيتسلم الثمن عند شحن البضاعة . اذ قد لا يستطيع البائع الذي يشحن البضاعة قبل تسلم الثمن الحصول على الثمن عند استحقاقه نتيجة لافلاس المشتري او رفضه التعسفي للوفاء . وبالمقايل لا يقبل المشتري عادة وفاء الثمن مقدما , بل يفضل تأجيل الوفاء الى ما بعد تسلم البضاعة ومعاينتها اذ قد يتعرض المشتري الذي يدفع الثمن مقدما الى خطر عدم شحن البضائع من قبل البائع , او شحن بضائع غير مطابقة لشروط العقد .
لذا ابتدع المجتمع التجاري الاعتماد المستندي كاداة وفاء تحقق التوازن بين مصالح البائع والمشتري وتحمي كل منهما من سوء نية الاخر ومن الظروف الاستثنائية التي قد تحول دون تنفيذ احدهما لالتزاماته . فاذا تم الاتفاق بين البائع والمشتري على الوفاء على طريق اعتماد مستندي واصدر البنك الاعتماد المطلوب لصالح البائع يصبح البنك هو الملتزم الاول بوفاء ثمن البضاعة للبائع , والتزام البنك في مواجهة البائع يجنبه المخاطر التي اشرنا اليها . ذلك ان احتمال افلاس البتك اقل بكثير من احتمال افلاس المشتري . كذلك نادرا ما ترفض البنوك وفاء الاعتماد تعسفيا وذلك حفاظا على سمعتها التجارية .
وبالمقابل يحمي الاعتماد المشتري من المخاطر التي يتعرض لها في حالة وفاء الثمن مقدما . فالبنك لا يدفع قيمة الاعتماد للمستفيد الا اذا قدم المستندات التي تثبت شحن البضاعة . كذلك يستطيع المشتري ان يتجنب خطر شحن بضائع غير مطابقة من خلال اشتراط تقديم شهادة معاينة للبضاعة يصدرها شخص ثالث مستقل عن البائع .
ولا يقتصر دور الاعتماد على ضمان وفاء ثمن البضائع بل يمكن استخدامه ايضا كاداة ائتمان يسهل تمويل الصفقة على كل من البائع والمشتري وسنوضح هذه الوظيفة من وظائف الاعتماد عند بحث انواع الاعتمادات .

2 – المبادئ الاساسية لنظام الاعتماد
ان نجاح الاعتماد المستندي في اداء وظائفه المختلفة يعود الى عدد من المبادئ الاساسية التي يقوم عليها قانون الاعتمادات المستندية واهم هذه المبادئ مبدأ استقلاق الاعتماد عن العقود التي ادت الى نشوئه ومبدأ المطابقة الظاهرية للمستندات .

أ – استقلال الاعتماد
يعتبر مبدأ الاستقلال عماد النظام القانوني للاعتماد وهو الذي يميزه عن غيره من الترتيبات القانونية المشابهة لهذا نصت عليه الاصول والاعراف الموحدة في جميع مراجعاتها وكانت صياغة هذا المبدأ تخضع للتعديل في كل مراجعة حتى تبلور في المادة الثالثة من مراجعة 1993 على النحو التالي :
أ – الاعتمادات بطبيعتها هي عمليات منفصلة عن عقد البيع / عقود البيع او غيرها من العقود التي قد تستند اليها ولا تكون المصارف باي حال معنية او ملتزمة بمثل هذا العقد / العقود حتى لو تضمن الاعتماد اي اشارة اليها مهما كانت هذه الاشارة . وعليه فان تعهد المصرف بالدفع او بقبول ودفع السحوبات او بالتداول و / او بالوفاء باي التزام اخر بموجب الاعتماد لا يكون خاضعا لاي ادعاءات او حجج مقدمة من طالب فتح الاعتماد ناتجة عن علاقاته بالمصرف مصدر الاعتماد او بالمستفيد .
ب – لا يحق للمستفيد باي حال من الاحوال ان ينتفع من العلاقات التعاقدية القائمة بين المصارف او بين طالب فتح الاعتماد والمصرف مصدر الاعتماد .
وكما هو واضح من هذا النص يترتب على استقلاق الاعتماد عن العقود التي ادت الى نشوئه ان التزام البنك بوفاء مبلغ الاعتماد يتوقف فقط على تنفيذ المستفيد لشروط الاعتماد دون النظر الى تنفيذ او عدم تنفيذ عقد البيع بني العميل والمستفيد . فرغم ان المستفيد طرف في عقد البيع الا ان البنك لا يستطيع التحلل من التزامه بموجب الاعتمادا استنادا الى دفوع مستمدة من عقد البيع كذلك لا يستطيع البنك التحلل من التزامه في مواجهة المستفيد استنادا الى دفوع مستمدة من العلاقة بينه وبين عمليه . فلا يستطيع البنك رفض الوفاء بحجة ان العميل قد اخل بشروط عقد فتح الاعتماد او ان العميل قد افلس او طلب من البنك رفض الولاء . فكل الاسباب والدفوع الخارجية عن نطاق الاعتماد لا تعفي البنك من التزامه في مواجهة المستفيد . وبالمقابل لا يستطيع المستفيد ان يستند في مواجهة البنك الى دفوع مستمدة من العقد بين العميل والبنك فاتح الاعتماد او من العقود بين البنك فاتح الاعتماد والبنوك الوسيطة .


ب – المطابقة الظاهرية للمستندات
بلورت الاصول والاعراف الموحدة مبدأ المطابقة الظاهرية للمستندات في المواد 4 . 13 , 5 من مراجعة 1993 وقد جاء في هذه المواد ما يلي :

  1. تتعامل جميع الاطراف المعنية بعمليات الاعتماد بمستندات ولا تتعامل ببضائع و /او خدمات و / او غير ذلك من اوجه التنفيذ التي قد تتعلق بها تلك المستندات ( م 4 ) .
  2. يجب على المصارف ان تفحص جميع المستندات المنصوص عليها في الاعتماد بعناية معقولة للتأكد مما اذا كانت تبدو في ظاهرها مطابقة لشروط الاعتماد ام لا ( م 13 )
  3. لا تتحمل المصارف اي التزام او مسؤولية عن الشكل او الكفاية او الدقة او الصحة او الزيف او الاثر القانوني لاي مستند ( م 15 ) .

من خلال هذه النصوص يتضح لنا ان مضمون مبدأ المطابقة الظاهرية للمستندات وفقا لهذا المبدأ فان القول بتنفذ المستفيد لشروط الاعتماد من عدمه يتم بالاشارة الى ظاهر المستندات المقدمة فقط فاذا كانت المستندات تبدو في ظاهرها مطابقة لشروط الاعتماد كأن البنك ملزما بالوفاء في مواجهة كل من المستفيد والعميل اما اذا كانت المستندات لا تبدو في ظاهرها مطابقة لشروط الاعتماد فالبنك غير ملزم بالوفاء واذا ما قام بالوفاء فانه يفعل ذلك على مسؤوليته وقد لا يستطيع الرجوع على عميله بقيمة ما دفع .

ومبدأ المطابقة الظاهرية هو الذي يفعل مبدأ الاستقلال ويجعل تطبيقه ممكن من الناحية العملية . ذلك ان شروط الاعتماد تعكس عادة شروط عقد البيع من العميل والمستفيد . ولو طلب من البنك التحقق من التنفيذ الفعلي لشروط الاعتماد لاقتضى ذلك ان يقوم البنك بمراقبة تنفيذ عقد البيع مما يجعل مبدأ الاستقلال غير ذي معنى ولا تقتصير اهمية المطابقة الظاهرية على تفعيل مبدأ الاستقلال , بل له فوائد كثيرة نجملها بما يلي :
اولا : مبدأ المطابقة الظاهرية يحمي البنك ويجعله اكثر اطمئنانا على حقه باسترداد ما دفع . فالبنك الذي يدفع قيمة الاعتماد مقابل مستندات تبدو في ظاهرها مطابقة لشروط الاعتماد , يستطيع الرجوع الى عميله حتى لو تبين فيما بعد ان المستندات كانت مزورة , او ان البضائع التي تمثلها المستندات غير مطابقة لشروط العقد . ولكن يشترط لرجوع البنك على العميل بالرغم من كون المستندات مزورة , ان لا يكون التزوير ظاهرا بحيث يمكن اكتشافه من خلال فحص ظاهر المستندات بعناية معقولة .
ثانيا : يمكن هذا المبدأ من اتخاذ قراره بمطابقة او عدم مطابقة المستندات بسرعة وبنفقات ادارية قليلة . فدور البنك وفقا لمبدأ المطابقة الظاهرية دور آلي الى حد كبير . فهو يقوم بمقارنة ظاهر المستندات مع شروط الاعتماد فاذا كانت مطابقة يلتزم بالوفاء واذا لم تكن مطابق كان له رفضها . لذا يستطيع البنك وفقا لهذا المبدأ اتخاذ قراره بقبول المستندات او رفضها بسرعة وثقة وباقل التكاليف الادارية .
وتدني نسبة المخاطر التي يتعرض لها البنك بالاضافة الى تدني النفقات الادارية اللازمة لتنفيذ الاعتماد يجعل البنك على استعداد لاصدار الاعتماد مقابل عمولة بسيطة مما يؤدي بدوره الى تشجيع رجال الاعمال على استخدام الاعتماد في تسوية معاملاتهم التجارية .



3 – انواع الاعتماد المستندي
تصنف الاعتمادات المستندية تصنيفات متعددة بعضها لاعتبارات قانونية والبعض الاخر لاعتبارات اقتصادية ولا يتسع المقام هنا للخوض في اسس تقسيم الاعتمادات او لشرح جميع انواعها وسنكتفي في هذا الفرع بتعريف اهم انواع الاعتمادات المستندية واكثرها شيوعا .

أ – الاعتمادات القابلة للنقض والاعتمادات غير القابلة للنقض
الاعتماد القابل للنقض هو الاعتماد الذي يجوز للبنك المصدر الغاؤه او تعديله في اي وقت ودون اشعار مسبق للمستفيد ( م 8 / أ من الاعراف الموحدة ) لهذا لا يشكل هذا الاعتماد ضمانه كافية للمستفيد اذ قد يشحن المستفيد البضائع ويفاجأ عند تقديم المستندات الى البنك للوفاء بان الاعتماد قد تم الغاؤه او تعديله بشكل يجعل المستندات المقدمة غير مطابقة لشروط الاعتماد في صيغته المعدله .
هذا ويسري حق البنك المصدر بالغاء الاعتماد القابل للنقض دون اشعار في مواجهة المستفيد فقط دون البنوك الوسيطة . فاذا خول البنك المصدر بنكا وسيطا بدفع قيمة الاعتماد او قبول وتداول مستندات المستفيد فان عليه ان يشعره بالغاء الاعتماد او تعديله والا كان مسؤولا في مواجهته عن تسديد المبالغ التي دفعها او تعهد بدفعها قبل تسلم اشعار الالغاء .
اما الاعتماد غير القابل للنقض فيشكل تعهدا نهائيا من طرف البنك المصدر ولا يجوز له الغاؤه او تعديله دون موافقة المستفيد والبنك المعزز ان وجد .
ونتيجة لاهمية الفرق بين الاعتماد القابل للالغاء وغير القابل للالغاء اشترطت الاعراف الموحدة ان يبين الاعتماد الصادر بوضوح فيما اذا كان للنقض ام لا وفي حالة عدم بيان ذلك يعتبر الاعتماد غير قابل للنقض ( م 6 ) .

ب – الاعتماد المعزز والاعتماد غير المعزز
اذا اتفق الاطراف على الوفاء عن طريق اعتماد معزز فان بنك العميل يقوم باصدار اعتماد غير قابل للنقض لصالح المستفيد ويطلب من بنك وسيط , في بلد المستفيد عادة , بان يتعهد ايضا في مواجهة المستفيد بوفاء قيمة الاعتماد اذا قدم المستندات المطلوبة وكانت مطابقة لشروط الاعتماد ويسمى البنك الوسيط الذي يضيف تعهد البنك المصدر بالبنك المعزز ويسمى الاعتماد الذي يتضمن هذا التعهد الاضافي بالاعتماد المعزز اما الاعتماد الذي لا يتضمن تعهدا اضافيا من بنك وسيط فيسمى بالاعتماد غير المعزز .
ويزيد تعزيز الاعتماد ضمانات المستفيد بالحصول على قيمة الاعتماد حيث يصبح كل من البنك المعزز والبنك المصدر ملزمين بوفاء قيمته .

ج – اعتماد الدفع عند الاطلاع واعتماد القبول
اعتماد الدفع عند الاطلاع هو الاعتماد الذي يتعهد بموجبه البنك بدفع قيمة الاعتماد للمستفيد عند تقديم المستندات المطلوبة .
اما اعتماد القبول فهو الاعتماد الذي يشترط فيه على المستفيد ان يسحب على البنك سند سحب بقيمة الاعتماد يستحق الاداء بعد مدة من الاطلاع ويتعهد البنك بقبول سند السحب مقابل تسلم المستندات شريطة ان تكون مطابقة لشروط الاعتماد .
ويستخدم اعتماد القبول كوسيلة لمنح الائتمان للمشتري من وقت ابرام العقد حتى تاريخ استحقاق سند السحب . حيث يقوم البنك بتسليم المستندات الى المشتري والذي بدوره يتسلم البضاعة عند وصولها ويقوم باعادة بيعها ويزود البنك بالمبلغ اللازم لوفاء سند السحب عند استحقاقه .

د – اعتماد الوفاء المؤجل
في هذا النوع من الاعتمادات يتعهد البنك بوفاء قيمة الاعتماد بعد مدة محددة من تاريخ تسليم المستندات التي تمثل البضاعة . ويتم بعد ذلك تسليم المستندات الى المشتري مما يمكنه من تسليم البضائع واعادة بيعها وتزويد البنك بالمبلغ المطلوب قبل التاريخ المعين للوفاء .
ويستخدم هذا النوع من الاعتمادات لمنح الائتمان الى المشتري والفرق بينه وبين اعتماد القبول هو وجود سند سحب يتم قبوله من قبل البنك عند تسليم المستندات في اعتماد القبول وعدم وجود سند سحب في حالة اعتماد الوفاء المؤجل .

هـ – اعتمادات التداول المفتوح والمقيد
اعتماد التداول المقيد هو الاعتماد الذي يخول فيه البنك المصدر بنك معين حق تداول مستندات المستفيد ويتعهد بوفاء قيمة الاعتماد لهذا البنك شريطة ان تكون المستندات مطابقة لشروط الاعتماد .
اما اعتماد التداول المفتوح فيتعهد بموجبه البنك المصدر بالوفاء لاي بنك يقوم بتداول مستندات المستفيد شريطة ان تكون مطابقة لشروط الاعتماد .
ويستخدم اعتماد التداول المفتوح اذا لم يكن للبنك المصدر فرع او بنك مراسل في بلد المستفيد وقد اصبح هذا الاعتماد اقل شيوعا من السابق .

و – الاعتماد القابل للتحويل
وهو اعتماد يجوز بموجبه للمستفيد ان يطلب من البنك المفوض بالدفع القبول ان يجعل الاعتماد متاحا كليا او جزئيا الى مستفيد اخر او اكثر.
ويستخدم هذا الاعتماد كوسيلة لمنح الائتمان للبائع . فاذا كان البائع ليس هو منتج البضاعة فانه يستطيع استخدام الاعتماد الصادر لمصلحته لوفاء التزامه في مواجهة المنتج او مورد البضاعة .



4 – العلاقات التعاقدية في عملية الاعتماد
كقاعدة عامة تتضمن عملية الاعتماد المستندي ثلاث علاقات تعاقدية كحد ادنى وهذه العلاقات هي :

  1. العقد الاساسي بين العميل والمستفيد
  2. عقد فتح الاعتماد بين العميل والبنك
  3. عقد الاعتماد بين البنك والمستفيد


هذه هي العلاقات التي تتضمنها عملية الاعتماد عندما يقوم البنك المصدر بتبيلغ الاعتماد الى المستفيد مباشرة ويطلب من المستفيد تقديم مستنداته الى البنك المصدر مباشرة ايضا ولكن جرى العمل على الاستعانة ببنك وسيط في بلد المستفيد ليقوم بتبيلغ الاعتماد الى المستفيد و / او تعزيزه او ليقوم بتسلم المستندات من المستفيد وتدقيقها ودفع قيمتها اذا كانت مطابقة لشروط الاعتماد .
ولا شك ان الاستعانة بخدمات بنك او بنوك وسيطة يؤدي الى نشوء علاقات اضافية في عملية الاعتماد وسنبحث الالتزامات الرئيسية التي ترتبها هذه العلاقات على اطرافها تباعا .

أ – العقد بين العميل والمستفيد
العقد بين العميل والمستفيد هو العقد الاساسي والذي تنشأ بقية العقود من اجل تنفيذه . ولنفرض ان هذا العقد هو عقد بيع بضائع اتفق فيه على وفاء الثمن عن طريق اعتماد مستندي فما هي الالتزامات الرئيسية التي يرتبها هذا العقد على المشتري؟
يجب على المشتري ان يقوم بفتح الاعتماد المطلوب واذا لم يقم بذلك يعتبر مخلا بعقد البيع ويترتب على اخلاله هذا رفض البائع تسليم البضاعة والمطالبة بالتعويض .
وحيث ان شروط الاعتماد كنوعه وتاريخ فتحه وصلاحيته وقيمته ... الخ يتم التفاوض والاتفاق بشأنها في عقد البيع فيجب ان يكون الاعتماد المفتوح مطابقا للشروط المتفق عليها في عقد البيع والا اعتبر الاعتماد المفتوح معيبا وجاز للبائع رفضه .
لكن يحدث احيانا ان يغفل الاطراف الاشارة الى بعض الشروط الهامة التي يجب ان يتضمنها الاعتماد . في مثل هذه الحالة يمكن للمحكمة ان تكمل النقص بافتراض الشرط المطلوب او باقرار الشرط الذي يحدده المشتري اذا كان عادلا ومعقولا . لذا قضت المحاكم بانه اذا لم يتفق الاطراف في عقد البيع على تاريخ فتح الاعتماد فيجب فتح الاعتماد قبل موعد الشحن بفتره معقولة , كذلك اذا لم يشر عقد البيع الى نوع الاعتماد هل هو قابل للنقض ام غير قابل للنقض , على المشتري ان يفتح اعتماد غير قابل للنقض والا اعتبر مخلا بالتزامه .

ب – العقد بين العميل والبنك المصدر
بعد ابرام عقد البيع يطلب المشتري من بنكه فتح الاعتماد المطلوب لصالح البائع . وطلب المشتري يتم عادة على نموذج طلب فتح اعتماد معد من قبل البنك وهذا الطلب بعد تعبئته من قبل المشتري وقبوله من قبل البنك يشكل اساس العقد بين الطرفين .
وكقاعدة عامة يتضمن طلب فتح الاعتماد ثلاث مجموعات من الشروط :
اولا : تعليمات العميل المتعلقة بالاعتماد الواجب اصداره وهذه تختلف من حالة الى اخرى تبعا لاحتياجات العميل ولكن يجب ان تبين تعليمات العميل نوع الاعتماد , مبلغ الاعتماد , اسم المستفيد وعنوانه , اسم العميل وعنوانه , تاريخ انتهاء الاعتماد , المستندات التي يجب تقديمها , واية شروط اخرى يراها العميل ضرورية .
ثانيا : تعهد العميل بدفع العمولة للبنك وتسلم المستندات من البنك ودفع قيمتها اذا كانت مطابقة لشروط الاعتماد وتعويض البنك عن النفقات التي تكبدها في معرض اصدار الاعتماد وتنفيذه .
ثالثا : مجموعة الشروط التي تحدد حقوق الاطراف والتزاماتهم بوجه عام , مثل شروط الاعفاء التي تعفي البنك من المسؤولية عن الاضرار التي قد تلحق بالعميل نتيجة لتصرفات البنوك الوسيطة او تلف او فقدان المستندات اثناء ارسالها بالبريد ... الخ

واهم الالتزامات التي يرتبها عقد فتح الاعتماد على البنك ما يلي :
اولا : فتح الاعتماد المستندي المطلوب خلال المدة المتفق عليها .
ثانيا : التقيد بتعليمات العميل بدقة عند فتح الاعتماد لان عدم الالتزام بتعليمات العميل الوارد في طلب فتح الاعتماد قد يؤدي الى فتح اعتماد غير مطابق لشروط عقد البيع . ومثل هذا الامر يبرر رفض الاعتماد من قبل المستفيد وتبرير فسخ عقد البيع من قبله ومطالبة المشتري بالتعويض .
ثالثا : على البنك ايضا تسلم مستندات المستفيد عند تقديمها ووفاء الاعتماد اذا كانت المستندات مطابقة لشروطه . فاذا رفض البنك مستندات المستفيد بالرغم من مطابقتها لشروط الاعتماد يعتبر مخلا في التزامه في مواجهة كل من العميل والمستفيد .
كذلك يلتزم البنك ببذل العناية المعقولة عند فحص المستندات بحيث يتأكد انها تبدو في ظاهرها على الاقل صحيحة وغير مزورة .


ج – العقد بين البنك مصدر الاعتماد والمستفيد
العلاقة بين البنك والمستفيد تنشأ نتيجة للعقد بين البنك والعميل . فتنفيذا لالتزامه في مواجهة العميل يقوم البنك باصدار الاعتماد لصالح المستفيد ويصبح الاعتماد ملزما للبنك في مواجهة المستفيد عندما يستلم الاخير الخطاب او عند تبيلغه له بواسطة البنك الوسيط .
واهم الالتزامات التي يرتبها الاعتماد على البنك المصدر ما يلي :
اولا : ابقاء الاعتماد مفتوحا طيلة مدة صلاحيته , اذ لا يجوز للبنك الغاء الاعتماد او تعديله اذا كان قطعيا .
ثانيا : تسلم مستندات المستفيد ووفاء قيمتها اذا كانت مطابقة لشروط الاعتماد
ثالثا : في حالة رفض المستندات , اعادة المستندات الى المستفيد وبيان العيوب التي رفضت المستندات لاجلها ويجب ان يتخذ البنك قراره بقبول المستندات او رفضها خلال فترة معقولة لا تتجاوز اسبوع من تاريخ تسلمها .


د – البنوك الوسيطة :
اولا : اهم البنوك الوسيطة ما يلي :

  1. البنك المبلغ : وهو بنك وسيط ( في بلد المستفيد عادة ) يقوم بتبيلغ المستفيد شروط الاعتماد بناء على طلب البنك المصدر دون ان يلتزم في مواجهة المستفيد بوفاء قيمة الاعتماد .
  2. البنك المعزز : وهو بنك وسيط يقوم بناء على تعليمات البنك المصدر باضافة التزامه الى التزام البنك المصدر بوفاء الاعتماد للمستفيد فيصبح ملتزما بخطاب الاعتماد كما لو كان مصدره .
  3. البنك المسمى : وهو بنك وسيط يسميه ويخوله البنك المصدر بوفاء او قبول تداول سندات السحب المسحوبة من قبل المستفيد اذا كانت مطابقة لشروط الاعتماد .
  4. البنك المخول بالتداول : وهو البنك الذي يقوم بتداول مستندات المستفيد في حالة اعتماد التداول المفتوح .

ثانيا : العلاقة بين البنوك الوسيطة والعميل
كقاعدة عامة لا يوجد علاقة تعاقدية بين البنوك الوسيطة والعميل . لهذا لا يكون العميل مسؤولا امام البنوك الوسيطة مسؤولة عقدية , ولكن يمكن لهذه البنوك وفي حالات استثنائية ان ترجع على العميل على اساس نظرية الاثراء بلا سبب . كذلك يمكن للعميل في بعض الحالات ان يطالب بالتعويض من البنوك الوسيطة على اساس المسؤولية التقصيرية .
ثالثا : العلاقة بين المستفيد والبنوك الوسيطة
مسؤولية البنوك الوسيطة في مواجهة المستفيد تختلف من بنك لاخر . فبالنسبة للبنك المعزز فان حقوقه والتزاماته في مواجهة المستفيد هي ذات حقوق والتزامات البنك مصدر الاعتماد . وتخضع علاقته مع المستفيد الى نفس القواعد التي تنظم علاقة المستفيد بالبنك المصدر .
اما بالنسبة للبنك المبلغ فلا يلتزم في مواجهة المستفيد بوفاء قيمة الاعتماد وتقتصر مسؤوليته على التاكد من صحة الاعتماد الذي يبلغه وعدم تزويره . كذلك لا يلتزم البنك المسى بدفع قيمة الاعتماد للمستفيد ولا تربطه بالمستفيد اية علاقة تعاقدية ولكن موقف البنك المسمى يصبح غامضا بعض الشيء بعد وفاء قيمة الاعتماد للمستفيد , فهل يستطيع الرجوع على المستفيد اذا لم يستطع تحصيل ما دفع من البنك المصدر ؟
اما بالنسبة للبنك المتداول فلا تثير علاقته مع المستفيد اية اشكالات فقبل التداول لا يكون بينه وبين المستفيد اية علاقة اما بعد التداول فتخضع علاقته مع المستفيد لاحكام الاوراق التجارية .
رابعا : علاقة البنك المصدر والبنوك الوسيطة
بالنسبة للبنك المبلغ والمعزز والبنك المسمى فالراي الراجح يذهب الى ان العلاقة بينها وبين البنك المصدر هي علاقة وكالة . لذا فعلى هذه البنوك ان تلتزم بتعليمات الموكل والا لن تستطيع المطالبة بالعمولة و / او التعويض عن المبالغ التي قامت بدفعها في ظل الاعتماد .

اما البنك المتداول فالراجح انه لا يعتبر وكيلا للبنك المصدر وانما يلتزم البنك المصدر في مواجهته بموجب شروط الاعتماد . حيث يتعهد البنك المصدر في اعتماد التداول المفتوح بدفع قيمة الاعتماد للمستفيد ولاي بنك يتداول مستندات المستفيد شريطة ان تكون مطابقة لشروط الاعتماد .




المطلب الثاني : خطاب الضمان

1 – مفهوم خطاب الضمان ووظائفه
خطاب الضمان عبارة عن تعهد من قبل بنك ( البنك المصدر ) بناء على طلب عميل ( العميل ) بدفع مبلغ معين الى طرف ثالث ( المستفيد ) بمجرد الطلب او شريطة تقديم مستند معين صادر عن المستفيد او شخص اخر معين في الخطاب ينص على اخلال العميل بالتزاماته في مواجهة المستفيد .
وصور استخدام خطابات الضمان لا تقع تحت حصر فهي تستخدم لتحقيق ذات الاغراض التي تحققها الكفالة التقليدية ولكن بشكل اكثر فعالية . فهي تستخدم كفالة عطاء وكفالة حسن تنفيذ وكفالة الدفعة المقدمة وكفالة الصيانة وغير ذلك من الاغراض التي تستخدم فيها الكفالات التقليدية .
وتخضع خطابات الضمان للاصول والاعراف الموحدة والتي اسمتها باعتمادات الضمان (standly letters of credit )

2 – التمييز بين خطاب الضمان والكفالة
مع ان خطابات الضمان تؤدي نفس الوظائف التي تؤديها الكفالات التقليدية الا ان هناك اختلافات جوهرية بينهما . فالكفالة التزام تابع ويترتب على ذلك ان حقوق والتزامات الكفيل والمستفيد تعتمد على تحديد حقوق والتزامات المكفول والمستفيد . ويستطيع الكفيل ان يثير في مواجهة المستفيد جميع الدفوع التي تتوفر للمكفول في مواجهة المستفيد بناء على العقد الاساسي بينهما .
اما في خطاب الضمان فان التزام البنك في مواجهة المستفيد التزام مباشر ومستقل عن العقد المبرم بين العميل والمستفيد وعليه لا يستطيع البنك رفض وفاء خطاب الضمان استنادا الى دفوع مستمدة من العقد بين عميله والمستفيد . كذلك فان خطاب الضمان مستقل عن العقد بين البنك المصدر وعميله ولا يستطيع البنك ان يرفض الوفاء استنادا الى دفوع مستمدة من هذا العقد .


3 – التمييز بين خطاب الضمان الاعتماد المستندي
يتفق خطاب الضمان والاعتماد المستندي في ان التزام البنك في كل منهما التزام مباشر ومستقل عن العقد بين البنك والعميل والعقد بين العميل والمستفيد . اما الفرق الجوهري بينهما فيمكن في طبية الواقعة التي تؤدي الى استحقاق وفاء كل منهما . ففي الاعتماد المستندي يلتزم البنك بوفاء قيمة الاعتماد اذا قدم المستفيد المستندات المطلوبة وكانت هذه المستندات مطابقة لشروط الاعتماد . وحيث ان المستندات المطلوبة في الاعتماد هي مستندات الشحن التي تثبت ان المستفيد قام بشحن البضاعة المطلوبة فان الواقعة التي تجعل وفاء الاعتماد مستحقا هي واقعة ايجابية تثبت تنفيذ المستفيد للعقد الاساس .
اما في خطاب الضمان فان البنك يلتزم بالوفاء اما بناء على طلب المستفيد او بناء على طلب المستفيد بعدم تقديم مستند يشير الى اخلال العميل بتنفيذ بعض التزاماته بموجب العقد الاساسي . لذا فان الواقعة التي تجعل البنك ملزما بوفاء قيمة خطاب الضمان هي واقعة سلبية تفيد عدم تنفيذ العميل لالتزاماته .
بالاضافة الى ما تقدم هناك فروق اخرى بين خطاب الضمان والاعتماد المستندي التقليدي وان كانت غير جوهرية . فالغاب في الاعتماد التقليدي اشتراط تقديم مستندات شحن تمثل البضاعة التي فتح الاعتماد لوفاء ثمنها , بينما من النادر ان يشترط تقديم مستندات في خطاب الضمان . كذلك لا يستخدم الاعتماد المستفيد عمليا الا كاداة وفاء في البيوع الدولية , اما خطاب الضمان فان مجالات استخدامه تقع تحت حصر .



المواضيع المتشابهه: