محمود سامي البارودي

يـا رَائِـدَ الـبَـرقِ يَـمّمْ دارَةَ العَلَمِ
وَإِن مَـرَرتَ عَـلى الرَّوحَاءِ فَامْرِ لَها
مِـنَ الـغِـزارِ الـلَّواتي في حَوالِبِها
إِذا اسـتَـهَـلَّت بِأَرضٍ نَمْنَمَتْ يَدُهَا
تَـرى الـنَّـبـاتَ بِها خُضْراً سَنابِلُهُ
أَدعُـو إِلـى الـدَّارِ بِالسُّقيا وَبِي ظَمَأٌ
مَـنـازِلٌ لِـهَـواهـا بَـينَ جانِحَتي
إِذا تَـنَـسَّـمـتُ مِـنها نَفحَةً لَعِبَت
أَدِر عَـلـى الـسَّمعِ ذِكراها فَإِنَّ لَها
عَـهـدٌ تَـوَلّـى وَأَبقى في الفُؤادِ لَهُ
إِذا تَـذَكَّـرتُـهُ لاحَـت مَـخـائِـلُهُ
فَـمـا عَـلـى الدَّهرِ لَو رَقَّت شَمائِلُهُ
تَـكـاءَدَتـني خُطُوبٌ لَو رَمَيتُ بِها
فـي بَلدَةٍ مِثلِ جَوفِ العَير لَستُ أَرى
لا أَسـتَـقِـرُّ بِـهـا إِلاّ عَـلى قَلَقٍ
إِذا تَـلَـفَّـتُّ حَـولـي لَم أَجد أَثَراً
فَـمَـن يَـرُدُّ عَـلـى نَـفسي لُبانَتَها
لَـيتَ القَطا حِينَ سارَت غُدوَةً حَمَلَت
مَـرَّت عَـلَـينا خِمَاصاً وَهيَ قارِبَةٌ
لا تُـدركُ الـعَـينُ مِنها حينَ تَلمَحُها
كَـأَنَّـهـا أَحـرُفٌ بَـرقِـيَّةٌ نَبَضَت
لا شَـيءَ يَـسـبِـقُها إِلاّ إِذا اِعتَقَلَت
مُـحَـمَّـدٌ خاتَمُ الرُسلِ الَّذي خَضَعَت
سَـمـيـرُ وَحيٍ وَمَجنى حِكمَةٍ وَنَدى
قَـد أَبـلَـغَ الـوَحيُ عَنهُ قَبلَ بِعثَتِهِ
فَـذاكَ دَعـوَةُ إِبـراهـيـمَ خـالِقَهُ
أَكـرِم بِـهِ وَبِـآبـاءٍ مُـحَـجَّـلَـةٍ
قَـد كـانَ فـي مَـلَكوتِ اللهِ مُدَّخراً
نُـورٌ تَـنَـقَّـلَ في الأَكوانِ ساطِعُهُ
حَـتّـى اسْـتَـقَرَّ بِعَبدِ اللهِ فَاِنبَلَجَت
وَاخـتـارَ آمِـنَـةَ الـعَذراءَ صاحِبَةً
كِـلاهُـمـا فِـي العُلا كُفءٌ لِصاحِبِهِ
فَـأَصـبَـحَت عِندَهُ في بَيتِ مَكرُمَةٍ
وَحِـيـنما حَمَلَت بِالمُصطَفى وَضَعَت
وَلاحَ مِـن جِـسـمِها نُورٌ أَضاءَ لَها
وَمُـذ أَتـى الوَضعُ وَهوَ الرَّفعُ مَنزِلَةً
ضـاءَت بِـهِ غُرَّةُ الإِثنَينِ وَابتَسَمَت
وَأَرضَـعَـتـهُ وَلَـم تَيأَس حَليمَةُ مِن
فَـفـاضَ بِـالـدَّرِّ ثَدياها وَقَد غَنِيَت
وَاِنـهَـلَّ بَـعدَ اِنقِطاعٍ رِسْلُ شارِفِها
فَـيَـمَّـمَـت أَهـلَـها مَملُوءَةً فَرَحاً
وَقَـلَّـصَ الـجَدبُ عَنها فَهيَ طاعِمَةٌ
وَكَـيـفَ تَـمحَلُ أَرضٌ حَلَّ ساحَتَها
فَـلَـم يَـزَل عِـنـدَها يَنمُو وَتَكلَؤُهُ
حَـتّـى إِذا تَـمَّ مِـيقاتُ الرَّضاعِ لَهُ
وَجـاءَ كَـالغُصنِ مَجدُولاً تَرِفُّ عَلى
قَـد تَـمَّ عَـقـلاً وَما تَمَّت رَضاعَتُهُ
فَـبَـيـنَما هُوَ يَرعى البَهْمَ طافَ بِهِ
فَـأَضـجَـعـاهُ وَشَـقّـا صَدرَهُ بِيَدٍ
وَبَـعـدَ مـا قَـضَـيا مِن قَلبِهِ وَطَراً
مـا عـالَـجـا قَلبَهُ إِلا لِيَخلُصَ مِن
فَـيـا لَـهـا نِـعـمَـةً للهِ خَصَّ بِها
وَقـالَ عَـنـهُ بَـحِيرا حِينَ أَبصَرَهُ
إِذ ظَـلَّـلَـتهُ الغَمامُ الغُرُّ وَانهَصَرَت
بِـأَنَّـهُ خـاتَـمُ الـرُّسلِ الكِرامِ وَمَن
هَـذا وَكَـم آيَـةٍ سـارَت لَهُ فَمَحَت
مــا مَــرَّ يَـومٌ لَـهُ إِلا وَقَـلَّـدَهُ
حَـتّـى اسْـتَـتَمَّ وَلا نُقصانَ يَلحَقُهُ
وَلَـقَّـبَـتـهُ قُـرَيـشٌ بِالأَمينِ عَلى
وَدَّت خَـديـجَـةُ أَن يَرعى تِجارَتَها
فَـشَـدَّ عَـزمَـتَـهـا مِـنهُ بِمُقتَدِرٍ
وَسـارَ مُـعـتَـزِمـاً لِلشَّأمِ يَصحَبُهُ
فَـمـا أَنـاخَ بِـها حَتّى قَضى وَطَراً
وَكَـيـفَ يَـخسَرُ مَن لَولاهُ ما رَبِحَت
فَـقَـصَّ مَـيـسُـرَةُ المَأمونُ قِصَّتَهُ
وَمـا رَواهُ لَـهُ كَـهـلٌ بِـصَـومَعَةٍ
فـي دَوحَـةٍ عاجَ خَيرُ المُرسَلينَ بِها
هَـذا نَـبِـيٌّ وَلَـم يَـنـزِل بِساحَتِها
وَسِـيـرَةَ الـمَـلَكَينِ الحائِمَينِ عَلى
فَـكـانَ مـا قَصَّهُ أَصلاً لِما وَصَلَت
أَحـسِـن بِها وصلَةً في اللَّهِ قَد أَخَذَت
فَـأَصـبَـحـا في صَفاءٍ غَير مُنقَطِعٍ
وَحِـيـنَـما أَجمَعَت أَمراً قُرَيشُ عَلى
تَـجَـمَّـعَت فِرَقُ الأَحلافِ وَاقتَسَمَت
حَـتّـى إِذا بَـلَـغَ الـبُـنيانُ غايَتَهُ
تَـسـابَـقـوا طَلَباً لِلأَجرِ وَاِختَصَمُوا
وَأَقـسَـمَ الـقَومُ أَن لا صُلحَ يَعصِمُهُم
وَأَدخَـلـوا حـيـنَ جَدَّ الأَمرُ أَيدِيَهُم
فَـقـالَ ذُو رَأيِـهِم لا تَعجَلُوا وَخُذُوا
لِـيَـرضَ كُـلُّ امـرِئٍ مِنّا بِأَوَّلِ مَن
فَـقـالَ كُـلٌّ رَضـينا بِالأَمينِ عَلَى
فَـكـانَ أَوَّلَ آتٍ بَـعـدَمـا اتَّـفَقُوا
فَـأَعـلَـمُـوهُ بِـما قَد كانَ وَاِحتَكَمُوا
فَـمَـدَّ ثَـوبـاً وَحَطَّ الرُّكنَ في وَسَطٍ
فَـنـالَ كُـلُّ امـرِئٍ حَظّاً بِما حَمَلَت
حَـتّـى إِذا اِقـتَـرَبوا تِلقاءَ مَوضِعِهِ
مَـدَّ الـرَّسُـولُ يَـداً مِـنـهُ مُبارَكَةً
فَـلـيَـزدَدِ الـرُّكنُ تِيهاً حَيثُ نالَ بِهِ
لَـو لَـم تَـكُـن يَدُهُ مَسَّتهُ حِينَ بَنَى
يـا لَـيـتَـنِي وَالأَمانِي رُبَّما صَدَقَت
يـا حَـبَّـذا صِبغَةٌ مِن حُسنِهِ أَخَذَت
كَـالـخـالِ في وَجنَةٍ زِيدَت مَحاسِنُها
وَكَـيـفَ لا يَـفخَرُ البَيتُ العَتيقُ بِهِ
أَكـرِم بِـهِ وازِعـاً لَـولا هِـدايَـتُهُ
هَـذا الَّـذي عَـصَـمَ الـلَّهُ الأَنامَ بِهِ
وَحِـيـنَ أَدرَكَ سِـنَّ الأَربَـعينَ وَما
حَـبـاهُ ذُو الـعَـرشِ بُرهاناً أَراهُ بِهِ
فَـكـانَ يَمضي لِيَرعى أُنسَ وَحشَتِهِ
فَـمـا يـمُـرُّ عَلى صَخرٍ وَلا شَجَرٍ
حَـتّى إِذا حانَ أَمرُ الغَيبِ وَانحَسَرَت
نـادى بِـدَعـوَتِـهِ جَـهراً فَأَسمَعَها
فَـكـانَ أَوَّلُ مَـن فـي الـدِّين تابَعَهُ
ثُـمَّ اسـتَـجـابَت رِجالٌ دُونَ أُسرَتِهِ
وَمَـن أَرادَ بِـهِ الـرَّحـمـنُ مَكرُمَةً
ثُـمَّ اسـتَـمَـرَّ رَسُـولُ اللَّهِ مُعتَزِماً
وَالـنّـاسُ مِـنـهُم رَشيدٌ يَستَجِيبُ لَهُ
حَـتّـى اسـتَرابَت قُرَيشٌ وَاِستَبَدَّ بِها
وَعَـذَّبـوا أَهـلَ دِيـنِ اللَّهِ وَاِنتَهَكوا
وَقـامَ يَـدعُـو أَبـو جَـهلٍ عَشِيرَتَهُ
يُـبـدِي خِـدَاعـاً ويُخفِي ما تَضَمَّنَهُ
لا يَـسـلَـمُ الـقَـلبُ مِن غِلٍّ أَلَمَّ بِهِ
وَالـحِـقـدُ كَالنّارِ إِن أَخفَيتَهُ ظَهَرَت
لا يُـبـصِرُ الحَقَّ مَن جَهلٌ أَحاطَ بِهِ
كُـلُّ امـرِئٍ وَاجِـدٌ مـا قَـدَّمَت يَدُهُ
وَالـخَـيـرُ وَالـشَّرُّ في الدُّنيا مُكافَأَةٌ
فَـلا يَـنَـم ظـالِـمٌ عَـمّا جَنَت يَدُهُ
وَلَـم يَـزَل أَهـلُ دِين اللَّهِ في نَصَبٍ
حَـتّـى إِذا لَـم يَعُد في الأَمر مَنزَعَةٌ
سارُوا إِلى الهِجرَةِ الأُولى وَما قَصَدوا
فَـأَصـبَـحُـوا عِندَهُ في ظِلِّ مَملَكَةٍ
مَـن أَنـكَرَ الضَّيمَ لَم يَأنَس بِصُحبَتِهِ
وَمُذ رَأى المُشرِكون الدّين قَد وضَحَت
تَـأَلَّـبُـوا رَغـبَةً في الشَّرِّ وَائتَمَرُوا
صَـحِـيـفَـةٌ وَسَمَت بِالغَدرِ أَوجُهَهُم
فَـكَـشَّـفَ الـلَّـهُ مِنها غُمَّةً نَزَلَت
مَـن أَضـمَـرَ السُّوءَ جازاهُ الإِلَهُ بِهِ
كَـفى الطُّفَيلَ بنَ عَمرٍو لُمعَةٌ ظَهَرَت
هَـدى بِـهـا اللَّهُ دَوساً مِن ضَلالَتِها
وَفِـي الإِراشِـيِّ لِـلأَقـوامِ مُـعتَبَرٌ
فَـبـاعَـهـا مِـن أَبي جَهلٍ فَماطَلَهُ
فَـجـاءَ مُـنـتَـصِراً يَشكُو ظُلامَتَهُ
فَـقـامَ مُـبـتَـدِراً يَـسعى لِنُصرَتِهِ
فَـدَقَّ بـابَ أَبـي جَـهـلٍ فَجاءَ لَهُ
فَـحِـيـنَ لاَقَـى رَسُولَ اللَّهِ لاَحَ لَهُ
فَـهـالَـهُ مـا رَأى فَـارتَدَّ مُنزَعِجاً
أَتِـلـكَ أَمْ حِـيـنَ نادى سَرْحَةً فَأَتَت
حَـنَّـت عَـلَـيهِ حُنُوَّ الأُمِّ مِن شَفَقٍ
جـاءَتـهُ طَوعاً وَعادَت حينَ قالَ لَها
وَحَـبَّـذا لَـيـلَةُ الإِسراءِ حِينَ سَرى
رَأَى بِـهِ مِـن كِـرامِ الـرُّسلِ طائِفَةً
بَـل حَـبَّذا نَهضَةُ المِعراجِ حينَ سَما
سَـمـا إِلـى الـفَلَك الأَعلى فَنالَ بِهِ
وَسـارَ فـي سُـبُـحاتِ النُّورِ مُرتَقِياً
وَفـازَ بِـالـجَـوهَرِ المَكنونِ مِن كَلِمٍ
سِـرٌّ تَـحـارُ بِـهِ الأَلـبابُ قاصِرَةً
هَـيـهـاتَ يَـبلُغُ فَهمٌ كُنهَ ما بَلَغَت
فَـيـا لَـهـا وصلَةً نالَ الحَبيبُ بِها
فـاقَـت جَـمـيعَ اللَّيالي فَهيَ زاهِرَةٌ
هَـذا وَقَـد فَـرَضَ اللَّهُ الصَّلاةَ عَلى
فَـسـارَعُـوا نَحوَ دِينِ اللَّهِ وَانتَصَبُوا
وَلَـم يَـزَل سَـيِّـدُ الكَونَينِ مُنتَصِباً
يَـسـتَقبِلُ النّاسَ في بَدوٍ وَفي حَضَرٍ
حَتّى اسْتَجابَت لَهُ الأَنصارُ وَاعْتَصَمُوا
فَـاسـتَـكـمَلَت بِهِمُ الدُنيا نَضارَتَها
قَـومٌ أَقَـرُّوا عِـمادَ الحَقِّ وَاصطَلَمُوا
فَـكَـم بِـهِـم أَشـرَقَت أَستارُ داجِيَةٍ
فَـحـيـنَ وافـى قُرَيشاً ذِكرُ بَيعَتِهِم
وَبـادَهُـوا أَهـلَ دِينِ اللَهِ وَاهتَضَمُوا
فَـكَـم تَـرى مِن أَسيرٍ لا حِراكَ بِهِ
فَـهـاجَرَ الصَّحبُ إِذ قالَ الرَّسُولُ لَهُم
وَظَـلَّ فـي مَـكَّـةَ المُختارُ مُنتَظِراً
فَـأَوجَـسَـت خـيفَةً مِنهُ قُرَيشُ وَلَم
فَـاسـتَـجمَعَت عُصَباً في دارِ نَدوَتِها
وَلَـو دَرَتْ أَنَّـهـا فِـيـمـا تُحاوِلُهُ
أَولـى لَـهـا ثُـمَ أَولى أَن يَحيقَ بِها
إِنّـي لَأَعـجَـبُ مِن قَومٍ أُولي فِطَنٍ
يَـعْـصُـونَ خـالِـقَهُم جَهلاً بِقُدرَتِهِ
فَـأَجـمَـعُـوا أَمـرَهُم أَن يَبْغتُوهُ إِذا
وَأَقـبَـلُـوا مَـوهِناً في عُصبَةٍ غُدُرٍ
فَـجـاءَ جِـبـريـلُ لِـلهادِي فَأَنبأَهُ
فَـمُـذ رَآهُـم قِـيـامـاً حَولَ مَأمَنِهِ
نـادى عَـلِـيّـاً فَـأَوصـاهُ وَقالَ لَهُ
وَمَـرَّ بِـالـقَـومِ يَتْلُو وَهْوَ مُنصَرِفٌ
فَـلَـم يَـرَوهُ وَزاغَـت عَنهُ أَعيُنُهُم
وَجـاءَهُ الـوَحـيُ إِيـذانـاً بِهِجرَتِهِ
فَـمَـا اسْـتَـقَـرَّ بِـهِ حَـتّى تَبَوَّأَهُ
بَـنـى بِـهِ عُـشَّـهُ وَاحْـتَلَّهُ سَكَناً
إِلـفـانِ مـا جَـمَـعَ المِقدارُ بَينَهُما
كِـلاهُـمـا دَيـدَبـانٌ فَـوقَ مَربأَةٍ
إِن حَـنَّ هَـذا غَـراماً أَو دَعا طَرَباً
يَـخـالُـهـا مَـن يَراها وَهيَ جاثِمَةٌ
إِن رَفـرَفَـت سَكَنَت ظِلّاً وَإِن هَبَطَت
مَـرقُـومَـةُ الـجِيدِ مِن مِسكٍ وَغالِيَةٍ
كَـأَنَّـمـا شَـرَعَـت في قانِئٍ سربٍ
وَسَـجـفَ الـعَـنكَبُوتُ الغارَ مُحتَفِياً
قَـد شَـدَّ أَطنابَها فَاِستَحكَمَت وَرَسَت
كَـأَنَّـهـا سـابِـريٌّ حـاكَـهُ لَبِقٌ
وَارَت فَـمَ الـغـارِ عَن عَينٍ تُلِمُّ بِهِ
فَـيـا لَـهُ مِـن سِـتـارٍ دُونَهُ قَمَرٌ
فَـظَـلَّ فـيـهِ رَسـولُ اللَّهِ مُعتَكِفاً
حَـتّـى إِذا سَكَنَ الإِرْجَافِ وَاحْتَرقَت
أَوحـى الـرَّسولُ بِإِعدادِ الرَّحيلِ إِلى
وَسـارَ بَـعـدَ ثَـلاثٍ مِـن مَـباءَتِهِ
فَـحِـيـنَ وَافـى قُـدَيداً حَلَّ مَوكِبُهُ
فَـلَـم تَـجِـد لِـقِـراهُ غَيرَ ضائِنَةٍ
فَـمـا أَمَـرَّ عَـلَـيـهـا داعِياً يَدَهُ
ثُـمَّ اسـتَـقَـلَّ وَأَبقى في الزَّمانِ لَها
فَـبَـيـنَـمـا هُوَ يَطوي البِيدَ أَدرَكَهُ
حَـتَّـى إِذا مـا دَنَـا سَاخَ الجَوادُ بِهِ
فَـصَـاحَ مُـبتَهِلاً يَرجُو الأَمانَ وَلَو
وَكَـيـفَ يَـبـلُـغُ أَمراً دُونَهُ وَزَرٌ
فَـكَـفَّ عَـنـهُ رَسولُ اللَّهِ وَهْوَ بِهِ
وَلَـم يَـزَل سـائِراً حَتّى أَنافَ عَلى
أَعـظِـم بِـمَـقـدَمِـهِ فَخراً وَمَنقبَةً
فَـخـرٌ يَـدُومُ لَـهُـم فَضلٌ بِذِكرَتِهِ
يَــومٌ بِـهِ أَرَّخَ الإِسـلامُ غُـرَّتَـهُ
ثُـمَّ ابـتَـنَـى سَـيِّدُ الكَونَينِ مَسْجِدَهُ
وَاخْـتَـصَّ فـيـهِ بِلالاً بِالأَذانِ وَما
حَـتّـى إِذا تَـمَّ أَمـرُ اللهِ وَاجْتَمَعَت
قـامَ الـنَّـبِـيُّ خَـطـيباً فيهِمُ فَأَرى
وَعَـمَّـهـم بِـكِتابٍ حَضَّ فيهِ عَلى
فَـأَصـبَـحُوا في إِخاءٍ غَيرِ مُنصَدِعٍ
وَحِـيـنَ آخـى رَسُـولُ الـلَّهِ بَينَهُمُ
هُـوَ الَّـذي هَـزَمَ الـلَّـهُ الطُغاةَ بِهِ
فَـاسْـتَـحْـكَمَ الدِّينُ وَاشْتَدَّت دَعائِمُهُ
وَأَصـبَـحَ الـنَّـاسُ إِخـواناً وَعَمَّهُمُ
هَـذا وَقَـد فَـرَضَ اللَّهُ الجِهادَ عَلى
فَـكـانَ أَوَّلُ غَـزوٍ سـارَ فـيهِ إِلى
ثُـمَّ اسْـتَـمَرَّت سَرايا الدِّينِ سابِحَةً
سَـرِيَّـةٌ كـانَ يَـرعـاها عُبَيدَةُ في
وَغَـزوَةٌ سـارَ فـيها المُصطَفى قُدُماً
وَمِـثـلَـهـا يَمَّمَت ذاتَ العُشيرَةِ في
وَسـارَ سَـعـدٌ إِلـى الـخَرّارِ يَقدُمُهُ
وَيَـمَّـمَـت سَـفَـوان الخَيلُ سابِحَةً
وَتـابَـعَ الـسَّـيـرَ عَبدُ اللَّهِ مُتَّجِهاً
وَحُـوّلَـت قِـبـلَـةُ الإِسـلامِ وَقتَئِذٍ
وَيَـمَّـمَ الـمُـصطَفى بَدراً فَلاحَ لَهُ
يَـومٌ تَـبَـسَّـمَ فـيهِ الدِّينُ وَانهَمَلَت
أَبـلَـى عَـلِـيٌّ بِـهِ خَيرَ البَلاءِ بِما
وَجـالَ حَـمـزَةُ بِالصَّمصامِ يَكسؤُهُم
وَغـادَرَ الـصَّحبُ وَالأَنصارُ جَمعَهُمُ
تَـقَـسَّـمَـتـهُـم يَدُ الهَيجاءِ عادِلَةً
كَـأَنَّـمـا الـبِيضُ بِالأَيدي صَوالِجَةٌ
لَـم يَـبـقَ مِـنهُم كَمِيٌّ غَيرُ مُنجَدِلٍ
فَـمـا مَضَت ساعَةٌ وَالحَربُ مُسعَرَةٌ
قَـد أَمـطَـرَتهُم سَماءُ الحَربِ صائِبَةً
فَـأَيـنَ ما كانَ مِن زَهوٍ وَمِن صَلَفٍ
جـاؤُوا وِلـلـشَّرِّ وَسمٌ في مَعاطِسِهِم
مَـن عـارَضَ الـحَقَّ لَم تَسلَم مَقاتِلُهُ
فَـمـا اِنقَضى يَومُ بَدرٍ بِالَّتي عَظُمَت
فَـيَـمَّـمَ الـكُـدرَ بِـالأَبطالِ مُنتَحِياً
وَسـارَ فـي غَزوَةٍ تُدعى السَّويقَ بِما
ثُـمَّ انـتَـحـى بِوُجُوهِ الخَيل ذَا أَمرٍ
وَأَمَّ فـرعـاً فَـلَـم يَـثقَف بِهِ أَحَداً
وَلَـفَّ بِـالـجَـيشِ حَيَّي قَينُقاعَ بِما
وَسـارَ زَيـدٌ بِـجَـمعٍ نَحوَ قَردَةَ مِن
ثُـمَّ اِسـتَدارَت رَحا الهَيجاءِ في أُحُدٍ
يَـومٌ تَـبَـيَّـنَ فـيهِ الجِدُّ وَاِتَّضَحَت
قَـد كـانَ خُـبـراً وَتَمحيصاً وَمَغفِرَةً
مَـضـى عَـلِـيٌّ بِـهِ قُدماً فَزَلزَلَهُم
وَأَظـهَـرَ الصَّحبُ وَالأَنصارُ بَأسَهم
خـاضُـوا الـمَنايا فَنالُوا عِيشَةً رَغَداً
مَـن يَـلـزَمِ الصَّبرَ يَستَحسِن عَواقِبَهُ
لَـو لَـم يَكُن فِي اِحتِمالِ الصَّبرِ مَنقَبةٌ
فَـكـانَ يَـومـاً عَتِيدَ البَأسِ نالَ بِهِ
أَودى بِـهِ حَـمـزَةُ الصِّندِيدُ فِي نَفَرٍ
أَحـسِـن بِـهـا مَيتَةً أَحيَوا بِها شَرَفاً
لا عـارَ بِـالقَومِ مِن مَوتٍ وَمِن سَلَبٍ
فَـكـانَ يَـوم جَـزاءٍ بَـعـدَ مُختَبَرٍ
قـامَ الـنَّـبِـيُّ بِـهِ في مَأزِقٍ حَرِج
فَـلَـم يَزَل صابِراً في الحَربِ يَفثَؤُها
وَرَدَّ عَـيـنَ اِبـنِ نُـعـمان قَتادَةَ إِذ
وَقَـد أَتـى بَـعـدَ ذا يَومُ الرَّجِيعِ بِما
وَثـارَ نَـقـعُ الـمَنايا في مَعُونَةَ مِن
ثُـمَّ اشْـرَأَبَّـت لِخَفرِ العَهدِ مِن سَفَهٍ
وَسـارَ مُـنـتَـحِـياً ذاتَ الرِّقاعِ فَلَم
وَحَـلَّ مِـن بَـعـدِها بَدراً لِوَعدِ أَبِي
وَأَمَّ دَومَـةَ فـي جَـمـعٍ وَعـادَ إِلى
ثُـمَّ اسْـتَـثارَت قُرَيشٌ وَهيَ ظالِمَةٌ
تَـستَمرِئُ البَغيَ مِن جَهلٍ وَما عَلِمَت
وَقـامَ فـيـهـم أَبُو سُفيانَ مِن حَنَقٍ
فَـخَـنـدَقَ المُؤمِنُونَ الدّارَ وَاِنتَصَبُوا
فَـمـا استَطاعَت قُرَيشٌ نَيلَ ما طَلَبَت
رامَـت بِـجَـهـلَتِها أَمراً وَلَو عَلِمَت
فَـخَـيَّـبَ الـلَّـهُ مَسعاها وَغادَرَها
فَـقـوَّضَت عُمُدَ التَّرحالِ وَاِنصَرَفَت
وَكَـيـفَ تَـحمَدُ عُقبى ماجَنَت يَدُها
قَـد أَقـبَلَت وَهيَ في فَخرٍ وَفي جَذَلٍ
مَـن يَـركَـبِ الغَيَّ لا يَحمَد عَواقِبَهُ
ثُـمَّ اِنـتَـحـى بِوُجُوهِ الخَيلِ ساهِمَةً
خـانُـوا الرَّسُولَ فَجازاهُم بِما كَسَبُوا
وَسـارَ يَـنحُو بَني لِحيانَ فَاِعتَصَمُوا
وَأَمَّ ذا قَـرَدٍ فـي جَـحـفَـلٍ لَجِبٍ
وَزارَ بِـالجَيشِ غَزواً أَرضَ مُصطَلِقٍ
وَفـي الـحُـدَيبِيَةِ الصُّلحُ اِستَتَبَّ إِلى
وَجـاءَ خَـيـبَـرَ فـي جَأواءَ كَالِحَةٍ
حَـتّى إِذا اِمتَنَعَت شُمُّ الحُصونِ عَلى
قـالَ الـنَّـبِيُّ سَأُعطِي رايَتِي رَجُلاً
ذا مِـرَّةٍ يَـفـتَحُ اللَّهُ الحُصونَ عَلَى
فَـمـا بَـدا الـفَجرُ إِلّا وَالزَّعيمُ عَلى
وَكـانَ ذا رَمَـدٍ فَـارْتَـدَّ ذا بَـصَرٍ
فَـسـارَ مُـعـتَزِماً حَتّى أَنافَ عَلى
يَـمـضِـي بِـمُـنصُلِهِ قُدماً فَيَلحَمُهُ
حَـتّـى إِذا طـاحَ مِنهُ التُّرسُ تاحَ لَهُ
بـابٌ أَبَـت قَـلـبَـهُ جَـهداً ثَمانِيَةٌ
فَـلَـم يَزَل صائِلاً في الحَربِ مُقتَحِماً
حَـتّـى تَـبَلَّجَ فَجرُ النَّصرِ وَاِنتَشَرَت
أَبـشِـر بِـهِ يَـومَ فَتحٍ قَد أَضاءَ بِهِ
أَتـى بِـهِ جَـعـفَرُ الطَّيّارُ فَاِبتَهَجَت
فَـكـانَ يَـوماً حَوى عِيدَينِ في نَسَقٍ
وَعـادَ بِـالنَّصرِ مَولى الدِّينِ مُنصَرِفاً
ثُـمَّ اسْـتَـقـامَ لِـبَـيتِ اللَّهِ مُعتَمِراً
وَسـارَ زَيـدٌ أَمـيـراً نَحوَ مُؤتَةَ في
فَـعَـبَّـأَ الـمُـسلِمُونَ الجُندَ وَاِقتَتَلُوا
فَـطـاحَ زَيـدٌ وَأَودى جَعفَرٌ وَقَضى
لا عـارَ بِالمَوتِ فَالشَّهمُ الجَرِيءُ يَرى
وَحِـيـنَ خـاسَت قُرَيشٌ بِالعُهُودِ وَلَم
وَظـاهَـرَت مِـن بَـني بَكرٍ حَليفَتَها
قـامَ الـنَّـبِـيُّ لِنَصرِ الحَقِّ مُعتَزِماً
تَـبـدُو بِـهِ البِيضُ وَالقَسطالُ مُنتَشِرٌ
لَـمـعُ السُّيُوفِ وَتَصهالُ الخُيولِ بِهِ
عَـرمـرَمٌ يَنسِفُ الأَرضَ الفَضاءَ إِذا
فِـيـهِ الـكُـمـاةُ الَّـتي ذَلَّت لِعِزَّتِها
مِـن كُـلِّ مُـعـتَزِمٍ بِالصَّبرِ مُحتَزِمٍ
طـالَـت بِـهِم هِمَمٌ نالُوا السِّماكَ بِها
بِـيـضٌ أَسـاوِرَةٌ غُـلـبٌ قَساوِرَةٌ
طـابَـت نُـفُوسُهُمُ بِالمَوتِ إِذ عَلِمُوا
سـاسُـوا الـجِـيادَ فَظَلَّت في أَعِنَّتِها
تَـكـادُ تَـفـقَهُ لَحنَ القَولِ مِن أَدَبٍ
كَـأَنَّ أَذنـابَـهـا فـي الـكَرِّ أَلوِيَةٌ
مِـن كُـلِّ مُـنـجَرِدٍ يَهوي بِصاحِبِهِ
وَالـبِيضُ تَرجُفُ في الأَغمادِ مِن ظَمَأٍ
مِـن كُـلِّ مُـطَّـرِدٍ لَـولا عَـلائِقُهُ
كَـأَنَّـهُ أَرقَـمٌ فـي رَأسِـهِ حُـمَـةٌ
فَـلَـم يَـزَل سـائِراً حَتّى أَنافَ عَلى
وَلَـفَّـهـم بِـخَـمِـيسٍ لَو يَشُدُّ عَلى
فَـأَقـبَـلوا يَسأَلُونَ الصَّفحَ حِينَ رَأَوا
رِيـعُـوا فَـذَلُّوا وَلَو طاشُوا لَوَقَّرَهُم
ذاقُـوا الرَّدى جُرَعاً فَاِستَسلَمُوا جَزَعاً
وَأَقـبَـلَ الـنَّـصرُ يَتلُو وَهوَ مُبتَسِمٌ
يـا حـائِرَ اللُّبِّ هَذا الحَقُّ فَامضِ لَهُ
لا يَـصـرَعَـنَّـكَ وَهـمٌ بِتَّ تَرقُبُهُ
هَـذا الـنَّـبـيُّ وَذاكَ الجَيشُ مُنتَشِرٌ
فَـالـزَم حِماهُ تَجِد ما شِئتَ مِن أَرَبٍ
وَاحـلُـل رِحـالَكَ وَانزِل نَحوَ سُدَّتِهِ
أَحـيـا بِـهِ الـلَّهُ أَمواتَ القُلوبِ كَما
حَـتّـى إِذا تَمَّ أَمرُ الصُلحِ وَاِنتَظَمَت
قـامَ الـنَّـبِـيُّ بِـشُكرِ اللَّهِ مُنتَصِباً
وَطـافَ بِـالـبَيتِ سبعاً فَوقَ راحِلَةٍ
فَـمـا أَشـارَ إِلـى بُـدٍّ بِـمِـحجَنِهِ
وَفِـي حُـنَـينٍ إِذ اِرتَدَّت هَوازِنُ عَن
سَـرى إِلَـيـهـا بِـبَحرٍ مِن مُلَملَمَةٍ
حَـتّـى اِسـتَذَلَّت وَعادَت بَعدَ نَخوَتِها
وَيَـمَّـمَ الـطّـائِفَ الغَنّاءَ ثُمَّ مَضى
وَحِـيـنَ أَوفى عَلى وادِي تَبُوكَ سَعى
فَـصـالَـحُـوهُ وَأَدَّوا جِزيَةً وَرَضُوا
أَلـفـى بِـهـا عَينَ ماءٍ لا تَبِضُّ فَمُذ
وَراوَدَ الـغَـيـثَ فَـاِنـهَلَّت بَوادِرُهُ
وَأَمَّ طَـيـبَـةَ مَـسْـروراً بِـعَودَتِهِ
ثُـمَّ اسـتَـهَـلَّت وُفُودُ الناسِ قاطِبَةً
فَـكـانَ عـامَ وُفـودٍ كُلَّما اِنصَرَفَت
وَأَرسَـلَ الـرُّسـلَ تَترى لِلمُلوكِ بِما
وَأَمَّ غـالِـبُ أَكـنـافَ الـكَديدِ إِلى
وَحِـيـنَ خـانَـت جُذامٌ فَلَّ شَوكَتَها
وَسـارَ مُـنـتَحِياً وادي القُرى فَمَحا
وَأَمَّ خَـيـبَـرَ عَـبـدُ الـلَّهِ في نَفَرٍ
وَيَـمَّـمَ اِبـنُ أُنَيسٍ عُرضَ نَخلَةَ إِذ
ثُـمَّ اسـتَـقَلَّ اِبنُ حِصنٍ فَاحْتَوَت يَدُهُ
وَسـارَ عَـمرو إِلى ذاتِ السَّلاسِلِ في
وَغَـزوَتـانِ لِـعَـبـدِ الـلَّهِ واجِدَةٌ
وَسـارَ جَمعُ اِبنِ عَوفٍ نَحوَ دَومَةَ كَي
وَأَمَّ بِـالـخَـيلِ سيفَ البَحرِ مُعتَزِماً
وَسـارَ عَـمـرو إِلى أُمِّ القُرى لِأَبي
وَأَمَّ مَـديَـنَ زَيـدٌ فَـاِسـتَـوَت يَدُهُ
وَقـامَ سـالِـمُ بِـالعَضبِ الجُرازِ إِلى
وَانـقَـضَّ لَـيلاً عُمَيرٌ بِالحُسامِ عَلى
وَسـارَ بَـعـثٌ فَـلَم يُخطِئ ثُمامَةَ إِذ
ذاكَ الـهُـمـامُ الَّـذي لَـبّى بِمَكَّة إِذ
وَبَـعـثُ عَلقَمَةَ اِستَقرى العَدُوَّ ضُحىً
وَرَدَّ كُـرزٌ إِلـى العَذراءِ مَن غَدَرُوا
وَسـارَ بَـعـثُ اِبـنِ زَيدٍ لِلشَّآمِ فَلَم
فَـهَـذِهِ الـغَـزَواتُ الـغُـرُّ شامِلَةً
نَـظَـمـتُـها راجِياً نَيلَ الشَّفاعَةِ مِن
هُـوَ الـنَّـبِـيُّ الَّـذي لَولاهُ ما قُبِلَت
حَـسـبِـي بِـطَـلعَتِهِ الغَرّاءِ مَفخَرَةً
وَقَـد حَـبـاني عَصاهُ فَاِعتَصَمتُ بِها
فَـهـيَ الَّـتـي كانَ يَحبُو مِثلَها كَرَماً
لَـم أَخـشَ مِن بَعدِها ما كُنتُ أَحذَرُهُ
كَـفـى بِـهـا نِـعـمَةً تَعلُو بِقيمَتِها
وَمـا أُبَـرِّئُ نَـفـسـي وَهيَ آمِرَةٌ
فَـيـا نَـدامَـةَ نَـفسي في المَعادِ إِذا
لَـكِـنَّـنـي وَاثِـقٌ بِـالعَفو مِن مَلِكٍ
وَسَـوفَ أَبـلُـغُ آمالي وَإِن عَظُمَت
هُـوَ الَّـذي يَنعَشُ المَكرُوبَ إِذ عَلِقَت
هَـيـهـاتَ يَـخـذُلُ مَولاهُ وَشاعِرَهُ
فَـمَـدحُـهُ رَأسُ مـالي يَومَ مُفتَقَرِي
وَهَـبـتُ نَـفـسِـي لَهُ حُبّا وَتَكرِمَة
إِنِّـي وَإِن مـالَ بي دَهري وَبَرَّحَ بي
لـثـابِـتُ الـعَهدِ لَم يَحلُل قُوى أَمَلِي
لَـم يَـتـرُكِ الدَّهرُ لي ما أَستَعِينُ بِهِ
هَـذا يُـحَـبِّرُ مَدحي في الرَّسولِ وَذا
يـا سَـيِّـدَ الكَونِ عَفواً إِن أَثِمتُ فَلي
كَـفـى بِسَلمانَ لِي فَخراً إِذا انتَسَبَت
وَحـسـنُ ظَـنِّي بِكُم إِن مُتُّ يَكلَؤُني
تَـالـلَّـهِ مـا عاقَني عَن حَيِّكُم شَجَنٌ
فَـهَـل إِلـى زَورَةٍ يَـحيا الفُؤادُ بِها
شَـكَـوتُ بَـثِّـي إِلى رَبِّي لِيُنصِفَني
وَكَـيـفَ أَرهَـبُ حَـيفا وَهوَ مُنتَقِمٌ
لا غَـروَ إِن نِـلـتُ ما أَمَّلتُ مِنهُ فَقَد
يـا مـالِكَ المُلكِ هَب لِي مِنكَ مَغفِرَةً
وَامْـنُـن عَـلَيَّ بِلُطفٍ مِنكَ يَعصِمُني
لَـم أَدعُ غَـيـرَكَ فِـيما نابَني فَقِني
حـاشـا لِراجيكَ أَن يَخشى العِثارَ وَما
وَكَـيـفَ أَخشى ضَلالاً بَعدَما سَلَكَت
وَلِـي بِـحُـبِّ رَسُـولِ الـلَّهِ مَنزِلَةٌ
لا أَدَّعـي عِـصـمَةً لَكِن يَدِي عَلِقَت
خَـدَمـتُـهُ بِـمَديحي فَاعتَلَوتُ عَلى
وَكَـيـفَ أَرهَـبُ ضَـيماً بَعدَ خِدمَتِهِ
أَم كَـيـفَ يَـخذُلُنِي مِن بَعدِ تَسمِيَتِي
أَبـكـانِـيَ الـدَّهرُ حَتّى إِذ لَجِئتُ بِهِ
فَـهـوَ الَّـذي يَمنَحُ العافِينَ ما سَأَلُوا
نُـورٌ لِـمُـقـتَـبِـسٍ ذُخرٌ لِمُلتَمِسٍ
بَـثَّ الـرَّدى وَالنَّدى شَطرَينِ فَانبَعَثا
فَـالكُفرُ مِن بَأسِهِ المَشهورِ في حَرَبٍ
هَـذا ثَـنـائِي وَإِن قَصَّرتُ فيهِ فَلي
هَـيـهـاتَ أَبـلُـغُ بِالأَشعارِ مدَحتَهُ
مـاذا عَـسى أَن يَقُولَ المادِحُونَ وَقَد
فَـهـاكَـهـا يـا رَسُولَ اللَّهِ زاهِرَةً
وَسـمـتُـهـا بِاسمِكَ العَالي فَأَلبَسَها
غَـرِيـبَـةٌ في إِسارِ البَينِ لَو أَنِسَت
لَـم أَلـتَـزِم نَـظمَ حَبّاتِ البَديعِ بِها
وَإِنَّـمـا هِـيَ أَبـيـاتٌ رَجَوتُ بِها
نَـثَـرتُ فِـيها فَرِيدَ المَدحِ فَاِنتَظَمَت
صَـدَّرتُـهـا بِـنَـسِيبٍ شَفَّ باطِنُهُ
لَـم أَتَّـخِـذهُ جُـزافـاً بَل سَلَكتُ بِهِ
تـابَـعـتُ كَـعباً وَحَسّاناً وَلِي بِهِما
وَالـشِّـعـرُ مَعرَضُ أَلبابٍ يُروجُ بِهِ
فَـلا يَـلُمنِي عَلى التَّشبِيبِ ذُو عَنَتٍ
وَلَـيـسَ لِـي رَوضَةٌ أَلهُو بِزَهرَتِها
فَـهـيَ الَّـتِي تَيَّمَت قَلبي وَهِمتُ بِهَا
مَـعـاهِـدٌ نَـقَـشَت في وَجنَتيَّ لَها
يـا حـادِيَ الـعِيسِ إِن بَلَّغتَني أَمَلي
سِـر بِـالـمَطايا وَلا تَرفَق فَلَيسَ فَتىً
وَلا تَـخَف ضَلَّةً وَاِنظُر فَسَوفَ تَرى
وَكَـيـفَ يَخشى ضَلالاً مَن يَؤُمُّ حِمى
هَـذِي مُـنـايَ وَحَسبي أَن أَفوزَ بِها
وَمَـن يَـكُـن راجِـياً مَولاهُ نالَ بِهِ
فـاسـجُـد لَـهُ وَاِقترِب تَبلُغ بِطاعَتِهِ
هَـوَ الـمَـلـيـكُ الَّذي ذَلَّت لِعِزَّتِهِ
يُـحـيـي البَرايا إِذا حانَ المَعادُ كَما
يـا غـافِـرَ الـذَّنبِ وَالأَلبابُ حائِرَةٌ
حَـاشَـا لِـفَـضلِكَ وَهوَ الْمُسْتَعاذُ بِهِ
إِنّـي لَـمُـستَشفِعٌ بِالمُصطَفى وَكَفى
فَـاقـبَـل رَجائِي فَما لي مَن أَلوذُ بِهِ
وَصَـلِّ رَبِّ عَـلى المُختارِ ما طَلَعَت
وَالآلِ وَالـصَّحبِ وَالأَنصارِ مَن تَبِعُوا
وَامـنُـن عَـلى عَبدِكَ العانِي بِمَغفِرَةٍ

وَاحْـدُ الـغَـمـامَ إِلى حَيٍّ بِذِي سَلَمِ
أَخـلافَ سـارِيَـةٍ هَـتّـانَـةِ الدِّيَمِ
رِيُّ الـنَّـواهِـلِ مِن زَرعٍ وَمِن نَعَمِ
بُـرْداً مِـنَ النَّوْرِ يَكسُو عارِيَ الأَكَمِ
يَـخـتَـالُ فـي حُـلَّةٍ مَوشِيَّةِ العَلَمِ
َحَـقُّ بِـالـرِّيِّ لَـكِـنّـي أَخُو كَرَمِ
وَدِيـعَـةٌ سِـرُّهـا لَـمْ يَتَّصِلْ بِفَمِي
بِـيَ الـصَـبـابَةُ لِعبَ الريحِ بِالعَلَمِ
فـي الـقَـلـبِ مَـنزِلَةً مَرعِيَّةَ الذِمَمِ
شَـوقـاً يَـفُـلُّ شَـباةَ الرَأيِ وَالهِمَمِ
لِـلـعَـيـنِ حَـتّى كَأَنّي مِنهُ في حُلُمِ
فَـعـادَ بِـالـوَصل أَو أَلقَى يَدَ السَّلَمِ
مَـنـاكِـبَ الأَرض لَم تَثبُتْ عَلى قَدَمِ
فـيـهـا سِـوَى أُمَمٍ تَحنُو عَلَى صَنَمِ
وَلا أَلَــذُّ بِــهـا إِلاّ عَـلَـى أَلَـمِ
إِلا خَـيـالـي وَلَم أَسمَع سِوى كَلِمي
أَو مَـن يُـجـيرُ فُؤادِي مِن يَدِ السَّقَمِ
عَـنّـي رَسـائِـلَ أَشواقي إِلى إِضَمِ
مَـرَّ الـعَـواصِفِ لا تَلوي عَلى إِرَمِ
إِلا مِـثـالاً كَـلَـمْعِ البَرقِ في الظُّلَمِ
بِـالـسِّلكِ فَانتَشَرَت فِي السَّهل وَالعَلَمِ
بَـنـانَـتي في مَديحِ المُصطَفى قَلَمِي
لَـهُ الـبَـرِيَّـةُ مِن عُربٍ وَمِن عَجَمِ
سَـمـاحَـةٍ وَقِـرى عافٍ وَرِيُّ ظَمِ
مَـسـامِـعَ الـرُسلِ قَولاً غَيرَ مُنكَتِمِ
وَسِـرُّ مـا قـالَـهُ عِـيسى مِنَ القِدَمِ
جـاءَت بِـهِ غُرَّةً في الأَعصُرِ الدُّهُمِ
لِـدَعـوَةٍ كـانَ فـيـها صاحِبَ العَلَمِ
تَـنَـقُّـلَ الـبَدرِ مِن صُلبٍ إِلى رَحِمِ
أَنـوارُ غُـرَّتِـهِ كَـالـبَدرِ في البُهُمِ
لِـفَـضـلِـها بَينَ أَهلِ الحِلِّ وَالحَرَمِ
وَالـكُـفءُ فـي المَجدِ لا يُستامُ بِالقِيَمِ
شِـيـدَت دَعـائِـمُهُ في مَنصِبٍ سِنمِ
يَـدُ الـمَـشـيـئَةِ عَنها كُلفَةَ الوَجَمِ
قُـصُورَ بُصرى بِأَرضِ الشَّأمِ مِن أمَمِ
جـاءَت بِـرُوحٍ بِـنُـورِ اللهِ مُـتَّسِمِ
عَـن حُـسنِهِ في رَبيعٍ رَوضَةُ الحَرَمِ
قَـولِ الـمَراضِعِ إِنَّ البُؤسَ في اليَتَمِ
لَـيـالـيـاً وَهـيَ لَم تطعَم وَلَم تَنَمِ
حَـتّى غَدَت مِن رَفِيهِ العَيشِ في طُعَمِ
بِـمـا أُتـيـحَ لَـهـا مِن أَوفَرِ النِّعَمِ
مِـن خَـيـرِ مـا رَفَـدَتها ثَلَّةُ الغَنَمِ
مُـحَـمَّـدٌ وَهـوَ غَيثُ الجُودِ وَالكَرَمِ
رِعـايَـةُ اللهِ مِـن سُـوءٍ وَمِن وَصَمِ
حَـولَـيـنِ أَصبَحَ ذا أَيدٍ عَلَى الفُطُمِ
جَـبِـيـنِـهِ لَـمـحاتُ المَجدِ وَالفَهَمِ
وَفـاضَ حِـلـماً وَلَم يَبلُغ مَدى الحُلُمِ
شَـخـصانِ مِن مَلَكوتِ اللهِ ذي العِظَمِ
رَفِـيـقَـةٍ لَـم يَـبِت مِنها عَلى أَلَمِ
تَـوَلَّـيـا غَـسـلَـهُ بِالسَّلسَلِ الشَّبِمِ
شَـوبِ الـهَـوى وَيَعِي قُدسِيَّةَ الحِكَمِ
حَـبـيـبَـهُ وَهـوَ طِفلٌ غَيرُ مُحتَلِمِ
بِـأَرْضِ بُـصـرى مَـقالاً غَيرَ مُتَّهَمِ
عَـطـفـاً عَلَيهِ فُروعُ الضَّالِ وَالسَّلَمِ
بِـهِ تَـزُولُ صُـرُوفُ البُؤسِ وَالنِّقَمِ
بِـنُـورِهـا ظُـلمَةَ الأَهوالِ وَالقُحَمِ
صَـنـائِـعاً لَم تَزَل فِي الدَّهرِ كَالعَلَمِ
خَـمـسـاً وَعِشرِينَ سِنُّ البارِعِ الفَهِمِ
صِـدقِ الأَمـانَـةِ وَالإِيـفـاءِ بِالذِّمَمِ
وِدادَ مُـنـتَـهِـزٍ لِـلـخَـيرِ مُغتَنِمِ
مـاضِـي الـجِنانِ إِذا ما هَمَّ لَم يخمِ
فـي السَّيرِ مَيسُرَةُ المَرضِيُّ فِي الحَشَمِ
مِـن كُـلِّ مـا رَامَهُ في البَيعِ وَالسَّلَمِ
تِـجـارَةُ الـدِّيـنِ في سَهلٍ وَفِي عَلَمِ
عَـلَـى خَـديـجَةَ سَرداً غَيرَ مُنعَجِمِ
مِـنَ الـرَّهـابـينِ عَن أَسلافِهِ القُدُمِ
مِـن قَـبـل بـعـثَتِهِ لِلعُربِ وَالعَجَمِ
إِلا نَـبـيٌّ كَـريـمُ الـنَّفسِ وَالشِّيَمِ
جَـبِـيـنِـهِ لِـيُـظِـلاَّهُ مِـنَ التّهَمِ
بِـهِ إِلـى الـخَـيرِ مِن قَصدٍ وَمُعتَزَمِ
بِـهـا عَـلى الدَّهرِ عَقداً غَيرَ مُنفَصِمِ
عَـلـى الـزَّمـانِ وَوِدٍّ غَير مُنصَرِمِ
بِـنـايَـةِ البَيتِ ذي الحُجّابِ وَالخَدَمِ
بِـنـاءَهُ عَـن تَـراضٍ خَـيرَ مُقتَسَمِ
مِـن مَـوضِعِ الرُّكنِ بَعدَ الكَدِّ وَالجشَمِ
فِـيـمَـن يَـشُـدُّ بِـناهُ كُلَّ مُختَصَمِ
مِـن اقـتِـحـامِ الـمَـنايا أَيّما قَسَمِ
لِـلـشَـرِّ فـي جَـفـنَةٍ مَملُوءَةٍ بِدَمِ
بِـالـحَزم فَهوَ الَّذي يَشفِي مِنَ الحَزَمِ
يَـأتـي فَـيَـقـسِطُ فِينا قِسطَ مُحتَكِمِ
عِـلـمٍ فَـأَكـرِم بِـهِ مِن عادِلٍ حَكَمِ
مُـحَـمَّـدٌ وَهوَ في الخَيراتِ ذُو قَدَمِ
إِلَـيـهِ فـي حَـلِّ هَذا المُشكِلِ العَمَمِ
مِـنـهُ وَقـالَ اِرفَـعُوهُ جانِبَ الرَّضَمِ
يَـداهُ مِـنـهُ وَلَـم يَعتِب عَلى القِسَمِ
مِـن جانب البَيتِ ذي الأَركان وَالدّعمِ
بَـنَـتـهُ فـي صَدَفٍ مِن باذِخٍ سَنِمِ
فَـخـراً أَقـامَ لَـهُ الـدُّنيا عَلَى قَدَمِ
مـا كـانَ أَصـبَـحَ مَـلثُوماً بِكُلِّ فَمِ
أَحْـظَـى بِـمُـعـتَـنَقٍ مِنهُ وَمُلتَزَمِ
مِـنْـهَـا الـشَّبِيبَةُ لَونَ العُذرِ وَاللَّمَمِ
بِـنُـقـطَـةٍ مِـنهُ أَضعافاً مِنَ القِيَمِ
وَقَـد بَـنَـتـهُ يَـدٌ فَـيّـاضَةُ النِّعَمِ
لَـم يَـظهَرِ العَدلُ في أَرضٍ وَلَم يَقُمِ
مِـن كُـلِّ هَـولٍ مِنَ الأَهوالِ مُختَرِمِ
مِـن قَـبـلِـهِ مَـبـلَغٌ لِلعِلمِ وَالحِكَمِ
آيـات حِـكـمَـتِـهِ فـي عالَمِ الحُلُمِ
فـي شـاسِـعٍ مـا بِهِ لِلخَلقِ مِن أَرَمِ
إِلّا وَحَـيّـاهُ بِـالـتَّـسـليمِ مِن أَمَمِ
أَسـتـارُهُ عَـن ضَـميرِ اللَوحِ وَالقَلَمِ
فـي كُـلِّ نـاحِـيةٍ مَن كانَ ذا صَمَمِ
خَـدِيـجَـةٌ وَعَـلِـيٌّ ثـابِـتُ القَدَمِ
وَفـي الأَبـاعِـدِ ما يُغني عَنِ الرَّحِمِ
هَـداهُ لِـلـرُّشـدِ في داجٍ مِنَ الظُّلَمِ
يَـدعُـو إلـى رَبِّـهِ فـي كُلِّ مُلتَأَمِ
طَـوعـاً وَمِـنهُم غَوِيٌّ غَيرُ مُحتَشِمِ
جَـهـلٌ تَـرَدَّت بِهِ في مارِجٍ ضَرِمِ
مَـحـارِمـاً أَعـقَـبَـتهُم لَهفَةَ النَّدَمِ
إِلـى الـضَّـلالِ وَلَم يَجنَح إِلى سَلَمِ
ضَـمِـيـرُهُ مِـن غَراةِ الحِقد وَالسَّدَمِ
يَـنـقـى الأَدِيمُ وَيَبقى مَوضِعُ الحَلَمِ
مِـنـهُ عَـلائِـمُ فَوقَ الوَجهِ كَالحُمَمِ
وَكَـيـفَ يُـبصِرُ نُورَ الحَقِّ وَهوَ عَمِ
إِذا اِسـتَـوى قـائِـماً مِن هُوَّةِ الأَدَمِ
وَالـنَّـفـسُ مَسؤولَةٌ عَن كُلِّ مُجتَرَمِ
عَـلـى الـعِـبـادِ فَعَينُ اللَّهِ لَم تَنَمِ
مِـمّـا يُـلاقُـونَ مِن كَربٍ وَمِن زَأَمِ
وَأَصـبَـحَ الـشَّـرُّ جَهراً غَيرَ مُنكَتِمِ
غَـيـرَ الـنَّجاشِيِّ مَلكاً صادِقَ الذِّمَمِ
حَـصِـيـنَـةٍ وذِمـامٍ غَـيرِ مُنجَذِمِ
وَمَـن أَحـاطَـت بِهِ الأَهوالُ لَم يُقِمِ
سَـمـاؤُهُ وَاِنـجَلَت عَن صِمَّةِ الصِّمَمِ
عَـلـى الصَّحيفَةِ مِن غَيظٍ وَمِن وَغَمِ
وَالـغَـدرُ يَـعلَقُ بِالأَعراضِ كَالدَّسَمِ
بِـالـمُـؤمِـنينَ وَرَبِّي كاشِفُ الغُمَمِ
وَمَـن رَعـى البَغْيَ لَم يَسْلَم مِنَ النِّقَمِ
فِـي سَـوطِـهِ فَـأَنارَت سُدْفَةَ القَتَمِ
فَـتـابَـعَـت أَمـرَ داعِـيها وَلَم تَهِمِ
إِذْ جـاءَ مَـكَّـةَ فِـي ذَودٍ مِـنَ النَّعَمِ
بِـحَـقِّـهِ وَتَـمـادى غَـيرَ مُحتَشِمِ
إِلـى الـنَّـبِيِّ ونِعمَ العَونُ في الإِزَمِ
وَنُـصـرَةُ الحَقِّ شَأنُ المَرءِ ذِي الهِمَمِ
طَـوعـاً يَـجُرُّ عِنانَ الخائِفِ الزَّرِمِ
فَـحْـلٌ يَـحُـدُّ إِلَـيهِ النَّابَ مِن أَطَمِ
وَعـادَ بِـالـنَّقدِ بَعدَ المَطلِ عَن رَغَمِ
إِلَـيـهِ مَـنـشُورَةَ الأَغصانِ كَالجُمَمِ
وَرَفـرَفَت فَوقَ ذاكَ الحُسنِ مِن رَخَمِ
عُـودِي وَلـو خُـلِّيَتْ لِلشَّوقِ لَم تَرِمِ
لَـيـلاً إِلـى المَسجِدِ الأَقصى بِلا أَتَمِ
فَـأَمَّـهُـم ثُـمَّ صَـلَّـى خاشِعاً بِهِمِ
بِـهِ إِلـى مَـشـهَـدٍ في العزِّ لَم يُرَمِ
قَـدراً يَـجِـلُّ عَن التَّشبيهِ في العِظَمِ
إِلـى مَـدارِجَ أَعـيَـت كُـلَّ مُعتَزِمِ
لَـيـسَـت إِذا قُرِنَت بِالوَصفِ كَالكَلِمِ
وَنِـعـمَـةٌ لَـم تَكُن في الدَّهرِ كَالنِّعَمِ
قُـربـاهُ مِـنـهُ وَقَـد ناجاهُ مِن أَمَمِ
مـا لَـم يَـنَـلهُ مِنَ التَّكريمِ ذُو نَسَمِ
بِـحُـسـنِـها كَزُهُورِ النّارِ في العَلَمِ
عِـبـادِهِ وَهَـداهُـم واضِـحَ الـلَّقَمِ
إِلـى الـعِـبـادَةِ لا يَـألُونَ مِن سَأَمِ
لِـدَعـوَةِ الـدِّيـن لَـم يَفتر وَلَم يَجِمِ
وَيَـنـشُـرُ الدِّينَ في سَهلٍ وَفي عَلَمِ
بِـحَـبـلِـهِ عَن تَراضٍ خَيرَ مُعتَصمِ
وَأَصـبَـحَ الـديـنُ في جَمعٍ بِهِم تَمَمِ
بِـيَـأسِـهِـم كُـلَّ جَـبَّارٍ وَمُصطَلِمِ
وَكَـم بِـهِـم خَـمَدَت أَنفاسُ مُختَصِمِ
ثـارُوا إِلـى الشَّرِّ فِعلَ الجاهِلِ العَرِمِ
حُـقُـوقَـهُـم بِـالتَّمادِي شَرَّ مُهتَضَمِ
وَشـارِدٍ سـارَ مِـن فَـجٍّ إِلـى أَكَمِ
سـيـرُوا إِلـى طَيْبَةَ المَرعِيَّةِ الحُرَمِ
إِذْنـاً مِـنَ اللهِ فـي سَـيـرٍ وَمُعتَزَمِ
تَـقـبَـلْ نَصِيحاً وَلَم تَرجِعْ إِلى فَهَمِ
تَـبـغـي بِهِ الشَّرَّ مِن حِقدٍ وَمِن أَضَمِ
مَـخـذولَـةٌ لَـم تَسُمْ في مَرتَعٍ وَخِمِ
مـا أَضـمَـرَتهُ مِنَ البَأساءِ وَالشَّجَمِ
بَـاعُوا النُّهَى بِالعَمَى وَالسَّمْعَ بِالصَّمَمِ
وَيَـعـكُـفُونَ عَلَى الطَّاغُوتِ وَالصَّنَمِ
جَـنَّ الـظَّـلامُ وَخَـفَّت وَطْأَةُ القَدَمِ
مِـنَ الـقَـبائِلِ باعُوا النَّفسَ بِالزَّعَمِ
بِـمـا أَسَـرُّوهُ بَـعـدَ العَهدِ وَالقَسَمِ
يَـبـغُـونَ سـاحَـتَـهُ بِالشَّرِّ وَالفَقَمِ
لا تَـخـشَ وَالـبَس رِدائي آمِناً وَنَمِ
يَـس وَهـيَ شِـفاءُ النَّفسِ مِن وَصَمِ
وَهَـل تَرى الشَّمس جَهراً أَعيُنُ الحَنَمِ
فَـيَـمَّـمَ الـغارَ بِالصِّدِّيقِ في الغَسَمِ
مِـنَ الـحَـمـائِـمِ زَوجٌ بارِعُ الرَّنَمِ
يَـأوي إِلَـيـهِ غَـداةَ الرِّيحِ وَالرَّهَمِ
إِلّا لِـسِـرٍّ بِـصَـدرِ الـغَـارِ مُكْتَتَمِ
يَـرعَـى الـمَـسالِكَ مِن بُعدٍ وَلَم يَنَمِ
بِـاسـمِ الـهَـديلِ أَجابَت تِلكَ بِالنَّغَمِ
فـي وَكـرِهـا كُـرَةً مَلساءَ مِن أَدَمِ
رَوَت غَـلـيلَ الصَّدى مِن حائِرٍ شَبِمِ
مَـخـضُـوبَـةُ الساقِ وَالكَفَّينِ بِالعَنَمِ
مِـن أَدمُـعِـي فَـغَدَت مُحمَرَّةَ القَدَمِ
بِـخَـيـمَـةٍ حـاكَها مِن أَبدَعِ الخِيَمِ
بِـالأَرضِ لَـكِـنَّـهـا قامَت بِلا دِعَمِ
بِـأَرضِ سـابُـورَ في بحبُوحَةِ العَجَمِ
فَـصـارَ يَـحـكي خَفاءً وَجهَ مُلتَثِمِ
يَـجـلُـو البَصائِرَ مِن ظُلمٍ وَمِن ظُلَمِ
كَالدُرِّ في البَحر أَو كَالشَّمْسِ في الغَسَمِ
أَكْـبَـادُ قَـومٍ بِـنَـارِ اليَأسِ وَالوَغَمِ
مَـن عِـندَهُ السِّرُّ مِن خِلٍّ وَمِن حَشَمِ
يَـؤُمُّ طَـيْـبَـةَ مَـأوى كُلِّ مُعتَصِمِ
بِـأُمِّ مَـعـبَـدَ ذاتِ الـشَّـاءِ وَالغَنَمِ
قَـدِ اقـشَـعَـرَّت مَـراعِيها فَلَم تَسُمِ
حَـتّـى اسْـتَهَلَّت بِذِي شَخبَيْنِ كَالدِّيَمِ
ذِكـراً يَـسـيـرُ عَلَى الآفاق كَالنَّسَمِ
رَكـضـاً سُـراقَةُ مِثلَ القَشعَمِ الضَّرِمِ
فـي بُـرقَـةٍ فَـهَـوَى لِلسَّاقِ وَالقَدَمِ
مَـضَـى عَلَى عَزْمِهِ لانْهَارَ في رَجَمِ
مِـنَ الـعِـنـايـةِ لَـم يَبلُغهُ ذُو نَسَمِ
أَدْرَى وَكَـمْ نِـقَـمٍ تـفـتَرُّ عَن نِعَمِ
أَعـلامِ طَـيـبَـةَ ذاتِ المَنظَرِ العَمَمِ
لِـمَـعـشَرِ الأَوسِ وَالأَحياءِ مِن جُشَمِ
مـا سـارَت الـعِيسُ بِالزُّوّارِ لِلحَرَمِ
وَأَدرَكَ الـدِّيـنُ فـيـهِ ذِروَةَ الـنُّجُمِ
بُـنـيـانَ عِـزٍّ فَـأَضحى قائِمَ الدّعَمِ
يُـلـفـى نَـظـيرٌ لَهُ في نَبرَةِ النَّغَمِ
لَـهُ الـقـبَـائِـلُ مِن بُعْدٍ وَمِن زَمَمِ
نَـهـجَ الـهُدى وَنَهى عَن كُلِّ مُجتَرَمِ
مَـحـاسِـنِ الفَضلِ وَالآدابِ وَالشِّيمِ
عَـلـى الـزَّمـانِ وَعِزٍّ غَيرِ مُنهَدِمِ
آخـى عَـلِـيّاً وَنِعمَ العَونُ في القُحَمِ
فـي كُـلِّ مُـعـتَرَكٍ بِالبِيضِ مُحتَدِمِ
حَـتّـى غَـدا واضِحَ العِرنينِ ذا شَمَمِ
فَـضـلٌ مِـنَ اللهِ أَحـياهُم مِنَ العَدَمِ
رَسُـولِـهِ لِـيَـبُـثَّ الدِّينَ في الأُمَمِ
وَدّانَ ثُـمَّ أَتـى مِـن غَـيرِ مُصطَدَمِ
بِـالـخَـيـلِ جـامِحَةً تَستَنُّ بِاللُّجُمِ
صَـوبٍ وَحَـمزَةُ في أُخرى إِلى التَّهَمِ
إِلـى بُـواطٍ بِـجَـمـعٍ ساطِعِ القَتَمِ
جَـيـشٍ لُـهـامٍ كَمَوجِ البَحرِ مُلتَطِمِ
سَـعـدٌ وَلَـم يَلقَ في مَسراهُ مِن بَشَمِ
بِـكُـلِّ مُـعـتَـزِمٍ لِـلـقَرنِ مُلتَزِمِ
تِـلـقـاءَ نَـخلَةَ مَصحُوباً بِكُلِّ كَمِي
عَن وِجهَةِ القُدسِ نَحوَ البَيتِ ذي العِظَمِ
بَـدرٌ مِـنَ الـنَّصرِ جَلَّى ظُلمَةَ الوَخَمِ
عَـلَـى الضَّلالِ عُيونُ الشِّركِ بِالسَّجَمِ
حَـبـاهُ ذُو العَرشِ مِن بَأسٍ وَمِن هِمَمِ
كَـسـأً يُـفَـرِّقُ مِـنـهُم كُلَّ مُزدَحَمِ
وَلَـيـسَ فـيـهِ كَـمِيٌّ غَيرُ مَنهَزِمِ
فَـالـهـامُ لِـلـبِيض وَالأَبدانُ لِلرَّخَمِ
يَـلـعَـبـنَ في ساحَةِ الهَيجاءِ بِالقِمَمِ
عَـلـى الـرّغامِ وَعُضوٌ غَيرُ مُنحَطِمِ
حَـتّـى غَـدا جَـمـعُهُم نَهباً لِمُقتَسِمِ
بِـالـمَـشـرَفِـيَّـةِ وَالمُرّانِ كَالرُّجُمِ
وَأَيـنَ مـا كـانَ مِن فَخرٍ وَمِن شَمَمِ
فَـأُرغِـمُـوا وَالـرَّدى في هَذِهِ السِّيَمِ
وَمَـن تَـعَـرَّضَ لِـلأَخـطارِ لَم يَنَمِ
حَـتّى مَضى غازِياً بِالخَيلِ في الشُّكُمِ
بَـنـي سُـلَـيـمٍ فَوَلَّت عَنهُ بِالرَّغَمِ
أَلـقـاهُ أَعـداؤُهُ مِـن عُـظمِ زادِهِمِ
فَـفَـرَّ سـاكِـنُـهُ رُعـباً إِلى الرَّقَمِ
وَمَـن يُـقـيـمُ أَمامَ العارِضِ الهَزِمِ
جَـنَـوا فَـتَـعساً لَهُم مِن مَعشَرٍ قَزَمِ
مِـيـاهِ نَـجـدٍ فَلَم يَثقَف سِوى النَّعَمِ
بِـكُـلِّ مُـفـتَـرِسٍ لِـلـقِرنِ مُلتَهِمِ
جَـلِـيَّـةُ الأَمـرِ بَـعدَ الجَهدِ وَالسَّأَمِ
لِـلـمُـؤمِـنـينَ وَهَل بُرءٌ بِلا سَقَمِ
بِـحَـمـلَـةٍ أَورَدَتـهُم مَورِدَ الشَّجَمِ
وَالبَأسُ في الفِعلِ غَيرُ البَأسِ فِي الكَلِمِ
وَلَـذَّةُ الـنَّـفـسِ لا تَـأتِـي بِلا أَلَمِ
وَالـمـاءُ يَـحـسُنُ وَقعاً عِندَ كُلِّ ظَمِ
لَـم يَـظـهَرِ الفَرقُ بَينَ اللُّؤمِ وَالكَرَمِ
كِـلا الـفَـريـقَينِ جَهداً وَارِيَ الحَدَمِ
نـالـوا الشَّهادَةَ تَحتَ العارِضِ الرَّزِمِ
وَالـمَوتُ في الحَربِ فَخرُ السّادَةِ القُدُمِ
وَهَـل رَأَيـتَ حُـسـاماً غَيرَ مُنثَلِمِ
لِـمَـن وَفـا وَجَـفـا بِالعِزِّ وَالرَّغَمِ
تَـرعـى الـمَناصِلُ فيهِ مَنبِتَ الجُمَمِ
بِـالبِيضِ حَتّى اِكتَسَت ثَوباً مِنَ العَنَمِ
سـالَـت فَـعـادَت كَما كانَت بِلا لَتمِ
فِـيـهِ مِـنَ الـغَدرِ بَعدَ العَهدِ وَالقَسَمِ
بَـنـي سُـلَـيمٍ بِأَهلِ الفَضلِ وَالحِكَمِ
بَـنُـو الـنَّضيرِ فَأَجلاهُم عَنِ الأُطُمِ
تَـلـقَ الـكَـتائِبُ فيها كَيدَ مُصطَدَمِ
سُـفـيـانَ لَـكِـنَّـهُ وَلّـى وَلَم يَحُمِ
مَـكـانِـهِ وَسَـمـاءُ الـنَّقعِ لَم تَغِمِ
أَحـلافَـهـا وَأَتَـت فـي جَحفَلٍ لَهِمِ
أَنَّ الـجَـهـالَـة مَـدعـاةٌ إِلى الثَّلَمِ
يَـدعُو إِلى الشَّرِّ مثلَ الفَحلِ ذِي القَطَمِ
لِـحَـربِهِم كَضَواري الأُسدِ في الأَجَمِ
وَهَـل تَـنـالُ الـثُّـرَيّا كَفُّ مُستَلِمِ
مـاذَا أُعِـدَّ لَـهـا في الغَيبِ لَم تَرُمِ
نَهبَ الرَّدى وَالصَّدى وَالرِّيحِ وَالطَّسَمِ
لَـيـلاً إِلـى حَيثُ لَم تَسرَح وَلَم تَسُمِ
بَـغـيـاً وَقَد سَرَحَت في مَرتَعٍ وَخِمِ
وَأَدبَـرَت وَهـيَ في خِزيٍ وَفي سَدَمِ
وَمَـن يُـطِـع قَـلبُهُ أَمرَ الهَوى يَهِمِ
بَـنـي قُـرَيـظَةَ في رَجراجَةٍ حُطَمِ
وَفِـي الـخِـيـانَـةِ مَدعاةٌ إِلى النِّقَمِ
خَـوفَ الـرَّدى بِالعَوالي كُلَّ مُعتَصَمِ
يَـسـتَـنُّ فـي لاحِبٍ بادٍ وَفي نَسَمِ
فَـمـا اتَّـقُوهُ بِغَيرِ البِيضِ في الخَدَمِ
عَـشـرٍ وَلَـم يَـجرِ فيها مِن دَمٍ هَدَمِ
بِـالـخَيلِ كَالسَّيلِ وَالأَسيافِ كَالضَّرَمِ
مَـن رامَـهـا بَـعـدَ إِيغالٍ وَمُقتَحَمِ
يُـحِـبُّـنِـي وَيُـحِـبُّ اللَّهَ ذا الكَرَمِ
يَـدَيـهِ لَـيـسَ بِـفَـرّارٍ وَلا بَـرِمِ
جَـيـشِ الـقِـتـالِ عَلِيٌّ رافِعُ العَلَمِ
بِـنَـفـثَـةٍ أَبـرَأَت عَينَيهِ مِن وَرَمِ
حُـصُـونِ خَـيـبَرَ بِالمَسلُولَةِ الخُذُمِ
مَـجـرى الـوَريدِ مِنَ الأَعناقِ وَاللِّمَمِ
بـابٌ فَـكـانَ لَـهُ تُـرساً إِلى العَتَمِ
مِـنَ الـصَّـحـابَةِ أَهلِ الجِدِّ وَالعَزَمِ
غَـيـابَـةَ الـنَّقعِ مِثلَ الحَيدَرِ القَرِمِ
بِـهِ الـبَـشـائِـرُ بَينَ السَّهلِ وَالعَلَمِ
وَجـهُ الـزَّمـانِ فَـأَبدى بِشرَ مُبتَسِمِ
بِـعَـودِهِ أَنـفُـسُ الأَصحابِ وَالعُزَمِ
فَـتـحـاً وَعَـود كَرِيمٍ طاهِرِ الشِّيَمِ
يَـؤُمُّ طَـيـبَـةَ فِـي عِـزٍّ وَفِي نِعَمِ
لِـنَـيـلِ مـا فـاتَـهُ بِالهَديِ لِلحَرَمِ
بَـعـثٍ فَـلاقى بِها الأَعداءَ مِن كَثَمِ
قِـتـالَ مُـنـتَـصِـرٍ لِـلحَقِّ مُنتَقِمِ
تَـحـتَ الـعَـجاجَةِ عَبدُ اللَّهِ في قُدُمِ
أَنَّ الـرَّدى فـي الـمَعالي خَيرُ مُغتَنَمِ
تُـنصِف وَسارَت مِن الأَهواءِ في نَقَمِ
عَـلـى خُزاعَةَ أَهلِ الصِّدقِ فِي الذِّمَمِ
بِـجَـحـفَـلٍ لِجُمُوعِ الشِّركِ مُختَرِمِ
كَـالشُّهبِ في اللَّيلِ أَو كَالنّارِ فِي الفَحَمِ
كَـالـبَـرقِ وَالرَّعدِ في مُغدَودِقٍ هَزِمِ
سَـرى بِـهـا وَيَدُكُّ الهَضبَ مِن خِيَمِ
مَـعـاطِـسٌ لَـم تُـذَلَّل قَبلُ بِالخُطُمِ
لِـلـقِـرنِ مُـلتَزِمٍ في البَأسِ مُهتَزِمِ
عَـن قُـدرَةٍ وَعُـلُـوُّ الـنَّفسِ بِالهِمَمِ
شُكسٌ لَدى الحَربِ مِطعامونَ في الأُزُمِ
أَنَّ الـحَـيـاةَ الَّـتي يَبغُونَ في العَدَمِ
طَـوعَ الـبَـنـانَـةِ في كَرٍّ وَمُقتَحَمِ
وَتَـسـبِـقُ الوَحيَ وَالإِيماءَ مِن فَهَمِ
عَـلَـى سَـفِـينٍ لِأَمرِ الرِّيحِ مُرتَسِمِ
بَـيـنَ الـعَجاجِ هوِيَّ الأَجدَلِ اللَّحِمِ
وَالـسُّـمرُ تَرعدُ في الأَيمانِ مِن قَرَمِ
لَـسـابَقَ المَوتَ نَحوَ القِرنِ مِن ضَرَمِ
يَـسـتَـلُّ كَـيدَ الأَعادي بِابنَةِ الرَّقَمِ
= أَربـاضِ مَـكّـةَ بِالفُرسانِ وَالبُهَمِ
أَركـانِ رَضـوى لَأَضحى مائِلَ الدِّعَمِ
أَنَّ الـلَّـجـاجَـةَ مَـدعاةٌ إِلى النَّدَمِ
ضَـربٌ يُـفَـرِّقُ مِـنهُم مَجمَعَ اللِّمَمِ
لِـلـصُّـلحِ وَالحَربُ مَرقاةٌ إِلى السَّلَمِ
الـمَـجـدُ لِـلسَّيفِ لَيسَ المَجدُ لِلقَلَمِ
تَـسـلَـم وَهَـذا سَبِيلُ الرُّشدِ فَاِستَقِمِ
إِنَّ الـتَّـوَهُّـمَ حَـتفُ العاجِزِ الوَخِمِ
مِـلءَ الـفَـضا فَاِستَبق لِلخَيرِ تَغتَنِمِ
= وَشِـم نَـداهُ إِذا مـا البَرقُ لَم يُشَمِ
فَـإِنَّـهـا عـصمَةٌ مِن أَوثَقِ العِصمِ
أَحـيـا الـنَّباتَ بِفَيضِ الوابِلِ الرَّذِمِ
بِـهِ عُـقـودُ الأَمـانـي أَيَّ مُـنتَظَمِ
وَالـشُّـكـرُ فِي كُلِّ حالٍ كافِلُ النِّعَمِ
قَـوداءَ نـاجِـيَـةٍ أَمضى مِنَ النَّسَمِ
إِلّا هـوَى لِـيَـدٍ مَـغـلُـولَـةٍ وَفَمِ
قَـصـدِ السَّبيلِ وَلَم تَرجِع إِلى الحَكَمِ
طـامـي السّراة بِمَوجِ البِيضِ مُلتَطِمِ
تُـلـقـي إِلـى كُـلِّ مَن تَلقاهُ بِالسَّلَمِ
عَـنـهـا إلـى أَجَلٍ في الغَيبِ مُكتَتَمِ
إِلَـيـهِ سـاكِـنُـهـا طَوعاً بِلا رَغَمِ
بِـحُـكـمِـهِ وَتَـبـيعُ الرُشد لَم يَهِمِ
دَعـا لَـهـا اِنفَجَرَت عَن سائِغٍ سَنِمِ
بَـعـدَ الـجُـمـودِ بِـمُنهَلٍّ وَمُنسَجِمِ
يَـطـوي الـمَـنازِلَ بِالوَخّادَةِ الرُّسُمِ
إِلـى حِـمـاهُ فَـلاقَـت وافِرَ الكَرَمِ
عِـصـابَـةٌ أَقـبَلَت أُخرى عَلى قَدَمِ
فِـيـهِ بَـلاغٌ لِأَهـلِ الـذِّكرِ وَالفَهَمِ
بَـنـي الـمُلَوَّحِ فَاِستَولى عَلى النَّعَمِ
زَيـدٌ بِـجَـمـعٍ لِرَهطِ الشِّركِ مُقتَثِمِ
بَـنـي فَـزارَةَ أَصـلَ اللُّؤمِ وَالقَزَمِ
إِلـى الـيَـسِـيـر فَـأَرداهُ بِـلا أَتَمِ
طَـغـا اِبـنُ ثَـورٍ فَاصماهُ وَلَم يَخِمِ
عَـلـى بَـني العَنبَرِ الطُّرّارِ وَالشُّجُمِ
جَـمـعٍ لُـهامٍ لِجَيشِ الشِّركِ مُصطَلِمِ
إِلـى رِفـاعَـةَ وَالأُخـرى إِلى إِضَمِ
يَـفُـلَّ سَـورَةَ أَهـلِ الـزُّورِ وَالتُّهَمِ
أَبُـو عُـبَـيـدَةَ فـي صُـيّابَةٍ حُشُمِ
سُـفـيـانَ لَـكِـن عَدَتهُ مُهلَةُ القِسَمِ
عَـلـى الـعَـدُوِّ وَساقَ السَّبيَ كَالغَنَمِ
أَبـي عُـفَـيـكٍ فَـأَرداهُ وَلَـم يَجِمِ
عَـصـمـاءَ حَـتّى سَقاها عَلقَمَ العَدَمِ
رَآهُ فَـاحـتـازَهُ غُـنـمـاً وَلَـم يُلَمِ
أَتـى بِـهـا مُعلِناً في الأَشهُرِ الحُرُمِ
فَـلَـم يَـجِد في خِلالِ الحَيِّ مِن أَرمِ
يَـسـارَ حَـتّى لَقَوا بَرحاً مِنَ الشَّجَمِ
يَـلـبَث أَنِ انقَضَّ كَالبازي عَلى اليَمَمِ
جَـمـعَ الـبُـعُوثِ كَدُرٍّ لاحَ في نُظُمِ
خَـيـرِ البَرايا وَمَولى العُربِ وَالعَجَمِ
رَجـاةُ آدمَ لَـمّـا زَلَّ فـي الـقِـدَمِ
لَـمّـا اِلـتَـقَـيتُ بِهِ في عالَمِ الحُلُمِ
فـي كُـلِّ هَـولٍ فَـلم أَفزَع وَلَم أَهِمِ
لِـمَـن يَـوَدُّ وَحَـسـبِـي نسبَةً بِهِمِ
وَكَـيـفَ وَهيَ الَّتي تُنجي مِنَ الغُمَمِ
نَـفـسِـي وَإِن كُنتُ مَسلوباً مِنَ القِيَمِ
بِـالـسُـوءِ مـا لَم تَعُقها خيفَةُ النَّدَمِ
تَـعَـوَّذَ الـمَرءُ خَوفَ النُطقِ بِالبَكمِ
يَـعـفُـو بِـرَحـمَتِهِ عَن كُلِّ مُجتَرِمِ
جَـرائِـمـي يَومَ أَلقى صاحِبَ العَلَمِ
بِـهِ الـرَّزايـا وَيُـغني كُلَّ ذي عَدَمِ
فـي الحَشرِ وَهوَ كَريمُ النَّفسِ وَالشِّيَمِ
وَحُـبُّـهُ عِـزُّ نَـفسي عِندَ مُهتَضَمِي
فَـهَـل تَراني بَلَغتُ السُّؤلَ مِن سَلَمي
ضَـيـمٌ أَشاطَ عَلى جَمرِ النَّوى أَدَمي
يَـأسٌ وَلَـم تَخطُ بِي في سَلوَةٍ قَدَمي
عَـلـى الـتَّـجَمُّلِ إِلّا ساعِدي وَفَمِي
يَـتلُو عَلى الناسِ ما أُوحيهِ مِن كَلِمِي
بِـحُـبِّـكُـم صِـلَةٌ تُغنِي عَنِ الرَّحِمِ
نَـفـسـي لَكُم مِثلَهُ في زُمرَةِ الحَشَمِ
= مِـن هَولِ ما أَتَّقي فِي ظُلمَةِ الرَّجَمِ
لَـكِـنَّـنِـي مُـوثَقٌ في رِبقَةِ السَّلَمِ
ذَرِيـعَـةٌ أَبـتَـغـيها قَبلَ مُختَرَمِي
مِـن كُـلِّ بـاغٍ عَـتِيدِ الجَورِ أَوهكمِ
يَـهـابُـهُ كُـلُّ جَـبّـارٍ وَمُـنـتَقِمِ
أَنـزَلـتُ مُـعـظَـمَ آمالي بِذي كَرَمِ
تَـمـحُـو ذُنُوبي غَداةَ الخَوفِ وَالنَّدَمِ
زَيـغَ الـنُّهى يَومَ أَخذِ المَوتِ بِالكَظَمِ
شَـرَّ الـعَـواقِبِ وَاِحفَظنِي مِنَ التُّهَمِ
بَـعـدَ الـرَّجاءِ سِوى التَّوفيقِ لِلسَّلَمِ
نَـفـسِـي بِنُورِ الهُدى في مَسلَكٍ قِيَمِ
أَرجُو بِها الصَّفحَ يَومَ الدِّينِ عَن جُرُمِي
بِـسَـيِّـدٍ مَـن يَـرِد مَـرعاتَهُ يَسُمِ
هـامِ السِّماكِ وَصارَ السَّعدُ مِن خَدَمِي
وَخـادِمُ الـسَّـادَةِ الأَجـوادِ لَم يُضَمِ
بِـاسـمٍ لَـهُ في سَماءِ العَرشِ مُحتَرَمِ
حَـنـا عَـلَـيَّ وَأَبـدى ثَغرَ مُبتَسِمِ
فَـضـلاً وَيَـشفَعُ يَومَ الدِّينِ في الأُمَمِ
حِـرزٌ لِـمُـبـتَـئِسٍ كَهفٌ لِمُعتَصِمِ
فِـيـمَـن غَوى وَهَدى بِالبُؤسِ وَالنِّعَمِ
وَالـدِّيـنُ مِن عَدلِهِ المَأثُورِ في حَرَمِ
عُـذرٌ وَأَيـنَ الـسُّها مِن كَفِّ مُستَلِمِ
وَإِن سَـلَـكـتُ سَـبـيلَ القالَةِ القُدُمِ
أَثـنـى عَـلَـيـهِ بِفَضلٍ مُنزلُ الكَلِمِ
تُـهـدِي إِلى النَّفسِ رَيّا الآسِ وَالبَرَمِ
ثَـوبـاً مِـنَ الفَخرِ لا يَبلى عَلى القِدَمِ
بِـنَـظـرَةٍ مِنكَ لاستغنَت عَنِ النَّسَمِ
إِذ كـانَ صَـوغُ المَعانِي الغُرِّ مُلتَزمِي
نَـيـلَ الـمُـنى يَومَ تَحيا بَذَّةُ الرِّمَمِ
أَحـسِـن بِـمُـنـتَـثِرٍ مِنها وَمُنتَظِمِ
عَـن عِـفَّـةٍ لَـم يَـشِنها قَولُ مُتَّهِمِ
فِـي الـقَـولِ مَـسلَكَ أَقوامٍ ذَوي قَدَمِ
فـي الـقَـولِ أُسـوَةُ بَـرٍّ غَيرِ مُتَّهَمِ
مـا نَـمَّـقَـتـهُ يَـدُ الآدابِ وَالحِكَمِ
فَـبُـلـبُلُ الرَّوضِ مَطبُوعٌ عَلَى النَّغَمِ
فـي مَعرَضِ القَولِ إِلّا رَوضَةُ الحَرَمِ
وَجْـداً وَإِن كُـنتُ عَفَّ النَّفسِ لَم أَهِمِ
أَيـدِي الـهَوى أَسطُراً مِن عَبرَتِي بِدَمِ
مِـن قَـصدِهِ فَاقتَرِحْ مَا شِئتَ وَاِحتَكِمِ
أَولـى بِـهَـذا السُّرَى مِنْ سَائِقٍ حُطَمِ
نُـوراً يُـريـكَ مَـدَبَّ الذَّرِ فِي الأَكَمِ
مُـحَـمَّـدٍ وَهـوَ مِـشكاةٌ عَلَى عَلَمِ
بِـنِـعـمَـةِ اللَّهِ قَبلَ الشَّيبِ وَالهَرَمِ
مـا لَـم يَـنَـلـهُ بِفَضلِ الجِدِّ وَالهِمَمِ
ما شِئتَ في الدَّهرِ مِن جاهٍ وَمِن عِظَمِ
أَهـلُ الـمَـصانِعِ مِن عادٍ وَمِن إِرَمِ
يُـحـيـي النَّباتَ بِشُؤبُوبٍ مِنَ الدِّيَمِ
في الحَشرِ وَالنارُ تَرمِي الجَوَّ بِالضَّرَمِ
أَن لا تَـمُـنَّ عَـلـى ذِي خَـلَّةٍ عَدِمِ
بِـهِ شَـفِـيـعاً لَدَى الأَهْوَالِ وَالقُحَمِ
سِـواكَ فـي كُـلِّ مـا أَخشَاهُ مِن فَقَمِ
شَـمـسُ الـنَّهارِ وَلاَحَتْ أَنجُمُ الظُّلَمِ
هُـداهُ وَاعْـتَـرَفـوا بِـالعَهدِ وَالذِّمَمِ
تَـمـحُـو خَـطاياهُ في بَدءٍ وَمُختَتَمِ



المواضيع المتشابهه: