بسم الله الرحمن الرحيم
مجلس الدولة
محكمة القضاء الإداري
دائرة المنازعات الاقتصادية و الاستثمار (الدائرة السابعة)
الحكم الصادر بجلسة 29 ديسمبر2007 في الدعوى رقم 15575 لسنة 61ق


المقامة من عبد الفتاح محمد مراد
ضد
1. رئيس مجلس الوزراء
2. وزير الاتصالات و المعلومات
3. الرئيس التنفيذي للجهاز القومي لتنظيم الاتصالات
4. الممثل القانوني لمركز المعلومات و دعم اتخاذ القرار
5. وزير العدل
6. النائب العام
7. وزير الداخلية
8. مساعد أول وزير الداخلية للمساعدات الفنية و المشرف علي إدارة مكافحة جرائم الحاسب الآلي
9. وزير التضامن الاجتماعي


الوقائع:

أقام المدعي هذه الدعوي بصحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة بتاريخ 28 فبراير2007 اختصم فيها المدعى عليه عدا الأخير و طلب في ختامها الحكم:
أولا: بقبول الطعن شكلا؛
ثانيا: الحكم بصفة مستعجلة وقف تنفيذ و إلغاء القرار الإداري السلبي الصادر من وزير الاتصالات بصفته بالامتناع عن حجب المواقع الإلكترونية الإرهابية المشار إليها في صحيفة الدعوى؛
ثالثا: و في الموضوع الحكم بحجب و إغلاق المواقع المشار إليها و إلزام المدعى عليهم بصفاتهم المصروفات مع ما يترتب علي ذلك من آثار أخصها حجب و غلق تلك المواقع أينما وجدت علي شبكة الإنترنت وما قد يتم إنشائه من مواقع أخرى لتحقيق غرضها ضد المدعي؛
رابعا: حفظ كافة حقوق المدعي في التعويض عما أصابه من أضرار مادية وأدبية نتيجة القرار المطعون فيه و حفظ كافة الحقوق الأخرى.

و قال المدعي شرحا لدعواه: أنه تقدم بشكاوي للمدعي عليهم بتواريخ 20، 25، 27، فبراير 2007، كما أرسل أكثر من بريد إلكتروني علي البريد الخاص بوزير الاتصالات طالبا اتخاذ اللازم نحو حجب المواقع الالكترونية الإرهابية (وأشار المدعي إلي عدد واحد و عشربن موقعا) لأنها تتضمن تقارير تسيء إلي سمعة جمهورية مصر العربية و إهانة رئيس الجمهورية و التطاول على بعض الدول العربية وكذلك التطاول على شخص المدعي لأنه تناول تلك التقارير في كتابه (الأصول العلمية و القانونية للمدونات على شبكة الإنترنت) متعمدا حذف ما تضمنته من عبارات تسيء إلى سمعة الدولة، و أشار المدعي من خلال الاستعانة ببعض الفقرات المنشورة في هذه المواقع – إلى أنها ارتكبت جرائم جنائية ضد الدولة و منها ما تناولته ضد الشرطة و ضد رئيس الجمهورية و التشكيك في حياد النيابة العامة في قضية كريم عامر و التي حملت رقم 6677 لسنه 2006 إداري محرم بك. وأضاف المدعي أنه بعد ظهور كتابه "الأصول العلمية و القانونية للمدونات علي شبكة الإنترنت" و حذف ما تضمنته التقارير الواردة بتلك المواقع من عبارات تسيء إلى الدولة و أعلنت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان عبر موقعها و المواقع التابعة لها حملة شرسة عليه ولم تكتفي الشبكة بنشر بيان يخالف الحقيقة يتضمن اتهامه بالتعدي على تقرير لها رغم أن هذا التقرير مجرد أخبار لا تشملها حماية حق المؤلف بل قامت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان بتحريض الغير من المواقع التابعة لها على نشر هذا البيان عن طريق روابط إلكترونية و تم وضعه علي العديد من المدونات و ترتب على ذلك إعطاء الفرصة لمجهولين بارتكاب جرائم سب و قذف في حقه وطعنا في صفته القضائية و نزاهته الشخصية و منها ما ورد على مدونة عمرو غربية بتاريخ 7 فبراير2007 "زود على أمناء الشرطة واحد قاضي و صلحه" و ما ورد بمدونة منال و علاء يوم 8 فبراير2007 "الراجل طلع أمين شرطة فعلا" و كما ورد بمدونة غربية بتاريخ 5 فبراير2007 "أنا بقول الشبكة ترفع عليه قضية بسبب انتهاكه لملكيتهم الفكرية من بابا التسالي" و أضاف المدعي أن الدوافع التي دعت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان و غيرها من المواقع المطلوب حجبها للقيام بتلك الجرائم في حقه هو حثه على عدم المناداة بوضع قانون يحكم المدونات حتى تظل تصرفاتهم المخالفة و الخارجة عن القانون خارج نطاق التجريم و الرغبة في الشهرة على حساب صفة المدعي باعتباره من قدامى رؤساء محاكم الاستئناف في مصر و له العديد من المؤلفات في شتى مناحي علوم القانون فضلا عما تعرض له من أبحاث تناولت جرائم الكمبيوتر و الإنترنت و قيامه بفضح أساليب تلك المواقع كوسيلة للإساءة تحت ستار حماية حقوق الإنسان كما حدث في قضية كريم عامر و التي كانت الشبكة حاضرة معه لتشجيعه علي الاستمرار في ازدراء الأديان وسب نظام الحكم و رئيس الدولة، بالإضافة إلى أن أجندة الممول الأجنبي تدعو إلى حرية مهاجمة أي شيء مقدس فى الشرق و تتطلب دائما إثارة معارك افتراضية لمهاجمة الدولة و الأشخاص فى موضوعات مثل ديمقراطية الانتخابات و نزاهة القضاء.

و خلص المدعى إلى أن حملة التشهير التي تقودها الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان و المواقع التابعة لها تؤدى إلى المساس بسمعته و حياته الشخصية و الوظيفية و العملية كما تؤدى فضلا عن ذلك إلى إظهار الدولة بمظهر غير لائق و التأثير على سمعتها و المساس بأمنها القومي و مصالحها العليا و على علاقتها بالدول العربية الشقيقة. و اختتم المدعى عريضة دعواه بطلباته المتقدمة الذكر.

و تحدد لنظر الشق العاجل من الدعوى جلسه 27 مارس2007 أمام الدائرة الأولى و فيها قدم المدعي حافظتي مستندات و مذكرة دفاع و بذات الجلسة قررت المحكمة إحالة الدعوى إلى هذه الدائرة لنظرها بإحدى جلسات شهر أبريل 2007، و بناء عليه أحيلت الدعوى إلى هذه الدائرة و نظرتها بجلسة 7 أبريل2007 و فيها قدم المدعي عدد سبع و عشرين حافظة مستندات و طلب أجلا لاختصام خصوم جدد و تعديل الطلبات كما حضر خصوم متداخلون إلى جانب المدعي واردة أسمائهم بمحاضر الجلسة و حضر خصوم متدخلون إلى جانب الجهة الإدارية واردة أسمائهم بمحاضر الجلسة، و بجلسة 5 مايو2007 حضر المدعي و قدم صحيفة معلنة بتعديل طلباته فى الدعوى أضاف فيها عدد ثلاثين موقعا آخرا للمواقع المطلوب حجبها كما أضاف إلى المدعى عليهم "وزير التضامن الاجتماعي بصفته"، كما قدم ثلاث حوافظ مستندات و مذكرة دفاع، وقدم الحاضر عن المتداخلين مع المدعى صحيفة تدخل و مذكرة، و قدم نائب الدولة الحاضر عن المدعى عليهم عدا الثالث مذكرة دفاع طلب في ختامها الحكم بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإداري لرفعها من غير ذي صفة و على غير ذي صفة و احتياطيا رفض الدعوى و قدم الحاضر عن المدعى عليه الثالث مذكرة دفاع طلب فيها الحكم بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة و لانتفاء القرار الإداري كما قدم الحاضر عن المتداخلين مع الجهة الإدارية ثلاث حوافظ مستندات و مذكرة دفاع و بذات الجلسة قررت المحكمة إحالة الجلسة إلي هيئة مفوضي الدولة لإعداد تقرير بالرأي القانوني فيها.

وبناء عليه أعدت الهيئة التقرير ارتأت فيه أن حقيقة طلبات المدعي تنقسم إلي قسمين:
الأول: وقف تنفيذ ثم إلغاء القرار السلبي بالامتناع عن حجب المواقع الإلكترونية المشار إليها فيما تضمنته من كتابات تمثل ازدراء الدين الإسلامي و تسيء لسمعة البلاد و تهدد الأمن القومي و المصالح العليا للدولة و تعويض المدعي عن الأضرار التي أصابته من جراء ذلك؛

الثاني: وقف تنفيذ ثم إلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من كتابات تسيء إلى سمعة المدعي الشخصية و التشهير به و التعويض عن الأضرار التي أصابته من جراء ذلك.
و خلصت الهيئة في تقريرها للأسباب الواردة به إلى أنها ترى الحكم
بالنسبة للطلب الأول: بعدم قبوله لرفعه من غير ذي صفة وبرفض طلب التعويض وبإلزام المدعى المصروفات

و بالنسبة للطلب الثاني:
أولا عدم قبوله لرفعه على غير ذي صفة بالنسبة للمدعى عليه الخامس (وزير العدل) والمدعى عليه التاسع (وزير التضامن الاجتماعي) و قبوله بالنسبة لباقي المدعى عليهم من هذه الناحية؛

ثانيا: بقبول طلب التدخل الانضمامي للجهة الإدارية و رفض طلب التدخل الانضمامي للمدعى و إلزام طالبي التدخل الأخير مصروفات هذا الطلب؛

ثالثا: برفض الدفوع المبداة من الجهة الإدارية بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإداري أو رفعها من غير ذي صفة أو رفعها على غير ذى صفة و قبولها من هذه النواحي؛

رابعا : قبول الدعوى شكلا و فى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه و ما يترتب على ذلك من أثار أخصها حجب الصفحات التي تمس كرامة المدعى من المواقع المنوه عنا سلفا؛

خامسا: قبول طلب التعويض شكلا و فى الموضوع القضاء للمدعي بالتعويض الذي تقدره المحكمة؛

سادسا: إلزام الجهة الإدارية و المتدخلين انضماميا لها بالمصروفات والأتعاب الخاصة بهذا الطلب وبجلسة 8 يوليو2007 قدم المدعى مذكرة دفاع و قدم الحاضرين عن المتدخلين مع المدعى مذكرة دفاع، وقدم الحاضر عن الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان مذكرة دفاع، وقدم الحاضر عن المدعى عليه الثالث (الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات) مذكرة دفاع طلب فيها الحكم أصليا بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة و لانتفاء القرار الإداري و احتياطيا رفض الدعوى, و بجلسة 30 سبتمبر2007 قدم المدعي مذكرة دفاع تضمنت أن المواقع المطلوب حجبها هي:

1. الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان
2. موقع أوبن أرب نت (المبادرة العربية لإنترنت حر)
3. موقع سيبونا لا تمنعوا المواقع
4. مركز هشام مبارك
5. موقع مؤسسة حرية الفكر والتعبير
6. موقع المبادرة المصرية للحقوق الشخصية
7. موقع المرصد المدني لحقوق الإنسان
8. موقع المرصد المصري للعدالة
9. موقع مركز النديم لعلاج و التأهيل النفسي لضحايا العنف
10. موقع الجمعية المصرية لمناهضة التعذيب
11. موقع جمعية العون لحقوق لإنسان
12. دار الخدمات النقابية و العمالية
13. موقع المركز الفلسطيني لتنمية والحريات الإعلامية (مدى)
14. موقع جمعية شباب البحرين لحقوق الإنسان
15. موقع شبكة التكامل الشبابية العربية
16. موقع كاتب
17. موقع كفاية
18. موقع صحيفة الغد
19. موقع نهضة مصر
20. موقع شركة جود نيوز فورمى المالك لموقع نهضة مصر
21. موقع نشطاء الرأي
22. موقع ثروة مصر
23. موقع مدونة حوليات صاحب الأشجار
24. مجمع مدونات منال و علاء
25. مدونة داليا زيادة
26. مدون بنت مصرية
27. مدونة واحد من البشر
28. مدونة الله الوطن فاطمة
29. مدونة سلامندر
30. مدونة كفاية حرام
31. مدونة الفجر الجديد
32. مدونة الله الوطن أم الخلول
33. مدونة عرباوي
34. مدونة محامي
35. مدونة علي الهامش
36. مدونة عبد الكريم عامر
37. مدونة نورا يونس
38. مدونة جمال عيد
39. مدونة مالك مصطفى
40. موقع وكالة الإنباء العراقية ونا
41. الجمعية العراقية للدفاع عن حقوق الصحفيين
42. منظمة اوربك الإعلامية العراقية المستقلة
43. موقع منتديات البحرين
44. موقع شمسان نيوز
45. الشبكة الدولية لتبادل المعلومات حول انتهاكات حرية التعبير
46. موقع مبادرة الانترنيت الحر العالمية
47. موقع مركز النور
48. موقع الحوار المتمدن
49. موقع منظمة إندكس؛

و خلص المدعي بمذكراته إن طلباته الختامية هي وقف تنفيذ ثم إلغاء القرار السلبي بالامتناع عن حجب و غلق كامل للمواقع الإلكترونية سالفة البيان والقضاء له ضد المدعي عليهم بتعويض مادي و أدبي قدرة ثلاث ملايين من الجنيهات المصرية و من المتدخلين انضماميا لجهة الإدارة (أحمد سيف الإسلام عبد الفتاح و جمال عبد العزيز عيد بتعويض مادي و أدبي قدرة ثلاث ملايين من الجنيهات المصرية و حفظ كافة الحقوق الجنائية و المدنية الأخرى و بذات الجلسة قدم الحاضر عن الدولة مذكرة دفاع عقب فيها على تقرير مفوض الدولة و دفاع المدعي و خلص إلى التمسك بما جاء بمذكرة الدولة المقدمة بجلسة 5 مايو2007 بما فيها من دفوع و دفاع و بجلسة 20 أكتوبر2007 قدم الحاضر عن الخصوم المتدخلين إلى جانب الجهة الإدارية مذكرتي دفاع تضمنت الأولى التعقيب علي تقرير مفوض الدولة و تضمنت الثانية أن أساس النزاع هو قيام المدعي بأخذ أجزاء مطولة من كتاب "الإنترنت خصم عنيد" الصادر عن الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان و ضمها إلى مؤلفه الأصول العلمية و القانونية للمدونات على شبكة الإنترنت، و أشارت المذكرة إلى أوجه التشابه التي تراها الشبكة بين الكتابين و بذات الجلسة قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 8 ديسمبر2007 و فيها قررت مد أجل النطق بالحكم بجلسة اليوم و فيها صدر و أودعت مسودته المشتملة علي أسباب هذا النطق به.

المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق و سماع الإيضاحات و المداولة قانونيا،
من حيث أن المدعي يهدف بدعواه وفق لطلباته الختامية إلى الحكم بقبول الدعوى شكلا و بوقف تنفيذ ثم إلغاء القرار السلبي بالامتناع عن حجب عدد من المواقع الالكترونية على شبكة الإنترنت (تسعة وأربعين موقعا و المشار إليها بصحيفة تعديل طلباته و مذكرته الختامية) لارتكابها جرائم ضد أمن وسلامة الوطن فضلا عن تعرضها لشخصه و الإساءة لسمعته والتشهير به، و كذا بأحقيته في التعويض عن الأضرار المادية و الأدبية التي أصابته من جراء ذلك مع ما يترتب علي ذلك من آثار و إلزام المدعى عليهم بصفتهم أضروه؛

ومن حيث أنه عن الدفع المبدى بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإداري فإن القرار الإداري السلبي في ضوء حكم المادة 10 من قانون مجلس الدولة يتحقق عندما تمنع الجهة الإدارية عن اتخاذ إجراء كان من الواجب عليها اتخاذه بحكم القانون؛

و من حيث أن الثابت من الأوراق أن المدعي قد تقدم بجهة الإدارة بتواريخ 20، 25 ،27 فبراير 2007 بشكاوى طالبا باتخاذ اللازم نحو حجب المواقع الإلكترونية المشار إليها و كان من بين الأسباب التي استند إليها ارتكابها جرائم تمس أمن وسلامة الوطن—و أيا كانت صحة هذه الأسباب. و لما كان واجبا على جهة الإدارة التدخل لحماية الأمن القومي و المصالح العليا للبلاد طبقا للقواعد الدستورية وهو هدف للجهاز القومي لتنظيم الاتصالات طبقا للمادة 4 من قانون تنظيم الاتصالات رقم 10 لسنة 2003 و من ثم فإن قرارها في هذا الشأن إيجابا أو سلبا يصلح أن يكون محلا للطعن بإلغاء الأمر الذي يتعين معه القضاء برفض الدفع؛

و من حيث أنه عن الدفع المبدي بعدم قبول الدعوى لرفعها بدون أي صفة فإنه من المبادئ المقررة أنه يشترط لقبول دعوى الإلغاء أن يكون لرافعها مصلحة شخصية مباشرة و ذلك أن يكون في حالة قانونية خاصة بالنسبة إلى القرار المطعون فيه ويكون من شأنه أن يؤثر فيها تأثيرا مباشرا؛ و من حيث أنه و لئن كانت صفة المدعي كمواطن و كمسلم لا تكفي لإثبات توافر المصلحة لطلب الإلغاء للقرار المطعون فيه استنادا للمساس بالأمن القومي و ازدراء الأديان إلا أن البين من الأوراق أن المدعي يستند في طلبه إلغاء القرار لسبب آخر و هو المساس بشخصه و التشهير به و من ثم تكون له صفة مصلحة من هذه الناحية في الطعن عليه مما يضحى معه الدفع جديرا بالرفض؛

و من حيث أنه عن الدفع المبدى بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة فإن المدعي عليهم عدا الخامس وزير العدل و التاسع وزير التضامن الاجتماعي لهم صلة بتنظيم و تسير و رقابة مرفق الاتصالات و من ثم يكونون ذوي صفة في الدعوى مما يتعين معه رفض الدفع بالنسبة إليهم؛ من حيث أنه و بالنسبة للمدعى عليه الخامس وزير العدل و المدعي عليه التاسع وزير التضامن الاجتماعي فإن تنظيم مرفق الاتصالات و الرقابة علية أو على مواقع الإنترنت لا صله لهما به الأمر الذي يتعين معه عدم قبول الدعوى في موجهتنا لرفعها على غير ذي صفة؛

و من حيث أن الدعوى استوفت أوضاعها الشكلية و الإجرائية و من ثم فهي مقبولة شكلا؛ و من حيث أنه عن طلب التدخل الانضمامي للمدعي المقدم من المحامين الوارد أسمائهم بصحيفة التدخل و بمحاضر الجلسات فان المستقر عليه أنه يشترط في التدخل وفقا لأحكام المادة26 من قانون المرافعات أن تتوافر لطالب التدخل مصلحة شخصية و مباشرة؛

و من حيث أن طالبي التدخل يستندون في طلبهم إلى كونهم مصريين و مسلمين مما يجيز لهم التصدي لأي محاولة لإظهار بلدهم بمظهر غير لائق أو أي محاولة لمس سمعة و كرامة شخص المدعى و صفته القضائية التي يعتزون بها و مكملة لرسالتهم في المحاماة و لما كانت صفة طالبي التدخل كمواطنين و مسلمين و محاميين لا تكفي لتوافر المصلحة لتدخلهم في الدعوى إذ يلزم أن يكون هناك صفة أخرى أكثر تخصصا حتى يمكن أن يقال أن هناك ثمة حالة قانونية خاصة تؤثر في مصلحة ذاتية لهم دون سائر المواطنين بالنسبة للقرار المطعون عليه و هو ما لا يتوافر بشأنه طالبي التدخل المشار إليهم و الذي يتعين معه عدم قبول تدخلهم لانتفاء المصلحة؛

و من حيث أنه عن طلب التدخل الانضمامي لجهة الإدارة المقدم من الوارد أسمائهم بصحيفة التدخل و بمحاضر الجلسات فإنه و لما كان الثابت من الأوراق أن طالبي التدخل من القائمين على إدارة المواقع و المدونات المطلوب حجبها و من ثم يكون لهم صفة و مصلحة في التدخل بما يتعين قبوله؛

و من حيث أنه عن الموضوع فإن المادة 47 من دستور جمهورية مصر العربية تنص على أن حرية الرأي مكفولة و لكل إنسان التعبير عن رأيه و نشره بالقول أو الكتابة أو التصوير أو غير ذلك من وسائل التعبير في حدود القانون و النقد الذاتي و النقد البناء ضماننا لسلامة البناء الوطني و تنص المادة 48 من ذات القانون على أن حرية الصحافة و الطباعة و النشر و وسائل الإعلام مكفولة و الرقابة على الصحف محظورة و إنذارها أو وقفها أو إلغائها بالطريق الإداري محظور و يجوز استثناء في حالة إعلان الطوارئ أوفي زمن الحرب أن يفرض على الصحف والمطبوعات و وسائل الإعلان رقابة محددة في الأمور التي تتصل بالسلامة العامة أو أغراض الأمن القومي و ذلك كله وفقا للقانون؛

و من حيث أن المادة19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية و السياسية تنص على أن:
1. لكل إنسان حق فى اعتناق أراء دون مضايقة
2. لكل إنسان حق فى التعبير و يشمل هذا الحق حريته في التماس دروب المعلومات و الأفكار و تلقيها و نقلها إلى الآخرين دونما اعتبار سواء على شكل مكتوب أو مطبوع أو فى قالب فني أو بأي وسيلة أخرى يختارها
3. تستتبع ممارسة الحقوق المنصوص عليها في الفقرة 2 من هذه المادة واجبات ومسئوليات خاصة و على ذلك يجوز إخضاعها لبعض القيود و لكن شريطة أن تكون محددة بنص القانون أو تكون ضرورية:

1. لحقوق الآخرين أو سمعتهم
2. لحماية الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة؛

و من حيث أن المستفاد مما تقدم أن الدستور المصري مساير فى ذلك الاتفاقيات الدولية المقررة لحقوق الإنسان، قد كفل حرية التعبير بمدلوله العام و فى مجالاته المختلفة السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و بجميع وسائل التعبير، و ضمانا من الدستور لحرية التعبير و التمكين من عرضها و نشرها بأية وسيلة على نحو ما جاء بالمادة 47 سالفة الذكر قد تقرر بوصفها الحرية الأصل التي لا يتم الحوار المفتوح إلا فى نطاقها و على ذلك فان هذه الحرية لا تنفصل عن الديمقراطية و على ذلك فان ما توخاه الدستور من خلال ضمان حرية التعبير و هو أن يكون التماس الآراء و الأفكار و تلقيها عن الغير و نقلها إليه غير مقيد بالحدود الإقليمية على اختلافها و لا تنحصر فى مصادر بذاتها تعد من قنواتها بل أن تترامى أفاقها بل قصد أن تتعدد مواردها و أدواتها.

كما أن الدستور بعد أن أرسي القاعدة العامة التي تقوم عليها حرية التعبير حرص على إتمامها بإحدى الحريات المتولدة عنها كإحدى صورها الأكثر أهمية والأكثر أثرا فى المجتمع وهى حرية الصحافة وذلك باعتبارها من أفضل المنابع التي تكفل تدفق الإنباء والآراء والأفكار ونقلها إلى قطاع عريض من المواطنين مما يسهم فى تطوير المجتمع وتدعيم الحريات فيه؛

و من حيث أنه من المقرر أن الحريات والحقوق العامة التي كفلها الدستور ليست حريات و حقوق مطلقة و إنما يجوز تنظيمها تشريعيا بما لا ينال من محتواها إلا بالقدر وفي الحدود التي ينص عليها و من ثم فان هذه القيود و التي يفرضها المشرع على تلك الحرية تمثل استثناء من الأصل الدستوري المقرر بكفالة و ضمان حرية التعبير و بالتالي يجب أن تكون فى أضيق الحدود و للضرورة القصوى؛

ومن حيث أنه سبق لهذه المحكمة بهيئة مغايرة أن انتهت إلى أن التشريعات المصرية لم تحدد المجالات التي تستدعي حجب المواقع الإلكترونية غير أن هذا الفراغ التشريعي لا يخل بحق الأجهزة الحكومية من إلزام مزودي الخدمة بالحجب حينما يكون هناك مساس بالأمن القومي أو المصالح العليا للدولة و ذلك بما لتلك الأجهزة من سلطة فى مجال الضبط الإداري لحماية النظام العام بمفهومه المثلث الأمن العام؛ الصحة العامة؛ السكينة العامة؛

و من حيث أنه بالبناء على ما تقدم و لما كان الثابت من الأوراق أن المدعي قد استند فى طلبه إلى الجهة الإدارية بحجب المواقع المنوه عنها سلفا إلى قيامها بارتكاب جرائم تمس أمن و استقرار الوطن، وقد سبق القول بأنه ليس للمدعى مصلحة شخصية و مباشرة فى هذا الشق فضلا عن أنه يستفاد من رفض جهة الإدارة الاستجابة لطلب المدعي أنها انحازت للأصل و هو حرية التعبير و رفضت الاستثناء و هو التقيد، إذا أن حجب موقع بالصحافة الإلكترونية هو من ذات جنس حظر صحيفة مكتوبة بجانب أن كل ذلك قيد علي حرية التعبير محظور دستوريا.

أما بخصوص ما استند إليه المدعي في طلب حجب بعض هذه المواقع لارتكابها جرائم في حقه تشكل سبا وقذفا و تشهيرا فإنه و إزاء الفراغ التشريعي المنظم لدواعي الحجب و حدوده و توقيتاته فإنه نزولا على القاعدة الأصولية التي تقضي بترتيب المصالح في ضوء مدارجها عند التعارض فإن المحكمة ترجح الانحياز لجانب الحرية على حساب المسئولية، و ذلك إلى أن يتدخل المشرع بسد هذا الفراغ التشريعي تنظيما لذلك القيد لضمان التوازن بين حرية التعبير و ضمان حماية الحريات الخاصة.

و تأخذ المحكمة في الاعتبار و بخصوص الحالة الماثلة أن المخالفات و التي يأخذها المدعي على بعض المواقع بأنها تسببت في التعرض له بالإهانة فإن ذلك يسوغ له ملاحقة مرتكبيها جنائيا و مدنيا إلا أنها لا تبرر حجب هذه المواقع بالكامل لما تحتويه المواقع كما هو معلوم من ألاف المعلومات الأخرى التي يستفيد منها كل من يسعي إلي المعرفة و بالتالي يطولهم عقاب الجهة الإدارية في حالة حجبها الموقع. و بهذه المثابة فإن القرار المطعون فيه يكون قد جاء موافقا لصحيح حكم القانون مما يضحى طلب إلغاءه "و الحالة هذه" حريا بالرفض؛ و حيث من خسر الدعوى يلتزم بمصروفاتها عملا بحكم المادة 184 مرافعات.

فلهذه الأسباب


حكمت المحكمة:

أولا: برفض الدفوع المبداه بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإداري و لرفعها من غير ذي صفة أو على غير ذي صفة؛
ثانيا: بقبول التدخل الانضمامي إلى جانب الجهة الإدارية و رفض ما عدا ذلك من طلب تدخل و ذلك على النحو المبين بالأسباب؛
ثالثا: بقبول الدعوى شكلا و رفضها موضوعا


المواضيع المتشابهه: