الإرث حق مالي ولازم للورثة، لأنه تمليك وتملك مفروض على الواقع الإنساني. فقد أوجبه الله تعالى لمستحقيه الرجل أو المرأة. فكانت أحكامه من النظام العام، وجميع التشريعات المتعلقة بالميراث، وأهمها التشريع الإسلامي الذي اهتم بأحكام المواريث لأنه يعالج قضية ماليّة تؤثر على العلاقات المالية في الأسرة الواحدة. ونظمه قانون الأحوال الشخصية السوري في حالاته وطرائقه وموانعه، وذلك في الفصل الخاص بالمواريث. ومن استقرائنا لنصوص هذا القانون نلاحظ أنه ميز بين نصيب الذكر والأنثى لاعتبارات وظروف كل حالة، فقد يكون نصيب الأنثى أكبر أو يساوي أو أقل من نصيب الذكر، ولم ينص على حرمانها من الميراث.

أما في الدستور فقد حرصت الدولة على الاهتمام بالمرأة والحفاظ على حقوقها من خلال بنود الدستور والاتفاقيات والمواثيق الدولية، وباتجاه سياسة الدولة لتحريرها وتطويرها ومساواتها بالرجل. وهذا ساهم في ارتفاع مستوى التعليم للمرأة وإثبات وجودها كنصف فاعل في المجتمع لدعم عملية التطور والتقدم. ومع ذلك بقي في مجتمعنا السوري نظرة دونية للمرأة نتيجة السلطة الذكورية المسيطرة. فنجد الكثير من النساء يحرمن من الميراث تحت وطأه العادات والتقاليد والأعراف الفاسدة التي عززت الصورة النمطية للمرأة الشرقية، لأنه يعدّها ضلعاً قاصرة تابعة للرجل، وهو وصي عليها. فأرض الرجل للرجل، وهو الوارث لاسم أبيه، وذلك بمساهمة المرأة ذاتها وجهلها بأحكام الشرع والقانون، وخوفاً من مجافاة أهلها ونظرة المجتمع إليها، وسكوتها عن حقها سلب حقها في الميراث تحت ذرائع واهية دون رادع أخلاقي أو محاسبة قانونية، مستغلين الثغرات القانونية والتطبيق المزاجي للقانون الذي كرس العنف ضد المرأة وزاد معاناتها وقهرها داخل الأسرة.

*وهذه الظاهرة الاجتماعية السلبية ساهمت في وأد المرأة بوأد حقوقها، وهذا أبقى المرأة والمناصرين لها في صراع حقيقي لاسترداد حقها الشرعي في الميراث، بل حقها في المساواة الكاملة في الميراث. فهي تعمل وتساعد في البيت والأسرة، ولا مبرر لأن تنال نصف ما يستحق أخوها أو زوجها، وحرمانها من حقها في إرثها مسؤولية الجميع ويقع على عاتق الدولة. فيجب سن القوانين الرادعة التي تنص على العقاب بالحبس والغرامة لمن يخالف حق المرأة في الميراث، وسد ثغراته والابتعاد عن الإجراءات القانونية المعقدة، وبمساعدة الجمعيات الأهلية اتباع استراتيجية اجتماعية وثقافية لتغيير المفاهيم البالية. فبحصول المرأة على كامل حقوقها تكون شريكة حقيقية في الوطن والمواطنة.

المواضيع المتشابهه: