يتميز المشهد السياسي الاردني بحالة نشاط نيابي ديناميكي وترقب شعبي ملحوظ بانتظار ما تسفر عنه المشاورات التي يجريها الدكتور فايز الطراونة مع الكتل النيابية حول الحكومة المقبلة والتي تنتهي مهمتها القانونية في التاسع من شهر آذار القادم.. حيث يجب أن تقدم الحكومة المكلفة بيانها الوزاري في موعد أقصاه « 10ـ 3 ـ2013».. ندرك تماما أن الدكتور الطراونة يسمع من وفود الكتل النيابية المتناقضات وشبه المتماثلات من المواقف والآراء والسمات والخصائص المطلوبة في رئيس الحكومة وفريقه الوزاري..وفي هذا المخاض العسير يصعب التوافق النيابي حول طبيعة الحكومة الجديدة..فإذا لم يحالف الحظ الدكتور الطراونة في استخلاص عناصر التوافق النيابي من هذه المشاورات واللقاءات المضنية فإن شيئا اسمه حكومة برلمانية لن يتحقق ويرى النور..لا سيما وأنه لم تنجح أي كتلة نيابية في الحصول على العدد اللازم أو المشجع من المقاعد النيابية لتكليفها بتشكيل الحكومة.. لذلك ليت جلالة الملك ينظر في إمكان اختيار رئيس حكومة من المعارضة..وذلك على غرار التجربة المغربية..حيث تم تكليف شخصية بارزة ومرموقة من المعارضة بتشكيل الحكومة..على أن يكون الرجل المعارض الذي يقع عليه اختيار جلالته مسلحا ببرنامج سياسي واقتصادي واجتماعي معقول ومقبول..وعلى أن يشكل الرئيس المكلف حكومة توافق وطني أو فلنقل حكومة إنقاذ وطني.. لعلها تستطيع التخفيف من عبء الازمة الاقتصادية على الدولة وعلى المواطن من خلال تحقيق الاصلاحات المطلوبة شعبيا وتحقيق التنمية الشاملة ووضع المشاريع الانتاجية التي تستوعب اعدادا مهمة من جيش العاطلين عن العمل ومكافحة الفساد ومساءلة رموزه واستعادة مانهب وسلب من المال العام ومن اراضي الدولة والحد من ارتفاع الاسعار وتحقيق الانفراج المعيشي لجميع المواطنين.. فالمعارضة الاردنية وطنية وتمتاز بثرائها من الشخصيات والكوادر الكفؤة والمؤهلة والمسكونة بهموم الوطن وبقضايا الشعب ومعاناته.. لقد نجحت تجربة المغرب في تشكيل حكومة ائتلاف توافقي من الموالاة والمعارضة..وليس ثمة ما يمنع أو يحول دون نجاح هذا التوجه عندنا في الاردن..والمهم بعد ذلك العمل على دعم وتشجيع الحياة الحزبية وتقديم التسهيلات اللازمة للاحزاب في نشاطها وتواصلها مع أبناء الشعب في مختلف المحافظات..ولكي تتحصن الاحزاب من اغراءات اصحاب الاجندة الخارجية يجب على الدولة مدها بالمساعدات المالية..إن تكليف شخصية من المعارضة بتشكيل حكومة توافق او وفاق وطني قد يساعد في تهدئة التوتر وتخفيف حدة الاحتقان في نفوس المواطنين..ثم أن هذا التوجه من شأنه الحد من سطوة واستبداد ونفوذ واحتكار قوى الشد العكسي لامتيازات السلطة..وهذا التوجه يضع المعارضة في الامتحان الصعب..فهل ستكون مواقفها وهي في سدة الحكم كمواقفها وهي في المعارضة ؟!.. سنرى..

المواضيع المتشابهه: