في شهر أكتوبر من عام 1987 ، جلس لوني بيسون في شقته، عاطلا
عن العمل، مفلسا، جائعا، متأخرا ثلاثة أشهر عن دفع إيجار بيته، على
شفا الطرد للعيش في الأزقة والحواري ... فوق كل هذا، كان لوني
يعاني من مرض أعاقه عن التركيز لفترة طويلة، فهو كان غير قادر
ذهنيا على لعب الشطرنج، أو قراءة كتاب كبير، أو احتمال اجتماع
أعمال مدته ثلاث ساعات!
ثم واتته تلك الفكرة: أن يبدأ عمله الخاص، في مجال الهواتف التي أحبها منذ صغره، فإن فعلها، فهو قادر على
أن يسحب البساط من تحت أقدام شركات الهواتف الكبرى . كان لوني يعيش في مدينة سياتل، المجاورة
لمدينة تاكوما، ورغم تجاور المدينتين، لكنهم ا وقعتا في تصنيفين مختلفين لفئة تكلفة الاتصال بين البلدتين،
ولذا إن أردت إجراء مكالمة مع قريب يسكن هناك، فكان عليك أن تختصر، أو تذهب لتزوره، أو تدفع فاتورة
تليفون سمينة.
لمعت الفرصة في عين لوني، فلو وفر للمتصلين حلا يجعلهم يجرون المكالمات بتكلفة أقل، لدر ذلك عليه
دخلا رائجا . لكن كيف لعاطل مفلس مثله أن يحقق فكرة مثل هذه؟ تصادف أن كان لبطلنا لوني جار قدم
على سياتل مؤخرا، وهو لمس في لوني عقلا تجاريا ومشروعا رابحا، لذا لم يتردد في إقراضه رأس المال
اللازم لتحقيق ما دار في عقل لوني من أفكار – كان هذا المبلغ 350 دولار أمريكي، استعمله لوني في
تأسيس شركة فونلينك – أو وصلة الهاتف!

كانت فكرة لوني بسيطة لكن ذكية، فهو اختار بقعة قريبة المسافة من المدينتين، وأقام بنفسه جسرا
إلكترونيا ما بين شبكتي الهواتف داخل كل مدينة، وباستخدام حاسوب بسيط، برمجه لوني ليكون حلقة
الوصل بين الشبكتين، بدأ لوني تقديم خدماته، موفرًا فرصة الاتصال بين المدينتين، بسعر رخيص وثابت
بغض النظر عن طول مدة المكالمة، كان هذا السعر يعادل تكلفة الدقيقة الواحدة بالنظام العادي! بالطبع، كان
على المتصلين دفع اشتراك سنوي 20 دولار للاستفادة من هذه الخدمة.
أراد لوني الدعاية لخدماته الجديدة، ولذا حين عرض عليه أحدهم إرسال دعاية إلى صناديق بريد 10 آلاف
شخص مقابل 300 دولار، وافق لكنه دفع له نصف الثمن على هيئة مكالمات مجانية، والنصف الآخر على
صورة شيك بنكي، لم يصرفه الرجل إلا بعد يومين – لحسن حظ لوني! بعد توزيع الدعايات، بدأ لوني في
15 اتصالا في اليوم، واستمر هذا الرقم في التصاعد دون توقف. - تلقي 10
ليس الفشل ألا تبلغ
هدفك، الفشل هو ألا
يكون لك هدف في الحياة.

قاوم لوني كل أسباب إنفاق المال، فهو برمج بنفسه تطبيقا لمحاسبة المتصلين، جعله يعمل على ذات الحاسوب
في ساعات الليل المتأخرة، التي عادة ما شهدت أقل معدلات اتصال، وبدلا من استخدام طابعة غالية الثمن لطباعة
الفواتير، استخدم ست طابعات رخيصة التكلفة أدت له ذات الوظيفة.
كان مبدأ لوني بسيطا للغاية، يوجزه بالقول : رفضت إنفاق أية مبالغ تفوق المال الذي أكسبه ! وهو استمر
على هذا النهج، ولهذا فشركته ليس عليها أية ديون بسبب الاقتراض . في أول شهر، كان إجمالي قيمة
الفواتير 70 دولار، والثاني 3 آلاف دولار، وبعدها اضطر لوني لتأجير غرفة أكبر، ولتوظيف اثنين من
الموظفين ليقابل زيادة حجم الأعمال.
بدأت القصص الإنسانية المؤثرة تنتشر بين الناس، مثل تلك السيدة العجوز التي كانت تنفق 170 دولار
شهريا لتبقى على اتصال مع ابنتها التي سكنت البلدة المجاورة، هذا المبلغ هوى إلى 5 دولارات في الشهر بسبب
الخدمة الجديدة التي اخترعها لوني! بعد مرور عام على بدء النشاط، كانت شركة لوني تحقق عوائد قدرها
100 ألف دولار أمريكي في الشهر! في عام واحد تحول لوني من فقير بائس إلى غني يجمع أموالا لا يعرف
ماذا يفعل بها!
بعد مرور عامين، كان لدى لوني 25 ألف عميل سعيد راض، لكن أرباح لوني كانت تعني خسائر فادحة
لشركات الاتصالات (قدرها لوني بمقدار 3 إلى 4 مليون دولار شهريا )، ولذا كا طبيعيا أن يزوره ممثلو
هيئة تنظيم الاتصالات، والتي طلبت منه التحول إلى شركة اتصالات رسمية، إذا هو أراد الاستمرار في نشاطه.
كان الظن بغيره أن يخاف ويفر بغنيمته ويختفي، لكن لوني لم يناقش الأمر، فقد انطلق ليحقق الشروط
الحكومية ليصبح شركة اتصالات رسمية، لكن الحق أنه كان سيفعلها من نفسه، ذلك أن لوني رأى فرصا
كثيرة ليكرر فكرته مرات ومرات...
لقد كان لوني من أولئك الناس القادرين على اكتشاف الفرص الصغيرة، التي ستتحول إلى كبيرة بمرور
الوقت. لقد أبصر لوني أن المستقبل لشركات الاتصالات، لأن جميع الناس ستستخدم هذه الخدمة، ولهذا قرر
لوني تغيير اسم شركته إلى فوكس للاتصالات، فهو أراد اسما يعكس الفكر الجديد لشركته، ألا وهو تقديم
شتى أصناف الاتصالات.
في عام 1996 ، دلف لوني بشركته إلى عالم خدمات الهواتف النقالة، وبدأ لوني يشعر بصعوبة الدعاية
لخدمات الاتصالات النقالة، التي كانت حكرا وقتها على رجال الأعمال، لتكلفتها المرتفعة وقتها...
أراد لوني الدعاية لخدماته الجديدة : الاتصالات الجوالة /النقالة/المحمولة، وهو لم يكن من النوع الذي يلقي
نقوده يمنة ويسرة، لذا فكر في طريقة جديدة - مبتكرة، للتسويق والدعاية لخدمات شركته – وتمثلت هذه
في صورة أسطول من 60 سيارة نقل مغلقة، تحمل دعايات شركته وخدماته ا، لتسير في شوارع المدينة
وتقف في طرقاتها، بما يدفع الناس لقراءة الدعايات التي ترتديها.

في آخر لحظة قبل خروج السيارات إلى الشوارع، تفتق ذهن لوني عن
فكرة عظيمة، فكرة نتاج إلهام السماء – أن تحمل كل سيارة من
السيارات رقم اتصال مجاني . لم يكن في الأمر أي تكلفة إضافية،
فالشركة شركة اتصالات في الأصل، وأرقام الهواتف منتجاتها، فلا
تكلفة إضافية فعلية على الشركة. بذلك، يستطيع لوني في أي لحظة
أن يتصفح تقارير الكمبيوتر، ليرى أي أكثر رقم اتصل عليه الناس ل معرفة المزيد من التفاصيل عن خدمات
الشركة.
بهذا، استطاع لوني مراقبة أداء كل سيارة، وكلما حققت سيارة اتصالات كثيرة في بقعة ما، أرسل إليها لوني
بقية السيارات التي لم يتصل على رقمها أحد . السيارة التي لا تحقق أي اتصالات، عليها أن تتحرك إلى بقعة
جديدة. السيارة التي تحقق اتصالات تقف مكانها ولا تتحرك . لقد ابتكر لوني نظام مراقبة لنفقات الدعاية
والإعلان، نظام أمثل للرد على المقولة الشهيرة: أعلم أن نصف نفقات الدعاية والإعلان تذهب هباء، لكني لا
أعرف أي نصف منها!
عندما اختمرت نتائج هذا النظام، هبطت فكرة سماوية أخرى على لوني: هذا النظام لا يجب أن يقف عند حدود
شركته، إن هذا النظام من القوة والدقة بحيث يمكن تطبيقه بصور كثيرة وأشكال شتى، في مجالات متعددة،
مع شركات أخرى.
والتي نمت من شركة تحقق أقل Who's Calling هذه المعرفة الداخلية أدت إلى ولادة شركة من المتصل
من مليون دولار عوائد في عامها الأول، إلى شركة تحقق 60 مليون دولار من العوائد بعد خمس سنوات من
بداية عملها! اليوم لا تراقب الشركة الجديدة الاتصالات الواردة وحسب، بل ترشد العملاء إلى طريقة تحويل
مكالمة الاستفسار إلى عملية بيع ناجحة، مع اقتراح طرق اقتصادية للدعاية والإعلان.
تحلى لوني بالشجاعة في تطبيق الأفكار الجديدة، وهو يعطينا أربع نقاط تساعدنا على تحويل الأفكار إلى
شركات ونجاحات...
امسح سوقك المحلية بشكل سريع
حدد الشركات التي تقدم أسوأ مستوى من الخدمات إلى عملائها، وحدد تلك التي تكلف زبائنها الغالي من
التكاليف، مقابل تقديم أقل مستوى من الخدمة، ثم فكر في طريقة مبتكرة لتقديم ذات الخدمة بتكلفة أقل، ثم
حدد أي العملاء أكثر قابلية لنفض يده من هذه الشركات والتحول إلى منافس يقدم له عرضًا مغريًا لا
يستطيع رفضه!
يمكننا أن نفعل أي شيء
نريده – لكن لا يمكننا أن
نفعل كل شيء نريده!

انظر خارج منطقتك الآمنة
كل شهر، يصر لوني على قراءة عدة كتب ومنشورات دورية عن مجالات وصناعات خارج اختصاصه لا يعلم
عنها أي شيء، وهو حصل على أفكار عبقرية من قراءة مقالات لا تمت بصلة إلى طبيعة عمله.
اكتب قائمة بأسماء الشركات التي يتحدث الكثير من الناس عنها بإعجاب
هؤلاء إما المنافسين الذين ستنافسهم، أو الشركاء الذين ستشاركه م! طالما أن هذه الشركات لها الكثير من
العملاء الذين جلبوا لها الشهرة، فعليك التفكير في طريقة لتهتم عن طريقها بهؤلاء العملاء بشكل أفضل
(الفكر التنافسي)، أو فكر في طريقة تقدم لهم بها خدمات تكميلية (فكر المشاركة).
إياك والبقاء محبطا
ينال الإحباط والفشل منا ج ميعا، ولهذا تجد العديد من الناس يحجمون عن بدء شركات وأعمال جديدة . لا
تخف من المنافسة والفشل، فلن تفوز ما لم تخوض الغمار، وتكون مستعدا لأن تخسر بين الفينة والأخرى .
تعلم من كل كبوة، فبطل قصتنا اليوم دخل في مشاريع فاشلة عديدة، قبل أن يدرك النجاح.

من كتاب 25 قصة نجاح..


المواضيع المتشابهه: