* تنويه:
ان مصدر هذه المعلومات هو وزارة العدل العدل الاماراتية وما تتضمنه من قرارات صادرة عن هيئاتها القضائية المختلفة (المحكمة الاتحادية العليا، محكمة النقض ..الخ)، ودون الاخلال باي من حقوق المؤلف فان نشر هذه القرارات يتم وفقا لغايات تعليمية بحته تحت مبدأ الاستخدام العادل للمصنفات العلمية والادبية. وعليه فان اي استخدام غير تجاري او اي استخدام غير مشروع لمحتويات هذا الموضوع يقع على عاتق مستخدمه وما يتضمنه ذلك من امكانية الملاحقة القضائية من قبل صاحب الحق الأصيل في المصنف المنشور هنا.



جلسة الثلاثاء الموافق 19 من فبراير سنة 2013


برئاسة السيد القاضي الدكتور/ عبدالوهاب عبدول– رئيس المحكمة . وعضوية السادة القضاة / شهاب عبدالرحمن الحمادي وفلاح شايع الهاجري و محمد عبدالرحمن الجراح وعبدالعزيز محمد عبد العزيز.





الدعوى رقم 4 لسنة 2012 دستوري

(1) دعوى دستورية. دستور – خصومة – دفوع " انعدام الخصومة"
- الخصومة الدستورية . نطاقها .يتحدد بأشخاص الخصومة الموضوعية .
- اتصال المحكمة الدستورية بالخصومة الدستورية : بطريقي التصدي أو الدفع .
- استقامة الدعوى أمام المحكمة الدستورية في جانبها الشخصي بطريق الدفع . كفايته - لتوافر الخصومة . النعي بانعدامها. غير مقبول.

(2) دفوع " بانعدام إجراءات الدعوى " . قانون " تفسيره " . اختصاص " ولائي".
- اقتصار الدعاوى المقامة على حكومة دبي المخاطبة بالقانون المحلي رقم(10) لسنة 2005على الدعاوى أمام جهات قضائية محلية للإمارة أو لجان ومراكز التحكيم والتوفيق والمصالحة دون الأخرى التي تختص بها المحكمة الاتحادية العليا أو المحاكم الاتحادية . علة ذلك ؟

(3) قانون" تفسيره". إجراءات " رفع الدعوى". دعوى دستورية .دستور.
- التثبت من صحة اتصال المحكمة الدستورية بالدعوى الدستورية .واجب قبل الدخول في بحث موضوع الدستورية .
- صحة إجراءات اتصال المحكمة الدستورية بالدعوى الدستورية أو بطلانها . مرجعه نص القانون .
- تحديد القانون طريقا معينا لرفع الدعوى الدستورية .يوجب إتباعه .
- الدعوى الدستورية .عينية .تستهدف التشريع المطعون عليه. وضع المشرع إجراءات تحريكها وطريق اتصال المحكمة بها وشروط قبولها والاختصاص بنظرها أمام المحكمة الاتحادية العليا . وجوب إتباع ذلك لتعلقه بالنظام العام لا تنعقد ولاية المحكمة إلا بإتباعها .علة ذلك؟

( 4 ) المحكمة الاتحادية العليا "اختصاصها ". قانون "تفسيره " .دستور .

  • الاختصاص الدستوري للمحكمة الاتحادية العليا . نطاقه؟ المادة 99/3 دستور المادتين 33/4 و58/201 من قانون المحكمة العليا .

- اتصال المحكمة العليا بالدعوى الدستورية .بطريق الدفع المثار من أحد الخصوم في الدعوى الموضوعية وقبول المحكمة له والأذن لمثير الدفع بإقامة الدعوى الدستورية أمامها .

(5) تشريعات .قانون " تفسيره " .دستور .تحكيم – دعوى دستورية . هيئة تحكيمية.
- الأصل في النصوص التشريعية إلا تحمل على غير مقاصدها أو تشويهها . بما يخرجها عن معناها .
- النصوص التشريعية . تصاغ لغاية تحقيق المصلحة الاجتماعية . مؤدى ذلك ؟
المصلحة الاجتماعية التي تغياها المشرع من سن المادة 58 من قانون المحكمة الاتحادية العليا مضمونها ؟
- الطعن بعدم دستورية القوانين .نطاقه ضيق ومحدود . علة ذلك ؟
- التحكيم . قضاء اتفاقي يعمل في إطار روابط القانون الخاص . مؤدى ذلك . هيمنة المصلحة الخاصة للخصوم على الروابط التي تعمل في إطار القانون الخاص.
- انصراف لفظ المحكمة الوارد في الدستور وقانون المحكمة العليا بمعناه الى المحاكم الرسمية في النظام القضائي الإماراتي اتحادي منه أو محلي . دون الجهات التي تفصل في المنازعات . مؤدى ذلك. صدور قرار من هيئة تحكيم الناظرة للدعوى الموضوعية وتصريحها بإقامة الدعوى الدستورية لتقديرها جدية الدفع بعدم الدستورية .أثره : عدم اتصال المحكمة العليا بالدعوى بما يوجب عدم قبولها أساس ذلك وعلته؟

_____

1- لما كان نطاق خصومه الدستورية في جانبها الشخصي يتحدد بأشخاص خصومه الموضوع ، إذا كان اتصال الدائرة الدستورية بها قد تم بطريق التصدي أو الدفع الفرعي . إذ لا يمكن لهذه الدائرة أن تغير أشخاص الدعوي الموضوعية لخروج ذلك عن ولايتها . لما كان ذلك وكانت الدعوى الموضوعية قد رفعت أساساً من المدعين على دائرة الطيران المدني – حكومة دبي ، وأن الدائرة الدستورية بهذه المحكمة اتصلت بها بذات أشخاصها عن طريق الدفع الفرعي المثار من المدعين ، ومن ثم فان الخصومة الدستورية تكون قد استقام جانبها الشخصي ، باعتبار أن الخصومة أداة لتحقيق الحماية القضائية . الأمر الذي يغدو معه الدفع المثار في غير محله .

2- لما كان خطاب القانون المحلي رقم (10) لسنة 2005 يقتصر على الدعاوى التي ترفع على حكومة دبي أمام الجهات القضائية المحلية للإمارة أو لجان ومراكز التحكيم والتوفيق والمصالحة . ولا يمتد خطاب هذا القانون إلى الدعاوى التي ترفع على حكومة دبي والتي تختص بنظرها ولائياً المحكمة الاتحادية العليا أو المحاكم الاتحادية الأخرى ، لاستقلال القضائين عن بعضهما ، ولأن اتصال المحكمة الاتحادية العليا بالدعوى الدستورية يكون وفق القواعد والإجراءات المنصوص عليها في قانون المحكمة الاتحادية العليا وقانون الإجراءات المدنية الاتحادي ، باعتبارهما قانونين اتحاديين ينظمان قواعد وإجراءات الدعوى الدستورية ، وباعتبار أن المنازعة الدستورية ذاتها تدخل في ولاية القضاء الاتحادي وتختص بها المحكمة الاتحادية العليا وحدها دون غيرها . وأنه لا شأن للقوانين المحلية بإجراءات هذه المحكمة أو بإجراءات نظر الدعاوى أمامها . الأمر الذي يغدو معه الدفع واجب الرفض .

3- لما كان المقرر فقهاً وقضاء وتشريعاً ، أنه يتعين قبل الدخول في بحث موضوع الدعوى الدستورية ، التثبت من مدى صحة اتصال المحكمة الدستورية ذاتها بالدعوى الدستورية ، وأن صحة هذا الاتصال أو بطلانه ، إنما يكون بما ينص عليه القانون ، لا بما ينبغي أن يكون عليه . كما أن من المقرر في قضاء هذه المحكمة ، أنه إذا رسم القانون طريقاً معيناً لرفع الدعوى ، فإنه يتعين إتباعه ، والإ كانت الدعوى غير مقبولة . ولما كانت الدعوى الدستورية - كدعوى عينية – تستهدف التشريع المطعون عليه ، فقد وضع المشرع إجراءات تحريكها وطرق اتصال المحكمة بها وشروط قبولها والاختصاص بنظرها أمام المحكمة الاتحادية العليا على نحو خاص . فلا تنعقد ولاية المحكمة بالفصل في دستورية القوانين والتشريعات الأخرى ، إلا باتباعها لتعلقها بالنظام العام ، باعتبارها شكلاً جوهرياً في التقاضي قصد به المشرع مصلحة عامة غايتها أن ينتظم التداعي في المسائل الدستورية بالإجراءات التي رسمها ، وإلا كانت الدعوى غير مقبولة .

4- لما كان النص في المادة (99/3) من الدستور على أن "تختص المحكمة الاتحادية العليا بالفصل في الأمور التالية : 1 -xxx 2- xxx 3- بحث دستورية القوانين والتشريعات واللوائح عموماَ إذا ما أحيل إليها هذا الطلب من أية محكمة من محاكم البلاد أثناء دعوى منظورة أمامها وعلى المحكمة المذكورة أن تلتزم بقرار المحكمة الاتحادية العليا الصادر بهذا الصدد 4 - xxxx 5 - xxxxx 6- xxx 7 - xxx 8 - xxx 9 -xxx" والنص في المادة (33/4) من قانون المحكمة الاتحادية العليا على أن " تختص المحكمة العليا دون غيرها بالفصل في الأمور والآتية : 1 - xxx 2- xxx 3 - xxx 4 – بحث دستورية القوانين والتشريعات واللوائح عموماً إذا ما أحيل إليها هذا الطلب من أية محكمة من محاكم الاتحاد أو الأمارات الأعضاء أثناء دعوى منظورة أمامها 5 - xxx 6- xxx 7 - xxx 8 - xxx 9- xxx 10 - xxx 11 - xxx . والنص في المادة (58/201) من ذات القانون على أن " تحال إلي المحكمة العليا طلبات بحث الدستورية التي تثار أمام المحاكم في صدد دعوى منظورة أمامها بقرار مسبب من المحكمة يوقعه رئيس الدائرة المختصة ويشتمل على النصوص محل البحث وذلك إذا كانت الإحالة بناء على قرار من المحكمة من تلقاء نفسها . فإذا كان الطعن في الدستورية مثاراً بدفع من أحد الخصوم في الدعوي تكون المحكمة قد قبلته تعين عليها أن تحدد للطاعن أجلاً لرفع الطعن أمام المحكمة العليا فإذا فات هذا الأجل دون أن يقدم الطاعن ما يفيد رفعه الطعن خلاله اعتبر نازلاً عن دفعه ...." . تدل (النصوص) جميعها على أن من بين طرق اتصال المحكمة العليا بالدعوى الدستورية ، الإحالة اليها بناء على دفع مثار من أحد الخصوم في الدعوى الموضوعية تكون قبلته محكمة الموضوع وأذنت لمثير الدفع رفع الدعوى الدستورية أمام المحكمة الاتحادية العليا .

5- لما كان الأصل في النصوص التشريعية هو ألاً تحمل على غير مقاصدها ، وألا تُفسَر عبارتها بما يخرجها عن معناها أو بما يؤول إلي الالتواء بها عن سياقها ، أو تشويهها . سواء بفصلها عن موضوعها أو بمجاوزتها الأغراض المقصودة منها . ومرد ذلك أن النصوص التشريعية لا تصاغ عبثاً ، وإنما لغاية تحقيق مصلحة اجتماعية يتعين أن تدور هذه النصوص في فلكها . فهذه المصلحة غاية نهائية لكل نص تشريعي ، وإطارا لتحديد معناه ، وموطئاً لضمان الوحدة العضوية للنصوص التي ينتظمها العمل التشريعي، بما يزيل التعارض بين أجزائها ، ويكفل اتصال أحكامها وتكاملها وترابطها فيما بينها لتغدو جميعها منصرفة إلي الوجهة عينها التي ابتغاها المشرع من وراء تقريرها .
وحيث إن المصلحة التي تغياها المشرع من سن المادة (58) من قانون المحكمة الاتحادية العليا ، هي حماية قرينة الدستورية المصاحبة أصلاً لكل نص تشريعي وتوفير الاستقرار لها حتى تؤدي وظيفتها الاجتماعية ، وذلك بعدم السماح لأي جهة أو هيئة أو شخص من الطعن بعدم دستورية القوانين ، إلا في نطاق ضيق وعلى نحو محدود . ذلك أن ترك باب هذا الطعن مفتوحاً للجميع ، سوف يضعف من هذه القرينة . وأن التحكيم قضاء اتفاقي يعمل في إطار روابط القانون الخاص . تلك الروابط التي يمكن لأطرافها الارتضاء والخضوع لأحكام قانون حتى ولو قامت لديهم شبهة عدم دستوريتها ، باعتبار أن المصلحة الخاصة للخصوم هي المهيمنة على تلك الروابط . بخلاف محاكم الدولة التي تقضي في المنازعات باعتبارها سلطة من سلطات الدولة يتعين أن يأتـي عملها متوافقاً مع دستورها . لما كان ما تقـدم ، وكانت عبـارة " أية محكمة من محاكم ...." الواردة في الدستور وفي قانون المحكمة ، وقد جاء لفظهما عاماً من دون تخصيص ، مطلقاً من دون تقييد ، واضح الدلالة على مراد المشرع منهما . بما مؤداهما انصراف معناهما على سبيل الشمول والاستغراق إلى كل المحاكم الرسمية في النظام القضائي الإماراتي، الاتحادي منه والمحلي . أي المحاكم التي تنشئها الدولة أو إماراتها ، وتنظمها بما لها من سيادة وسلطة واختصاص . وأن لفظ " المحكمة " الوارد في سياق المادتين سالفتي البيان ، لا تتسع لغيرها من الجهات التي تفصل في المنازعات ، كهيئات التحكيم . وإذ كان الثابت من الأوراق أن الهيئة التحكيمية الناظرة في الدعوي الموضوعية ، هي التي قررت جدية الدفع بعدم الدستورية وقبلته وصرحت للمحتكمات بإقامة الدعوى الماثلــة ، فإن مؤدى ذلك أن المحكمة الاتحادية العليا اتصلت بالدعوى الدستورية على خلاف الأوضاع المنصوص عليها في المادة (58) من قانون المحكمة الاتحادية العليا ، مما يتعين معه الحكم بعدم قبولها.




المحكمة
_____

بعد الاطلاع علي الأوراق، وتلاوة تقرير قاضي التحضير ، وسماع المرافعة ، والمداولة قانوناً .


الإجراءات
بتاريخ 20/3/2012 أودع وكيل المدعين صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الاتحادية العليا ، طالبا الحكم بعدم دستورية المادة (1/1) من القانون المحلي لإمارة دبي رقم (24) لسنة 2007 لمخالفتها وتعارضها مع المواد : 151،149،121،112 من دستور دولة الاتحاد . وكذلك مع المادة (1109) من قانون المعاملات المدنية الاتحادي ، وإلغاء ذلك القانون المحلي بالقدر اللازم لإزالة التعارض . وبتاريخ 10/5/2012 عيٍن السيد القاضي البشير بن الهادي زيتون قاضياً لتحضير الدعوى .وإذ نظرت الدعوى أمام قاضي التحضير، فقد حضر وكيل المدعين وتمسك بطلباته الواردة بصحيفة دعواه .


وحيث إن النيابة العامة فوضت الرأي للمحكمة.
وحيث إن حكومة دبي دفعت في مذكرتها الجوابية المؤرخة 8/4/2012 بانعدام الخصومة الدستورية ، وبعدم قبولها وبرفضها موضوعاً . وأرفقت بمذكرتها حافظة مستندات اطلعت عليها المحكمة .

وحيث إن وكيل المدعين قدم بجلسة التحضير المؤرخة 26/6/2012 ، مذكرة بالرد على مذكرة حكومة دبي ، تناول فيها الرد على مذكرة حكومة دبي وبما موجز الرد ، أن الدفع بانعدام الخصومة لزوال دائرة الطيران المدني من مسائل النزاع التي تختص بها هيئة التحكيم ، وهو غير معروض على المحكمة الاتحادية العليا . وأن الدفع بعدم قبول الدعوى الدستورية لعدم إيداع صحيفتها لدى دائرة الشؤون القانونية لحكومة دبي قبل عرضها على المحكمة الاتحادية العليا ، فهو في غير محله ، لأن الدعوى الدستورية أقيمت بموجب أحكام الدستور الاتحادي وقانون المحكمة الاتحادية العليا وهو موضوع اتحادي لا علاقة للقوانين المحلية به . وأن الدفع بقصر صلاحية الإحالة إلي المحكمة الاتحادية العليا لبحث دستورية القوانين على المحاكم الرسمية للبلاد ، فهو في غير محله لأنه يتعين إعطاء لفظ "محاكم البلاد" الواردة في المادة (99/3) من دستور الاتحاد ، والمادة (33/4) من قانون المحكمة الاتحادية العليا ، معنى أكبر وأوسع وأشمل بحيث تشمل المحاكم الرسمية وكذلك هيئات التحكيم التي تفصل في القضايا والمنازعات التي تثور بين الأفراد أو الأشخاص المعنوية . وأن قصر معنى اللفظ على المحاكم الرسمية دون غيرها سوف يدفع جهات التحكيم إلى أن تتصدى بنفسها لبحث دستورية القوانين حتى تفصل في النزاع المطروح عليها أو أن تطبق نصوصاً تشريعية قامت لديها جدياً شبهة عدم دستوريتها . وأن القوانين المعمول بها في الإمارات خلت من أي نص يعطي لهيئات التحكيم حق الطلب من محاكم البلاد الرسمية لمساعدتها على إحالة الطعن بعدم الدستورية إلى المحكمة الاتحادية العليا .

وحيث إن المحكمة وبعد الانتهاء من إجراءات التحضير ، حددت جلسة 8/1/2013 لنظر الدعوى أمام هيئة المحكمة ، وفيها حضر وكيل المدعين وقدم مذكرة لم يخرج مضمونها وطلباتها عما جاء في صحيفة الدعوى . كما حضر نائب عن المدعي عليها " دائرة الطيران المدني – حكومة دبي " وطلب أجلا للرد على المذكرة المقدمة من المدعين إذا لزم الأمر . وبذات الجلسة قررت المحكمة حجز الدعوى للحكم لجلسة اليوم ، مع التصريح للمدعى عليها بتقديم مذكرة بالرد خلال أسبوعين إن شاءت ذلك. وخلال فترة التصريح ، أودعت المدعي عليها مذكرة ختامية بدفاعها ، لم يخرج مضمونها وأوجه الدفاع والطلبات الواردة فيها عما سبق وأن أثارتها وتمسكت بها في مذكرتها الجوابية المؤرخة 8/4/2012 .



المحكمــــة
حيث إن الوقائع – على ما يبين من سائر أوراق الدعوى – تتحصل في أنه ، في غضون عام 2005 ، أبرم عقد مقاولة بين المدعين وبين دائرة الطيران المدني التابعة لحكومة دبي بشأن أعمال إنشاءات وتوسعة لمطار دبي الدولي . وقد تضمن العقد شرط تحكيمي بإحالة أي نزاع قد ينشأ بين الطرفين عند تنفيذ العقد إلى هيئة تحكيم ثلاثية بمركز دبي للتحكيم الدولي ، وعلى تطبيق قوانين إمارة دبي والقوانين الاتحادية . وانه وإذ نشأ نزاع بين الطرفين بخصوص مستحقات المدعين ، فقد لجؤوا إلى المركز المذكور بالدعوى التحكيمية رقم 290 لسنة 2010 . ولدى نظر المطالبة أمام هيئة التحكيم ، أثارت دائرة الطيران المدني مسألة تحديد هوية المدعى عليها في الدعوى التحكيمية وتمسكت بما ملخصه انه بعد إنشاء مدينة دبي للطيران ، لم تعد لدائرة الطيران المدني الأهلية القانونية ، وأن الأولى خلفتها في جميع حقوقها والتزاماتها ، عملاً بالمادة (1/1) من القانون المحلي لإمارة دبي رقم (24) لسنة 2007 بشأن إلغاء أمر تأسيس دائرة الطيران المدني . وقد قضت المادة المذكورة بأيلولة كافة حقوقها وما عليها من التزامات إلى مؤسسة مدينة دبي للطيران . فيما أصر المدعون أمام الهيئة التحكيمية على دعواهم معتبرين أن حكومة دبي هي المعنية بالعقد وهى طرف في التحكيم باعتبار أن دائرة الطيران المدني لم تكن تتمتع بشخصية اعتباريه مستقلة عن حكومة دبي ، وأن حكم المادة (1/1) من القانون المحلي سالف الذكر يعني تطبيق القانون بأثر رجعي ، وأن موضوعها تشريع في مجال ينفرد الاتحاد بالتشريع فيه وهو مجال المعاملات المدنية وليس تنظيم لهذا المجال . كما أن المادة ذاتها تخالف المادة (1109) من قانون المعاملات المدنية الاتحادي التي تشترط لصحة الحوالة رضاء المحال له في حوالة الدين . وانتهي المدعون إلي الدفع بعدم دستورية المادة (1/1) من القانون آنف البيان ، لمخالفتها وتعارضها مع المواد : 151،149،121،112 من دستور الاتحاد .

وحيث إنه بجلسة 1/2/2012 ، أوقفت هيئة التحكيم نظر الدعوى التحكيمية بعد أن قبلت الدفع وصرحت للمدعين رفع دعوى طعن بعدم الدستورية أمام المحكمة الاتحادية العليا ، فكانت الدعوى الماثلة .
وحيث إن حكومة دبي ممثلة في دائرة شؤونها القانونية دفعت في مذكرتها الجوابية على الدعوى الدستورية ، بانعدام الخصومة الدستورية لورودها على شخص غير الشخص الواجب اختصامه قانوناً . إذ كان يتعين اختصام مدينة دبي للطيران التي خلفت دائرة الطيران المدني التابع لحكومة دبي ، وهو ما لم يتم . الأمر الذي تغدو الخصومة الماثلة منعدمة ولا ترتب أثراً ولا يصححها أي إجراء لاحق .

وحيث إن هذا الدفع في غير محله ، ذلك أن نطاق خصومه الدستورية في جانبها الشخصي يتحدد بأشخاص خصومه الموضوع ، إذا كان اتصال الدائرة الدستورية بها قد تم بطريق التصدي أو الدفع الفرعي . إذ لا يمكن لهذه الدائرة أن تغير أشخاص الدعوي الموضوعية لخروج ذلك عن ولايتها . لما كان ذلك وكانت الدعوى الموضوعية قد رفعت أساساً من المدعين على دائرة الطيران المدني – حكومة دبي ، وأن الدائرة الدستورية بهذه المحكمة اتصلت بها بذات أشخاصها عن طريق الدفع الفرعي المثار من المدعين ، ومن ثم فان الخصومة الدستورية تكون قد استقام جانبها الشخصي ، باعتبار أن الخصومة أداة لتحقيق الحماية القضائية . الأمر الذي يغدو معه الدفع المثار في غير محله .
وحيث إن حكومة دبي دفعت بعدم قبول الدعوى الدستورية من وجهين : حاصل أولهما أن اتصال المحكمة الاتحادية العليا ( الدائرة الدستورية ) بالدعوى الدستورية الماثلة ، جاء على خلاف المادة (3) من القانون المحلي لأمارة دبي رقم (10) لسنة 2005 بتعديل بعض أحكام قانون دعاوى الحكومة رقم (3) لسنة 1996، التي توجب على كل من يرفع دعوى ضد حكومة دبي ، أن يودع لدى دائرة الشؤون القانونية لحكومة دبي ، صورة عن صحيفة الدعوى ، وأن يتربص انقضاء المدة للرد والمحددة بشهرين من تاريخ تقديم الادعاء دون الوصول إلى تسوية ودية ، قبل أن يرفع دعواه أمام المحكمة المختصة . وإذ تم رفع الدعوى الدستورية دون أتباع هذا الإجراء الذي يعد من إجراءات التقاضي المتصلة بالنظام العام ، فإنها تكون غير مقبولة .

وحيث إن هذا الدفع مردود ، ذلك أن خطاب القانون المحلي رقم (10) لسنة 2005 يقتصر على الدعاوى التي ترفع على حكومة دبي أمام الجهات القضائية المحلية للإمارة أو لجان ومراكز التحكيم والتوفيق والمصالحة . ولا يمتد خطاب هذا القانون إلى الدعاوى التي ترفع على حكومة دبي والتي تختص بنظرها ولائياً المحكمة الاتحادية العليا أو المحاكم الاتحادية الأخرى ، لاستقلال القضائين عن بعضهما ، ولأن اتصال المحكمة الاتحادية العليا بالدعوى الدستورية يكون وفق القواعد والإجراءات المنصوص عليها في قانون المحكمة الاتحادية العليا وقانون الإجراءات المدنية الاتحادي ، باعتبارهما قانونين اتحاديين ينظمان قواعد وإجراءات الدعوى الدستورية ، وباعتبار أن المنازعة الدستورية ذاتها تدخل في ولاية القضاء الاتحادي وتختص بها المحكمة الاتحادية العليا وحدها دون غيرها . وأنه لا شأن للقوانين المحلية بإجراءات هذه المحكمة أو بإجراءات نظر الدعاوى أمامها . الأمر الذي يغدو معه الدفع واجب الرفض .

وحيث إن موجز الوجه الثاني من الدفع ، أن المحاكم الرسمية في البلاد وعلى اختلاف درجتها ، هي صاحبة الحق في الإحالة إلي المحكمة الاتحادية العليا دون هيئات التحكيم . إذا قامت لديها شبهة عدم دستورية قانون أو تشريع آخر ، يكون لازما للفصل في النزاع المطروح عليها . أو بناء على دفع يثار أمامها من أحد الخصوم تكون قد قبلته . وذلك سنداً إلى المادة (99/3) من الدستور ، والمادتين (33/4) ، (58) من قانون المحكمة الاتحادية العليا . وهو ما لم يتحقق في الدعوى الماثلة التي أحيلت من هيئة تحكيم .
وحيث إن هذا الدفع في محله ، ذلك أن المقرر فقهاً وقضاء وتشريعاً ، أنه يتعين قبل الدخول في بحث موضوع الدعوى الدستورية ، التثبت من مدى صحة اتصال المحكمة الدستورية ذاتها بالدعوى الدستورية ، وأن صحة هذا الاتصال أو بطلانه ، إنما يكون بما ينص عليه القانون ، لا بما ينبغي أن يكون عليه . كما أن من المقرر في قضاء هذه المحكمة ، أنه إذا رسم القانون طريقاً معيناً لرفع الدعوى ، فإنه يتعين إتباعه ، والإ كانت الدعوى غير مقبولة . ولما كانت الدعوى الدستورية - كدعوى عينية – تستهدف التشريع المطعون عليه ، فقد وضع المشرع إجراءات تحريكها وطرق اتصال المحكمة بها وشروط قبولها والاختصاص بنظرها أمام المحكمة الاتحادية العليا على نحو خاص . فلا تنعقد ولاية المحكمة بالفصل في دستورية القوانين والتشريعات الأخرى ، إلا باتباعها لتعلقها بالنظام العام ، باعتبارها شكلاً جوهرياً في التقاضي قصد به المشرع مصلحة عامة غايتها أن ينتظم التداعي في المسائل الدستورية بالإجراءات التي رسمها ، وإلا كانت الدعوى غير مقبولة .

وحيث إن النص في المادة (99/3) من الدستور على أن "تختص المحكمة الاتحادية العليا بالفصل في الأمور التالية : 1 -xxx 2- xxx 3- بحث دستورية القوانين والتشريعات واللوائح عموماَ إذا ما أحيل إليها هذا الطلب من أية محكمة من محاكم البلاد أثناء دعوى منظورة أمامها وعلى المحكمة المذكورة أن تلتزم بقرار المحكمة الاتحادية العليا الصادر بهذا الصدد 4 - xxxx 5 - xxxxx 6- xxx 7 - xxx 8 - xxx 9 -xxx" والنص في المادة (33/4) من قانون المحكمة الاتحادية العليا على أن " تختص المحكمة العليا دون غيرها بالفصل في الأمور والآتية : 1 - xxx 2- xxx 3 - xxx 4 – بحث دستورية القوانين والتشريعات واللوائح عموماً إذا ما أحيل إليها هذا الطلب من أية محكمة من محاكم الاتحاد أو الأمارات الأعضاء أثناء دعوى منظورة أمامها 5 - xxx 6- xxx 7 - xxx 8 - xxx 9- xxx 10 - xxx 11 - xxx . والنص في المادة (58/201) من ذات القانون على أن " تحال إلي المحكمة العليا طلبات بحث الدستورية التي تثار أمام المحاكم في صدد دعوى منظورة أمامها بقرار مسبب من المحكمة يوقعه رئيس الدائرة المختصة ويشتمل على النصوص محل البحث وذلك إذا كانت الإحالة بناء على قرار من المحكمة من تلقاء نفسها . فإذا كان الطعن في الدستورية مثاراً بدفع من أحد الخصوم في الدعوي تكون المحكمة قد قبلته تعين عليها أن تحدد للطاعن أجلاً لرفع الطعن أمام المحكمة العليا فإذا فات هذا الأجل دون أن يقدم الطاعن ما يفيد رفعه الطعن خلاله اعتبر نازلاً عن دفعه ...." . تدل (النصوص) جميعها على أن من بين طرق اتصال المحكمة العليا بالدعوى الدستورية ، الإحالة اليها بناء على دفع مثار من أحد الخصوم في الدعوى الموضوعية تكون قبلته محكمة الموضوع وأذنت لمثير الدفع رفع الدعوى الدستورية أمام المحكمة الاتحادية العليا .

وحيث إن الأصل في النصوص التشريعية هو ألاً تحمل على غير مقاصدها ، وألا تُفسَر عبارتها بما يخرجها عن معناها أو بما يؤول إلي الالتواء بها عن سياقها ، أو تشويهها . سواء بفصلها عن موضوعها أو بمجاوزتها الأغراض المقصودة منها . ومرد ذلك أن النصوص التشريعية لا تصاغ عبثاً ، وإنما لغاية تحقيق مصلحة اجتماعية يتعين أن تدور هذه النصوص في فلكها . فهذه المصلحة غاية نهائية لكل نص تشريعي ، وإطارا لتحديد معناه ، وموطئاً لضمان الوحدة العضوية للنصوص التي ينتظمها العمل التشريعي، بما يزيل التعارض بين أجزائها ، ويكفل اتصال أحكامها وتكاملها وترابطها فيما بينها لتغدو جميعها منصرفة إلي الوجهة عينها التي ابتغاها المشرع من وراء تقريرها .
وحيث إن المصلحة التي تغياها المشرع من سن المادة (58) من قانون المحكمة الاتحادية العليا ، هي حماية قرينة الدستورية المصاحبة أصلاً لكل نص تشريعي وتوفير الاستقرار لها حتى تؤدي وظيفتها الاجتماعية ، وذلك بعدم السماح لأي جهة أو هيئة أو شخص من الطعن بعدم دستورية القوانين ، إلا في نطاق ضيق وعلى نحو محدود . ذلك أن ترك باب هذا الطعن مفتوحاً للجميع ، سوف يضعف من هذه القرينة . وأن التحكيم قضاء اتفاقي يعمل في إطار روابط القانون الخاص . تلك الروابط التي يمكن لأطرافها الارتضاء والخضوع لأحكام قانون حتى ولو قامت لديهم شبهة عدم دستوريتها ، باعتبار أن المصلحة الخاصة للخصوم هي المهيمنة على تلك الروابط . بخلاف محاكم الدولة التي تقضي في المنازعات باعتبارها سلطة من سلطات الدولة يتعين أن يأتـي عملها متوافقاً مع دستورها . لما كان ما تقـدم ، وكانت عبـارة " أية محكمة من محاكم ...." الواردة في الدستور وفي قانون المحكمة ، وقد جاء لفظهما عاماً من دون تخصيص ، مطلقاً من دون تقييد ، واضح الدلالة على مراد المشرع منهما . بما مؤداهما انصراف معناهما على سبيل الشمول والاستغراق إلى كل المحاكم الرسمية في النظام القضائي الإماراتي، الاتحادي منه والمحلي . أي المحاكم التي تنشئها الدولة أو إماراتها ، وتنظمها بما لها من سيادة وسلطة واختصاص . وأن لفظ " المحكمة " الوارد في سياق المادتين سالفتي البيان ، لا تتسع لغيرها من الجهات التي تفصل في المنازعات ، كهيئات التحكيم . وإذ كان الثابت من الأوراق أن الهيئة التحكيمية الناظرة في الدعوي الموضوعية ، هي التي قررت جدية الدفع بعدم الدستورية وقبلته وصرحت للمحتكمات بإقامة الدعوى الماثلة ، فإن مؤدى ذلك أن المحكمة الاتحادية العليا اتصلت بالدعوى الدستورية على خلاف الأوضاع المنصوص عليها في المادة (58) من قانون المحكمة الاتحادية العليا ، مما يتعين معه الحكم بعدم قبولها.



المواضيع المتشابهه: