* تنويه:
ان مصدر هذه المعلومات هو وزارة العدل العدل الاماراتية وما تتضمنه من قرارات صادرة عن هيئاتها القضائية المختلفة (المحكمة الاتحادية العليا، محكمة النقض ..الخ)، ودون الاخلال باي من حقوق المؤلف فان نشر هذه القرارات يتم وفقا لغايات تعليمية بحته تحت مبدأ الاستخدام العادل للمصنفات العلمية والادبية. وعليه فان اي استخدام غير تجاري او اي استخدام غير مشروع لمحتويات هذا الموضوع يقع على عاتق مستخدمه وما يتضمنه ذلك من امكانية الملاحقة القضائية من قبل صاحب الحق الأصيل في المصنف المنشور هنا.



جلسة الأثنين الموافق 18 من فبراير سنة 2013

برئاسة السيد القاضي / محمد عبدالرحمن الجراح– رئيس المحكمة . وعضوية السادة القضاة / رانفي محمد ابراهيم وأحمد عبدالحميد حامد.





الطعن رقم 183و 243 و 292 لسنة 2012 جزائي

( 1) حكم " اصداره " . مسودة الحكم . نسخة الحكم الأصلية . اجراءات " المحاكمة ".
- وجوب ايداع مسودة الحكم مشتملة على أسبابه موقعة من الرئيس والقضاة . عند النطق بالحكم.
- نسخة الحكم الأصلية وجوب توقيعها من الرئيس وكاتب الجلسة . أساس ذلك؟
- الأصل في الإجراءات الصحة . الادعاء بخلاف ذلك . وجوب اثباته.

( 2 ) شريعة اسلامية . فقهاء . قتل عمد . اتفاق . حكم " تسبيب سائغ " .
- الجماعة تقتل بالواحد في التمالؤ . أساس ذلك؟
- التمالؤ . معناه الفقهي؟
- مثال لتسبيب سائغ لحكم بالإدانة في جريمة قتل عمد يدلل على توافر الإتفاق المسبق على ارتكاب الجريمة بين الجناة.

( 3 ) محكمة الموضوع " سلطتها التقديرية " . اعتراف . شريعة اسلامية . جريمة " أركانها " . قصد جنائي.
- تحصيل فهم الواقع في الدعوى وتقدير أدلتها والأخذ باعتراف المتهم متى اطمئن إليه بصدوره عن إرادة حرة مختارة واعية . حق لمحكمة الموضوع . ولو عدل عنه في الجرائم التعزيرية.
- القصد الجنائي . كفاية توافره . نية الاعتداء ولو لم يكن بقصد القتل . أساس ذلك مذهب الإمام مالك.
- فعل الخنق للنفس . فعل عدواني عمدي . يتحقق به قصد القتل العمدي مادام لم يقصد به اللعب والمزاح . استخلاص قصد القتل العمد من عناصر الدعوى . لمحكمة الموضوع . المجادلة في ذلك . أمام المحكمة الاتحادية العليا. غير جائزة .
- مثال سائغ لتوافر قصد القتل العمد والمقترن بسرقة مشغولات ذهبية للمجني عليها .

_____
1- لما كان النص في المادة 219 من قانون الإجراءات الجزائية على أنه " يجب على المحكمة عند النطق بالحكم أن تودع قلم كتاب المحكمة مسودته المشتملة على أسبابه موقعا عليها من الرئيس والقضاة ويوقع على نسخه الحكم الأصلية في اقرب وقت رئيس المحكمة وكاتبها" مفاده وجوب توقيع مسودة الحكم من جميع القضاة المشتركين في إصداره وان توقع نسخه الحكم الأصلية من رئيس المحكمة وكاتبها، ولم يشترط النص للتوقيع شكلاً محدداً وانه من المقرر أن الأصل في الإجراء الصحة وعلى من يدعى خلاف ذلك الإثبات لما كان ذلك وكان الثابت بالأوراق أن مسودة الحكم موقعه من جميع القضاة الذي سمعوا المرافعة واشتركوا في إصداره وان النسخة الأصلية موقعة من رئيس الدائرة وكاتبها ولم تـقدم الطاعنة ثمة دليل على خلاف ذلك ومن ثم فإن الإجراءات تكون قد تمت وفق صحيح القانون في إصدار الأحــكام ويكون الحكم المطعون فيه خاليا من قالة البطلان ويضحى النعي على غير أساس.

2- لما كان من المقرر في الشريعة الإسلامية أن الجماعة تقتل بالواحد في التمالؤ، وأصل القاعدة قضاء عمر رضي الله عنه في امرأة صنعاء التي قتلت غلام زوجها بالاشتراك مع خليلها وقال رضي الله عنه ( والله لو تمالأ عليه أهل صنعاء لقتلتهم جميعا) وروى عن على ابن أبي طالب رضي الله عنه انه قتل ثلاثة قتلوا رجلا، وعن ابن عباس قتل جماعه بواحد، ولم يعرف في عصرهم رأي مخالف فوجبت للواحد على الجماعة، ويرى أبو حنيفة أن التمالؤ هو توافق أرادات الجناة على الفعل دون أن يكون بينهم إتفاق سابق بحيث يجتمعون على ارتكاب الفعل في وقت واحد ولو لم يسبق بينهم تدبير أو اتفاق ويأخذ بهذا الرأي بعض الفقهاء في مذهب الشافعي واحمد ويرى مالك رضي الله عنه – أن التمالؤ يعنى الاتفاق السابق على ارتكاب الفعل والتعاون على ارتكابه ، فيعتبر متمالئا كل من حضر الحادث وان لم يباشر الفعل إلا احدهم أو بعضهم، وكان الحكم المطعون فيه قد استخلص من اعتراف المتهمان أنهما اتفقا باتصال هاتفي بينهما على أن يسرقا أموال المجني عليها التي تعلم الطاعنة مكانها وحدد لذلك فجر يوم الجمعة 4/2/2011 موعدا وقدم المتهم الأول مـن مقر إقامته بأبوظبي إلى مسكن المجني عليها ومكنته الطاعنة من دخوله وبعد أن مارس الجنس معها اتفقا على قتل المجني عليها وسرقة ما خف وزنه وثقلت قيمته وكذا اخذ جواز سفر الطاعنة وإنها توجهت إلى غرفة المجني عليها وأيقظتها من نومها وأخذتها إلــى غرفتها وانقض عليها المتهم الأول والذي كان مختبئا خلف بابها وقاما الاثنان بإسقاطها أرضا والنوم عليها والضغط عليها بواسطة لحاف إلى أن فقدت وعيها ثم قيداها وأغلقا عليها باب الغرفة وانتقلا إلى غرفتها لتنفيذ السرقة ثم عادا وحملاها إلى سرير غرفتها وهي في حالة إعياء شديد وبعد أن قيداها كتم المتهم الأول أنفاسها بيده، وكان ما استخلصه الحكم سائغا وله أصله الثابت بالأوراق ويتحقق به التمالؤ في الشريعة الإسلامية والذي يستوجب إنزال عقوبة القصاص بعد أن ثبت اتفاقهما السابق على اقتراف الجريمة وتدبير خطة التنفيذ واجتماعهما حال ارتكاب فعل القتل وتعاونهما معا على تقييد المجني عليها وشل حركتها ومن ثم وإذ دانها الحكم المطعون فيه وعاقبها بالقصاص فانه يكون قد طبق صحيح الشرع والقانون ويكون تعييب الطاعنة على غير أساس جدير بالرفض.

3- لما كان من المقرر– في قضاء هذه المحكمـة – ان لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة والترجيح بينها والأخذ بما تراه راجحا منها إذ أنها لا تقضى إلا على أساس ما تطمئن إليه وتثق به منها ولها أن تأخذ باعتراف المتهم ولو ورد بمحضر جمع الاستدلالات أو تحقيق النيابة متى اطمأنت إلى صدوره عن إرادة حرة مختارة وواعية ولو عدل عنه فيــما بعد في الجرائم التعزيرية ولا رقيب عليها في ذلك طالما لم تعتمد على واقعة بلا سند وحسبها أن تبين الحقيقة التي اقتنعت بها وان تقيم قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله ، وأنه وطبقا لأحكام الشريعة الإسلامية أن اشتراط قصد القتل إنما هو مذهب الحنفية والشافعية والحنابلة، أما المالكية فلا يشترطون ذلك لقيام جريمة القتل العمدي إذ يكتفون بقصد العدوان فكلما تم الفعل بهذا القصد وأدى إلى الموت تحققت جريمة القتل العمد ولو كان الجاني لم يقصد القتل ذاته، وقد عرض علماء الشريعة لفعل الخنق باعتباره فعلاً مؤدياً إلى الموت فقالوا إن المقصود به منع خروج النفس بأي وسيله فإن استمر إلى مدة يموت في مثلها المجني عليه فهو قتل عمد، وقد اعتبر مالك أن الخنق فعلا عمديا في كل الأحوال مادام قد وقع بقصد العدوان ولم يكن على وجه اللعب والمزاح، ولما كان قصد القتل أمرا خفيا يبطنه الجاني ويضمره في نفسه فهو لا يدرك بالحس الظاهر ، وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني والتي تنم عما يضمره في نفسه فان استخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى محكمة الموضوع في حدود سلطتها التقديرية .





المحكمة
_____

حيث إن الوقائع – وعلى ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق- تتحصل في أن النيابة العامة أسندت إلى كل من 1-...... 2-...... وأخرى. بأنهم بتاريخ 4/2/2011 بدائرة خورفكان:-المتهمان الأول والثانية:- قتلا عمداً المجني عليها ........ بأن استدرجاها إلى غرفة المتهمة الثانية الكائنة بمسكن المجني عليها وباغتها المتهم الأول بشل حركتها من الخلف وإسقاطها أرضاً ، وقيداها وكتم الأول أنفاسها فأحدث بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها. 2-سرقا غيلة المبلغ المالي والمصوغات الذهبية والهواتف النقالة المبينة جميعا وصفا وقدرا وقيمة بالأوراق والمملوكة للمجني عليها سالفة الذكر بعد شل حركتها وتقييدها على النحو المبين بالتحقيقات. 3-وهما مسلمين بالغين عاقلين مختارين محصنين ارتكبا واقعة الزنا بأن مكنت المتهمة الثانية المتهم الأول من نفسها فوطأها في فرجها وطأً محرما بغير شبهة ملك. المتهم الأول: دخل منزل المجني عليها سالفة الذكر دون إذنها وفي غير الأحوال المبينة في القانون بقصد ارتكاب الجرائم سالفة الذكر . المتهمة الثانية : اشتركت بطريقي الاتفاق والمساعدة مع المتهم الأول في دخول منزل كفيلتها " المجني عليها سالفة الذكر" دون إذنها بقصد ارتكاب الجرائم المتقدم ذكرها فوقعت الجريمة بـــناء علــى ذلك الاتفــاق وتلك المساعدة.وطلبت معاقبتهما طبقا لأحكام الشريعة الإسلامية الغراء والمواد 45 ثانيا، 274،47،46 /434،1/1-2 من قانون العقوبات الاتحادي رقم 3 لسنة 1987 وتعديلاته. وبتاريخ 10/10/2011 حكمت محكمة جنايات خورفكان حضورياً بالإجماع- أولاً- بقتل المتهم الأول .... والمتهمة الثانية ..... قصاصا بالمجني عليها .... وبالوسائل الشرعية المتاحة- استأنفت النيابة العامة والمحكوم عليهما بالاستئنافات 423،422،412 لسنة 2011 وبتاريخ 27/3/2012 قضت محكمة خورفكان الاتحادية الاستئنافية بالإجماع بتأييد الحكم المستأنف، طعنت النيابة العامة والمحكوم عليهما بالطعون الثلاثة الماثلة. وقدمت النيابة العامة مذكرة رأت فيها تأييد طعن النيابة العامة بإقرار الحكم ورفض طعني المحكوم عليهما .

أولاً : بالنسبة للطعن رقم 243 لسنة 2012 جزائي – المقام من الطاعنة ......
وحيث تنعى الطاعنة بالسبب الأول ببطلان الحكم المطعون فيه إذ أن مسودته لم يذكر فيه أسماء القضاة الذين وقعوا عليها وان الحكم بعد طباعته لم يوقع عليه إلا رئيس الدائرة فقط بما يوصمه بالبطلان.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن النص في المادة 219 من قانون الإجراءات الجزائية على أنه " يجب على المحكمة عند النطق بالحكم أن تودع قلم كتاب المحكمة مسودته المشتملة على أسبابه موقعا عليها من الرئيس والقضاة ويوقع على نسخه الحكم الأصلية في اقرب وقت رئيس المحكمة وكاتبها" مفاده وجوب توقيع مسودة الحكم من جميع القضاة المشتركين في إصداره وان توقع نسخه الحكم الأصلية من رئيس المحكمة وكاتبها، ولم يشترط النص للتوقيع شكلاً محدداً وانه من المقرر أن الأصل في الإجراء الصحة وعلى من يدعى خلاف ذلك الإثبات لما كان ذلك وكان الثابت بالأوراق أن مسودة الحكم موقعه من جميع القضاة الذي سمعوا المرافعة واشتركوا في إصداره وان النسخة الأصلية موقعة من رئيس الدائرة وكاتبها ولم تـقدم الطاعنة ثمة دليل على خلاف ذلك ومن ثم فإن الإجراءات تكون قد تمت وفق صحيح القانون في إصدار الأحــكام ويكون الحكم المطعون فيه خاليا من قالة البطلان ويضحى النعي على غير أساس.

وحيث تنعى الطاعنة بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ذلك أنها كانت على علاقة جيدة بالمجني عليها وليس لديها دافع لقتلها وأنها سهلت للمتهم والذي تربطه علاقة بها دخول المنزل بقصد إتمام علاقة الزنا بينهما ، وان المتهم الأول هو الذي عقد العزم على قتل المجني عليها وانه هو من كتم نفسها بغرض سرقة مالها ومصوغاتها والهواتف النقالة الخاصة بها وأنها ساعدته في تقييد المجني عليها بغرض شل حركتها حتى تتمكن من اخذ جواز سفرها ولم يكن ذلك بغرض القتل وإذ دانها الحكم المطعون فيه بجريمة القتل العمد فإنه يكون معيبا بما يستوجب نقضه.

وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك انه من المقرر في الشريعة الإسلامية أن الجماعة تقتل بالواحد في التمالؤ، وأصل القاعدة قضاء عمر رضي الله عنه في امرأة صنعاء التي قتلت غلام زوجها بالاشتراك مع خليلها وقال رضي الله عنه ( والله لو تمالأ عليه أهل صنعاء لقتلتهم جميعا) وروى عن على ابن أبي طالب رضي الله عنه انه قتل ثلاثة قتلوا رجلا، وعن ابن عباس قتل جماعه بواحد، ولم يعرف في عصرهم رأي مخالف فوجبت للواحد على الجماعة، ويرى أبو حنيفة أن التمالؤ هو توافق أرادات الجناة على الفعل دون أن يكون بينهم إتفاق سابق بحيث يجتمعون على ارتكاب الفعل في وقت واحد ولو لم يسبق بينهم تدبير أو اتفاق ويأخذ بهذا الرأي بعض الفقهاء في مذهب الشافعي واحمد ويرى مالك رضي الله عنه – أن التمالؤ يعنى الاتفاق السابق على ارتكاب الفعل والتعاون على ارتكابه ، فيعتبر متمالئا كل من حضر الحادث وان لم يباشر الفعل إلا احدهم أو بعضهم، وكان الحكم المطعون فيه قد استخلص من اعتراف المتهمان أنهما اتفقا باتصال هاتفي بينهما على أن يسرقا أموال المجني عليها التي تعلم الطاعنة مكانها وحدد لذلك فجر يوم الجمعة 4/2/2011 موعدا وقدم المتهم الأول مـن مقر إقامته بأبوظبي إلى مسكن المجني عليها ومكنته الطاعنة من دخوله وبعد أن مارس الجنس معها اتفقا على قتل المجني عليها وسرقة ما خف وزنه وثقلت قيمته وكذا اخذ جواز سفر الطاعنة وإنها توجهت إلى غرفة المجني عليها وأيقظتها من نومها وأخذتها إلــى غرفتها وانقض عليها المتهم الأول والذي كان مختبئا خلف بابها وقاما الاثنان بإسقاطها أرضا والنوم عليها والضغط عليها بواسطة لحاف إلى أن فقدت وعيها ثم قيداها وأغلقا عليها باب الغرفة وانتقلا إلى غرفتها لتنفيذ السرقة ثم عادا وحملاها إلى سرير غرفتها وهي في حالة إعياء شديد وبعد أن قيداها كتم المتهم الأول أنفاسها بيده، وكان ما استخلصه الحكم سائغا وله أصله الثابت بالأوراق ويتحقق به التمالؤ في الشريعة الإسلامية والذي يستوجب إنزال عقوبة القصاص بعد أن ثبت اتفاقهما السابق على اقتراف الجريمة وتدبير خطة التنفيذ واجتماعهما حال ارتكاب فعل القتل وتعاونهما معا على تقييد المجني عليها وشل حركتها ومن ثم وإذ دانها الحكم المطعون فيه وعاقبها بالقصاص فانه يكون قد طبق صحيح الشرع والقانون ويكون تعييب الطاعنة على غير أساس جدير بالرفض.


ثانيا: بالنسبة للطعن رقم 292 لسنة 2012 جزائي والمقام من ........
وحيث ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب ذلك أن الحكم المطعون فيه دانه بالقتل العمد بوضع يده على فم وأنف المجني عليها وكتم أنفاسها مما أدى إلى وفاتها على الرغم من إنكاره ذلك وإقراره بأن تواجده في مكان الحادث لم يكن بنية القتل ولم يكن بينه وبين المتهمة الثانية اتفاق على ذلك ، وانهما اتفقا على توثيق المجني عليها دون ان تتوافر النية لقتلها، وان تقرير الصفة التشريحية قد تضمن وجود قطعة قماش ملتفة حول عنق المجني عليها وهي غير محكمة بشدة وانها تعيق التنفس ولا تعتبر سببا لحدوث وفاة المجني عليها بما كان يتعين على الحكم أن يعاقبه بالدية الشرعية والعقوبة التعزيزية ويمتنع عليه إنـزالعقوبة القصاص مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .

وحيث إن النعي مردود ذلك أن المقرر– في قضاء هذه المحكمـة – ان لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة والترجيح بينها والأخذ بما تراه راجحا منها إذ أنها لا تقضى إلا على أساس ما تطمئن إليه وتثق به منها ولها أن تأخذ باعتراف المتهم ولو ورد بمحضر جمع الاستدلالات أو تحقيق النيابة متى اطمأنت إلى صدوره عن إرادة حرة مختارة وواعية ولو عدل عنه فيــما بعد في الجرائم التعزيرية ولا رقيب عليها في ذلك طالما لم تعتمد على واقعة بلا سند وحسبها أن تبين الحقيقة التي اقتنعت بها وان تقيم قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله ، وأنه وطبقا لأحكام الشريعة الإسلامية أن اشتراط قصد القتل إنما هو مذهب الحنفية والشافعية والحنابلة، أما المالكية فلا يشترطون ذلك لقيام جريمة القتل العمدي إذ يكتفون بقصد العدوان فكلما تم الفعل بهذا القصد وأدى إلى الموت تحققت جريمة القتل العمد ولو كان الجاني لم يقصد القتل ذاته، وقد عرض علماء الشريعة لفعل الخنق باعتباره فعلاً مؤدياً إلى الموت فقالوا إن المقصود به منع خروج النفس بأي وسيله فإن استمر إلى مدة يموت في مثلها المجني عليه فهو قتل عمد، وقد اعتبر مالك أن الخنق فعلا عمديا في كل الأحوال مادام قد وقع بقصد العدوان ولم يكن على وجه اللعب والمزاح، ولما كان قصد القتل أمرا خفيا يبطنه الجاني ويضمره في نفسه فهو لا يدرك بالحس الظاهر ، وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني والتي تنم عما يضمره في نفسه فان استخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى محكمة الموضوع في حدود سلطتها التقديرية ، وكان الحكم المطعون فيه قد ساق على توافر قصد القتل لدا الطاعن والمتهمة الثانية ما أورده (( وحيث اعترف المتهمان .....و..... بمحضر استدلالات الشرطة وبتحقيقات النيابة العامة بأنهما قبل ستة أشهر من الواقعة تعرفا على بعضهما صدفه عن طريق الهاتف وتوطدت العلاقة بينهما إلى درجة أن ..... أدخلت ذات ليله عشيقها ...... إلى منزل مخدومتها المجني عليها خفية واختلت به بالغرفة المخصصة لها ومكنته من نفسها فزنى
بها بالإيلاج الكامل حتى الإمناء وفي يوم الخميس 3/2/2011 اتفقا أثناء اتصال هاتفي تم بينهما على أن يسرقا أموال المجني عليها التي تعلم ..... مكانها وحددا وقتا لذلك فجر يوم الجمعة 4/2/2011 وفي الموعد المحدد قدم المتهم ......من مقر إقامته بأبوظبي إلى مسكن المجني عليها باللؤلؤية ودخله من باب الحوش الذي تركته ..... مفتوحا واختلى بريتا بغرفتها ومارس الجنس بأن مكنته من نفسها فأولج ذكره المنتصب بقبلها وبعد الفراغ من ذلك اتفقا على قتل المجني عليها وسرقة ما خف وزنه وثقلت قيمته وكذلك اخــذ جواز المتهمة ..... التي تحتفظ به المجني عليها بغرفتها حتى تتمكن المتهمة المذكورة من الهرب واستعماله متى احتاجت إليه وأعدا الخطة اللازمة لذلك وفي إطار هذه الخطة توجهت ..... إلى غرفة المجني عليها وأيقظت هذه الاخيره من نومها وطلبت منها مرافقتها إلى غرفتها لتشير عليها بما يجب فعله اذاء ظهور تصدع بالسقف، ولما جاءت معها المجني عليها انقض عليها المتهم ..... الذي كان حسب تلك الخطة مختفيا خلف الباب وقام بمعية ..... بإسقاطها أرضا والنوم عليها والضغط عليها بواسطة لحاف إلى أن فقدت وعيها ثم قيداها وأغلقا عليها باب الغرفة وانتقلا إلى غرفتها لتنفيذ السرقة ، ثم عادا للمجني عليها وحملاها إلى سرير غرفتها وهي في حالة إعياء شديد واتجه ..... إلى حبل الغسيل الموجود بفناء المنزل وقصه بسكين وقيد به المجني عليها من يديها ورجليها وفي تلك الأثناء سمعا أنين المجني عليها فما كان من المتهم ...... إلا أن كتم نفسها بيده)) وأضاف الحكم المطعون فيه قوله " وحيث يستخلص من كل ما تقدم أن الأركان الشرعية المذكورة لجريمة القتل العمد تحققت وان فعل الخنق الذي قام به المتهمان ..... و..... ضد المجني عليها وتركها مقيده اليدين والرجلين وباقي اليدين بشكل لا تستطيع معه الحراك – على فرض صحة ما زعمه لسان الدفاع معهما من أنهما تركاها حية – وإغلاقهما الباب عليها بالمفتاح في غرفة صغيرة لا يعمل بها التكييف وإلقاء المفتاح في القمامة بصورة تمنع عنها الغوث هو الذي تسبب في موتها.." وكان ما ساقه وأورده الحكم المطعون فيه سائغا في إثبات توافر القصــد الجنائي لدى الطاعن والمتهمة الثانية في قتل المجني عليها متوافقا مع العقل والمنطق وقد استقاه من معين صحيح ثابت بالأوراق وبه يعد تسبيبا كافيا لحـمل قضاء الحكم في مقام استظهار قصد القتل فإن الحكم يكون قد انزل صحـيح الشــرع والقانون على واقع الدعوى ويضحى ما يثيره الطاعن لا يعدو إلا أن يكون مجادلة موضوعية في صحة تقدير المحكمة لأدلة الدعوى وهو ما لا يجوز إثارته أمام المحكمة العليا ويكون الطعن غير قويم ، متعين الرفض .


ثالثا: بالنسبة للطعن رقم 183 لسنة 2012 جزائي المقام من النيابة العامة.
وحيث إن النيابة العامة أقامت الطعن الماثل على سند من أن محكمة الموضوع استخلصت الحقيقة في حدود سلطتها التقديرية وصدر الحكم المطعون فيه صحيحا متفقا مع الواقع والقانون مستندا لأدلة لها أصلها الثابت بالأوراق وطلب تأييد الحكم وإقراره .
وحيث إن هذه المحكمة قد كونت عقيدتها من سائر أوراق الدعوى واقتنعت بصحة الحكم المطعون فيه من خلال بحثها في الطعنين السابقين المقامين من المحكوم عليهما والمرتبطين بالطعن الماثل وانتهت إلى رفضهما مستندة لما سبق وأبدته من أسباب سالفة البيان ومن ثم فإن طلبات النيابة العامة تكون قد صادفت صحيح الشرع والقانون وتقضى المحكمة بإقرار الحكم المستأنف المؤيد بالحكم المطعون فيه على أن تعرض الأوراق على صاحب السمو رئيس الدولة للتصديق على الحكم قبل تنفيذه عملا بالمادة 283 من قانون الإجراءات الجزائية .


لـــذلك
حكمت المحكمة: وبإجماع الآراء أولاً: بالنسبة للطعنين رقمي 292،243 لسنة 2012 جزائي والمقامين من المحكوم عليهما 1-......، 2-....... برفضهما. ثانيا: بالنسبة للطعن رقم 183 لسنة 2012 المقام من النيابة العامة بقبول عرض النيابة العامة بإقرار الحكم الصادر من محكمة جنايات خورفكان والمؤيد بالحكم المطعون فيه بقتل المتهمين 1- ......، 2- ....... قصاصا بالمجني عليها ...... بالوسيلة الشرعية المتاحة ، وفي حضور أولياء الدم كلما أمكن وذلك بعد عرض الأوراق على صاحب السمو رئيس الدولة عملا بالمادة 283 من قانون الإجراءات الجزائية.



المواضيع المتشابهه: